الفصل 23
الفصل 23
رغم الدهشة التي شعرت بها، إلا أنها لم تدري ما الإجابة؟ التي تستطيع ان تعطيها لأمها، نظرت إلى هاتفها المحمول، وهو يرن برقم أليخاندرو، حاولت ان تواري الاسم ولكنها فشلت ابتسمت في وجه أمها وهي تتحرك لتخرج، وتقول:
"هل تريدين شيئا مني امي قبل ان اذهب؟"
"لا، ولكن يمكنك أن ترسلي له السلام"
"ربما لا تعرفيه من الأساس امي"
"ربما!"
ضحكت سيلڤا وهي تخرج، تشعر بالمرح أمها لا تعارض، ربما تعرف جيدا أنها تورطت في العشق، لقد رأت الإسم ولم تظهر الدهشة على وجها! هل يعني ذلك أنها غير معترضة؟ أو لا تملك حق الاعتراض؟ إلا أن سيلڤا تحركت بسيارتها، وهي ترفع الهاتف لترد عليه، وهي تقول:
"لقد تحركت"
"لما تاخرتي؟"
"كنت اتكلم مع امي؛ تسألني الآن ما هو السبب الأساسي في تغييري؟"
"وهل اخبرتها؟"
"لست أدري ما الذي علي أن أقوله لك، لكنها فجعتني بأنها ربما تعرف من هو؟"
"لما لم تكملي؟ لما لم تخبريها بعلاقتنا"
"لم أريد أن أناقش الموضوع الآن، بينما انا استعد للذهاب إلى بيتكم، ولكن هل ترى أن العائلة قد تكون مرحبة بي؟"
"بالطبع، هل تظني أنهم قد يرفضون سيلڤا إدواردو؟ لتكون كنتهم! فهل تمزحين سيلڤا؟ أنت تعلمين جيداً من أنت؟ وهم يعلمون كذلك، أيضا يعلمون ماذا أصبحوا؟"
لم تعقب على تلك الكلمة التي قالها، ماذا يعني بهم يعلمون كيف أصبحوا؟ هل يعني ذلك أن الفوارق الاجتماعية بينهما أنتهت؟ أم ماذا يعني بالتحديد؟
حينما طال الصمت ولم يتلقى رد، سألها:
"أين انت الان بالتحديد؟"
"أسلك الطريق الذي أخبرتني به"
" حسنا لقد أقتربتِ ها أنا أرى سيارتك"
" ماذا! أين أنت؟"
شعرت بالدهشة حينما رأته يقف بجوار سيارته يعقد ذراعيه، ويضع ساق فوق أخرى، ينتظر ان تقترب سيارتها، قامت بصف السيارة خلفه وهي تنظر له بدهشة، اقترب من نافذة سيارتها ينظر في عينها، وهو يبتسم همس:
"اشتقت اليك"
" حقا!"
"هل تسألين؟"
"اجل أسأل، لقد كنا نتكلم بالأمس"
"لكني لم أراك منذ اسبوع"
"هذا خطأك"
"أجل أنه خطأي لهذا أريد أن أشبع عيني منك، قبل أن نذهب إلى بيت العائلة"
"هل أنت مجنون؟"
"ألم تعلمي إلا الآن؟ أنا مجنون بك يا فتاة منذ زمن بعيد"
ابتسمت وهي تقول:
"بهذه الطريقة سنتأخر على عائلتك"
"ربما يكون كلامك صحيح، ولكني لن استطيع ان اتحرك من هنا، قبل ان اقبلك"
الدهشة على وجهها لم تدوم طويلا، شعرت بالصدمة وهو ينحني على سياراتها اكثر، يقترب منها، وقبل شفتيها بعشق وهو يستمتع بما يفعل إلى أن استمعوا إلى تنبيه بعض السيارات، مما جعله يستقيم في وقفته، وهو يقول:
"اتبعيني"
هزت رأسها بموافقة وعقلها يقول سأتبعك إلى نهاية عمري، لكن هل ستصدق أم..
ابتسم وهو يتحرك إلى السيارة بينما هي تحاول ان تلملم افكارها ونفسها، بعد لحظة كانت تتحرك خلفه، يملئ رأسها الكثير من الأفكار، من بينها، كيف أصبح العم ريكاردو وزوجته الطيبة الجميلة ماريا؟ هل ستلاقي ترحيب في البيت؟ أم يعاملونها بتحفظ؟
ورغم انها كانت تفكر فيما قد يحدث، كان الأمر لدى ماريا بنفس الطريقة، لقد كانت تشعر بصدمة، منذ أن أخبرها ابنها أنه قرر الارتباط بسيلڤا وأنها تبادله المشاعر، وعقلها منذ ذلك الوقت يسأل ألم يجد الا سيلڤا؟ ابنة مونيكا التي ما كانت تصلح لتكون زوجها، او أم من الأساس!
