البارت الخامس
زواج دون زواج.
كان هذا الحديث كالماء المثلج الذي سقط على رأس سهيلة، تجمدت بارضها، وفي تلك اللحظات طرأت لها الف خاطرة وخاطرة، وللحظة واحدة شعرت أن أهلها لديهم حق، بانفعال تتحدث:
-ماذا تقول؟! ماذا تقصد يا آثر؟! وهل انا في نظرك تلك الفتاة الرخيصة التي تجلب العار لأهلها وتخذلهم؟ هل انا تلك الفتاة في نظرك؟ يالخسارتي، يا ليتني لم اعرفك يوماً، لا اصدق انك تفكر بي بهذه الطريقة.
شعر أن الأمر سيخرج عن سيطرته، انقلبت عليه خطته الشريرة، أدرك الخطأ الذي ارتكبه في الحديث وحاول إصلاحه بسرعة؛ حتى لا يتفاقم ويخسر كل شيء:
-ماذا تقولين يا سهيلة، اقول لكِ ذلك؛ لأني اشتاق اليك حد الجنون، وانت تقولين ليتك ما عرفتني، يا الهي ماذا افعل لك اكثر من ذلك لاثبت لكِ اني احبك كثيراً وانك لدي بمثابة الدنيا ولستِ تلك الفتاة الرخيصة كما تتحدثين.
بدأ ينفعل ويعلو صوته ببكاء حزين:
-ليتني اموت يا سهيلة؛ لارتاح من هذا العذاب في بعدكِ عني، ليتني مت قبل أن أسمع منك هذا الكلام.
رق قلب سهيلة سريعا عندمات سمعت صوت بكائه المزيف، دموع التماسيح التي تخرجها ليس ندما على ما التهمته من إنسان أو حيوان وانما جراء زيادة نسبة الملوحة في الدم التي تنتقل إليها من فريستها، فتخرج تلك الأملاح على هيئة دموع بعد ذلك، عندما رآه البعض اعتقد انها نادمة على فعلتها.
-حسنا يا آثر اهدأ ارجوك انا اسفة، لم أقصد ذلك، لكن حديثك هذا اثار غضبي حقا، ظننت أني بلا قيمة لديك.
بشهيق وبكاء يتحدث:
-هذا لانكِ لا تحبينني كما احبكِ، لو كنتِ تحبينني لما ظننتي بي هذا الظن المسيء، ولعلمتي اني اقول ذلك حبا بكِ.
-اعتذر منك يا آثر سامحني، لكن هذا الأمر مرفوض بالمرة بالنسبة إلي، لم تريد أن تسرق مني فرحتي بثوب زفافي وفرحتي بوجودك جانبي أمام الناس؟ انا مثل اي فتاة اريد أن أتزوج بك أمام الجميع وبالاصول.
-حسنا يا سهيلة أنا أعتذر منكِ ولن أتحدث معك مرة أخرى عما يجول في خاطري، مهما آلمني الاشتياق لكِ ساكتم داخلي وابق الأمر سرا لن ابوح به.
بعد حديث دام بينهما لفترة طويلة عبر الهاتف حتى اقتنعت سهيلة أنه ملاك برئ، وإن لا احد يحبها في الكون أكثر منه، تغاضت عن طلبه وتراجع عن حديثه وقام بتبديل الخطة وأخذ منحنى آخر لتحقيق رغبته وهو أن ابسط ما يكون أن يراها يوميا عبر الصور ليخمد رغبة الاشتياق إليها.
الى أن اتى يوم وطلب منها أن يأتي لمقابلة والدها ويضع حدا للموضوع لكن والدها رفض مقابلته وطلب من خالها أن يستقبله بدلا منه، ويتحدث معه وينهي الأمر، لكن إصرار آثر وسهيلة على بقائهم معا كان أقوى من رغبة والدها، اخبر خالها والدها بما تم بينه وبين آثر في المقابلة، وأخبره أن يتقبل الأمر ويدعها تتحمل نتيجة اختيارها.
