الفصل السادس عشر لا تقتنع
صباح يوم جديد وفي تمام الساعة السادسة صباحًا استيقظت بيلا التي استطاعت أن تنام براحة على عكس الأيام الماضية، تمنت لو يبقى هذا الهدوء يسيطر على حياتها بعيدًا عن القلق، كانت سعيدة بنقاشها مع بدر، لقد تفهم الأمر ولم يخيب ظنها كما كانت تظن.
وقفت ومن ثم بدأت بتغيير ملابسها وتمشيط شعرها لتهبط إلى الحمام، تقابلت مع بدر الذي استيقظ هو الآخر للتو وقد ظهر على وجهه علامات النوم:
-صباح الخير.
تحدثت بيلا إليه وهي تمر بجواره ليتحدث إليها دون أن يلتفت لها:
-صباح النور يا بيلا، لا أعلم إن لاحظتِ الأمر أم لا ولكن الغرفة الخاصة بكِ تحتوي على حمام مغلق، يمكنني أن أتصل بالصيانة لتأتي وتعمل على اصلاحه.
اجابته بيلا وهي تومأ:
-أظن أن هذا الأمر سيكون جيد.
ذهبت إلى الحمام وهو يلاحظ حرصها على عدم الاندماج معه في الحديث، نعم يتعجب من الأمر ولكنه يعمل على جعلها ترتاح وتشعر بالأمان، ربما سيكون له الثواب العظيم إن نجح في اصلاح هذه الفتاة.
هبطت والدته وما إن رأته حتى ارتسمت على وجهها ابتسامة سعيدة:
-صباح الخير يا حبيبي كيف حالك اليوم؟
اجابها بابتسامة مماثلة وهو يرى السعادة ترتسم على وجهها:
-بخير يا أمي ماذا عنكِ؟
اقتربت لتربت على يده:
-بخير يا حبيبي، أسأل الله أن يحفظك لي ولا يضرك بشيء.
هبطت بيري من بعدها وخرجت بيلا وقد كان شعرها مبتل وتقوم بتجفيفه بالمنشفة، نظرت أسماء حولها وهي تتحدث إلى بيري:
-تأكدي أن المكيف مغلق حتى لا تُصاب بيلا بنزلة برد هيا.
اجابها بدر وهو يتعجب من اهتمام والدته الشديد تجاه بيلا كما لو كانت ابنتها التي عثرت عليها بعد طول انتظار:
-لا بأس يا أمي، المكيف مغلق بالفعل فالطقس اليوم جيد.
اومأت أسماء وتحدثت إلى بيلا وهي ترغب في الاطمئنان عليها:
-هل كل شيء على ما يرام يا بيلا؟ هل تسبب شيء في ازعاجكِ يا ترى؟
نظرت بيلا إلى بدر وهي تعلم أن والدته تقصده بالمضايقة، حركت رأسها بنفي ومن ثم اعادت النظر إلى أسماء من جديد:
-كل شيء بخير يا أمي لا تقلقي.
ذهبت أسماء إلى المطبخ من بعدها وتبعتها بيري حتى تساعدها بينما بدر كان يتابع ما تفعله بيلا بالمنشفة، سألها بعفوية:
-هل تحتاجين إلى المساعدة؟
نظرت له بتعجب ظهر داخل عسليتيها وكأنها تسأله أي مساعدة تريد؟ تابع حديثه دون انتظار:
-أقصد إن كنتِ بحاجة إلى المساعدة في تجفيف شعركِ، سوف أقوم بتجفيفه بدلًا عنكِ.
حركت رأسها بنفي على الفور وقد احمرت وجنتيها وهي تبتعد عنه لتجلس على الأريكة وهي تكمل تجفيف شعرها الذي للمرة الأولى يلاحظ أنه يتعدى خصرها وقد كان بني اللون، لاحظت نظراته إليها وهذا جعلها تشعر بمزيد من التوتر لتقف وهي تتحدث:
-سوف أصعد إلى الغرفة حتى أتحدث مع منار، مؤكد تشعر بالضيق الشديد بعد منع كارم لها من المجيء.
