الفصل الخامس نزهة
كانت بيلا تقص كل شيء حدث معها على صديقتها، اجابتها الأخرى في عدم رضا وضيق شديد:
-ما هذا الهراء يا بيلا؟ كيف تتقبلي أن يعاملكِ بتلك الطريقة؟ لو كنت محلكِ لم أكن لأسمح بتلك الأشياء أبدًا.
جففت بيلا دموعها وهي تشعر بالضيق الشديد:
-أنا الآن زوجته يا منار، لا يمكنني أن أفعل شيء ولا يمكنني أن أبتعد عنه، أنا أحبه لكنني لا أعرف كيف يمكنني أن أتعامل معه؟ لطالما كان شخص مختلف وغريب جدًا، لكنه الآن أكثر غرابة، هل من الممكن أن يكون هذا بسبب وجودنا وسط عائلته؟!
فكرت منار لقليل من الوقت وهي لا تعلم كيف يمكن لوجودهم بين عائلته أن يجعله يتحول إلى هذا الشخص عديم المشاعر؟!
تحدثت بيلا من جديد عندما طال صمت صديقتها وهي تشعر بالاستياء من كل شيء يحدث حولها:
-لماذا أنتِ صامتة يا منار؟ هل تفكرين في شيء ما؟!
اجابتها منار وهي تحاول أن تجد حل لهذه المشكلة التي تعاني منها صديقتها:
-نعم يا بيلا، اسمعيني يا عزيزتي، أنا أعلم كل العلم أنكِ فتاة عفوية، تحبين التعامل مع الجميل بود وبساطة، لكن صدقيني الأمور لا تسير بشكل جيد في كثير من الأوقات، يجب ان تجدي بعض الحيل لتتعاملي بها مع شخص مثل أنس، اجعليه يشعر بالغيرة عليكِ.
رفعت بيلا شعرها بضيق شديد وهي تتحدث بانفعال:
-اخبريني يا منار كيف أجعله يغار، هو يخرج ويتركني بين عائلته ومن ثم يعود ولم يفعل شيء سوى ازعاجي!
ضحكت منار وتحدثت بغيظ مصطنع إلى بيلا:
-أنا لا أعلم متى سوف تجيدي التعامل مع الأشخاص يا بيلا؟ حسنًا ليس هذا وقته الآن أنا سوف أتحدث معكِ في كثير من الأمور، لكن عليكِ أن تعرفي متى تقومي بتطبيقها ومتى تتوقفي حسنًا؟!
اومأت بيلا وهي تجيبها مسرعة:
-حسنًا هيا ابدأي الآن يا فتاة، لا تدعيني أتحمس أكثر.
ابتسمت منار وهي تعلم أن صديقتها فتاة من الصعب أن يجدوا مثلها ومثل قلبها الطيب مهما حدث، لم تبخل عليها بالحديث ولقد مر الكثير من الوقت دون شعور منهم وقد خرجت بيلا من حالة الحزن التي دلفت إليها بسبب أنس وكل شيء قام به.
أتى اليوم التالي واقتربت أسماء من غرفة بيلا لتقوم بدق الباب:
-حبيبتي بيلا هل أنتِ مستيقظة؟!
كانت بالفعل انتهت بيلا من تبديل ثيابها وبدأت بتمشيط شعرها:
-نعم يا أمي لقد انتهيت وسوف ألحق بكِ في الحال.
هبطت أسماء ووجدت بدر بدأ في تناول الطعام لتضحك أسماء:
-لا يمكنك الانتظار قليلًا يا بدر أظن أن وقت الطعام أهم لديك من اجتماعنا!
اجابها بدر باقتضاب:
-بالطبع لا يا أمي، لكن أفضل أن يحدث كل شيء في معاده، هذا أفضل.
اومأت له وشعرت بالحيرة وهي تقوم بسؤاله:
-لم يتحدث أنس مع بيلا منذ أن كانا معًا ليلة أمس هل تعرف شيء بخصوصهم؟!
حرك بدر رأسه بنفي وهو يتذكر حديث أنس، لقد اخبره بوضوح ليلة أمس أن هذه حياته ولا يريد لأي شخص أن يتدخل بها كما يفعل معه ولا يتدخل بحياته مع زوجته! نظر إلى أسماء بانتباه وهو يتحدث إليها بجدية:
-أظن أن زواج أنس الآن ومن تلك الفتاة يا أمي لن يكون في صالحه أبدًا، هو غير مسؤول، حتى أن الفاقدللعقل يستطيع أن يدرك هذا الشيء!
