الفصل١٩
تحدثت «هيلينا» إلى «دينا» قائلة:
-أمال أنتِ معاهم أزاي؟! وأزاي بتشتغلي عند «ساينوس» ومتعرفيش حاجة عن ده؟
اجابتها «دينا» منفعلة لإصرارها بشأن علمها بالأمر:
-قولتلك أنا مغنية، علاقة شغلي ب«ساينوس» إني بشتغل مغنية عنده في الملهى وبس.
استمرت «هيلينا» في مطالعتها، قائلة بذات هدوئها وترقبها:
-أمال كنتِ بتعملي أيه في بيته؟!
استمرت «دينا» في مطالعتها وقد تملكها التوتر؛ فهي تعلم الكثير عنهم إذن.
اكملت «هيلينا» حديثها بذات الهدوء الذي يجعل من امامها في توتر ملحوظ:
-وروحتيله بعدها ومشيتوا سوا، هي المغنية بتروح مع مديرها كده كل يوم؟!
ابعدت «دينا» نظراتها عنها صامتة بعض الوقت، لتعيد مطالعتها، قائلة:
-بما إن ليكِ عداوة مع «ساينوس» فأنا هقولك الحقيقة، بصي يا صاحبة الرداء الأسود أنتِ، أنا فعلًا شغالة معنية مع «ساينوس»، بس بالإجبار، يعني زي متقولي كده عايزة اخلص من شغلي معاه، ودي حاجة على موتي، زي ماهو بيقول، وبما إني عارفة بكل اللي بيعمله، وبأسراره اللي لا نسر عدو ولا حبيب، فاقررت أخلص منه، ولأني معنديش أي فكرة أزاي أعمل كده، ومجربتش أخلص من حد قبل كده.
فاستعنت بصديق، واللي هي «هارلي»، دي كل الحكاية، أنا أ أعرف أنه بيقتل اللي يضايقه واللي يخلف كلامه معاه، واللي يكذب وغيرهم، بس معرفش مين اللي قتله ومين لا، خلفيتي عن الموضوع سطحية جدًا، بس متأكده منه.
تطالعها «هيلينا» تُفكر بما قالت، لتتحدث متعجبة أثناء قولها:
-وأيه مصلحة «هارلي» في إنها تساعدك؟!
اجابتها «دينا» قائلة:
-هي كمان عايزة تخلص من «ساينوس» لأنه بقى يتصرف تصرفات ضدها، غالبًا كده هو بيدور عليها أصلًا علشان السلاح اللي سرقته من الحرامية.
عقدت «هيلينا» حاجبيها بخفوت، قائلة:
-سلاح أيه؟! لا بصي كده ارجعي من الأول واحكيلي كل حاجة بالتفصيل.
(عند عودة هارلي وأدم للمنزل).
تحدثت «هارلي» ببسمة تظهر سعادتها:
-مبسوطة إني رجعت أشم الهوا من تاني، حقيقي كنت حاسة إني مخنوقة.
تبسم «أدم» قائل:
-كويس إن نفسيتك اتحسنت.
أومأت «هارلي» التي طالعت اللوح المعلقة من حولها، قائلة:
-أيه اللي خلا الإلهام يجيلك وترسم اللوح الغريبة دي؟!
اجابها «أدم» مطالع اللوح، ليقول:
-يعني في اوقات مكنتش أحسن حاجة، فكنت بطلع حاجات غريبة، دول من فترة كبيرة أصلًا.
رفعت «هارلي» حاجبيها ببسمة ترتسم فوق ثغرها، لتقول:
-حتى الرسام نفسيته بتأثر على اللي بيرسمه!
أومأ «أدم» قائل:
-طبعًا، تحبي ارسملك حاجة معينة؟
جلست «هارلي» لتطالعه تُفكر، حتى قالت:
-ارسملي حاجة على ذوقك، يعني تكون ذكرى.
تبسم «أدم» ليوميئ، قائل:
-فكرة حلوة، يبقى ليكِ عندي لوحة مميزة.
