الفصل السادس عشر
(16) الفصل السادس عشر
الملك بين الحياة والموت.
تراجعت العينين التي ظهرت للوراء تحرك الملك للأمام ليرى من بالمكان، تمسكت سيلينا بيده قائلة:
"إلى أين أنت ذاهب؟ فأنت وعدتني بالبقاء معي"
جلس روديان بجانبها وهو يفكر بمن يحول حولهم، نظر عليها وقال:
"من الجيد بأني هنا معكِ لكي أحميكِ، فأنا أخطأت عندما تجاهلت أمر الذئب البشري وما بحثت عنه مع الجنود بنفسي وأعدمته أمام الجميع ليكون عبرة لهم"
جاء البرت يركض من الخارج وهو بالكاد يلتقط أنفاسه فأردف:
"جلالة الملك كيف حالك؟ هل رأيت الذي رأيته بالخارج؟"
عقد الملك حاجبيه لأعلى وأجاب بعدما ترك يد سيلينا، وبدل لون عينيه للشفق الأحمر:
"كيف علمت بأننا هنا؟"
خُطف لون البرت للأصفر وحك ذقنه وهو يفكر بكذبة فأردف بعدما أضاء الإنارة:
"سيلينا أخبرتني بأنها ستأتي لهنا، وعندما اقتربت من المنزل شممت رائحتك"
تحرك الملك بخطوات قدمه نحوه وهو يقول بصوت خشن:
"البرت أخبرني هل أنت بشري أم مصاص دماء؟ "
توتر البرت وتعرق جبينه، فجأة توقف الملك بأرضه فشعر بوجع يعصر قلبه وقدمه ما عادت تحمله، سقط الملك بجانب سيلينا وهو يمسك رأسه، ناوله البرت الكأس وهو يردف:
"جلالة الملك تناول القليل من هذه الأعشاب سيُساعدك في التغلب على الآلام"
أخذ الملك منه الكأس وتناول رشفة تلي الأخرى إلى أن أنتهى منه، سقط الكأس وسقطت يد الملك مباشرةً، ظن البرت بأنه فقد وعيه فنادى على ليريا قائلًا:
"هيا ليريا تعالي إلى هنا سريعًا قبلما تستيقظ وافحصي جيدًا"
فتحت سيلينا عينيها ورأت ليريا أمامها وهي تتحول لذئب ومن وراءها البرت، رفعوا رأسهم للأعلى وركضوا لبعيد.
وقفت سيلينا وشعرت بدوار برأسها، تذكرت الطعام الذي تناولته عندما جاءت وقالت بصراخ:
"جلالة الملك هيا أستيقظ ماذا فعلوا بكَ؟ "
قبل ساعات.
بعدما خرجت سيلينا من القصر توجهت بشكل مباشر على منزل والد روفال، ترددت بالبداية وتذكرت الذئب الذي هجم عليهم، لكنها كانت تعرف بأنه ليريا وظنت بأنها لن تعود للبحث عنها، لهذا ذهبت وهي مُطمأنه.
فور أن دخلت وجدت طعام على الطاولة، جلست وأكلت لأنها جائعة فمنذ الصباح لم تأكل شيء بمعدتها، انتهت من تناول الطعام، شعرت بالنعاس وضعت رأسها على الفراش وذهبت لدنيا بعيدة.
"اذن يبدو بأن البرت أخبر ليريا بأني سأتي لهنا، وقامت هي بوضع الطعام لي على الطاولة قُبيل أن أدخل عليه، وعندما جاء الملك وضعوا له الحبوب بهذه الكأس بعدما أتفقت ليريا مع نيرفيتا بإعطاءه الجرعة بالقصر، حقًا فكل شيء مخطط له بذكاء ليُنفذ بهذا الأحكام"
رمت سيلينا هذه الكلمات وهي تشم الكأس، دفعته بعيدًا عنها عندما تذكرت الفصل الذي سَيَسُم به الملك ويموت.
سمعت سيلينا صوت حركة بالخارج رجعت على الفراش وهي تهمس بخوف:
«يجب أن أتركهم يعتقدون بأني ما زلت تحت تأثير المنوم لكي أعرف الذي يُريدون فعله بالملك»
دخل البرت المنزل وأغمضت سيلينا عيناها وهي تردد داخلها:
« روديان تماسك من فضلك»
..
