الفصل العاشر تترك المنزل
كانت بيلا تقرأ الرسالة الموجودة بين يدها بعدم استيعاب، نظرت إلى بدر بصدمة وهي تحرك رأسها بنفي:
-مؤكد هناك شيء خاطئ يا أخي، كيف يحدث هذا الشيء؟ أنس لم يتزوج بي هذا يعني أنه استغلني ليأتي بي إلى هنا!
كان بدر لا يصدق ما يحدث، يتساءل كيف لشقيقه أن يكون بهذا السوء؟ لم يعد يستطيع النطق بكلمة واحدة أمامها وعينيها تنظر له في انتظار حديثه، اقتربت أسماء منها ودموعها تتساقط بعدم استيعاب:
-أنتِ ما الذي تقوليه؟ مستحيل أن يفعل ابني هذا الشيء.
امسكت الورقة وهي تقرأ اعتراف أنس إلى صديقه بأنه لم يتزوج بها وهي لم تهتم للسؤال ومعرفة أين ذهب العقد الذي قامت بالأمضاء عليه، تعالت أنفاسها وهي تتساءل كيف يخون ابنها من ولدته وتعبت على تربيته بتلك الطريقة، أما عن بيلا فكان عقلها لا يتقبل كل شيء يحدث، هل من الممكن أن يكون هذا الشخص مجرد شيطان عديم الإنسانية؟!
لم تستطيع بيلا أن تواجه كل هذه الأحداث لتسقط في النهاية فاقدة للوعي تمامًا، قام بدر بحملها وهو يتخطى صدمته بشقيقه الذي ما زال قلبه ينفطر من الحزن عليه، وضعها داخل غرفتها وتحدث مع أدهم صديقه حتى يأتي بالطبيبة على الفور، استفاقت بيلا عندما شعرت بالألم في ذراعها السليم، فتحت عينيها لتلتقي بأعين الطبيبة التي ابتسمت من أجلها:
-حمدًا لله على سلامتكِ يا فتاة، لقد كاد الجميع أن يموت قلقًا عليكِ، اعتني بنفسكِ جيدًا وبطعامكِ الصحي هذا أهم شيء.
اومأت بيلا لها وما إن خرجت حتى دلف بدر وهو يسألها باهتمام:
-هل أنتِ بخير يا بيلا؟ بماذا تشعرين الآن؟!
ابعدت بيلا وجهها حتى لا تنظر إليه وهي تشعر بالكثير من الضيق، تحدثت بعدم استيعاب:
-أنا لا أصدق هل من الممكن أن يتواجد أشخاص معنا بهذا التفكير؟
عادت لتنظر له والدموع بعينيها وهي تحرك رأسها بألم تشعر به يمزقها:
-أنا لا أعلم ما الذي تريده الآن، لم أعد قادرة على التفكير حتى، أنا لم أكن أتخيل أن يصل الأمر به إلى هذا، لقد مات ولكنني أشعر بالألم، هل تشعر بالشيء الذي أشعر به أنا؟!
أومأ لها ولم يستطيع أن يتحدث بسبب دخول بيري لتطمئن على بيلا، كانت تشعر بالشفقة عليها، ازداد شعورها بالمسؤولية تجاهها بعد اكتشاف الشيء الذي فعله شقيقها، هو لم يتزوج بها! هذه الفتاة غريبة عنهم حقًا:
-بماذا تشعرين الآن يا بيلا؟ هل تحسن مزاجكِ يا ترى؟
نظر بدر لها وهو يشعر بالضيق:
-عن أي مزاج تتحدثين أنتِ يا بيري، من الأفضل أن تصمتي ولا تتحدثي بتلك الطريقة.
عبث وجهها وهي تقوم بعقد ذراعيها أمام صدرها وهي تطالع بدر بانزعاج:
-أنا أحاول الأطمئنان عليها ومع ذلك تستمر باستفزازي يا أخي!
