الفصل 19
الفصل 19
هنا فقط استطاع أن ينظر لها بإعجاب، وهو يبتسم على ما تقوله تلك الصغيرة، التي قبلت قلبه واثرت روحه، ابتسم وهو يقول:
"أحسنت سيلڤا "
أخذ يصفق لها بابتسامة، وهو يكمل كلامه ويقول:
"هذا ما كنت أريد أن أرد به على هذا الملف، فنحن لن نتحمل كل شيء جوزاف، ومن أجل من؟ أجل هي شركة أخرى تبدأ تعاملها معنا لأول مرة، لا أظن أنني قد أسمح لشيء كهذا، أو اقبل أن نتحمل نحن كل شيء"
شعرت بالدهشة من رده وهي تقول:
"هل يعني ذلك أنك متفق معي في قراري؟"
"بالطبع انا كل ما يهمني مصلحة الشركة اولآ، نحن لسنا في حرب صغيرتي، كل ما أريد ان نثبت اسم الشركة عالميا، نجعل لها شأن ومكانة لكن ليس على حساب الربح نفسه، نحن لا نعمل مجاني ماذا نستفيد أن خسر هو، أقوم انا بتمويله جوزاف"
مدير الحسابات السيد دانيال، ابتسم وهو يقول:
"اتفق معكم في هذا الأمر"
هنا كانت الصدمة على وجه خوان، الذي لم يتوقع من الجميع ان يتكاتف معها، هو لا شأن له بكل هذا، ان ربحت يصب الأمر في جعبتها وإن خسرت هو موظف ياخذ مرتب لا أكثر ولا أقل، لكن طريقتها في النقاش صدمته، موافقتهم المطلقة على كل كلمة قالتها، صدمته فيهم أكثر.
كان ينقل عينه بينها وبين أليخاندرو، الذي اعطى التصويت بأنه غير موافق على هذه الصفقة!
هنا قررت سيلڤا أن تعلن القرار، وهي تقول:
"بما أن السيد أليخاندرو صوت بالرفض، وانا ايضا يبقى الأمر لا داعي لمناقشته، سنناقش بعض الأمور الأخرى، اولا غير مسموح في المستقبل لأي تعاقد مع احد الشركات يحملننا نحن الخسارة أن خسرو هم، فقد يتقاعسوا او لا يقومون بعملهم، هم يضمنون أننا سندفع لهم في المقابل"
دانيال: "كلامك صحيح أنسة سيلڤا"
خوان رغم انه متفق معها في بعض النقاط إلا أنه قال:
"لكن معنى ذلك اننا لن نتعاقد مع شريحة كبيرة من الشركات، لا تنسي أننا نحاول أن ننمي اسم الشركة"
ردت سيلڤا بهدوء وهي تضع القلم من يدها
"ليس على حساب أرباحنا، أنا إدفع المرتبات من الأرباح، والضرائب من الأرباح، ونفقات الشخصية من الأرباح، لذا لا تخبرني أن علينا التهاون من أجل تعاقد، لن يجني علينا شيء"
مايكل: "كلامك صحيح"
نظر له والده بصمت، لم يتوقع ان يكون متفقا معها إلى هذه الدرجة، فهي لا زالت لا تعرف جزء كبير مما يحدث، لكن يبدو أن هناك من قام بترتيب أفكارها، بطريقة جيدة من الواضح أن مونيكا ظهرت على الساحة مرة أخرى، لكن هل يعني ذلك أنها ستعود لتقوم بإدارة الشركة بنفسها؟ أم تكتفي بتوجيه ابنتها من الباطن؟
بعد وقت في حوار طويل لم ينتهي، كان الجميع يتحرك ليخرج بعد أن انتهى الاجتماع، لم يبقى إلا هو وهي، كانت تنظر له باستفسار كأنها تسأل:
« لما لا زال جالسا؟ هل هناك شيء يريد أن يقوله؟»
لكنه ابتسم وهو يقول:
"احسنتي"
"لقد قلتها أثناء الاجتماع"
