الفصل 22
الفصل 22
مرت عدة أيام، ونفس الشعور ينتاب مونيكا رغم أنها تغيرت هذه الأيام، تشعر بقربها من أبنتها، إلا أنها تدرك أن هناك شيء يشغلها، لهذا حاولت ان تأخذ منها أي معلومة، إلا أن سيلڤا كانت تتهرب من الإجابة، لا تعرف ماذا تقول لها؟ هل تخبرها الحقيقة؟ أم عليها أن تنتظر حتى تنتهي تلك السنة الدراسية؟
هنا قررت مونيكا أن تبحث في الأمر بطريقتها الخاصة، بينما كانت سيلڤا في غرفتها، تقلب في كتبها، كانت مونيكا ترفع الهاتف، تتصل على روڤان، التي شعرت بالدهشة والتردد ما رأت الرقم، الذي لا تعرفه، ظنت أنه أنريكي فردت
"مساء الخير"
اتى لها صوت أنثى لم تسمعه من قبل وهي تقول:
"مساء الخير روڤان هل تعرفين من أنا؟"
"أسفة لا أعلم من أنت، لقد شعرت بدهشة أنه لا يتصل بي رقم غريب في العادة"
أكملت في عقلها، لا يتصل بي أحد من الأساس إلا سيلڤا، لكنها أخرجتها من أفكارها وهي تقول:
"لقد اتيت برقمك من العلاقات العامة في الشركة"
"حسنا ولكني لا اعرف من انت؟"
"ربما لم نتكلم من قبل، رغم إنك صديقة مقربة من أبنتي"
"مقربة من ابنتك! هل انت سيدة مونيكا؟"
"أجل أنا"
"مرحبا بك، كيف حالك؟ في ماذا أستطيع أن أخدمك؟"
"هل تريدين خدمتي روڤان؟"
" بالطبع"
"حسنا اخبرتني ما الذي يوجد داخل عقل سيلڤا هذه الأيام؟"
"لا شيء إنها مشغولة بالشركة والدراسة فقط"
"هل أنت صادقة؟"
"ماذا تعني سيدة مونيكا؟"
"اعني أنني أعلم جيداً أن هناك شاب يحوم حولها، أعلم جيداً أن أبنتي تحب أحدهم، لكني لا أعرف من هو؟"
"وهل يفرق معك من هو؟ اقصد هل لو كان شخص معين قد ترفضيه؟"
رغم أن روڤان لم تقول شيء صريح، إلا أنها سلطت الضوء على شيء لم تتوقعه مونيكا، هل من الممكن أن تعجب أليخاندرو؟ لقد كانت قريبة منه فترة طويلة من العمر، لكن منذ شهور قليلة، كانت تسبه تلعن فيه تنعته بالمخادع فما الذي تغير؟ لتتغير مشاعرها.
روڤان: "سيدة مونيكا هل تسمعيني؟"
"أجل حبيبتي أسمعك، ولكني لم افهم ماذا تعني بشخص معين؟ هل هناك شخص بالتحديد؟"
"انا لا اعلم ولكني اسألك"
"حقا لا تعلمين؟ ام تحاولين الحفاظ على اسرار صديقتك؟"
"وهل يزعجك شيئا كهذا؟"
"بالطبع لا، صديقة مثلك يجب ان تبقى بجوار ابنتي، فهي تستطيع ان تنصحها وإن لا تجعلها تبتعد في ذلك الطريق أكثر"
"أي طريق أنا لم أفهم شيء، هي لم تخطئ في شيء على الإطلاق"
"أعلم أنها لم تخطئ بعد، لكن هناك احتمال بأن تخطئ بالفعل، إذا لم توجه"
"لا أظن أنها صغيرة وتحتاج إلى التوجيه، أنت تعلمين ذلك جيدا، لقد قاربت على سن العشرين ومع ذلك استطاعت أن تأخذ قرار مناسب وهي في 18"
" كلامك صحيح، لكنه يوضح شيء أن هناك شيء لا أعلمه، ولقد بدأت أتأكد من شخصية ذلك الحبيب الغامض، هل هو مجرد حبيب أم شريك؟"
"لا توجد لدي معلومة استطيع ان اؤكد أو انفي لك سيدة مونيكا"
"حسنا روڤان شكرا لك"
"على ماذا؟"
"على كل شيء؛ على اهتمامك بابنتي وقربك منها، شكرا لك"
أغلقت الإتصال وجلست على فراشها، وهي تتكلم مع نفسها، وتسأل:
"هل جنت سيلڤا؟ هل من الممكن أن تعشق أليخاندرو؟ أليس هو من كان عدوها منذ فترة بسيطة؟"
وقفت وهي تدخن أحد السجائر، تنفث دخانها وكأنها تخرج فيه شحنة الغضب، لكنها تحركت لتقف أمام المرآة تنظر لنفسها، تتحاور معها وهي تقول:
" لما انا غاضبة؟ اليوم ليس هو من كان بالأمس! لقد علمت جيدا ان الشركة التي نملكها ليست الأولى التي يشتري أسهم فيها، تصل إلى نسبة كبيرة قد تتجاوز الربع، بالإضافة إلى ما يملك من علم، فهل أظنه غير مناسب؟ لأن والده كان سائقا لدى زوجي!"
