16
كانت مفاجأة جديدة تنتظر ميرا كما جرت العادة لم تكن مفاجأة فحسب إنما مكيدة مديرة..
ديمة على أتم الاستعداد وانتهت من تجهيز نفسها وهي عازمة على الذهاب مع زوجها عاصم إلى المستشفى.
حينها قالت ميرا لوالدها مدعية عدم فهمها لم يجري: صباح الخير يا أبي أنا جاهزة، هل ننطلق، كي لا نتأخر.
رد عاصم على أبنته بنبرة هادئة فيها بعض الأسف وقال: حبيبتي لا داعي لذهابك، سوف تذهب ديمة معي.
إجابته تلك كانت صدمة كبيرة لميرا، وكانت النيران تحرق قلبها تغلي كأنها بركان.
حاولت ضبط نفسها كي لا يغضب والدها منها أو تسبب له حزن فقالت بذات الهدوء: لماذا يا أبي؟ ألا يمكنني الذهاب معك أيضاً!
هز عاصم رأسه نافياً وقال: الأمر ليس كذلك يا حلوتى، لكن ذهابك لن يكون سوى تعب لك.
لم تقبل ميرا تلك التبريرات التي كانت متأكدة بأن ديمة هي من قامت بتحفيظ والدها لها، فقالت: لن ادعك وحدك في وقت كهذا.
رد عليه بنبرة فيها كثير من الثقة: ديمة موجودة، معي وبجانبي.
توسعت عينا ميرا وكادت تجهش بالبكاء لكنها لم تكن لتسمح بأن تنفذ ديمة خطتها، فقالت: لا مشكلة نذهب أنا وديمة معك.
هنا قررت ديمة التدخل بالموضوع، وقالت وكأنها تسخر من ميرا وإصرارها: لا داعي لهذه الحركات الطفولية، تصرفاتك تلك تأخر ذهابنا، لذا كفي عنها الآن.
احتدم النقاش فقالت ميرا لها: سوف ابقى بجانب أبي، ولا أريد سماع المزيد من الآراء هذا أمر يخصنا لا تتدخلي فيه.
اشتعل الغضب في نفس ديمة فحملت حقيبتها بطريقة ظهر غضبها جلي وقالت لزوجها: سوف انتظرك في السيارة.
كان موقف عاصم لا يحسد عليه، متردد بين زوجته وابنته لذا لم يكن قادر على حسم النقاش.
وقبل أن ينطق أيا كلمة قالت ميرا: هيا يا أبي دعنا لا نتأخر في الذهاب، الطبيب ينتظرنا، نكمل حديثنا في وقت لاحق..
وامسكت يد والدها ليذهب معها، وكان ذلك حقا ما حدث، انطلقوا جميعاً إلى المستشفى وكانت الأجواء مسمومة طوال الوقت لكن بدون أي كلمة تقال أو تذكر
في مكان اخر وفترة زمنية مختلفة.
كان ريان يحاول الهروب مع كاتيا من ذلك المكان، يبحث عن طريقة للخلاص متل تلك الورطة الكبيرة التي تحاصرهما.
خرجوا من الشارع الرئيسي الذي كان فيه المكان المشبوه والناس الخطيرة.
دخلوا بين الأزقة والشوارع الضيقة لا يوجد وجهة محددة أو بيت معين، كل ما يهمهما في تلك اللحظة هي الابتعاد إلى أبعد نقطة ممكنة.
في تلك الأثناء كان قد وصل الممرض ليرى حال ريان، لكنه لم يجد وتأكد بأنه هرب، لم يكن يظن بأنه هرب مع كاتيا، فذهب لخبر صديقه الحارس الذي كان يظنه مستمتع مع الفتاة هنا كانت الصدمة.
حينما وصل إلى الغرفة التي يعلم بأنهم متواجدون فيها، كان واحد منهم مغشي عليه الدماء تنزف منه.
الآخر يطرق رأسه في الحائط بسبب الحروق التي تسبب بها البخاخ.
والاخير صديقه يحاول النهوض إلا أنه لم يكن متوازن ينهض ويقع مرة أخرى.
قال له صديقه: ما الذي حصل لكم جميعاً، من فعل هذا؟
ليسأله الحارس ما الذي أحضرك إلى هنا؟!
أجاب: جئت أخبرك بأن الرجل الذي كان ينبغي العناية به قد هرب، وأظن أنه ابتعد من هنا.
