الفصل العشرون يحبني
نظرت أمل إلى أنس بتعجب شديد:
-ما الذي ترغب في قوله يا أنس لا أفهمك؟!
ابتسم أنس وهو يقف أمامها مباشرة ويعلم أن حديثه سوف يقلب الأمور رأس على عقب، سوف يُفسد مخطط بدر، كما أنه سوف يخيب توقعات عز عندما يستطيع التأثير على أمل:
-سوف أتحدث في صلب الموضوع مباشرة يا أمل، لكن عليكِ أن تبقي هادئة.
شعرت بالكثير من التوتر وهي تعلم أنه على وشك قول أشياء لن تعجبها أبدًا، لم يأخذ الكثير من الوقت ليتحدث مباشرة:
-لقد تزوج بدر من بيلا.
اتسعت أعين أمل وهي تنظر له، لا تنكر أن هذا كان آخر شيء من الممكن أن يخطر في بالها، ابتلعت ما بحلقها كما لو كانت تبتلع أشواك وهي تحرك رأسها بعدم استيعاب:
-مؤكد هناك شيء خاطئ وليس صحيح.
حرك أنس رأسه بنفي وهو يشير لها على الكرسي من خلفها:
-لا يا أمل أنا لا أمزح، اجلسي الآن ودعينا نتحدث.
حركت أمل رأسها بنفي وهي تنظر له:
-لن أجلس يا أنس، اخبرني الآن ما الذي تقوله أنت؟ كيف يتزوج بدر من هذه الفتاة؟
حرك أنس رأسه بنفي وهو يضع يدها أمامها:
-لا تتوتري يا أمل، اهدئي حتى نستطيع التفكير بشكل جيد، نعم بدر تزوج من بيلا، لكن لغرض ما ويبدو أنه يريد أن يربيني، يظن أنه بتلك الطريقة سوف يعوضها عن تركي لها، استمعي لي هو لم يقترب منها وزواجهم ليس حقيقي.
انفعلت أمل وهي تحرك رأسها بنفي:
-لا يمكنني أن أصدق كيف يفعل بي شيء كهذا؟ لقد تجرأ وتزوج بها وهو يعلم أنه سوف يخسرني!
تحدث أنس من جديد وقد بدى هادئ وكأن ما يقوله شيء عادي:
-عليكِ أن تتحكمي في غضبكِ يا أمل، سوف تعودي إلى المنزل، لا يمكنكِ أن تتركيها تسيطر على بدر، هذه الفتاة أنا أعرفها جيدًا، أعرف الشيء الذي تفكر فيه وكيف تتعامل مع الآخرين، لا تتركي زوجكِ لها مهما حدث يا أمل.
ابتسمت أمل بسخرية وهي تنظر له بعدم استيعاب:
-هل تمزح معي يا أنس؟ بدر تزوج بفتاة أخرى وأنت تخبرني بهذا الهدوء أن أعود إليه وأفعل ما يرضيه ويحطم كرامتي؟
حرك أنس رأسه بنفي وما زال يحتفظ بهدوئه، يعرف تمام المعرفة أن فكرة اقناعها مجرد وقت ليس إلا:
-أنا لا أقول لكِ أن تحطمي كرامتكِ يا أمل، كأنكِ لا تعرفين بالأمر، سوف تعودي إلى المنزل، إن كان شجاع بما يكفي واخبركِ بالأمر عليكِ أن تمثلي دور الفتاة المظلومة وتجعليه يندم، لم يكن بدر قاسي على كل حال وأنتِ تعرفين هذا جيدًا.
نظرت له وهي لا تعلم ما الذي يجعله يطلب منها شيء كهذا:
-أنت ما الذي سوف تستفيد منه إن فعلت أنا هذا الشيء؟ لماذا تطلب مني هذا يا أنس؟
اجابها أنس بثقة وقد ارتفع وجهه قليلًا:
-أنا أعلم ما الذي أرغب فيه وأعمل جاهدًا من أجل هذا يا أمل، لا يجب عليكِ أن تتركي زوجكِ إلى فتاة أخرى، أنا سوف أجعلها تخرج من هذا المنزل كما أتيت بها، عليكِ أن تهدئي ولا تتسرعي في قراركِ وإلا سوف تخسرين.
نظرت أمل له للحظات بينما هو ابتسم وأومأ لها متابعًا حديثه:
-سوف أذهب الآن، فكري بشكل جيد يا أمل هل تريدي أن تستعيدي حياتكِ أم تكوني الخاسرة أمام بيلا في النهاية؟ الإجابة عندكِ يا أمل.