لم تكن بيلا مدركة لكل شيء يحدث، دلفت أسماء إلى الغرفة وهي تنظر إلى بيلا التي بدت وكأن الحياة غادرتها، اقتربت منها وهي تشعر بأن ما حدث هو ذنبها، جلست بجوارها ومن ثم وضعت يدها على يد بيلا بهدوء:
-هل أنتِ بخير يا ابنتي؟
نظرت بيلا لها لتتابع أسماء حديثها والدموع بعينيها:
-يبدو سؤال سخيف للغاية أنا أعلم هذا يا بيلا، أرجوكِ أن تسامحيني، كان عليّ أن أعرف أن ابني هو مجرد شاب طائش لا علم له بالمسؤولية وبأمور الزواج وهذه الأشياء، لا أعرف ما الذي أقوله ليخفف عنكِ يا حبيبتي، لكن أرجوكِ سامحيني.
تساقطت دموعها بألم وهي تنظر لها، حركت رأسها بنفي وهي لا تستطيع أن ترى هذه السيدة التي احسنت معاملتها منذ اللحظة الأولى بهذه الحالة:
-لا يوجد ذنب لكِ أنتِ إنسانة طيبة القلب وأنا أعرف هذا الشيء، ربما لا تصدقي ولكن أنا اعتبركِ أمي، لا أستطيع أن أسامحه بسبب هذا الظلم الذي تعرضت له ولكن أنا أعرفكم جميعًا وواثقة أنكم لا ترضون لشيء كهذا أن يحدث، لقد صدمت وعجزت عن التفكير، لكن مؤكد هذا خير.
ابتسمت أسماء من بين دموعها وهي تلمس وجنتها بهدوء وحنان:
-أنتِ فتاة جميلة حقًا يا بيلا، تستحقين كل شيء جيد وأنا أعلم أن الله سوف يعوضكِ ما دومتي لم تتسببي في أذية لأي شخص، نحن معكِ يا بيلا ولن نتخلى عنكِ.
نظرت بيلا لها ومن ثم نظرت إلى بيري وبدر لتجد نظراته تدعمها ولم يكن غاضب ونافر كما اعتادت عليه، قاطعهم في هذا الوقت دخول أمل إلى الغرفة وقد بدى على وجهها الكثير من الضيق وتحفزها للشجار:
-إلى متى سوف تبقى هذه الفتاة هنا يا ترى؟
التفتوا لها ولم يجدوا منها سوى نظراتها الغاضبة، تحدثت بيري إليها هامسة:
-لا يصح هذا يا أمل اهدئي، الفتاة حالتها الصحية غير مستقرة والشيء الذي حدث معها جعل الأمور تزداد سوءً، إلى أين تريديها أن تذهب؟!
نظرت أمل لها ولم تهتم إلى أي شيء لتتحدث بصوت مرتفع:
-لماذا يجب علينا أن نفكر إلى أين سوف تذهب؟ هذه الفتاة غريبة عنّا حتى أنها لم تكن زوجة أنس كما كان يقول يا بيري، ربما كان هذا بالاتفاق بينهم من يعلم؟!
نظرت بيلا لها وهي تشعر بالكثير من الضيق ولا تدري ما الذي يجب عليها أن تقوله أمام هذه الاتهامات، لم يعطي بدر الفرصة لأي أحد بالتدخل وعلى الفور قام بسحبها بقوة:
-لقد تحدثنا في هذا الأمر من قبل يا أمل ومع ذلك تستمرين في قول الكثير من الحديث الفارغ!
قامت بدفع يده بقوة وهي تتحدث بانفعال:
-نعم أنا أتحدث ومقتنعة تمامًا بكل كلمة أقولها، أنا لا أرتاح لهذه الفتاة، أعلم أنها أتت إلى هنا بكامل رضاها وما تفعله الآن هو غشكم جميعًا يا بدر.
ظهر الضيق على وجه أسماء التي امسكت بيد بيلا وهي تضغط عليها بهدوء وتهمس لها:
-لا تهتمي يا بيلا لهذا، أنتِ لستِ كذلك ولهذا السبب لا تهتمي.
تساقطت دموع بيلا وهي تحرك رأسها بنفي وتشعر بالكثير من الضيق:
-أنا لا أعلم لماذا تتحدث عني بتلك الطريقة؟!
صرخ بدر وهو يدفع أمل بعد أن فشل في جعلها تأتي معه ليتحدثوا بهدوء:
-توقفي عن هذا الحديث الفارغ، ألا تعلمي أنكِ سوف تُحاسبين على كل كلمة يتفوه بها فمكِ، أنتِ تتحدثين دون دليل، لم تري حتى كيف كانت علاقتهم، ومع ذلك تستمرين بذمها ما هذه الحقارة اخبريني؟!