قاطع صعودها وهو يقترب ويتحدث بضيق شديد لم تتخيل أن يكون بسبب حديثها:
-من الأفضل أن تتجاهليهم يا بيلا، هذا الشخص ليس جيد، لم أحبكِ أن تتعاملي معه، اعلمي أن لي رؤية خاصة ودائمًا ما تكون صادقة.
نظرت بيلا له بتعجب ومن ثم حركت رأسها باستنكار:
-أنا لا يوجد لدي أي صلة بالمدعو كارم، لا أتواصل معه ولا يهمني أمره، لكنني لن أتخلى عن صديقتي يا بدر هذا ليس معقول.
اجابها بدر باقتناع وهو يرى أن هذا الصحيح:
-هي لم تستجيب لكِ، لم تبقى هنا من أجلكِ وحتى أنها لم تأتي ليلة أمس عندما طلبتِ منها فلماذا عليكِ أن تهتمي لأمرها يا ترى؟!
نظرت بيلا إلى عينيه مباشرة وهي تحرك رأسها باستنكار:
-أنت ما الذي تقوله يا بدر؟ هي لا تتحكم في حياتها بل شقيقها من يفعل، هو منعها تريد مني أن اعاقبها وابتعد عنها من أجل هذا!
نظر بدر لها لبعض الوقت وهو يواجه نظراتها الشرسة الذي عرفها مؤخرًا عندما يتحكم بها العناد، حرك رأسه بنفي وتحدث إليها بعناد مضاعف:
-لأنها لا تتحكم في حياتها أنا أقول لكِ هذا، شقيقها من يسيطر عليها وهذا يعني أنكِ ستضطرين للتعامل معه، إما مباشرة وإما عن طريقها هي تفهمين؟
حركت رأسها بنفي وتابعت حديثها بإصرار:
-أنا أثق في صديقتي يا بدر، هي لن تدع المجال لشقيقها بالتدخل، شكرًا لاهتمامك.
صعدت من بعدها وهي تتابع تجفيف شعرها كما لو كانت تتعمد تجاهله وتجاهل حديثه بل وتجاهل هذا التوتر الذي ظهر جلي داخل عينيها، مرر بدر إبهامه على شفتيه قائلًا بغيظ:
-لا أعلم كيف ستستمر الحياة بيننا، لكنني أعرف جيدًا أنها لن تكون سهلة أبدًا، سوف تفعلين ما بوسعكِ لاستفزازي يا بيلا، أدعو الله أن يعطيني الصبر عليكِ، هذا الشيء المهم الآن.
اجتمعوا حول مائدة الطعام بصمت قاطعته أسماء من خلال حديثها إلى بيلا الشاردة:
-هل تحدثتِ مع صديقتكِ منار من بعد مكالمة أمس؟
اومأت بيلا لها وهي ترد على سؤالها:
-نعم تحدثت معها عندما صعدت إلى غرفتي منذ قليل، كما توقت وكما اخبرتكِ ليلة أمس كارم شقيقها لم يوافق على اصطحابها إلى هنا ولم يجعلها تأتي وحدها.
رفعت أسماء حاجبيها وهي تلقي نظرة خاطفة تجاه بدر قبل أن تتحدث إلى بيلا بخبث:
-يبدو أن الفتى معجب بكِ كثيرًا يا بيلا، لكن لماذا لم توافقي عليه؟ ما مشكلته حتى ترفضي الزواج به؟!
نظر بدر إلى والدته بلوم وهو لا يرى لهذا السؤال أهمية، لقد اصبحت الآن زوجته وحديثهم عن رجل آخر بتلك الطريقة ليس محبب إليه أبدًا، اجابتها بيلا بعفوية:
-أنا لم أحبه، هو شخص ذات عقل مغلق، لا يحترم أراء الآخرين، يفعل ما يرغب به سواء كان صحيح أم خاطئ، الأمر مرهق للغاية حتى أنه لم يكن يحترم أنني في منزله وأن لا مكان آخر لأذهب إليه، كان يستمر في مضايقتي حتى أنه عندما كان يتلقى الرفض مني عدة مرات كان يقوم بضربي.
