الفصل الأول تزوج بها
في إحدى قرى الريف المصري وفي منزل يبدو عليه البساطة والرقي في نفس الوقت، وقف بدر هذا الرجل ذو الملامح الجامدة وقد انفعل صارخًا:
-كيف هذا؟ كيف تزوج دون علمنا هذا الغبي، هل يظن نفسه أصبح كبيرا لأن والدي سمح له بالسفر والدراسة بالخارج؟ ما هذا الهراء يا أمي؟؟
اقتربت والدته أسماء منه وربتت على كتفه في محاولة منها لتهدئته؛ فهي تعلم أنه يحترمها ويستمع لها، تحدثت قائلة:
-كل ما في الأمر لقد عقد قرانه عليها ولم يتزوج بها سوف يأتي بها إلى هنا ليتم عمل زفاف لهم وتصبح زوجته بشكل رسمي.
هز بدر رأسه بضيق شديد وهو لا يتخيل أن يتزوج شقيقه دون علمهم قائلًا:
-ما الذي قاله أنس لكِ يا أمي، من عائلتها، من هو والدها ومن أين عرفها؟!
ترددت أسماء في التحدث؛ فهي تعلم أن بدر لا يعجبه ما ستقوله، تحدثت بتردد شديد:
- هي صديقته ليس لديها أهل كانت تعيش مع صديقتها بالقاهرة و..
قاطعها بدر بغضب شديد وصراخ اهتز له المنزل بأكمله:
-ما الذي تقولينه يا أمي، كيف كيف يكون ابنكِ بهذا الغباء؟ تلك الفتاة على علاقة به وليس لديها أهل، ما هذا الهراء؟ كيف وافقتِه أنتِ يا أمي أكاد أن أفقد عقلي؟!
صرخ بانفعال شديد، فهو لا يصدق أن أخيه الأصغر ذو الثلاثة وعشرون عامًا قد تزوج وبتلك الطريقة! تحدث بضيق شديد:
-كيف حدث هذا كيف؟ أمي ما الذي حدث لها لتسمح له بالزواج مازال صبي لم يصبح رجلًا ولم يصبح مسؤول بعد!
في اليوم التالي دق جرس الباب ليعلن عن وصول أنس الدمنهوري، فتح بدر الباب لتقع عينيه على شقيقه وهو يمسك بيد فتاة شعرها طويل، أسود اللون، ضم أنس بدر وهو سعيد، تحدث بحماس شديد:
-اشتقت لك يا أخي، لم أصدق ما إن انتهيت من الدراسة حتى اتيت لأراكم.
نظر له بدر بنفاد صبر، ومن ثم نظر إلى الفتاة الموجودة معه ليبتسم أنس ويشير على بيلا قائلًا:
-أقدم لك بيلا زوجتي، بيلا هذا بدر أخي الأكبر.
ابتسمت بيلا بحماس ومدت يدها لتصافحه قائلة:
-كيف حالك؟ أنا سعيدة للغاية برؤيتك.
نظر بدر إلى يدها بجمود ومن ثم نظر إلى أنس، وتجاهلها قائلًا:
-أدخل والدتك في انتظارك، يجب أن نجلس ونتحدث سويا لبعض الوقت يا أنس.
دخل للبيت وبيلا نظرت إلى يدها بتعجب، سحبتها بإحراج ليهز أنس رأسه بنفي وهو يحاول أن يقدم لها بعض المواساة وهو يعلم أن طبع شقيقه الأكبر صعب للغاية في التعامل مع الجميع بالأخص الغرباء:
-لا بأس أنا قولت لكِ أخي صعب الطباع، لكنه طيب القلب يا حبيبتي، هو لا يصافح النساء ولديه تفكيره الخاص.
سمع صوت بدر الذي يناديه قائلًا بانفعال:
-أنس هل ستستمر بالوقوف على الباب أدخل قبل أن آتي لك من جديد.
دلف وبيلا كانت تنظر إلى بدر بقلق، لا تعلم لماذا تسبب لها في هذا التردد وهذا الخوف، جلسوا جميعًا حول المائدة يتناولون الطعام وقد كانت بيلا تأكل بهدوء فتضع أسماء يدها على ظهرها قائلة:
-ما الأمر فالتأكلي جيدًا تبدين نحيفة، ولكن هذا جيد، لا نريدكِ أن تزدادي في الوزن كباقي النساء هنا.
