الفصل السابع عشر تموت رعبًا
كان بدر يقف في مكانه، غير مدرك لكل شيء حوله، نظر إلى وجه شقيقه الذي عاد ليقف أمامه وتتلاشى ظنونه بشأن موته، اقتربت أسماء التي تفيض عينيها بالدموع وهي لا تصدق أنها ترى أنس أمامها من جديد:
-كيف حدث هذا، كيف عدت لي من جديد؟ أنا حقًا لا أصدق هذا الشيء يا حبيب والدتك.
اقتربت لتقوم بضمه ويضمها أنس باشتياق حتى أنه قام بحملها لتبتعد قدمها عن الأرضية، اقتربت بيري منه وهي تبتسم بسعادة:
-لا أريد أن أعرف كيف حدث هذا، لكن أريدك أن تعرف أنني سعيدة للغاية لرؤيتك يا أنس.
ابتعد أنس عن والدته ومن ثم قام بضمها وهو يربت على شعرها، كان عز يتابع كل شيء بذهول لا يقل شيء عنهم، يتساءل كيف يظهر أنس من جديد بتلك الطريقة ولماذا لم يظهر قبل الآن يا ترى، أين كان؟!
نظر بدر تجاه أنس الذي نظر له وهو يبتسم:
-ماذا بك يا أخي ألا تفكر في ضمي؟ ألم تشتاق لي؟!
سأله بدر وهو يشعر بحرب تُقام بداخله بين الاشتياق والغضب الدفين:
-أين كنت طوال هذه المدة يا أنس؟ ما الذي حدث وكيف نجوت من هذا الحادث؟ ما زال التحقيق مستمر ولا أحد يمكنه الإجابة على هذه الأسئلة سواك أنت.
ابتلع أنس ما بحلقه وهو يشعر بأن بدر لن يصمت حتى يجعله يعترف بكل شيء، ضحك وهو يومأ له:
-حسنًا تمهل يا أخي قليلًا، الأمر لم يكن هين أبدًا، لم تكن هناك فرامل في السيارة وأنا حاولت أن أنقذ نفسي، قومت بالقفز منها وكانت حالتي سيئة للغاية، وجدني شاب يدعى سراج هو من ساعدني في الحقيقة قام بنقلي إلى المستشفى.
أومأ بدر له وما زالت نظراته تهاجمه:
-وبعد ذلك! ما الذي حدث اخبرني لماذا لم تعود؟ أظن أن الشيء الذي تحكيه أنت لن يجعلك تبتعد عن هنا ولا تخبرنا طوال هذه المدة وأنت تعلم أن حالتنا لن تكون جيدة، أم كنت تحاول الهرب من شيء ما؟!
اجابه أنس بانزعاج ظهر واضحًا على وجهه:
-هل تريد سماع الحقيقة؟ نعم لقد مللت من هذه المدعوة بيلا وأردت أن أرحل عن هذا المنزل، لقد كانت ساذجة لا تفهم وتبقى ملتصقة بي، كنت أعلم أنكم ستتعاطفون بعد الشيء الذي حدث بيننا.
حرك بدر رأسه باستنكار شديد وهو يتابع حديث أنس، لا يصدق أن هذا الشخص هو نفسه شقيقه:
-هل كنت تقوم بالعب بمشاعرها حقًا يا أنس؟ اخبرني ألا تشعر بالخجل! هل يمكنك أن تنظر إلى نفسك أمام المرآة ولا تشعر بأي ذنب؟!
اقترب أنس ليقف أمام بدر مباشرة وفي داخله نيران مشتعلة، يشعر بالضيق الشديد من كون بدر يقلل دائمًا من شأنه، يشعر بالغضب من كونه الكبير ويستطيع التحدث معه بالطريقة الذي يريدها هو:
-لم تكن فتاة ذكية، على كل حال لم اقترب منها وأظن أنها رحلت عندما تلقت الظرف الذي ارسلته مع صديق لي.
