الفصل التاسع معرفة الحقيقة
كان بدر على وشك الانفجار وهو يرى بيلا تتحدث بتلك السذاجة:
-ما الذي حدث لعقلكِ يا بيلا؟ تريدي الذهاب معه! هل هذا الحديث من الممكن أن يُصدق يا ترى؟!
نظرت بيلا له برجاء وهي تتحدث بضيق:
-ما المشكلة يا بدر؟ سوف تكون أمل راضية ولن تكون هناك مشكلة.
رأى عز يضحك ليرمقه بغضب شديد:
-توقف عن الضحك أيها الغبي، هل تري ما يحدث؟ هو يسخر منكِ.
حرك بدر رأسه بنفي واقترب لينظر إلى بيلا المشتتة:
-أنا لا أسخر منكِ يا بيلا، أنا أعني كل كلمة قولتها حقًا.
اومأت له بينما بدر انفعل وهو يتحدث إليها:
-لن تذهبي إلى أي مكان يا بيلا، اذهبي الآن إلى غرفتكِ وأمل لن تقوم بطردكِ لقد تحدثت معها في هذا الأمر ولن يكون هناك مشكلة.
نظرت بيلا إلى أمل وهي تشعر بالكثير من الارتباك لتومأ لها الأخرى وهي تقول:
-يمكنكي أن تبقي يا بيلا لا يوجد لدي مشكلة بهذا الشأن.
اومأت بيلا وما زالت لا تشعر بالراحة، تحدث عز إليها من جديد:
-يمكنكي أن تتحدثي معي في أي وقت يا بيلا، رقم الهاتف مع أمل، سوف أكون معكِ في أي وقت تريديه.
رمقه بدر بغضب وهو يقوم بتحذيره:
-لا يوجد لك شأن بها يا عز، أنا أحذرك من التعامل بتلك الطريقة، لا تجعلني أفقد أعصابي أكثر من هذا.
امسكت بذراعه خوفًا من التطاول على شقيقها:
-اهدأ يا بدر لم يحدث شيء هو كان يظن أنها بحاجة إلى المساعدة عندما طلبت هذا منه، تعلم أن عز يحب مساعدة الجميع دون استثناء أحد.
كان عز يلاحظ ضيقه الشديد وبدأ في ادراك أن بيلا تكون زوجة شقيقه المتوفي، اعتذر على الفور من بدر:
-سامحني يا أخي، أقسم أنني لم أتعمد أن أضايقك أو أتسبب في ضيق لها، أردت لو يصبح كل شيء بخير ليس إلا يا بدر.
أومأ بدر له رغم الضيق الشديد الذي يظهر على وجهه وتحدثت أمل في هذا الوقت:
-أنا أعتذر يا عز عن ازعاجي الشديد لك، أعتذر حقًا لأنني قومت بتعطيلك عن أداء عملك، دعنا نذهب الآن إلى غرفة الضيوف لترتاح حتى الصبح هيا.
نظر بدر لها بعدم رضا، لكنه لم يتدخل وهو يتمنى أن يمر هذا اليوم الذي ارهقه أكثر من اللازم، ذهب أمل لتكمل حديثها مع شقيقها على راحتها بينما بدر نظر إلى بيلا بغضب شديد:
-ما الذي فكرتي به لتستعيني بهذا الحقير يا بيلا؟ ألم تشعري أنه يقوم باستغلالكِ؟!
حركت بيلا رأسها بنفي واوشكت على التحدث ولكنها التزمت الصمت عندما وجدته يقترب بانفعال شديد:
-أنتِ هنا لأنكِ كنتِ زوجة أخي يا بيلا، ليس من حق أي شخص أن يتدخل في هذا الأمر، أنا قادر على جلب منزل لكِ أنتِ تتعاملين مع رجل وليس طفل لا يمكنه أن يتدبر أمركِ!
أخذت بيلا نفس عميق وهي لا تعلم ماذا تقول له؟ حاولت أن تأخذ أنفاسها بهدوء ومن ثم تحدثت إليه:
-لم أفكر بتلك الطريقة يا بدر، كل ما في الأمر أنني شعرت بالخوف الشديد، شعرت أن أمل زوجتك على وشك أن تقوم بطردي، وقتها شعرت بالخوف الحقيقي صدقني، الشيء الوحيد الذي تحكم بي هو الخوف.
حرك بدر رأسه بنفي وهو ينظر إلى عينيها مباشرة:
-لن أسمح بهذا، أنتِ لم تخطأي ولم تفعلي أي شيء آخر صدقيني لن أسمح بأي شيء سيء لكِ طالما أنتِ في منزلي.