ابتسم بدر بتهكم ونظر إلى أنس قائلًا:
-اخبرني كيف تتجرأ على أن تقدم على تلك الخطوة دون الرجوع لي؟ هل تتعامل وكأنك وحيد ولا أهل لك؟ ما زلت طالب، ما زلت غبي ولم تكبر بعد أين ستتزوج بها ومن أين ستنفق عليها؟!
أحمر وجه بيلا، وقد شعرت بالضيق من طريقة بدر؛ فلقد كانت رقيقة أي شيء يمكنه أن يؤثر بها، تحدث أنس قائلًا:
-ما الأمر يا بدر لدي أموال والدي وهي كافية أنا سأنفق منها حتى نجد العمل المناسب أنا وبيلا وسنبني حياتنا معًا.
ترك بدر الشوكة بانفعال لتصدر صوتًا قويًا، ومن ثم صرخ به:
-نبدأ في العمل! من سيعمل أعد لي ما قلته!
نظرت أسماء إلى بدر برجاء وهي ترى الغضب يسيطر عليه، تعلم أن ابنها يغضب من أقل الأشياء ولكن لا شيء بيدها لتفعله، حاولت أن تجعله يهدأ:
-ليس هذا وقت الحديث يا بدر، تمهل قليلًا يا بُني هذا الخلاف لن يحله صراخك انتظر.
وقف بدر، ومن ثم ذهب إلى الصالون فيغمض أنس عينيه بضيق لتقف بيلا من بعدها وهي لا تشعر بالراحة من انفعال بدر الغير منطقي:
-أنا سأتحدث معه لا تقلق.
نظرت أسماء إليها بتعجب، وعلى الفور هزت رأسها بنفي؛ فهي تعلم أن بدر لن يسمع لها بل سيجرحها بحديثه القاسي:
-لا عليكِ دعيه يجلس مع نفسه قليلآ وسوف يهدأ.
ابتسمت بيلا بثقة وتحدثت ببساطة صاحبتها ابتسامتها الهادئة:
-لا تقلقوا يمكنني أن أتحدث إليه وأجعله يطمئن، يبدو أنه لا يثق بأي شخص بسهولة.
ذهبت خلفه، وضحك أنس وهو يكمل طعامه قائلًا:
-أعلم أنها ستأتي لي باكية من طريقته هي من أصرت أن أتدخل.
نظرت أسماء له بتعجب بينما أكمل أنس طعامه بعدم اهتمام وهذا ما جعل تعجبها يزداد.
وجد بدر الباب يدق ومن ثم تدخل هي بابتسامتها المليئة بالحماس قائلة:
-ما الأمر يا أخي لماذا لم تكمل طعامك؟!
وقف بدر وهو ينظر لها بغيظ شديد من وجودها، تحدث بغضب:
-ما الأمر ما الذي تفعليه هنا أنتِ كيف تتجرأين على الاقتراب من هنا دون إذن مني؟!
رفعت بيلا إحدى حاجبيها لتثير انتباهه وتقف امامه بتعجب:
-هل عليّ أخذ الإذن للتجول في منزل زوجي ماذا بك يا أخي ما الذي يقلقك؟!
ابتسم بدر بتهكم، يظن أنها تمثل الغباء، تحدث بنفاذ صبر:
-كفي عن التمثيل لا تدّعي البراءة فأنا لا أحب هذا النوع من النساء.
تعجبت بيلا وهي تنظر له وما زالت تبتسم في محاولة منها لتلطيف الأجواء بينهما:
-ما الأمر أنت عما تتحدث؟ أي تمثيل أنا لا أفهم! أنا أهتم لأمركم جميعًا حقًا ولست أمثل كما تقول أنت! من أين أتيت بهذا الحديث أخبرني؟!
نظر لها لتأخذ نفسا عميقا وتتابع:
-من الطبيعي جدًا أن أهتم فأنتم أهل زوجي هو أنقذني من كل شيء سيء، أنا مستعدة لفعل أي شيء لأجله.
ضحك بدر وقد ظهرت عليه علامات الغضب رغم أنه حاول أن يخفيه بشتى الطرق قائلًا:
-كيف أوقعتِ به يا تُرى؟ يبدو أنكِ صغيرة، كيف جعلتيه يقع بفتاة مثلكِ وهل هو أول أصدقائكِ من الشبان؟ أم لدى الفتاة الكثير من التجارب!
