الفصل 18
اومأت برأسها موافقة وجاءت تذهب أمسك جوزيف بيدها فالتفتت لتنظر إليه ، ورأت ابتسامته التي تجعله أكثر وسامة ، وتساءل جوزيف بمكر :
-لا تتذكرين ما أخبرتني به الليلة الماضية ؟!
اومأت رأسها بالنفي ثم اعتدلت في وقفتها وتساءلت بهدوء :
-ما الذي أخبرتك به ؟!
انحنى ليضع الكوب على حافة حمام السباحة ثم وضع يديه على ذراعيه ونظر إلى عيناها بحب قائلا :
-اذا أخبرتك ستحزنين كثيرا .. فلا داعي .. سأخبرك في وقت لاحق ..
ثم تنهد بعمق وقال :
-والأن اجهزي للعودة إلى القرية من أجل زفاف شقيقي
اومأت برأسها موافقة ثم تركته واتجهت نحو المنزل وظل ينظر إليها وتذكر اعترافها له بحبها وكأنه يستمع إلى صوتها (( أحمق لم يمتلك قلب يوما ما .. لن يعلم انني أحبه .. أحبه كثيرا ، أحبه .. أحب ذاك الأحمق الذي لم يشعر بي )) ثم اتسعت ابتسامته وقال بسعادة :
-ما أجمل كلمة أحمق من شفتاكِ يا قهوتي المفضلة
أغلقت باب الغرفة بظهرها ثم وقفت أمام النافذة لتنظر إلى جان بحب ، وأخذت تعصر دماغها لكي تتذكر ما أخبرته به ولكن لم تتذكر شيئا ، وكل ما تذكرته حديثه الذي أغضبها فقط ، ولكن ما أخبرها به اليوم جعلها تشعر بالسعادة وشعرت بالسعادة أكثر عندما رفع جوزيف رأسه للأعلى ولفتت نظره لتظهر ابتسامة حب على ثغرة ، فابتسمت له هي الأخرى وأخرجت تهنيده حب قوية من صدرها ، ثم تراجعت للخلف بعيدا عن النافذة ثم استدارت حول نفسها بسعادة عدة مرات ثم جلست على الفراش تلتقط أنفاسها بصوت مستمع ..
رن هاتفها داخل حقيبة يدها فأخذتها من على الأرض لتخرج الهاتف ونظرت إلى شاشته التي تضيء برقم غير مسجل ، فأجابت عليه لتستمع إلى صوت رجل :
-مدام جين اود أن اقابلك الأن
تعجبت متسائلة :
-من أنت ؟!
لترتسم ابتسامة شيطانية على شفتيه وقال :
-أنا فيليب .. ولدي أوراق تلقي بزوجك في السجن .. لا تخبري انني تحدثت معك .. واعطيني معاد بمقابلتنا
وقفت تنظر إلى المسرح من الخارج ثم ازدردت لعابها ودخلت ، ثم بدلت ثيابها داخل الغرفة وخرجت لتجد السيدة الذي تعمل معها تخرج من غرفة كارولين ، فتقدمت نحو الغرفة و وقفت تنظر إلى أسمها ، بينما وقف روبير في بداية الردهة ينظر إليها ، فيما دقت أديل الباب وبمجرد أن دقت الباب تذكرت شيئا ما ، وعلى الفور اغمضت عيناها وتذكرت جان الذي عندما خرج من غرفته وأخبرها أنها تقرع الباب الخطأ وانها كانت تقصد باب غرفته ..
بينما فتحت كارولين الباب ونظرت إليها بكبرياء متسائلة :
-ماذا تريدي ؟!
لم تجيب أديل عليها فهي غارقة في بحر الذكريات ، التي كلما فعلت شيء له ذكرى معها تتذكره ، وتتمن الأن أن الزمن يعود للوراء حتى ترى جان التي اشتاقت إليه كثيرا ، حقا اشتاقت إليه ، لا تتحمل البعد أكثر ..
فتحت عيناها بفزع على صوت كارولين العالي وسؤالها الذي كررته ، فهدأت أديل من روعها ثم قالت :
-أريد الحديث معك لدقائق
ميلت بشفتيها جانبا ثم التفتت ودخلت لتجلس أمام المرآة تمشط شعرها ، فدخلت أديل ببضعة خطوات ، بينما تقدم روبير من الغرفة و وقف يستمع إلى حديث أديل الحزين :
-سيدتي اقدم لكِ اعتذاري على ما بدر مني في الأمس .. واود ان أخبرك انني لدي عائلة وادرس في جامعة ..