ولكن والدها مازال مصرا على رأيه وهذا ما جعل سهيلة تقع فريسة لصيد الشيطان الماكر للمرة الألف، برغبتها ورضائها؛ لأنها تراه الضحية الوحيدة والمظلوم الوحيد في هذه العلاقة؛ ولأن والدها لم يتحدث إليها قط وجها لوجه ويخبرها بوجهة نظره أو ما يراه في آثر هي لا تستطيع رؤيته، بعد والدها عنها أيضا كان سببا من الأسباب الرئيسية في وقوعها فريسة بين شباك هذا الصياد الماهر، والذي نصب شباكه بكل دقة حتى اتت بصيد ثمين.
بعدما رجع آثر إلى منزله، تحدث إلى سهيلة عبر الهاتف منفعلا يصرخ آثر بصوت مرتفع وغاضب بنبرة تهديد يتحدث:
-ان لم تفعلي ذلك يا سهيلة لن تري وجهي مرة أخرى، ماذا افعل لك اكثر من ذلك؟! ماذا افعل لترضى عائلتكِ، وها أنت الآن ترفضين البقاء معي، كنت اعلم انكِ ستتأثرين بحديثهم يوما ما.
بصوت حزين وباكِ يحطم القلب:
-تعلمين كم عانيت لأجلك يا سهيلة، وكم تحملت من الإهانات؛ كي اكون بجانبك، لكن إلى هنا وكفى، لقد اكتفيت وعلمت مكانتي لديك الآن.
بصوت حزين ومتوتر:
-آثر توقف عن قول ذلك ارجوك، ليس الأمر كما تعتقد، لكن لا فائدة مما سنفعله، ما تطلبه الان لن يعود بالنفع علينا بشيء، بل ربما متأذى منه اكثر، رجاءا اهدأ؛ حتى نستطيع التفكير بعقلانية والتحدث بالامر.
بصوت مرتفع ونبرة تهديد قاسية، فهو يعلم في نهاية الأمر أنه سيحصل على مايريد، بالطبع تلك الثقة يكتسبها الشخص عندما يتمكن من معرفة نقاط ضعف الطرف الآخر ويعلم كيفية استغلالها، ذلك الخبيث جعلها تعشقه حد الموت وكان عشقه هو قاتلها الوحيد:
-لن اهدأ يا سهيلة، فقط اريد سماع شيء واحد منكِ، تريدين الزواج بي ام لا؟
تريدين البقاء معي ام لا؟
بلا تردد قالتها بحب وصفاء نية:
-بالطبع اريد، ولكن.
بتر حديثها حتى يتمكن من إكمال تأثيره عليها، ذاك السحر الخفي الذي ألقاه عليها فجعلها كأداة بين يديه يستعملها وقتما يشاء:
-ليس هناك بكن، إن كنت تريدين البقاء معي فلنتزوج الآن، ولتكوني زوجتي أمام الله؛ حتى لا يستطيع اهلك اجباركِ على الزواج من آخر، وحتى أطمئن انك معي وانك ملكي انا فقط.
بتنهيدات حارقة، مغلوبة على أمرها، تستسلم أمام حديثه الذي سيطر على عقلها كليا:
-حسنا يا آثر كما تريد ان كان هذا ما سيريحك ويجعلك تطمئن سأفعله، قل لي الآن ماذا تريد مني أن افعل، ولكن قبل ذلك .
بتر حديثها ليجعلها تطمئن ذلك الشيطان الذي يخفي حقيقته خلف وجه رجل عاشق وضحية للحب، ابتسم تلك الابتسامة الخبيثة، لقد حصل على ما يريد ولكن هناك زر بسيط لابد من الضغط عليه برفق حتى تكتمل مهمته:
-اعلم ماذا ستقولين.