ليرد الحارس بالنفي وقال: ليس كذلك.
لم يفهم الممرض سبب اليقين وأنه يتحدث دون اي ردة فعل على هرب الرجل فقال: لماذا؟
أمسك الحارس يد صاحبه وقال: لإنه هو من فعل بنا هذا.
تربعت الدهشة على وجه يامن، فقال له فراس: هذا ليس الوقت المناسب لصدمتك، اذهب إلى السيد مسعود وأخبره بكل ما حدث معنا.
وانطلق بسرعة دخل دون أن يطرق الباب، انتفض مسعود مذعور، قال: ماذا هناك ما الذي حدث.
التقطت يامن أنفاسه وقال: الرجل الذي تعرض لضرب، هرب.
أمسك مسعود يامن من ياقة قميصه وقال بغضب: ماذا تقول أيها الغبي؟؛
ليكمل يامن الكلام وقال: لم يذهب وحده إنما كانت معه تلك الفتاة التي أخذها الرجال.
دفع مسعود يامن على الأرض وقال: يا لكم من أغبياء مجموعة من عديم الفائدة لم تكونوا قادرين أن تسيطروا على شخص واحد وهو مصاب مع فتاة ساقطة تساعده.
ثم قال له بنبرة حادة مليئة بالغضب: هيا اذهب واجمع الرجال في غضون دقيقة أريدهم في الساحة جميعاً.
انطلق يامن فورا يجمع الرجال الموجودين، وفي غضون دقائق معدودة كان الجميع حاضر، وأولهم فراس الحارس الذي كان مسؤول عن أمن ريان، وصديقه الذي أخذ كاتيا كهدية أو مكافأة.
كان مسعود قد وضع يديه خلف ظهر، وصل لإمام فراس صفعه كف زعزعه من مكانه.
وفعل الأمر ذاته مع الباقي، ثم قال لهم بنبرة تهديد واعيد واضح: قبل أن تغيب شمس الغد أريد ذلك اللعين وتلك الساقطة هنا تحت قدمي، وإلا ستكون العاقبة لكم جميعاً.
رد فراس وهو مطأطأ رأسه: أمرك سيدي سوف نفعل ذلك.
قال مسعود: إن لم تحضروا الشاب وهو على قيد الحياة لا مشكلة اقتلوه، أما الفتاة فهي دجاجة تبيض ذهب لذا لا أريد لأحد منكم أن يمسها بأي سوء أريدها هنا بأفضل حال ممكن.
ثم قال بصوت عال: اذهبوا، ولا تعودا إلا وهم معكم.
انطلق الجميع خلف ريان وكاتيا، الذين كانا قد وصلا إلى منطقة بعيدة نوع ما عنهم..
وقفوا ليلتقطوا أنفاسهم التي تقطعت بسبب الركض الطويل لمسافة كبيرة دون توقف، بعد أن تأكدوا بأن لم هناك أحد يتبعهم.
فقالت كاتيا بنفسها المتقطع: إلى أين سوف نذهب الآن؟
أجابها ريان وهو قد حنى ظهر ممسك بركبتيه: لا أدري لكن علينا أن نختفي بسرعة، لديهم سيارات وعددهم كبير بتأكيد سوف يتوزعون للبحث عنا.
خطر حينها سؤال في بال كاتيا وقالت: ألا يوجد لديك أصدقاء أو بيت نأوي إليه في هذه الفترة فقط حتى نتمكن من إيجاد مكان آخر؟
حينها مر في ذاكرة ريان صديقه ياسر، بعد أن كان غائبا عنه بشطل كلي ولم يكن يفكر فيه أصلا.
أجاب وهو يومأ برأسه بإيجاب: نعم لدي، أعرف صديق يقيم هناك، لكنني لم احدثه منذ فترة بعد خلاف حدث بيننا.
قالت له كاتيا: لا مجال لتفكير، لا نملك وقت علينا أن نختفي في أحد البيوت.
رفع ريان ظهره بعد أن استراح لدقائق وقال: إذا هيا.
أمسك يد كاتيا وقال لها: هيا اتبعيني.
أجابته: معك، لكن هل هو بعيد من هنا؟!
قال ريان: لا إنه على بعد شارعيين من هنا.