أخذت أسماء نفس عميق وهي تتحدث باستياء شديد:
-أنا أعلم أنك محق يا بدر، لكن ما الشيء الموجود بيدنا لنفعله؟ أخشى أن يظلم الفتاة اليتيمة معه، هي بريئة كثيرًا و..
قاطعهم صوت بيلا التي هبطت بنشاط كما لو لم تنهار ليلة أمس ورأها الجميع:
-صباح الخير للجميع.
لم ينظر بدر تجاهها وقد لمحها بهذا الفستان طويل الأكمام والذي يصل إلى فوق الركبة، كما أنه مزين بالكثير من الزهور، اجابتها أسماء بحنان وهي تسألها باهتمام:
-هل نمتي جيدًا ليلة أمس يا بيلا؟!
اومأت لها بيلا وشرعت في تناول الطعام دون انتظار أنس، قررت أسماء أنها سوف تتحدث معها دون أي انتظار ومن ثم قامت بسؤالها:
-حبيبتي بيلا، لا تفهميني بشكل خاطئ، لكنني أريد أن أسألكِ هل ما زلتِ ترغبين في الزواج بأنس؟ أقصد عمل زفاف لكم وهذه الأمور!
انتبهت بيلا لها ومن ثم نظرت إلى بدر لتجده كما هو لم ينظر تجاهها ولم يعيرها أي إهتمام، نظرت إلى أسماء من جديد وهي ترمقها بحيرة شديدة:
-لماذا تقولي هذا الحديث الآن؟ هل تريدوا أن تنهوا هذا الزواج؟!
حركت أسماء رأسها بنفي وهي تشعر بالكثير من الحيرة:
-لا يا ابنتي، لكن كل شيء حدث جعلنا نشعر بالحيرة، أقصد إن كان أنس يسبب لكِ أي اعاج لا تترددي واخبرينا بالأمر على الفور.
سمعهم أنس في هذا الوقت أثناء هبوطه:
-ماذا به أنس؟ لماذا تذكروني في هذا الصباح الباكر يا ترى؟!
تجاهلته بيلا بينما بدر يظن أن هذا بسبب حديثه معها بأمر الجرح، لم يعرف أن شقيقه من فعلها وربما إن عرف ستكون هذه صدمة حياته به، اقترب أنس ومن ثم قام بتقبيل وجنتها أمام الجميع وهو يتحدث وكأن شيء لم يحدث:
-صباح الخير يا زوجتي الحبيبة.
لم تجيبه وهي تشعر بالكثير من الضيق بل قامت بابعاد وجهها عنه، شعر بالغضب الشديد ولكنه ابتسم واتدعى عدم الاكتراث ليجلس بجوارها من بعدها:
-هل نمتِ جيدًا يا حلوتي؟
اومأت له وهي تحاول أن تتجنب الحديث معه كما قالت منار لها، عليها أن تتجاهله حتى لا يظن أنه قد امتلكها.
نظرت أسماء إلى بدر بحيرة وهي تتناول طعامها:
-متى سوف تعود أمل وأختك بيري إلى المنزل يا بدر؟!
ابتسم بدر وهو يجيبها:
-بعد غد على الأكثر.
ابتسم أنس وهو ينظر إلى بدر باعجاب:
-لم أراها منذ زواجك بها هل تصدق هذا؟ من الجيد أنها سوف تأتي، أيضًا اشتقت كثيرًا إلى بيري، تلك الشقية التي تملأ المنزل بالسعادة.
نظر إلى بيلا وهو يغمز لها:
-من الممكن أن تكون هي وبيلا أصدقاء، سوف يكون هذا الأمر رائع يا بدر.
لم يعقب بدر على حديثه وأكمل تناوله للطعام وهو يشعر بالكثير من الحيرة في أمره هو وبيلا، انتهوا من تناول الطعام واستعد بدر للخروج، وقفت بيلا أمامه ليطالعها بتعجب بينما هي ارجعت شعرها للخلف وهي تشعر بالكثيرمن الارتباك:
-هل من الممكن أن نتحدث معًا يا أخي؟
رفع بدر حاجبه الأيمن وهو ينظر لها بتعجب:
-بماذا سوف نتحدث؟ ما الذي تريدي قوله يا ترى؟!
كان يلاحظ أصابعها المتشابكة بعضها ببعض وهذا جعله يعلم كم هي مرتبكة، نظرت له بعينيها الملونة بلون العسل:
-في الحقيقة يا أخي أنا لا أرتاح لتتعامل بهذا الشكل، أنا لا أعلم ما الذي تفكر به يجعلك تتعامل معي بهذا الشكل، صدقني أنا لا أفعل شيء يجعلك تتعامل معي بتلك الطريقة.