توقفت عن تمشيط شعرها ونظرت إليها في المرآة باهتمام وهي متابعة بنبرة حزينة :
-أنا لست فتاة سيئة لأنني أعمل خادمة .. الظروف هي من أجبرتني على هذا العمل ومضطرة للعمل هنا حتى انتهي من دراستي .. وسوف أمتلك شهادة جامعية مثلك تماما .. فالخادمة ليست قبيحة .. وأجمل من نساء كثيرين
التفت إليها بالمقعد وهي تقول بهدوء :
-حسنا اذهبي الأن إلى عملك
قالت دون تردد أو تفكير :
-اريد أن اتزوج
ارتفع حاجبيه في دهشة بينما تعجب روبير كثيرا واهتم بحديثها أكثر ، نهضت كارولين وتقدمت نحوها و وقفت متسائلة وكأنها لم تستمع إلى حديثها :
-ماذا قلتي ؟!
تنهدت بعمق وكررت طلبها مجددا ، لتضحك كارولين عاليا ثم قالت ساخرة :
-أخبرك أحد انني أعمل خاطبة ؟!
-كلا .. ولكن من المحتمل أن تساعديني .. اود أن اتزوج من شخص زواجنا يبقى على الورق فقط لمدة ثلاثة أيام .. ثم يطلقني لأكون فتاة منبوذة ولا أحد يفكر أن يتزوج بي
حدقت كارولين بها ولن تصدق ما تقوله أبدا ، لم تقابل في حياتها فتاة تود أن تكون منبوذة حتى لا تتزوج ، فما الذي حدث مع تلك الفتاة الجميلة لـ تتمن شيئا كهذا ؟! ، ابتسمت كارولين بخفه وقالت بعدم تصديق :
-انا لن اصدقك ..
ثم تساءلت في حيره شديده :
- لماذا تطلبين طلبا كهذا ؟!
- سوف اقص عليكِ كل شيء فيما بعد .. الان اطلب منك المساعدة فقط
اومأت برأسها بخفه ثم استأذنت أديل لتخرج وعلى الفور ذهب روبير سريعا ، ووقف امام احدى الغرف متصنعا أنه كان يخرج منها وعندما راي أديل ابتسم لها ثم سار بجوارها وهو يقول بفضول :
لقد سمعت حديثك الان مع كارولين ..
توقفت عن السير لتنظر إليه في دهشه ، فيما تنهد روبير بصوت مستمع وتابع دون تردد :
-انا مستعد للزواج منكِ .. زواج لمده ثلاثة ايام فقط يا أديل .. هل توافقين على الزواج بي ؟
حركن رأسها بالرفض عدت مرات ثم قالت :
لا .. لا اوافق فانا الخادمة وانت سيدي .. استسمحك عذراء
ثم تركته وذهبت بخطوات سريعة ، بينما وقفا روبير يتطلع إليها متعجبا حتى اختفت من أمامه ، بينما وقفت أديل تنظف مقاعد المسرح وهي تحدث نفسها " جان ، أنا أعترف انني أخطأت عندما اخترت البعد ، أنا لست بخير وعقلي مشتت ، انا لا شيء بـ دونك يا جان ، تحولت إلى كرة قدم واتبدل من قدم لأخرى ، عود أنت إلي من فضلك "
سحب دخان السيجارة إلى فمه ثم زفره في الهواء والقى بها على الأرض ، ثم دخل الغرفة ليجد عائلته مقيدة على الأرض ، فتبسم بخفة ثم دخل ليقف أمامهم ولا أحد نظر إليه عدا ابراهام ، الذي تطلع إليه باشمئزاز ثم تحدث بحده : -قلت لك أكثر من مائة مرة لن نعلم بمكان أديل
ليقول ببرود :
-وأنا لن اترك أي منكم إلا اذا علمت بمكان أديل
زفر ابراهام بسأم وتلاشى بالنظر لذاك اللعين ، فهو ليس شقيقة بل شيطان مسيطر عليه بأكمله ، تناول كيفن مقعد وجلس عليه وتطلع إلى الجميع ثم تحدث بجدية :
-لا أحتاج شيء سوى أديل .. اطمئنوا عليها معي .. أنا أحبها كثيرا ولا استطيع أن أوذيها
رفع عمه عيناه إليه بابتسامة خفيفة على ثغرة ثم تحدث ساخرا :
-بل ستؤذيها .. بمجرد ان تعلم عليها
وقعت كلمات عمه عليه كالسم ، وابتلع كلماته بمرارة ثم نهض واقفا وأخذ يمسح على وجهه بعصبية بالغة ، وقد فاض به ثم أخرج مسدس من الجراب و صوبه اتجاه شقيقة وتساءل بعنف ممزوج بالجنون :
-أين أديل ؟! .. وألا سأقتله
حدقن به في ذهول ، فرفع المسدس عن شقيقة وأطلق رصاصة في الهواء لتصرخ والدة أديل بخوف ، ثم صوب المسدس إلى ابراهام وقام بالتهديد مجددا ، بكت والدة أديل كثيرا وقالت بخوف :
-لن نعلم بمكانها .. ولكن أعلم أي جامعة تدرس
نظروا إليها في دهشة بينما غضب ابراهام وطلب منها ألا تقول شيئا ، فسعلت من كثرة البكاء ثم قالت بخوف :
-حتى لا يقتل يا بني
ثم أخبرته بعنوان الجامعة فوضع المسدس كما كان وتنهد بعمق ، ثم خرج وطلب من رجالة أن يفكون أسرهم ، ونفذوا رغبته على الفور واصطحابهم ابراهام إلى المنزل ..