أخذت أنفاسها وهي تترك تلك السيجارة في المنفضة، تنظر لنفسها لا تعرف كيف تجاوب؟ هل تنتظر حتى تخبرها سيلڤا بحقيقة مشاعرها؟ ام تصرح لها أنها تعلم كل الشيء؟ همست بصوت مسموع:
"عليا ان انتظر، لأن سيلڤا ستغضب ان اخبرتها انني أعلم، سأتركها لتصل بعقلها إلى صخرة ثابتة، تستطيع الوقوف عليها والتعبير عن ما تشعر به، فهي لم تعد طفلة، وإن كان أليخاندرو أستطيع أن يحرك مشاعرها، فلما اقف في سبيل سعادتها؟ يكفي ما فعلته وكان سبب في تعاستها طوال الفترة الماضية"
شعرت بالدهشة من نفسها، هل هي من تتكلم؟ هل اقتنعت بأن من حق ابنتها ان تحظى بالسعادة؟ ام هي فقط لا تريد ان تقف في وجهها وتحطم تلك العلاقة الهشة؟ التي بدأت بينهم.
بالإضافة إلى أن أليخاندرو ليس هينا، هو رجل اعتصرته الأيام وعلمته الليالي، تعب واجتهد حتى استطاع ان يصل الى ما هو عليه الآن، لم يعد ذلك الفتى الصغير، الذي كان يتحرك خلف ابنتها منذ كانت طفلة، ربما وقتها كانت تشعر ان هناك شيء في عينه، أما الآن فهي لم تغامر لتراه.
لقد أستطاعت أن تقرأ ذلك الملف الذي أتى إليها بعد أن علمت أنه هو، من أشترى الأسهم الخاصة بشركتهم من خوسيه، هو الذي حاول أن يتخفى خلف المحامي الخاص به، ومع ذلك تفاجأ الجميع، ليس فقط من شرائه الأسهم، بل بما استطاع فعله في تلك السنوات.
لكن سؤال؟ أين هو الآن ريكاردو وعائلته، تحركت لتجلس على فراشها، وهي تقول:
"ان غدا لناظره قريب، سنعلم أين هو حينما تقرر سيلڤا أن تتكلم"
أما هناك كانت تغلق كتابها، وهي تنهض تفرد جسدها، تتحرك إلى الفراش، ولكن صوت الهاتف بتلك النعمة التي تخص بها أليخاندرو، جعلتها تبتسم وهي ترفع الهاتف، إلى اذنها لتستمع إلى صوته، وهو يقول:
"حبيبتي هل زلت مستيقظة؟"
"اجل كنت استعد للنوم"
"هل يعني ذلك أن أغلق؟"
" ليس تماما؛ ما الذي تريده؟"
"أنه سؤال غريب، حينما اتصل بك معنى ذلك انني أريدك أنت "
ابتسمت وهي تقول:
"هذه إجابة قديمة، لقد سمعتها منك من قبل"
"ماذا يعني أنك سمعتها من قبل؟ هل علي أن أتوقف عن أنني أريدك بالقرب مني؟"
ابتسمت ولم ترد عليه فقال:
"ما رأيك أن نتناول الغداء معا في الغد؟"
"هل ستدعون إلى أحد المطاعم؟"
"ليس تماما "
"ماذا تعني؟"
"أعني أننا سنتناول الطعام في بيت العائلة، لقد تحدثت معهم بشأننا"
"ماذا قلت؟"
"كما سمعتي، فأنا لن أنتظر حتى تقرري، متى تقولين لهم او لامك، عليهم ان يعلموا أننا نرتبط رباط جدي، وليس مجرد شراكة في العمل، بالإضافة لاني سأهديك تلك الأسهم يوم زواجنا"
"ماذا قلت؟"
"كما سمعت حبيبتي، ستكون هدية مني إليك يوم عرسنا"
الدهشه على وجهها جعلتها تجلس على الفراش، وهي ترفع خصلات شعرها، تنظر أمامها بصدمة، هل بهذه السهولة يفرط في تلك الأسهم التي تعد مرتفعة السعر؟ والتي يعد ثمنها خرافي هذه الأيام، فلقد استطاع في سنة ونصف أن يسير بأسم الشركة إلى مكانة أعلى ووضع مالي مستقر.