نظر بدر لها وهو يقوم بتحذيرها:
-من الأفضل أن تتجنبيني يا بيلا، هذا الشيء سوف يكون الأصلح لكِ.
هم ليغادر ولكنها امسكت بزراعه لتقف أمامه من جديد وهي تتحدث بسرعة:
-انتظر أرجوك يا أخي، أنا لا أريد منك أن تشعر بكل هذا الضيق تجاهي، صدقني أنا لن أفعل أي شيء من الممكن أن يضركم.
ابتسم بدر ساخرًا وهو ينظر لها بعدم استيعاب:
-أنا لا أعلم ما الذي تحاولي أن تفعليه يا ترى؟ تحاولين أن تنالي رضا عائلته؟!
ضربت بيلا الأرض بقدمها وهي تشعر بالكثير من الضيق، لا تعلم ما الذي عليها أن تفعله وكيف تتعامل معه وهو حتى لا يعطيها الفرصة! تحدثت إليه بانزعاج شديد:
-أنت ما الذي تريده بالضبط؟ لماذا تتصرف بتلك الطريقة العدائية ما هي مشكلتك يا بدر اخبرني؟!
تحدث بدر بانفعال شديد وهو يقوم بتحذرها:
-اخفضي صوتكِ إياكِ أن تفكري في التحدث معي بتلك الطريقة؛ لأنني وببساطة لن أسمح لكِ يا بيلا تجنبيني إن كنتِ تريدي البقاء هنا في هذا المنزل.
تركها ومن ثم ذهب للخارج ليباشر عمله ويمر على الأراضي الخاصة به بينما أنس اقترب منها وهو يحمل كوب من الشاي الساخن:
-أنتِ حقًا تفاجأيني يا بيلا، أنا لا أعلم ما الذي يخطر في بالكِ لتتحدثي مع بدر دونًا عن الجميع، سوف أقول لكِ أن الأفضل هو تجاهله، لكن لا أظن أنكِ سوف تسمعيني على كل حال.
نظرت له بضيق شديد ومن ثم تجاهلته يقف أمامها وهو يضع يد على شعرها:
-تبدين جميلة للغاية بهذا الفستان يا حلوتي، أشعر أنني على وشك أن التهمكِ.
احمرت وجنتيها خجلًا وهي تبتعد عنه قائلة بارتباك:
-سوف أذهب للمطبخ، أريد مساعدة والدتك.
حاوط كتفيها وهو يهمس لها بحنان:
-دعينا نسهر اليوم معًا يا حبيبتي، لقد اشتقت للبقاء معكِ، دعينا ننسى كل شيء حدث ونبدأ معًا من جديد.
ابتلعت بيلا ما بحلقها وهي تشعر بالكثير من التردد:
-لا أعلم ما الذي أقوله لك يا أنس، لكن في الحقيقة شعرت ببعض القلق في الصباح.
عقد أنس حاجبيه وهو يسألها بعينيه:
-اخبريني لماذا يا حبيبتي؟
ابتلعت ما بحلقها بتردد وهي لا تعلم هل الشيء التي ستقوم به في مصلحتها أم لا، قالت في سرها أن منار إن علمت أنها اظهرت له تمسكها به وبعلاقتهم سوف تقتلها دون شك، حركت رأسها بنفي:
-ليس من أجل شيء محدد، أرى أن هذه الفترة مليئة بالتوتر، ألا ترى هذا؟!
شرب آخر شيء موجود بالكوب ليعطيه لها:
-بالطبع أرى هذا، لهذا السبب اخبرتكِ أن نسهر معًا اليوم، سوف أذهب الآن مع بعض أصدقائي وسوف أعود على الغداء.
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تتحدث إليه برجاء شديد:
-لا تذهب يا أنس أرجوك، على الأقل خذني معك، أنا لن أزعجك لكنني مللت من البقاء هنا، منذ أن أتيت معك وأنا لم أخرج.
نظر أنس لها ورأى الرجاء داخل عينيها، أخذ نفس عميق بارهاق:
-سوف أذهب للقاء أصدقائي يا بيلا، لن تكون الأجواء لطيفة بالنسبة لكِ، لن تكون سعيدة.
تشبست بيده وهي تنظر له برجاء:
-على الأقل يا أنس سوف أسير في القرية، يمكننا أن نتسلى صدقني، الأجواء الريفية لطيفة للغاية.
أخذ أنس نفس عميق ومن ثم نظر لها وهو يبتسم:
-حسنًا يا بيلا هيا بنا.