توشعت البسمة فوق شفاهها، لتُمسك بهاتفها متفقدة تلك الرسالة التي اُرسلت لها، ما إن رأتها تبدلت بمتها بل ملامحها بأكملها إلى دهشة، عاد قلبها في قرع الطبول من جديد، إنه احساس كان يراوضها منذ زمن، وهاهو قد عاد من جديد!
طالعها «أدم» الذي لاحظ تبدل ملامحها كليًا ما إن طالعت الهاتف، هذا كادفعه للتسائل في ترقب، قائل:
-في حاجة؟!
طالعته «هارلي» التي كانت نظراتها مختلفة؛ فهناك ما لامس روحها بطريقة ملحوظة، حاولت الفرار من هذا الإحتلال الذي تملك روحها، لتقول:
-اا، لا مفيش حاجة، مفيش حاجة.
تركت الهاتف ونظراتها اصبحت شاردة برغم نفيها للأمر، إلا أنه أثر عليها وعلى تركيذها كذلك.
وهذا ماكان يلاحظه، ولكنه حاول تجاهل الأمر امامها حتى لا يزعجها، برغم عدم تجاهل عقله له.
في اليوم التالي.
استيقظت «هارلي» من نومها بوقتها المعتاد، نهضت ذاهبة إلى دورة المياه، لتغسل وجهها وتستفيق كما تفعل كل ليلة.
خرجت من دورة المياه، متطلعة حولها باحثة بعيناها عن تواجد «أدم».
توقفت نظراتها صوب تلك اللوحة التي يبدو كأنها انتهت للتو، ليس هذا مالفت انظارها للوحة، بل لأنها كانت نسخة طبق الأصل منها، كأنه قام برسمها هي!
اقتربت من اللوحة ومازالت انظارها تتعلق بها، فكم دُهشت لهذا التجسيد الكبير لها، عقدت حاجبيها بخفوت من دهشتها لرؤيتها اللوحة.
بهذا الوقت قام «أدم» بالدخول إلى الغرفة بهذا الوقت، ليطالعها متبسم ويبدو على عيناه الإرهاق، قائل:
-صباح الخير.
طالعته «هارلي» منتبهة، لتتحدث قائل:
-صباح الخير، هي اللي في اللوحة دي أنا؟!
تبسم «أدم» ليقترب واقف بجانبها، قائل:
-عجبتك؟
تبسمت «هارلي» والدهشة مازالت تسيطر عليها، قائلة:
-أنا بجد مصدومة مش عارفة اقولك أيه، أزاي قدرت تخلصها في وقت ماكنت نايمة؟!
اجابها «أدم» وعيناه تتعلق بها، قائل:
-يعني استغليت أنك نايمة ورسمتك لسه مخلص الرسمة قبل ماخرج من شوية.
رفعت «هارلي» حاجبيها لتعيد مطالعة اللوحة ببسمة تتملك ثغرها، قائلة:
-أنت ابدعت فيها بجد، مكنتش متوقعة إنك هترسمني، بس صح اللي خلاك قلدت اللوحة اللي طلبتها منك بالظبط، يخليك تعرف ترسمني بكل الاحترافية دي.
تبسم «أدم» أكثر، ليقول:
-اللوحة دي هدية مني ليكِ، وعليها توقيعي كمان.
طالعته «هارلي» والبسمة ترتسم فوق ثغرها، لتحتضنه دون سابق انذار، وهذا ما أثار دهشته؛ فتلك المرة الأولى التي تضمه هكذا، بل المرة الأولى التي تضمه أنثى بالأساس!
تحدثت «هارلي» والبسمة تتملك ثغرها، لتقول:
-شكرًا يا «أدم»، بجد أنا مبسوطة أوي باللوحة.
تبسم «أدم» الذي ربط فوق كتفها بهدوء، ليقترب محتضنها وقد تذكر حينما كانوا صغار، فكم عادت تلك الذكريات الحلوة إلى عقله.