جلست والدتها تبكي خوفا عليها من ذاك اللعين ، بينما اتصل ابراهام على أديل كثيرا ولكن لا تجيب عليه ، بفضل عملها وتركت الهاتف في الغرفة ، أخذ يتصل عليها مرارا وتكرارا ولكن بلا جدوى ، فزفر بسأم وقال ديفيد بهدوء :
-اهدأ يا بني .. الدراسة لم تبدأ بعد .. ومضطر أن ينتظر حتى موعد الدراسة .. وحينها ستكون علمت أديل بالأمر
-لماذا وافقت على الزواج من أوجين ؟!
قذفها توماس من فمه بحده بالغة وهو يقتحم الكوخ الخاص بـ جان ، رفع عيناه لينظر إليه بابتسامة جانبية ثم قال :
-هذا ليس من شأنك
-أوجيني شقيقتي الوحيدة يا جان .. و اود الاطمئنان عليها
ثم جلس على المقعد المجاور للمكتب وتابع بحنق :
-انت تحب أديل .. لماذا تتزوج من أوجين اذا ؟!
حك جان على جانب رأسه ثم نهض من مكانه و وقف خلف المقعد المقابل إلى توماس وقال بجدية :
-أعلم انك تود قتلي .. عندما سألت أحدهم من مع كيفن قال توماس بك
تصنع أنه لم يفهم شيئا وتساءل عن ماذا يتحدث ، ليبتسم جان بخفة ثم قال بتأكيد :
-تعلم يا توماس كل شيء ..
ثم تنهد بصوت مستمع وقال :
-شقيقتك تعلم انني أحب أديل و وافقت على الزواج .. والان ابتعد عن طريقي توماس فقلب شقيقتك ..
قبض قبضته بقوة وتابع بحده بالغة :
-داخل يدي .. ومتحكم به
نهض توماس وعيناه تخرج شرارات تشبه الجحيم متجه نحو جان الذي قذف من فاه كلمات جعلته يستشيط من الغيظ ، وجاء يتحدث دخل جوزيف الكوخ ينظر إليهم بابتسامة جانبية قائلا :
-مرحب بالشباب
تركهم توماس وغادر دون أن يتفوه بكلمه مما تعجب جوزيف من تصرفه ، فيما ابتسم جان بخفة ثم صافح شقيقة بحرارة وتبادلوا السلام ، ثم جلسوا على الاريكة وتساءل جوزيف :
-توماس يبدو عليه الغضب .. ماذا حدث بينكم ؟!