تركت كوب الشاي على الطاولة ونادت إلى أسماء بصوت مرتفع:
-أمي أنا وأنس سوف نخرج من أجل التنزه هل ترغبين في شيء ما يا ترى؟!
اقتربت أسماء بتعجب:
-أين سوف تذهبون يا ترى؟!
ابتسمت بيلا بحماس شديد:
-سوف نخرج معًا، وافق أنس وأنا كنت في انتظار هذا الأمر، هل تحبين أن تأتي معنا؟!
حركت أسماء رأسها بنفي وهي تبتسم لها:
-اعتني بها يا أنس، إن حدث معك أي شيء أتصل على بدر وسوف يأتي إليك فورًا.
تحدث أنس بضيق شديد وهو ينظر لها:
-أمي أرجوكِ أنا لست طفل صغير ليأتي بدر لي وويساعدني! توقفي عن التعامل معي وكأني طفل صغير.
غادر بانزعاج ولحقت به بيلا وهي تشعر بالتعجب:
-هي قلقة بشأننا لماذا تعاملها بتلك الطريقة؟!
نظر أنس إلى بيلا بانفعال شديد:
-هذه أمي يا بيلا لا تتدخلي في هذا الأمر، تعاملي مع عائلتي خاص بي وحدي، لا يخص أي شخص آخر ولا يخصكِ هل تفهمين هذا؟!
نظرت له بعتاب شديد:
-أنا حقًا لا أعلم لماذا تتعامل بهذا الشكل معي يا أنس، هل نسيت أنني زوجتك؟ عليك أن تتذكر أنني زوجتك ولست عدوة تخشى شرها.
سحبها أنس وهو يشعر بالضيق الشديد:
-كفى حديث دون فائدة يا بيلا، لا تتدخلي وتوقفي عن الجدال لأن هذا أكثر شيء أكرهه أنا.
التزمت الصمت وهي تسير معه، كانت تراه يتحدث مع الكثير من الأشخاص والكثير ينظروا تجاههم، نظرت إليه بحيرة:
-لماذا ينظروا لنا بتلك الطريقة يا أنس؟
ضحك وهو ينظر لها ويتأمل عينيها العسلية:
-هذا لأنكِ جميلة إلى الحد الذي يجعل الجميع عاجز عن رفع عينيه عليكِ يا حبيبتي.
ابتسمت بارتباك ظهر بوضوح على وجهها وهي متشبسة بزراعه وتتابع كل شيء من حولها، مر الوقت وعاد بدر إلى المنزل، فتحت أسماء الباب له وهي ترحب به:
-مرحبًا بعودتك يا حبيبي، دقائق وسوف يكون الغداء جاهز.
قام بدر بتقبيل يدها بحنان وهو يسألها باهتمام:
-هل أتت سعاد التي تقوم بمساعدتكِ في أعمال المنزل؟
حركت أسماء رأسها بنفي وهي تجيبه بعفوية:
-لقد كانت مريضة وأنا قومت باعطائها إجازة تستطيع أن ترتاح لبضع أيام، هل ستنتظر أخاك وزوجته أم ستتناول الطعام؟!
عقد بدر حاجبيه بتعجب وهو يسألها بعينيه:
-لا أفهم أين ذهب أنس؟
اجابته أسماء وهي لا تعلم ما الذي يجعله متعجب بتلك الطريقة:
-لقد خرج هو وبيلا، كانت متحمسة للتنزه معه، اخبرتني أن أتي معهم، لكن كما تعلم لست متفرغة يا بدر.
قام بدر بتدليك جبينه بانزعاج شديد:
-إلى أين اصطحبها؟ اخبريني يا أمي هل كانت ترتدي هذا الفستان الذي يكشف قدميها؟!
علمت أسماء أن بدر لن يبقى صامتًا للكثير من الوقت، بدأت في التحدث معه بلين:
-حبيبي هي حرة، يمكنها أن ترتدي أي شيء تريده هذا لا يخصنا.
حرك بدر رأسه بعدم استيعاب وهو ينظر لها بانزعاج شديد:
-كيف لا يخصنا يا أمي؟ اخبريني كيف لا يعنينا هذا الأمر؟ هذه الفتاة تجلس في منزلنا، اسمها قد اقترن باسمها منذ أن أتى بها أنس بعد أن تزوجها.
اومأت أسماء له وهي لا تعلم ما الذي يجب أن تقوله، تحدث بدر بضيق شديد:
-لا تنتظروني على الغداء يا أمي.
خرج من المنزل وهو يسير بانفعال شديد ولم يمر الكثير من الوقت ليسمع صوتها تبكي وهي تصرخ بأحدهم:
-ليس لك شأن بي ابتعد واتركني وشأني.