ابتسمت بيلا له وهي تشعر بالسعادة:
-شكرًا لك يا أخي، أنا كنت أشعر بالقلق من كل شيء حدث ولكن الآن لم أعد أشعر بالخوف.
أومأ لها وهو على وشك الصعود إلى غرفته:
-جيد يا بيلا، أبقي واثقة بي وأنا سوف أحل كل شيء، لا يوجد داعي للقلق.
أما في الغرفة التي قامت أمل بتحضيرها من أجل شقيقها كان يجلس عز فوق السرير وأمامه أمل تتحدث بصوت منخفض:
-اخبرني يا عز هل جننت؟ لقد شعر بدر أنك تغازل زوجة شقيقه المتوفي حديثًا هل تظن من كل عقلك أنه سوف يسمح بهذا الشيء؟!
ابتسم عز وهو يحرك رأسه بعدم استيعاب:
-هذه الفتاة ليست طبيعية يا أمل، هي حقًا ساذجة، إن اصريت عليها قليلًا ربما كانت ستذهب معي إلى المنزل، لم أرى في حياتي فتاة بهذا العقل! هي عفوية أكثر من اللازم ويبدو أن أنس أستغل هذا جيدًا.
لم يعلموا أن بدر توقف أثناء مروره بالغرفة وهو الآن يستمع إلى حديثهم، تحدثت أمل بضيق شديد:
-هذا الشيء الذي يقلقني يا عز، لم يتعامل بدر مع أي فتاة بهذا القرب، بين يوم وليلة أصبح مسؤول عن هذه الفتاة الغبية! ألا يوجد حق لقلقي يا عز؟!
حرك عز رأسه بنفي وهو يخبرها بهدوء:
-شعرت أنها لا تمانع للتقرب مني، من الممكن أن أجعلها تميل لي يا أمل و..
قاطعته أمل بانفعال وقد وقفت أمامه مباشرة:
-إياك أن تفعلها يا عز، لن تأمن عواقب كل شيء سيحدث، انتظر حتى يمضي بعض الوقت على موت أنس هذا ما يمكن أن تفعله، إن تصرفت دون حساب من جديد وبالأخص أمام بدر سوف تخسر كثيرًا.
تأفف عز وهو يشعر بالضيق الشديد:
-لا أعلم لماذا يرعبكم بدر بتلك الطريقة، لكنني سوف أتصرف اخرجي من هذا الأمر حتى لا يقوم شجار من جديد بينكِ وبين بدر.
اومأت له وهي تتمنى أن لا يعاندها شقيقها وتزداد الأمور سوءً بينها وبين بدر، أما عنه كان يقبض على يده بقوة، أراد أن يتدخل ولكنه فكر في كل شيء سيحدث وفي النهاية سيقوموا باتهامه أنه فهم كل شيء بشكل خاطئ.
أكمل سيره إلى غرفته وعزم على الاستيقاظ في الصباح الباكر قبل أمل ليستطيع التحدث مع بيلا في هذا الأمر، لا يريد أن يتحدث أحد عنهم بشكل سيء حتى لا تسوء سمعة عائلتهم بسببها وبسبب تعاملها الساذج مع عز:
-سوف نرى يا عز ما ستفعله غدًا، جرب أن تتجاوز حدودك وسوف تندم على يدي وليس على يد شخص آخر غيري.
أتى اليوم التالي واستيقظت بيلا باكرًا على طرقات مستمرة على باب غرفتها، شعرت بالكثير من الضيق ولكنها تحدث:
-ما الأمر؟ أنا أريد النوم.
انتفضت عندما سمعت إلى صوت بدر ينبهها:
-استيقظي الآن يا بيلا أرغب في التحدث معكِ في أمر ضروري.
تعجبت بيلا عندما نظرت إلى الساعة ووجدتها السادسة صباحًا، وقفت مبتعدة عن السرير وهي تهندم هيئتها أمام المرآة ومن ثم تحدثت إلى بدر:
-يمكنك الدخول.
فتح الباب ورأها تقف وعلى وجهها علامات النعاس، تحدث إليها باعتذار وهو يدخل ويقوم باغلاق الباب:
-أعلم أنكِ تريدي النوم، أنا أعتذر لكِ يا بيلا ولكن علينا التحدث معًا قبل أن تستيقظ باقي العائلة.