هل البنت مثل امها؟ أم أن عليها أن تبتلع التساؤل في داخلها؟ اكراما إلى إدواردو الذي كان سببا في اكرامهم يوماً.
نظر لها ريكاردو بدهشة، وهو يقول:
"فيما أنت شاردة ماريا؟ هل هناك شيء يزعجك؟ ألست سعيدة برؤية سيلڤا بعد كل تلك السنوات؟"
"هل تسأل؟"
"ماذا تعني بهذه الأسئلة؟"
"أعني أنني خائفة من أن تكون مثل أمها، أن تكون مثل تلك المتهورة الطائشة، التي كانت سببا في الجحيم الذي عاش فيه إدواردو، هل نسيت ما كان يعاني منه ذلك الرجل الطيب؟"
"ربما نسيت أنت أنه من أخطأ في الاختيار، لقد اتى بها من الحانة"
"وهل تظن أن أبنتها تختلف عنها؟"
"بالتأكيد تختلف! لقد كانت طول حياتها مختلفة"
"أنت تتكلم عن طفلة لم تراها منذ كانت في سن السابعة، الآن هي شابة بالغة بالتأكيد تغيرت، وأسلوبها تغير وتلك الحياة المنفتحة التي تعيشها امها، والتي نسمع عنها تجعلني أخشى على ابني، من أن يصاب بالألم، فإن كان قلبه يؤلمه بسبها اظن أن يتألم الآن أفضل له، من أن يتألم٠ في المستقبل"
"لما تظنين أنها بهذا السوء؟ قبل ان تريها وتتعاملي معها؟ لما تسيئين الحكم على اختيار أليخاندرو هل هو طفل صغير او رجل ارعن؟ ربما هو يحبها منذ زمن، ولكنه لن يقبل بها ان كانت بتلك الطريقة التي تقولين عنها؟"
"حقا!"
"اجل ماريا، اهدئي لا تستبقي الأحداث ولا تاخذين فكرة خاطئة عن الفتاة قبل ان تريها، ولا تحاولي أن تحاكميها على ذنب لم تفعله، فهي ليست امها"
نظرت له وهي تقول:
"هل نسيت ما فعلته مونيكا بعد أن مات إدواردو؟ قد طردتنا من العمل دون سبب، كانت سبب في تلك الأزمة التي مررنا بها"
"اهدأي ماريا ولا تتحاملين على البنت بسبب أمها، ولولا تلك الأزمة يا ماريا ما كان أولادك اشتد عودهم، عليك ان تهدئ، لأن تلك الفترة انتهت وكانت سبب في تقوية أولادك ووقوفهم في وجه الدنيا، ومعرفتهم ما هي قيمة المادة، التي احتجتها يوما، لذا حتى لو كانت تصرفات أمها سيئة، فلن نحكم على الفتاة قبل أن نراها ونتعامل معها، ولا تنسي أنها سيلڤا إدواردو ابنة رجل الأعمال المعروف بالبر والإحسان"
"الكلام سهلا، ولكني اشعر بالخوف"
في هذه اللحظة استمع إلى صوت التنبيه، الذي أطلقه أليخاندرو مما جعله، ينظر لها ويقول:
"علينا أن نقابل الفتاة بالطريقة التي تليق بها، عليك ان لا تنسي ان ابنك يعشقها، أن كنت تريدين ان تنفصلي عنه فهذا شأنك"
"لا تقل ذلك ريكاردو، أنا لا أريد إلا سعادته"
"اذا عليك ان تظهري بعض السعادة"
قال كلامه وتحرك ليقابل ابنه في مدخل الفيلا الراقية، التي ما كانوا يحلمون بأن يعيشوا فيها، إلا أن منذ فترة كان أليخاندرو سبب في تغيير حياتهم.
أبتسم في وجه أليخاندرو، فهز ابنه رأسه لوالده وهو يتحرك ليفتح باب السيارة، الخاصه بسيلڤا يمد يده ليحتوي كفها، نظرة العين الأولى من ريكاردو، كانت تعني أنه لا يصدق أن تلك الطفلة، اصبحت بهذا الجمال الملفت، وذلك الرقي! ما جعله يشعر بالدهشة، هو ذلك الخجل المرسوم على وجهها، وهي تحاول ان تجذب يدها من كف أبنه المتشبث بها، وكأنها الحياة بالنسبة له.
