الفصل الثالث والعشرون كشف أمرها
كانت بيلا نائمة بعد أن علمت أن بدر مع أمل في الغرفة ولم تستطيع أن تتحدث معه، شعرت بيد توضع على وجنتها لتنتفض في جلستها وتلتقي عسليتها بسوداويتيه، حاول جعلها تهدأ:
-اهدئي يا بيلا أنا لم أقصد ازعاجكِ، لقد أتيت من أجل الاطمئنان عليكِ، لماذا تنامين بهذا الفستان ألن يضايقكِ؟
لا تعلم كيف غفلت به ولكنها امسكت بالغطاء لتقوم بوضعه عليها، حاولت التحدث وهي تحاول استعادة وعيها بشكل كامل:
-ما الذي تريده الآن يا بدر؟ لقد تأخر الوقت.
جلس بجوارها وهو يخبرها بهدوء:
-لقد اخبرت أمل كل شيء، قولت لها أنني تزوجت بكِ ووضحت لها السبب، لقد بكت كثيرًا يا بيلا، لقد شعرت أنني جعلتها تتألم، في حياتي كلها لم أرى فتاة تبكي بتلك الطريقة.
حاولت أن تمنع ابتسامتها الساخرة وهي تتذكر كيف كانت منهارة مع بيري، تحدثت إليه وهي تحرك رأسها بنفي:
-لا يوجد داعي لكل هذا يا بدر، أنت اخبرتها الحقيقة أليس كذلك؟ هذا الأمر جيد وسوف يساعدك كثيرًا يا بدر، دعنا ننفصل وسوف أذهب من هنا في خلال اليومين القادمين.
تعجب بدر وهو ينظر لها، بينما هي لم تهتم وتابعت الحديث:
-سوف أذهب إلى القاهرة لصديقتي ومن ثم أغادر البلاد.
صدم بدر وهو يحرك رأسها بعدم استيعاب:
-ما الذي تقوليه أنتِ يا بيلا هل فقدتِ عقلكِ يا ترى؟
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تخبره بوضوح:
-بلا يا بدر أنا أقول الشيء الذي سوف يحدث، لهذا السبب سوف تطلقني، لا يمكنني الذهاب وأنا ما زلت على ذمتك، لن أشعر بالراحة حينها.
حرك بدر رأسه بنفي وهو يشعر بالكثير من الضيق، لا يعلم ما الذي يقوله لها، لكنه غير راضٍ أبدًا:
-بيلا لا تتسرعي في قراركِ، لا شيء يمنع وجودكِ هنا الآن.
حركت بيلا رأسها بنفي هي تنظر له:
-أنت مخطأ يا بدر، هناك ما يمنع وجودي هنا، لا يمكنني أن أبقى أمام زوجتك، أنا لا أشعر بالراحة، أعلم أنني غير مرتاحة وهذا كافي لجعلي أرحل.
تحدث بدر برجاء شديد:
-بيلا لا تصعبي الأمور إذا سمحتِ.
نظرت بيلا له وهي تحرك رأسها بنفي:
-أنت لا تعتبرني زوجتك في الأصل يا بدر، أنسى الأمر.
قام بسحب ذراعها وهو لا يشعر بالراحة:
-بيلا لن تذهبي، أنا لن أترككي تذهبين ولا تنسي أنكِ زوجتي.
ابتعدت بيلا عنه وهي تقوم بسحب ذراعها:
-يمكنك أن تقوم بتمزيق العقد وانتهى الأمر.
ابتسم بدر ساخرًا وهو يحرك رأسه بعدم استيعاب:
-هل تظنين أن الزواج مجرد عقد يا بيلا؟ اخبريني هل هذه هي فكرتكِ عن الزواج يا بيلا؟
ابتعدت بيلا عنه وهي تحاول السيطرة على نفسها وعدم البكاء، ابتلعت ما بحلقها وهي تشير له على الباب:
-أخرج من هنا يا بدر إذا سمحت أنا قولت الشيء الذي أريده، لا أرغب في شيء آخر.
لا يعلم ما الذي يجب أن يقوله وما الذي يفعله حتى يقوم بإقناعها، لاحظت تغير وجهه والضيق الذي ظهر عليه، كانت تحاول أن تأخذ أنفاسها بهدوء ولكنه لاحظ صعوبة الأمر عليها:
-لن تذهبي إلى أي مكان يا بيلا، ربما تكونين غير مرتاحة الآن، لكن صدقيني العالم في الخارج ليس مكان للراحة.