ذهب فالكا للكهف ليرى جلاور وجده مُستلقي فقال له:
"أخي العزيز كيف حالك؟"
عدل جلاور من نومه وأجاب وهو يفتح ذراعيه له:
"مرحبًا بكَ يافالكا، أنا بخير يا أخي العزيز اشتقنا لكَ"
عانقه فالكا وهو يضحك، بمزاح ضربه على كتفه وأردف:
"أخبرتني والدتي بأن روديان أعتقلك لهنا منذ يوم التتويج"
هز جلاور برأسه متممًا على حديثه، فأكمل فالكا كلماته:
"أعتذر ما كنت أعرف لأني في ذات اليوم بقيت بمدينة انتوليسا عند الملك شومار، كما تعلم لقد بدأت بالعمل معه"
وضع جلاور يده على ظهر أخاه وقال بأمتنان:
" لا عليك يا أخي فأخبرتني كولن بذلك مسبقًا، أشكرك لأنك عندما عُدت جئت لزيارتي رغم منع روديان من وجود الزيارات لي، بالتأكيد تشاجرت معه لتأتي لهنا"
سعل فالكا وقال وهو يضع يده على شعره وعينيه تجريان بالمكان:
"بالتأكيد فروديان عارض زيارتي لكني جئت لهنا وها أنا أقف أمامك لأني أُحبك، وأيضًا سأفعل لك الشيء الذي يجب أن أفعله باسم المملكة وبصفتي كأخ لك"
تحول فالكا لمصاص دماء وأستعرض قليلًا مهاراته، أندهش جلاور من رؤيته بهذه القوة، مد فالكا له يده قائلًا:
"هيا بنا يا جلاور سنذهب من هنا الآن"
جلس جلاور بهدوء وأرجع رأسه للوراء مردف:
"فالكا أنا لا أريد الهرب من هنا، بلا فأنا سأنتظر مجيء روديان بنفسه وتحريري من هنا على يده وهو سعيد"
فكر فالكا قليلًا بحديثه مع والدته وجرى الدم بعروقه وقال بغضب خوفًا من عدم أخذ الحكم:
"جلاور فقد أقترب يوم الكهف الملعون ويجب أن تخرج من هنا قبل أن تذهب ضحية للتقديم".
ضرب جلاور يده على رأسه ورد وهو يتحرك بالغرفة كالمجنون:
"اووو كيف نسيت هذا الأمر الهام؟ ستنتهي حياتي أذا بقيت هنا أكثر من ذلك"
سرح جلاور لبعيد وهو يتحرك، وصمت فالكا وهو ينظر عليه، عاد جلاور من شروده وأجاب بينما هو يضحك:
" معك حق يا فالكا يجب أن أذهب بالحال، ويلزمني التفكير في تغيير المخطط الذي رسمته للتخلص من روديان بعدما أخرج من هنا"
عانقه جلاور وأردف بفرح وهم يخرجون من الغرفة:
"هيا بنا نخرج سريعًا"
توقف جلاور عن الحركة ورد باستغراب وهو يمسك ذراعه:
"لكن فالكا إلى أين سنذهب الآن؟"
ابتسم فالكا بشفتيه وضرب كفه بكف جلاور مردف:
"ثق بي جلاور سأخذك لمكان أمن للغاية"
وجد جلاور الحراس أمامه بعدما خرج هو وفالكا للممر، وقفوا أمامهم وهم يفردون ذراعيهم للتوقف ومانعون خروجهم.