خرج من بعدها وغادر المنزل دون كلمة، دلف عز إلى أمل من بعدها ليجدها جالسة على الكرسي بصمت، سألها وهو يشعر بالكثير من القلق:
-اخبريني يا أمل ما الذي قاله عز لكِ؟
نظرت له لبعض الوقت ومن ثم حاوطت رأسها بين يديها وهي تشعر بالكثير من الضيق.
في منزل بدر كان ينظر لها بغيظ شديد بينما هي وقفت وهي تستمر في القفز:
-لقد ربحت من جديد يا رجل، أنظر كيف تفوقت عليك للمرة الثالثة على التوالي، أنا أشعر بالفخر حقًا لما أنا عليه يا بدر.
تحدث بغيظ مصطنع وهو يقف:
-توقفي عن التصرف بتلك الطريقة، حالفكِ الحظ هذه المرة ليس إلا.
ضحكت وهي تحرك رأسها بنفي:
-عليك ان تعترف بخسارتك يا بدر، لا تجادلني.
ضحك بدر وهو يمسكها ليقوم بحملها والدوران بها، صرخت بقلق من بين ضحكاتها:
-توقف يا بدر لا تفعل هذا سوف توقعني.
تركها بدر وهو يضع يده على فمها وما زالت الضحكات تسيطر عليه:
-اخفضي صوتكِ يا فتاة، لا تصرخي حتى لا يستمعوا لنا.
اومأت له ومن ثم أبعد يده عن وجهها، لاحظ نظراتها ودموع الضحك التي لمعت داخل عينيها، حرك رأسه بعدم استيعاب:
-هل شعرتِ بالسعادة إلى هذا الحد يا ترى؟
ابتسمت بيلا وهي تومأ له ومن ثم اقتربت لتقوم بضمه:
-شكرًا لك يا بدر، لقد نجحت في جعلي أشعر بالأمان، لم يعد لدي مانع لتبقى معي في هذه الغرفة، لن أشعر بالقلق حتى.
بقى بدر ثابتًا في مكانه، لا يعلم ما الذي يجب أن يفعله، ابتلع ما بحلقه ولاحظت هي تصلب جسده، ابتعدت وهي تنظر له وقد شعرت بالكثير من الاحراج:
-أسفة لأني قومت بهذا، لقد فعلتها بشكل عفوي صدقني.
وضع يده على وجنتها وهو يلمسها بحنان:
-لا داعي للأسف يا بيلا، هذا الشيء ليس خاطئ أبدًا، أنا زوجكِ هل نسيتِ؟!
اومأت بيلا له وهو ما زال يتأمل عينيها، شعرت بالكثير من الارتباك وقد احمرت وجنتيها، أتى موعد النوم وكانت تشعر بالكثير من التوتر، لاحظ بدر هذا وبهدوء قام بأخذ وسادة ليضعها على الأرضية وهو على وشك النوم.
اقتربت بيلا منه وهي تقوم بتشبيك أصابعها ببعضها البعض:
-لا يمكنك أن تنام على الأرض هكذا، خذ الفراش على الأقل.
حرك بدر رأسه بنفي وهو ينظر لها:
-لا تشغلي بالكِ اتركي الفراش لكِ يا بيلا.
ابتلعت بيلا ما بحلقها وهي تحرك رأسها بنفي وتنظر تجاه الأرض:
-لا تنم عليها هكذا سوف تمرض يا بدر.
حرك بدر رأسه بنفي وهو يبتسم لها:
-لا تفكري في الأمر يا بيلا، نامي ولا تشغلي عقلكِ، سوف يكون كل شيء بخير.
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تشعر بالكثير من التردد، تابع نظرات عينيها ومن ثم تحدثت بصوت مرتجف:
-يمكنك أن تنام على السرير يا بدر.
نظر لها بتعجب وهو يلاحظ ارتباكها واحراجها الشديد:
-وأين ستنامين أنتِ يا بيلا؟
نظرت له للحظات ومن ثم نظرت تجاه السرير، شعر أنه من الصعب عليها الحديث، لكنها تحدثت بارتباك:
-سوف أنام هنا.
لا يفهم ما الذي حدث لها لتغير رأيها بتلك الطريقة، لاحظت نظراته لتتحدث بغيظ:
-لماذا لا تسمع حديثي في هدوء يا بدر؟ أنا سوف أنام هنا تسأل لماذا؟ ببساطة لأني أثق بك، أعلم أنك شخص جيد ولن تتسبب في أي أذية لي.