وأكملوا الطريق، وهم يراقبون كل زاوية ويختبأون من كل سيارة تكون قادمة أو تقترب منهما.
وكان رجال مسعود قد بدأوا في الإنتشار حول المنطقة والبحث عن ريان وكاتيا، في كل شبر وكل زاوية يدققون في وجوه الناس التي تمر حولهم، يراقبون أي شيء مشبوه أو يشكون بأنه قد يوصلهم إلى وجهتهم حيث قد يكون ريان وكاتيا.
وكان فراس يكن حقد كبير لريان في تلك الأثناء لأنه السبب الذي صفع من أجله أمام جميع الرجال الموجودين.
بينما كان ياسر يغط في نوم عميق طرق الباب، في المرة الأولى لم يلقي بالا.
تكرر الطرق مرة أخرى إلا أن ياسر كسول جدا، فوضع وسادته فوق رأسه كي لا يسمع الصوت.
تأفف ريان خلف الباب وهو يعلم بأن ياسر لن ينهض بتلك السهولة، فطرق الباب للمرة الثالثة بقوة أكبر.
قالت له كاتيا: يبدو أن لا أحد في داخل دعنا نذهب قبل ان يلاحظ وجودنا أحد الجيران.
قال لها ريان نافياً: لا لن نذهب، ياسر في داخل لكنه يأخذ وضع الثبات حينما يكون نائم يشبه الدببة في نومه.
ضحكت ساخرة: أنت أخذت نصيبه من السهر وهو أخذ نصيب من النوم، هذا أمر عادل.
طالعها ريان بطرف عينه وتابع طرق الباب الذي كاد يكسر حينها، ليمزق ذلك السكوت صوت ياسر وفال: من هناك؟
أجاب ريان بصوت خافت: هذا أنا افتح يا رجل.
ما زال النوم متمكن من عينا ياسر، لكنه شعر بالدهشة هل ما سمعه حقيقي؟ هل كان هذا الصوت لصديقه ريان أم أنه يتخيل فقط؟!
فتح الباب بسرعة، ليدفعه ريان من الخارج ويدخل سريعاً ومعه تلك الفتاة التي لم يراها ياسر من قبل.
توسعت عينا ياسر وقال بدهشة: ريان؟! ما الذي يجري؟ من هذه؟ أين كنت؟
ثم لاحظ ياسر الجروح الموجودة على جسد ريان وقال له: من فعل بك هذا يا صديقي؟ هل أنت بخير؟
ليقاطعه ريان ويقول: هون عليك يا صديقي كل شيء على ما يرام.
ثم أكمل وقال: حدث مشكلة بيني وبين بعض الناس في العمل الذي كنت فيه.
ليقول ياسر: ومن هذه الفتاة التي معك؟
رد عليه ريان وقال: لقد هربت معي من تلك العصابة.
هنا تعقدت الأمور في نظر ياسر أكثر ولم يكن ليفهم ما الذي يحدث مع صديقه وتلك الفتاة.
فقال له ريان: دعك الآن من كثرة الاسئلة هذه وقم بعطائي بعض الأدوية والمعقمات.
دخل ريان مع كاتيا إلى الغرفة بينما ياسر يحضر ما طلب منه ويحاول أن يكون كل شيء موجود.
أحضر المواد الطبية الاسعافات الاولية، فقالت له كاتيا: أعطني أنا سأقوم بهذا الأمر.
اخذت منه تلك الحقيبة الصغيرة، وبدأت تمسح الجروح وتنظف الدماء بهدوء كي لا تسبب الألم لريان، بينما كان ياسر يطالعهما بغرابة.
وريان يتأمل كاتيا، ويقول لنفسه: إلا أين وصلت تلك الفتاة في حياتها حتى تكون هنا معي في مكان كهذه؟
.
يتأمل ريان ملامحها الهادئة شفاهها الرقيقة رموش عيناها الطويلة، بشرتها الصافية، الا أن التعب واضح عليها.
كانت تمر بفترة عصيبة ثقيلة، صحيح بأنها تمر لكن سوف تأخذ معها من العمر وصحة الجسد وسعادة الروح كثيرا حتى تنتهي وتتمكن من تجاوزها والعودة للحياة مرة أخرى.
لاحظت كاتيا تلك النظرات الشاردة في عيني ريان، احمرت وجنتاها وقالت له ما سبب كل هذا الشرود؟
ادرك حينها ريان بأن افكاره واضحة وحاول تشتيت نظره عنها..