انفعلت أسماء وهي تنظر له وقد ازدادت صدمتها به رغم أنها كانت تصدق حديث بيلا، لم تتخيل أن يكون ابنها بهذا السوء:
-هل فقدت عقلك؟ ألا تخاف الله؟ تظن أن لا أحد لها ولهذا السبب قومت باستغلالها بتلك الطريقة!
لم يكن عز مدرك لكل ما يحدث، فقط يقف في مكان ويراقب كل شيء من حوله بصمت، هبطت بيلا في هذا الوقت واستمعت إلى صوت أسماء لتتساءل بتعجب:
-ما الأمر يا أمي؟ لماذا تصرخين بتلك الطريقة؟!
عقد أنس حاجبيه بتعجب وهو ينظر في وجوههم ومن ثم نظر إلى أسماء بانفعال:
-ما الذي تفعله هي هنا؟ ألم ترحل هذه الغبية؟!
تلقى لكمة من بدر ورأت بيلا أنس في هذا الوقت لتشهق بصدمة وهي تحرك رأسها بعدم استيعاب:
-كيف؟!
وضع أنس يده على فكه وقد جُرحت شفتيه؛ بسبب لكم بدر له ولكن ما صدمه وجعل جسده يتصلب كحال عز هو حديث بدر الذي صرخ به قائلًا:
-أنا أحذرك من التمادي أكثر من هذا يا أنس وإلا سوف تندم كثيرًا، بيلا الآن زوجتي وليس لك أي شأن بها، أظن أنك لست غبي ليكون من الصعب عليك فهم هذا الأمر!
اقترب عز بعدم استيعاب وهو ينظر إلى بدر وتحدث إليه بغضب للمرة الأولى:
-ما الذي تقوله أنت؟ كيف تكون هذه الفتاة هي زوجتك وأنت متزوج من شقيقتي؟ هل تظن أن هذا الأمر مزحة أم ماذا؟!
اجابه أنس وعينيه تنظر تجاه بيلا التي تقف بعيدة عنه خلف بدر، رأى الخوف داخل عينيها ليستمد جرأته منه:
-مؤكد هي مزحة وسخيفة للغاية يا عز، هذه الفتاة كانت زوجتي و..
قاطعه بدر الذي رفع سبابته أمامه بتحذير:
-هذه الفتاة لم تكون زوجتك، لقد انكشفت لعبتك أمامنا جميعًا يا أنس، هل تظن أنك عندما ترسل لها صديقك بظرف لن نعرف ما الموجود بداخله؟ اخبرني كيف تكون بهذا الكم من القذارة؟ كيف فعلت كل هذا وأنا الذي كنت سيء الظن بها، هي مقارنة بك تكون كالملاك.
ابتسم أنس ساخرًا وهو يشعر بالغضب الشديد، لا يمكنه الرد على بدر وهو يعلم أن حديثه صحيح، نظر تجاه بيلا بنظرات محذرة:
-ألا ترغبين في قول شيء الآن يا بيلا؟ هل ما زلتِ غاضبة مني يا ترى؟ أظن أنه من الجيد أن تتذكري حياتنا سويًا وماذا كنت أفعل عندما ترتكبين خطأ.
نظرت بيلا له بأعين ملأها الخوف والكره، لا تعلم كيف كانت تحب شخص مثله في يوم ما؟ ربما إن كان ميت الآن كانت سترتاح! هي لم تشعر بأي راحة في وجوده هذا، فقط يزداد خوفها.
وقف بدر أمامها مباشرة حتى يحجب الرؤية بينها وبينه وتحدث إليها بلين:
-لستِ مضطرة لقول شيء يا بيلا، أذهبِ الآن إلى الغرفة وأنا سوف ألحق بكِ.
نظرت له للحظات ولكنها لم تعصي أمره هذه المرة، كانت في حاجة ماسة للهروب من نظرات أنس وتوعده الخفي لها، نعم هو عندما كان يغضب كان يقوم بأذيتها، إما عن طريق حديثه السيء والذي يتسبب لها في إهانة أو بيده التي تتعمد ضربها!
حركت رأسها بعدم استيعاب، كانت تشعر بالكثير من البغض لذاتها في المقام الأول كلما تذكرت أنها كانت تصبر عليه، بل كانت تخبر نفسها أنه زوجها ولا يجب عليها أن تعصي أمر له!