غمز جلاور بعينه لكبير الحرس وأخذه بعيدًا عنهم فقال له بصوت منخفض:
" أنا أريدك بأن تُخرجني من هنا بدون أن يصل روديان أي خبر لأيام فقط ثم سأعود بنفسي"
طأطأ الحارس رأسه لأسفل وهو يضع يده خلف ظهره قائلًا:
"سامحني سيد جلاور لا أستطيع مساعدتك أكثر، فروديان يمنع خروجك أو زياراتك، ولولا حبك بقلبي منذ زمن وافقت وساعدتك، وأسكت الباقي وأعطيتهم بعض المال على مسؤوليتي الشخصية، الذي كان بيدي أني سهلت لك الزيارات، لكن إلى هنا وسامحني فهذا سيعرض حياتي للخطر"
تحول جلاور ووضع سكين صغير على رقبته قائلًا:
"ومُعارضه أوامري ستعرض حياتك للخطر أيضًا"
سمع جلاور صوت بالخارج، ترك الحارس بعدما انهى حياته وذهب لينظر وجد فالكا قد انهى علي حياة الجميع، قال له جلاور والشرار يخرج من عينيه:
"أحمق لما فعلت هذا بهم"
دفعه فالكا بقدمه لبعيد ثم طار بالهواء وهجم عليه أسقطه بأرضه، أخرج انيابه وغرزها في قلب جلاور وأضعف حركته قائلًا:
"من تظن نفسك يا جلاور، فأنت مجرد عاله على عائلتنا، نحن نحتاج لشخص قوي مثلي لِيُدير مصلحه المدينة"
تركه فالكا وتحرك بالقرب منه وهو يحلق بالمكان بشكل سريع ومرعب، تكلم وهو يخلط حديثه بالضحكات المخيفة بين الحين والآخر :
"أنظر علي ومليء عينيك برؤيتي، فأنا ما زلت اتمتع بكامل صحتي، ويمكنني أدارة المملكة أفضل منك يا جلاور"
ضم جلاور على يده والأخرى على صدره ووقف على قدميه وهو يتكأ على الحائط، ركله فالكا فسقط مرة أخرى بأرضه ونزف من فمه قائلًا:
"من أنت بحق السماء، ما كل هذا الجفاء الذي بقلبك"
جلس مقابلة وأردف وهو يصم دم حارس من الحراس:
"أنت من علمتني هذا الجفاء يا جلاور، انسيت بأنك من لعب بعقلي منذ أن كنت صغير وجعلتني أكره روديان وأوصلتني بأن أقتل أبي"
أستفرغ جلاور الدماء من فمه ومسح شفتيه وقال بغرابة:
"فالكا ما الذي تتحدث عنه! وما علاقتي بقتل والدك، هل أنا من أخبرته بمراقبتك والدفاع عن أبنه المدلل؟ هذا كله بسبب خوفه على أبنه روديان الحبيب"
ترك فالكا الحارس وأوقف جلاور وأخذه بصعوبة وهو يجره على الأرض وتركه بنفس الغرفة التي كان بها وأغلق الباب عليه بمفتاح ضخم وأردف:
"يجب أن تبقى هنا وتخسر حياتك للأبد بمكان قذر كهذا، جلاور فأنت تستحق ذلك بسبب الجحيم الذي جعلتني أعيش به منذ كنت صغير، أنا أكرهك كثيرًا يا أخي"
كان جلاور يتألم بشدة على شقه الأيسر، تقلب على شقه الأيمن وأخذ زفرة واحدة وقال:
"من هي والدتك يا فالكا"
رفع فالكا حاجبه وشفتيه للأعلى ودفع جاكته على الأرض لأنه أمتلئ بالدماء وأجاب:
"لم أفهم قصدك!"
أجابه جلاور بانفعال بعدما لف قماشه على صدره:
"السيدة كولن تحولت لوحش شرير مجددًا، بالتأكيد هي من زرعت بكَ هذه الأفكار"
همَ فالكا بالمغادرة وترك جلاور يكمل الحديث مع الجدران، فتعال صوت جلاور:
" فالكا أنتظر أنا أحادثك.. فالكا.. ستندم على الذي فعلته بي اليوم وسأخرج من هنا وأذكرك بذلك يا أتسمعني يا فالكا سأقتلك بيوم"
عاد كل من ليريا والبرت للمنزل وهم ذئاب بشرية، قاموا بحمل روديان على عربة خشبية يجرونها، وقفت سيلينا من فراشها وخرجت تبحث عنه قلقًا عليه، بعدما ما رأته بالغرفة وصرخت عليهم بصوت عالي:
"من أنتم ولمَ تأخذونه معكم"
دفعت ليريا سيلينا فسقطت على الأرض وفتحت فمها لتفترسها، وقف البرت أمام ليريا للدفاع عنها وهو ضاجر من تصرفاتها، ابتعدت ليريا وتحركت أمامه وهي تحمل العربة وتسير بها، وقف البرت قليلًا فوق سيلينا ولحس يدها بلسانه ثم لحق بليريا.