تحرك ريكاردو خطوات حتى وصل إليهم، هنا ترك أليخاندرو يدها مرغما، حتى تسلم على والده الذي مد يده لها فسلمت عليه بخجل، وهي تقول:
"مرحبا عم ريكاردو، لقد اشتقت اليكم"
"ونحن ايضا يا أبنتي، مرحبا بك يا حبيبتي تفضلي"
اخذها أليخاندرو من يدها يدعوها إلى الدخول، بينما أمه كانت تقف تنتظرهم حتى يصلوا إليها، من يراها يظنها عاشت سيدة مجتمع طيلة عمرها، تلك الملابس الراقية التي ترتديها، ذلك المكان الفاخر الذي يعيشون فيه، يعني شيئا واحد انه وصلوا لمرحلة مختلفة تماما، عن حياتهم السابقة، لكن منذ متى تحكم سيلڤا بالمظاهر؟
أكبر دليل على أنها لا تنظر إلى المظهر هو صديقتها روڤان، التي تعد من بيئة مختلفة تماما، إلا أنها تعد الأقرب لها.
أقتربت من ماريا بلهفة جعلت ماريا تشعر بالدهشة، وهي تلقي بنفسها في حضنها، وتقول:
"أشتقت إليك خالتي"
هنا تبددت كل الخوف الكامن في قلب ماريا، وهي تضم سيلڤا إلى قلبها، وتقول:
"وانا ايضا حبيبتي اشتقت اليك، لقد اصبحت جميله"
"حقا"
"اجل لقد كنت طويله عمرك جميله سيلفا، اخذتي جمال امك وقلب والدك،
شعرت سيلڤا بالارتباك وهي تقول:
" شكرا لك خالتي، ام تفضلين ان اناديك السيده ماريا؟"
"هل تمزحين سيلفا؟ انا نفس الشخص لن يتغير إلا ما حولك! سأظل كما كنت تناديني خالتي سانتظر أن يأتي يوما وتناديني أمي، وهذا ما اتوقعه منك، بعد أن تتزوجي من أليخاندرو"
اقترب أليخاندرو ليضم سيلڤا من خصرها، يحاوطها بذراعه، وهي تحاول ان تبتعد تنظر له بتحذير وهي تشعر بأنها تذوب خجلا، وهو يقول:
"سأقوم مفاتحة امها قريبا، فهي تشعر بالخجل من أن تبوح بمشاعرها"
نظرت له بدهشة، وهي تقول"
"لقد أخطأت حينما أخبرتك بما أشعر به"
"ولكنك لم تخطئي حينما بدلتيني المشاعر"
"انت لا تستحي"
ضحك والده وشاركته أمه الضحك، بينما هم يتناوشان كأنهم أطفال، بعد وقت كانوا يجلسون على مائدة الطعام يتناولونه بمحبة وسعادة، كل ما في قلبي ماريا اصبح شيء آخر، لقد اطمئن قلبها، سيلڤا تنظر إلى أبنها بعشق وهو كذلك، لما تقف عقبة في سبيل سعادتهما؟ لمجرد أنها تخشى من شيء في الماضي! رغم ذلك ترى أن سيلڤا مختلفة تماما عن امها، وطريقة تعاملها.
بعد الطعام نظرت لها ماريا، وهي تقول:
" أريد ان اسألك سؤال حبيبتي وتجاوبني عليه بصراحة"
هزت سيلڤا رأسها
"هل تحبين أليخاندرو؟ أكثر من أي شيء في هذه الدنيا؟ هل تريدي ان تكملي حياتك معه؟ ام ان الموضوع مجرد اعجاب لحظي؟ سينتهي مثل ما بدا؟"
"لا اظن ذلك خالتي؛ فلم اعترف لنفسي بما اشعر به الا من فترة قريبة، اخذت كل وقتي لاني.."
"لانك ماذا حبيبتي؟ ان كلامك يحمل أكثر من معنى ولكنه يوضح أنك تشعرين بالخوف من أن تخوضين تجربة تفشلين فيها، وأنا أيضا اخشى من.."