تساقطت دموع أمل وهي تنظر له بغضب:
-تذكر أنك فضلت هذه الفتاة على زوجتك يا بدر، أنا لن أبقى هنا بعد الآن، أفعل ما تريد ولا شأن لك بي.
خرجت من الغرفة وتحدث بدر باقتضاب:
-لا تتركوا المجال لحديثها أن يؤثر بكم، هي تهزي بالكثير من الكلمات بسبب الغضب الذي يسيطر عليها، لا تهتموا.
خرج من الغرفة من بعدها لتتحدث أسماء باحباط:
-يحاول بدر أن يبرر أفعال زوجته ونحن نعلم أن لا علاقة له بهذا، لطالما كان ينتصر بعقله على عكسها تمامًا، لا تشعري بالضيق يا حبيبتي كل شيء سوف يكون بخير.
كانت بيلا تلاحظ كيف تحاول أسماء مواساتها، شعرت ببعض الراحة عندما رأت نظرات الدعم بعينيهم، اغمضت عينيها وهي تدعو الله أن يكون كل شيء بخير، لقد احترقت روحها وهي تحاول البحث عن الاستقرار ولا تصدق أنها يومًا ما وثقت بالمدعو أنس، على كل هذا أن يتغير منذ هذه اللحظة.
كانت تخبر نفسها أن عليها أن تكون شخص آخر، تريد أن تصبح أكثر جدية وتتوقف عن الثقة الزائدة التي تمطر بها الأشخاص من حولها.
مر اليوم وخرجت أمل من غرفتها في اليوم التالي وهي بمنزل والدها، تحدث إليها عز بغيظ وهو لا يعلم كيف تعامل شخص كبدر زوجها بتلك الطريقة وهو يراه يحاول اصلاح علاقتهم بشكل دائم:
-مرحبًا بالهاربة من عش الزوجية.
جلست على الأريكة وهي تحيط رأسها بألم:
-أتمنى أن تتوقف عن التحدث معي؛ فعقلي لا يدرك شيء الآن يا عز، حتى أنني أخشى التشاجر مع أبي بسبب اصراره على عدم مغادرتي منزل بدر.
نظر عز لها بضيق وهو يحرك رأسه بعتاب شديد إليها ويتمنى لو تعطي أي إهتمام إلى حديثه:
-زوجكِ شخص جيد يا أمل، لا أعلم كيف تسمحي لنفسكِ باستغلاله بتلك الطريقة؟ أخشى أن يأتي الوقت الذي يمل فيه من التعامل معكِ.
حركت أمل رأسها بتهكم وهي تتحدث باقتناع تام:
-بدر لا يستطيع أن يتخلى عني، مهما حدث هو سوف يعود وسوف يترجاني لأبقى معه، أنا واثقة من هذا الشيء يا عز، هو يحبني ووقتها يمكنني أن أطلب منه كل شيء أريده.
ضحك عز وهو يحرك رأسه بعدم استيعاب:
-أنتِ حقًا غير معقولة يا فتاة، لا أعلم ما الذي تنوين على فعله، لكنني أعلم أنه أمر سيء للغاية.
ضحكت أمل وهي تبعد عينيها عنه قائلة بغطرسة:
-أبقى هنا وشاهد عندما يعود وكيف سأتعامل معه، بدر يظهر عليه الغضب، لكنني أعلم كيف يمكنني التعامل معه بشكل جيد.
صمت عز وهو يعلم أن حديثه لن يغير شيء، سوف تبقى أخته كما هي ولن تتغير، على كل حال هو لا يهم هذه حياتها وهي الوحيدة التي ستخسر في النهاية.
أما في منزل بدر اجتمعوا حول المائدة الخشبية لتناول الطعام، لاحظ بدر أن الجميع تجاهل السؤال عن أمل وعدم عودتها إلى المنزل وهذا جعله يشعر بالراحة، نظر تجاه بيلا ووجدها لا تتناول طعامها بشكل جيد، علم أنها لا تشعر بالراحة وهذا الأمر طبيعي:
-لا تفكري في أي شيء يا بيلا وتناولي الطعام، أظن أن الطبيبة تحدثت معكِ في هذا الأمر.