شعر أليخاندرو بما تفكر فيه فابتسم وهو يسأل:
"لماذا انت صامتة؟ ألا يعجبك ما أفكر فيه؟"
"لا أريدك أن تفعل ذلك"
"لما سيلڤا؟ هل ترفضين هديتي؟"
"لأن تلك الأسهم ثمينة"
"بالتأكيد هي ثمينة وقيمة، لكنها ليست أثمن منك، انت عندي أغلى من الدنيا بما فيها حبيبتي أشتقت إليك"
"وانا ايضا، لقد مضى أسبوع دون أن أراك"
"وهذا كثير جدا علي لقد اعتدت أن اكون قريب منك"
"أنت من شغلت نفسك في عملك الآخر، لقد أصبحت الشركة غير مهمة لديك، حتى إنك تفكر في التفريط في أسهمها، لا تريد أن نظل بالقرب من بعض"
"ومن قال لك انني ساتركك، أو أترك ذلك المكتب الصغير، الذي وضعتني فيه ليس لشيء إلا من أجل أن حجمين مكانتي"
"لما تظن ذلك؟"
"لأني أعرف طريقة تفكيرك عمري"
ابتسمت بدلال وهى تقول:
"عمرك؟"
"هل مازلت تسألين سيلڤا؟ أنت ذلك الحلم الذي حلمته منذ كنت طفلا، أنت تلك البذرة التي نمت داخل قلبي بعشق ودفء، كنت أحاول تزكرها بذكريات الطفولة وانا امني نفسي ان تظلي على ذلك النقاء وتلك البراءة"
"وهل وجدتني كما تمنيت؟"
"ليس تماما، لكني احبك في كل حالاتك"
"لكني لازلت بريئة"
"هل يعني ذلك أنك سترتدين الأبيض في يوم عرسنا؟"
"بالطبع بعض النساء يليق لهن ان يرتدين الابيض؛ وانا واحده منهن"
"يا إلهي! هل تريدي أن تخبريني إنك نقية بنقاء الثلج؟"
"أنا كذلك، وأياك أن تسأل في هذا الأمر مرة اخرى"
رغم انه كان يشك في الأمر، إلا أن السعادة غمرة قلبه، فقد اعترفت أنه لم يلمسها غيره، وهذا ليس امر دارج في المكسيك، أو في تلك البيئة التي تعيش فيها سيلڤا بالتحديد، امها ليست ملتزمة، ولا تحاول احتواء ابنتها، لكن يبدو أن البذرة النقية، لا زالت بداخلها، همس بصوت يحمل العشق:
"هل تعلمين سيلڤا كم اعشقك؟"
" لا، لا أعلم لم تخبرني"
"انا مخطىء لاني لم أخبرك"
" بالتأكيد أنت مخطئ لأنك لم تخبرني"
"أنا أعشقك أكثر من العشق نفسه، أهيم بك انتظر اللحظة التي تكوني فيها."