-ما هذا الهراء يا بيلا؟ كيف تتقبلي أن يعاملكِ بتلك الطريقة؟ لو كنت محلكِ لم أكن لأسمح بتلك الأشياء أبدًا.
جففت بيلا دموعها وهي تشعر بالضيق الشديد:
-أنا الآن زوجته يا منار، لا يمكنني أن أفعل شيء ولا يمكنني أن أبتعد عنه، أنا أحبه لكنني لا أعرف كيف يمكنني أن أتعامل معه؟ لطالما كان شخص مختلف وغريب جدًا، لكنه الآن أكثر غرابة، هل من الممكن أن يكون هذا بسبب وجودنا وسط عائلته؟!
فكرت منار لقليل من الوقت وهي لا تعلم كيف يمكن لوجودهم بين عائلته أن يجعله يتحول إلى هذا الشخص عديم المشاعر؟!
تحدثت بيلا من جديد عندما طال صمت صديقتها وهي تشعر بالاستياء من كل شيء يحدث حولها:
-لماذا أنتِ صامتة يا منار؟ هل تفكرين في شيء ما؟!
اجابتها منار وهي تحاول أن تجد حل لهذه المشكلة التي تعاني منها صديقتها:
-نعم يا بيلا، اسمعيني يا عزيزتي، أنا أعلم كل العلم أنكِ فتاة عفوية، تحبين التعامل مع الجميل بود وبساطة، لكن صدقيني الأمور لا تسير بشكل جيد في كثير من الأوقات، يجب ان تجدي بعض الحيل لتتعاملي بها مع شخص مثل أنس، اجعليه يشعر بالغيرة عليكِ.
رفعت بيلا شعرها بضيق شديد وهي تتحدث بانفعال:
-اخبريني يا منار كيف أجعله يغار، هو يخرج ويتركني بين عائلته ومن ثم يعود ولم يفعل شيء سوى ازعاجي!
ضحكت منار وتحدثت بغيظ مصطنع إلى بيلا:
-أنا لا أعلم متى سوف تجيدي التعامل مع الأشخاص يا بيلا؟ حسنًا ليس هذا وقته الآن أنا سوف أتحدث معكِ في كثير من الأمور، لكن عليكِ أن تعرفي متى تقومي بتطبيقها ومتى تتوقفي حسنًا؟!
اومأت بيلا وهي تجيبها مسرعة:
-حسنًا هيا ابدأي الآن يا فتاة، لا تدعيني أتحمس أكثر.
ابتسمت منار وهي تعلم أن صديقتها فتاة من الصعب أن يجدوا مثلها ومثل قلبها الطيب مهما حدث، لم تبخل عليها بالحديث ولقد مر الكثير من الوقت دون شعور منهم وقد خرجت بيلا من حالة الحزن التي دلفت إليها بسبب أنس وكل شيء قام به.
أتى اليوم التالي واقتربت أسماء من غرفة بيلا لتقوم بدق الباب:
-حبيبتي بيلا هل أنتِ مستيقظة؟!
كانت بالفعل انتهت بيلا من تبديل ثيابها وبدأت بتمشيط شعرها:
-نعم يا أمي لقد انتهيت وسوف ألحق بكِ في الحال.
هبطت أسماء ووجدت بدر بدأ في تناول الطعام لتضحك أسماء:
-لا يمكنك الانتظار قليلًا يا بدر أظن أن وقت الطعام أهم لديك من اجتماعنا!
اجابها بدر باقتضاب:
-بالطبع لا يا أمي، لكن أفضل أن يحدث كل شيء في معاده، هذا أفضل.
اومأت له وشعرت بالحيرة وهي تقوم بسؤاله:
-لم يتحدث أنس مع بيلا منذ أن كانا معًا ليلة أمس هل تعرف شيء بخصوصهم؟!
حرك بدر رأسه بنفي وهو يتذكر حديث أنس، لقد اخبره بوضوح ليلة أمس أن هذه حياته ولا يريد لأي شخص أن يتدخل بها كما يفعل معه ولا يتدخل بحياته مع زوجته! نظر إلى أسماء بانتباه وهو يتحدث إليها بجدية:
-أظن أن زواج أنس الآن ومن تلك الفتاة يا أمي لن يكون في صالحه أبدًا، هو غير مسؤول، حتى أن الفاقدللعقل يستطيع أن يدرك هذا الشيء!