ابتسمت بيلا ساخرة ليتعجب من الأمر ولكنها تابعت بتهكم شديد:
-وكأنك تهتم لأمري كثيرًا يا بدر! لا تقلق لقد اعتدت على هذا العالم وأعرفه جيدًا، لا تفكر وتشغل عقلك بي.
قام بسحبها ومن ثم ضمها، لا تعلم لماذا فعل هذا، لا تعلم ما الذي يفكر فيه حتى؟ شعرت بأنفاسها تنعدم وسمعته يهمس لها:
-لا تذهبي يا بيلا، لا يمكنني أن أكون بخير وأنا لا أعلم شيء عنكِ صدقيني.
تعجبت من طريقته والنظرات التي تراها واضحة داخل عينيه، شعرت بالكثير من الارتباك وهي تبتعد عنه، وقفت أمام الباب وهي تشير عليه:
-إذا سمحت يا بدر أخرج من الغرفة، أنا لا أرغب في التحدث، لا أريد للأمور أن تزداد سوءً.
حرك بدر رأسه بنفي وهو يقترب ليقف أمامها:
-لن يحدث شيء ولن تزداد الأمور سوءً، أبقي الآن يا بيلا، دعيني أدبر لكِ أموركِ.
انفعلت بيلا وقد تعالى صوتها:
-لم أعد أريد أي مساعدة يا بدر افهمني، أنا لا أريد شفقتك هذه، صدقني أنا لست فتاة ضعيفة وقادرة على تدبير شؤوني بنفسي، توقف عن اشغال عقلك بي إذا سمحت يا بدر.
نظر بدر لها وهو لا يعلم ما الذي يجب عليه فعله، لا يعلم لماذا تصر على الذهاب إلى هذا الحد؟ حاول الهدوء ووقف أمامها مباشرة:
-لا تجعلي الأمور تتعقد أكثر بيننا يا بيلا، لا شيء يستحق، لقد قولت كل شيء إلى أمل وشرحت الأمر لها، لم يعد هناك أي مشكلة.
نظرت له بعدم استيعاب وتابعت بانفعال لم يتغير:
-ترى أنه لا يوجد مشكلة في حين أنك تريدنا أن نجلس معًا، هل تظن أن هناك فتاة ستقبل هذا على نفسها يا بدر؟ أنا لا يمكنني أن أتقبل شيء كهذا زوجي يجلس بجوار أخرى ويذهب معها إلى الغرفة و..
ضيق عينيه وهو ينظر لها ويتابع حديثها بخبث حتى قرر التحدث:
-أراكِ تتحدثين وكأنكِ معترفة بهذا الزواج يا بيلا!
تداركت نفسها لتحرك رأسها بنفي وهي تخبره بغضب:
-هذا ليس صحيح، أنا أتحدثت بلسان أمل الآن، أقول كيف أن هذا مؤلم.
تذكر بدر كيف كانت أمل تبكي وأخذت وقتها حتى توقفت عن البكاء وقررت النوم، لا يعلم ما الذي يجب أن يفعله، لكنه يعلم إن ذهبت بيلا سوف يشعر بخسارة لم يكن يحسب أي حساب لها.
لاحظت تغير ملامحه وكم بات حزين، حاولت أن لا تبكي وهي تعيد طلبها برجاء:
-إذا سمحت يا بدر، أنا أرغب في الطلاق، لا أريد البقاء هنا ولا أرغب في أن أكون زوجتك، ربما حياتي سوف تتغير هذه المرة، ربما أقابل الرجل الذي يسحقني.
نظر لها لتلتقي أعينهم في نظرة طويلة قبل أن يتحدث من بين أسنانه المطبقة على بعضها البعض:
-تصبحين على خير يا بيلا.
خرج من بعدها وبقيت هي واقفة في مكانها والضيق يسيطر عليها، هي تعلم أنه عنيد للغاية ومن الصعب أن يستجيب لها، ما زال يشعر بالذنب تجاهها وربما يكون ما يسيطر عليه مشاعر من الصعب زوالها، لا تدري، لكنها سوف تعمل على الرحيل من هنا في أقرب فرصة.
اجتمعوا حول مائدة الطعام في اليوم التالي، كان أنس يتابع بدر الذي لا يجلس على راحته كما كان يحدث في الأيام الماضية، وجهه لم يبتسم ولم يتحدث إلى أي أحد، خمن أنس أن هذا بسبب عدم هبوط بيلا لتناول الطعام معهم.