اومأت له وعلى وجهها التعجب، اقترب منها وهو يتحدث بعدم رضا:
-الشيء الذي حدث مع عز ليلة أمس عليكِ أن تصلحيه يا بيلا.
ابتسم بدر وهو يحرك رأسه بنفي:
-لا يوجد داعي للتفكير، عليكِ أن تفعلي الشيء الذي سوف أمليه عليكِ وإلا وقتها سوف تضعينا في مشكلة دون مبالغة.
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تحاول أن تدرك ما قاله:
-بالطبع لا أريد وضعكم في مشكلة، أنا اخبرتك أنه كان يريد مساعدتي ولم أريد لك أنت وأمل أن تتشاجرا يا بدر، هذا كل شيء.
أومأ لها وهو يرى كم أنها تعاني من أجل فهم الشيء الذي يقوله، سوف أخبركي بالحديث الذي يجب أن تقوليه إليه وكيف يجب أن تتعاملي معه ومن ثم سأخرج يا بيلا، عليكِ أن تتصرفي ككنة في منزلنا تفهمين؟!
اومأت له وهي تتمنى أن ينتهي سريعًا من حديثه هذا؛ حتى يتثنى لها النوم من بعدها، بالفعل لم يأخذ الكثير من الوقت، حاول أن يجعلها تدرك مع من تتعامل وكيف يمكنه أن يستغلها وتمنى أن تكون مدركة لكل شيء قاله.
اجتمعوا حول المائدة بعد أن استيقظ الجميع واقترب عز ليجلس بجوار بيلا، كاد بدر أن يبتسم وهو كان يتوقع هذا الأمر، نظرت بيلا له وهي تحاول تنفيذ الشيء الذي قاله بدر لها:
-إذا سمحت يا عز لا يمكنك أن تجلس هنا، هذا المكان الخاص بأنس ولا أفضل أن تبقى هنا.
شعر عز بالاحراج أمام الجميع ولكنه ابتسم وهو ينظر لها:
-أنا اعتذر لكِ يا بيلا، لم أفكر في الأمر.
ابتعد ليجلس على الكرسي المجاور لها بينما بيلا نظرت تجاه بدر وكأنها تسأله عن رأيه في الشيء التي قامت به، ابتسم وهو يومأ لها ولم يكن يأخذ في الاعتبار نظرات أمل التي كانت تلاحظ ما يحدث، علمت أن بدر من اخبرها بهذا الشيء وشعرت بالضيق الشديد منه:
-كيف حالكِ يا بيلا اليوم؟ هل نمتي جيدًا؟
اومأت بيلا لها وهي تبتسم وقد شعرت بالسعادة لاهتمامها بها:
-أنا بخير لا تقلقي يا أمل، شكرًا لكِ.
ابتسمت أمل باصطناع وهي تسألها بخبث:
-منذ متى وأنتِ مستيقظة يا ترى؟
نظرت بيلا لها وكادت أن تتحدث عن مقابلة بدر لها ولكنها تداركت نفسها وهي تخبرها ببساطة:
-منذ قليل عندما هبطت لتناول الطعام معكم، ماذا عنكِ يا بيلا؟
اومأت أمل لها وهي تنظر تجاه بدر:
-نمت جيدًا لا تقلقي.
ذهب عز من بعد الطعام ولم يجد الفرصة للتحدث مع بيلا التي لم تعطيه الفرصة عكس ليلة أمس، مر أسبوعين وكانت أمل تشعر بالكثير من الغضب تجاه بيلا، لا تعلم ما الذي ينوي بدر على فعله وهو يرفض كل الرفض أن تغادرهم هذه الفتاة رغم شفاء ذراعها!
اقتربت بيلا من بيري وهي تشعر بالاحراج:
-هل يمكنني طلب شيء منكِ؟
تعجبت بيري وهي على وشك الخروج من المنزل:
-ماذا تريدي يا بيلا يمكنكي أن تتحدثي دون تفكير.
ابتلعت بيلا ما بحلقها وهي تنظر حولها وتتأكد من عدم وجود بدر بقربهم:
-أريد الذهاب معكِ للخارج يا بيري، أنا هنا في المنزل ولم أخرج منذ وقت طويل، خذيني معكِ.
ظهر الحزن على وجه بيري وهي تحرك رأسها بأسف شديد:
-أعلم جيدًا أنكِ تشعري بالكثير من الأحباط، لكن هذا الأمر خارج عن ارادتي يا بيلا، بدر وأمي لن يوافقوا على هذا، أنتِ زوجة أخي ولا يمكن لأحد أن يراكِ إلا بمرور أربعين يومًا بالخارج.