"من ان نفشل معا او تخشين من ان أشعر بالملل، لا تخافي أنا لا اريد انا اعيش مغامرة وتنتهي في بضع أيام، أريد حياة مستقرة بعيدة عن الصخب، لازال امامي سنوات في الجامعة وشركات اديرها، وكثيرون يعملون لدي ولكني اشعر بالوحدة رغم كل هذا الزحام أم أشعر بالدفء إلا في وجوده"
السعادة ظهرت في عين ماريا وهي تربت على كتف سيلڤا وتقول:
"لقد طمئنتي قلبي، لكن هل تعلمين أن أليخاندرو يغير إلى حد اللعنة؟"
"أجل"
نظرت لها ماريا بدهشة وعينها تسأل كيف عرفت؟ ولكن سيلڤا قرأت السؤال في عينيها ابتسمت، وهي تقول:
"يمكنك أن تسألي ابنك، الذي كاد أن يحطم ذراعي، والمكتب فوق رأسي، بمجرد أن قلت له، عليك ان تبتعد عن طريقي أنت هنا مجرد شريك فقط"
"ماذا كان يريد هو؟"
"يمكنك أن تسأليه خالتي"
جلس على المقعد الذي تجلس عليه سيلڤا، وهو يقول:
"كنت أريدها أن تعترف بما في قلبها، كنت يحاصرها بمشاعري، وكأني دخلت حرب مع جبل، في لحظة توشك على أن تهمس وأخرى كأنها شخص آخر"
ابتسمت امه وهي تقول:
"يبدو انك سقطت في بحور العشق، دون ان تحذر أو تتوقع النتيجة"
"لم اكن لاعشقها من الآن امي، لقد كان عشقها ينمو في قلبي منذ سنوات، ربما لم تفتحي ذلك الدرج في غرفتي، لم تري صور كثيرة لها، او تدخلي شقتي في المدينة والتي تعد قريبة من العمل، حيث صورها تغرق المكان، لقد كانت تحاصرني وتحاوطني منذ سنين، تسكن قلبي وتملك روحي"
كان مع كل كلمة تشعر سيلڤا بعشقه يتغلغل داخل روحها، تريد ان تلقي بنفسها بين ذراعيه، تقبل شفتيه، لكن كلماته اشتعلت الغيرة في قلبي ماريا، وهي تقول:
"ما الذي تقوله؟ ان كانت تملك قلبك فاين انا منه؟"
"انت كله امي"
اقترب ريكاردو منها يحاوطها، ويقول:
"هل بدأنا الغيرة من الآن؟ عليك أن تدركي انني من ساقف لسيلڤا امامكم، انت وهذا المتهور المجنون"
"ريكاردو هل تمزح؟ هل تظهر أمامها عيوبه؟"
"هل ستتعرف عليه الآن؟ أنها تعمل معه منذ سنتين"
"هل كنت تعرف؟"
"بالطبع هل تظني انني غافل مثلك؟ لقد كان يأتي الى هنا ليجلس منفردا، يخرج شحنة الغضب في صالة الألعاب، ثم يتحرك إلى مكتبه يعمل وقتها من بين الأسئلة، في أي شركة كنت حتى ترجع بهذا الغضب؟"
تدخل أليخاندرو وهو يقول:
"كنت أخبرك مع تلك الحمقاء، التي لا تعي شيء، لم تفهم إلى الآن ما الذي اريده؟"
"هل تنعتني بالحمقاء وانا لست موجودة؟"
" انا انعتك بها في وجودك حبيبتي"
ريكاردو: "ومن سيسمح لك؟ انها من الان كنتي"
اليخاندرو: "انا ارى ذلك، لذا ما رأيك أن أقوم بأخذها في جولة لتتعرف على ارجاء البيت"
نظرا إلى زوجته، التي تدرك جيدا نوايا ابنها، هل يريد ان ينفرد بها؟
أليخاندرو: "دقائق امي ليس أكثر"
كاد ريكاردو ان يوافق إلا ان سيلڤا تمسكت بيده ماريا، وهي تقول:
"بالطبع سنقوم بجولة انا وامي، يمكنك أن ترتاح"
"ماذا؟"
"كما سمعت، لقد اتيت لاجلس معهم بعض الوقت لأني سأذهب الآن"
ريكاردو: "بهذه السرعة لم أخبر أمي بعد بمشاعري، رغم انها تشك"
ماريا: "هل هي متفرغة حتى تشك؟"
نظرت إلى ماريا وهي تقول:
"لقد تفرغت، اخذت وقت حتى تعي ولكنها فهمت في النهاية، أن هناك كائن آخر يعيش معها، ويستحق الاهتمام"
"انا لا اعني شيء"
"بالطبع لا تعنين شيء لاني حتى لو مختلفة معها، لن اسمح لاحد بان يتكلم عنه"
نظر لها أليخاندرو بصدمة، كيف يتدخل بينهم؟ إلا أن ريكاردو ربت على كتفها، وهو يقول:
"أحسنت يا ابنتي هي أمك وإن يكن لكي خيرا فيها فلن تكوني ذات خيرا لابني"
رغم الدهشة التي شعرت بها، إلا أنها لم تدري ما الإجابة؟ التي تستطيع ان تعطيها لأمها، نظرت إلى هاتفها المحمول، وهو يرن برقم أليخاندرو، حاولت ان تواري الاسم ولكنها فشلت ابتسمت في وجه أمها وهي تتحرك لتخرج، وتقول:
"هل تريدين شيئا مني امي قبل ان اذهب؟"
"لا، ولكن يمكنك أن ترسلي له السلام"
"ربما لا تعرفيه من الأساس امي"
"ربما!"