ساروا سويًا وغادروا من المكان بعد مشاحنة صغيرة دارت بينهم، ركضت سيلينا وراءهم وهي تصرخ إلى أن تعثرت وسقطت على قدمها المصابة.
توقفوا بمكان قريب من قصر ميرامالا وقال لها وهو يترك العربة بغضب:
"لما دفعتها وكنت ستُهاجميها من سمح لكِ بفعل ذلك"
تركت ليريا هي الأخرى العربة وردت عليه وهو تعود لبشرية:
"أراكَ تهتم بسيلينا أكثر مني، ماذا حدث هل أحببتها بين ليلة وضُحاها؟"
تحول البرت لبشري وأقترب منها وهو يضغط على رأسها للوراء ويكتم أنفاسها بيده الأخرى:
"هذا لا يُعنيكِ يا ليريا نحن سبق وانهينا علاقتنا انسيتي"
وضعت روفال يدها على فمها وتراجعت للخلف من الصدمة، ما كانت تظن بأن البرت ذئب بشري، أصدرت صوتًا أثناء رحيلها، لف البرت بعدمت تحول لذئب وركضت خلفها، هجم عليها وكاد يقتلها بعدما دفع نفسه فوقها وجدها روفال، تراجع وابتعد عنها فقالت لها وهي توقفه بأرضه"
*البرت لما خدعتني وكذبت عليا فأنت تعلم بأني أحببتك"
تحول البرت أمامها ونزع القلادة من عنقه وأردف:
"روفال أنا أعتذر منكِ لكنها هذه حقيقتي فأنا ذئب بشري وجئت لهنا لقتل الملك فما رأيك بالذي أقوم به! "
تراجعت روفال ناحية القصر واشارت برأسها وبيدها، دخلت من الباب وأغلقته خلفها بالقفل وهي بالكاد تأخذ أنفاسها من الخوف، ظهر بلمح البصر يقف أمامها فقال:
"ماذا حدث لكِ هل ستخبرين الملك بحقيقتي؟ نصيحتي لا تهربين مني بعد اليوم"
كان البرت بملامح مُخيفه لا تُذكر فم مشوه ومفتوح من الأعلى، عينين جاحظتان وممتلئة بالدماء، يد أطول من الأخرى وفم متأكل، فقدت روفال وعيها وهي تردد بصوت بالكاد يخرج منها:
"أنقذوني فأنا لا أريد الموت"
أخرجته ليريا من العربة ووضعت على الأرض، ومن ثم أشعلت النيران لتحرقه، رأتها نيرفيتا من أعلى القصر فدلفت إليها تركض خوفًا على روديان، فبعدما أعطته الحبوب وهي نادمة ولا تريد التكمله في خطة موته.
نادت عليها نيرفيتا من بعيد قائلة:
"ليريا أياكي وأذيته أنا أحذرك أُتركي"
بأقل من ثانية كانت تقف أمامها دفعتها ليريا للوراء وهي تقول لها بعدما عادت بأشعال النار:
"ما خطبك هل نسيتين الذي فعله بك؟ فهو يُحب سيلينا وليس يُحب! نيرفيتا أبتعدي عني فأنا أريد تكملت الخطة قبلما يستيقظ أو يرأنا أحد، هيا أغربي من وجهي يا نيرفيتا"
أجابتها نيرفيتا بكل هدوء وهي تخلع خاتمه:
"فماذا أفعل فأنا أُحبه ولا يمكنني أذيته بعد اليوم؟"
هجمت نيرفيتا عليها ومصت دمائها وعندما شعرت على نفسها تركتها سريعًا وهي تعتذر منها:
"ليريا سامحيني فالغضب سيطر علي صديقتي"
أمسك فالكا سكين جلاور الصغير وذهب للقصر، دخل غرفة والدته ووضع السكين على رقبتها وهي جالسة على الفراش وقال:
"كولن يجب أن تموتين أنتِ السبب في.."