اتسعت أعين بيري وانتبه بدر لها بينما بيلا لم تكن تلاحظ هذا وتابعت إلى أسماء:
-في الحقيقة كان أنس يعلم هذا، لهذا السبب قال أن علي الزواج منه بسرعة حتى يكون من حقه البقاء معي وابعادي عن كل هذا، من حسن حظي أن كارم كان مسافر هذا الوقت وإلا كان سيضربني ولن يفرق معه وجود منار من عدمه.
شعرت أسماء بالحزن تجاهها، تحدث بدر ولكن هذه المرة قد ظهر اللين في صوته:
-لا تتحدثوا الآن حتى لا تفقدوا شهيتكم، هيا تناولوا طعامكم.
اومأت بيلا وبدأت في تناول طعامها من جديد كما لو كان الشيء الذي قالته أمر عادي للغاية ولا يوجد به أي مشكلة! انتهوا من تناول الطعام وبدأت بيلا في أخذ الصحون إلى المطبخ وهي تتحدث إليهم بأمر:
-لا أحد يدخل المطبخ الآن، أنا سوف أقوم بغسل الصحون.
اقتربت بيري منها وهي تحرك رأسها بنفي:
-أنتِ متزوجة ليلة أمس يا بيلا، لا يصح هذا الشيء، اذهبي وأنا سوف أقوم بغسل الصحون.
انتبهت بيلا لها، لا تعلم لماذا لا تشعر بأنها بالفعل اصبحت متزوجة، كان بدر يلاحظ نظراتها ويعلم أن هذه الحياة عكس كل شيء تمنته وحلمت به، هذه الفتاة لم تحلم بأي منزل لتبقى به والدليل على هذا رفضها القاطع لكارم!
نعم هي لم تريد أن تتزوج وحسب، لم تريد أن تبقى في أي منزل، كانت تبحث عن الأمان والحب، هي لديها أحلام تتدمر أمام عينيها ولا يوجد شيء في يدها لتقوم به، كأنه يشعر بها، كأنه يمر بما تمر به، شعر أن الألم يجمعهم بينما تفرقهم أحداث حياتهم:
-شقيقتك عنيدة للغاية لم توافق على جعلي أغسل الصحون.
استفاق على صوتها وقد لاحظ تقطب جبينها بعدم رضا، ابتسم وهو يومأ لها:
-معها حق فأنتِ متزوجة حديثًا يا بيلا، لا يوجد عروس تفعل هذا في ثاني يوم من زواجها.
رأى فمها قد التوى بابتسامة ساخرة وهي تحرك رأسها باستنكار شديد، سمعوا طرقات على الباب في هذا الوقت وهمت بالذهاب حتى تفتح فيسرع بسحب ذراعها:
-إلى أين سوف تذهبين أنتِ يا بيلا؟ توقفي لا نعلم من الطارق ربما يكون رجل.
عقدت حاجبيها بتعجب وهي تبعد ذراعها عن يديه:
-وما المشكلة إن كان رجل يا بدر؟ كنت سأرى من بالخارج فقط لأنني قريبة من الباب الأمر لا يستحق تفكير!
نظر إلى هذا الفستان القصير ولا يعلم السبب في ارتدائها هذا النوع من الملابس:
-اذهبي يا بيلا وبدلي ملابسكِ هذه، لا ترتدي شيء يكشف جسدكِ، الأمر لم يكن مقبول بالنسبة لي منذ البداية أما الآن أنتِ زوجتي ومن حقي التحدث معكِ كيفما أشاء.
ابتسمت بيلا ساخرة من جديد وتحدثت إليه بتهكم:
-هل نسيت الاتفاق بهذه السرعة يا بدر؟ يبدو أن عليّ تذكيرك.