أما في الأسفل كان عز يشعر بالكثير من الغضب ولا يفكر في شيء سوى مشاعر شقيقته التي سوف تتأذى بلا شك، لقد كانت تظن أن بدر لم يأتي لأنه منزعج، ليس لأنه يتزوج:
-اخبرني يا بدر ما الذي تفعله الآن؟ ماذا فعلت أمل لتقوم بأذيتها بتلك الطريقة؟ هي حتى عندما شعرت أنها تزعجك تركتك ببساطة وذهبت إلى منزل والدها.
نظر بدر له ولم يعد يحتمل المزيد من الحديث، لقد تمرد على الشخص الطيب بداخله، تحول غضبه إلى بركان لن يهتم إلى مشاعر أي شخص:
-لو لم تذهب أمل من هذا المنزل لم يكن ليحدث أي شيء، أمل ما زالت زوجتي وأنا لن أطلقها، من الأفضل أن تنقل لها حديثي هذا.
نظر بدر إلى أنس في هذا الوقت، لم تتبدل حالة الغضب الذي تسيطر عليه ليقوم بدفعه:
-أخي قد مات بعد أن علمت ماذا يفعل وكيف يفكر، من الأفضل أن تخرج من هذا المنزل ولا تعود له أبدًا.
شهقت أسماء بصدمة وهي تمسك بذراع بدر، ها قد عادت غريزة الأمومة تتحكم بها من جديد وتجعلها ترفض مغادرة ابنها:
-توقف يا بدر أرجوك، مهما حدث أنتم إخوة، لقد أخطأ أنس خطأ ليس هين أبدًا، لكنه لن يعيدها هو سوف يتغير صدقني، لقد تعلم الدرس.
كاد بدر أن ينفجر وهو يسمع والدته تدافع عن أنس بعد كل شيء سيء قام به، تحدث وهو ينظر لها:
-توقفي عن الحديث على لسانه يا أمي، هذا الشخص لن يتغير أبدًا، سوف يبقى كما هو بلا ضمير، هذا الشخص لن يتغير.
لاحظ أنس أن شقيقه سوف يقوم بطرده بالفعل دون السؤال عن حاله، يعلم إن خرج من هذا المنزل من الصعب عليه أن يتدبر أموره أكثر من هذا، سوف ينفذ ماله ولن يكون هناك حل آخر غير البحث عن عمل وربما يعمل في أشياء لا يفضلها أبدًا:
-أنا لا يوجد شأن لي بها يا بدر، هذه الفتاة أنا تركتها بكامل ارادتي لن أتقرب منها من جديد مهما حدث لا تقلق.
ابتسم بدر ساخرًا وهو ينظر له بعدم استيعاب:
-هل تظن أنني قلق منك عليها يا أنس؟ بيلا لن تنظر في وجهك من جديد بعد كل ما حدث، أنا فقط لا أصدق أن أخي بهذا الكم من الحقارة، لقد شعرت بالاشمئزاز بعد أن قالت لي كل شيء كنت تقوم به.
نظر أنس له ولم يشعر سوى بتفاقم غضبه ولكنه ابتسم في محاولة منه لرسم الهدوء على وجهه:
-لا داعي للتفكير في أمور مضت يا بدر، لكن اخبرني هل قمت بعقد قرانك عليها فقط أم تزوجت بها بالفعل؟
لاحظ بدر انتظار شقيقه للإجابة ليجيبه بنظرات ثاقبة:
-أنا لست مثلك يا أنس، زواجي من بيلا حقيقي ولو لم تكن تمثل دور الميت لكنت ضيف في زفافنا.
انتهى من حديثه إلى أنس ونظر تجاه عز الذي يقف في مكانه وما زال الغضب يحتل ملامحه:
-ماذا بك يا عز؟ تفكر بشقيقتك هذا واضح! عليك أن تخبرها بالطريقة المناسبة أنني تزوج من بيلا وأن هذا لم يكن ليحدث لو لم تترك المنزل بشكل شبه دائم، لعلها تلوم نفسها قليلًا مثلما أفعل أنا دائمًا.