قطع فالكا كلماته بعدما رأى شومار خارج من الداخل بملابسة الداخلية ويقول:
"عزيزتي من الذي جاء لأزعاجنا في هذه الساعة"
وقف فالكا وقفز على شومار وهو ينوي انهاء حياته، صرخت عليه كولن وأردفت:
"لا تُخطىء وتقتل والدك أيها الأحمق"
أجابها بذهول وهو يرى كل شيء ثلاثة أمامه:
"والدي ماذا عنه؟! أخبريني من هو والدي يا كولن تكلمي ودافعي عن نفسك لما تصمتي الآن! "
فتح روديان عينه ونظر على ليريا ونيرفيتا وهم يتشاجران، فتح فمه وأخرج السم من فمه وتكلم بدون صوت وهو يحرك فقط شفتيه:
«الحقيقة هي أن سيلينا ليست من مدينة ميرامالا، فسيلينا من عالم حقيقي غير عالمنا الخيالي هذا، فنحن جميعًا مجرد أبطال بداخل رواية كتبها كاتب أحمق ليعذبنا بالحياة"
يتبع.
الملك بين الحياة والموت.
تراجعت العينين التي ظهرت للوراء تحرك الملك للأمام ليرى من بالمكان، تمسكت سيلينا بيده قائلة:
"إلى أين أنت ذاهب؟ فأنت وعدتني بالبقاء معي"
جلس روديان بجانبها وهو يفكر بمن يحول حولهم، نظر عليها وقال:
"من الجيد بأني هنا معكِ لكي أحميكِ، فأنا أخطأت عندما تجاهلت أمر الذئب البشري وما بحثت عنه مع الجنود بنفسي وأعدمته أمام الجميع ليكون عبرة لهم"
جاء البرت يركض من الخارج وهو بالكاد يلتقط أنفاسه فأردف:
"جلالة الملك كيف حالك؟ هل رأيت الذي رأيته بالخارج؟"
عقد الملك حاجبيه لأعلى وأجاب بعدما ترك يد سيلينا، وبدل لون عينيه للشفق الأحمر:
"كيف علمت بأننا هنا؟"
خُطف لون البرت للأصفر وحك ذقنه وهو يفكر بكذبة فأردف بعدما أضاء الإنارة:
"سيلينا أخبرتني بأنها ستأتي لهنا، وعندما اقتربت من المنزل شممت رائحتك"
تحرك الملك بخطوات قدمه نحوه وهو يقول بصوت خشن:
"البرت أخبرني هل أنت بشري أم مصاص دماء؟ "
توتر البرت وتعرق جبينه، فجأة توقف الملك بأرضه فشعر بوجع يعصر قلبه وقدمه ما عادت تحمله، سقط الملك بجانب سيلينا وهو يمسك رأسه، ناوله البرت الكأس وهو يردف:
"جلالة الملك تناول القليل من هذه الأعشاب سيُساعدك في التغلب على الآلام"
أخذ الملك منه الكأس وتناول رشفة تلي الأخرى إلى أن أنتهى منه، سقط الكأس وسقطت يد الملك مباشرةً، ظن البرت بأنه فقد وعيه فنادى على ليريا قائلًا:
"هيا ليريا تعالي إلى هنا سريعًا قبلما تستيقظ وافحصي جيدًا"
فتحت سيلينا عينيها ورأت ليريا أمامها وهي تتحول لذئب ومن وراءها البرت، رفعوا رأسهم للأعلى وركضوا لبعيد.
وقفت سيلينا وشعرت بدوار برأسها، تذكرت الطعام الذي تناولته عندما جاءت وقالت بصراخ:
"جلالة الملك هيا أستيقظ ماذا فعلوا بكَ؟ "
قبل ساعات.
بعدما خرجت سيلينا من القصر توجهت بشكل مباشر على منزل والد روفال، ترددت بالبداية وتذكرت الذئب الذي هجم عليهم، لكنها كانت تعرف بأنه ليريا وظنت بأنها لن تعود للبحث عنها، لهذا ذهبت وهي مُطمأنه.
فور أن دخلت وجدت طعام على الطاولة، جلست وأكلت لأنها جائعة فمنذ الصباح لم تأكل شيء بمعدتها، انتهت من تناول الطعام، شعرت بالنعاس وضعت رأسها على الفراش وذهبت لدنيا بعيدة.
"اذن يبدو بأن البرت أخبر ليريا بأني سأتي لهنا، وقامت هي بوضع الطعام لي على الطاولة قُبيل أن أدخل عليه، وعندما جاء الملك وضعوا له الحبوب بهذه الكأس بعدما أتفقت ليريا مع نيرفيتا بإعطاءه الجرعة بالقصر، حقًا فكل شيء مخطط له بذكاء ليُنفذ بهذا الأحكام"
رمت سيلينا هذه الكلمات وهي تشم الكأس، دفعته بعيدًا عنها عندما تذكرت الفصل الذي سَيَسُم به الملك ويموت.