اومأت بيلا له دون أن تلتقي عينيها بعينيه، تحدثت بجدية من بعدها:
-أظن أن الخروج لم يعد ممنوع لي، يمكنني الخروج من هذا المنزل على راحتي، أنا لم أتزوج ليموت زوجي.
تعجبوا من حدتها في الحديث ولكن لم يعترض أي شخص، تحدث بدر وعينيه تتابع طعامه الذي يحركه بالملعقة:
-لا يوجد مشكلة، لكن ارتدي ملابس مناسبة لأجواء القرية ولا تخرجي بملابس غير لائقة.
نظرت بيلا له بانتباه وهي تحرك رأسها بعدم استيعاب:
-أنا لا ارتدي ملابس غير لائقة يا بدر، إن كنت ترى هذا فهذه مشكلتك أنت ولا علاقة لي بالأمر.
نظر بدر لها بانتباه وقد اصابته طريقتها معه بالتعجب الشديد، بينما والدته تحدثت بدلًا عنه وهي لا تعلم ما الذي اصابها:
-اهدئي يا بيلا، هو يشعر بالقلق عليكِ ولهذا السبب ينصحكِ.
اجابتها بيلا وهي تشعر بالكثير من الضيق:
-أنا لا أحتاج إلى أي نصيحة يا أمي، لقد عانيت كثيرًا وأنا أستمع لنصائح الجميع، لقد كدت أفقد أنفاسي وبالفعل فقدت الثقة في الجميع.
ظهر الحزن على وجه بيري ولكن تحدثت بيلا إليها بهدوء وهي تحاول أن تنظم أنفاسها:
-لا تشعري بالضيق يا بيري، أنتِ لستِ في مكاني ولا تشعري بهذا الألم بدلًا عني.
تحدث بدر وهو ينظر إليها ويحاول أن يتجاهل طريقتها الفظة:
-بيري يمكنها أن تساعدكِ في أي شيء ترغبين فيه حتى الملابس، أتمنى أن تتحسن حالتكِ قريبًا.
نظرت له ولم يعد يعرف ما الذي تبعثه من خلال عينيها:
-تريدني أن أتحسن لتقوم بالقائي خارج المنزل دون الشعور بالندم أم أنني مخطأة؟!
-مؤكد هناك شيء خاطئ يا أخي، كيف يحدث هذا الشيء؟ أنس لم يتزوج بي هذا يعني أنه استغلني ليأتي بي إلى هنا!
كان بدر لا يصدق ما يحدث، يتساءل كيف لشقيقه أن يكون بهذا السوء؟ لم يعد يستطيع النطق بكلمة واحدة أمامها وعينيها تنظر له في انتظار حديثه، اقتربت أسماء منها ودموعها تتساقط بعدم استيعاب:
-أنتِ ما الذي تقوليه؟ مستحيل أن يفعل ابني هذا الشيء.
امسكت الورقة وهي تقرأ اعتراف أنس إلى صديقه بأنه لم يتزوج بها وهي لم تهتم للسؤال ومعرفة أين ذهب العقد الذي قامت بالأمضاء عليه، تعالت أنفاسها وهي تتساءل كيف يخون ابنها من ولدته وتعبت على تربيته بتلك الطريقة، أما عن بيلا فكان عقلها لا يتقبل كل شيء يحدث، هل من الممكن أن يكون هذا الشخص مجرد شيطان عديم الإنسانية؟!
لم تستطيع بيلا أن تواجه كل هذه الأحداث لتسقط في النهاية فاقدة للوعي تمامًا، قام بدر بحملها وهو يتخطى صدمته بشقيقه الذي ما زال قلبه ينفطر من الحزن عليه، وضعها داخل غرفتها وتحدث مع أدهم صديقه حتى يأتي بالطبيبة على الفور، استفاقت بيلا عندما شعرت بالألم في ذراعها السليم، فتحت عينيها لتلتقي بأعين الطبيبة التي ابتسمت من أجلها:
-حمدًا لله على سلامتكِ يا فتاة، لقد كاد الجميع أن يموت قلقًا عليكِ، اعتني بنفسكِ جيدًا وبطعامكِ الصحي هذا أهم شيء.