ابتعدت «هارلي» مطالعاه، ليتنحنح، قائل محاول في اعادة ذاته من جديد:
-اا أنا جيبت أكل، أيه رأيك لو نروح نفطر في الكافيه اللي روحناه امبارح؟
تحدثت «هارلي» سائلة:
-أنت مش هتنام؟
حرك «أدم» رأسه نافي، قائل:
-مش عايز أنام دلوقت، نروح؟
أومأت «هارلي»، ليشير صوب إحدى الحقائب الموضوعة في زاوية هناك، قائل:
-جبتلك هموم، هخرج غيري هدومك واخرجي.
أومأت «هارلي» قائلة:
-شكرًا يا «أدم»، بجد تعبتك معايا.
تبسم «أدم»، قائل:
-مفيش تعب، مستنيكِ برا.
خرج من الغرفة، لتذهب متفقدة الحقيبة، اخرجت الملابس والتي هي عبارة عن فستان ذات لون بنفسجي!
عقدت «هارلي» حاجبيها بخفوت؛ فتلك المرة الأولى لها منذ أن اصبحت «هارلي»، التي سترتدي بها فستان!
فكرت مرارًا في رفض ارتدائها له، ولكن بذات الوقت قد احضره وانتهى الأمر، كما أنه يفلع الكثير لأجلها، فلما لا ترتديه حتى لا تحزنه.
وبالفعل قامت بأرتدائه، فقد كان رائع عليها، حاولت تمشيط خصلاتها لكنها لم تستطيع؛ لإصابة يدها الأخرى.
هذا مادفعها للتحدث بصوت مرتفع، قائلة:
-«أدم» تعالى ثواني.
قام «أدم» بالدخول لها، متبسم ما إن رأها بالفستان الذي اختاره خصيصًا لها.
تحدث مقترب منها، ليقول:
-أنا اتخيلت هيكون حلو عليكِ، بس ده طلع أجمل بكتير من تخيلي.
تبسمت «هارلي» بخفوت، قائلة:
-ممكن تساعدني أربط شعري؟
أومأ «أدم» ليقترب ممشط خصلاتها، رافعها بطريقة مُرتبة عكس عشوائيتها الدائمة له.
عقدت «هارلي» حاجبيها بخفوت، قائلة:
-كنت بعمله أحسن.
ضحك «أدم»، قائل:
-لما تخفي أبقي اعمليه أنتِ، يلا بينا.
(بمنزل ساينوس).
تحدث «ساينوس» في غضب، قائل:
-يعني أيه معرفتوش تلاقوها؟! أيه اختفت؟
استمر «زاس» في مطالعته بجهل، قائل:
-شكلها كده، أحنا قالبين الدنيا عليها ومحدش فينا لاقيها، وكمان لو كنت مقصر في تدويري عليها، ف«دينا» كمان مقالتش حاجة ولا في خبر بخصوص الموضوع.
طالعه «ساينوس» الذي قال بغضب كابح بتملكه:
-أنت اللي المفروض تلاقيها مش «دينا»، أنا وظفت «دينا» معايا علشان هي اثبتت أنها فعلًا تقدر تعمل أي حاجة مقابل حمايتي، أما أنت أيه فايدتك معايا لو هقول كل حاجة ل«دينا»؟!
استمر «زاس» في مطالعته، ليقول متنهد بأسف:
-هدور تاني لحد ماجيبها يا بوص، وأسف على اللي قولته.
ذهب ليطالع «ساينوس» أثر ذهابه، وقد تملكه الضيق؛ فحتى الأن لا يستطيع ايجادها وهذا يجعله بكامل غضبه.
(بمنزل مارف).
تحدث «مارف» إلى «فيكتور» سائل:
-أيه مفيش أي اخبار عنها؟
حرك «فيكتور» رأسه نافي، قائل:
-مفيش، كأن البت اختفت!