فتحت أسماء الباب في هذا الوقت ودلف عز قائلًا بمرح:
-صباح الخير جميعًا كيف حالكم؟
التقت نظرات بدر المشتعلة غضبًا بعسليتها العنيدة، كاد أن يسحق أسنانه وبهدوء قام بالقبض على ذراعها وسحبها إلى الأعلى، رأى عز ما يحدث وقد اصابه الذهول وهو لا يعلم شيء عن أمر زواجهم:
-ما الذي يحدث إلى بدر يا ترى؟ هل فقد عقله أم ماذا؟!
كانت بيري تتابع ما يحدث ولكن لم يكن بمقدورها التحدث، تتساءل ما الذي سوف يحدث إلى أمل إن علمت بحقيقة زواجهم، مؤكد لن تبقى صامتة!
في غرفة بيلا كانت تنظر إلى بدر بغضب شديد:
-كيف تقوم بسحبي بتلك الطريقة يا بدر؟ اخبرني هل تراني طفلة طائشة أمامك أم ماذا؟
نظر بدر لها والغضب يسيطر عليه وهو لا يستطيع تحمل المزيد من الكلمات:
-هذه الملابس لا ترتديها يا بيلا، إياكِ أن تفعليها وتقررين اعصاء أمري.
نظرت بيلا له بعدم استيعاب ومن ثم حركت رأسها بنفي:
-اخبرني أنت كيف تجرأ على التعامل معي بتلك الطريقة؟ نعم لقد بدأت طباعك في الظهور يا بدر وبدأت في السيطرة على جميع أفعالي.
حرك بدر رأسه بضيق وقد شعر بالإرهاق:
-توقفي عن هذا الحديث الفارغ، لا يصح أن يراكِ أي شخص بهذه الملابس يا بيلا، توقفي عن التعامل بهذا الشكل، الآن أنتِ زوجتي حتى إن كان اسمًا فقط لا يمكنكِ أن تتعاملي بتلك الطريقة.
تركها وخرج من الغرفة، هبط وهو يرى الذهول على وجوه عائلته، تعجب والتفت إلى حيث ينظر الجميع ليتصلب جسده بعدم استيعاب واقترب الآخر ليقوم بضمه:
-أخي لقد اشتقت لك كثيرًا.
وقفت ومن ثم بدأت بتغيير ملابسها وتمشيط شعرها لتهبط إلى الحمام، تقابلت مع بدر الذي استيقظ هو الآخر للتو وقد ظهر على وجهه علامات النوم:
-صباح الخير.
تحدثت بيلا إليه وهي تمر بجواره ليتحدث إليها دون أن يلتفت لها:
-صباح النور يا بيلا، لا أعلم إن لاحظتِ الأمر أم لا ولكن الغرفة الخاصة بكِ تحتوي على حمام مغلق، يمكنني أن أتصل بالصيانة لتأتي وتعمل على اصلاحه.
اجابته بيلا وهي تومأ:
-أظن أن هذا الأمر سيكون جيد.
ذهبت إلى الحمام وهو يلاحظ حرصها على عدم الاندماج معه في الحديث، نعم يتعجب من الأمر ولكنه يعمل على جعلها ترتاح وتشعر بالأمان، ربما سيكون له الثواب العظيم إن نجح في اصلاح هذه الفتاة.
هبطت والدته وما إن رأته حتى ارتسمت على وجهها ابتسامة سعيدة:
-صباح الخير يا حبيبي كيف حالك اليوم؟
اجابها بابتسامة مماثلة وهو يرى السعادة ترتسم على وجهها:
-بخير يا أمي ماذا عنكِ؟
اقتربت لتربت على يده:
-بخير يا حبيبي، أسأل الله أن يحفظك لي ولا يضرك بشيء.
هبطت بيري من بعدها وخرجت بيلا وقد كان شعرها مبتل وتقوم بتجفيفه بالمنشفة، نظرت أسماء حولها وهي تتحدث إلى بيري:
-تأكدي أن المكيف مغلق حتى لا تُصاب بيلا بنزلة برد هيا.