ابتسم بدر وقد شعر بالراحة إلى حديثها معه:
-حسنًا يا بيلا، لن تندمي على ثقتكِ أبدًا.
اقتربت من السرير وهي تحاول أن تتغلب على هذا القلق الذي ينتابها، ابتلعت ما بحلقها ونامت وهي تعطيه ظهرها، اقترب هو الآخر لينام على الطرف الآخر ولم يقترب من مساحتها أبدًا، قامت بسحب الغطاء عليها:
-تريد الغطاء؟
حرك رأسه نافيًا وهو لا يلتفت لها:
-لا نامي ولا تفكري في أي شيء.
ابتسمت بيلا وهي تشعر بالراحة للمرة الأولى في هذا المنزل، بالفعل استطاعت أن تنام نوم عميق، مروا يومين ولم تكن بيلا تغادر بدر الذي لم يخرج هو الآخر من المنزل، يبقوا لبعض الوقت في الغرفة ولم تتركه بيلا حتى يقوم باللعب معها.
شعر بدر أنه قد تسرع في الحكم عليها منذ البداية، لكن ما يجعله على وشك الجنون هي ملابسها التي تصر عليها وترفض تدخله في أمرها، كانت ترتدي فستان بلا أكمام وعاري الظهر ومع ذلك تصر على الهبوط به:
-هو طويل ولا أجد فيه أي مشكلة يا بدر، إذا سمحت لا تزعجني.
قبض على ذراعها ونظرات الغضب تكاد أن تخترق عسليتها:
-لا تجعليني أفقد عقلي يا بيلا، هذا الفستان لا يمكنكِ المغادرة به، إن لم تبدلي هذا الفستان سوف نبقى معي في الغرفة طوال اليوم.
نظرت بيلا له بغيظ وهي تبتعد عنه بنفور، أومأ لها بتوعد من بعدها ومن ثم ذهب إلى السرير ليجلس فوقه وهو يتابعها:
-على راحتكِ يا بيلا، أبقي واقفة في مكانكِ ولن يحدث شيء آخر غير الذي قولته لكِ، لن تذهبي إلى أي مكان بهذا الفستان.
جلست بيلا على الكرسي وهي تخبره بعناد شديد:
-وأنا أخبرك أنني لن أقوم بتبديله يا بدر، عليك أن تحترم قراري ولا تغصبني على فعل أي شيء، تذكر هذا.
نظر لها لتبعد وجهها، حاول الهدوء وهو يعلم كم هي عنيدة:
-لا يصح أن تعاندي في تلك الأمور، أنا أخبركِ بالشيء الصحيح يا بيلا، عليكِ أن تفهمي أنني لست من أعدائكِ.
لم تنظر إليه وهو يحاول أن يقنعها دون أن تغضب ويتحول الأمر إلى شجار بينهم:
-بيلا أنتِ تسمعي حديثي أليس كذلك؟
انفعلت بيلا وهي تنظر له:
-أنا لا أتقبل تدخلك في ملابسي يا بدر، أشعر بالضيق الشديد وأشعر أنك تريد أن تجعلني مقيدة.
حرك بدر رأسه باستنكار واقترب ليقف أمامها مباشرة، أحاط بوجهها وهو يعلم أنها لا تستجيب لرفضه ولكنها ترغب في أن تقتنع، تحدث إليها بهدوء:
-أنتِ حرة يا بيلا، أنا لا أحاول أن أقوم بتقييدكِ أبدًا، لكن هذه الملابس ليست مناسبة ليراكِ أحد بها، أنا أراكِ كالجوهرة ويجب حفظ الجواهر جيدًا.
احمرت وجنتيها وظهرت الابتسامة على وجهها لتبعد وجهها عن يده، أمسك بذراعها وجعلها تقف أمامه وهو يتأمل هيئتها:
-لا يمكنني أن أغامر وأجعل الجوهرة الخاصة بي تنكشف هكذا أمام أي شخص، أنا أريد منكِ أن تعرفي أن هذا الشيء ليس تحكم بل خوف عليكِ يا بيلا.
اومأت له بينما هو خرج ولم يطول بالخارج حتى أتى وبين يده كتاب قدمه لها:
-أرى أن هذا الكتاب سوف يساعدكِ في كثير من الأمور يا بيلا، لا تترددي في قراءته حسنًا؟
اومأت له وهي تأخذه من بين يديه وهي تبتسم:
-شكرًا لك يا بدر.