"اعلم انني قلتها سيلڤا، لكن حينما تحرزي هدف جيد سأصفق لك، نحن شركاء في هذا المكان، نريد تنميته وليس خسارته"
ابتسمت له، وهي تهم ان تتحرك وقفت مكانها وكادت أن تمر من جواره، في اللحظة التي قبض على معصمها، وهو يقول:
"لما أنت في عجلة من أمرك؟ هل وجودي معك يزعجك إلى هذه الدرجة؟"
"لما تعطي لنفسك حجم أكبر من حجمك؟ أليخاندرو عليك ان تعلم إن وجودك من عدمه لا يعني لي شيء على الإطلاق، أنت مجرد شريك في هذا الكيان الكبير، الذي نحاول أن نوقفه على قدميه"
"كلامك صحيح، لكني لست مجرد شريك سيلڤا"
نظرت له بحدة وهي تحاول، ان تخلص يدها من بين أصابعه المتشبه بها، لتتحرر من شعورها الذي بدأ يتحرك، كما يتحرك ذلك الإبهام، على كفها مرسلا رجفة في أوصلها، ولكنه ابتسم لها وهو يقول:
"اشتقت إليك "
"لما لا تكف عن العبث؟ لما لا تحاول ان تتكلم معي بجديه؟ ونناقش الأمر بروية، هناك عمل يربطنا، ولا يوجد شيء آخر يربطني بك سوى العمل، وإن أردت أن ارتبط برجل؟ لن يكون أنت"
هنا وقف يشرف عليها من فوق، يظهر الغضب على وجهه تلمع عينه بنار الغيرة، وهو يقول:
"أن أعدت تكرار تلك الكلمة مرة أخرى، سأقوم بتمزيق قلبك بيدي، هل تدركين لماذا؟ لأنه لن يكون هناك رجل غيري! انا وبعدي الموت"
شعرت بالصدمة من انفعاله والغضب الظاهر على وجهه ولكنه قال كلامه وترك مكانها، وانصرف لم ينتظر منها رد، ولم يتوقع أن تستطيع الرد الآن، هو يهدد بامتلاك قلبها الذي لا زال يعاند ويكابر..
مرت الأيام وكانت كل يوم تأخذ ملفاتها معها إلى المنزل، وتأتي بها في اليوم التالي بقرارات حاسمة، أدرك الجميع ما يحدث في الخفاء، هي مجرد وجهة لأمها التي تعطيها تعليمات واضحة، بفعل أشياء كثيرة قد لا يستطيع أحد ان يفعلها..
وخاصة سيلڤا التي كانت تتخبط في تلك الشركة منذ أيام قليلة، منذ متى تستطيع ان تاخذ قرارات كتلك؟ منذ متى تستطيع ان توقف الجميع عند حدهم؟ وتقرر وهم ينفذون! حتى ان روڤان شعرت بالدهشة من تغيرها، وثقتها بنفسها في هذه الأيام..
أم هناك في بيت روڤان كانت تنحف كل يوم عن ما قبله، حتى أصبحت بجسد رشيق وممشوق في نفس الوقت، هناك بعض المنحنيات لكنها تعطيها شكلا جماليا ملفت.
بداوا الدراسة في الجامعة، ربما الشهور تركض والايام تسير، وهم في حرب باردة بين الاثنين سيلڤا وأليخاندرو الذي يحاول ان لا يقترب، ولكنه في بعض اللحظات يشعر بالضعف، يشعر بأنه قريب منها، ان يراها فقط.
بينما هي كل يوم تثبت جدارتها فيما تفعله، رغم ذلك كان يشعر بالسعادة من أجلها، اما روڤان فلقد اصبحت شخص اخر، مختلف تماما عن تلك البدينة، التي كانت تتحرك بهدوء وببطء، عملها في الشركة جعلها تتحرك بسرعة تواكب من حولها، حتى لا يتوقف بها القطار فهي تريد العمل، وتريد المال وتريد القرب من سيلڤا التي لم تتاخر عنها في شيء، منذ أن بدأت علاقتهم.