"إياك أن تقول ملكي"
"لن أقولها ولكني أعنيها"
"سأغلق الخط"
"لما سيلفا لم نتفق بعد، متى سنتقابل؟ وكيف سنذهب؟"
" ساتي بسيارتي؛ اعطيني العنوان"
" لما تاتين بسيارتك؟ هل لتكوني حرة في الانصراف؟ وقت ما شئت"
"لما تقول ذلك؟ هل لو اتيت معك لن اكون حرة؟ أن أردت أن أنصرف سأخبرك بأني أريد الذهاب، وستقوم بتوصيلي إلى أي مكان أريد، لكن الأمر ليس كذلك، لأني سأخرج بالسيارة من البيت"
" فهمت لا تريدي أن أتي إليك لأخذك من البيت لا تريدي لأمك أن تعرف، أننا على علاقة معا"
"الأمر ليس كذلك"
"حقاً سيلڤا، لازلت خائفة منها أم خائفة من رفضها"
"انا لست خائفة"
"لقد اخبرتك انني من سافاتحها في الأمر، لكني ظننتك ستلمحين لها، أن هناك مشاعر متبادلة بيني وبينك، وهذا اقل شيء قد تفعلينه من أجل حبنا"
"اعلم ذلك أليخاندرو، لكنك لا تدرك كم اشعر بالخجل، لا أستطيع أن أتكلم معها في ذلك الأمر، لم يحدث من قبل في أيام المراهقة، وأيام الطفولة، لم اعترف لها بما أكنه في داخل قلبي، ربما لو كانت قريبة مني في الماضي، لكنت ركضت إلى حضنها، لأخبرها ما اشعر به تجاهك، حتى لا اتخبط في ذلك البحر الذي يجذبني إليه كل مرة عن ما قبلها"
"هل يعني كلامك ان عشقنا بحر عميق؟"
" بل يعني ذلك انك تشعر بما اشعر به، ما دمت استطعت ان تشرح احساسي بهذه الدقة"
"أنا تورطت فيك منذ القدم ايتها الحسناء، عشقتك منذ كنت طفلة في السادسة، نهرت قلبي وقسيت عليه، وأخبرته أن لا يجوز وأن الفرق بيننا كبير"
"هل ستتحدث في هذا الأمر مرة أخرى؟"
" لا لن أتحدث فيه مرة أخرى، ولكني اريد ان اوضح لك، ان الفرق ليس ماديا أو اجتماعيا فقط، لا تنسي انني اكبر منك بتسع سنوات، وقد يكون أكثر"
"هل يعني ذلك انك عجوز اليخاندرو؟ هل تمزح؟"
"انا لا امزح؛ لكن اتمنى ان لا تري ذلك الفرق في المستقبل، تشعرين أنك أخطأت في الاختيار"
" لما هل سيتوقف قلبي عن عشقك؟"
"يا إلهي، هل تدرين معنى الكلمة التي قلتيها يا فتاة؟ كيف أستطيع النوم الآن؟"
"وما الذي سيمنعك من ان تنام؟"
" سأظل أفكر فيك حتى.. "
"كفى ايها الوقح، سأغلق الخط"
"تصبحين على خير حبيبتي"
" تصبح على خير أليخاندرو"
في اليوم التالي كانت تتحرك تنزل على الدرج، ترتدي بدلة رسمية تصلح للاجتماعات، أو لقاءات العمل، مما جعل أمها تشعر بالدهشة، لما ترتدي سروال أسود وقميص أبيض وجاكيت اسود عليه؟ رغم انها تبدو جميلة فيما ترتديه، لكنه يعطيها وقار ليس فيها كالعادة، هل هي ذاهبة لمقابلة رسمية؟ أم أن هناك شيء آخر؟ لا تعرفه.
وقفت أمامها وهي تقول:
" تبدين جميلة إلى حد اللعنة"
" شكرا لك امي، هل حقا أنا جميلة؟ هل شعري جيد ملابسي مرتبة؟ "
"بالطبع حبيبتي ان كل ما ترتديه جميل عليك، لكن هذه تبدو رسمية إلى حد ما، هل أنت ذاهبة لمقابلة عمل؟ أم أن الأمر فيه شيء آخر؟"
"هل تريدين الحقيقة؟"
"اجل سيلڤا اريد الحقيقة؛ هل ستعترفين الآن بما يعتمل في صدرك؟"
" ليس تماما "
"لما حبيبتي؟ هل ترى أنه غير مناسب؟"
"بالطبع لا، أنا لا أرى أحد مناسب أكثر منه، أحبه أمي "
"وما الذي يمنعك من أن تعترفي بما تشعرين به حبيبتي؟ ما الذي يمنع قلبك من ان يبوحي لامك شخصية من تحبين؟ هل هناك ما يجعلك مترددة خوف من شيء فيه؟"
سيلڤا وهي تفكر، لا تعرف كيف تخبر أمها؟ وهل الوقت مناسب الآن؟ وهي ذاهبة لتقابل عائلته؟ هل عليها أن لا تثير حفيظة والدتها حتى لا يفعلان، وتحدث مشادة قبل أن تذهب، نظرت لها مونيكا بابتسامة، وهي تقول:
"هل الأمر يحتاج إلى التفكير إلى هذه الدرجة؟"
" ماذا تعني امي؟ "
"اعني أن الأمر ليس خطير إلى هذه الدرجة، هل اسمه سرا حربيا؟"
"الأمر ليس كذلك"
"حسنا سأتركك، رغم انني اكاد أكون قد علمت من هو؟"