أشار لها على الخزانة بتشجيّع:
-هيا بدلي هذه الملابس وسوف نخرج معًا يا بيلا.
ابتسمت بسعادة وهي تسأله بجدية:
-حقًا يا بدر سوف نخرج معًا؟
أومأ لها ومن ثم خرج وهبط في انتظارها، راه أنس يقوم بضبط شعره أمام المرآة وهو يرتدي السروال الأسود والقميص ذات الأكمام القصيرة من نفس اللون، بدت عضلاته واضحة وهو يهندم هيئته، اقترب منه باسمًا:
-أراك في مزاج جيد يا عريس، لا تقل لي دعني أخمن، هل هذا بسبب زواجك من بيلا يا ترى؟
تجاهله بدر تمامًا كما يفعل عادة، ابتسم أنس ساخرًا ومن ثم وقف بجواره وهو يحرك رأسه بنفي:
-غريب أمرك يا بدر، ألا تشعر بالخجل من زواجك من هذه الفتاة؟ إنها بيلا الفتاة الطائشة والتي لا تصلح إلى تأسيس منزل! ألم يكن هذا حديثك لي أم أنني على خطأ؟!
التفت بدر لينظر له بينما الآخر لم ينتظر وتابع حديثه بخبث شديد:
-لقد نجحت في لعبتك يا بدر، جعلتني أنفر من الفتاة وذهبت أنت لتتزوج بها، ألم تكن لعبة سيئة للغاية يا بدر؟ كيف لا تشعر بتأنيب الضمير يا ترى؟!
أحتل الغضب أعين بدر وهو ينظر له بتحذير واضح:
-لا تجعلني أفقد عقلي عليك يا أنس، أنت تعلم جيدًا أنني لم أكن أحبها ولم أفكر فيها كزوجة لي، تعلم أن لو لم تكن شخص قذر وسيء إلى هذا الحد لم أكن لأتقرب من تلك الفتاة.
ابتسم أنس ساخرًا وهو ينظر له بانتباه:
-حقًا؟ ولهذا السبب تبدلت وكلما رأيتك أرى الابتسامة على وجهك يا بدر؟!
توقف بدر للحظات أمامه وهو لا يعلم هل يحدث هذا حقًا؟ يتساءل هل يبتسم بشكل مستمر كما يقول أنس أم أنه يبالغ؟ حاول أن يجعل ابتسامة أنس تتلاشى حتى لا يظن أنه قد انتصر عليه في النهاية:
-معك حق يا أنس، ربما أكون أحببت بيلا، ربما لهذا السبب أشعر بهذه السعادة الغامرة يا أنس أليس كذلك؟
اختفت ابتسامة أنس وهو لا يصدق أن بدر يتحدث بهذا الأمر، يتساءل هل يعني ما يقول وهل من الممكن أن يكون أحبها حقًا:
-ما الذي تقوله يا بدر؟ أنت الآن تعترف بحبك إلى بيلا! هل تسمع نفسك ماذا تقول يا ترى؟
أومأ بدر له وهو يشعر بالانتصار عليه وعدم تحقيق الشيء الذي يريده:
-نعم يا أنس، أنا أسمع نفسي وأعني ما أقول.
لم يكن يعلم أن بيلا قد استمعت إلى نهاية حديثهم أثناء هبوطها لتقف في مكانها وهي في حالة من الذهول، لا تعلم ما الذي يجب أن تقوله أو تفعله، تشعر أنها مشتتة، أنفاسها كانت تتعلى وتحاول أن تهدأ من روعها.
في البداية شعرت بالكثير من الارتباك حتى أنها جلست في مكانها على الدرج ولكن لم يمر الكثير من الوقت وظهرت الابتسامة على وجهها وهي تضع يدها على فمها بعدم استيعاب:
-هل حقًا يشعر أنه يحبني؟ هو لا يشفق عليّ إذًا! لم أكن أصدق أن تكون مشاعره تجاهي حقيقية ولكن..
قطعت حديثها وهي تتذكر أمل، هي تعلم أن كل شيء سوف يتبدل عندما تعود أمل من جديد إلى المنزل، حتى إن كان يحبها كما تعتقد لا يمكنها أن تتجاهل وجود أمل في حياته وأنها ما زالت زوجته:
-يبدو أن الأمر سوف يصبح أكثر تعقيدًا وقتها، لا يمكنني تقبل هذا الوضع مهما حدث، لا يمكنني أن أتقبل وجودي في حياة رجل متزوج.