تنهد «مارف» في ضيق منه، ليقول ما إن طالع الصغيرة قائل:
-وأنتِ ملقتيش حاجة على «ساينوس»؟
حركت رأسها نافية، لتقول:
-تحركاته طبيعية، وشكله هو كمان معرفش هي فين.
تحدث «فيكتور» في غضب يتملكه، قائل:
ولولا غبائك كان زمنا معانا السلاح، أهو الببت اتحرق وقلبناه ولا لقيين السلاح، ولا لاقينها.
تحدث «مارف» في ضيق، قائل:
-عندي حد ممكن يساعدنا في الحوار ده، بس هيقاسمنا بالنص.
مازال «فيكتور» يطالعه، ليقول متسائل:
-قصدك مين؟! أحنا هنلغي «ساينوس» لو لقناها بعيد عنه، ومش هنديله حاجة لو فعلًا كد تاني دخل معانا في الحوار وخلانا نلاقيه.
أومأ «مارف» قائل:
-ده طبيعي، بس المهم دلوقت نلاقيها أو نلاقي السلاح، وطبعًا مش هنلاقيه غير لما نلاقيها هي، طاوعني بس ومش هتندم.
(بالكافيه).
يتناول كلًا من «هارلي» و«أدم» طعامهم، تحدث «أدم» وهناك مايشغل عقله منذ وقت، يريد أن يفاتحها بالأمر لكن يخشى ردها.
لذا قال:
-«هارلي» في حاجة كنت عايز اقولهالك، هي من غير قصدي، بس مش عايزك تضايقي.
استمرت «هارلي» في مطالعته، لتوميئ بهدوء، قائلة:
-قول.
اجابها «أدم» قائل:
-أنا شوفت رسالة في تليفونك بالصدفة لما كنتِ نايمة، مبعوتة من رقم بيقولك وحشتيني، أنا بجد شفتها بالصدفة بس استغربت يعني خصوصًا أنك مردتيش على الرسالة وقت ماتبعتتلك.
استمرت «هارلي» في مطالعته وقد شرد ذهنها، ابعدت نظراتها عنه، قائلة:
-اا، أنا حكيتلك عنه.
استمر «أدم» في مطالعتها، ليتسائل في تعجب:
-هو ده نفسه اللي حكتيلي عنه؟!
أومأت «هارلي» لترفع حاجبيها في انبهار مصطنع:
-الجوكر سيد النصب الأول، أكيد في حاجة ورا رجوعه فجأة كده.
تحدث «أدم» في ترقب، سائل:
-ناويه تردي عليه؟
طالعته «هارلي» أثناء تناول طعامها بهدوء وصمت تملك الأجواء للحظات، لتعيد التحدث، قائلة:
-مش عارفة، بس أكيد هعمل اللي يستاهله.
تنهد «أدم» ليوميئ بهدوء معيد تناول طعامه.
طالعته «هارلي» وقد لاحظت تبدل ملامحه للشرود، والذي يحاول أن لا يظهره بتناوله ونظره للطعام.
تحدثت «هارلي» مرتشفة من قوتها حين انتهت من تناول الطعام:
-مالك؟
طالعها «أدم» ليحرك رأسه نافي، متظاهر الجهل:
-مالي؟!
رفعت «هارلي» حاجبيها قائلة:
-وشك مقلوب!
حرك «أدم» رأسه نافي، ليبعد نظراته عنها:
-ولا قالب وشي ولا حاجة.
ضحكت «هارلي» لتقول في مزاح منها:
-يعني ده وشك؟
ضحك «أدم» بسخرية ،قائل:
-أه هو ده وشي.
استمرت «هارلي» في نوبة ضحكاتها عليه، ليتبسم رغمًا عنه من تلك الضحكات التي اسعدته رؤيتها بلا أي سبب.
حين انتهت من الضحك، طالعته لتتبسم، مستمعة لما قال:
-تعرفي إن دي أول مرة أشوف ضحكة حلوة بالشكل ده.
ازدادت بسمة «هارلي» لما قال، مبعدة نظراتها عنه لتكمل ارتشافها للقهوة في تهرب من كلماته التي اخجلتها.