ضحكت سيلڤا وهي تخرج، تشعر بالمرح أمها لا تعارض، ربما تعرف جيدا أنها تورطت في العشق، لقد رأت الإسم ولم تظهر الدهشة على وجها! هل يعني ذلك أنها غير معترضة؟ أو لا تملك حق الاعتراض؟ إلا أن سيلڤا تحركت بسيارتها، وهي ترفع الهاتف لترد عليه، وهي تقول:
"لقد تحركت"
"لما تاخرتي؟"
"كنت اتكلم مع امي؛ تسألني الآن ما هو السبب الأساسي في تغييري؟"
"وهل اخبرتها؟"
"لست أدري ما الذي علي أن أقوله لك، لكنها فجعتني بأنها ربما تعرف من هو؟"
"لما لم تكملي؟ لما لم تخبريها بعلاقتنا"
"لم أريد أن أناقش الموضوع الآن، بينما انا استعد للذهاب إلى بيتكم، ولكن هل ترى أن العائلة قد تكون مرحبة بي؟"
"بالطبع، هل تظني أنهم قد يرفضون سيلڤا إدواردو؟ لتكون كنتهم! فهل تمزحين سيلڤا؟ أنت تعلمين جيداً من أنت؟ وهم يعلمون كذلك، أيضا يعلمون ماذا أصبحوا؟"
لم تعقب على تلك الكلمة التي قالها، ماذا يعني بهم يعلمون كيف أصبحوا؟ هل يعني ذلك أن الفوارق الاجتماعية بينهما أنتهت؟ أم ماذا يعني بالتحديد؟
حينما طال الصمت ولم يتلقى رد، سألها:
"أين انت الان بالتحديد؟"
"أسلك الطريق الذي أخبرتني به"
" حسنا لقد أقتربتِ ها أنا أرى سيارتك"
" ماذا! أين أنت؟"
شعرت بالدهشة حينما رأته يقف بجوار سيارته يعقد ذراعيه، ويضع ساق فوق أخرى، ينتظر ان تقترب سيارتها، قامت بصف السيارة خلفه وهي تنظر له بدهشة، اقترب من نافذة سيارتها ينظر في عينها، وهو يبتسم همس:
"اشتقت اليك"
" حقا!"
"هل تسألين؟"
"اجل أسأل، لقد كنا نتكلم بالأمس"
"لكني لم أراك منذ اسبوع"
"هذا خطأك"
"أجل أنه خطأي لهذا أريد أن أشبع عيني منك، قبل أن نذهب إلى بيت العائلة"
"هل أنت مجنون؟"
"ألم تعلمي إلا الآن؟ أنا مجنون بك يا فتاة منذ زمن بعيد"
ابتسمت وهي تقول:
"بهذه الطريقة سنتأخر على عائلتك"
"ربما يكون كلامك صحيح، ولكني لن استطيع ان اتحرك من هنا، قبل ان اقبلك"
الدهشة على وجهها لم تدوم طويلا، شعرت بالصدمة وهو ينحني على سياراتها اكثر، يقترب منها، وقبل شفتيها بعشق وهو يستمتع بما يفعل إلى أن استمعوا إلى تنبيه بعض السيارات، مما جعله يستقيم في وقفته، وهو يقول:
"اتبعيني"
هزت رأسها بموافقة وعقلها يقول سأتبعك إلى نهاية عمري، لكن هل ستصدق أم..
ابتسم وهو يتحرك إلى السيارة بينما هي تحاول ان تلملم افكارها ونفسها، بعد لحظة كانت تتحرك خلفه، يملئ رأسها الكثير من الأفكار، من بينها، كيف أصبح العم ريكاردو وزوجته الطيبة الجميلة ماريا؟ هل ستلاقي ترحيب في البيت؟ أم يعاملونها بتحفظ؟
ورغم انها كانت تفكر فيما قد يحدث، كان الأمر لدى ماريا بنفس الطريقة، لقد كانت تشعر بصدمة، منذ أن أخبرها ابنها أنه قرر الارتباط بسيلڤا وأنها تبادله المشاعر، وعقلها منذ ذلك الوقت يسأل ألم يجد الا سيلڤا؟ ابنة مونيكا التي ما كانت تصلح لتكون زوجها، او أم من الأساس!