اجابها بدر وهو يتعجب من اهتمام والدته الشديد تجاه بيلا كما لو كانت ابنتها التي عثرت عليها بعد طول انتظار:
-لا بأس يا أمي، المكيف مغلق بالفعل فالطقس اليوم جيد.
اومأت أسماء وتحدثت إلى بيلا وهي ترغب في الاطمئنان عليها:
-هل كل شيء على ما يرام يا بيلا؟ هل تسبب شيء في ازعاجكِ يا ترى؟
نظرت بيلا إلى بدر وهي تعلم أن والدته تقصده بالمضايقة، حركت رأسها بنفي ومن ثم اعادت النظر إلى أسماء من جديد:
-كل شيء بخير يا أمي لا تقلقي.
ذهبت أسماء إلى المطبخ من بعدها وتبعتها بيري حتى تساعدها بينما بدر كان يتابع ما تفعله بيلا بالمنشفة، سألها بعفوية:
-هل تحتاجين إلى المساعدة؟
نظرت له بتعجب ظهر داخل عسليتيها وكأنها تسأله أي مساعدة تريد؟ تابع حديثه دون انتظار:
-أقصد إن كنتِ بحاجة إلى المساعدة في تجفيف شعركِ، سوف أقوم بتجفيفه بدلًا عنكِ.
حركت رأسها بنفي على الفور وقد احمرت وجنتيها وهي تبتعد عنه لتجلس على الأريكة وهي تكمل تجفيف شعرها الذي للمرة الأولى يلاحظ أنه يتعدى خصرها وقد كان بني اللون، لاحظت نظراته إليها وهذا جعلها تشعر بمزيد من التوتر لتقف وهي تتحدث:
-سوف أصعد إلى الغرفة حتى أتحدث مع منار، مؤكد تشعر بالضيق الشديد بعد منع كارم لها من المجيء.
قاطع صعودها وهو يقترب ويتحدث بضيق شديد لم تتخيل أن يكون بسبب حديثها:
-من الأفضل أن تتجاهليهم يا بيلا، هذا الشخص ليس جيد، لم أحبكِ أن تتعاملي معه، اعلمي أن لي رؤية خاصة ودائمًا ما تكون صادقة.
نظرت بيلا له بتعجب ومن ثم حركت رأسها باستنكار:
-أنا لا يوجد لدي أي صلة بالمدعو كارم، لا أتواصل معه ولا يهمني أمره، لكنني لن أتخلى عن صديقتي يا بدر هذا ليس معقول.
اجابها بدر باقتناع وهو يرى أن هذا الصحيح:
-هي لم تستجيب لكِ، لم تبقى هنا من أجلكِ وحتى أنها لم تأتي ليلة أمس عندما طلبتِ منها فلماذا عليكِ أن تهتمي لأمرها يا ترى؟!
نظرت بيلا إلى عينيه مباشرة وهي تحرك رأسها باستنكار:
-أنت ما الذي تقوله يا بدر؟ هي لا تتحكم في حياتها بل شقيقها من يفعل، هو منعها تريد مني أن اعاقبها وابتعد عنها من أجل هذا!
نظر بدر لها لبعض الوقت وهو يواجه نظراتها الشرسة الذي عرفها مؤخرًا عندما يتحكم بها العناد، حرك رأسه بنفي وتحدث إليها بعناد مضاعف:
-لأنها لا تتحكم في حياتها أنا أقول لكِ هذا، شقيقها من يسيطر عليها وهذا يعني أنكِ ستضطرين للتعامل معه، إما مباشرة وإما عن طريقها هي تفهمين؟
حركت رأسها بنفي وتابعت حديثها بإصرار:
-أنا أثق في صديقتي يا بدر، هي لن تدع المجال لشقيقها بالتدخل، شكرًا لاهتمامك.