يتبع ..
ديمة على أتم الاستعداد وانتهت من تجهيز نفسها وهي عازمة على الذهاب مع زوجها عاصم إلى المستشفى.
حينها قالت ميرا لوالدها مدعية عدم فهمها لم يجري: صباح الخير يا أبي أنا جاهزة، هل ننطلق، كي لا نتأخر.
رد عاصم على أبنته بنبرة هادئة فيها بعض الأسف وقال: حبيبتي لا داعي لذهابك، سوف تذهب ديمة معي.
إجابته تلك كانت صدمة كبيرة لميرا، وكانت النيران تحرق قلبها تغلي كأنها بركان.
حاولت ضبط نفسها كي لا يغضب والدها منها أو تسبب له حزن فقالت بذات الهدوء: لماذا يا أبي؟ ألا يمكنني الذهاب معك أيضاً!
هز عاصم رأسه نافياً وقال: الأمر ليس كذلك يا حلوتى، لكن ذهابك لن يكون سوى تعب لك.
لم تقبل ميرا تلك التبريرات التي كانت متأكدة بأن ديمة هي من قامت بتحفيظ والدها لها، فقالت: لن ادعك وحدك في وقت كهذا.
رد عليه بنبرة فيها كثير من الثقة: ديمة موجودة، معي وبجانبي.
توسعت عينا ميرا وكادت تجهش بالبكاء لكنها لم تكن لتسمح بأن تنفذ ديمة خطتها، فقالت: لا مشكلة نذهب أنا وديمة معك.
هنا قررت ديمة التدخل بالموضوع، وقالت وكأنها تسخر من ميرا وإصرارها: لا داعي لهذه الحركات الطفولية، تصرفاتك تلك تأخر ذهابنا، لذا كفي عنها الآن.
احتدم النقاش فقالت ميرا لها: سوف ابقى بجانب أبي، ولا أريد سماع المزيد من الآراء هذا أمر يخصنا لا تتدخلي فيه.
اشتعل الغضب في نفس ديمة فحملت حقيبتها بطريقة ظهر غضبها جلي وقالت لزوجها: سوف انتظرك في السيارة.
كان موقف عاصم لا يحسد عليه، متردد بين زوجته وابنته لذا لم يكن قادر على حسم النقاش.
وقبل أن ينطق أيا كلمة قالت ميرا: هيا يا أبي دعنا لا نتأخر في الذهاب، الطبيب ينتظرنا، نكمل حديثنا في وقت لاحق..
وامسكت يد والدها ليذهب معها، وكان ذلك حقا ما حدث، انطلقوا جميعاً إلى المستشفى وكانت الأجواء مسمومة طوال الوقت لكن بدون أي كلمة تقال أو تذكر
في مكان اخر وفترة زمنية مختلفة.
كان ريان يحاول الهروب مع كاتيا من ذلك المكان، يبحث عن طريقة للخلاص متل تلك الورطة الكبيرة التي تحاصرهما.
خرجوا من الشارع الرئيسي الذي كان فيه المكان المشبوه والناس الخطيرة.
دخلوا بين الأزقة والشوارع الضيقة لا يوجد وجهة محددة أو بيت معين، كل ما يهمهما في تلك اللحظة هي الابتعاد إلى أبعد نقطة ممكنة.
في تلك الأثناء كان قد وصل الممرض ليرى حال ريان، لكنه لم يجد وتأكد بأنه هرب، لم يكن يظن بأنه هرب مع كاتيا، فذهب لخبر صديقه الحارس الذي كان يظنه مستمتع مع الفتاة هنا كانت الصدمة.
حينما وصل إلى الغرفة التي يعلم بأنهم متواجدون فيها، كان واحد منهم مغشي عليه الدماء تنزف منه.
الآخر يطرق رأسه في الحائط بسبب الحروق التي تسبب بها البخاخ.
والاخير صديقه يحاول النهوض إلا أنه لم يكن متوازن ينهض ويقع مرة أخرى.
قال له صديقه: ما الذي حصل لكم جميعاً، من فعل هذا؟
ليسأله الحارس ما الذي أحضرك إلى هنا؟!
أجاب: جئت أخبرك بأن الرجل الذي كان ينبغي العناية به قد هرب، وأظن أنه ابتعد من هنا.