تبدلت ملامح بيلا، لم تعد تبتسم أو تتحدث ليقف أمامها وهو غاضب وينظر لها:
-ما الذي حدث لتجعليه يتزوج بفتاة مثلكِ؟
تحدثت وقد ارتجف قلبها من هيئته وطريقته تلك:
-ما الأمر أنا لا أعرف كيف تتجرأ وتتحدث بتلك الطريقة؟!
ابتسم بدر بسخرية وعينيه لم تعد تبشر بالخير قائلًا:
- أخبريني كم مرة رافقك في منزلك يا فتاة؟ لا تخجلي فأنا لست بساذج لأصدق حديثكِ التافه.
اتسعت عين بيلا من تلميحاته تلك، ابتعدت عنه بانفعال وغضب قائلة:
- كيف تتحدث بتلك الطريقة؟ أنت شخص غير سوي وأنا لم أفعل شيء، نحن نحب بعضنا البعض وهو ليس بالشخص المستهتر، ولكن أنا المخطئة لأنني تحدثت مع رجل غبي مثلك.
وعندما قررت أن تخرج قام بسحبها من شعرها لتأن بألم وصدمة، ثم قربها منه وصاح بغضب شديد:
-كيف تتجرأين، هل تعلمين مع من تتحدثين؟ بإمكاني قتلكِ الآن ولن يعرف أحد عنك أي شيء.
ابتلعت بيلا ما بحلقها بقلق، تدفعه فيمسك يديها بيده وهي تنظر له قائلة بغضب:
-أترك يدي ليس من حقك هذا، ليس من حقك التحدث معي أنت لست زوجي وأنا لا أقبل بهذا.
تركها لتعدل من شعرها ودموعها تتساقط، نظر لها وابتسم بتهكم لتلتقي أعينهم، تركها وذهب فتحدثت بضيق قائلة:
-ما هذا الشخص يا ترى مختلف عن أنس كل الاختلاف يبدو أن الحديث معه لن يكون باﻷمر الهين أبدًا.
أغمضت عينيها بضيق شديد منه، بينما ذهب بدر إلى غرفته وهو ليس راضٍ عن كل ما يحدث حتى عن أفعاله، تحدث وهو يلوم نفسه ويوبخها قائلًا:
-لم يكن من المفترض الاندفاع بتلك الطريقة كيف قمت بالتصرف معها هكذا؟ لم يكن من الجيد أن ألمسها وأسحبها بهذا الشكل أبدا.
ألقى بهاتفه على السرير وهو منفعل كثيرآ وجلس يفكر بكل ما سيحدث في الفترة القادمة.
كانت بيلا تقف مكانها في الصالون وفجأة شعرت بيد تلتف حول خصرها فانتفض جسدها وابتعدت قائلة:
-ماذا تريد أنت؟
صمتت عندما رأت أنس أمامها؛ فقامت بإلقاء نفسها بين يديه وهي تضمه والدموع تملأ عينيها بينما قام هو بضمها محاولا تهدئتها:
-اهدئي يا عزيزتي ما الأمر هل ضايقكِ بدر إلى هذا الحد؟!
نظرت له، بينما قرب يده منها وهو يلمس وجنتيها بحنان وقال:
-لا بأس يا حبيبتي هو صعب الطباع، دعكِ من حديثه أنا هنا معكِ وأعشق كل شيء بكِ ألا تعلمين هذا؟
أحمر وجهها وابتعدت لتخرج فأخذ نفسًا عميقًا وأخرجه بضيق وقال:
-لا أعلم متى وكيف لهذه الفتاة أن تثق بي، عقدتُّ قراني عليها ما الذي تريده يا ترى؟ غضب أخي مني وكل هذا بسببها وما زالت تبتعد عني!
سمع صوت والدته تتحدث مع بيلا وتخبرها أن تأتي لتريها الغرفة التي قامت بتحضيرها من أجلها؛ فيخرج أنس وقد كان هذا في نفس الوقت الذي هبط به بدر، تحدث أنس بتصميم:
-أمي لا داعي لهذا هي ستبقى بغرفتي سنتشارك نفس الغرفة.
اتسعت عين بيلا، نظرت إلى أنس بعدم استيعاب ليتحدث بدر بغضب:
-هل جننت يا أنس أم ماذا؟ ما الذي تقوله أنت؟!