"ماذا؟"
"هل تتناولين الطعام معه اليوم؟"
"لم تجاوبي على سؤالي أمي؟ ماذا تعني بأنك تكاد تكوني تعرفين شخصيته؟"
" حينما تعودين سنتكلم"
مرت عدة أيام، ونفس الشعور ينتاب مونيكا رغم أنها تغيرت هذه الأيام، تشعر بقربها من أبنتها، إلا أنها تدرك أن هناك شيء يشغلها، لهذا حاولت ان تأخذ منها أي معلومة، إلا أن سيلڤا كانت تتهرب من الإجابة، لا تعرف ماذا تقول لها؟ هل تخبرها الحقيقة؟ أم عليها أن تنتظر حتى تنتهي تلك السنة الدراسية؟
هنا قررت مونيكا أن تبحث في الأمر بطريقتها الخاصة، بينما كانت سيلڤا في غرفتها، تقلب في كتبها، كانت مونيكا ترفع الهاتف، تتصل على روڤان، التي شعرت بالدهشة والتردد ما رأت الرقم، الذي لا تعرفه، ظنت أنه أنريكي فردت
"مساء الخير"
اتى لها صوت أنثى لم تسمعه من قبل وهي تقول:
"مساء الخير روڤان هل تعرفين من أنا؟"
"أسفة لا أعلم من أنت، لقد شعرت بدهشة أنه لا يتصل بي رقم غريب في العادة"
أكملت في عقلها، لا يتصل بي أحد من الأساس إلا سيلڤا، لكنها أخرجتها من أفكارها وهي تقول:
"لقد اتيت برقمك من العلاقات العامة في الشركة"
"حسنا ولكني لا اعرف من انت؟"
"ربما لم نتكلم من قبل، رغم إنك صديقة مقربة من أبنتي"
"مقربة من ابنتك! هل انت سيدة مونيكا؟"
"أجل أنا"
"مرحبا بك، كيف حالك؟ في ماذا أستطيع أن أخدمك؟"
"هل تريدين خدمتي روڤان؟"
" بالطبع"
"حسنا اخبرتني ما الذي يوجد داخل عقل سيلڤا هذه الأيام؟"
"لا شيء إنها مشغولة بالشركة والدراسة فقط"
"هل أنت صادقة؟"
"ماذا تعني سيدة مونيكا؟"
"اعني أنني أعلم جيداً أن هناك شاب يحوم حولها، أعلم جيداً أن أبنتي تحب أحدهم، لكني لا أعرف من هو؟"
"وهل يفرق معك من هو؟ اقصد هل لو كان شخص معين قد ترفضيه؟"
رغم أن روڤان لم تقول شيء صريح، إلا أنها سلطت الضوء على شيء لم تتوقعه مونيكا، هل من الممكن أن تعجب أليخاندرو؟ لقد كانت قريبة منه فترة طويلة من العمر، لكن منذ شهور قليلة، كانت تسبه تلعن فيه تنعته بالمخادع فما الذي تغير؟ لتتغير مشاعرها.
روڤان: "سيدة مونيكا هل تسمعيني؟"
"أجل حبيبتي أسمعك، ولكني لم افهم ماذا تعني بشخص معين؟ هل هناك شخص بالتحديد؟"
"انا لا اعلم ولكني اسألك"
"حقا لا تعلمين؟ ام تحاولين الحفاظ على اسرار صديقتك؟"
"وهل يزعجك شيئا كهذا؟"
"بالطبع لا، صديقة مثلك يجب ان تبقى بجوار ابنتي، فهي تستطيع ان تنصحها وإن لا تجعلها تبتعد في ذلك الطريق أكثر"
"أي طريق أنا لم أفهم شيء، هي لم تخطئ في شيء على الإطلاق"
"أعلم أنها لم تخطئ بعد، لكن هناك احتمال بأن تخطئ بالفعل، إذا لم توجه"
"لا أظن أنها صغيرة وتحتاج إلى التوجيه، أنت تعلمين ذلك جيدا، لقد قاربت على سن العشرين ومع ذلك استطاعت أن تأخذ قرار مناسب وهي في 18"
" كلامك صحيح، لكنه يوضح شيء أن هناك شيء لا أعلمه، ولقد بدأت أتأكد من شخصية ذلك الحبيب الغامض، هل هو مجرد حبيب أم شريك؟"
"لا توجد لدي معلومة استطيع ان اؤكد أو انفي لك سيدة مونيكا"
"حسنا روڤان شكرا لك"
"على ماذا؟"
"على كل شيء؛ على اهتمامك بابنتي وقربك منها، شكرا لك"
أغلقت الإتصال وجلست على فراشها، وهي تتكلم مع نفسها، وتسأل:
"هل جنت سيلڤا؟ هل من الممكن أن تعشق أليخاندرو؟ أليس هو من كان عدوها منذ فترة بسيطة؟"
وقفت وهي تدخن أحد السجائر، تنفث دخانها وكأنها تخرج فيه شحنة الغضب، لكنها تحركت لتقف أمام المرآة تنظر لنفسها، تتحاور معها وهي تقول:
" لما انا غاضبة؟ اليوم ليس هو من كان بالأمس! لقد علمت جيدا ان الشركة التي نملكها ليست الأولى التي يشتري أسهم فيها، تصل إلى نسبة كبيرة قد تتجاوز الربع، بالإضافة إلى ما يملك من علم، فهل أظنه غير مناسب؟ لأن والده كان سائقا لدى زوجي!"