اومأت بيلا لها وما إن خرجت حتى دلف بدر وهو يسألها باهتمام:
-هل أنتِ بخير يا بيلا؟ بماذا تشعرين الآن؟!
ابعدت بيلا وجهها حتى لا تنظر إليه وهي تشعر بالكثير من الضيق، تحدثت بعدم استيعاب:
-أنا لا أصدق هل من الممكن أن يتواجد أشخاص معنا بهذا التفكير؟
عادت لتنظر له والدموع بعينيها وهي تحرك رأسها بألم تشعر به يمزقها:
-أنا لا أعلم ما الذي تريده الآن، لم أعد قادرة على التفكير حتى، أنا لم أكن أتخيل أن يصل الأمر به إلى هذا، لقد مات ولكنني أشعر بالألم، هل تشعر بالشيء الذي أشعر به أنا؟!
أومأ لها ولم يستطيع أن يتحدث بسبب دخول بيري لتطمئن على بيلا، كانت تشعر بالشفقة عليها، ازداد شعورها بالمسؤولية تجاهها بعد اكتشاف الشيء الذي فعله شقيقها، هو لم يتزوج بها! هذه الفتاة غريبة عنهم حقًا:
-بماذا تشعرين الآن يا بيلا؟ هل تحسن مزاجكِ يا ترى؟
نظر بدر لها وهو يشعر بالضيق:
-عن أي مزاج تتحدثين أنتِ يا بيري، من الأفضل أن تصمتي ولا تتحدثي بتلك الطريقة.
عبث وجهها وهي تقوم بعقد ذراعيها أمام صدرها وهي تطالع بدر بانزعاج:
-أنا أحاول الأطمئنان عليها ومع ذلك تستمر باستفزازي يا أخي!
لم تكن بيلا مدركة لكل شيء يحدث، دلفت أسماء إلى الغرفة وهي تنظر إلى بيلا التي بدت وكأن الحياة غادرتها، اقتربت منها وهي تشعر بأن ما حدث هو ذنبها، جلست بجوارها ومن ثم وضعت يدها على يد بيلا بهدوء:
-هل أنتِ بخير يا ابنتي؟
نظرت بيلا لها لتتابع أسماء حديثها والدموع بعينيها:
-يبدو سؤال سخيف للغاية أنا أعلم هذا يا بيلا، أرجوكِ أن تسامحيني، كان عليّ أن أعرف أن ابني هو مجرد شاب طائش لا علم له بالمسؤولية وبأمور الزواج وهذه الأشياء، لا أعرف ما الذي أقوله ليخفف عنكِ يا حبيبتي، لكن أرجوكِ سامحيني.
تساقطت دموعها بألم وهي تنظر لها، حركت رأسها بنفي وهي لا تستطيع أن ترى هذه السيدة التي احسنت معاملتها منذ اللحظة الأولى بهذه الحالة:
-لا يوجد ذنب لكِ أنتِ إنسانة طيبة القلب وأنا أعرف هذا الشيء، ربما لا تصدقي ولكن أنا اعتبركِ أمي، لا أستطيع أن أسامحه بسبب هذا الظلم الذي تعرضت له ولكن أنا أعرفكم جميعًا وواثقة أنكم لا ترضون لشيء كهذا أن يحدث، لقد صدمت وعجزت عن التفكير، لكن مؤكد هذا خير.
ابتسمت أسماء من بين دموعها وهي تلمس وجنتها بهدوء وحنان:
-أنتِ فتاة جميلة حقًا يا بيلا، تستحقين كل شيء جيد وأنا أعلم أن الله سوف يعوضكِ ما دومتي لم تتسببي في أذية لأي شخص، نحن معكِ يا بيلا ولن نتخلى عنكِ.
نظرت بيلا لها ومن ثم نظرت إلى بيري وبدر لتجد نظراته تدعمها ولم يكن غاضب ونافر كما اعتادت عليه، قاطعهم في هذا الوقت دخول أمل إلى الغرفة وقد بدى على وجهها الكثير من الضيق وتحفزها للشجار:
-إلى متى سوف تبقى هذه الفتاة هنا يا ترى؟
التفتوا لها ولم يجدوا منها سوى نظراتها الغاضبة، تحدثت بيري إليها هامسة:
-لا يصح هذا يا أمل اهدئي، الفتاة حالتها الصحية غير مستقرة والشيء الذي حدث معها جعل الأمور تزداد سوءً، إلى أين تريديها أن تذهب؟!