تحدث بصوت حنون وطيب، بحب وهدوء:
-انا احبك اكثر من نفسي، أحافظ عليك كما احافظ على قطعة من جسدي، بالإضافة إلى انك بمكان وانا بآخر، كيف ساقترب منكِ اذا؟ افعل ذلك من أجل الحفاظ عليك يا سهيلة.
تنهدت مستسلمة للأمر:
-حسنا يا آثر، لكن عدني بانك ستحافظ على ذلك ولن تخذلني؟
-اعدك بأني لن اخذلكِ ابدا، وستظلين زوجتي أمام الله حتى تتقبل هائلتك ارتباطنا، ويقبل والدك بزواجنا.
في محاولة أخرى من عقله الشيطاني لاقناعها برغبته الكامنة، يعتقد أنه سيجعلها تقبل كما قبلت رغبته الآن:
-لقد طلبت منك أن نتزوج سابقا دون علم أحد ونضعهم أمام الأمر الواقع لكنك لم تقبلي ذلك، بالرغم من أنه كان الحل الأمثل لما نحن به الآن، كان يستقبل والدك الأمر مع مرور الوقت وسيتقبل الجميع.
بترت حديثة بانفعال وضيق:
-بالطبع لا لن افعل ذلك يا آثر ولا تتجرأ على التحدث معي بهذا الأمر والا ستخسرني إلى الابد، لن اكون تلك الفتاة التي تخذل اهلها وتجلب لهم العار، إن كنت حقا تحبني لا تتحدث بهذا الأمر مجددا، او ساعلم اني سلعة رخيصة بالنسبة إليك تباع وتشترى.
-حسنا حسنا انسيّ الأمر، هيا قولي ورائي يا حبيبتي، زوجتك نفسي…
بدأ آثر يمارس عليها حقوقه كزوج حقيقي، لا تخرج من المنزل دون اذنه، لا ترتدي ملابسها التي كانت ترتديها من قبل، كزوجة مطيعة تلبي طلباته ورغباته دون مناقشة، بحجة أنه يغار عليها وأنه زوجها امام الله وستحاسب على غضبه منها، لم تعد تعمل ولا تذهب للجامعة.
مرت عدة أشهر على هذا الوضع إلى أن مرض عم سهيلة الأكبر مرضا شديدا، وظل على فراش الموت مدة قاربت الشهر، كان يقطن عمها في محافظة الشرقية، سافر إليه والدها ليراه قبل رحيله وأخبره بموضوع سهيلة وآثر، وكان عمها من اقنع والدها بالقبول وتركها تتحمل نتيجة اختيارها، بل وأخبره أن يفعل ذلك قبل رحيله ربما يشفى من مرضه ويأتي لحضور خطبتها.
كانت سهيلة تحب عمها كثيرا وهو كذلك، وبالفعل قبل والدها واخبر والدتها أن تخبرها إن كان آثر ما زال يريد أن يتقدم لخطبتها فليأت ولكن بشرط حضور والده، والذي كان يعلم آثر أنه شيء شبه مستحيل.
حاول آثر بكل الطرق إقناع والده بالذهاب معه لطب سهيلة للزواج، وقبل والده بعدة شروط وهي أن يذهب معه كصورة فقط ليس إلا، لا علاقة له بالزواج وتكاليفه وما يتبعه من عادات وتقاليد، واشترط ايضاً على آثر أن يقوم بتجهيزاته اللازمة لزفافه دون أن يسأله بمال ولا حتى بمليم واحد، وقَبِل آثر بالطبع فهو يعتمد على مايدور في مخيلته أنه سيحصل على الكثير من زواجه، ولكن دائما ما تنقلب الموازين عندما يتأمل الشخص أكثر من اللازم بشيء مجهول في علم الغيب.
وبالرغم من قدوم والده وموافقته على الذهاب لطلبها إلا أن والدها فاجأ الجميع.