لقد تفهمت أسماء الأمر وقامت بتحضير الطعام وارساله لها مع بيري لتتناول الطعام معها، تحدثت أمل وهي تتجاهل ما حدث ليلة أمس:
-لماذا لا تتناول طعامك يا بدر؟ هل تريد شيء خاص؟!
حرك بدر رأسه بنفي، كان يفكر في حديث بيلا، هو يعلم أنها ترغب في الذهاب ولا تريد أن تقوم بتأجيل الأمر، ربما اليوم ستأتي أمام الجميع وتخبره لهذا وفي المقابل لن يستطيع أن يغصبها على هذا الشيء! فكر كيف يمكنه أنه يجعلها تتراجع عن قرارها هذا يا ترى؟
انتشله من تفكيره صوت بيري التي صرخت:
-بدر تعالى بسرعة بيلا ليست بخير.
وقف الجميع ولكنه كان أسرعهم حيث ركض بسرعة إلى الغرفة ليراها تستفرغ في الحمام الذي قام بتصليحه حديثًا، كان صوت ألمها يصل للجميع، انتهت من غسل وجهها واقترب هو منها ليقوم بسندها:
-ما الذي حدث لكِ يا بيلا؟ لقد كنتِ بخير، بماذا شعرتِ؟
ابعدت يده عنها وهي تخرج من الحمام، تحدثت إلى الجميع وهي تشعر بالكثير من الارتباك:
-لم يحدث شيء، شعرت بألم داخل معدتي وهذا كل ما في الأمر، اعذروني لم أقصد جعلكم تقلقوا هكذا.
نظرت أمل لها ولاحظت شحوب وجهها، تحدثت إليها ببعض التردد:
-عليكِ أن ترتاحي يا بيلا، لقد قلقنا ولم نستطيع أن نكمل تناول طعامنا.
نظرت بيلا لها وهي تومأ، تحدثت بيري بقلق:
-أنا قلقت كثيرًا عليكِ لقد رأيت كيف تغير وجهكِ ووجدت نفسي أناديهم.
اومأت بيلا بتفهم والتقت عينيها بأعين أنس الذي يقف أمام الغرفة ولم يدخل، تعجبت من نظراته لها ولكنها تجاهلت الأمر، لا تعلم ما الذي ينوي على فعله، لكنها تعلم أنه يخطط إلى شيء ما، لن يصمت على بقائها هنا وهي سوف تعمل على رحيلها في أقرب فرصة.
تحدثت بيلا وهي تتجاهل النظر إلى الجميع:
-يمكنكم الذهاب واكمال طعامكم، لا يوجد داعي للقلق بشأني.
تحدثت أسماء وهي تقترب لتحاوط وجهها:
-إن كنتِ ما زلتِ تشعرين بالألم دعينا نذهب إلى المستشفى يا بيلا.
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تتحدث إليها بلين:
-لا يا أمي أنا بخير لا داعي للقلق.
نظر بدر لها ورأى أنها تتجاهل النظر له بشكل كامل، تحدث بحيرة:
-بيلا هل تنوي أن تعاندي مرضكِ أيضًا؟ دعينا نذهب إلى المستشفى ونطمئن على حالتكِ.
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تجيبه باقتضاب:
-أنا بخير يا بدر شكرًا لك.
تحدث أنس في هذا الوقت وهو يقترب منهم:
-دعوها ترتاح، يبدو أنها لم تنم بشكل جيد ليلة أمس، هذا يظهر على وجهها.
شعر بدر بالكثير من الغضب وهو يتحدث إليه:
-هل تعرف كيف تلتزم الصمت يا أنس؟ أخرج من الغرفة ولا تتدخل.
ابتسم أنس ساخرًا وهو ينظر إلى أمل ومن ثم نظر إلى بيلا:
-هل تغار عليها إلى هذا الحد يا بدر؟ ما الذي حدث يا ترى؟ نعم أنت اخبرتني أنك تحب الفتاة، لكن ألا يمكنك أن تثق بها وبمن حولك؟!
لا يعلم بدر ما الذي جعله يتحدث بهذا الأمر الآن، لم يكن الوقت مناسب ولم يكن هناك ما يستدعي حديثه!
نظرت أمل إلى أنس وهي تحاول أن تفهم ما الذي يحاول أن يفعله؟! نظر إلى بيلا وهو يحرك رأسه باستنكار:
-أنتِ حقًا فتاة مثيرة للشفقة يا بيلا، لا أعلم كيف تفكرين؟ أنتِ لا يمكنكِ أن تري الحقيقة، بدر لن يحبكِ أكثر من زوجته يا بيلا، هو يعشق زوجته وإن كان هذا الشيء خاطئ وليس حقيقي يمكنه أن يقوم بتكذيبي على الفور.