نظرت أمل لها ولم تهتم إلى أي شيء لتتحدث بصوت مرتفع:
-لماذا يجب علينا أن نفكر إلى أين سوف تذهب؟ هذه الفتاة غريبة عنّا حتى أنها لم تكن زوجة أنس كما كان يقول يا بيري، ربما كان هذا بالاتفاق بينهم من يعلم؟!
نظرت بيلا لها وهي تشعر بالكثير من الضيق ولا تدري ما الذي يجب عليها أن تقوله أمام هذه الاتهامات، لم يعطي بدر الفرصة لأي أحد بالتدخل وعلى الفور قام بسحبها بقوة:
-لقد تحدثنا في هذا الأمر من قبل يا أمل ومع ذلك تستمرين في قول الكثير من الحديث الفارغ!
قامت بدفع يده بقوة وهي تتحدث بانفعال:
-نعم أنا أتحدث ومقتنعة تمامًا بكل كلمة أقولها، أنا لا أرتاح لهذه الفتاة، أعلم أنها أتت إلى هنا بكامل رضاها وما تفعله الآن هو غشكم جميعًا يا بدر.
ظهر الضيق على وجه أسماء التي امسكت بيد بيلا وهي تضغط عليها بهدوء وتهمس لها:
-لا تهتمي يا بيلا لهذا، أنتِ لستِ كذلك ولهذا السبب لا تهتمي.
تساقطت دموع بيلا وهي تحرك رأسها بنفي وتشعر بالكثير من الضيق:
-أنا لا أعلم لماذا تتحدث عني بتلك الطريقة؟!
صرخ بدر وهو يدفع أمل بعد أن فشل في جعلها تأتي معه ليتحدثوا بهدوء:
-توقفي عن هذا الحديث الفارغ، ألا تعلمي أنكِ سوف تُحاسبين على كل كلمة يتفوه بها فمكِ، أنتِ تتحدثين دون دليل، لم تري حتى كيف كانت علاقتهم، ومع ذلك تستمرين بذمها ما هذه الحقارة اخبريني؟!
تساقطت دموع أمل وهي تنظر له بغضب:
-تذكر أنك فضلت هذه الفتاة على زوجتك يا بدر، أنا لن أبقى هنا بعد الآن، أفعل ما تريد ولا شأن لك بي.
خرجت من الغرفة وتحدث بدر باقتضاب:
-لا تتركوا المجال لحديثها أن يؤثر بكم، هي تهزي بالكثير من الكلمات بسبب الغضب الذي يسيطر عليها، لا تهتموا.
خرج من الغرفة من بعدها لتتحدث أسماء باحباط:
-يحاول بدر أن يبرر أفعال زوجته ونحن نعلم أن لا علاقة له بهذا، لطالما كان ينتصر بعقله على عكسها تمامًا، لا تشعري بالضيق يا حبيبتي كل شيء سوف يكون بخير.
كانت بيلا تلاحظ كيف تحاول أسماء مواساتها، شعرت ببعض الراحة عندما رأت نظرات الدعم بعينيهم، اغمضت عينيها وهي تدعو الله أن يكون كل شيء بخير، لقد احترقت روحها وهي تحاول البحث عن الاستقرار ولا تصدق أنها يومًا ما وثقت بالمدعو أنس، على كل هذا أن يتغير منذ هذه اللحظة.
كانت تخبر نفسها أن عليها أن تكون شخص آخر، تريد أن تصبح أكثر جدية وتتوقف عن الثقة الزائدة التي تمطر بها الأشخاص من حولها.
مر اليوم وخرجت أمل من غرفتها في اليوم التالي وهي بمنزل والدها، تحدث إليها عز بغيظ وهو لا يعلم كيف تعامل شخص كبدر زوجها بتلك الطريقة وهو يراه يحاول اصلاح علاقتهم بشكل دائم:
-مرحبًا بالهاربة من عش الزوجية.
جلست على الأريكة وهي تحيط رأسها بألم:
-أتمنى أن تتوقف عن التحدث معي؛ فعقلي لا يدرك شيء الآن يا عز، حتى أنني أخشى التشاجر مع أبي بسبب اصراره على عدم مغادرتي منزل بدر.