-ما الذي ترغب في قوله يا أنس لا أفهمك؟!
ابتسم أنس وهو يقف أمامها مباشرة ويعلم أن حديثه سوف يقلب الأمور رأس على عقب، سوف يُفسد مخطط بدر، كما أنه سوف يخيب توقعات عز عندما يستطيع التأثير على أمل:
-سوف أتحدث في صلب الموضوع مباشرة يا أمل، لكن عليكِ أن تبقي هادئة.
شعرت بالكثير من التوتر وهي تعلم أنه على وشك قول أشياء لن تعجبها أبدًا، لم يأخذ الكثير من الوقت ليتحدث مباشرة:
-لقد تزوج بدر من بيلا.
اتسعت أعين أمل وهي تنظر له، لا تنكر أن هذا كان آخر شيء من الممكن أن يخطر في بالها، ابتلعت ما بحلقها كما لو كانت تبتلع أشواك وهي تحرك رأسها بعدم استيعاب:
-مؤكد هناك شيء خاطئ وليس صحيح.
حرك أنس رأسه بنفي وهو يشير لها على الكرسي من خلفها:
-لا يا أمل أنا لا أمزح، اجلسي الآن ودعينا نتحدث.
حركت أمل رأسها بنفي وهي تنظر له:
-لن أجلس يا أنس، اخبرني الآن ما الذي تقوله أنت؟ كيف يتزوج بدر من هذه الفتاة؟
حرك أنس رأسه بنفي وهو يضع يدها أمامها:
-لا تتوتري يا أمل، اهدئي حتى نستطيع التفكير بشكل جيد، نعم بدر تزوج من بيلا، لكن لغرض ما ويبدو أنه يريد أن يربيني، يظن أنه بتلك الطريقة سوف يعوضها عن تركي لها، استمعي لي هو لم يقترب منها وزواجهم ليس حقيقي.
انفعلت أمل وهي تحرك رأسها بنفي:
-لا يمكنني أن أصدق كيف يفعل بي شيء كهذا؟ لقد تجرأ وتزوج بها وهو يعلم أنه سوف يخسرني!
تحدث أنس من جديد وقد بدى هادئ وكأن ما يقوله شيء عادي:
-عليكِ أن تتحكمي في غضبكِ يا أمل، سوف تعودي إلى المنزل، لا يمكنكِ أن تتركيها تسيطر على بدر، هذه الفتاة أنا أعرفها جيدًا، أعرف الشيء الذي تفكر فيه وكيف تتعامل مع الآخرين، لا تتركي زوجكِ لها مهما حدث يا أمل.
ابتسمت أمل بسخرية وهي تنظر له بعدم استيعاب:
-هل تمزح معي يا أنس؟ بدر تزوج بفتاة أخرى وأنت تخبرني بهذا الهدوء أن أعود إليه وأفعل ما يرضيه ويحطم كرامتي؟
حرك أنس رأسه بنفي وما زال يحتفظ بهدوئه، يعرف تمام المعرفة أن فكرة اقناعها مجرد وقت ليس إلا:
-أنا لا أقول لكِ أن تحطمي كرامتكِ يا أمل، كأنكِ لا تعرفين بالأمر، سوف تعودي إلى المنزل، إن كان شجاع بما يكفي واخبركِ بالأمر عليكِ أن تمثلي دور الفتاة المظلومة وتجعليه يندم، لم يكن بدر قاسي على كل حال وأنتِ تعرفين هذا جيدًا.
نظرت له وهي لا تعلم ما الذي يجعله يطلب منها شيء كهذا:
-أنت ما الذي سوف تستفيد منه إن فعلت أنا هذا الشيء؟ لماذا تطلب مني هذا يا أنس؟
اجابها أنس بثقة وقد ارتفع وجهه قليلًا:
-أنا أعلم ما الذي أرغب فيه وأعمل جاهدًا من أجل هذا يا أمل، لا يجب عليكِ أن تتركي زوجكِ إلى فتاة أخرى، أنا سوف أجعلها تخرج من هذا المنزل كما أتيت بها، عليكِ أن تهدئي ولا تتسرعي في قراركِ وإلا سوف تخسرين.
نظرت أمل له للحظات بينما هو ابتسم وأومأ لها متابعًا حديثه:
-سوف أذهب الآن، فكري بشكل جيد يا أمل هل تريدي أن تستعيدي حياتكِ أم تكوني الخاسرة أمام بيلا في النهاية؟ الإجابة عندكِ يا أمل.