ابتلع أنس ما بحلقه فهو لم يكن يرى بدر لكنه حاول أن يبقى ثابتًا أمامه ويتمنى أن يتوقف عن التدخل في حياته:
-هي زوجتي فما المشكلة في ذلك؟
انفعلت أسماء وهي تنظر له ولا يعجبها تصرفات ابنها:
-ما المشكلة؟ لا أحد يعلم بأمر زواجك ولم تعلن عنه ولم تقم بعمل أي شيء من طقوس الزواج ما الذي تفكر به يا أنس؟
أخذ أنس نفسًا عميقًا وأخرجه بضيق، ثم نظر إلى والدته وقال:
-لا أريد زفاف كل ما أريده أن أعيش مع حبيبتي وزوجتي، هل هذا مستحيل؟!
تبدلت ملامح بيلا للحزن ووقفت أمامه:
-لماذا لا تريد إقامة حفل الزفاف لنا؟ قالت والدتك أن زواجنا تم عندما كنّا بالقاهرة ولكن لا أحد هنا يعلم ماذا حدث، كما أن أخيك شخصية مهمة في هذه البلدة والجميع يعرف أنك ما زات طالبا.
انفعل أنس وهو يمسك بيدها:
-حديثكِ معي يكون على انفراد، أنا لا أريد أي شيء من هذا ولا أرغب في عمل أي شيء في هذا الوقت.
تحدث بدر بغموض قائلًا:
-أمي خذي تلك الفتاة واجعليها تجلس في الغرفة التي أعددتِها لها؛ لأتحدث مع أنس قبل أن أفقد أعصابي.
صعدت أسماء مع بيلا وهي تتمنى أن يكون كل شيء بخير، ثم اقترب بدر من أنس وقال:
-ما الذي يحدث هنا، ما الذي يحدث لك يا أنس، لماذا تتصرف بهذا الشكل؟!
نظر أنس إلى بدر ومن ثم أبعد عينيه بضيق:
-أخي أنت لا تفهمني أنا كل ما أريده أن..
قاطعه بدر وهو يحرك رأسه بنفي وفي نفس الوقت يشعر بالضيق الشديد من تفكير شقيقه وتعامله:
- ما الذي تريده يا أنس؟ لتكمل حديثك! تزوجتها من أجل العيش معها في السر أم أنا مخطئ!
-كيف هذا؟ كيف تزوج دون علمنا هذا الغبي، هل يظن نفسه أصبح كبيرا لأن والدي سمح له بالسفر والدراسة بالخارج؟ ما هذا الهراء يا أمي؟؟
اقتربت والدته أسماء منه وربتت على كتفه في محاولة منها لتهدئته؛ فهي تعلم أنه يحترمها ويستمع لها، تحدثت قائلة:
-كل ما في الأمر لقد عقد قرانه عليها ولم يتزوج بها سوف يأتي بها إلى هنا ليتم عمل زفاف لهم وتصبح زوجته بشكل رسمي.
هز بدر رأسه بضيق شديد وهو لا يتخيل أن يتزوج شقيقه دون علمهم قائلًا:
-ما الذي قاله أنس لكِ يا أمي، من عائلتها، من هو والدها ومن أين عرفها؟!
ترددت أسماء في التحدث؛ فهي تعلم أن بدر لا يعجبه ما ستقوله، تحدثت بتردد شديد:
- هي صديقته ليس لديها أهل كانت تعيش مع صديقتها بالقاهرة و..
قاطعها بدر بغضب شديد وصراخ اهتز له المنزل بأكمله:
-ما الذي تقولينه يا أمي، كيف كيف يكون ابنكِ بهذا الغباء؟ تلك الفتاة على علاقة به وليس لديها أهل، ما هذا الهراء؟ كيف وافقتِه أنتِ يا أمي أكاد أن أفقد عقلي؟!
صرخ بانفعال شديد، فهو لا يصدق أن أخيه الأصغر ذو الثلاثة وعشرون عامًا قد تزوج وبتلك الطريقة! تحدث بضيق شديد:
-كيف حدث هذا كيف؟ أمي ما الذي حدث لها لتسمح له بالزواج مازال صبي لم يصبح رجلًا ولم يصبح مسؤول بعد!