أخذت أنفاسها وهي تترك تلك السيجارة في المنفضة، تنظر لنفسها لا تعرف كيف تجاوب؟ هل تنتظر حتى تخبرها سيلڤا بحقيقة مشاعرها؟ ام تصرح لها أنها تعلم كل الشيء؟ همست بصوت مسموع:
"عليا ان انتظر، لأن سيلڤا ستغضب ان اخبرتها انني أعلم، سأتركها لتصل بعقلها إلى صخرة ثابتة، تستطيع الوقوف عليها والتعبير عن ما تشعر به، فهي لم تعد طفلة، وإن كان أليخاندرو أستطيع أن يحرك مشاعرها، فلما اقف في سبيل سعادتها؟ يكفي ما فعلته وكان سبب في تعاستها طوال الفترة الماضية"
شعرت بالدهشة من نفسها، هل هي من تتكلم؟ هل اقتنعت بأن من حق ابنتها ان تحظى بالسعادة؟ ام هي فقط لا تريد ان تقف في وجهها وتحطم تلك العلاقة الهشة؟ التي بدأت بينهم.
بالإضافة إلى أن أليخاندرو ليس هينا، هو رجل اعتصرته الأيام وعلمته الليالي، تعب واجتهد حتى استطاع ان يصل الى ما هو عليه الآن، لم يعد ذلك الفتى الصغير، الذي كان يتحرك خلف ابنتها منذ كانت طفلة، ربما وقتها كانت تشعر ان هناك شيء في عينه، أما الآن فهي لم تغامر لتراه.
لقد أستطاعت أن تقرأ ذلك الملف الذي أتى إليها بعد أن علمت أنه هو، من أشترى الأسهم الخاصة بشركتهم من خوسيه، هو الذي حاول أن يتخفى خلف المحامي الخاص به، ومع ذلك تفاجأ الجميع، ليس فقط من شرائه الأسهم، بل بما استطاع فعله في تلك السنوات.
لكن سؤال؟ أين هو الآن ريكاردو وعائلته، تحركت لتجلس على فراشها، وهي تقول:
"ان غدا لناظره قريب، سنعلم أين هو حينما تقرر سيلڤا أن تتكلم"
أما هناك كانت تغلق كتابها، وهي تنهض تفرد جسدها، تتحرك إلى الفراش، ولكن صوت الهاتف بتلك النعمة التي تخص بها أليخاندرو، جعلتها تبتسم وهي ترفع الهاتف، إلى اذنها لتستمع إلى صوته، وهو يقول:
"حبيبتي هل زلت مستيقظة؟"
"اجل كنت استعد للنوم"
"هل يعني ذلك أن أغلق؟"
" ليس تماما؛ ما الذي تريده؟"
"أنه سؤال غريب، حينما اتصل بك معنى ذلك انني أريدك أنت "
ابتسمت وهي تقول:
"هذه إجابة قديمة، لقد سمعتها منك من قبل"
"ماذا يعني أنك سمعتها من قبل؟ هل علي أن أتوقف عن أنني أريدك بالقرب مني؟"
ابتسمت ولم ترد عليه فقال:
"ما رأيك أن نتناول الغداء معا في الغد؟"
"هل ستدعون إلى أحد المطاعم؟"
"ليس تماما "
"ماذا تعني؟"
"أعني أننا سنتناول الطعام في بيت العائلة، لقد تحدثت معهم بشأننا"
"ماذا قلت؟"
"كما سمعتي، فأنا لن أنتظر حتى تقرري، متى تقولين لهم او لامك، عليهم ان يعلموا أننا نرتبط رباط جدي، وليس مجرد شراكة في العمل، بالإضافة لاني سأهديك تلك الأسهم يوم زواجنا"
"ماذا قلت؟"
"كما سمعت حبيبتي، ستكون هدية مني إليك يوم عرسنا"
الدهشه على وجهها جعلتها تجلس على الفراش، وهي ترفع خصلات شعرها، تنظر أمامها بصدمة، هل بهذه السهولة يفرط في تلك الأسهم التي تعد مرتفعة السعر؟ والتي يعد ثمنها خرافي هذه الأيام، فلقد استطاع في سنة ونصف أن يسير بأسم الشركة إلى مكانة أعلى ووضع مالي مستقر.