لذا كانت تحاول ان ترد لها بعض الجميل، بعملها بجد واجتهاد، ومحاولتها المصابرة لتحسين من نفسها ومن شخصيتها، في بداية الدراسة، كانوا لا يفترقون إلا أنها بدات تلاحظ نظرات الإعجاب من البعض، لكنها لم تتوقع أن ينظر لها بهذه الطريقة!
كانه يشبه عليها متاكد انه رأها من قبل ولكن عقله يعجز عن الوصول للمكان، كأنه لا يصدق انها هي! أو لا يعرف انها هي من الأساس، مما جعلها تشعر بالصدمة، هل كان ينظر لها بهذه الطريقة؟ لو كانت لا زالت بذلك الحجم الضخم! وتلك الأرداف الممتلئة السمينة، لما الان تظهر الدهشة على وجهه وينظر لها بإعجاب؟
لانها تغيرت وتبدل حالها، إلا أنها كانت تنظر له بطرف عينيها، كأنها لا تعرفه من الأساس، عليه أن يتذوق من نفسه ما شعرت به يوما، حتى وان كانت تظن أنه معجب بها من قبل او هي من تتخيل ان وسيم جذاب مثله مفتول العضلات بملامح تسكن أحلامها قد يبادلها المشاعر..
إلا أنه لم يكف السنة الماضية ان يحميها من هؤلاء الحمقى، أو يبعدهم عنها لم يحاول نهرهم او منعهم من أن يتنمرون عليها، ينعتونها بالسمينة ذات المؤخرة الضخمة، التي تعيقها على الحركة، وقف أمامها، وهو يقول:
"هل رأيتك من قبل؟"
" ربما"
" ماذا تعني أيتها الجميلة «ربما» الإجابة يجب أن تكون واضحة، اعرفك رأيتك من قبل، أم لا"
"هذا السؤال قد تواجهه لنفسك انريكي عليك أن تتذكر إن كنت تعرفني أم لا تعرفني من الأساس، معنى إنك تعرفين اسمي أننا نعرف بعضنا"
"ليس تماما! ليس بالمعنى الحرفي هناك اناس تبقى بجوارهم عمر كامل، ولا تستطيع ان تعرفهم او تتعرف عليهم"
حاولت ان تتحرك من أمامه، حينما امسك ذراعها، وهو يقول:
"اهدئي ايتها الجميلة، يبدو إنك غاضبة مني، ولا أعرف السبب لذا عليك أن توضحي لي، لانني لا اقبل أن اكون قد أغضبت جميلة مثلك"
"لكنك اغضبتني إنريكي، ليس مرة واحدة بل مرات، حينما لجات الى الصمت، لم تحاول أن تدافع عني ولا مرة، والآن صدمتني حينما أتيت لتسأل، هل تخبرني أنك لم تتعرف عليا، مجرد ان نحفت بعض الشيء، ولم اعد تلك البدينة الضخمة، ذات المؤخرة السمينة، اصبحت تريد التكلم معي"
توقفت عن الكلام تلتقط أنفاسها، بينما هو ابتلع ما في فمه، وهي تكمل:
" لكن حينما كانوا يتنمرون عليا ينعتوني بألفاظ تجرح قلبي وروحي، لم تكن تتدخل"
"مستحيل!"