هل البنت مثل امها؟ أم أن عليها أن تبتلع التساؤل في داخلها؟ اكراما إلى إدواردو الذي كان سببا في اكرامهم يوماً.
نظر لها ريكاردو بدهشة، وهو يقول:
"فيما أنت شاردة ماريا؟ هل هناك شيء يزعجك؟ ألست سعيدة برؤية سيلڤا بعد كل تلك السنوات؟"
"هل تسأل؟"
"ماذا تعني بهذه الأسئلة؟"
"أعني أنني خائفة من أن تكون مثل أمها، أن تكون مثل تلك المتهورة الطائشة، التي كانت سببا في الجحيم الذي عاش فيه إدواردو، هل نسيت ما كان يعاني منه ذلك الرجل الطيب؟"
"ربما نسيت أنت أنه من أخطأ في الاختيار، لقد اتى بها من الحانة"
"وهل تظن أن أبنتها تختلف عنها؟"
"بالتأكيد تختلف! لقد كانت طول حياتها مختلفة"
"أنت تتكلم عن طفلة لم تراها منذ كانت في سن السابعة، الآن هي شابة بالغة بالتأكيد تغيرت، وأسلوبها تغير وتلك الحياة المنفتحة التي تعيشها امها، والتي نسمع عنها تجعلني أخشى على ابني، من أن يصاب بالألم، فإن كان قلبه يؤلمه بسبها اظن أن يتألم الآن أفضل له، من أن يتألم٠ في المستقبل"
"لما تظنين أنها بهذا السوء؟ قبل ان تريها وتتعاملي معها؟ لما تسيئين الحكم على اختيار أليخاندرو هل هو طفل صغير او رجل ارعن؟ ربما هو يحبها منذ زمن، ولكنه لن يقبل بها ان كانت بتلك الطريقة التي تقولين عنها؟"
"حقا!"
"اجل ماريا، اهدئي لا تستبقي الأحداث ولا تاخذين فكرة خاطئة عن الفتاة قبل ان تريها، ولا تحاولي أن تحاكميها على ذنب لم تفعله، فهي ليست امها"
نظرت له وهي تقول:
"هل نسيت ما فعلته مونيكا بعد أن مات إدواردو؟ قد طردتنا من العمل دون سبب، كانت سبب في تلك الأزمة التي مررنا بها"
"اهدأي ماريا ولا تتحاملين على البنت بسبب أمها، ولولا تلك الأزمة يا ماريا ما كان أولادك اشتد عودهم، عليك ان تهدئ، لأن تلك الفترة انتهت وكانت سبب في تقوية أولادك ووقوفهم في وجه الدنيا، ومعرفتهم ما هي قيمة المادة، التي احتجتها يوما، لذا حتى لو كانت تصرفات أمها سيئة، فلن نحكم على الفتاة قبل أن نراها ونتعامل معها، ولا تنسي أنها سيلڤا إدواردو ابنة رجل الأعمال المعروف بالبر والإحسان"
"الكلام سهلا، ولكني اشعر بالخوف"
في هذه اللحظة استمع إلى صوت التنبيه، الذي أطلقه أليخاندرو مما جعله، ينظر لها ويقول:
"علينا أن نقابل الفتاة بالطريقة التي تليق بها، عليك ان لا تنسي ان ابنك يعشقها، أن كنت تريدين ان تنفصلي عنه فهذا شأنك"
"لا تقل ذلك ريكاردو، أنا لا أريد إلا سعادته"
"اذا عليك ان تظهري بعض السعادة"
قال كلامه وتحرك ليقابل ابنه في مدخل الفيلا الراقية، التي ما كانوا يحلمون بأن يعيشوا فيها، إلا أن منذ فترة كان أليخاندرو سبب في تغيير حياتهم.
أبتسم في وجه أليخاندرو، فهز ابنه رأسه لوالده وهو يتحرك ليفتح باب السيارة، الخاصه بسيلڤا يمد يده ليحتوي كفها، نظرة العين الأولى من ريكاردو، كانت تعني أنه لا يصدق أن تلك الطفلة، اصبحت بهذا الجمال الملفت، وذلك الرقي! ما جعله يشعر بالدهشة، هو ذلك الخجل المرسوم على وجهها، وهي تحاول ان تجذب يدها من كف أبنه المتشبث بها، وكأنها الحياة بالنسبة له.