خرج من بعدها وغادر المنزل دون كلمة، دلف عز إلى أمل من بعدها ليجدها جالسة على الكرسي بصمت، سألها وهو يشعر بالكثير من القلق:
-اخبريني يا أمل ما الذي قاله عز لكِ؟
نظرت له لبعض الوقت ومن ثم حاوطت رأسها بين يديها وهي تشعر بالكثير من الضيق.
في منزل بدر كان ينظر لها بغيظ شديد بينما هي وقفت وهي تستمر في القفز:
-لقد ربحت من جديد يا رجل، أنظر كيف تفوقت عليك للمرة الثالثة على التوالي، أنا أشعر بالفخر حقًا لما أنا عليه يا بدر.
تحدث بغيظ مصطنع وهو يقف:
-توقفي عن التصرف بتلك الطريقة، حالفكِ الحظ هذه المرة ليس إلا.
ضحكت وهي تحرك رأسها بنفي:
-عليك ان تعترف بخسارتك يا بدر، لا تجادلني.
ضحك بدر وهو يمسكها ليقوم بحملها والدوران بها، صرخت بقلق من بين ضحكاتها:
-توقف يا بدر لا تفعل هذا سوف توقعني.
تركها بدر وهو يضع يده على فمها وما زالت الضحكات تسيطر عليه:
-اخفضي صوتكِ يا فتاة، لا تصرخي حتى لا يستمعوا لنا.
اومأت له ومن ثم أبعد يده عن وجهها، لاحظ نظراتها ودموع الضحك التي لمعت داخل عينيها، حرك رأسه بعدم استيعاب:
-هل شعرتِ بالسعادة إلى هذا الحد يا ترى؟
ابتسمت بيلا وهي تومأ له ومن ثم اقتربت لتقوم بضمه:
-شكرًا لك يا بدر، لقد نجحت في جعلي أشعر بالأمان، لم يعد لدي مانع لتبقى معي في هذه الغرفة، لن أشعر بالقلق حتى.
بقى بدر ثابتًا في مكانه، لا يعلم ما الذي يجب أن يفعله، ابتلع ما بحلقه ولاحظت هي تصلب جسده، ابتعدت وهي تنظر له وقد شعرت بالكثير من الاحراج:
-أسفة لأني قومت بهذا، لقد فعلتها بشكل عفوي صدقني.
وضع يده على وجنتها وهو يلمسها بحنان:
-لا داعي للأسف يا بيلا، هذا الشيء ليس خاطئ أبدًا، أنا زوجكِ هل نسيتِ؟!
اومأت بيلا له وهو ما زال يتأمل عينيها، شعرت بالكثير من الارتباك وقد احمرت وجنتيها، أتى موعد النوم وكانت تشعر بالكثير من التوتر، لاحظ بدر هذا وبهدوء قام بأخذ وسادة ليضعها على الأرضية وهو على وشك النوم.
اقتربت بيلا منه وهي تقوم بتشبيك أصابعها ببعضها البعض:
-لا يمكنك أن تنام على الأرض هكذا، خذ الفراش على الأقل.
حرك بدر رأسه بنفي وهو ينظر لها:
-لا تشغلي بالكِ اتركي الفراش لكِ يا بيلا.
ابتلعت بيلا ما بحلقها وهي تحرك رأسها بنفي وتنظر تجاه الأرض:
-لا تنم عليها هكذا سوف تمرض يا بدر.
حرك بدر رأسه بنفي وهو يبتسم لها:
-لا تفكري في الأمر يا بيلا، نامي ولا تشغلي عقلكِ، سوف يكون كل شيء بخير.
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تشعر بالكثير من التردد، تابع نظرات عينيها ومن ثم تحدثت بصوت مرتجف:
-يمكنك أن تنام على السرير يا بدر.
نظر لها بتعجب وهو يلاحظ ارتباكها واحراجها الشديد:
-وأين ستنامين أنتِ يا بيلا؟
نظرت له للحظات ومن ثم نظرت تجاه السرير، شعر أنه من الصعب عليها الحديث، لكنها تحدثت بارتباك:
-سوف أنام هنا.
لا يفهم ما الذي حدث لها لتغير رأيها بتلك الطريقة، لاحظت نظراته لتتحدث بغيظ:
-لماذا لا تسمع حديثي في هدوء يا بدر؟ أنا سوف أنام هنا تسأل لماذا؟ ببساطة لأني أثق بك، أعلم أنك شخص جيد ولن تتسبب في أي أذية لي.