"ما هو المستحيل انريكي؟ أن روڤان البدينة، تحولت إلى اخرى حتى انك اظهرت اعجاب بها"
شعر بالصدمة أكبر لكنها نظرت له بترفع ولم تنتظر منه رد، وتركته مكانه وتحركت
في هذه اللحظة نظرت لها سيلڤا باعجاب، وهي تقول:
"أحسنت يا فتاة، هذه هي الطريقة التي يجب أن تعامليه بها، عليه أن يدرك جيداً، أن الاختلاف في الشكل، ليس الأساس أنت نفس الشخص، أنت هي روڤان سواء كنت سمينة او نحيفة، من يحبك يجب ان يحب كل شيء فيك"
نظرت لها روڤان بابتسامة، وهي تتعلق في ذراعها، وتقول:
"هل تريدين الحقيقة سيلڤا؟"
"لا اريد غيرها"
"هل ذلك الجسد وتلك التي لا تستطيع أن تسير عدة خطوات دون ان تلهث، كأنها جرو يركض تستطيع ان تطالب بحقها في الحياة، أن تحب وتحب، انا لا الوم عليه ولكني ألوم على نفسي"
"لما ايتها الحمقاء؟! لا يوجد من يستحق ان يجعلك تشعرين بهذا الاحساس، غدا ياتي إليك يطلب حبك وقربك"
"وقتها سأرفضه"
"هل تمزحين؟"
" بالطبع لا امزح، سارد له ما فعله في"
"قد أصبحت شريرة صديقتي"
"هل تظن ذلك؟"
ضمتها سيلڤا وهي تتحرك معها إلى السيارة وتقول:
" بالطبع لا"
بعد وقت كانوا يصلون إلى الشركة، نزل الإثنين والكل كان يعرف أنهم لا يفترقان، يعلمون جيدا أن روڤان لن تقبل ان يقول احد أمامها كلمة واحدة، في حق سيلڤا، ويعلمون جيدا أن سيلڤا لن تتأخر عن أن تقوم بطرد اي احد فيهم، قد يغضب روڤان، أو يخطئ في حقها.
لذا عليهم أن يظهروا احترام لمالكة الشركة الصغيرة، فهي تستحق، ففي شهور بسيطة تعلمت أشياء كثيرة، واستطاعت ان تثبت نفسها حتى لو كانت وجهة لأحد آخر.
إلا أنها تسير بالشركة إلى بر الأمان، حتى أن أليخاندرو نفسه كان يستشيرها في بعض الأمور، ربما يضحك على نفسه، يحاول التقرب منها، يسعى لأن يكون قريبا منها، وبعيدا في نفس الوقت، ذلك الهاتف لا يشبع رغبته في قربها، وجودها معه في نفس المكان ولا يستطيع ان يقترب منها يؤلمه.
لكن هل يستطيع أن يتخطى ذلك الحاجز؟ الذي وضعته هي، أم أن عليه أن يصبر حتى تدرك جيدا أنها ملكا له.
بصوت مرتفع، وهو ينقر على إحدي الملفات الموجودة أمامه على المكتب بذلك القلم الفضي في يده، وهو يقول:
"هل هي حقا ملك لي؟ أم أنا امني نفسي بأمل كاذب؟ انا الذي أريدها وهي إلى الآن تظهر رفضا"
تنفس بصوت مرتفع وهو يترك القلم من يده، ينظر إلى الباب، كمن يتمنى أن يراها تدخل منه ورجع ليقول لنفسه:
"عليك أن تستيقظ من ذلك الكابوس، عليك ان تحاول ان تجد مخرجا من هذا الحلم، الذي لن ينتهي! سيلڤا حلم طفولتك، قد لا تكون ملكا لك، ليس لشيء إلا لأن الفوارق الاجتماعية لم تنتهي"
ضحك بسخرية وهو يرجع بأفكاره إلى الماضي، إلى ذلك الوقت الذي كان يختلس من الوقت لحظات في قربها، كان يستمتع بحديثه معها رغم انها طفلة في السادسة أو السابعة، كانت تركض لتريه ألعابها التي لا تنتهي.
تطالبه باللعب معها، ورغم أن سنه لم يكن مناسب ليشاركه اللعب إلا أنه لم يكن يخجلها، ولكن هل بعد كل ما يملك فلقد امتلاك شقة فاخرة، بسعر خرافي، وامتلاك ربع شركتها، والأسهم في شركات أخرى قد تجعله ثري!
همس بصوت مجروح:
"هل لازالت في نظرها أبن السائق. هل هذا هو السبب لمحاولتها البعد؟ هل هي مثل أمها تفكر بالمظاهر؟"
اخذ الغضب يتصاعد في رأسه، وهو يشعر بنار تشتعل فيه من الداخل، لكنه رجع يقول:
"لكن بماذا أفسر شعرها وهي بين ذراعي؟ هل هو حب ام رغبة ام انا من اجبرتها على القرب"
وقف مرة واحدة حتى ان المقعد كان سيقع أرضا، وهو ينهض وتحرك في المكتب يملئه الغضب، يسكنه العذاب .