نظرت بيلا إلى أنس وهي تعلم ما يحاول أن يقوم به، لقد استطاعت أن تفهمه، هو يريد أن يضعها ويضع بدر في موقف صعب، بالتأكيد بدر لن يكسر زوجته ويقول أنه يحبها هي:
-من قال أن بدر يحبني؟ من الذي قال أنني أحب بدر غيرك أنت يا أنس؟!
ابتسم أنس وهو ينظر مباشرة إلى عينيها ويعلم الشيء الذي يفعله جيدًا:
-ألم تقولي هذا الحديث إلى بيري ليلة أمس يا بيلا؟ أنتِ اعترفتِ بنفسكِ أنكِ عاشقة إلى بدر، نعم أعلم صعوبة الاعتراف بأمر هكذا عليكِ، لكن يجب على المرء أن يكون واضح أنام نفسه.
اتسعت أعين بيلا ونظرت إلى بيري لتجد علامات الصدمة على وجهها، لم تجرأ على النظر في وجه بدر الذي كان ينظر لها وهو يتساءل ما الذي يفعله أنس وما الذي يحدث ولا يعرف به:
-ما الذي تقوله أنت يا أنس؟ توقف عن التحدث بتلك الطريقة كما لو كنت شخص مختل.
تساقطت دموع بيلا وهي تقوم بدفع أنس بغضب:
-أنت ما الذي تريده مني يا أنس؟ ألم يكفيك كل شيء حدث في الماضي، ألم يكفيك الشيء الذي اصابني بسببك أنت؟ أنا كل شيء سيء معي يحدث بسببك أنت، لا أريد أن أراك، لا أرغب في رؤية وجهك هذا.
قبض أنس بقوة على يدها وهو يتحدث إليها بغضب:
-من تظنين نفسكِ أنتِ يا بيلا؟ دعيني أذكركِ أنكِ مجرد فتاة مشردة، هو حتى لم ينظر في وجهكِ، من الذي سيقع في عشق فتاة مثلكِ يا بيلا؟!
نظرت بيلا له والدموع قد سقطت على وجنتيها، رأت كيف ينظر لها كما لو كان انتصر عليها في حرب خاضها هو بمفرده، لكنها لم تضع في بالها بدر الذي قام بسحبه ليقوم بضربه بقوة والغضب يسيطر عليه:
-أنت تجاوزت حدودك يا أنس، يبدو أنك نسيت أنها زوجتي؟ أخرج من هنا وإياك والاقتراب منها وإلا سوف أنهيك وقتها هل تفهم؟
كان صراخه يجعل المنزل على وشك الاهتزاز، تحدث من جديد دون النظر إليهم:
-دعوها ترتاح، بيري يمكنكِ البقاء بجوارها وإن حدث أي شيء يمكنكِ أن تناديني.
هبط ولا أحد يعلم إلى أين هو ذاهب، لقد كان حديث أنس غير منصف له أو لها، نظرت أمل للحظات إلى بيلا التي قامت بوضع يديها على وجهها لتنهار في البكاء ومن ثم ذهبت إلى غرفتها والضيق يعتلي صدرها، لا يمكنها أن تنكر أن بدر يهتم لأمر هذه الفتاة.
تحدثت أسماء في هذا الوقت إلى بيلا وقد ارتجف صوتها:
-انا أسفة لكِ على حديث أنس يا بيلا، هو شاب طائش، لا يحسن اختيار كلماته، لا يفكر في مشاعر الآخرين، حتى أنه لم يصدق، انظري كيف أهتم بدر لأمركِ يا بيلا، لقد كان قلق بشأنكِ ولا يمثل صدقيني.
لم تهتم بيلا إلى حديثها، لقد كرهت حياتها بأكملها وفي كل يوم يكون هناك ما يجلب المتاعب لها.
أتى الليل وبيلا تذهب إلى غرفتها وتعود إلى بيلا، لم تتحدث بيلا مع أي شخص، بل جلست شاردة تمامًا في أفكارها، لقد كسرها أنس أمام الجميع أكثر، اغلقت عينيها وهي تودع ذكرياتها مع بدر في الأيام الماضية، لقد كان لها كامل الحق في حبه.