ابتسم بدر وقد شعر بالراحة إلى حديثها معه:
-حسنًا يا بيلا، لن تندمي على ثقتكِ أبدًا.
اقتربت من السرير وهي تحاول أن تتغلب على هذا القلق الذي ينتابها، ابتلعت ما بحلقها ونامت وهي تعطيه ظهرها، اقترب هو الآخر لينام على الطرف الآخر ولم يقترب من مساحتها أبدًا، قامت بسحب الغطاء عليها:
-تريد الغطاء؟
حرك رأسه نافيًا وهو لا يلتفت لها:
-لا نامي ولا تفكري في أي شيء.
ابتسمت بيلا وهي تشعر بالراحة للمرة الأولى في هذا المنزل، بالفعل استطاعت أن تنام نوم عميق، مروا يومين ولم تكن بيلا تغادر بدر الذي لم يخرج هو الآخر من المنزل، يبقوا لبعض الوقت في الغرفة ولم تتركه بيلا حتى يقوم باللعب معها.
شعر بدر أنه قد تسرع في الحكم عليها منذ البداية، لكن ما يجعله على وشك الجنون هي ملابسها التي تصر عليها وترفض تدخله في أمرها، كانت ترتدي فستان بلا أكمام وعاري الظهر ومع ذلك تصر على الهبوط به:
-هو طويل ولا أجد فيه أي مشكلة يا بدر، إذا سمحت لا تزعجني.
قبض على ذراعها ونظرات الغضب تكاد أن تخترق عسليتها:
-لا تجعليني أفقد عقلي يا بيلا، هذا الفستان لا يمكنكِ المغادرة به، إن لم تبدلي هذا الفستان سوف نبقى معي في الغرفة طوال اليوم.
نظرت بيلا له بغيظ وهي تبتعد عنه بنفور، أومأ لها بتوعد من بعدها ومن ثم ذهب إلى السرير ليجلس فوقه وهو يتابعها:
-على راحتكِ يا بيلا، أبقي واقفة في مكانكِ ولن يحدث شيء آخر غير الذي قولته لكِ، لن تذهبي إلى أي مكان بهذا الفستان.
جلست بيلا على الكرسي وهي تخبره بعناد شديد:
-وأنا أخبرك أنني لن أقوم بتبديله يا بدر، عليك أن تحترم قراري ولا تغصبني على فعل أي شيء، تذكر هذا.
نظر لها لتبعد وجهها، حاول الهدوء وهو يعلم كم هي عنيدة:
-لا يصح أن تعاندي في تلك الأمور، أنا أخبركِ بالشيء الصحيح يا بيلا، عليكِ أن تفهمي أنني لست من أعدائكِ.
لم تنظر إليه وهو يحاول أن يقنعها دون أن تغضب ويتحول الأمر إلى شجار بينهم:
-بيلا أنتِ تسمعي حديثي أليس كذلك؟
انفعلت بيلا وهي تنظر له:
-أنا لا أتقبل تدخلك في ملابسي يا بدر، أشعر بالضيق الشديد وأشعر أنك تريد أن تجعلني مقيدة.
حرك بدر رأسه باستنكار واقترب ليقف أمامها مباشرة، أحاط بوجهها وهو يعلم أنها لا تستجيب لرفضه ولكنها ترغب في أن تقتنع، تحدث إليها بهدوء:
-أنتِ حرة يا بيلا، أنا لا أحاول أن أقوم بتقييدكِ أبدًا، لكن هذه الملابس ليست مناسبة ليراكِ أحد بها، أنا أراكِ كالجوهرة ويجب حفظ الجواهر جيدًا.
احمرت وجنتيها وظهرت الابتسامة على وجهها لتبعد وجهها عن يده، أمسك بذراعها وجعلها تقف أمامه وهو يتأمل هيئتها:
-لا يمكنني أن أغامر وأجعل الجوهرة الخاصة بي تنكشف هكذا أمام أي شخص، أنا أريد منكِ أن تعرفي أن هذا الشيء ليس تحكم بل خوف عليكِ يا بيلا.
اومأت له بينما هو خرج ولم يطول بالخارج حتى أتى وبين يده كتاب قدمه لها:
-أرى أن هذا الكتاب سوف يساعدكِ في كثير من الأمور يا بيلا، لا تترددي في قراءته حسنًا؟
اومأت له وهي تأخذه من بين يديه وهي تبتسم:
-شكرًا لك يا بدر.