-أمال أنتِ معاهم أزاي؟! وأزاي بتشتغلي عند «ساينوس» ومتعرفيش حاجة عن ده؟
اجابتها «دينا» منفعلة لإصرارها بشأن علمها بالأمر:
-قولتلك أنا مغنية، علاقة شغلي ب«ساينوس» إني بشتغل مغنية عنده في الملهى وبس.
استمرت «هيلينا» في مطالعتها، قائلة بذات هدوئها وترقبها:
-أمال كنتِ بتعملي أيه في بيته؟!
استمرت «دينا» في مطالعتها وقد تملكها التوتر؛ فهي تعلم الكثير عنهم إذن.
اكملت «هيلينا» حديثها بذات الهدوء الذي يجعل من امامها في توتر ملحوظ:
-وروحتيله بعدها ومشيتوا سوا، هي المغنية بتروح مع مديرها كده كل يوم؟!
ابعدت «دينا» نظراتها عنها صامتة بعض الوقت، لتعيد مطالعتها، قائلة:
-بما إن ليكِ عداوة مع «ساينوس» فأنا هقولك الحقيقة، بصي يا صاحبة الرداء الأسود أنتِ، أنا فعلًا شغالة معنية مع «ساينوس»، بس بالإجبار، يعني زي متقولي كده عايزة اخلص من شغلي معاه، ودي حاجة على موتي، زي ماهو بيقول، وبما إني عارفة بكل اللي بيعمله، وبأسراره اللي لا نسر عدو ولا حبيب، فاقررت أخلص منه، ولأني معنديش أي فكرة أزاي أعمل كده، ومجربتش أخلص من حد قبل كده.
فاستعنت بصديق، واللي هي «هارلي»، دي كل الحكاية، أنا أ أعرف أنه بيقتل اللي يضايقه واللي يخلف كلامه معاه، واللي يكذب وغيرهم، بس معرفش مين اللي قتله ومين لا، خلفيتي عن الموضوع سطحية جدًا، بس متأكده منه.
تطالعها «هيلينا» تُفكر بما قالت، لتتحدث متعجبة أثناء قولها:
-وأيه مصلحة «هارلي» في إنها تساعدك؟!
اجابتها «دينا» قائلة:
-هي كمان عايزة تخلص من «ساينوس» لأنه بقى يتصرف تصرفات ضدها، غالبًا كده هو بيدور عليها أصلًا علشان السلاح اللي سرقته من الحرامية.
عقدت «هيلينا» حاجبيها بخفوت، قائلة:
-سلاح أيه؟! لا بصي كده ارجعي من الأول واحكيلي كل حاجة بالتفصيل.
(عند عودة هارلي وأدم للمنزل).
تحدثت «هارلي» ببسمة تظهر سعادتها:
-مبسوطة إني رجعت أشم الهوا من تاني، حقيقي كنت حاسة إني مخنوقة.
تبسم «أدم» قائل:
-كويس إن نفسيتك اتحسنت.
أومأت «هارلي» التي طالعت اللوح المعلقة من حولها، قائلة:
-أيه اللي خلا الإلهام يجيلك وترسم اللوح الغريبة دي؟!
اجابها «أدم» مطالع اللوح، ليقول:
-يعني في اوقات مكنتش أحسن حاجة، فكنت بطلع حاجات غريبة، دول من فترة كبيرة أصلًا.
رفعت «هارلي» حاجبيها ببسمة ترتسم فوق ثغرها، لتقول:
-حتى الرسام نفسيته بتأثر على اللي بيرسمه!
أومأ «أدم» قائل:
-طبعًا، تحبي ارسملك حاجة معينة؟
جلست «هارلي» لتطالعه تُفكر، حتى قالت:
-ارسملي حاجة على ذوقك، يعني تكون ذكرى.
تبسم «أدم» ليوميئ، قائل:
-فكرة حلوة، يبقى ليكِ عندي لوحة مميزة.