تحرك ريكاردو خطوات حتى وصل إليهم، هنا ترك أليخاندرو يدها مرغما، حتى تسلم على والده الذي مد يده لها فسلمت عليه بخجل، وهي تقول:
"مرحبا عم ريكاردو، لقد اشتقت اليكم"
"ونحن ايضا يا أبنتي، مرحبا بك يا حبيبتي تفضلي"
اخذها أليخاندرو من يدها يدعوها إلى الدخول، بينما أمه كانت تقف تنتظرهم حتى يصلوا إليها، من يراها يظنها عاشت سيدة مجتمع طيلة عمرها، تلك الملابس الراقية التي ترتديها، ذلك المكان الفاخر الذي يعيشون فيه، يعني شيئا واحد انه وصلوا لمرحلة مختلفة تماما، عن حياتهم السابقة، لكن منذ متى تحكم سيلڤا بالمظاهر؟
أكبر دليل على أنها لا تنظر إلى المظهر هو صديقتها روڤان، التي تعد من بيئة مختلفة تماما، إلا أنها تعد الأقرب لها.
أقتربت من ماريا بلهفة جعلت ماريا تشعر بالدهشة، وهي تلقي بنفسها في حضنها، وتقول:
"أشتقت إليك خالتي"
هنا تبددت كل الخوف الكامن في قلب ماريا، وهي تضم سيلڤا إلى قلبها، وتقول:
"وانا ايضا حبيبتي اشتقت اليك، لقد اصبحت جميله"
"حقا"
"اجل لقد كنت طويله عمرك جميله سيلفا، اخذتي جمال امك وقلب والدك،
شعرت سيلڤا بالارتباك وهي تقول:
" شكرا لك خالتي، ام تفضلين ان اناديك السيده ماريا؟"
"هل تمزحين سيلفا؟ انا نفس الشخص لن يتغير إلا ما حولك! سأظل كما كنت تناديني خالتي سانتظر أن يأتي يوما وتناديني أمي، وهذا ما اتوقعه منك، بعد أن تتزوجي من أليخاندرو"
اقترب أليخاندرو ليضم سيلڤا من خصرها، يحاوطها بذراعه، وهي تحاول ان تبتعد تنظر له بتحذير وهي تشعر بأنها تذوب خجلا، وهو يقول:
"سأقوم مفاتحة امها قريبا، فهي تشعر بالخجل من أن تبوح بمشاعرها"
نظرت له بدهشة، وهي تقول"
"لقد أخطأت حينما أخبرتك بما أشعر به"
"ولكنك لم تخطئي حينما بدلتيني المشاعر"
"انت لا تستحي"
ضحك والده وشاركته أمه الضحك، بينما هم يتناوشان كأنهم أطفال، بعد وقت كانوا يجلسون على مائدة الطعام يتناولونه بمحبة وسعادة، كل ما في قلبي ماريا اصبح شيء آخر، لقد اطمئن قلبها، سيلڤا تنظر إلى أبنها بعشق وهو كذلك، لما تقف عقبة في سبيل سعادتهما؟ لمجرد أنها تخشى من شيء في الماضي! رغم ذلك ترى أن سيلڤا مختلفة تماما عن امها، وطريقة تعاملها.
بعد الطعام نظرت لها ماريا، وهي تقول:
" أريد ان اسألك سؤال حبيبتي وتجاوبني عليه بصراحة"
هزت سيلڤا رأسها
"هل تحبين أليخاندرو؟ أكثر من أي شيء في هذه الدنيا؟ هل تريدي ان تكملي حياتك معه؟ ام ان الموضوع مجرد اعجاب لحظي؟ سينتهي مثل ما بدا؟"
"لا اظن ذلك خالتي؛ فلم اعترف لنفسي بما اشعر به الا من فترة قريبة، اخذت كل وقتي لاني.."
"لانك ماذا حبيبتي؟ ان كلامك يحمل أكثر من معنى ولكنه يوضح أنك تشعرين بالخوف من أن تخوضين تجربة تفشلين فيها، وأنا أيضا اخشى من.."