ترك الجميع وصعد إلى غرفة بيلا ليتحدث معها، يعلم أنها الآن في أقصى مراحل قلقها، لا يعلم كيف يمكنه التعامل معها وهي ترفض وجوده معها في نفس الغرفة كل الرفض؟!
قام بطرق الباب والدخول عندما لم تأذن له، وجدها تجلس فوق السرير وعلى وجهها يظهر الخوف:
-هل رحل من هنا يا بدر؟ هل ذهب من حيث أتى أم أنه سوف يبقى هنا؟!
حرك بدر رأسه باستنكار وهو يلومها بنظراته السوداوية:
-لا يجب عليكِ أن تخافي منه إلى هذا الحد يا بيلا، توقفي ولا تكوني جبانة.
ابتلعت ما بحلقها واقتربت لتقف أمامه وهي لا تستطيع أن تسيطر على قلقها:
-لا أعلم ما الذي سوف يفعله بي، أنت شقيقه من الطبيعي أن تسانده، سوف تطلقني إن أراد هذا أليس كذلك؟ سوف تتخلى عني من أجله وسوف يعيد اهانتي من جديد.
حرك بدر رأسه بنفي وهو يتحدث إليها بلين على عكس الغضب المشتعل في داخله:
-لن يحدث كل هذا، أنا لن أترككي يا بيلا، لقد قطعت وعد على نفسي، لن أترك يدكِ ما دومتي بحاجة لي.
أمسك بيدها بينما عسليتها القلقة تعلقت بعينيه وقد تساقطت دموعها:
-شعرت بالخوف الشديد عندما رأيته، عندما نظر لي وذكرني بمعاقبته لي، تذكرت آخر لقاء بيننا وكيف قام بضربي بعد أن قومت بصفعه أمام أصدقائه، لم أخطأ يا بدر صدقني.
أومأ لها بتفهم بينما هي اقتربت لتقوم بضمه بشكل عفوي، تحاول أن تجعل قلبها يطمئن:
-أحاول الهدوء، لا يمكنني السيطرة على قلقي يا بدر، لقد جعلني على وشك الانهيار، لم يعد يمكنني الصمود.
-كيف حدث هذا، كيف عدت لي من جديد؟ أنا حقًا لا أصدق هذا الشيء يا حبيب والدتك.
اقتربت لتقوم بضمه ويضمها أنس باشتياق حتى أنه قام بحملها لتبتعد قدمها عن الأرضية، اقتربت بيري منه وهي تبتسم بسعادة:
-لا أريد أن أعرف كيف حدث هذا، لكن أريدك أن تعرف أنني سعيدة للغاية لرؤيتك يا أنس.
ابتعد أنس عن والدته ومن ثم قام بضمها وهو يربت على شعرها، كان عز يتابع كل شيء بذهول لا يقل شيء عنهم، يتساءل كيف يظهر أنس من جديد بتلك الطريقة ولماذا لم يظهر قبل الآن يا ترى، أين كان؟!
نظر بدر تجاه أنس الذي نظر له وهو يبتسم:
-ماذا بك يا أخي ألا تفكر في ضمي؟ ألم تشتاق لي؟!
سأله بدر وهو يشعر بحرب تُقام بداخله بين الاشتياق والغضب الدفين:
-أين كنت طوال هذه المدة يا أنس؟ ما الذي حدث وكيف نجوت من هذا الحادث؟ ما زال التحقيق مستمر ولا أحد يمكنه الإجابة على هذه الأسئلة سواك أنت.
ابتلع أنس ما بحلقه وهو يشعر بأن بدر لن يصمت حتى يجعله يعترف بكل شيء، ضحك وهو يومأ له:
-حسنًا تمهل يا أخي قليلًا، الأمر لم يكن هين أبدًا، لم تكن هناك فرامل في السيارة وأنا حاولت أن أنقذ نفسي، قومت بالقفز منها وكانت حالتي سيئة للغاية، وجدني شاب يدعى سراج هو من ساعدني في الحقيقة قام بنقلي إلى المستشفى.