ليرد الحارس بالنفي وقال: ليس كذلك.
لم يفهم الممرض سبب اليقين وأنه يتحدث دون اي ردة فعل على هرب الرجل فقال: لماذا؟
أمسك الحارس يد صاحبه وقال: لإنه هو من فعل بنا هذا.
تربعت الدهشة على وجه يامن، فقال له فراس: هذا ليس الوقت المناسب لصدمتك، اذهب إلى السيد مسعود وأخبره بكل ما حدث معنا.
وانطلق بسرعة دخل دون أن يطرق الباب، انتفض مسعود مذعور، قال: ماذا هناك ما الذي حدث.
التقطت يامن أنفاسه وقال: الرجل الذي تعرض لضرب، هرب.
أمسك مسعود يامن من ياقة قميصه وقال بغضب: ماذا تقول أيها الغبي؟؛
ليكمل يامن الكلام وقال: لم يذهب وحده إنما كانت معه تلك الفتاة التي أخذها الرجال.
دفع مسعود يامن على الأرض وقال: يا لكم من أغبياء مجموعة من عديم الفائدة لم تكونوا قادرين أن تسيطروا على شخص واحد وهو مصاب مع فتاة ساقطة تساعده.
ثم قال له بنبرة حادة مليئة بالغضب: هيا اذهب واجمع الرجال في غضون دقيقة أريدهم في الساحة جميعاً.
انطلق يامن فورا يجمع الرجال الموجودين، وفي غضون دقائق معدودة كان الجميع حاضر، وأولهم فراس الحارس الذي كان مسؤول عن أمن ريان، وصديقه الذي أخذ كاتيا كهدية أو مكافأة.
كان مسعود قد وضع يديه خلف ظهر، وصل لإمام فراس صفعه كف زعزعه من مكانه.
وفعل الأمر ذاته مع الباقي، ثم قال لهم بنبرة تهديد واعيد واضح: قبل أن تغيب شمس الغد أريد ذلك اللعين وتلك الساقطة هنا تحت قدمي، وإلا ستكون العاقبة لكم جميعاً.
رد فراس وهو مطأطأ رأسه: أمرك سيدي سوف نفعل ذلك.
قال مسعود: إن لم تحضروا الشاب وهو على قيد الحياة لا مشكلة اقتلوه، أما الفتاة فهي دجاجة تبيض ذهب لذا لا أريد لأحد منكم أن يمسها بأي سوء أريدها هنا بأفضل حال ممكن.
ثم قال بصوت عال: اذهبوا، ولا تعودا إلا وهم معكم.
انطلق الجميع خلف ريان وكاتيا، الذين كانا قد وصلا إلى منطقة بعيدة نوع ما عنهم..
وقفوا ليلتقطوا أنفاسهم التي تقطعت بسبب الركض الطويل لمسافة كبيرة دون توقف، بعد أن تأكدوا بأن لم هناك أحد يتبعهم.
فقالت كاتيا بنفسها المتقطع: إلى أين سوف نذهب الآن؟
أجابها ريان وهو قد حنى ظهر ممسك بركبتيه: لا أدري لكن علينا أن نختفي بسرعة، لديهم سيارات وعددهم كبير بتأكيد سوف يتوزعون للبحث عنا.
خطر حينها سؤال في بال كاتيا وقالت: ألا يوجد لديك أصدقاء أو بيت نأوي إليه في هذه الفترة فقط حتى نتمكن من إيجاد مكان آخر؟
حينها مر في ذاكرة ريان صديقه ياسر، بعد أن كان غائبا عنه بشطل كلي ولم يكن يفكر فيه أصلا.
أجاب وهو يومأ برأسه بإيجاب: نعم لدي، أعرف صديق يقيم هناك، لكنني لم احدثه منذ فترة بعد خلاف حدث بيننا.
قالت له كاتيا: لا مجال لتفكير، لا نملك وقت علينا أن نختفي في أحد البيوت.
رفع ريان ظهره بعد أن استراح لدقائق وقال: إذا هيا.
أمسك يد كاتيا وقال لها: هيا اتبعيني.
أجابته: معك، لكن هل هو بعيد من هنا؟!
قال ريان: لا إنه على بعد شارعيين من هنا.
وأكملوا الطريق، وهم يراقبون كل زاوية ويختبأون من كل سيارة تكون قادمة أو تقترب منهما.