فتاة لم تجد الاهتمام من أي شخص في حياتها، من الطبيعي أن يميل قلبها إلى أي شخص يعطيها القليل من الاهتمام، شعرت بيد على وجنتها في هذا الوقت لتنتفض وهي تنظر له بعدم استيعاب:
-ما الذي أتى بك إلى هنا؟!
-اهدئي يا بيلا أنا لم أقصد ازعاجكِ، لقد أتيت من أجل الاطمئنان عليكِ، لماذا تنامين بهذا الفستان ألن يضايقكِ؟
لا تعلم كيف غفلت به ولكنها امسكت بالغطاء لتقوم بوضعه عليها، حاولت التحدث وهي تحاول استعادة وعيها بشكل كامل:
-ما الذي تريده الآن يا بدر؟ لقد تأخر الوقت.
جلس بجوارها وهو يخبرها بهدوء:
-لقد اخبرت أمل كل شيء، قولت لها أنني تزوجت بكِ ووضحت لها السبب، لقد بكت كثيرًا يا بيلا، لقد شعرت أنني جعلتها تتألم، في حياتي كلها لم أرى فتاة تبكي بتلك الطريقة.
حاولت أن تمنع ابتسامتها الساخرة وهي تتذكر كيف كانت منهارة مع بيري، تحدثت إليه وهي تحرك رأسها بنفي:
-لا يوجد داعي لكل هذا يا بدر، أنت اخبرتها الحقيقة أليس كذلك؟ هذا الأمر جيد وسوف يساعدك كثيرًا يا بدر، دعنا ننفصل وسوف أذهب من هنا في خلال اليومين القادمين.
تعجب بدر وهو ينظر لها، بينما هي لم تهتم وتابعت الحديث:
-سوف أذهب إلى القاهرة لصديقتي ومن ثم أغادر البلاد.
صدم بدر وهو يحرك رأسها بعدم استيعاب:
-ما الذي تقوليه أنتِ يا بيلا هل فقدتِ عقلكِ يا ترى؟
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تخبره بوضوح:
-بلا يا بدر أنا أقول الشيء الذي سوف يحدث، لهذا السبب سوف تطلقني، لا يمكنني الذهاب وأنا ما زلت على ذمتك، لن أشعر بالراحة حينها.
حرك بدر رأسه بنفي وهو يشعر بالكثير من الضيق، لا يعلم ما الذي يقوله لها، لكنه غير راضٍ أبدًا:
-بيلا لا تتسرعي في قراركِ، لا شيء يمنع وجودكِ هنا الآن.
حركت بيلا رأسها بنفي هي تنظر له:
-أنت مخطأ يا بدر، هناك ما يمنع وجودي هنا، لا يمكنني أن أبقى أمام زوجتك، أنا لا أشعر بالراحة، أعلم أنني غير مرتاحة وهذا كافي لجعلي أرحل.
تحدث بدر برجاء شديد:
-بيلا لا تصعبي الأمور إذا سمحتِ.
نظرت بيلا له وهي تحرك رأسها بنفي:
-أنت لا تعتبرني زوجتك في الأصل يا بدر، أنسى الأمر.
قام بسحب ذراعها وهو لا يشعر بالراحة:
-بيلا لن تذهبي، أنا لن أترككي تذهبين ولا تنسي أنكِ زوجتي.
ابتعدت بيلا عنه وهي تقوم بسحب ذراعها:
-يمكنك أن تقوم بتمزيق العقد وانتهى الأمر.
ابتسم بدر ساخرًا وهو يحرك رأسه بعدم استيعاب:
-هل تظنين أن الزواج مجرد عقد يا بيلا؟ اخبريني هل هذه هي فكرتكِ عن الزواج يا بيلا؟
ابتعدت بيلا عنه وهي تحاول السيطرة على نفسها وعدم البكاء، ابتلعت ما بحلقها وهي تشير له على الباب:
-أخرج من هنا يا بدر إذا سمحت أنا قولت الشيء الذي أريده، لا أرغب في شيء آخر.
لا يعلم ما الذي يجب أن يقوله وما الذي يفعله حتى يقوم بإقناعها، لاحظت تغير وجهه والضيق الذي ظهر عليه، كانت تحاول أن تأخذ أنفاسها بهدوء ولكنه لاحظ صعوبة الأمر عليها:
-لن تذهبي إلى أي مكان يا بيلا، ربما تكونين غير مرتاحة الآن، لكن صدقيني العالم في الخارج ليس مكان للراحة.
ابتسمت بيلا ساخرة ليتعجب من الأمر ولكنها تابعت بتهكم شديد:
-وكأنك تهتم لأمري كثيرًا يا بدر! لا تقلق لقد اعتدت على هذا العالم وأعرفه جيدًا، لا تفكر وتشغل عقلك بي.