كان هذا الحديث كالماء المثلج الذي سقط على رأس سهيلة، تجمدت بارضها، وفي تلك اللحظات طرأت لها الف خاطرة وخاطرة، وللحظة واحدة شعرت أن أهلها لديهم حق، بانفعال تتحدث:
-ماذا تقول؟! ماذا تقصد يا آثر؟! وهل انا في نظرك تلك الفتاة الرخيصة التي تجلب العار لأهلها وتخذلهم؟ هل انا تلك الفتاة في نظرك؟ يالخسارتي، يا ليتني لم اعرفك يوماً، لا اصدق انك تفكر بي بهذه الطريقة.
شعر أن الأمر سيخرج عن سيطرته، انقلبت عليه خطته الشريرة، أدرك الخطأ الذي ارتكبه في الحديث وحاول إصلاحه بسرعة؛ حتى لا يتفاقم ويخسر كل شيء:
-ماذا تقولين يا سهيلة، اقول لكِ ذلك؛ لأني اشتاق اليك حد الجنون، وانت تقولين ليتك ما عرفتني، يا الهي ماذا افعل لك اكثر من ذلك لاثبت لكِ اني احبك كثيراً وانك لدي بمثابة الدنيا ولستِ تلك الفتاة الرخيصة كما تتحدثين.
بدأ ينفعل ويعلو صوته ببكاء حزين:
-ليتني اموت يا سهيلة؛ لارتاح من هذا العذاب في بعدكِ عني، ليتني مت قبل أن أسمع منك هذا الكلام.
رق قلب سهيلة سريعا عندمات سمعت صوت بكائه المزيف، دموع التماسيح التي تخرجها ليس ندما على ما التهمته من إنسان أو حيوان وانما جراء زيادة نسبة الملوحة في الدم التي تنتقل إليها من فريستها، فتخرج تلك الأملاح على هيئة دموع بعد ذلك، عندما رآه البعض اعتقد انها نادمة على فعلتها.
-حسنا يا آثر اهدأ ارجوك انا اسفة، لم أقصد ذلك، لكن حديثك هذا اثار غضبي حقا، ظننت أني بلا قيمة لديك.
بشهيق وبكاء يتحدث:
-هذا لانكِ لا تحبينني كما احبكِ، لو كنتِ تحبينني لما ظننتي بي هذا الظن المسيء، ولعلمتي اني اقول ذلك حبا بكِ.
-اعتذر منك يا آثر سامحني، لكن هذا الأمر مرفوض بالمرة بالنسبة إلي، لم تريد أن تسرق مني فرحتي بثوب زفافي وفرحتي بوجودك جانبي أمام الناس؟ انا مثل اي فتاة اريد أن أتزوج بك أمام الجميع وبالاصول.
-حسنا يا سهيلة أنا أعتذر منكِ ولن أتحدث معك مرة أخرى عما يجول في خاطري، مهما آلمني الاشتياق لكِ ساكتم داخلي وابق الأمر سرا لن ابوح به.
بعد حديث دام بينهما لفترة طويلة عبر الهاتف حتى اقتنعت سهيلة أنه ملاك برئ، وإن لا احد يحبها في الكون أكثر منه، تغاضت عن طلبه وتراجع عن حديثه وقام بتبديل الخطة وأخذ منحنى آخر لتحقيق رغبته وهو أن ابسط ما يكون أن يراها يوميا عبر الصور ليخمد رغبة الاشتياق إليها.
الى أن اتى يوم وطلب منها أن يأتي لمقابلة والدها ويضع حدا للموضوع لكن والدها رفض مقابلته وطلب من خالها أن يستقبله بدلا منه، ويتحدث معه وينهي الأمر، لكن إصرار آثر وسهيلة على بقائهم معا كان أقوى من رغبة والدها، اخبر خالها والدها بما تم بينه وبين آثر في المقابلة، وأخبره أن يتقبل الأمر ويدعها تتحمل نتيجة اختيارها.