في اليوم التالي دق جرس الباب ليعلن عن وصول أنس الدمنهوري، فتح بدر الباب لتقع عينيه على شقيقه وهو يمسك بيد فتاة شعرها طويل، أسود اللون، ضم أنس بدر وهو سعيد، تحدث بحماس شديد:
-اشتقت لك يا أخي، لم أصدق ما إن انتهيت من الدراسة حتى اتيت لأراكم.
نظر له بدر بنفاد صبر، ومن ثم نظر إلى الفتاة الموجودة معه ليبتسم أنس ويشير على بيلا قائلًا:
-أقدم لك بيلا زوجتي، بيلا هذا بدر أخي الأكبر.
ابتسمت بيلا بحماس ومدت يدها لتصافحه قائلة:
-كيف حالك؟ أنا سعيدة للغاية برؤيتك.
نظر بدر إلى يدها بجمود ومن ثم نظر إلى أنس، وتجاهلها قائلًا:
-أدخل والدتك في انتظارك، يجب أن نجلس ونتحدث سويا لبعض الوقت يا أنس.
دخل للبيت وبيلا نظرت إلى يدها بتعجب، سحبتها بإحراج ليهز أنس رأسه بنفي وهو يحاول أن يقدم لها بعض المواساة وهو يعلم أن طبع شقيقه الأكبر صعب للغاية في التعامل مع الجميع بالأخص الغرباء:
-لا بأس أنا قولت لكِ أخي صعب الطباع، لكنه طيب القلب يا حبيبتي، هو لا يصافح النساء ولديه تفكيره الخاص.
سمع صوت بدر الذي يناديه قائلًا بانفعال:
-أنس هل ستستمر بالوقوف على الباب أدخل قبل أن آتي لك من جديد.
دلف وبيلا كانت تنظر إلى بدر بقلق، لا تعلم لماذا تسبب لها في هذا التردد وهذا الخوف، جلسوا جميعًا حول المائدة يتناولون الطعام وقد كانت بيلا تأكل بهدوء فتضع أسماء يدها على ظهرها قائلة:
-ما الأمر فالتأكلي جيدًا تبدين نحيفة، ولكن هذا جيد، لا نريدكِ أن تزدادي في الوزن كباقي النساء هنا.
ابتسم بدر بتهكم ونظر إلى أنس قائلًا:
-اخبرني كيف تتجرأ على أن تقدم على تلك الخطوة دون الرجوع لي؟ هل تتعامل وكأنك وحيد ولا أهل لك؟ ما زلت طالب، ما زلت غبي ولم تكبر بعد أين ستتزوج بها ومن أين ستنفق عليها؟!
أحمر وجه بيلا، وقد شعرت بالضيق من طريقة بدر؛ فلقد كانت رقيقة أي شيء يمكنه أن يؤثر بها، تحدث أنس قائلًا:
-ما الأمر يا بدر لدي أموال والدي وهي كافية أنا سأنفق منها حتى نجد العمل المناسب أنا وبيلا وسنبني حياتنا معًا.
ترك بدر الشوكة بانفعال لتصدر صوتًا قويًا، ومن ثم صرخ به:
-نبدأ في العمل! من سيعمل أعد لي ما قلته!
نظرت أسماء إلى بدر برجاء وهي ترى الغضب يسيطر عليه، تعلم أن ابنها يغضب من أقل الأشياء ولكن لا شيء بيدها لتفعله، حاولت أن تجعله يهدأ:
-ليس هذا وقت الحديث يا بدر، تمهل قليلًا يا بُني هذا الخلاف لن يحله صراخك انتظر.
وقف بدر، ومن ثم ذهب إلى الصالون فيغمض أنس عينيه بضيق لتقف بيلا من بعدها وهي لا تشعر بالراحة من انفعال بدر الغير منطقي:
-أنا سأتحدث معه لا تقلق.
نظرت أسماء إليها بتعجب، وعلى الفور هزت رأسها بنفي؛ فهي تعلم أن بدر لن يسمع لها بل سيجرحها بحديثه القاسي:
-لا عليكِ دعيه يجلس مع نفسه قليلآ وسوف يهدأ.
ابتسمت بيلا بثقة وتحدثت ببساطة صاحبتها ابتسامتها الهادئة:
-لا تقلقوا يمكنني أن أتحدث إليه وأجعله يطمئن، يبدو أنه لا يثق بأي شخص بسهولة.
ذهبت خلفه، وضحك أنس وهو يكمل طعامه قائلًا:
-أعلم أنها ستأتي لي باكية من طريقته هي من أصرت أن أتدخل.