هنا فقط استطاع أن ينظر لها بإعجاب، وهو يبتسم على ما تقوله تلك الصغيرة، التي قبلت قلبه واثرت روحه، ابتسم وهو يقول:
"أحسنت سيلڤا "
أخذ يصفق لها بابتسامة، وهو يكمل كلامه ويقول:
"هذا ما كنت أريد أن أرد به على هذا الملف، فنحن لن نتحمل كل شيء جوزاف، ومن أجل من؟ أجل هي شركة أخرى تبدأ تعاملها معنا لأول مرة، لا أظن أنني قد أسمح لشيء كهذا، أو اقبل أن نتحمل نحن كل شيء"
شعرت بالدهشة من رده وهي تقول:
"هل يعني ذلك أنك متفق معي في قراري؟"
"بالطبع انا كل ما يهمني مصلحة الشركة اولآ، نحن لسنا في حرب صغيرتي، كل ما أريد ان نثبت اسم الشركة عالميا، نجعل لها شأن ومكانة لكن ليس على حساب الربح نفسه، نحن لا نعمل مجاني ماذا نستفيد أن خسر هو، أقوم انا بتمويله جوزاف"
مدير الحسابات السيد دانيال، ابتسم وهو يقول:
"اتفق معكم في هذا الأمر"
هنا كانت الصدمة على وجه خوان، الذي لم يتوقع من الجميع ان يتكاتف معها، هو لا شأن له بكل هذا، ان ربحت يصب الأمر في جعبتها وإن خسرت هو موظف ياخذ مرتب لا أكثر ولا أقل، لكن طريقتها في النقاش صدمته، موافقتهم المطلقة على كل كلمة قالتها، صدمته فيهم أكثر.
كان ينقل عينه بينها وبين أليخاندرو، الذي اعطى التصويت بأنه غير موافق على هذه الصفقة!
هنا قررت سيلڤا أن تعلن القرار، وهي تقول:
"بما أن السيد أليخاندرو صوت بالرفض، وانا ايضا يبقى الأمر لا داعي لمناقشته، سنناقش بعض الأمور الأخرى، اولا غير مسموح في المستقبل لأي تعاقد مع احد الشركات يحملننا نحن الخسارة أن خسرو هم، فقد يتقاعسوا او لا يقومون بعملهم، هم يضمنون أننا سندفع لهم في المقابل"
دانيال: "كلامك صحيح أنسة سيلڤا"
خوان رغم انه متفق معها في بعض النقاط إلا أنه قال:
"لكن معنى ذلك اننا لن نتعاقد مع شريحة كبيرة من الشركات، لا تنسي أننا نحاول أن ننمي اسم الشركة"
ردت سيلڤا بهدوء وهي تضع القلم من يدها
"ليس على حساب أرباحنا، أنا إدفع المرتبات من الأرباح، والضرائب من الأرباح، ونفقات الشخصية من الأرباح، لذا لا تخبرني أن علينا التهاون من أجل تعاقد، لن يجني علينا شيء"
مايكل: "كلامك صحيح"
نظر له والده بصمت، لم يتوقع ان يكون متفقا معها إلى هذه الدرجة، فهي لا زالت لا تعرف جزء كبير مما يحدث، لكن يبدو أن هناك من قام بترتيب أفكارها، بطريقة جيدة من الواضح أن مونيكا ظهرت على الساحة مرة أخرى، لكن هل يعني ذلك أنها ستعود لتقوم بإدارة الشركة بنفسها؟ أم تكتفي بتوجيه ابنتها من الباطن؟
بعد وقت في حوار طويل لم ينتهي، كان الجميع يتحرك ليخرج بعد أن انتهى الاجتماع، لم يبقى إلا هو وهي، كانت تنظر له باستفسار كأنها تسأل:
« لما لا زال جالسا؟ هل هناك شيء يريد أن يقوله؟»
لكنه ابتسم وهو يقول:
"احسنتي"
"لقد قلتها أثناء الاجتماع"