أومأ بدر له وما زالت نظراته تهاجمه:
-وبعد ذلك! ما الذي حدث اخبرني لماذا لم تعود؟ أظن أن الشيء الذي تحكيه أنت لن يجعلك تبتعد عن هنا ولا تخبرنا طوال هذه المدة وأنت تعلم أن حالتنا لن تكون جيدة، أم كنت تحاول الهرب من شيء ما؟!
اجابه أنس بانزعاج ظهر واضحًا على وجهه:
-هل تريد سماع الحقيقة؟ نعم لقد مللت من هذه المدعوة بيلا وأردت أن أرحل عن هذا المنزل، لقد كانت ساذجة لا تفهم وتبقى ملتصقة بي، كنت أعلم أنكم ستتعاطفون بعد الشيء الذي حدث بيننا.
حرك بدر رأسه باستنكار شديد وهو يتابع حديث أنس، لا يصدق أن هذا الشخص هو نفسه شقيقه:
-هل كنت تقوم بالعب بمشاعرها حقًا يا أنس؟ اخبرني ألا تشعر بالخجل! هل يمكنك أن تنظر إلى نفسك أمام المرآة ولا تشعر بأي ذنب؟!
اقترب أنس ليقف أمام بدر مباشرة وفي داخله نيران مشتعلة، يشعر بالضيق الشديد من كون بدر يقلل دائمًا من شأنه، يشعر بالغضب من كونه الكبير ويستطيع التحدث معه بالطريقة الذي يريدها هو:
-لم تكن فتاة ذكية، على كل حال لم اقترب منها وأظن أنها رحلت عندما تلقت الظرف الذي ارسلته مع صديق لي.
انفعلت أسماء وهي تنظر له وقد ازدادت صدمتها به رغم أنها كانت تصدق حديث بيلا، لم تتخيل أن يكون ابنها بهذا السوء:
-هل فقدت عقلك؟ ألا تخاف الله؟ تظن أن لا أحد لها ولهذا السبب قومت باستغلالها بتلك الطريقة!
لم يكن عز مدرك لكل ما يحدث، فقط يقف في مكان ويراقب كل شيء من حوله بصمت، هبطت بيلا في هذا الوقت واستمعت إلى صوت أسماء لتتساءل بتعجب:
-ما الأمر يا أمي؟ لماذا تصرخين بتلك الطريقة؟!
عقد أنس حاجبيه بتعجب وهو ينظر في وجوههم ومن ثم نظر إلى أسماء بانفعال:
-ما الذي تفعله هي هنا؟ ألم ترحل هذه الغبية؟!
تلقى لكمة من بدر ورأت بيلا أنس في هذا الوقت لتشهق بصدمة وهي تحرك رأسها بعدم استيعاب:
-كيف؟!
وضع أنس يده على فكه وقد جُرحت شفتيه؛ بسبب لكم بدر له ولكن ما صدمه وجعل جسده يتصلب كحال عز هو حديث بدر الذي صرخ به قائلًا:
-أنا أحذرك من التمادي أكثر من هذا يا أنس وإلا سوف تندم كثيرًا، بيلا الآن زوجتي وليس لك أي شأن بها، أظن أنك لست غبي ليكون من الصعب عليك فهم هذا الأمر!
اقترب عز بعدم استيعاب وهو ينظر إلى بدر وتحدث إليه بغضب للمرة الأولى:
-ما الذي تقوله أنت؟ كيف تكون هذه الفتاة هي زوجتك وأنت متزوج من شقيقتي؟ هل تظن أن هذا الأمر مزحة أم ماذا؟!
اجابه أنس وعينيه تنظر تجاه بيلا التي تقف بعيدة عنه خلف بدر، رأى الخوف داخل عينيها ليستمد جرأته منه:
-مؤكد هي مزحة وسخيفة للغاية يا عز، هذه الفتاة كانت زوجتي و..