أشار لها على الخزانة بتشجيّع:
-هيا بدلي هذه الملابس وسوف نخرج معًا يا بيلا.
ابتسمت بسعادة وهي تسأله بجدية:
-حقًا يا بدر سوف نخرج معًا؟
أومأ لها ومن ثم خرج وهبط في انتظارها، راه أنس يقوم بضبط شعره أمام المرآة وهو يرتدي السروال الأسود والقميص ذات الأكمام القصيرة من نفس اللون، بدت عضلاته واضحة وهو يهندم هيئته، اقترب منه باسمًا:
-أراك في مزاج جيد يا عريس، لا تقل لي دعني أخمن، هل هذا بسبب زواجك من بيلا يا ترى؟
تجاهله بدر تمامًا كما يفعل عادة، ابتسم أنس ساخرًا ومن ثم وقف بجواره وهو يحرك رأسه بنفي:
-غريب أمرك يا بدر، ألا تشعر بالخجل من زواجك من هذه الفتاة؟ إنها بيلا الفتاة الطائشة والتي لا تصلح إلى تأسيس منزل! ألم يكن هذا حديثك لي أم أنني على خطأ؟!
التفت بدر لينظر له بينما الآخر لم ينتظر وتابع حديثه بخبث شديد:
-لقد نجحت في لعبتك يا بدر، جعلتني أنفر من الفتاة وذهبت أنت لتتزوج بها، ألم تكن لعبة سيئة للغاية يا بدر؟ كيف لا تشعر بتأنيب الضمير يا ترى؟!
أحتل الغضب أعين بدر وهو ينظر له بتحذير واضح:
-لا تجعلني أفقد عقلي عليك يا أنس، أنت تعلم جيدًا أنني لم أكن أحبها ولم أفكر فيها كزوجة لي، تعلم أن لو لم تكن شخص قذر وسيء إلى هذا الحد لم أكن لأتقرب من تلك الفتاة.
ابتسم أنس ساخرًا وهو ينظر له بانتباه:
-حقًا؟ ولهذا السبب تبدلت وكلما رأيتك أرى الابتسامة على وجهك يا بدر؟!
توقف بدر للحظات أمامه وهو لا يعلم هل يحدث هذا حقًا؟ يتساءل هل يبتسم بشكل مستمر كما يقول أنس أم أنه يبالغ؟ حاول أن يجعل ابتسامة أنس تتلاشى حتى لا يظن أنه قد انتصر عليه في النهاية:
-معك حق يا أنس، ربما أكون أحببت بيلا، ربما لهذا السبب أشعر بهذه السعادة الغامرة يا أنس أليس كذلك؟
اختفت ابتسامة أنس وهو لا يصدق أن بدر يتحدث بهذا الأمر، يتساءل هل يعني ما يقول وهل من الممكن أن يكون أحبها حقًا:
-ما الذي تقوله يا بدر؟ أنت الآن تعترف بحبك إلى بيلا! هل تسمع نفسك ماذا تقول يا ترى؟
أومأ بدر له وهو يشعر بالانتصار عليه وعدم تحقيق الشيء الذي يريده:
-نعم يا أنس، أنا أسمع نفسي وأعني ما أقول.
لم يكن يعلم أن بيلا قد استمعت إلى نهاية حديثهم أثناء هبوطها لتقف في مكانها وهي في حالة من الذهول، لا تعلم ما الذي يجب أن تقوله أو تفعله، تشعر أنها مشتتة، أنفاسها كانت تتعلى وتحاول أن تهدأ من روعها.
في البداية شعرت بالكثير من الارتباك حتى أنها جلست في مكانها على الدرج ولكن لم يمر الكثير من الوقت وظهرت الابتسامة على وجهها وهي تضع يدها على فمها بعدم استيعاب:
-هل حقًا يشعر أنه يحبني؟ هو لا يشفق عليّ إذًا! لم أكن أصدق أن تكون مشاعره تجاهي حقيقية ولكن..
قطعت حديثها وهي تتذكر أمل، هي تعلم أن كل شيء سوف يتبدل عندما تعود أمل من جديد إلى المنزل، حتى إن كان يحبها كما تعتقد لا يمكنها أن تتجاهل وجود أمل في حياته وأنها ما زالت زوجته:
-يبدو أن الأمر سوف يصبح أكثر تعقيدًا وقتها، لا يمكنني تقبل هذا الوضع مهما حدث، لا يمكنني أن أتقبل وجودي في حياة رجل متزوج.