"اعلم انني قلتها سيلڤا، لكن حينما تحرزي هدف جيد سأصفق لك، نحن شركاء في هذا المكان، نريد تنميته وليس خسارته"
ابتسمت له، وهي تهم ان تتحرك وقفت مكانها وكادت أن تمر من جواره، في اللحظة التي قبض على معصمها، وهو يقول:
"لما أنت في عجلة من أمرك؟ هل وجودي معك يزعجك إلى هذه الدرجة؟"
"لما تعطي لنفسك حجم أكبر من حجمك؟ أليخاندرو عليك ان تعلم إن وجودك من عدمه لا يعني لي شيء على الإطلاق، أنت مجرد شريك في هذا الكيان الكبير، الذي نحاول أن نوقفه على قدميه"
"كلامك صحيح، لكني لست مجرد شريك سيلڤا"
نظرت له بحدة وهي تحاول، ان تخلص يدها من بين أصابعه المتشبه بها، لتتحرر من شعورها الذي بدأ يتحرك، كما يتحرك ذلك الإبهام، على كفها مرسلا رجفة في أوصلها، ولكنه ابتسم لها وهو يقول:
"اشتقت إليك "
"لما لا تكف عن العبث؟ لما لا تحاول ان تتكلم معي بجديه؟ ونناقش الأمر بروية، هناك عمل يربطنا، ولا يوجد شيء آخر يربطني بك سوى العمل، وإن أردت أن ارتبط برجل؟ لن يكون أنت"
هنا وقف يشرف عليها من فوق، يظهر الغضب على وجهه تلمع عينه بنار الغيرة، وهو يقول:
"أن أعدت تكرار تلك الكلمة مرة أخرى، سأقوم بتمزيق قلبك بيدي، هل تدركين لماذا؟ لأنه لن يكون هناك رجل غيري! انا وبعدي الموت"
شعرت بالصدمة من انفعاله والغضب الظاهر على وجهه ولكنه قال كلامه وترك مكانها، وانصرف لم ينتظر منها رد، ولم يتوقع أن تستطيع الرد الآن، هو يهدد بامتلاك قلبها الذي لا زال يعاند ويكابر..
مرت الأيام وكانت كل يوم تأخذ ملفاتها معها إلى المنزل، وتأتي بها في اليوم التالي بقرارات حاسمة، أدرك الجميع ما يحدث في الخفاء، هي مجرد وجهة لأمها التي تعطيها تعليمات واضحة، بفعل أشياء كثيرة قد لا يستطيع أحد ان يفعلها..
وخاصة سيلڤا التي كانت تتخبط في تلك الشركة منذ أيام قليلة، منذ متى تستطيع ان تاخذ قرارات كتلك؟ منذ متى تستطيع ان توقف الجميع عند حدهم؟ وتقرر وهم ينفذون! حتى ان روڤان شعرت بالدهشة من تغيرها، وثقتها بنفسها في هذه الأيام..
أم هناك في بيت روڤان كانت تنحف كل يوم عن ما قبله، حتى أصبحت بجسد رشيق وممشوق في نفس الوقت، هناك بعض المنحنيات لكنها تعطيها شكلا جماليا ملفت.
بداوا الدراسة في الجامعة، ربما الشهور تركض والايام تسير، وهم في حرب باردة بين الاثنين سيلڤا وأليخاندرو الذي يحاول ان لا يقترب، ولكنه في بعض اللحظات يشعر بالضعف، يشعر بأنه قريب منها، ان يراها فقط.
بينما هي كل يوم تثبت جدارتها فيما تفعله، رغم ذلك كان يشعر بالسعادة من أجلها، اما روڤان فلقد اصبحت شخص اخر، مختلف تماما عن تلك البدينة، التي كانت تتحرك بهدوء وببطء، عملها في الشركة جعلها تتحرك بسرعة تواكب من حولها، حتى لا يتوقف بها القطار فهي تريد العمل، وتريد المال وتريد القرب من سيلڤا التي لم تتاخر عنها في شيء، منذ أن بدأت علاقتهم.