سمعت سيلينا صوت حركة بالخارج رجعت على الفراش وهي تهمس بخوف:
«يجب أن أتركهم يعتقدون بأني ما زلت تحت تأثير المنوم لكي أعرف الذي يُريدون فعله بالملك»
دخل البرت المنزل وأغمضت سيلينا عيناها وهي تردد داخلها:
« روديان تماسك من فضلك»
..
ذهب فالكا للكهف ليرى جلاور وجده مُستلقي فقال له:
"أخي العزيز كيف حالك؟"
عدل جلاور من نومه وأجاب وهو يفتح ذراعيه له:
"مرحبًا بكَ يافالكا، أنا بخير يا أخي العزيز اشتقنا لكَ"
عانقه فالكا وهو يضحك، بمزاح ضربه على كتفه وأردف:
"أخبرتني والدتي بأن روديان أعتقلك لهنا منذ يوم التتويج"
هز جلاور برأسه متممًا على حديثه، فأكمل فالكا كلماته:
"أعتذر ما كنت أعرف لأني في ذات اليوم بقيت بمدينة انتوليسا عند الملك شومار، كما تعلم لقد بدأت بالعمل معه"
وضع جلاور يده على ظهر أخاه وقال بأمتنان:
" لا عليك يا أخي فأخبرتني كولن بذلك مسبقًا، أشكرك لأنك عندما عُدت جئت لزيارتي رغم منع روديان من وجود الزيارات لي، بالتأكيد تشاجرت معه لتأتي لهنا"
سعل فالكا وقال وهو يضع يده على شعره وعينيه تجريان بالمكان:
"بالتأكيد فروديان عارض زيارتي لكني جئت لهنا وها أنا أقف أمامك لأني أُحبك، وأيضًا سأفعل لك الشيء الذي يجب أن أفعله باسم المملكة وبصفتي كأخ لك"
تحول فالكا لمصاص دماء وأستعرض قليلًا مهاراته، أندهش جلاور من رؤيته بهذه القوة، مد فالكا له يده قائلًا:
"هيا بنا يا جلاور سنذهب من هنا الآن"
جلس جلاور بهدوء وأرجع رأسه للوراء مردف:
"فالكا أنا لا أريد الهرب من هنا، بلا فأنا سأنتظر مجيء روديان بنفسه وتحريري من هنا على يده وهو سعيد"
فكر فالكا قليلًا بحديثه مع والدته وجرى الدم بعروقه وقال بغضب خوفًا من عدم أخذ الحكم:
"جلاور فقد أقترب يوم الكهف الملعون ويجب أن تخرج من هنا قبل أن تذهب ضحية للتقديم".
ضرب جلاور يده على رأسه ورد وهو يتحرك بالغرفة كالمجنون:
"اووو كيف نسيت هذا الأمر الهام؟ ستنتهي حياتي أذا بقيت هنا أكثر من ذلك"
سرح جلاور لبعيد وهو يتحرك، وصمت فالكا وهو ينظر عليه، عاد جلاور من شروده وأجاب بينما هو يضحك:
" معك حق يا فالكا يجب أن أذهب بالحال، ويلزمني التفكير في تغيير المخطط الذي رسمته للتخلص من روديان بعدما أخرج من هنا"
عانقه جلاور وأردف بفرح وهم يخرجون من الغرفة:
"هيا بنا نخرج سريعًا"
توقف جلاور عن الحركة ورد باستغراب وهو يمسك ذراعه:
"لكن فالكا إلى أين سنذهب الآن؟"
ابتسم فالكا بشفتيه وضرب كفه بكف جلاور مردف:
"ثق بي جلاور سأخذك لمكان أمن للغاية"
وجد جلاور الحراس أمامه بعدما خرج هو وفالكا للممر، وقفوا أمامهم وهم يفردون ذراعيهم للتوقف ومانعون خروجهم.