صعدت من بعدها وهي تتابع تجفيف شعرها كما لو كانت تتعمد تجاهله وتجاهل حديثه بل وتجاهل هذا التوتر الذي ظهر جلي داخل عينيها، مرر بدر إبهامه على شفتيه قائلًا بغيظ:
-لا أعلم كيف ستستمر الحياة بيننا، لكنني أعرف جيدًا أنها لن تكون سهلة أبدًا، سوف تفعلين ما بوسعكِ لاستفزازي يا بيلا، أدعو الله أن يعطيني الصبر عليكِ، هذا الشيء المهم الآن.
اجتمعوا حول مائدة الطعام بصمت قاطعته أسماء من خلال حديثها إلى بيلا الشاردة:
-هل تحدثتِ مع صديقتكِ منار من بعد مكالمة أمس؟
اومأت بيلا لها وهي ترد على سؤالها:
-نعم تحدثت معها عندما صعدت إلى غرفتي منذ قليل، كما توقت وكما اخبرتكِ ليلة أمس كارم شقيقها لم يوافق على اصطحابها إلى هنا ولم يجعلها تأتي وحدها.
رفعت أسماء حاجبيها وهي تلقي نظرة خاطفة تجاه بدر قبل أن تتحدث إلى بيلا بخبث:
-يبدو أن الفتى معجب بكِ كثيرًا يا بيلا، لكن لماذا لم توافقي عليه؟ ما مشكلته حتى ترفضي الزواج به؟!
نظر بدر إلى والدته بلوم وهو لا يرى لهذا السؤال أهمية، لقد اصبحت الآن زوجته وحديثهم عن رجل آخر بتلك الطريقة ليس محبب إليه أبدًا، اجابتها بيلا بعفوية:
-أنا لم أحبه، هو شخص ذات عقل مغلق، لا يحترم أراء الآخرين، يفعل ما يرغب به سواء كان صحيح أم خاطئ، الأمر مرهق للغاية حتى أنه لم يكن يحترم أنني في منزله وأن لا مكان آخر لأذهب إليه، كان يستمر في مضايقتي حتى أنه عندما كان يتلقى الرفض مني عدة مرات كان يقوم بضربي.
اتسعت أعين بيري وانتبه بدر لها بينما بيلا لم تكن تلاحظ هذا وتابعت إلى أسماء:
-في الحقيقة كان أنس يعلم هذا، لهذا السبب قال أن علي الزواج منه بسرعة حتى يكون من حقه البقاء معي وابعادي عن كل هذا، من حسن حظي أن كارم كان مسافر هذا الوقت وإلا كان سيضربني ولن يفرق معه وجود منار من عدمه.
شعرت أسماء بالحزن تجاهها، تحدث بدر ولكن هذه المرة قد ظهر اللين في صوته:
-لا تتحدثوا الآن حتى لا تفقدوا شهيتكم، هيا تناولوا طعامكم.
اومأت بيلا وبدأت في تناول طعامها من جديد كما لو كان الشيء الذي قالته أمر عادي للغاية ولا يوجد به أي مشكلة! انتهوا من تناول الطعام وبدأت بيلا في أخذ الصحون إلى المطبخ وهي تتحدث إليهم بأمر:
-لا أحد يدخل المطبخ الآن، أنا سوف أقوم بغسل الصحون.
اقتربت بيري منها وهي تحرك رأسها بنفي:
-أنتِ متزوجة ليلة أمس يا بيلا، لا يصح هذا الشيء، اذهبي وأنا سوف أقوم بغسل الصحون.
انتبهت بيلا لها، لا تعلم لماذا لا تشعر بأنها بالفعل اصبحت متزوجة، كان بدر يلاحظ نظراتها ويعلم أن هذه الحياة عكس كل شيء تمنته وحلمت به، هذه الفتاة لم تحلم بأي منزل لتبقى به والدليل على هذا رفضها القاطع لكارم!
نعم هي لم تريد أن تتزوج وحسب، لم تريد أن تبقى في أي منزل، كانت تبحث عن الأمان والحب، هي لديها أحلام تتدمر أمام عينيها ولا يوجد شيء في يدها لتقوم به، كأنه يشعر بها، كأنه يمر بما تمر به، شعر أن الألم يجمعهم بينما تفرقهم أحداث حياتهم:
-شقيقتك عنيدة للغاية لم توافق على جعلي أغسل الصحون.