شعر أليخاندرو بما تفكر فيه فابتسم وهو يسأل:
"لماذا انت صامتة؟ ألا يعجبك ما أفكر فيه؟"
"لا أريدك أن تفعل ذلك"
"لما سيلڤا؟ هل ترفضين هديتي؟"
"لأن تلك الأسهم ثمينة"
"بالتأكيد هي ثمينة وقيمة، لكنها ليست أثمن منك، انت عندي أغلى من الدنيا بما فيها حبيبتي أشتقت إليك"
"وانا ايضا، لقد مضى أسبوع دون أن أراك"
"وهذا كثير جدا علي لقد اعتدت أن اكون قريب منك"
"أنت من شغلت نفسك في عملك الآخر، لقد أصبحت الشركة غير مهمة لديك، حتى إنك تفكر في التفريط في أسهمها، لا تريد أن نظل بالقرب من بعض"
"ومن قال لك انني ساتركك، أو أترك ذلك المكتب الصغير، الذي وضعتني فيه ليس لشيء إلا من أجل أن حجمين مكانتي"
"لما تظن ذلك؟"
"لأني أعرف طريقة تفكيرك عمري"
ابتسمت بدلال وهى تقول:
"عمرك؟"
"هل مازلت تسألين سيلڤا؟ أنت ذلك الحلم الذي حلمته منذ كنت طفلا، أنت تلك البذرة التي نمت داخل قلبي بعشق ودفء، كنت أحاول تزكرها بذكريات الطفولة وانا امني نفسي ان تظلي على ذلك النقاء وتلك البراءة"
"وهل وجدتني كما تمنيت؟"
"ليس تماما، لكني احبك في كل حالاتك"
"لكني لازلت بريئة"
"هل يعني ذلك أنك سترتدين الأبيض في يوم عرسنا؟"
"بالطبع بعض النساء يليق لهن ان يرتدين الابيض؛ وانا واحده منهن"
"يا إلهي! هل تريدي أن تخبريني إنك نقية بنقاء الثلج؟"
"أنا كذلك، وأياك أن تسأل في هذا الأمر مرة اخرى"
رغم انه كان يشك في الأمر، إلا أن السعادة غمرة قلبه، فقد اعترفت أنه لم يلمسها غيره، وهذا ليس امر دارج في المكسيك، أو في تلك البيئة التي تعيش فيها سيلڤا بالتحديد، امها ليست ملتزمة، ولا تحاول احتواء ابنتها، لكن يبدو أن البذرة النقية، لا زالت بداخلها، همس بصوت يحمل العشق:
"هل تعلمين سيلڤا كم اعشقك؟"
" لا، لا أعلم لم تخبرني"
"انا مخطىء لاني لم أخبرك"
" بالتأكيد أنت مخطئ لأنك لم تخبرني"
"أنا أعشقك أكثر من العشق نفسه، أهيم بك انتظر اللحظة التي تكوني فيها."