اجتمعت الدموع بأعين بيلا وهي تمسك بيدها برجاء:
-أرجوكِ يا بيري أريد الخروج معكِ، أنا أشعر بالأختناق ولا أفعل شيء هنا، حتى أنني أشعر بالخوف من أمل أكثر من أي شيء آخر.
تحدثت أسماء التي اقتربت واستمعت إلى حديثها مع بيري:
-بيلا لا يمكنكي الخروج، لا نرغب في سماع حديث الناس عنكِ، تصرفي كشخص ناضج ولا تتصرفي بتلك الطريقة كما لو كنتِ طفلة.
نظرت بيلا لها والدموع بعينيها وهي تومأ لها:
-حسنًا يا أمي سوف أتصرف كشخص ناضج وأبقى داخل غرفتي دون الخروج منها.
ابتعدت بيلا بينما بيري نظرت إلى والدتها بعدم رضا:
-لماذا لا تتركوها وشأنها يا أمي؟ أنا لا أريد أن تبقى حبيسة غرفتها بتلك الطريقة وأنتم تمنعوها دائمًا من الخروج.
زفرت أسماء بضيق وهي تتجاهل حديث ابنتها:
-اذهبي يا بيري ولا تتأخري.
نظرت بيلا لها باحباط وفي هذا الوقت قام أحدهم بطرق الباب ليخرج بدر من مكتبه وتعجب من وقفتهم بتلك الطريقة:
-ما الأمر يا أمي لماذا تقفوا بتلك الطريقة؟
ابتعدوا عن الباب وفتح بدر ليسمع صوت هذا الشاب:
-هل الأنسة بيلا تمكث هنا؟
عقد بدر حاجبيه وهو ينظر إلى هذا الشاب وسألته بتعجب:
-من تكون أنت يا ترى؟!
تحدث الآخر إليه وهو يشعر ببعض القلق:
-اسمي رامز، أنا كنت صديق لأنس وأريد أن أرى بيلا لأمر ضروري.
تعجب بدر واقتربت بيلا على الفور منه:
-ما الذي تريده؟
نظر رامز إلى بيلا ومن ثم نظر إلى بدر بتردد:
-هل يمكننا التحدث على انفراد؟!
اومأت بيلا ولكن قاطعهم صوت بدر بانزعاج شديد:
-يمكنك أن تتحدث الآن أمامنا إن أردت هذا.
نظرت إلى بدر بضيق وهي تلاحظ اقتحامه إلى خصوصيتها:
-ما الأمر يا بدر ربما يريد قول شيء خاص ما مشكلتك؟
تحدث بدر بغضب من بين أسنانه:
-بيلا لا تجعليني أجن.
قام رامز باخراج ظرف ووضعه أمام بيلا وهو يشعر بعدم الراحة لوجود بدر ورأى أن الأفضل الذهاب قبل أن يغضب ويقوم بضربه دون تفكير:
-هذا الظرف تركه أنس لكِ قبل الحادث يا بيلا، يبدو أنه كان ينوي أن يفعل شيء ما، لا يوجد لدي ذنب وداعًا.
ترك الظرف بين يديها وذهب من بعدها، نظرت بيلا إلى بدر بقلق:
-ما الذي من الممكن أن يتركه أنس لي قبل موته يا بدر؟ أنا لا أشعر بالراحة وأشعر أن هناك كارثة على وشك الحدوث.
اقتربت أمل منها بغضب لتقوم بانتزاع الورقة من بين يدها:
-إن لم تريدي فتحها دعينا نفتحها نحن ونرتاح من أفعالكِ تلك!
بدأت في فتح الظرف ونظر بدر لها بغضب:
-ما دخلكِ أنتِ يا أمل هل فقدتي عقلكِ لتتدخلي في هذا الأمر؟
اتسعت أعين أمل وهي تقرأ الشيء المكتوب داخل الأوراق، نظرت إلى بيلا بعدم استيعاب ومن ثم نظرت إلى بدر وهي تحاول أن تكتم ضحكاتها.
تعجب بدر من أفعالها وتحدث بعدم رضا:
-ما المضحك في الشيء الذي كتبه أخي يا ترى؟
نظرت أمل إلى بيلا وهي تبتسم بعدم استيعاب:
-هل أنتِ حمقاء إلى هذا الحد يا بيلا؟ يبدو أن أنس استطاع أن يستغل سذاجتكِ الشديدة الأستغلال الأمثل، لقد كان يغشكِ طوال هذا الوقت وقد أتى بصديقًا له ليمثل دور المأذون!