غمز جلاور بعينه لكبير الحرس وأخذه بعيدًا عنهم فقال له بصوت منخفض:
" أنا أريدك بأن تُخرجني من هنا بدون أن يصل روديان أي خبر لأيام فقط ثم سأعود بنفسي"
طأطأ الحارس رأسه لأسفل وهو يضع يده خلف ظهره قائلًا:
"سامحني سيد جلاور لا أستطيع مساعدتك أكثر، فروديان يمنع خروجك أو زياراتك، ولولا حبك بقلبي منذ زمن وافقت وساعدتك، وأسكت الباقي وأعطيتهم بعض المال على مسؤوليتي الشخصية، الذي كان بيدي أني سهلت لك الزيارات، لكن إلى هنا وسامحني فهذا سيعرض حياتي للخطر"
تحول جلاور ووضع سكين صغير على رقبته قائلًا:
"ومُعارضه أوامري ستعرض حياتك للخطر أيضًا"
سمع جلاور صوت بالخارج، ترك الحارس بعدما انهى حياته وذهب لينظر وجد فالكا قد انهى علي حياة الجميع، قال له جلاور والشرار يخرج من عينيه:
"أحمق لما فعلت هذا بهم"
دفعه فالكا بقدمه لبعيد ثم طار بالهواء وهجم عليه أسقطه بأرضه، أخرج انيابه وغرزها في قلب جلاور وأضعف حركته قائلًا:
"من تظن نفسك يا جلاور، فأنت مجرد عاله على عائلتنا، نحن نحتاج لشخص قوي مثلي لِيُدير مصلحه المدينة"
تركه فالكا وتحرك بالقرب منه وهو يحلق بالمكان بشكل سريع ومرعب، تكلم وهو يخلط حديثه بالضحكات المخيفة بين الحين والآخر :
"أنظر علي ومليء عينيك برؤيتي، فأنا ما زلت اتمتع بكامل صحتي، ويمكنني أدارة المملكة أفضل منك يا جلاور"
ضم جلاور على يده والأخرى على صدره ووقف على قدميه وهو يتكأ على الحائط، ركله فالكا فسقط مرة أخرى بأرضه ونزف من فمه قائلًا:
"من أنت بحق السماء، ما كل هذا الجفاء الذي بقلبك"
جلس مقابلة وأردف وهو يصم دم حارس من الحراس:
"أنت من علمتني هذا الجفاء يا جلاور، انسيت بأنك من لعب بعقلي منذ أن كنت صغير وجعلتني أكره روديان وأوصلتني بأن أقتل أبي"
أستفرغ جلاور الدماء من فمه ومسح شفتيه وقال بغرابة:
"فالكا ما الذي تتحدث عنه! وما علاقتي بقتل والدك، هل أنا من أخبرته بمراقبتك والدفاع عن أبنه المدلل؟ هذا كله بسبب خوفه على أبنه روديان الحبيب"
ترك فالكا الحارس وأوقف جلاور وأخذه بصعوبة وهو يجره على الأرض وتركه بنفس الغرفة التي كان بها وأغلق الباب عليه بمفتاح ضخم وأردف:
"يجب أن تبقى هنا وتخسر حياتك للأبد بمكان قذر كهذا، جلاور فأنت تستحق ذلك بسبب الجحيم الذي جعلتني أعيش به منذ كنت صغير، أنا أكرهك كثيرًا يا أخي"
كان جلاور يتألم بشدة على شقه الأيسر، تقلب على شقه الأيمن وأخذ زفرة واحدة وقال:
"من هي والدتك يا فالكا"
رفع فالكا حاجبه وشفتيه للأعلى ودفع جاكته على الأرض لأنه أمتلئ بالدماء وأجاب:
"لم أفهم قصدك!"
أجابه جلاور بانفعال بعدما لف قماشه على صدره:
"السيدة كولن تحولت لوحش شرير مجددًا، بالتأكيد هي من زرعت بكَ هذه الأفكار"
همَ فالكا بالمغادرة وترك جلاور يكمل الحديث مع الجدران، فتعال صوت جلاور:
" فالكا أنتظر أنا أحادثك.. فالكا.. ستندم على الذي فعلته بي اليوم وسأخرج من هنا وأذكرك بذلك يا أتسمعني يا فالكا سأقتلك بيوم"
عاد كل من ليريا والبرت للمنزل وهم ذئاب بشرية، قاموا بحمل روديان على عربة خشبية يجرونها، وقفت سيلينا من فراشها وخرجت تبحث عنه قلقًا عليه، بعدما ما رأته بالغرفة وصرخت عليهم بصوت عالي:
"من أنتم ولمَ تأخذونه معكم"
دفعت ليريا سيلينا فسقطت على الأرض وفتحت فمها لتفترسها، وقف البرت أمام ليريا للدفاع عنها وهو ضاجر من تصرفاتها، ابتعدت ليريا وتحركت أمامه وهي تحمل العربة وتسير بها، وقف البرت قليلًا فوق سيلينا ولحس يدها بلسانه ثم لحق بليريا.