تنحنح وهو يضبط معطفه ثم قال بجدية :
-جوزيف انصت لي .. توماس لم يحبنا و كان سيقتلني
اندهش جوزيف بفضل حديث شقيقه الذي لم يصدقه وقال بتأكيد :
-اعلم انه لم يحبنا .. ولكن ليس لدرجة القتل يا جان
-بل لدرجة القتل يا جوزيف .. المال يجعل الانسان شيطان
صعدت جين إلى الغرفة بعد أن استأذنت من الجميع ، و وقفت أمام الشرفة تفكر في المكالمة التي لم تكن في الحسبان ، وشعرت بالخوف الشديد على جوزيف ، وأخذت تخبر نفسها انها لا زالت صغيرة وتحمل هم رجل وداخل دوامة من المشاكل والحزن ، اغمضت عيناها بهدوء تام ثم قالت بنبرة عتاب :
-لماذا يا أبي فعلت بي هذا .. الفتيات مثلي يمرحن الأن بـعطلة صيفية ممتعة .. وأنا اتحمل مسؤولية بيت و زوج
فتحت عيناها على صوت رنة هاتفها فأخذته لتنظر إلى شاشته التي ، تضيء بنفس الرقم المجهول ، فشعرت بالخوف ودقات قلبها تدق برهبة ، ثم فتحت المكالمة و وضعته على أذنها لتستمع إلى حديثه :
-أخبريني بمكان ومعاد مقابلتنا اليوم
نظرت خلفها ثم عادت بالنظر إلى الأمام وازدردت لعابها بصوت مستمع قائلة :
-لقد غادرت المدينة اليوم .. بمجرد عودتي سأخبرك
غضب كثيرا ثم قال بحنق :
-حسنا .. في انتظار مكالمتك
ثم انهى المكالمة فنظرت إلى الهاتف ويدها ترتعش بخوف ، فأمسكت يدها باليد الأخرى لتتوقف ثم جلست على الفراش واضعة الهاتف جوارها ، وأخذت تفكر من الذي تخبره بما يحدث معها ليساعدها ، لا تستطيع أن تخبر جوزيف خوفا عليه من ذاك المعتوه ان يفعل فيه شيئا كما أخبرها فيليب ..
دخل جوزيف مغلقا الباب خلفه فتناولت الهاتف على الفور وأغلقت الصوت ، حتى لا يسمع جوزيف صوته اذا فيليب هاتفها مجددا ، بينما جلس جوزيف على الاريكة يخلع حذائه وعقله مشتت بسبب حديث جان عن توماس ، فهذا غير معقول كيف لتوماس أن يقتل ابن عمه ؟ ، و لماذا يفكر بهذه الطريقة ؟، كل هذا من اجل المال حقا المال يجعل الانسان شيطان ، نظرت جين اليه بعمق متأمله ملامح وجهه الجامدة والذي يبدو عليها الغضب والتذمر ، ثم تساءلت باهتمام :
-هل انت بخير ؟!
استقام ظهره ينظر إليها مقطب جبينه وهو يومئ برأسه على أنه بخير ، ثم وصل له اتصالا ليخرج الهاتف من جيب سرواله وأجاب على صديقة ارنو ليستمع إلى حديثه السعيد :
-لقد جلبت لك أشهر كاتب وايضا مدير تصوير .. للإعلانات الجديدة
-حسنا .. أفعل اللازم يا ارنو
بعد أن انهى ارنو كلماته الثانية أخذت تالة الهاتف وتحدثت مع جوزيف بشغف :
-جوزيف .. لا تقلق حبيبي كل شيء على ما يرام .. والشركة ادرها بنشاط واهتمام
ابتسم متمتا بالشكر إليها ثم انهى معها المكالمة ، مما شعرت جين بالغيرة التي تخترق قلبها فجأة ولا تستطيع أن توقفها ، وجدت نفسها تسأل جوزيف بحنق :
-ما الذي تفعله تالة في الشركة يجعلك متمسك بها ؟!
وضع الهاتف أعلى المنضدة ونظر إليها بجمود قائلا بجدية :
-تفعل الكثير والكثير .. هي تهتم بكل شيء وتدير الشركة بشكل احترافي ومميز
اومأت رأسها بالفهم ثم نظرت إلى الفراغ شاردة في حديثه ، وحسمت قرارها وهي بمجرد أن تعود إلى المدينة ستذهب إلى الشركة ، وتتعلم كل شيء وكيف تديرها حتى لا يحتاج إلى تالة مجددا وتبتعد عن طريقها ، الغيرة صفة من صفات الحب ، وشعرت أن جوزيف مهتم بها وهي ايضا مهتمة به كثيرا ..
تناولت ثياب من الحقيبة ودلفت إلى المرحاض ، فيما نهض جوزيف متجه نحو الفراش وممد عليه ليريح بدنه قليلا ، وظل ينظر إلى السقف للحظات ، ثم نظر اتجاه اليسار ولفت نظرة صورته التي وضعها أبيه في برواز ، تبسم ثم تناول الصورة لينظر إليها ولفت نظرة علامة حمراء عليها ، فعقد حاجبيه وتأمل تلك العلامة حتى ظهرت انها شفاه ، فرفع ظهره وتأملها بعمق ، بينما خرجت جين تضبط ثيابها ثم وقفت تمشط شعرها ..
نهض متجه نحوها و وقف خلفها ليريها البرواز ونظرت إليه بلهفة بينما تساءل جوزيف :
-أنتِ من وضعتي علامة أحمر الشفاه هذه ؟!