لذا كانت تحاول ان ترد لها بعض الجميل، بعملها بجد واجتهاد، ومحاولتها المصابرة لتحسين من نفسها ومن شخصيتها، في بداية الدراسة، كانوا لا يفترقون إلا أنها بدات تلاحظ نظرات الإعجاب من البعض، لكنها لم تتوقع أن ينظر لها بهذه الطريقة!
كانه يشبه عليها متاكد انه رأها من قبل ولكن عقله يعجز عن الوصول للمكان، كأنه لا يصدق انها هي! أو لا يعرف انها هي من الأساس، مما جعلها تشعر بالصدمة، هل كان ينظر لها بهذه الطريقة؟ لو كانت لا زالت بذلك الحجم الضخم! وتلك الأرداف الممتلئة السمينة، لما الان تظهر الدهشة على وجهه وينظر لها بإعجاب؟
لانها تغيرت وتبدل حالها، إلا أنها كانت تنظر له بطرف عينيها، كأنها لا تعرفه من الأساس، عليه أن يتذوق من نفسه ما شعرت به يوما، حتى وان كانت تظن أنه معجب بها من قبل او هي من تتخيل ان وسيم جذاب مثله مفتول العضلات بملامح تسكن أحلامها قد يبادلها المشاعر..
إلا أنه لم يكف السنة الماضية ان يحميها من هؤلاء الحمقى، أو يبعدهم عنها لم يحاول نهرهم او منعهم من أن يتنمرون عليها، ينعتونها بالسمينة ذات المؤخرة الضخمة، التي تعيقها على الحركة، وقف أمامها، وهو يقول:
"هل رأيتك من قبل؟"
" ربما"
" ماذا تعني أيتها الجميلة «ربما» الإجابة يجب أن تكون واضحة، اعرفك رأيتك من قبل، أم لا"
"هذا السؤال قد تواجهه لنفسك انريكي عليك أن تتذكر إن كنت تعرفني أم لا تعرفني من الأساس، معنى إنك تعرفين اسمي أننا نعرف بعضنا"
"ليس تماما! ليس بالمعنى الحرفي هناك اناس تبقى بجوارهم عمر كامل، ولا تستطيع ان تعرفهم او تتعرف عليهم"
حاولت ان تتحرك من أمامه، حينما امسك ذراعها، وهو يقول:
"اهدئي ايتها الجميلة، يبدو إنك غاضبة مني، ولا أعرف السبب لذا عليك أن توضحي لي، لانني لا اقبل أن اكون قد أغضبت جميلة مثلك"
"لكنك اغضبتني إنريكي، ليس مرة واحدة بل مرات، حينما لجات الى الصمت، لم تحاول أن تدافع عني ولا مرة، والآن صدمتني حينما أتيت لتسأل، هل تخبرني أنك لم تتعرف عليا، مجرد ان نحفت بعض الشيء، ولم اعد تلك البدينة الضخمة، ذات المؤخرة السمينة، اصبحت تريد التكلم معي"
توقفت عن الكلام تلتقط أنفاسها، بينما هو ابتلع ما في فمه، وهي تكمل:
" لكن حينما كانوا يتنمرون عليا ينعتوني بألفاظ تجرح قلبي وروحي، لم تكن تتدخل"
"مستحيل!"