توشعت البسمة فوق شفاهها، لتُمسك بهاتفها متفقدة تلك الرسالة التي اُرسلت لها، ما إن رأتها تبدلت بمتها بل ملامحها بأكملها إلى دهشة، عاد قلبها في قرع الطبول من جديد، إنه احساس كان يراوضها منذ زمن، وهاهو قد عاد من جديد!
طالعها «أدم» الذي لاحظ تبدل ملامحها كليًا ما إن طالعت الهاتف، هذا كادفعه للتسائل في ترقب، قائل:
-في حاجة؟!
طالعته «هارلي» التي كانت نظراتها مختلفة؛ فهناك ما لامس روحها بطريقة ملحوظة، حاولت الفرار من هذا الإحتلال الذي تملك روحها، لتقول:
-اا، لا مفيش حاجة، مفيش حاجة.
تركت الهاتف ونظراتها اصبحت شاردة برغم نفيها للأمر، إلا أنه أثر عليها وعلى تركيذها كذلك.
وهذا ماكان يلاحظه، ولكنه حاول تجاهل الأمر امامها حتى لا يزعجها، برغم عدم تجاهل عقله له.
في اليوم التالي.
استيقظت «هارلي» من نومها بوقتها المعتاد، نهضت ذاهبة إلى دورة المياه، لتغسل وجهها وتستفيق كما تفعل كل ليلة.
خرجت من دورة المياه، متطلعة حولها باحثة بعيناها عن تواجد «أدم».
توقفت نظراتها صوب تلك اللوحة التي يبدو كأنها انتهت للتو، ليس هذا مالفت انظارها للوحة، بل لأنها كانت نسخة طبق الأصل منها، كأنه قام برسمها هي!
اقتربت من اللوحة ومازالت انظارها تتعلق بها، فكم دُهشت لهذا التجسيد الكبير لها، عقدت حاجبيها بخفوت من دهشتها لرؤيتها اللوحة.
بهذا الوقت قام «أدم» بالدخول إلى الغرفة بهذا الوقت، ليطالعها متبسم ويبدو على عيناه الإرهاق، قائل:
-صباح الخير.
طالعته «هارلي» منتبهة، لتتحدث قائل:
-صباح الخير، هي اللي في اللوحة دي أنا؟!
تبسم «أدم» ليقترب واقف بجانبها، قائل:
-عجبتك؟
تبسمت «هارلي» والدهشة مازالت تسيطر عليها، قائلة:
-أنا بجد مصدومة مش عارفة اقولك أيه، أزاي قدرت تخلصها في وقت ماكنت نايمة؟!
اجابها «أدم» وعيناه تتعلق بها، قائل:
-يعني استغليت أنك نايمة ورسمتك لسه مخلص الرسمة قبل ماخرج من شوية.
رفعت «هارلي» حاجبيها لتعيد مطالعة اللوحة ببسمة تتملك ثغرها، قائلة:
-أنت ابدعت فيها بجد، مكنتش متوقعة إنك هترسمني، بس صح اللي خلاك قلدت اللوحة اللي طلبتها منك بالظبط، يخليك تعرف ترسمني بكل الاحترافية دي.
تبسم «أدم» أكثر، ليقول:
-اللوحة دي هدية مني ليكِ، وعليها توقيعي كمان.
طالعته «هارلي» والبسمة ترتسم فوق ثغرها، لتحتضنه دون سابق انذار، وهذا ما أثار دهشته؛ فتلك المرة الأولى التي تضمه هكذا، بل المرة الأولى التي تضمه أنثى بالأساس!
تحدثت «هارلي» والبسمة تتملك ثغرها، لتقول:
-شكرًا يا «أدم»، بجد أنا مبسوطة أوي باللوحة.
تبسم «أدم» الذي ربط فوق كتفها بهدوء، ليقترب محتضنها وقد تذكر حينما كانوا صغار، فكم عادت تلك الذكريات الحلوة إلى عقله.