تذكرت عندما طبعت قبلة على صورته وشعرت بالخجل ثم استجمعت أفكارها وقالت بتلعثم :
-لا .. فقط دون قصد وقعت عليها
-لا تتذكرين ما أخبرتني به الليلة الماضية ؟!
اومأت رأسها بالنفي ثم اعتدلت في وقفتها وتساءلت بهدوء :
-ما الذي أخبرتك به ؟!
انحنى ليضع الكوب على حافة حمام السباحة ثم وضع يديه على ذراعيه ونظر إلى عيناها بحب قائلا :
-اذا أخبرتك ستحزنين كثيرا .. فلا داعي .. سأخبرك في وقت لاحق ..
ثم تنهد بعمق وقال :
-والأن اجهزي للعودة إلى القرية من أجل زفاف شقيقي
اومأت برأسها موافقة ثم تركته واتجهت نحو المنزل وظل ينظر إليها وتذكر اعترافها له بحبها وكأنه يستمع إلى صوتها (( أحمق لم يمتلك قلب يوما ما .. لن يعلم انني أحبه .. أحبه كثيرا ، أحبه .. أحب ذاك الأحمق الذي لم يشعر بي )) ثم اتسعت ابتسامته وقال بسعادة :
-ما أجمل كلمة أحمق من شفتاكِ يا قهوتي المفضلة
أغلقت باب الغرفة بظهرها ثم وقفت أمام النافذة لتنظر إلى جان بحب ، وأخذت تعصر دماغها لكي تتذكر ما أخبرته به ولكن لم تتذكر شيئا ، وكل ما تذكرته حديثه الذي أغضبها فقط ، ولكن ما أخبرها به اليوم جعلها تشعر بالسعادة وشعرت بالسعادة أكثر عندما رفع جوزيف رأسه للأعلى ولفتت نظره لتظهر ابتسامة حب على ثغرة ، فابتسمت له هي الأخرى وأخرجت تهنيده حب قوية من صدرها ، ثم تراجعت للخلف بعيدا عن النافذة ثم استدارت حول نفسها بسعادة عدة مرات ثم جلست على الفراش تلتقط أنفاسها بصوت مستمع ..
رن هاتفها داخل حقيبة يدها فأخذتها من على الأرض لتخرج الهاتف ونظرت إلى شاشته التي تضيء برقم غير مسجل ، فأجابت عليه لتستمع إلى صوت رجل :
-مدام جين اود أن اقابلك الأن
تعجبت متسائلة :
-من أنت ؟!
لترتسم ابتسامة شيطانية على شفتيه وقال :
-أنا فيليب .. ولدي أوراق تلقي بزوجك في السجن .. لا تخبري انني تحدثت معك .. واعطيني معاد بمقابلتنا
وقفت تنظر إلى المسرح من الخارج ثم ازدردت لعابها ودخلت ، ثم بدلت ثيابها داخل الغرفة وخرجت لتجد السيدة الذي تعمل معها تخرج من غرفة كارولين ، فتقدمت نحو الغرفة و وقفت تنظر إلى أسمها ، بينما وقف روبير في بداية الردهة ينظر إليها ، فيما دقت أديل الباب وبمجرد أن دقت الباب تذكرت شيئا ما ، وعلى الفور اغمضت عيناها وتذكرت جان الذي عندما خرج من غرفته وأخبرها أنها تقرع الباب الخطأ وانها كانت تقصد باب غرفته ..
بينما فتحت كارولين الباب ونظرت إليها بكبرياء متسائلة :
-ماذا تريدي ؟!
لم تجيب أديل عليها فهي غارقة في بحر الذكريات ، التي كلما فعلت شيء له ذكرى معها تتذكره ، وتتمن الأن أن الزمن يعود للوراء حتى ترى جان التي اشتاقت إليه كثيرا ، حقا اشتاقت إليه ، لا تتحمل البعد أكثر ..
فتحت عيناها بفزع على صوت كارولين العالي وسؤالها الذي كررته ، فهدأت أديل من روعها ثم قالت :
-أريد الحديث معك لدقائق
ميلت بشفتيها جانبا ثم التفتت ودخلت لتجلس أمام المرآة تمشط شعرها ، فدخلت أديل ببضعة خطوات ، بينما تقدم روبير من الغرفة و وقف يستمع إلى حديث أديل الحزين :
-سيدتي اقدم لكِ اعتذاري على ما بدر مني في الأمس .. واود ان أخبرك انني لدي عائلة وادرس في جامعة ..