-ما الذي حدث لعقلكِ يا بيلا؟ تريدي الذهاب معه! هل هذا الحديث من الممكن أن يُصدق يا ترى؟!
نظرت بيلا له برجاء وهي تتحدث بضيق:
-ما المشكلة يا بدر؟ سوف تكون أمل راضية ولن تكون هناك مشكلة.
رأى عز يضحك ليرمقه بغضب شديد:
-توقف عن الضحك أيها الغبي، هل تري ما يحدث؟ هو يسخر منكِ.
حرك بدر رأسه بنفي واقترب لينظر إلى بيلا المشتتة:
-أنا لا أسخر منكِ يا بيلا، أنا أعني كل كلمة قولتها حقًا.
اومأت له بينما بدر انفعل وهو يتحدث إليها:
-لن تذهبي إلى أي مكان يا بيلا، اذهبي الآن إلى غرفتكِ وأمل لن تقوم بطردكِ لقد تحدثت معها في هذا الأمر ولن يكون هناك مشكلة.
نظرت بيلا إلى أمل وهي تشعر بالكثير من الارتباك لتومأ لها الأخرى وهي تقول:
-يمكنكي أن تبقي يا بيلا لا يوجد لدي مشكلة بهذا الشأن.
اومأت بيلا وما زالت لا تشعر بالراحة، تحدث عز إليها من جديد:
-يمكنكي أن تتحدثي معي في أي وقت يا بيلا، رقم الهاتف مع أمل، سوف أكون معكِ في أي وقت تريديه.
رمقه بدر بغضب وهو يقوم بتحذيره:
-لا يوجد لك شأن بها يا عز، أنا أحذرك من التعامل بتلك الطريقة، لا تجعلني أفقد أعصابي أكثر من هذا.
امسكت بذراعه خوفًا من التطاول على شقيقها:
-اهدأ يا بدر لم يحدث شيء هو كان يظن أنها بحاجة إلى المساعدة عندما طلبت هذا منه، تعلم أن عز يحب مساعدة الجميع دون استثناء أحد.
كان عز يلاحظ ضيقه الشديد وبدأ في ادراك أن بيلا تكون زوجة شقيقه المتوفي، اعتذر على الفور من بدر:
-سامحني يا أخي، أقسم أنني لم أتعمد أن أضايقك أو أتسبب في ضيق لها، أردت لو يصبح كل شيء بخير ليس إلا يا بدر.
أومأ بدر له رغم الضيق الشديد الذي يظهر على وجهه وتحدثت أمل في هذا الوقت:
-أنا أعتذر يا عز عن ازعاجي الشديد لك، أعتذر حقًا لأنني قومت بتعطيلك عن أداء عملك، دعنا نذهب الآن إلى غرفة الضيوف لترتاح حتى الصبح هيا.
نظر بدر لها بعدم رضا، لكنه لم يتدخل وهو يتمنى أن يمر هذا اليوم الذي ارهقه أكثر من اللازم، ذهب أمل لتكمل حديثها مع شقيقها على راحتها بينما بدر نظر إلى بيلا بغضب شديد:
-ما الذي فكرتي به لتستعيني بهذا الحقير يا بيلا؟ ألم تشعري أنه يقوم باستغلالكِ؟!
حركت بيلا رأسها بنفي واوشكت على التحدث ولكنها التزمت الصمت عندما وجدته يقترب بانفعال شديد:
-أنتِ هنا لأنكِ كنتِ زوجة أخي يا بيلا، ليس من حق أي شخص أن يتدخل في هذا الأمر، أنا قادر على جلب منزل لكِ أنتِ تتعاملين مع رجل وليس طفل لا يمكنه أن يتدبر أمركِ!
أخذت بيلا نفس عميق وهي لا تعلم ماذا تقول له؟ حاولت أن تأخذ أنفاسها بهدوء ومن ثم تحدثت إليه:
-لم أفكر بتلك الطريقة يا بدر، كل ما في الأمر أنني شعرت بالخوف الشديد، شعرت أن أمل زوجتك على وشك أن تقوم بطردي، وقتها شعرت بالخوف الحقيقي صدقني، الشيء الوحيد الذي تحكم بي هو الخوف.
حرك بدر رأسه بنفي وهو ينظر إلى عينيها مباشرة:
-لن أسمح بهذا، أنتِ لم تخطأي ولم تفعلي أي شيء آخر صدقيني لن أسمح بأي شيء سيء لكِ طالما أنتِ في منزلي.