أخذت أسماء نفس عميق وهي تتحدث باستياء شديد:
-أنا أعلم أنك محق يا بدر، لكن ما الشيء الموجود بيدنا لنفعله؟ أخشى أن يظلم الفتاة اليتيمة معه، هي بريئة كثيرًا و..
قاطعهم صوت بيلا التي هبطت بنشاط كما لو لم تنهار ليلة أمس ورأها الجميع:
-صباح الخير للجميع.
لم ينظر بدر تجاهها وقد لمحها بهذا الفستان طويل الأكمام والذي يصل إلى فوق الركبة، كما أنه مزين بالكثير من الزهور، اجابتها أسماء بحنان وهي تسألها باهتمام:
-هل نمتي جيدًا ليلة أمس يا بيلا؟!
اومأت لها بيلا وشرعت في تناول الطعام دون انتظار أنس، قررت أسماء أنها سوف تتحدث معها دون أي انتظار ومن ثم قامت بسؤالها:
-حبيبتي بيلا، لا تفهميني بشكل خاطئ، لكنني أريد أن أسألكِ هل ما زلتِ ترغبين في الزواج بأنس؟ أقصد عمل زفاف لكم وهذه الأمور!
انتبهت بيلا لها ومن ثم نظرت إلى بدر لتجده كما هو لم ينظر تجاهها ولم يعيرها أي إهتمام، نظرت إلى أسماء من جديد وهي ترمقها بحيرة شديدة:
-لماذا تقولي هذا الحديث الآن؟ هل تريدوا أن تنهوا هذا الزواج؟!
حركت أسماء رأسها بنفي وهي تشعر بالكثير من الحيرة:
-لا يا ابنتي، لكن كل شيء حدث جعلنا نشعر بالحيرة، أقصد إن كان أنس يسبب لكِ أي اعاج لا تترددي واخبرينا بالأمر على الفور.
سمعهم أنس في هذا الوقت أثناء هبوطه:
-ماذا به أنس؟ لماذا تذكروني في هذا الصباح الباكر يا ترى؟!
تجاهلته بيلا بينما بدر يظن أن هذا بسبب حديثه معها بأمر الجرح، لم يعرف أن شقيقه من فعلها وربما إن عرف ستكون هذه صدمة حياته به، اقترب أنس ومن ثم قام بتقبيل وجنتها أمام الجميع وهو يتحدث وكأن شيء لم يحدث:
-صباح الخير يا زوجتي الحبيبة.
لم تجيبه وهي تشعر بالكثير من الضيق بل قامت بابعاد وجهها عنه، شعر بالغضب الشديد ولكنه ابتسم واتدعى عدم الاكتراث ليجلس بجوارها من بعدها:
-هل نمتِ جيدًا يا حلوتي؟
اومأت له وهي تحاول أن تتجنب الحديث معه كما قالت منار لها، عليها أن تتجاهله حتى لا يظن أنه قد امتلكها.
نظرت أسماء إلى بدر بحيرة وهي تتناول طعامها:
-متى سوف تعود أمل وأختك بيري إلى المنزل يا بدر؟!
ابتسم بدر وهو يجيبها:
-بعد غد على الأكثر.
ابتسم أنس وهو ينظر إلى بدر باعجاب:
-لم أراها منذ زواجك بها هل تصدق هذا؟ من الجيد أنها سوف تأتي، أيضًا اشتقت كثيرًا إلى بيري، تلك الشقية التي تملأ المنزل بالسعادة.
نظر إلى بيلا وهو يغمز لها:
-من الممكن أن تكون هي وبيلا أصدقاء، سوف يكون هذا الأمر رائع يا بدر.
لم يعقب بدر على حديثه وأكمل تناوله للطعام وهو يشعر بالكثير من الحيرة في أمره هو وبيلا، انتهوا من تناول الطعام واستعد بدر للخروج، وقفت بيلا أمامه ليطالعها بتعجب بينما هي ارجعت شعرها للخلف وهي تشعر بالكثيرمن الارتباك:
-هل من الممكن أن نتحدث معًا يا أخي؟
رفع بدر حاجبه الأيمن وهو ينظر لها بتعجب:
-بماذا سوف نتحدث؟ ما الذي تريدي قوله يا ترى؟!
كان يلاحظ أصابعها المتشابكة بعضها ببعض وهذا جعله يعلم كم هي مرتبكة، نظرت له بعينيها الملونة بلون العسل:
-في الحقيقة يا أخي أنا لا أرتاح لتتعامل بهذا الشكل، أنا لا أعلم ما الذي تفكر به يجعلك تتعامل معي بهذا الشكل، صدقني أنا لا أفعل شيء يجعلك تتعامل معي بتلك الطريقة.