توقفت عن تمشيط شعرها ونظرت إليها في المرآة باهتمام وهي متابعة بنبرة حزينة :
-أنا لست فتاة سيئة لأنني أعمل خادمة .. الظروف هي من أجبرتني على هذا العمل ومضطرة للعمل هنا حتى انتهي من دراستي .. وسوف أمتلك شهادة جامعية مثلك تماما .. فالخادمة ليست قبيحة .. وأجمل من نساء كثيرين
التفت إليها بالمقعد وهي تقول بهدوء :
-حسنا اذهبي الأن إلى عملك
قالت دون تردد أو تفكير :
-اريد أن اتزوج
ارتفع حاجبيه في دهشة بينما تعجب روبير كثيرا واهتم بحديثها أكثر ، نهضت كارولين وتقدمت نحوها و وقفت متسائلة وكأنها لم تستمع إلى حديثها :
-ماذا قلتي ؟!
تنهدت بعمق وكررت طلبها مجددا ، لتضحك كارولين عاليا ثم قالت ساخرة :
-أخبرك أحد انني أعمل خاطبة ؟!
-كلا .. ولكن من المحتمل أن تساعديني .. اود أن اتزوج من شخص زواجنا يبقى على الورق فقط لمدة ثلاثة أيام .. ثم يطلقني لأكون فتاة منبوذة ولا أحد يفكر أن يتزوج بي
حدقت كارولين بها ولن تصدق ما تقوله أبدا ، لم تقابل في حياتها فتاة تود أن تكون منبوذة حتى لا تتزوج ، فما الذي حدث مع تلك الفتاة الجميلة لـ تتمن شيئا كهذا ؟! ، ابتسمت كارولين بخفه وقالت بعدم تصديق :
-انا لن اصدقك ..
ثم تساءلت في حيره شديده :
- لماذا تطلبين طلبا كهذا ؟!
- سوف اقص عليكِ كل شيء فيما بعد .. الان اطلب منك المساعدة فقط
اومأت برأسها بخفه ثم استأذنت أديل لتخرج وعلى الفور ذهب روبير سريعا ، ووقف امام احدى الغرف متصنعا أنه كان يخرج منها وعندما راي أديل ابتسم لها ثم سار بجوارها وهو يقول بفضول :
لقد سمعت حديثك الان مع كارولين ..
توقفت عن السير لتنظر إليه في دهشه ، فيما تنهد روبير بصوت مستمع وتابع دون تردد :
-انا مستعد للزواج منكِ .. زواج لمده ثلاثة ايام فقط يا أديل .. هل توافقين على الزواج بي ؟
حركن رأسها بالرفض عدت مرات ثم قالت :
لا .. لا اوافق فانا الخادمة وانت سيدي .. استسمحك عذراء
ثم تركته وذهبت بخطوات سريعة ، بينما وقفا روبير يتطلع إليها متعجبا حتى اختفت من أمامه ، بينما وقفت أديل تنظف مقاعد المسرح وهي تحدث نفسها " جان ، أنا أعترف انني أخطأت عندما اخترت البعد ، أنا لست بخير وعقلي مشتت ، انا لا شيء بـ دونك يا جان ، تحولت إلى كرة قدم واتبدل من قدم لأخرى ، عود أنت إلي من فضلك "
سحب دخان السيجارة إلى فمه ثم زفره في الهواء والقى بها على الأرض ، ثم دخل الغرفة ليجد عائلته مقيدة على الأرض ، فتبسم بخفة ثم دخل ليقف أمامهم ولا أحد نظر إليه عدا ابراهام ، الذي تطلع إليه باشمئزاز ثم تحدث بحده : -قلت لك أكثر من مائة مرة لن نعلم بمكان أديل
ليقول ببرود :
-وأنا لن اترك أي منكم إلا اذا علمت بمكان أديل
زفر ابراهام بسأم وتلاشى بالنظر لذاك اللعين ، فهو ليس شقيقة بل شيطان مسيطر عليه بأكمله ، تناول كيفن مقعد وجلس عليه وتطلع إلى الجميع ثم تحدث بجدية :
-لا أحتاج شيء سوى أديل .. اطمئنوا عليها معي .. أنا أحبها كثيرا ولا استطيع أن أوذيها
رفع عمه عيناه إليه بابتسامة خفيفة على ثغرة ثم تحدث ساخرا :
-بل ستؤذيها .. بمجرد ان تعلم عليها
وقعت كلمات عمه عليه كالسم ، وابتلع كلماته بمرارة ثم نهض واقفا وأخذ يمسح على وجهه بعصبية بالغة ، وقد فاض به ثم أخرج مسدس من الجراب و صوبه اتجاه شقيقة وتساءل بعنف ممزوج بالجنون :
-أين أديل ؟! .. وألا سأقتله
حدقن به في ذهول ، فرفع المسدس عن شقيقة وأطلق رصاصة في الهواء لتصرخ والدة أديل بخوف ، ثم صوب المسدس إلى ابراهام وقام بالتهديد مجددا ، بكت والدة أديل كثيرا وقالت بخوف :
-لن نعلم بمكانها .. ولكن أعلم أي جامعة تدرس
نظروا إليها في دهشة بينما غضب ابراهام وطلب منها ألا تقول شيئا ، فسعلت من كثرة البكاء ثم قالت بخوف :
-حتى لا يقتل يا بني
ثم أخبرته بعنوان الجامعة فوضع المسدس كما كان وتنهد بعمق ، ثم خرج وطلب من رجالة أن يفكون أسرهم ، ونفذوا رغبته على الفور واصطحابهم ابراهام إلى المنزل ..