ابتسمت بيلا له وهي تشعر بالسعادة:
-شكرًا لك يا أخي، أنا كنت أشعر بالقلق من كل شيء حدث ولكن الآن لم أعد أشعر بالخوف.
أومأ لها وهو على وشك الصعود إلى غرفته:
-جيد يا بيلا، أبقي واثقة بي وأنا سوف أحل كل شيء، لا يوجد داعي للقلق.
أما في الغرفة التي قامت أمل بتحضيرها من أجل شقيقها كان يجلس عز فوق السرير وأمامه أمل تتحدث بصوت منخفض:
-اخبرني يا عز هل جننت؟ لقد شعر بدر أنك تغازل زوجة شقيقه المتوفي حديثًا هل تظن من كل عقلك أنه سوف يسمح بهذا الشيء؟!
ابتسم عز وهو يحرك رأسه بعدم استيعاب:
-هذه الفتاة ليست طبيعية يا أمل، هي حقًا ساذجة، إن اصريت عليها قليلًا ربما كانت ستذهب معي إلى المنزل، لم أرى في حياتي فتاة بهذا العقل! هي عفوية أكثر من اللازم ويبدو أن أنس أستغل هذا جيدًا.
لم يعلموا أن بدر توقف أثناء مروره بالغرفة وهو الآن يستمع إلى حديثهم، تحدثت أمل بضيق شديد:
-هذا الشيء الذي يقلقني يا عز، لم يتعامل بدر مع أي فتاة بهذا القرب، بين يوم وليلة أصبح مسؤول عن هذه الفتاة الغبية! ألا يوجد حق لقلقي يا عز؟!
حرك عز رأسه بنفي وهو يخبرها بهدوء:
-شعرت أنها لا تمانع للتقرب مني، من الممكن أن أجعلها تميل لي يا أمل و..
قاطعته أمل بانفعال وقد وقفت أمامه مباشرة:
-إياك أن تفعلها يا عز، لن تأمن عواقب كل شيء سيحدث، انتظر حتى يمضي بعض الوقت على موت أنس هذا ما يمكن أن تفعله، إن تصرفت دون حساب من جديد وبالأخص أمام بدر سوف تخسر كثيرًا.
تأفف عز وهو يشعر بالضيق الشديد:
-لا أعلم لماذا يرعبكم بدر بتلك الطريقة، لكنني سوف أتصرف اخرجي من هذا الأمر حتى لا يقوم شجار من جديد بينكِ وبين بدر.
اومأت له وهي تتمنى أن لا يعاندها شقيقها وتزداد الأمور سوءً بينها وبين بدر، أما عنه كان يقبض على يده بقوة، أراد أن يتدخل ولكنه فكر في كل شيء سيحدث وفي النهاية سيقوموا باتهامه أنه فهم كل شيء بشكل خاطئ.
أكمل سيره إلى غرفته وعزم على الاستيقاظ في الصباح الباكر قبل أمل ليستطيع التحدث مع بيلا في هذا الأمر، لا يريد أن يتحدث أحد عنهم بشكل سيء حتى لا تسوء سمعة عائلتهم بسببها وبسبب تعاملها الساذج مع عز:
-سوف نرى يا عز ما ستفعله غدًا، جرب أن تتجاوز حدودك وسوف تندم على يدي وليس على يد شخص آخر غيري.
أتى اليوم التالي واستيقظت بيلا باكرًا على طرقات مستمرة على باب غرفتها، شعرت بالكثير من الضيق ولكنها تحدث:
-ما الأمر؟ أنا أريد النوم.
انتفضت عندما سمعت إلى صوت بدر ينبهها:
-استيقظي الآن يا بيلا أرغب في التحدث معكِ في أمر ضروري.
تعجبت بيلا عندما نظرت إلى الساعة ووجدتها السادسة صباحًا، وقفت مبتعدة عن السرير وهي تهندم هيئتها أمام المرآة ومن ثم تحدثت إلى بدر:
-يمكنك الدخول.
فتح الباب ورأها تقف وعلى وجهها علامات النعاس، تحدث إليها باعتذار وهو يدخل ويقوم باغلاق الباب:
-أعلم أنكِ تريدي النوم، أنا أعتذر لكِ يا بيلا ولكن علينا التحدث معًا قبل أن تستيقظ باقي العائلة.
اومأت له وعلى وجهها التعجب، اقترب منها وهو يتحدث بعدم رضا:
-الشيء الذي حدث مع عز ليلة أمس عليكِ أن تصلحيه يا بيلا.