وكان رجال مسعود قد بدأوا في الإنتشار حول المنطقة والبحث عن ريان وكاتيا، في كل شبر وكل زاوية يدققون في وجوه الناس التي تمر حولهم، يراقبون أي شيء مشبوه أو يشكون بأنه قد يوصلهم إلى وجهتهم حيث قد يكون ريان وكاتيا.
وكان فراس يكن حقد كبير لريان في تلك الأثناء لأنه السبب الذي صفع من أجله أمام جميع الرجال الموجودين.
بينما كان ياسر يغط في نوم عميق طرق الباب، في المرة الأولى لم يلقي بالا.
تكرر الطرق مرة أخرى إلا أن ياسر كسول جدا، فوضع وسادته فوق رأسه كي لا يسمع الصوت.
تأفف ريان خلف الباب وهو يعلم بأن ياسر لن ينهض بتلك السهولة، فطرق الباب للمرة الثالثة بقوة أكبر.
قالت له كاتيا: يبدو أن لا أحد في داخل دعنا نذهب قبل ان يلاحظ وجودنا أحد الجيران.
قال لها ريان نافياً: لا لن نذهب، ياسر في داخل لكنه يأخذ وضع الثبات حينما يكون نائم يشبه الدببة في نومه.
ضحكت ساخرة: أنت أخذت نصيبه من السهر وهو أخذ نصيب من النوم، هذا أمر عادل.
طالعها ريان بطرف عينه وتابع طرق الباب الذي كاد يكسر حينها، ليمزق ذلك السكوت صوت ياسر وفال: من هناك؟
أجاب ريان بصوت خافت: هذا أنا افتح يا رجل.
ما زال النوم متمكن من عينا ياسر، لكنه شعر بالدهشة هل ما سمعه حقيقي؟ هل كان هذا الصوت لصديقه ريان أم أنه يتخيل فقط؟!
فتح الباب بسرعة، ليدفعه ريان من الخارج ويدخل سريعاً ومعه تلك الفتاة التي لم يراها ياسر من قبل.
توسعت عينا ياسر وقال بدهشة: ريان؟! ما الذي يجري؟ من هذه؟ أين كنت؟
ثم لاحظ ياسر الجروح الموجودة على جسد ريان وقال له: من فعل بك هذا يا صديقي؟ هل أنت بخير؟
ليقاطعه ريان ويقول: هون عليك يا صديقي كل شيء على ما يرام.
ثم أكمل وقال: حدث مشكلة بيني وبين بعض الناس في العمل الذي كنت فيه.
ليقول ياسر: ومن هذه الفتاة التي معك؟
رد عليه ريان وقال: لقد هربت معي من تلك العصابة.
هنا تعقدت الأمور في نظر ياسر أكثر ولم يكن ليفهم ما الذي يحدث مع صديقه وتلك الفتاة.
فقال له ريان: دعك الآن من كثرة الاسئلة هذه وقم بعطائي بعض الأدوية والمعقمات.
دخل ريان مع كاتيا إلى الغرفة بينما ياسر يحضر ما طلب منه ويحاول أن يكون كل شيء موجود.
أحضر المواد الطبية الاسعافات الاولية، فقالت له كاتيا: أعطني أنا سأقوم بهذا الأمر.
اخذت منه تلك الحقيبة الصغيرة، وبدأت تمسح الجروح وتنظف الدماء بهدوء كي لا تسبب الألم لريان، بينما كان ياسر يطالعهما بغرابة.
وريان يتأمل كاتيا، ويقول لنفسه: إلا أين وصلت تلك الفتاة في حياتها حتى تكون هنا معي في مكان كهذه؟
.
يتأمل ريان ملامحها الهادئة شفاهها الرقيقة رموش عيناها الطويلة، بشرتها الصافية، الا أن التعب واضح عليها.
كانت تمر بفترة عصيبة ثقيلة، صحيح بأنها تمر لكن سوف تأخذ معها من العمر وصحة الجسد وسعادة الروح كثيرا حتى تنتهي وتتمكن من تجاوزها والعودة للحياة مرة أخرى.
لاحظت كاتيا تلك النظرات الشاردة في عيني ريان، احمرت وجنتاها وقالت له ما سبب كل هذا الشرود؟
ادرك حينها ريان بأن افكاره واضحة وحاول تشتيت نظره عنها..
يتبع ..