ابتعدت «هارلي» مطالعاه، ليتنحنح، قائل محاول في اعادة ذاته من جديد:
-اا أنا جيبت أكل، أيه رأيك لو نروح نفطر في الكافيه اللي روحناه امبارح؟
تحدثت «هارلي» سائلة:
-أنت مش هتنام؟
حرك «أدم» رأسه نافي، قائل:
-مش عايز أنام دلوقت، نروح؟
أومأت «هارلي»، ليشير صوب إحدى الحقائب الموضوعة في زاوية هناك، قائل:
-جبتلك هموم، هخرج غيري هدومك واخرجي.
أومأت «هارلي» قائلة:
-شكرًا يا «أدم»، بجد تعبتك معايا.
تبسم «أدم»، قائل:
-مفيش تعب، مستنيكِ برا.
خرج من الغرفة، لتذهب متفقدة الحقيبة، اخرجت الملابس والتي هي عبارة عن فستان ذات لون بنفسجي!
عقدت «هارلي» حاجبيها بخفوت؛ فتلك المرة الأولى لها منذ أن اصبحت «هارلي»، التي سترتدي بها فستان!
فكرت مرارًا في رفض ارتدائها له، ولكن بذات الوقت قد احضره وانتهى الأمر، كما أنه يفلع الكثير لأجلها، فلما لا ترتديه حتى لا تحزنه.
وبالفعل قامت بأرتدائه، فقد كان رائع عليها، حاولت تمشيط خصلاتها لكنها لم تستطيع؛ لإصابة يدها الأخرى.
هذا مادفعها للتحدث بصوت مرتفع، قائلة:
-«أدم» تعالى ثواني.
قام «أدم» بالدخول لها، متبسم ما إن رأها بالفستان الذي اختاره خصيصًا لها.
تحدث مقترب منها، ليقول:
-أنا اتخيلت هيكون حلو عليكِ، بس ده طلع أجمل بكتير من تخيلي.
تبسمت «هارلي» بخفوت، قائلة:
-ممكن تساعدني أربط شعري؟
أومأ «أدم» ليقترب ممشط خصلاتها، رافعها بطريقة مُرتبة عكس عشوائيتها الدائمة له.
عقدت «هارلي» حاجبيها بخفوت، قائلة:
-كنت بعمله أحسن.
ضحك «أدم»، قائل:
-لما تخفي أبقي اعمليه أنتِ، يلا بينا.
(بمنزل ساينوس).
تحدث «ساينوس» في غضب، قائل:
-يعني أيه معرفتوش تلاقوها؟! أيه اختفت؟
استمر «زاس» في مطالعته بجهل، قائل:
-شكلها كده، أحنا قالبين الدنيا عليها ومحدش فينا لاقيها، وكمان لو كنت مقصر في تدويري عليها، ف«دينا» كمان مقالتش حاجة ولا في خبر بخصوص الموضوع.
طالعه «ساينوس» الذي قال بغضب كابح بتملكه:
-أنت اللي المفروض تلاقيها مش «دينا»، أنا وظفت «دينا» معايا علشان هي اثبتت أنها فعلًا تقدر تعمل أي حاجة مقابل حمايتي، أما أنت أيه فايدتك معايا لو هقول كل حاجة ل«دينا»؟!
استمر «زاس» في مطالعته، ليقول متنهد بأسف:
-هدور تاني لحد ماجيبها يا بوص، وأسف على اللي قولته.
ذهب ليطالع «ساينوس» أثر ذهابه، وقد تملكه الضيق؛ فحتى الأن لا يستطيع ايجادها وهذا يجعله بكامل غضبه.
(بمنزل مارف).
تحدث «مارف» إلى «فيكتور» سائل:
-أيه مفيش أي اخبار عنها؟
حرك «فيكتور» رأسه نافي، قائل:
-مفيش، كأن البت اختفت!
تنهد «مارف» في ضيق منه، ليقول ما إن طالع الصغيرة قائل:
-وأنتِ ملقتيش حاجة على «ساينوس»؟
حركت رأسها نافية، لتقول:
-تحركاته طبيعية، وشكله هو كمان معرفش هي فين.