قاطعه بدر الذي رفع سبابته أمامه بتحذير:
-هذه الفتاة لم تكون زوجتك، لقد انكشفت لعبتك أمامنا جميعًا يا أنس، هل تظن أنك عندما ترسل لها صديقك بظرف لن نعرف ما الموجود بداخله؟ اخبرني كيف تكون بهذا الكم من القذارة؟ كيف فعلت كل هذا وأنا الذي كنت سيء الظن بها، هي مقارنة بك تكون كالملاك.
ابتسم أنس ساخرًا وهو يشعر بالغضب الشديد، لا يمكنه الرد على بدر وهو يعلم أن حديثه صحيح، نظر تجاه بيلا بنظرات محذرة:
-ألا ترغبين في قول شيء الآن يا بيلا؟ هل ما زلتِ غاضبة مني يا ترى؟ أظن أنه من الجيد أن تتذكري حياتنا سويًا وماذا كنت أفعل عندما ترتكبين خطأ.
نظرت بيلا له بأعين ملأها الخوف والكره، لا تعلم كيف كانت تحب شخص مثله في يوم ما؟ ربما إن كان ميت الآن كانت سترتاح! هي لم تشعر بأي راحة في وجوده هذا، فقط يزداد خوفها.
وقف بدر أمامها مباشرة حتى يحجب الرؤية بينها وبينه وتحدث إليها بلين:
-لستِ مضطرة لقول شيء يا بيلا، أذهبِ الآن إلى الغرفة وأنا سوف ألحق بكِ.
نظرت له للحظات ولكنها لم تعصي أمره هذه المرة، كانت في حاجة ماسة للهروب من نظرات أنس وتوعده الخفي لها، نعم هو عندما كان يغضب كان يقوم بأذيتها، إما عن طريق حديثه السيء والذي يتسبب لها في إهانة أو بيده التي تتعمد ضربها!
حركت رأسها بعدم استيعاب، كانت تشعر بالكثير من البغض لذاتها في المقام الأول كلما تذكرت أنها كانت تصبر عليه، بل كانت تخبر نفسها أنه زوجها ولا يجب عليها أن تعصي أمر له!
أما في الأسفل كان عز يشعر بالكثير من الغضب ولا يفكر في شيء سوى مشاعر شقيقته التي سوف تتأذى بلا شك، لقد كانت تظن أن بدر لم يأتي لأنه منزعج، ليس لأنه يتزوج:
-اخبرني يا بدر ما الذي تفعله الآن؟ ماذا فعلت أمل لتقوم بأذيتها بتلك الطريقة؟ هي حتى عندما شعرت أنها تزعجك تركتك ببساطة وذهبت إلى منزل والدها.
نظر بدر له ولم يعد يحتمل المزيد من الحديث، لقد تمرد على الشخص الطيب بداخله، تحول غضبه إلى بركان لن يهتم إلى مشاعر أي شخص:
-لو لم تذهب أمل من هذا المنزل لم يكن ليحدث أي شيء، أمل ما زالت زوجتي وأنا لن أطلقها، من الأفضل أن تنقل لها حديثي هذا.
نظر بدر إلى أنس في هذا الوقت، لم تتبدل حالة الغضب الذي تسيطر عليه ليقوم بدفعه:
-أخي قد مات بعد أن علمت ماذا يفعل وكيف يفكر، من الأفضل أن تخرج من هذا المنزل ولا تعود له أبدًا.
شهقت أسماء بصدمة وهي تمسك بذراع بدر، ها قد عادت غريزة الأمومة تتحكم بها من جديد وتجعلها ترفض مغادرة ابنها:
-توقف يا بدر أرجوك، مهما حدث أنتم إخوة، لقد أخطأ أنس خطأ ليس هين أبدًا، لكنه لن يعيدها هو سوف يتغير صدقني، لقد تعلم الدرس.
كاد بدر أن ينفجر وهو يسمع والدته تدافع عن أنس بعد كل شيء سيء قام به، تحدث وهو ينظر لها:
-توقفي عن الحديث على لسانه يا أمي، هذا الشخص لن يتغير أبدًا، سوف يبقى كما هو بلا ضمير، هذا الشخص لن يتغير.