ولكن والدها مازال مصرا على رأيه وهذا ما جعل سهيلة تقع فريسة لصيد الشيطان الماكر للمرة الألف، برغبتها ورضائها؛ لأنها تراه الضحية الوحيدة والمظلوم الوحيد في هذه العلاقة؛ ولأن والدها لم يتحدث إليها قط وجها لوجه ويخبرها بوجهة نظره أو ما يراه في آثر هي لا تستطيع رؤيته، بعد والدها عنها أيضا كان سببا من الأسباب الرئيسية في وقوعها فريسة بين شباك هذا الصياد الماهر، والذي نصب شباكه بكل دقة حتى اتت بصيد ثمين.
بعدما رجع آثر إلى منزله، تحدث إلى سهيلة عبر الهاتف منفعلا يصرخ آثر بصوت مرتفع وغاضب بنبرة تهديد يتحدث:
-ان لم تفعلي ذلك يا سهيلة لن تري وجهي مرة أخرى، ماذا افعل لك اكثر من ذلك؟! ماذا افعل لترضى عائلتكِ، وها أنت الآن ترفضين البقاء معي، كنت اعلم انكِ ستتأثرين بحديثهم يوما ما.
بصوت حزين وباكِ يحطم القلب:
-تعلمين كم عانيت لأجلك يا سهيلة، وكم تحملت من الإهانات؛ كي اكون بجانبك، لكن إلى هنا وكفى، لقد اكتفيت وعلمت مكانتي لديك الآن.
بصوت حزين ومتوتر:
-آثر توقف عن قول ذلك ارجوك، ليس الأمر كما تعتقد، لكن لا فائدة مما سنفعله، ما تطلبه الان لن يعود بالنفع علينا بشيء، بل ربما متأذى منه اكثر، رجاءا اهدأ؛ حتى نستطيع التفكير بعقلانية والتحدث بالامر.
بصوت مرتفع ونبرة تهديد قاسية، فهو يعلم في نهاية الأمر أنه سيحصل على مايريد، بالطبع تلك الثقة يكتسبها الشخص عندما يتمكن من معرفة نقاط ضعف الطرف الآخر ويعلم كيفية استغلالها، ذلك الخبيث جعلها تعشقه حد الموت وكان عشقه هو قاتلها الوحيد:
-لن اهدأ يا سهيلة، فقط اريد سماع شيء واحد منكِ، تريدين الزواج بي ام لا؟
تريدين البقاء معي ام لا؟
بلا تردد قالتها بحب وصفاء نية:
-بالطبع اريد، ولكن.
بتر حديثها حتى يتمكن من إكمال تأثيره عليها، ذاك السحر الخفي الذي ألقاه عليها فجعلها كأداة بين يديه يستعملها وقتما يشاء:
-ليس هناك بكن، إن كنت تريدين البقاء معي فلنتزوج الآن، ولتكوني زوجتي أمام الله؛ حتى لا يستطيع اهلك اجباركِ على الزواج من آخر، وحتى أطمئن انك معي وانك ملكي انا فقط.
بتنهيدات حارقة، مغلوبة على أمرها، تستسلم أمام حديثه الذي سيطر على عقلها كليا:
-حسنا يا آثر كما تريد ان كان هذا ما سيريحك ويجعلك تطمئن سأفعله، قل لي الآن ماذا تريد مني أن افعل، ولكن قبل ذلك .
بتر حديثها ليجعلها تطمئن ذلك الشيطان الذي يخفي حقيقته خلف وجه رجل عاشق وضحية للحب، ابتسم تلك الابتسامة الخبيثة، لقد حصل على ما يريد ولكن هناك زر بسيط لابد من الضغط عليه برفق حتى تكتمل مهمته:
-اعلم ماذا ستقولين.