ابتسم بدر وهو يحرك رأسه بنفي:
-لا يوجد داعي للتفكير، عليكِ أن تفعلي الشيء الذي سوف أمليه عليكِ وإلا وقتها سوف تضعينا في مشكلة دون مبالغة.
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تحاول أن تدرك ما قاله:
-بالطبع لا أريد وضعكم في مشكلة، أنا اخبرتك أنه كان يريد مساعدتي ولم أريد لك أنت وأمل أن تتشاجرا يا بدر، هذا كل شيء.
أومأ لها وهو يرى كم أنها تعاني من أجل فهم الشيء الذي يقوله، سوف أخبركي بالحديث الذي يجب أن تقوليه إليه وكيف يجب أن تتعاملي معه ومن ثم سأخرج يا بيلا، عليكِ أن تتصرفي ككنة في منزلنا تفهمين؟!
اومأت له وهي تتمنى أن ينتهي سريعًا من حديثه هذا؛ حتى يتثنى لها النوم من بعدها، بالفعل لم يأخذ الكثير من الوقت، حاول أن يجعلها تدرك مع من تتعامل وكيف يمكنه أن يستغلها وتمنى أن تكون مدركة لكل شيء قاله.
اجتمعوا حول المائدة بعد أن استيقظ الجميع واقترب عز ليجلس بجوار بيلا، كاد بدر أن يبتسم وهو كان يتوقع هذا الأمر، نظرت بيلا له وهي تحاول تنفيذ الشيء الذي قاله بدر لها:
-إذا سمحت يا عز لا يمكنك أن تجلس هنا، هذا المكان الخاص بأنس ولا أفضل أن تبقى هنا.
شعر عز بالاحراج أمام الجميع ولكنه ابتسم وهو ينظر لها:
-أنا اعتذر لكِ يا بيلا، لم أفكر في الأمر.
ابتعد ليجلس على الكرسي المجاور لها بينما بيلا نظرت تجاه بدر وكأنها تسأله عن رأيه في الشيء التي قامت به، ابتسم وهو يومأ لها ولم يكن يأخذ في الاعتبار نظرات أمل التي كانت تلاحظ ما يحدث، علمت أن بدر من اخبرها بهذا الشيء وشعرت بالضيق الشديد منه:
-كيف حالكِ يا بيلا اليوم؟ هل نمتي جيدًا؟
اومأت بيلا لها وهي تبتسم وقد شعرت بالسعادة لاهتمامها بها:
-أنا بخير لا تقلقي يا أمل، شكرًا لكِ.
ابتسمت أمل باصطناع وهي تسألها بخبث:
-منذ متى وأنتِ مستيقظة يا ترى؟
نظرت بيلا لها وكادت أن تتحدث عن مقابلة بدر لها ولكنها تداركت نفسها وهي تخبرها ببساطة:
-منذ قليل عندما هبطت لتناول الطعام معكم، ماذا عنكِ يا بيلا؟
اومأت أمل لها وهي تنظر تجاه بدر:
-نمت جيدًا لا تقلقي.
ذهب عز من بعد الطعام ولم يجد الفرصة للتحدث مع بيلا التي لم تعطيه الفرصة عكس ليلة أمس، مر أسبوعين وكانت أمل تشعر بالكثير من الغضب تجاه بيلا، لا تعلم ما الذي ينوي بدر على فعله وهو يرفض كل الرفض أن تغادرهم هذه الفتاة رغم شفاء ذراعها!
اقتربت بيلا من بيري وهي تشعر بالاحراج:
-هل يمكنني طلب شيء منكِ؟
تعجبت بيري وهي على وشك الخروج من المنزل:
-ماذا تريدي يا بيلا يمكنكي أن تتحدثي دون تفكير.
ابتلعت بيلا ما بحلقها وهي تنظر حولها وتتأكد من عدم وجود بدر بقربهم:
-أريد الذهاب معكِ للخارج يا بيري، أنا هنا في المنزل ولم أخرج منذ وقت طويل، خذيني معكِ.
ظهر الحزن على وجه بيري وهي تحرك رأسها بأسف شديد:
-أعلم جيدًا أنكِ تشعري بالكثير من الأحباط، لكن هذا الأمر خارج عن ارادتي يا بيلا، بدر وأمي لن يوافقوا على هذا، أنتِ زوجة أخي ولا يمكن لأحد أن يراكِ إلا بمرور أربعين يومًا بالخارج.