نظر بدر لها وهو يقوم بتحذيرها:
-من الأفضل أن تتجنبيني يا بيلا، هذا الشيء سوف يكون الأصلح لكِ.
هم ليغادر ولكنها امسكت بزراعه لتقف أمامه من جديد وهي تتحدث بسرعة:
-انتظر أرجوك يا أخي، أنا لا أريد منك أن تشعر بكل هذا الضيق تجاهي، صدقني أنا لن أفعل أي شيء من الممكن أن يضركم.
ابتسم بدر ساخرًا وهو ينظر لها بعدم استيعاب:
-أنا لا أعلم ما الذي تحاولي أن تفعليه يا ترى؟ تحاولين أن تنالي رضا عائلته؟!
ضربت بيلا الأرض بقدمها وهي تشعر بالكثير من الضيق، لا تعلم ما الذي عليها أن تفعله وكيف تتعامل معه وهو حتى لا يعطيها الفرصة! تحدثت إليه بانزعاج شديد:
-أنت ما الذي تريده بالضبط؟ لماذا تتصرف بتلك الطريقة العدائية ما هي مشكلتك يا بدر اخبرني؟!
تحدث بدر بانفعال شديد وهو يقوم بتحذرها:
-اخفضي صوتكِ إياكِ أن تفكري في التحدث معي بتلك الطريقة؛ لأنني وببساطة لن أسمح لكِ يا بيلا تجنبيني إن كنتِ تريدي البقاء هنا في هذا المنزل.
تركها ومن ثم ذهب للخارج ليباشر عمله ويمر على الأراضي الخاصة به بينما أنس اقترب منها وهو يحمل كوب من الشاي الساخن:
-أنتِ حقًا تفاجأيني يا بيلا، أنا لا أعلم ما الذي يخطر في بالكِ لتتحدثي مع بدر دونًا عن الجميع، سوف أقول لكِ أن الأفضل هو تجاهله، لكن لا أظن أنكِ سوف تسمعيني على كل حال.
نظرت له بضيق شديد ومن ثم تجاهلته يقف أمامها وهو يضع يد على شعرها:
-تبدين جميلة للغاية بهذا الفستان يا حلوتي، أشعر أنني على وشك أن التهمكِ.
احمرت وجنتيها خجلًا وهي تبتعد عنه قائلة بارتباك:
-سوف أذهب للمطبخ، أريد مساعدة والدتك.
حاوط كتفيها وهو يهمس لها بحنان:
-دعينا نسهر اليوم معًا يا حبيبتي، لقد اشتقت للبقاء معكِ، دعينا ننسى كل شيء حدث ونبدأ معًا من جديد.
ابتلعت بيلا ما بحلقها وهي تشعر بالكثير من التردد:
-لا أعلم ما الذي أقوله لك يا أنس، لكن في الحقيقة شعرت ببعض القلق في الصباح.
عقد أنس حاجبيه وهو يسألها بعينيه:
-اخبريني لماذا يا حبيبتي؟
ابتلعت ما بحلقها بتردد وهي لا تعلم هل الشيء التي ستقوم به في مصلحتها أم لا، قالت في سرها أن منار إن علمت أنها اظهرت له تمسكها به وبعلاقتهم سوف تقتلها دون شك، حركت رأسها بنفي:
-ليس من أجل شيء محدد، أرى أن هذه الفترة مليئة بالتوتر، ألا ترى هذا؟!
شرب آخر شيء موجود بالكوب ليعطيه لها:
-بالطبع أرى هذا، لهذا السبب اخبرتكِ أن نسهر معًا اليوم، سوف أذهب الآن مع بعض أصدقائي وسوف أعود على الغداء.
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تتحدث إليه برجاء شديد:
-لا تذهب يا أنس أرجوك، على الأقل خذني معك، أنا لن أزعجك لكنني مللت من البقاء هنا، منذ أن أتيت معك وأنا لم أخرج.
نظر أنس لها ورأى الرجاء داخل عينيها، أخذ نفس عميق بارهاق:
-سوف أذهب للقاء أصدقائي يا بيلا، لن تكون الأجواء لطيفة بالنسبة لكِ، لن تكون سعيدة.
تشبست بيده وهي تنظر له برجاء:
-على الأقل يا أنس سوف أسير في القرية، يمكننا أن نتسلى صدقني، الأجواء الريفية لطيفة للغاية.
أخذ أنس نفس عميق ومن ثم نظر لها وهو يبتسم:
-حسنًا يا بيلا هيا بنا.
تركت كوب الشاي على الطاولة ونادت إلى أسماء بصوت مرتفع:
-أمي أنا وأنس سوف نخرج من أجل التنزه هل ترغبين في شيء ما يا ترى؟!