قام بسحبها ومن ثم ضمها، لا تعلم لماذا فعل هذا، لا تعلم ما الذي يفكر فيه حتى؟ شعرت بأنفاسها تنعدم وسمعته يهمس لها:
-لا تذهبي يا بيلا، لا يمكنني أن أكون بخير وأنا لا أعلم شيء عنكِ صدقيني.
تعجبت من طريقته والنظرات التي تراها واضحة داخل عينيه، شعرت بالكثير من الارتباك وهي تبتعد عنه، وقفت أمام الباب وهي تشير عليه:
-إذا سمحت يا بدر أخرج من الغرفة، أنا لا أرغب في التحدث، لا أريد للأمور أن تزداد سوءً.
حرك بدر رأسه بنفي وهو يقترب ليقف أمامها:
-لن يحدث شيء ولن تزداد الأمور سوءً، أبقي الآن يا بيلا، دعيني أدبر لكِ أموركِ.
انفعلت بيلا وقد تعالى صوتها:
-لم أعد أريد أي مساعدة يا بدر افهمني، أنا لا أريد شفقتك هذه، صدقني أنا لست فتاة ضعيفة وقادرة على تدبير شؤوني بنفسي، توقف عن اشغال عقلك بي إذا سمحت يا بدر.
نظر بدر لها وهو لا يعلم ما الذي يجب عليه فعله، لا يعلم لماذا تصر على الذهاب إلى هذا الحد؟ حاول الهدوء ووقف أمامها مباشرة:
-لا تجعلي الأمور تتعقد أكثر بيننا يا بيلا، لا شيء يستحق، لقد قولت كل شيء إلى أمل وشرحت الأمر لها، لم يعد هناك أي مشكلة.
نظرت له بعدم استيعاب وتابعت بانفعال لم يتغير:
-ترى أنه لا يوجد مشكلة في حين أنك تريدنا أن نجلس معًا، هل تظن أن هناك فتاة ستقبل هذا على نفسها يا بدر؟ أنا لا يمكنني أن أتقبل شيء كهذا زوجي يجلس بجوار أخرى ويذهب معها إلى الغرفة و..
ضيق عينيه وهو ينظر لها ويتابع حديثها بخبث حتى قرر التحدث:
-أراكِ تتحدثين وكأنكِ معترفة بهذا الزواج يا بيلا!
تداركت نفسها لتحرك رأسها بنفي وهي تخبره بغضب:
-هذا ليس صحيح، أنا أتحدثت بلسان أمل الآن، أقول كيف أن هذا مؤلم.
تذكر بدر كيف كانت أمل تبكي وأخذت وقتها حتى توقفت عن البكاء وقررت النوم، لا يعلم ما الذي يجب أن يفعله، لكنه يعلم إن ذهبت بيلا سوف يشعر بخسارة لم يكن يحسب أي حساب لها.
لاحظت تغير ملامحه وكم بات حزين، حاولت أن لا تبكي وهي تعيد طلبها برجاء:
-إذا سمحت يا بدر، أنا أرغب في الطلاق، لا أريد البقاء هنا ولا أرغب في أن أكون زوجتك، ربما حياتي سوف تتغير هذه المرة، ربما أقابل الرجل الذي يسحقني.
نظر لها لتلتقي أعينهم في نظرة طويلة قبل أن يتحدث من بين أسنانه المطبقة على بعضها البعض:
-تصبحين على خير يا بيلا.
خرج من بعدها وبقيت هي واقفة في مكانها والضيق يسيطر عليها، هي تعلم أنه عنيد للغاية ومن الصعب أن يستجيب لها، ما زال يشعر بالذنب تجاهها وربما يكون ما يسيطر عليه مشاعر من الصعب زوالها، لا تدري، لكنها سوف تعمل على الرحيل من هنا في أقرب فرصة.
اجتمعوا حول مائدة الطعام في اليوم التالي، كان أنس يتابع بدر الذي لا يجلس على راحته كما كان يحدث في الأيام الماضية، وجهه لم يبتسم ولم يتحدث إلى أي أحد، خمن أنس أن هذا بسبب عدم هبوط بيلا لتناول الطعام معهم.
لقد تفهمت أسماء الأمر وقامت بتحضير الطعام وارساله لها مع بيري لتتناول الطعام معها، تحدثت أمل وهي تتجاهل ما حدث ليلة أمس:
-لماذا لا تتناول طعامك يا بدر؟ هل تريد شيء خاص؟!