"ما هو المستحيل انريكي؟ أن روڤان البدينة، تحولت إلى اخرى حتى انك اظهرت اعجاب بها"
شعر بالصدمة أكبر لكنها نظرت له بترفع ولم تنتظر منه رد، وتركته مكانه وتحركت
في هذه اللحظة نظرت لها سيلڤا باعجاب، وهي تقول:
"أحسنت يا فتاة، هذه هي الطريقة التي يجب أن تعامليه بها، عليه أن يدرك جيداً، أن الاختلاف في الشكل، ليس الأساس أنت نفس الشخص، أنت هي روڤان سواء كنت سمينة او نحيفة، من يحبك يجب ان يحب كل شيء فيك"
نظرت لها روڤان بابتسامة، وهي تتعلق في ذراعها، وتقول:
"هل تريدين الحقيقة سيلڤا؟"
"لا اريد غيرها"
"هل ذلك الجسد وتلك التي لا تستطيع أن تسير عدة خطوات دون ان تلهث، كأنها جرو يركض تستطيع ان تطالب بحقها في الحياة، أن تحب وتحب، انا لا الوم عليه ولكني ألوم على نفسي"
"لما ايتها الحمقاء؟! لا يوجد من يستحق ان يجعلك تشعرين بهذا الاحساس، غدا ياتي إليك يطلب حبك وقربك"
"وقتها سأرفضه"
"هل تمزحين؟"
" بالطبع لا امزح، سارد له ما فعله في"
"قد أصبحت شريرة صديقتي"
"هل تظن ذلك؟"
ضمتها سيلڤا وهي تتحرك معها إلى السيارة وتقول:
" بالطبع لا"
بعد وقت كانوا يصلون إلى الشركة، نزل الإثنين والكل كان يعرف أنهم لا يفترقان، يعلمون جيدا أن روڤان لن تقبل ان يقول احد أمامها كلمة واحدة، في حق سيلڤا، ويعلمون جيدا أن سيلڤا لن تتأخر عن أن تقوم بطرد اي احد فيهم، قد يغضب روڤان، أو يخطئ في حقها.
لذا عليهم أن يظهروا احترام لمالكة الشركة الصغيرة، فهي تستحق، ففي شهور بسيطة تعلمت أشياء كثيرة، واستطاعت ان تثبت نفسها حتى لو كانت وجهة لأحد آخر.
إلا أنها تسير بالشركة إلى بر الأمان، حتى أن أليخاندرو نفسه كان يستشيرها في بعض الأمور، ربما يضحك على نفسه، يحاول التقرب منها، يسعى لأن يكون قريبا منها، وبعيدا في نفس الوقت، ذلك الهاتف لا يشبع رغبته في قربها، وجودها معه في نفس المكان ولا يستطيع ان يقترب منها يؤلمه.
لكن هل يستطيع أن يتخطى ذلك الحاجز؟ الذي وضعته هي، أم أن عليه أن يصبر حتى تدرك جيدا أنها ملكا له.
بصوت مرتفع، وهو ينقر على إحدي الملفات الموجودة أمامه على المكتب بذلك القلم الفضي في يده، وهو يقول:
"هل هي حقا ملك لي؟ أم أنا امني نفسي بأمل كاذب؟ انا الذي أريدها وهي إلى الآن تظهر رفضا"
تنفس بصوت مرتفع وهو يترك القلم من يده، ينظر إلى الباب، كمن يتمنى أن يراها تدخل منه ورجع ليقول لنفسه:
"عليك أن تستيقظ من ذلك الكابوس، عليك ان تحاول ان تجد مخرجا من هذا الحلم، الذي لن ينتهي! سيلڤا حلم طفولتك، قد لا تكون ملكا لك، ليس لشيء إلا لأن الفوارق الاجتماعية لم تنتهي"
ضحك بسخرية وهو يرجع بأفكاره إلى الماضي، إلى ذلك الوقت الذي كان يختلس من الوقت لحظات في قربها، كان يستمتع بحديثه معها رغم انها طفلة في السادسة أو السابعة، كانت تركض لتريه ألعابها التي لا تنتهي.
تطالبه باللعب معها، ورغم أن سنه لم يكن مناسب ليشاركه اللعب إلا أنه لم يكن يخجلها، ولكن هل بعد كل ما يملك فلقد امتلاك شقة فاخرة، بسعر خرافي، وامتلاك ربع شركتها، والأسهم في شركات أخرى قد تجعله ثري!
همس بصوت مجروح:
"هل لازالت في نظرها أبن السائق. هل هذا هو السبب لمحاولتها البعد؟ هل هي مثل أمها تفكر بالمظاهر؟"
اخذ الغضب يتصاعد في رأسه، وهو يشعر بنار تشتعل فيه من الداخل، لكنه رجع يقول:
"لكن بماذا أفسر شعرها وهي بين ذراعي؟ هل هو حب ام رغبة ام انا من اجبرتها على القرب"
وقف مرة واحدة حتى ان المقعد كان سيقع أرضا، وهو ينهض وتحرك في المكتب يملئه الغضب، يسكنه العذاب .