نظرت أسماء له بتعجب بينما أكمل أنس طعامه بعدم اهتمام وهذا ما جعل تعجبها يزداد.
وجد بدر الباب يدق ومن ثم تدخل هي بابتسامتها المليئة بالحماس قائلة:
-ما الأمر يا أخي لماذا لم تكمل طعامك؟!
وقف بدر وهو ينظر لها بغيظ شديد من وجودها، تحدث بغضب:
-ما الأمر ما الذي تفعليه هنا أنتِ كيف تتجرأين على الاقتراب من هنا دون إذن مني؟!
رفعت بيلا إحدى حاجبيها لتثير انتباهه وتقف امامه بتعجب:
-هل عليّ أخذ الإذن للتجول في منزل زوجي ماذا بك يا أخي ما الذي يقلقك؟!
ابتسم بدر بتهكم، يظن أنها تمثل الغباء، تحدث بنفاذ صبر:
-كفي عن التمثيل لا تدّعي البراءة فأنا لا أحب هذا النوع من النساء.
تعجبت بيلا وهي تنظر له وما زالت تبتسم في محاولة منها لتلطيف الأجواء بينهما:
-ما الأمر أنت عما تتحدث؟ أي تمثيل أنا لا أفهم! أنا أهتم لأمركم جميعًا حقًا ولست أمثل كما تقول أنت! من أين أتيت بهذا الحديث أخبرني؟!
نظر لها لتأخذ نفسا عميقا وتتابع:
-من الطبيعي جدًا أن أهتم فأنتم أهل زوجي هو أنقذني من كل شيء سيء، أنا مستعدة لفعل أي شيء لأجله.
ضحك بدر وقد ظهرت عليه علامات الغضب رغم أنه حاول أن يخفيه بشتى الطرق قائلًا:
-كيف أوقعتِ به يا تُرى؟ يبدو أنكِ صغيرة، كيف جعلتيه يقع بفتاة مثلكِ وهل هو أول أصدقائكِ من الشبان؟ أم لدى الفتاة الكثير من التجارب!
تبدلت ملامح بيلا، لم تعد تبتسم أو تتحدث ليقف أمامها وهو غاضب وينظر لها:
-ما الذي حدث لتجعليه يتزوج بفتاة مثلكِ؟
تحدثت وقد ارتجف قلبها من هيئته وطريقته تلك:
-ما الأمر أنا لا أعرف كيف تتجرأ وتتحدث بتلك الطريقة؟!
ابتسم بدر بسخرية وعينيه لم تعد تبشر بالخير قائلًا:
- أخبريني كم مرة رافقك في منزلك يا فتاة؟ لا تخجلي فأنا لست بساذج لأصدق حديثكِ التافه.
اتسعت عين بيلا من تلميحاته تلك، ابتعدت عنه بانفعال وغضب قائلة:
- كيف تتحدث بتلك الطريقة؟ أنت شخص غير سوي وأنا لم أفعل شيء، نحن نحب بعضنا البعض وهو ليس بالشخص المستهتر، ولكن أنا المخطئة لأنني تحدثت مع رجل غبي مثلك.
وعندما قررت أن تخرج قام بسحبها من شعرها لتأن بألم وصدمة، ثم قربها منه وصاح بغضب شديد:
-كيف تتجرأين، هل تعلمين مع من تتحدثين؟ بإمكاني قتلكِ الآن ولن يعرف أحد عنك أي شيء.
ابتلعت بيلا ما بحلقها بقلق، تدفعه فيمسك يديها بيده وهي تنظر له قائلة بغضب:
-أترك يدي ليس من حقك هذا، ليس من حقك التحدث معي أنت لست زوجي وأنا لا أقبل بهذا.
تركها لتعدل من شعرها ودموعها تتساقط، نظر لها وابتسم بتهكم لتلتقي أعينهم، تركها وذهب فتحدثت بضيق قائلة:
-ما هذا الشخص يا ترى مختلف عن أنس كل الاختلاف يبدو أن الحديث معه لن يكون باﻷمر الهين أبدًا.
أغمضت عينيها بضيق شديد منه، بينما ذهب بدر إلى غرفته وهو ليس راضٍ عن كل ما يحدث حتى عن أفعاله، تحدث وهو يلوم نفسه ويوبخها قائلًا:
-لم يكن من المفترض الاندفاع بتلك الطريقة كيف قمت بالتصرف معها هكذا؟ لم يكن من الجيد أن ألمسها وأسحبها بهذا الشكل أبدا.