جلست والدتها تبكي خوفا عليها من ذاك اللعين ، بينما اتصل ابراهام على أديل كثيرا ولكن لا تجيب عليه ، بفضل عملها وتركت الهاتف في الغرفة ، أخذ يتصل عليها مرارا وتكرارا ولكن بلا جدوى ، فزفر بسأم وقال ديفيد بهدوء :
-اهدأ يا بني .. الدراسة لم تبدأ بعد .. ومضطر أن ينتظر حتى موعد الدراسة .. وحينها ستكون علمت أديل بالأمر
-لماذا وافقت على الزواج من أوجين ؟!
قذفها توماس من فمه بحده بالغة وهو يقتحم الكوخ الخاص بـ جان ، رفع عيناه لينظر إليه بابتسامة جانبية ثم قال :
-هذا ليس من شأنك
-أوجيني شقيقتي الوحيدة يا جان .. و اود الاطمئنان عليها
ثم جلس على المقعد المجاور للمكتب وتابع بحنق :
-انت تحب أديل .. لماذا تتزوج من أوجين اذا ؟!
حك جان على جانب رأسه ثم نهض من مكانه و وقف خلف المقعد المقابل إلى توماس وقال بجدية :
-أعلم انك تود قتلي .. عندما سألت أحدهم من مع كيفن قال توماس بك
تصنع أنه لم يفهم شيئا وتساءل عن ماذا يتحدث ، ليبتسم جان بخفة ثم قال بتأكيد :
-تعلم يا توماس كل شيء ..
ثم تنهد بصوت مستمع وقال :
-شقيقتك تعلم انني أحب أديل و وافقت على الزواج .. والان ابتعد عن طريقي توماس فقلب شقيقتك ..
قبض قبضته بقوة وتابع بحده بالغة :
-داخل يدي .. ومتحكم به
نهض توماس وعيناه تخرج شرارات تشبه الجحيم متجه نحو جان الذي قذف من فاه كلمات جعلته يستشيط من الغيظ ، وجاء يتحدث دخل جوزيف الكوخ ينظر إليهم بابتسامة جانبية قائلا :
-مرحب بالشباب
تركهم توماس وغادر دون أن يتفوه بكلمه مما تعجب جوزيف من تصرفه ، فيما ابتسم جان بخفة ثم صافح شقيقة بحرارة وتبادلوا السلام ، ثم جلسوا على الاريكة وتساءل جوزيف :
-توماس يبدو عليه الغضب .. ماذا حدث بينكم ؟!
تنحنح وهو يضبط معطفه ثم قال بجدية :
-جوزيف انصت لي .. توماس لم يحبنا و كان سيقتلني
اندهش جوزيف بفضل حديث شقيقه الذي لم يصدقه وقال بتأكيد :
-اعلم انه لم يحبنا .. ولكن ليس لدرجة القتل يا جان
-بل لدرجة القتل يا جوزيف .. المال يجعل الانسان شيطان
صعدت جين إلى الغرفة بعد أن استأذنت من الجميع ، و وقفت أمام الشرفة تفكر في المكالمة التي لم تكن في الحسبان ، وشعرت بالخوف الشديد على جوزيف ، وأخذت تخبر نفسها انها لا زالت صغيرة وتحمل هم رجل وداخل دوامة من المشاكل والحزن ، اغمضت عيناها بهدوء تام ثم قالت بنبرة عتاب :
-لماذا يا أبي فعلت بي هذا .. الفتيات مثلي يمرحن الأن بـعطلة صيفية ممتعة .. وأنا اتحمل مسؤولية بيت و زوج
فتحت عيناها على صوت رنة هاتفها فأخذته لتنظر إلى شاشته التي ، تضيء بنفس الرقم المجهول ، فشعرت بالخوف ودقات قلبها تدق برهبة ، ثم فتحت المكالمة و وضعته على أذنها لتستمع إلى حديثه :
-أخبريني بمكان ومعاد مقابلتنا اليوم
نظرت خلفها ثم عادت بالنظر إلى الأمام وازدردت لعابها بصوت مستمع قائلة :
-لقد غادرت المدينة اليوم .. بمجرد عودتي سأخبرك
غضب كثيرا ثم قال بحنق :
-حسنا .. في انتظار مكالمتك
ثم انهى المكالمة فنظرت إلى الهاتف ويدها ترتعش بخوف ، فأمسكت يدها باليد الأخرى لتتوقف ثم جلست على الفراش واضعة الهاتف جوارها ، وأخذت تفكر من الذي تخبره بما يحدث معها ليساعدها ، لا تستطيع أن تخبر جوزيف خوفا عليه من ذاك المعتوه ان يفعل فيه شيئا كما أخبرها فيليب ..