حرك بدر رأسه بنفي، كان يفكر في حديث بيلا، هو يعلم أنها ترغب في الذهاب ولا تريد أن تقوم بتأجيل الأمر، ربما اليوم ستأتي أمام الجميع وتخبره لهذا وفي المقابل لن يستطيع أن يغصبها على هذا الشيء! فكر كيف يمكنه أنه يجعلها تتراجع عن قرارها هذا يا ترى؟
انتشله من تفكيره صوت بيري التي صرخت:
-بدر تعالى بسرعة بيلا ليست بخير.
وقف الجميع ولكنه كان أسرعهم حيث ركض بسرعة إلى الغرفة ليراها تستفرغ في الحمام الذي قام بتصليحه حديثًا، كان صوت ألمها يصل للجميع، انتهت من غسل وجهها واقترب هو منها ليقوم بسندها:
-ما الذي حدث لكِ يا بيلا؟ لقد كنتِ بخير، بماذا شعرتِ؟
ابعدت يده عنها وهي تخرج من الحمام، تحدثت إلى الجميع وهي تشعر بالكثير من الارتباك:
-لم يحدث شيء، شعرت بألم داخل معدتي وهذا كل ما في الأمر، اعذروني لم أقصد جعلكم تقلقوا هكذا.
نظرت أمل لها ولاحظت شحوب وجهها، تحدثت إليها ببعض التردد:
-عليكِ أن ترتاحي يا بيلا، لقد قلقنا ولم نستطيع أن نكمل تناول طعامنا.
نظرت بيلا لها وهي تومأ، تحدثت بيري بقلق:
-أنا قلقت كثيرًا عليكِ لقد رأيت كيف تغير وجهكِ ووجدت نفسي أناديهم.
اومأت بيلا بتفهم والتقت عينيها بأعين أنس الذي يقف أمام الغرفة ولم يدخل، تعجبت من نظراته لها ولكنها تجاهلت الأمر، لا تعلم ما الذي ينوي على فعله، لكنها تعلم أنه يخطط إلى شيء ما، لن يصمت على بقائها هنا وهي سوف تعمل على رحيلها في أقرب فرصة.
تحدثت بيلا وهي تتجاهل النظر إلى الجميع:
-يمكنكم الذهاب واكمال طعامكم، لا يوجد داعي للقلق بشأني.
تحدثت أسماء وهي تقترب لتحاوط وجهها:
-إن كنتِ ما زلتِ تشعرين بالألم دعينا نذهب إلى المستشفى يا بيلا.
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تتحدث إليها بلين:
-لا يا أمي أنا بخير لا داعي للقلق.
نظر بدر لها ورأى أنها تتجاهل النظر له بشكل كامل، تحدث بحيرة:
-بيلا هل تنوي أن تعاندي مرضكِ أيضًا؟ دعينا نذهب إلى المستشفى ونطمئن على حالتكِ.
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تجيبه باقتضاب:
-أنا بخير يا بدر شكرًا لك.
تحدث أنس في هذا الوقت وهو يقترب منهم:
-دعوها ترتاح، يبدو أنها لم تنم بشكل جيد ليلة أمس، هذا يظهر على وجهها.
شعر بدر بالكثير من الغضب وهو يتحدث إليه:
-هل تعرف كيف تلتزم الصمت يا أنس؟ أخرج من الغرفة ولا تتدخل.
ابتسم أنس ساخرًا وهو ينظر إلى أمل ومن ثم نظر إلى بيلا:
-هل تغار عليها إلى هذا الحد يا بدر؟ ما الذي حدث يا ترى؟ نعم أنت اخبرتني أنك تحب الفتاة، لكن ألا يمكنك أن تثق بها وبمن حولك؟!
لا يعلم بدر ما الذي جعله يتحدث بهذا الأمر الآن، لم يكن الوقت مناسب ولم يكن هناك ما يستدعي حديثه!
نظرت أمل إلى أنس وهي تحاول أن تفهم ما الذي يحاول أن يفعله؟! نظر إلى بيلا وهو يحرك رأسه باستنكار:
-أنتِ حقًا فتاة مثيرة للشفقة يا بيلا، لا أعلم كيف تفكرين؟ أنتِ لا يمكنكِ أن تري الحقيقة، بدر لن يحبكِ أكثر من زوجته يا بيلا، هو يعشق زوجته وإن كان هذا الشيء خاطئ وليس حقيقي يمكنه أن يقوم بتكذيبي على الفور.