"من ان نفشل معا او تخشين من ان أشعر بالملل، لا تخافي أنا لا اريد انا اعيش مغامرة وتنتهي في بضع أيام، أريد حياة مستقرة بعيدة عن الصخب، لازال امامي سنوات في الجامعة وشركات اديرها، وكثيرون يعملون لدي ولكني اشعر بالوحدة رغم كل هذا الزحام أم أشعر بالدفء إلا في وجوده"
السعادة ظهرت في عين ماريا وهي تربت على كتف سيلڤا وتقول:
"لقد طمئنتي قلبي، لكن هل تعلمين أن أليخاندرو يغير إلى حد اللعنة؟"
"أجل"
نظرت لها ماريا بدهشة وعينها تسأل كيف عرفت؟ ولكن سيلڤا قرأت السؤال في عينيها ابتسمت، وهي تقول:
"يمكنك أن تسألي ابنك، الذي كاد أن يحطم ذراعي، والمكتب فوق رأسي، بمجرد أن قلت له، عليك ان تبتعد عن طريقي أنت هنا مجرد شريك فقط"
"ماذا كان يريد هو؟"
"يمكنك أن تسأليه خالتي"
جلس على المقعد الذي تجلس عليه سيلڤا، وهو يقول:
"كنت أريدها أن تعترف بما في قلبها، كنت يحاصرها بمشاعري، وكأني دخلت حرب مع جبل، في لحظة توشك على أن تهمس وأخرى كأنها شخص آخر"
ابتسمت امه وهي تقول:
"يبدو انك سقطت في بحور العشق، دون ان تحذر أو تتوقع النتيجة"
"لم اكن لاعشقها من الآن امي، لقد كان عشقها ينمو في قلبي منذ سنوات، ربما لم تفتحي ذلك الدرج في غرفتي، لم تري صور كثيرة لها، او تدخلي شقتي في المدينة والتي تعد قريبة من العمل، حيث صورها تغرق المكان، لقد كانت تحاصرني وتحاوطني منذ سنين، تسكن قلبي وتملك روحي"
كان مع كل كلمة تشعر سيلڤا بعشقه يتغلغل داخل روحها، تريد ان تلقي بنفسها بين ذراعيه، تقبل شفتيه، لكن كلماته اشتعلت الغيرة في قلبي ماريا، وهي تقول:
"ما الذي تقوله؟ ان كانت تملك قلبك فاين انا منه؟"
"انت كله امي"
اقترب ريكاردو منها يحاوطها، ويقول:
"هل بدأنا الغيرة من الآن؟ عليك أن تدركي انني من ساقف لسيلڤا امامكم، انت وهذا المتهور المجنون"
"ريكاردو هل تمزح؟ هل تظهر أمامها عيوبه؟"
"هل ستتعرف عليه الآن؟ أنها تعمل معه منذ سنتين"
"هل كنت تعرف؟"
"بالطبع هل تظني انني غافل مثلك؟ لقد كان يأتي الى هنا ليجلس منفردا، يخرج شحنة الغضب في صالة الألعاب، ثم يتحرك إلى مكتبه يعمل وقتها من بين الأسئلة، في أي شركة كنت حتى ترجع بهذا الغضب؟"
تدخل أليخاندرو وهو يقول:
"كنت أخبرك مع تلك الحمقاء، التي لا تعي شيء، لم تفهم إلى الآن ما الذي اريده؟"
"هل تنعتني بالحمقاء وانا لست موجودة؟"
" انا انعتك بها في وجودك حبيبتي"
ريكاردو: "ومن سيسمح لك؟ انها من الان كنتي"
اليخاندرو: "انا ارى ذلك، لذا ما رأيك أن أقوم بأخذها في جولة لتتعرف على ارجاء البيت"
نظرا إلى زوجته، التي تدرك جيدا نوايا ابنها، هل يريد ان ينفرد بها؟
أليخاندرو: "دقائق امي ليس أكثر"
كاد ريكاردو ان يوافق إلا ان سيلڤا تمسكت بيده ماريا، وهي تقول:
"بالطبع سنقوم بجولة انا وامي، يمكنك أن ترتاح"
"ماذا؟"
"كما سمعت، لقد اتيت لاجلس معهم بعض الوقت لأني سأذهب الآن"
ريكاردو: "بهذه السرعة لم أخبر أمي بعد بمشاعري، رغم انها تشك"
ماريا: "هل هي متفرغة حتى تشك؟"
نظرت إلى ماريا وهي تقول:
"لقد تفرغت، اخذت وقت حتى تعي ولكنها فهمت في النهاية، أن هناك كائن آخر يعيش معها، ويستحق الاهتمام"
"انا لا اعني شيء"
"بالطبع لا تعنين شيء لاني حتى لو مختلفة معها، لن اسمح لاحد بان يتكلم عنه"
نظر لها أليخاندرو بصدمة، كيف يتدخل بينهم؟ إلا أن ريكاردو ربت على كتفها، وهو يقول:
"أحسنت يا ابنتي هي أمك وإن يكن لكي خيرا فيها فلن تكوني ذات خيرا لابني"