ألقى بهاتفه على السرير وهو منفعل كثيرآ وجلس يفكر بكل ما سيحدث في الفترة القادمة.
كانت بيلا تقف مكانها في الصالون وفجأة شعرت بيد تلتف حول خصرها فانتفض جسدها وابتعدت قائلة:
-ماذا تريد أنت؟
صمتت عندما رأت أنس أمامها؛ فقامت بإلقاء نفسها بين يديه وهي تضمه والدموع تملأ عينيها بينما قام هو بضمها محاولا تهدئتها:
-اهدئي يا عزيزتي ما الأمر هل ضايقكِ بدر إلى هذا الحد؟!
نظرت له، بينما قرب يده منها وهو يلمس وجنتيها بحنان وقال:
-لا بأس يا حبيبتي هو صعب الطباع، دعكِ من حديثه أنا هنا معكِ وأعشق كل شيء بكِ ألا تعلمين هذا؟
أحمر وجهها وابتعدت لتخرج فأخذ نفسًا عميقًا وأخرجه بضيق وقال:
-لا أعلم متى وكيف لهذه الفتاة أن تثق بي، عقدتُّ قراني عليها ما الذي تريده يا ترى؟ غضب أخي مني وكل هذا بسببها وما زالت تبتعد عني!
سمع صوت والدته تتحدث مع بيلا وتخبرها أن تأتي لتريها الغرفة التي قامت بتحضيرها من أجلها؛ فيخرج أنس وقد كان هذا في نفس الوقت الذي هبط به بدر، تحدث أنس بتصميم:
-أمي لا داعي لهذا هي ستبقى بغرفتي سنتشارك نفس الغرفة.
اتسعت عين بيلا، نظرت إلى أنس بعدم استيعاب ليتحدث بدر بغضب:
-هل جننت يا أنس أم ماذا؟ ما الذي تقوله أنت؟!
ابتلع أنس ما بحلقه فهو لم يكن يرى بدر لكنه حاول أن يبقى ثابتًا أمامه ويتمنى أن يتوقف عن التدخل في حياته:
-هي زوجتي فما المشكلة في ذلك؟
انفعلت أسماء وهي تنظر له ولا يعجبها تصرفات ابنها:
-ما المشكلة؟ لا أحد يعلم بأمر زواجك ولم تعلن عنه ولم تقم بعمل أي شيء من طقوس الزواج ما الذي تفكر به يا أنس؟
أخذ أنس نفسًا عميقًا وأخرجه بضيق، ثم نظر إلى والدته وقال:
-لا أريد زفاف كل ما أريده أن أعيش مع حبيبتي وزوجتي، هل هذا مستحيل؟!
تبدلت ملامح بيلا للحزن ووقفت أمامه:
-لماذا لا تريد إقامة حفل الزفاف لنا؟ قالت والدتك أن زواجنا تم عندما كنّا بالقاهرة ولكن لا أحد هنا يعلم ماذا حدث، كما أن أخيك شخصية مهمة في هذه البلدة والجميع يعرف أنك ما زات طالبا.
انفعل أنس وهو يمسك بيدها:
-حديثكِ معي يكون على انفراد، أنا لا أريد أي شيء من هذا ولا أرغب في عمل أي شيء في هذا الوقت.
تحدث بدر بغموض قائلًا:
-أمي خذي تلك الفتاة واجعليها تجلس في الغرفة التي أعددتِها لها؛ لأتحدث مع أنس قبل أن أفقد أعصابي.
صعدت أسماء مع بيلا وهي تتمنى أن يكون كل شيء بخير، ثم اقترب بدر من أنس وقال:
-ما الذي يحدث هنا، ما الذي يحدث لك يا أنس، لماذا تتصرف بهذا الشكل؟!
نظر أنس إلى بدر ومن ثم أبعد عينيه بضيق:
-أخي أنت لا تفهمني أنا كل ما أريده أن..
قاطعه بدر وهو يحرك رأسه بنفي وفي نفس الوقت يشعر بالضيق الشديد من تفكير شقيقه وتعامله:
- ما الذي تريده يا أنس؟ لتكمل حديثك! تزوجتها من أجل العيش معها في السر أم أنا مخطئ!