تحدث بصوت حنون وطيب، بحب وهدوء:
-انا احبك اكثر من نفسي، أحافظ عليك كما احافظ على قطعة من جسدي، بالإضافة إلى انك بمكان وانا بآخر، كيف ساقترب منكِ اذا؟ افعل ذلك من أجل الحفاظ عليك يا سهيلة.
تنهدت مستسلمة للأمر:
-حسنا يا آثر، لكن عدني بانك ستحافظ على ذلك ولن تخذلني؟
-اعدك بأني لن اخذلكِ ابدا، وستظلين زوجتي أمام الله حتى تتقبل هائلتك ارتباطنا، ويقبل والدك بزواجنا.
في محاولة أخرى من عقله الشيطاني لاقناعها برغبته الكامنة، يعتقد أنه سيجعلها تقبل كما قبلت رغبته الآن:
-لقد طلبت منك أن نتزوج سابقا دون علم أحد ونضعهم أمام الأمر الواقع لكنك لم تقبلي ذلك، بالرغم من أنه كان الحل الأمثل لما نحن به الآن، كان يستقبل والدك الأمر مع مرور الوقت وسيتقبل الجميع.
بترت حديثة بانفعال وضيق:
-بالطبع لا لن افعل ذلك يا آثر ولا تتجرأ على التحدث معي بهذا الأمر والا ستخسرني إلى الابد، لن اكون تلك الفتاة التي تخذل اهلها وتجلب لهم العار، إن كنت حقا تحبني لا تتحدث بهذا الأمر مجددا، او ساعلم اني سلعة رخيصة بالنسبة إليك تباع وتشترى.
-حسنا حسنا انسيّ الأمر، هيا قولي ورائي يا حبيبتي، زوجتك نفسي…
بدأ آثر يمارس عليها حقوقه كزوج حقيقي، لا تخرج من المنزل دون اذنه، لا ترتدي ملابسها التي كانت ترتديها من قبل، كزوجة مطيعة تلبي طلباته ورغباته دون مناقشة، بحجة أنه يغار عليها وأنه زوجها امام الله وستحاسب على غضبه منها، لم تعد تعمل ولا تذهب للجامعة.
مرت عدة أشهر على هذا الوضع إلى أن مرض عم سهيلة الأكبر مرضا شديدا، وظل على فراش الموت مدة قاربت الشهر، كان يقطن عمها في محافظة الشرقية، سافر إليه والدها ليراه قبل رحيله وأخبره بموضوع سهيلة وآثر، وكان عمها من اقنع والدها بالقبول وتركها تتحمل نتيجة اختيارها، بل وأخبره أن يفعل ذلك قبل رحيله ربما يشفى من مرضه ويأتي لحضور خطبتها.
كانت سهيلة تحب عمها كثيرا وهو كذلك، وبالفعل قبل والدها واخبر والدتها أن تخبرها إن كان آثر ما زال يريد أن يتقدم لخطبتها فليأت ولكن بشرط حضور والده، والذي كان يعلم آثر أنه شيء شبه مستحيل.
حاول آثر بكل الطرق إقناع والده بالذهاب معه لطب سهيلة للزواج، وقبل والده بعدة شروط وهي أن يذهب معه كصورة فقط ليس إلا، لا علاقة له بالزواج وتكاليفه وما يتبعه من عادات وتقاليد، واشترط ايضاً على آثر أن يقوم بتجهيزاته اللازمة لزفافه دون أن يسأله بمال ولا حتى بمليم واحد، وقَبِل آثر بالطبع فهو يعتمد على مايدور في مخيلته أنه سيحصل على الكثير من زواجه، ولكن دائما ما تنقلب الموازين عندما يتأمل الشخص أكثر من اللازم بشيء مجهول في علم الغيب.
وبالرغم من قدوم والده وموافقته على الذهاب لطلبها إلا أن والدها فاجأ الجميع.