اقتربت أسماء بتعجب:
-أين سوف تذهبون يا ترى؟!
ابتسمت بيلا بحماس شديد:
-سوف نخرج معًا، وافق أنس وأنا كنت في انتظار هذا الأمر، هل تحبين أن تأتي معنا؟!
حركت أسماء رأسها بنفي وهي تبتسم لها:
-اعتني بها يا أنس، إن حدث معك أي شيء أتصل على بدر وسوف يأتي إليك فورًا.
تحدث أنس بضيق شديد وهو ينظر لها:
-أمي أرجوكِ أنا لست طفل صغير ليأتي بدر لي وويساعدني! توقفي عن التعامل معي وكأني طفل صغير.
غادر بانزعاج ولحقت به بيلا وهي تشعر بالتعجب:
-هي قلقة بشأننا لماذا تعاملها بتلك الطريقة؟!
نظر أنس إلى بيلا بانفعال شديد:
-هذه أمي يا بيلا لا تتدخلي في هذا الأمر، تعاملي مع عائلتي خاص بي وحدي، لا يخص أي شخص آخر ولا يخصكِ هل تفهمين هذا؟!
نظرت له بعتاب شديد:
-أنا حقًا لا أعلم لماذا تتعامل بهذا الشكل معي يا أنس، هل نسيت أنني زوجتك؟ عليك أن تتذكر أنني زوجتك ولست عدوة تخشى شرها.
سحبها أنس وهو يشعر بالضيق الشديد:
-كفى حديث دون فائدة يا بيلا، لا تتدخلي وتوقفي عن الجدال لأن هذا أكثر شيء أكرهه أنا.
التزمت الصمت وهي تسير معه، كانت تراه يتحدث مع الكثير من الأشخاص والكثير ينظروا تجاههم، نظرت إليه بحيرة:
-لماذا ينظروا لنا بتلك الطريقة يا أنس؟
ضحك وهو ينظر لها ويتأمل عينيها العسلية:
-هذا لأنكِ جميلة إلى الحد الذي يجعل الجميع عاجز عن رفع عينيه عليكِ يا حبيبتي.
ابتسمت بارتباك ظهر بوضوح على وجهها وهي متشبسة بزراعه وتتابع كل شيء من حولها، مر الوقت وعاد بدر إلى المنزل، فتحت أسماء الباب له وهي ترحب به:
-مرحبًا بعودتك يا حبيبي، دقائق وسوف يكون الغداء جاهز.
قام بدر بتقبيل يدها بحنان وهو يسألها باهتمام:
-هل أتت سعاد التي تقوم بمساعدتكِ في أعمال المنزل؟
حركت أسماء رأسها بنفي وهي تجيبه بعفوية:
-لقد كانت مريضة وأنا قومت باعطائها إجازة تستطيع أن ترتاح لبضع أيام، هل ستنتظر أخاك وزوجته أم ستتناول الطعام؟!
عقد بدر حاجبيه بتعجب وهو يسألها بعينيه:
-لا أفهم أين ذهب أنس؟
اجابته أسماء وهي لا تعلم ما الذي يجعله متعجب بتلك الطريقة:
-لقد خرج هو وبيلا، كانت متحمسة للتنزه معه، اخبرتني أن أتي معهم، لكن كما تعلم لست متفرغة يا بدر.
قام بدر بتدليك جبينه بانزعاج شديد:
-إلى أين اصطحبها؟ اخبريني يا أمي هل كانت ترتدي هذا الفستان الذي يكشف قدميها؟!
علمت أسماء أن بدر لن يبقى صامتًا للكثير من الوقت، بدأت في التحدث معه بلين:
-حبيبي هي حرة، يمكنها أن ترتدي أي شيء تريده هذا لا يخصنا.
حرك بدر رأسه بعدم استيعاب وهو ينظر لها بانزعاج شديد:
-كيف لا يخصنا يا أمي؟ اخبريني كيف لا يعنينا هذا الأمر؟ هذه الفتاة تجلس في منزلنا، اسمها قد اقترن باسمها منذ أن أتى بها أنس بعد أن تزوجها.
اومأت أسماء له وهي لا تعلم ما الذي يجب أن تقوله، تحدث بدر بضيق شديد:
-لا تنتظروني على الغداء يا أمي.
خرج من المنزل وهو يسير بانفعال شديد ولم يمر الكثير من الوقت ليسمع صوتها تبكي وهي تصرخ بأحدهم:
-ليس لك شأن بي ابتعد واتركني وشأني.