نظر عز لها بضيق وهو يحرك رأسه بعتاب شديد إليها ويتمنى لو تعطي أي إهتمام إلى حديثه:
-زوجكِ شخص جيد يا أمل، لا أعلم كيف تسمحي لنفسكِ باستغلاله بتلك الطريقة؟ أخشى أن يأتي الوقت الذي يمل فيه من التعامل معكِ.
حركت أمل رأسها بتهكم وهي تتحدث باقتناع تام:
-بدر لا يستطيع أن يتخلى عني، مهما حدث هو سوف يعود وسوف يترجاني لأبقى معه، أنا واثقة من هذا الشيء يا عز، هو يحبني ووقتها يمكنني أن أطلب منه كل شيء أريده.
ضحك عز وهو يحرك رأسه بعدم استيعاب:
-أنتِ حقًا غير معقولة يا فتاة، لا أعلم ما الذي تنوين على فعله، لكنني أعلم أنه أمر سيء للغاية.
ضحكت أمل وهي تبعد عينيها عنه قائلة بغطرسة:
-أبقى هنا وشاهد عندما يعود وكيف سأتعامل معه، بدر يظهر عليه الغضب، لكنني أعلم كيف يمكنني التعامل معه بشكل جيد.
صمت عز وهو يعلم أن حديثه لن يغير شيء، سوف تبقى أخته كما هي ولن تتغير، على كل حال هو لا يهم هذه حياتها وهي الوحيدة التي ستخسر في النهاية.
أما في منزل بدر اجتمعوا حول المائدة الخشبية لتناول الطعام، لاحظ بدر أن الجميع تجاهل السؤال عن أمل وعدم عودتها إلى المنزل وهذا جعله يشعر بالراحة، نظر تجاه بيلا ووجدها لا تتناول طعامها بشكل جيد، علم أنها لا تشعر بالراحة وهذا الأمر طبيعي:
-لا تفكري في أي شيء يا بيلا وتناولي الطعام، أظن أن الطبيبة تحدثت معكِ في هذا الأمر.
اومأت بيلا له دون أن تلتقي عينيها بعينيه، تحدثت بجدية من بعدها:
-أظن أن الخروج لم يعد ممنوع لي، يمكنني الخروج من هذا المنزل على راحتي، أنا لم أتزوج ليموت زوجي.
تعجبوا من حدتها في الحديث ولكن لم يعترض أي شخص، تحدث بدر وعينيه تتابع طعامه الذي يحركه بالملعقة:
-لا يوجد مشكلة، لكن ارتدي ملابس مناسبة لأجواء القرية ولا تخرجي بملابس غير لائقة.
نظرت بيلا له بانتباه وهي تحرك رأسها بعدم استيعاب:
-أنا لا ارتدي ملابس غير لائقة يا بدر، إن كنت ترى هذا فهذه مشكلتك أنت ولا علاقة لي بالأمر.
نظر بدر لها بانتباه وقد اصابته طريقتها معه بالتعجب الشديد، بينما والدته تحدثت بدلًا عنه وهي لا تعلم ما الذي اصابها:
-اهدئي يا بيلا، هو يشعر بالقلق عليكِ ولهذا السبب ينصحكِ.
اجابتها بيلا وهي تشعر بالكثير من الضيق:
-أنا لا أحتاج إلى أي نصيحة يا أمي، لقد عانيت كثيرًا وأنا أستمع لنصائح الجميع، لقد كدت أفقد أنفاسي وبالفعل فقدت الثقة في الجميع.
ظهر الحزن على وجه بيري ولكن تحدثت بيلا إليها بهدوء وهي تحاول أن تنظم أنفاسها:
-لا تشعري بالضيق يا بيري، أنتِ لستِ في مكاني ولا تشعري بهذا الألم بدلًا عني.
تحدث بدر وهو ينظر إليها ويحاول أن يتجاهل طريقتها الفظة:
-بيري يمكنها أن تساعدكِ في أي شيء ترغبين فيه حتى الملابس، أتمنى أن تتحسن حالتكِ قريبًا.
نظرت له ولم يعد يعرف ما الذي تبعثه من خلال عينيها:
-تريدني أن أتحسن لتقوم بالقائي خارج المنزل دون الشعور بالندم أم أنني مخطأة؟!