تحدث «فيكتور» في غضب يتملكه، قائل:
ولولا غبائك كان زمنا معانا السلاح، أهو الببت اتحرق وقلبناه ولا لقيين السلاح، ولا لاقينها.
تحدث «مارف» في ضيق، قائل:
-عندي حد ممكن يساعدنا في الحوار ده، بس هيقاسمنا بالنص.
مازال «فيكتور» يطالعه، ليقول متسائل:
-قصدك مين؟! أحنا هنلغي «ساينوس» لو لقناها بعيد عنه، ومش هنديله حاجة لو فعلًا كد تاني دخل معانا في الحوار وخلانا نلاقيه.
أومأ «مارف» قائل:
-ده طبيعي، بس المهم دلوقت نلاقيها أو نلاقي السلاح، وطبعًا مش هنلاقيه غير لما نلاقيها هي، طاوعني بس ومش هتندم.
(بالكافيه).
يتناول كلًا من «هارلي» و«أدم» طعامهم، تحدث «أدم» وهناك مايشغل عقله منذ وقت، يريد أن يفاتحها بالأمر لكن يخشى ردها.
لذا قال:
-«هارلي» في حاجة كنت عايز اقولهالك، هي من غير قصدي، بس مش عايزك تضايقي.
استمرت «هارلي» في مطالعته، لتوميئ بهدوء، قائلة:
-قول.
اجابها «أدم» قائل:
-أنا شوفت رسالة في تليفونك بالصدفة لما كنتِ نايمة، مبعوتة من رقم بيقولك وحشتيني، أنا بجد شفتها بالصدفة بس استغربت يعني خصوصًا أنك مردتيش على الرسالة وقت ماتبعتتلك.
استمرت «هارلي» في مطالعته وقد شرد ذهنها، ابعدت نظراتها عنه، قائلة:
-اا، أنا حكيتلك عنه.
استمر «أدم» في مطالعتها، ليتسائل في تعجب:
-هو ده نفسه اللي حكتيلي عنه؟!
أومأت «هارلي» لترفع حاجبيها في انبهار مصطنع:
-الجوكر سيد النصب الأول، أكيد في حاجة ورا رجوعه فجأة كده.
تحدث «أدم» في ترقب، سائل:
-ناويه تردي عليه؟
طالعته «هارلي» أثناء تناول طعامها بهدوء وصمت تملك الأجواء للحظات، لتعيد التحدث، قائلة:
-مش عارفة، بس أكيد هعمل اللي يستاهله.
تنهد «أدم» ليوميئ بهدوء معيد تناول طعامه.
طالعته «هارلي» وقد لاحظت تبدل ملامحه للشرود، والذي يحاول أن لا يظهره بتناوله ونظره للطعام.
تحدثت «هارلي» مرتشفة من قوتها حين انتهت من تناول الطعام:
-مالك؟
طالعها «أدم» ليحرك رأسه نافي، متظاهر الجهل:
-مالي؟!
رفعت «هارلي» حاجبيها قائلة:
-وشك مقلوب!
حرك «أدم» رأسه نافي، ليبعد نظراته عنها:
-ولا قالب وشي ولا حاجة.
ضحكت «هارلي» لتقول في مزاح منها:
-يعني ده وشك؟
ضحك «أدم» بسخرية ،قائل:
-أه هو ده وشي.
استمرت «هارلي» في نوبة ضحكاتها عليه، ليتبسم رغمًا عنه من تلك الضحكات التي اسعدته رؤيتها بلا أي سبب.
حين انتهت من الضحك، طالعته لتتبسم، مستمعة لما قال:
-تعرفي إن دي أول مرة أشوف ضحكة حلوة بالشكل ده.
ازدادت بسمة «هارلي» لما قال، مبعدة نظراتها عنه لتكمل ارتشافها للقهوة في تهرب من كلماته التي اخجلتها.