استفاق على صوتها وقد لاحظ تقطب جبينها بعدم رضا، ابتسم وهو يومأ لها:
-معها حق فأنتِ متزوجة حديثًا يا بيلا، لا يوجد عروس تفعل هذا في ثاني يوم من زواجها.
رأى فمها قد التوى بابتسامة ساخرة وهي تحرك رأسها باستنكار شديد، سمعوا طرقات على الباب في هذا الوقت وهمت بالذهاب حتى تفتح فيسرع بسحب ذراعها:
-إلى أين سوف تذهبين أنتِ يا بيلا؟ توقفي لا نعلم من الطارق ربما يكون رجل.
عقدت حاجبيها بتعجب وهي تبعد ذراعها عن يديه:
-وما المشكلة إن كان رجل يا بدر؟ كنت سأرى من بالخارج فقط لأنني قريبة من الباب الأمر لا يستحق تفكير!
نظر إلى هذا الفستان القصير ولا يعلم السبب في ارتدائها هذا النوع من الملابس:
-اذهبي يا بيلا وبدلي ملابسكِ هذه، لا ترتدي شيء يكشف جسدكِ، الأمر لم يكن مقبول بالنسبة لي منذ البداية أما الآن أنتِ زوجتي ومن حقي التحدث معكِ كيفما أشاء.
ابتسمت بيلا ساخرة من جديد وتحدثت إليه بتهكم:
-هل نسيت الاتفاق بهذه السرعة يا بدر؟ يبدو أن عليّ تذكيرك.
فتحت أسماء الباب في هذا الوقت ودلف عز قائلًا بمرح:
-صباح الخير جميعًا كيف حالكم؟
التقت نظرات بدر المشتعلة غضبًا بعسليتها العنيدة، كاد أن يسحق أسنانه وبهدوء قام بالقبض على ذراعها وسحبها إلى الأعلى، رأى عز ما يحدث وقد اصابه الذهول وهو لا يعلم شيء عن أمر زواجهم:
-ما الذي يحدث إلى بدر يا ترى؟ هل فقد عقله أم ماذا؟!
كانت بيري تتابع ما يحدث ولكن لم يكن بمقدورها التحدث، تتساءل ما الذي سوف يحدث إلى أمل إن علمت بحقيقة زواجهم، مؤكد لن تبقى صامتة!
في غرفة بيلا كانت تنظر إلى بدر بغضب شديد:
-كيف تقوم بسحبي بتلك الطريقة يا بدر؟ اخبرني هل تراني طفلة طائشة أمامك أم ماذا؟
نظر بدر لها والغضب يسيطر عليه وهو لا يستطيع تحمل المزيد من الكلمات:
-هذه الملابس لا ترتديها يا بيلا، إياكِ أن تفعليها وتقررين اعصاء أمري.
نظرت بيلا له بعدم استيعاب ومن ثم حركت رأسها بنفي:
-اخبرني أنت كيف تجرأ على التعامل معي بتلك الطريقة؟ نعم لقد بدأت طباعك في الظهور يا بدر وبدأت في السيطرة على جميع أفعالي.
حرك بدر رأسه بضيق وقد شعر بالإرهاق:
-توقفي عن هذا الحديث الفارغ، لا يصح أن يراكِ أي شخص بهذه الملابس يا بيلا، توقفي عن التعامل بهذا الشكل، الآن أنتِ زوجتي حتى إن كان اسمًا فقط لا يمكنكِ أن تتعاملي بتلك الطريقة.
تركها وخرج من الغرفة، هبط وهو يرى الذهول على وجوه عائلته، تعجب والتفت إلى حيث ينظر الجميع ليتصلب جسده بعدم استيعاب واقترب الآخر ليقوم بضمه:
-أخي لقد اشتقت لك كثيرًا.