اجتمعت الدموع بأعين بيلا وهي تمسك بيدها برجاء:
-أرجوكِ يا بيري أريد الخروج معكِ، أنا أشعر بالأختناق ولا أفعل شيء هنا، حتى أنني أشعر بالخوف من أمل أكثر من أي شيء آخر.
تحدثت أسماء التي اقتربت واستمعت إلى حديثها مع بيري:
-بيلا لا يمكنكي الخروج، لا نرغب في سماع حديث الناس عنكِ، تصرفي كشخص ناضج ولا تتصرفي بتلك الطريقة كما لو كنتِ طفلة.
نظرت بيلا لها والدموع بعينيها وهي تومأ لها:
-حسنًا يا أمي سوف أتصرف كشخص ناضج وأبقى داخل غرفتي دون الخروج منها.
ابتعدت بيلا بينما بيري نظرت إلى والدتها بعدم رضا:
-لماذا لا تتركوها وشأنها يا أمي؟ أنا لا أريد أن تبقى حبيسة غرفتها بتلك الطريقة وأنتم تمنعوها دائمًا من الخروج.
زفرت أسماء بضيق وهي تتجاهل حديث ابنتها:
-اذهبي يا بيري ولا تتأخري.
نظرت بيلا لها باحباط وفي هذا الوقت قام أحدهم بطرق الباب ليخرج بدر من مكتبه وتعجب من وقفتهم بتلك الطريقة:
-ما الأمر يا أمي لماذا تقفوا بتلك الطريقة؟
ابتعدوا عن الباب وفتح بدر ليسمع صوت هذا الشاب:
-هل الأنسة بيلا تمكث هنا؟
عقد بدر حاجبيه وهو ينظر إلى هذا الشاب وسألته بتعجب:
-من تكون أنت يا ترى؟!
تحدث الآخر إليه وهو يشعر ببعض القلق:
-اسمي رامز، أنا كنت صديق لأنس وأريد أن أرى بيلا لأمر ضروري.
تعجب بدر واقتربت بيلا على الفور منه:
-ما الذي تريده؟
نظر رامز إلى بيلا ومن ثم نظر إلى بدر بتردد:
-هل يمكننا التحدث على انفراد؟!
اومأت بيلا ولكن قاطعهم صوت بدر بانزعاج شديد:
-يمكنك أن تتحدث الآن أمامنا إن أردت هذا.
نظرت إلى بدر بضيق وهي تلاحظ اقتحامه إلى خصوصيتها:
-ما الأمر يا بدر ربما يريد قول شيء خاص ما مشكلتك؟
تحدث بدر بغضب من بين أسنانه:
-بيلا لا تجعليني أجن.
قام رامز باخراج ظرف ووضعه أمام بيلا وهو يشعر بعدم الراحة لوجود بدر ورأى أن الأفضل الذهاب قبل أن يغضب ويقوم بضربه دون تفكير:
-هذا الظرف تركه أنس لكِ قبل الحادث يا بيلا، يبدو أنه كان ينوي أن يفعل شيء ما، لا يوجد لدي ذنب وداعًا.
ترك الظرف بين يديها وذهب من بعدها، نظرت بيلا إلى بدر بقلق:
-ما الذي من الممكن أن يتركه أنس لي قبل موته يا بدر؟ أنا لا أشعر بالراحة وأشعر أن هناك كارثة على وشك الحدوث.
اقتربت أمل منها بغضب لتقوم بانتزاع الورقة من بين يدها:
-إن لم تريدي فتحها دعينا نفتحها نحن ونرتاح من أفعالكِ تلك!
بدأت في فتح الظرف ونظر بدر لها بغضب:
-ما دخلكِ أنتِ يا أمل هل فقدتي عقلكِ لتتدخلي في هذا الأمر؟
اتسعت أعين أمل وهي تقرأ الشيء المكتوب داخل الأوراق، نظرت إلى بيلا بعدم استيعاب ومن ثم نظرت إلى بدر وهي تحاول أن تكتم ضحكاتها.
تعجب بدر من أفعالها وتحدث بعدم رضا:
-ما المضحك في الشيء الذي كتبه أخي يا ترى؟
نظرت أمل إلى بيلا وهي تبتسم بعدم استيعاب:
-هل أنتِ حمقاء إلى هذا الحد يا بيلا؟ يبدو أن أنس استطاع أن يستغل سذاجتكِ الشديدة الأستغلال الأمثل، لقد كان يغشكِ طوال هذا الوقت وقد أتى بصديقًا له ليمثل دور المأذون!