دخل جوزيف مغلقا الباب خلفه فتناولت الهاتف على الفور وأغلقت الصوت ، حتى لا يسمع جوزيف صوته اذا فيليب هاتفها مجددا ، بينما جلس جوزيف على الاريكة يخلع حذائه وعقله مشتت بسبب حديث جان عن توماس ، فهذا غير معقول كيف لتوماس أن يقتل ابن عمه ؟ ، و لماذا يفكر بهذه الطريقة ؟، كل هذا من اجل المال حقا المال يجعل الانسان شيطان ، نظرت جين اليه بعمق متأمله ملامح وجهه الجامدة والذي يبدو عليها الغضب والتذمر ، ثم تساءلت باهتمام :
-هل انت بخير ؟!
استقام ظهره ينظر إليها مقطب جبينه وهو يومئ برأسه على أنه بخير ، ثم وصل له اتصالا ليخرج الهاتف من جيب سرواله وأجاب على صديقة ارنو ليستمع إلى حديثه السعيد :
-لقد جلبت لك أشهر كاتب وايضا مدير تصوير .. للإعلانات الجديدة
-حسنا .. أفعل اللازم يا ارنو
بعد أن انهى ارنو كلماته الثانية أخذت تالة الهاتف وتحدثت مع جوزيف بشغف :
-جوزيف .. لا تقلق حبيبي كل شيء على ما يرام .. والشركة ادرها بنشاط واهتمام
ابتسم متمتا بالشكر إليها ثم انهى معها المكالمة ، مما شعرت جين بالغيرة التي تخترق قلبها فجأة ولا تستطيع أن توقفها ، وجدت نفسها تسأل جوزيف بحنق :
-ما الذي تفعله تالة في الشركة يجعلك متمسك بها ؟!
وضع الهاتف أعلى المنضدة ونظر إليها بجمود قائلا بجدية :
-تفعل الكثير والكثير .. هي تهتم بكل شيء وتدير الشركة بشكل احترافي ومميز
اومأت رأسها بالفهم ثم نظرت إلى الفراغ شاردة في حديثه ، وحسمت قرارها وهي بمجرد أن تعود إلى المدينة ستذهب إلى الشركة ، وتتعلم كل شيء وكيف تديرها حتى لا يحتاج إلى تالة مجددا وتبتعد عن طريقها ، الغيرة صفة من صفات الحب ، وشعرت أن جوزيف مهتم بها وهي ايضا مهتمة به كثيرا ..
تناولت ثياب من الحقيبة ودلفت إلى المرحاض ، فيما نهض جوزيف متجه نحو الفراش وممد عليه ليريح بدنه قليلا ، وظل ينظر إلى السقف للحظات ، ثم نظر اتجاه اليسار ولفت نظرة صورته التي وضعها أبيه في برواز ، تبسم ثم تناول الصورة لينظر إليها ولفت نظرة علامة حمراء عليها ، فعقد حاجبيه وتأمل تلك العلامة حتى ظهرت انها شفاه ، فرفع ظهره وتأملها بعمق ، بينما خرجت جين تضبط ثيابها ثم وقفت تمشط شعرها ..
نهض متجه نحوها و وقف خلفها ليريها البرواز ونظرت إليه بلهفة بينما تساءل جوزيف :
-أنتِ من وضعتي علامة أحمر الشفاه هذه ؟!
تذكرت عندما طبعت قبلة على صورته وشعرت بالخجل ثم استجمعت أفكارها وقالت بتلعثم :
-لا .. فقط دون قصد وقعت عليها