نظرت بيلا إلى أنس وهي تعلم ما يحاول أن يقوم به، لقد استطاعت أن تفهمه، هو يريد أن يضعها ويضع بدر في موقف صعب، بالتأكيد بدر لن يكسر زوجته ويقول أنه يحبها هي:
-من قال أن بدر يحبني؟ من الذي قال أنني أحب بدر غيرك أنت يا أنس؟!
ابتسم أنس وهو ينظر مباشرة إلى عينيها ويعلم الشيء الذي يفعله جيدًا:
-ألم تقولي هذا الحديث إلى بيري ليلة أمس يا بيلا؟ أنتِ اعترفتِ بنفسكِ أنكِ عاشقة إلى بدر، نعم أعلم صعوبة الاعتراف بأمر هكذا عليكِ، لكن يجب على المرء أن يكون واضح أنام نفسه.
اتسعت أعين بيلا ونظرت إلى بيري لتجد علامات الصدمة على وجهها، لم تجرأ على النظر في وجه بدر الذي كان ينظر لها وهو يتساءل ما الذي يفعله أنس وما الذي يحدث ولا يعرف به:
-ما الذي تقوله أنت يا أنس؟ توقف عن التحدث بتلك الطريقة كما لو كنت شخص مختل.
تساقطت دموع بيلا وهي تقوم بدفع أنس بغضب:
-أنت ما الذي تريده مني يا أنس؟ ألم يكفيك كل شيء حدث في الماضي، ألم يكفيك الشيء الذي اصابني بسببك أنت؟ أنا كل شيء سيء معي يحدث بسببك أنت، لا أريد أن أراك، لا أرغب في رؤية وجهك هذا.
قبض أنس بقوة على يدها وهو يتحدث إليها بغضب:
-من تظنين نفسكِ أنتِ يا بيلا؟ دعيني أذكركِ أنكِ مجرد فتاة مشردة، هو حتى لم ينظر في وجهكِ، من الذي سيقع في عشق فتاة مثلكِ يا بيلا؟!
نظرت بيلا له والدموع قد سقطت على وجنتيها، رأت كيف ينظر لها كما لو كان انتصر عليها في حرب خاضها هو بمفرده، لكنها لم تضع في بالها بدر الذي قام بسحبه ليقوم بضربه بقوة والغضب يسيطر عليه:
-أنت تجاوزت حدودك يا أنس، يبدو أنك نسيت أنها زوجتي؟ أخرج من هنا وإياك والاقتراب منها وإلا سوف أنهيك وقتها هل تفهم؟
كان صراخه يجعل المنزل على وشك الاهتزاز، تحدث من جديد دون النظر إليهم:
-دعوها ترتاح، بيري يمكنكِ البقاء بجوارها وإن حدث أي شيء يمكنكِ أن تناديني.
هبط ولا أحد يعلم إلى أين هو ذاهب، لقد كان حديث أنس غير منصف له أو لها، نظرت أمل للحظات إلى بيلا التي قامت بوضع يديها على وجهها لتنهار في البكاء ومن ثم ذهبت إلى غرفتها والضيق يعتلي صدرها، لا يمكنها أن تنكر أن بدر يهتم لأمر هذه الفتاة.
تحدثت أسماء في هذا الوقت إلى بيلا وقد ارتجف صوتها:
-انا أسفة لكِ على حديث أنس يا بيلا، هو شاب طائش، لا يحسن اختيار كلماته، لا يفكر في مشاعر الآخرين، حتى أنه لم يصدق، انظري كيف أهتم بدر لأمركِ يا بيلا، لقد كان قلق بشأنكِ ولا يمثل صدقيني.
لم تهتم بيلا إلى حديثها، لقد كرهت حياتها بأكملها وفي كل يوم يكون هناك ما يجلب المتاعب لها.
أتى الليل وبيلا تذهب إلى غرفتها وتعود إلى بيلا، لم تتحدث بيلا مع أي شخص، بل جلست شاردة تمامًا في أفكارها، لقد كسرها أنس أمام الجميع أكثر، اغلقت عينيها وهي تودع ذكرياتها مع بدر في الأيام الماضية، لقد كان لها كامل الحق في حبه.
فتاة لم تجد الاهتمام من أي شخص في حياتها، من الطبيعي أن يميل قلبها إلى أي شخص يعطيها القليل من الاهتمام، شعرت بيد على وجنتها في هذا الوقت لتنتفض وهي تنظر له بعدم استيعاب:
-ما الذي أتى بك إلى هنا؟!