"إياك أن تقول ملكي"
"لن أقولها ولكني أعنيها"
"سأغلق الخط"
"لما سيلفا لم نتفق بعد، متى سنتقابل؟ وكيف سنذهب؟"
" ساتي بسيارتي؛ اعطيني العنوان"
" لما تاتين بسيارتك؟ هل لتكوني حرة في الانصراف؟ وقت ما شئت"
"لما تقول ذلك؟ هل لو اتيت معك لن اكون حرة؟ أن أردت أن أنصرف سأخبرك بأني أريد الذهاب، وستقوم بتوصيلي إلى أي مكان أريد، لكن الأمر ليس كذلك، لأني سأخرج بالسيارة من البيت"
" فهمت لا تريدي أن أتي إليك لأخذك من البيت لا تريدي لأمك أن تعرف، أننا على علاقة معا"
"الأمر ليس كذلك"
"حقاً سيلڤا، لازلت خائفة منها أم خائفة من رفضها"
"انا لست خائفة"
"لقد اخبرتك انني من سافاتحها في الأمر، لكني ظننتك ستلمحين لها، أن هناك مشاعر متبادلة بيني وبينك، وهذا اقل شيء قد تفعلينه من أجل حبنا"
"اعلم ذلك أليخاندرو، لكنك لا تدرك كم اشعر بالخجل، لا أستطيع أن أتكلم معها في ذلك الأمر، لم يحدث من قبل في أيام المراهقة، وأيام الطفولة، لم اعترف لها بما أكنه في داخل قلبي، ربما لو كانت قريبة مني في الماضي، لكنت ركضت إلى حضنها، لأخبرها ما اشعر به تجاهك، حتى لا اتخبط في ذلك البحر الذي يجذبني إليه كل مرة عن ما قبلها"
"هل يعني كلامك ان عشقنا بحر عميق؟"
" بل يعني ذلك انك تشعر بما اشعر به، ما دمت استطعت ان تشرح احساسي بهذه الدقة"
"أنا تورطت فيك منذ القدم ايتها الحسناء، عشقتك منذ كنت طفلة في السادسة، نهرت قلبي وقسيت عليه، وأخبرته أن لا يجوز وأن الفرق بيننا كبير"
"هل ستتحدث في هذا الأمر مرة أخرى؟"
" لا لن أتحدث فيه مرة أخرى، ولكني اريد ان اوضح لك، ان الفرق ليس ماديا أو اجتماعيا فقط، لا تنسي انني اكبر منك بتسع سنوات، وقد يكون أكثر"
"هل يعني ذلك انك عجوز اليخاندرو؟ هل تمزح؟"
"انا لا امزح؛ لكن اتمنى ان لا تري ذلك الفرق في المستقبل، تشعرين أنك أخطأت في الاختيار"
" لما هل سيتوقف قلبي عن عشقك؟"
"يا إلهي، هل تدرين معنى الكلمة التي قلتيها يا فتاة؟ كيف أستطيع النوم الآن؟"
"وما الذي سيمنعك من ان تنام؟"
" سأظل أفكر فيك حتى.. "
"كفى ايها الوقح، سأغلق الخط"
"تصبحين على خير حبيبتي"
" تصبح على خير أليخاندرو"
في اليوم التالي كانت تتحرك تنزل على الدرج، ترتدي بدلة رسمية تصلح للاجتماعات، أو لقاءات العمل، مما جعل أمها تشعر بالدهشة، لما ترتدي سروال أسود وقميص أبيض وجاكيت اسود عليه؟ رغم انها تبدو جميلة فيما ترتديه، لكنه يعطيها وقار ليس فيها كالعادة، هل هي ذاهبة لمقابلة رسمية؟ أم أن هناك شيء آخر؟ لا تعرفه.
وقفت أمامها وهي تقول:
" تبدين جميلة إلى حد اللعنة"
" شكرا لك امي، هل حقا أنا جميلة؟ هل شعري جيد ملابسي مرتبة؟ "
"بالطبع حبيبتي ان كل ما ترتديه جميل عليك، لكن هذه تبدو رسمية إلى حد ما، هل أنت ذاهبة لمقابلة عمل؟ أم أن الأمر فيه شيء آخر؟"
"هل تريدين الحقيقة؟"
"اجل سيلڤا اريد الحقيقة؛ هل ستعترفين الآن بما يعتمل في صدرك؟"
" ليس تماما "
"لما حبيبتي؟ هل ترى أنه غير مناسب؟"
"بالطبع لا، أنا لا أرى أحد مناسب أكثر منه، أحبه أمي "
"وما الذي يمنعك من أن تعترفي بما تشعرين به حبيبتي؟ ما الذي يمنع قلبك من ان يبوحي لامك شخصية من تحبين؟ هل هناك ما يجعلك مترددة خوف من شيء فيه؟"
سيلڤا وهي تفكر، لا تعرف كيف تخبر أمها؟ وهل الوقت مناسب الآن؟ وهي ذاهبة لتقابل عائلته؟ هل عليها أن لا تثير حفيظة والدتها حتى لا يفعلان، وتحدث مشادة قبل أن تذهب، نظرت لها مونيكا بابتسامة، وهي تقول:
"هل الأمر يحتاج إلى التفكير إلى هذه الدرجة؟"
" ماذا تعني امي؟ "
"اعني أن الأمر ليس خطير إلى هذه الدرجة، هل اسمه سرا حربيا؟"
"الأمر ليس كذلك"
"حسنا سأتركك، رغم انني اكاد أكون قد علمت من هو؟"
"ماذا؟"
"هل تتناولين الطعام معه اليوم؟"
"لم تجاوبي على سؤالي أمي؟ ماذا تعني بأنك تكاد تكوني تعرفين شخصيته؟"
" حينما تعودين سنتكلم"