لاحظ أنس أن شقيقه سوف يقوم بطرده بالفعل دون السؤال عن حاله، يعلم إن خرج من هذا المنزل من الصعب عليه أن يتدبر أموره أكثر من هذا، سوف ينفذ ماله ولن يكون هناك حل آخر غير البحث عن عمل وربما يعمل في أشياء لا يفضلها أبدًا:
-أنا لا يوجد شأن لي بها يا بدر، هذه الفتاة أنا تركتها بكامل ارادتي لن أتقرب منها من جديد مهما حدث لا تقلق.
ابتسم بدر ساخرًا وهو ينظر له بعدم استيعاب:
-هل تظن أنني قلق منك عليها يا أنس؟ بيلا لن تنظر في وجهك من جديد بعد كل ما حدث، أنا فقط لا أصدق أن أخي بهذا الكم من الحقارة، لقد شعرت بالاشمئزاز بعد أن قالت لي كل شيء كنت تقوم به.
نظر أنس له ولم يشعر سوى بتفاقم غضبه ولكنه ابتسم في محاولة منه لرسم الهدوء على وجهه:
-لا داعي للتفكير في أمور مضت يا بدر، لكن اخبرني هل قمت بعقد قرانك عليها فقط أم تزوجت بها بالفعل؟
لاحظ بدر انتظار شقيقه للإجابة ليجيبه بنظرات ثاقبة:
-أنا لست مثلك يا أنس، زواجي من بيلا حقيقي ولو لم تكن تمثل دور الميت لكنت ضيف في زفافنا.
انتهى من حديثه إلى أنس ونظر تجاه عز الذي يقف في مكانه وما زال الغضب يحتل ملامحه:
-ماذا بك يا عز؟ تفكر بشقيقتك هذا واضح! عليك أن تخبرها بالطريقة المناسبة أنني تزوج من بيلا وأن هذا لم يكن ليحدث لو لم تترك المنزل بشكل شبه دائم، لعلها تلوم نفسها قليلًا مثلما أفعل أنا دائمًا.
ترك الجميع وصعد إلى غرفة بيلا ليتحدث معها، يعلم أنها الآن في أقصى مراحل قلقها، لا يعلم كيف يمكنه التعامل معها وهي ترفض وجوده معها في نفس الغرفة كل الرفض؟!
قام بطرق الباب والدخول عندما لم تأذن له، وجدها تجلس فوق السرير وعلى وجهها يظهر الخوف:
-هل رحل من هنا يا بدر؟ هل ذهب من حيث أتى أم أنه سوف يبقى هنا؟!
حرك بدر رأسه باستنكار وهو يلومها بنظراته السوداوية:
-لا يجب عليكِ أن تخافي منه إلى هذا الحد يا بيلا، توقفي ولا تكوني جبانة.
ابتلعت ما بحلقها واقتربت لتقف أمامه وهي لا تستطيع أن تسيطر على قلقها:
-لا أعلم ما الذي سوف يفعله بي، أنت شقيقه من الطبيعي أن تسانده، سوف تطلقني إن أراد هذا أليس كذلك؟ سوف تتخلى عني من أجله وسوف يعيد اهانتي من جديد.
حرك بدر رأسه بنفي وهو يتحدث إليها بلين على عكس الغضب المشتعل في داخله:
-لن يحدث كل هذا، أنا لن أترككي يا بيلا، لقد قطعت وعد على نفسي، لن أترك يدكِ ما دومتي بحاجة لي.
أمسك بيدها بينما عسليتها القلقة تعلقت بعينيه وقد تساقطت دموعها:
-شعرت بالخوف الشديد عندما رأيته، عندما نظر لي وذكرني بمعاقبته لي، تذكرت آخر لقاء بيننا وكيف قام بضربي بعد أن قومت بصفعه أمام أصدقائه، لم أخطأ يا بدر صدقني.
أومأ لها بتفهم بينما هي اقتربت لتقوم بضمه بشكل عفوي، تحاول أن تجعل قلبها يطمئن:
-أحاول الهدوء، لا يمكنني السيطرة على قلقي يا بدر، لقد جعلني على وشك الانهيار، لم يعد يمكنني الصمود.