ساروا سويًا وغادروا من المكان بعد مشاحنة صغيرة دارت بينهم، ركضت سيلينا وراءهم وهي تصرخ إلى أن تعثرت وسقطت على قدمها المصابة.
توقفوا بمكان قريب من قصر ميرامالا وقال لها وهو يترك العربة بغضب:
"لما دفعتها وكنت ستُهاجميها من سمح لكِ بفعل ذلك"
تركت ليريا هي الأخرى العربة وردت عليه وهو تعود لبشرية:
"أراكَ تهتم بسيلينا أكثر مني، ماذا حدث هل أحببتها بين ليلة وضُحاها؟"
تحول البرت لبشري وأقترب منها وهو يضغط على رأسها للوراء ويكتم أنفاسها بيده الأخرى:
"هذا لا يُعنيكِ يا ليريا نحن سبق وانهينا علاقتنا انسيتي"
وضعت روفال يدها على فمها وتراجعت للخلف من الصدمة، ما كانت تظن بأن البرت ذئب بشري، أصدرت صوتًا أثناء رحيلها، لف البرت بعدمت تحول لذئب وركضت خلفها، هجم عليها وكاد يقتلها بعدما دفع نفسه فوقها وجدها روفال، تراجع وابتعد عنها فقالت لها وهي توقفه بأرضه"
*البرت لما خدعتني وكذبت عليا فأنت تعلم بأني أحببتك"
تحول البرت أمامها ونزع القلادة من عنقه وأردف:
"روفال أنا أعتذر منكِ لكنها هذه حقيقتي فأنا ذئب بشري وجئت لهنا لقتل الملك فما رأيك بالذي أقوم به! "
تراجعت روفال ناحية القصر واشارت برأسها وبيدها، دخلت من الباب وأغلقته خلفها بالقفل وهي بالكاد تأخذ أنفاسها من الخوف، ظهر بلمح البصر يقف أمامها فقال:
"ماذا حدث لكِ هل ستخبرين الملك بحقيقتي؟ نصيحتي لا تهربين مني بعد اليوم"
كان البرت بملامح مُخيفه لا تُذكر فم مشوه ومفتوح من الأعلى، عينين جاحظتان وممتلئة بالدماء، يد أطول من الأخرى وفم متأكل، فقدت روفال وعيها وهي تردد بصوت بالكاد يخرج منها:
"أنقذوني فأنا لا أريد الموت"
أخرجته ليريا من العربة ووضعت على الأرض، ومن ثم أشعلت النيران لتحرقه، رأتها نيرفيتا من أعلى القصر فدلفت إليها تركض خوفًا على روديان، فبعدما أعطته الحبوب وهي نادمة ولا تريد التكمله في خطة موته.
نادت عليها نيرفيتا من بعيد قائلة:
"ليريا أياكي وأذيته أنا أحذرك أُتركي"
بأقل من ثانية كانت تقف أمامها دفعتها ليريا للوراء وهي تقول لها بعدما عادت بأشعال النار:
"ما خطبك هل نسيتين الذي فعله بك؟ فهو يُحب سيلينا وليس يُحب! نيرفيتا أبتعدي عني فأنا أريد تكملت الخطة قبلما يستيقظ أو يرأنا أحد، هيا أغربي من وجهي يا نيرفيتا"
أجابتها نيرفيتا بكل هدوء وهي تخلع خاتمه:
"فماذا أفعل فأنا أُحبه ولا يمكنني أذيته بعد اليوم؟"
هجمت نيرفيتا عليها ومصت دمائها وعندما شعرت على نفسها تركتها سريعًا وهي تعتذر منها:
"ليريا سامحيني فالغضب سيطر علي صديقتي"
أمسك فالكا سكين جلاور الصغير وذهب للقصر، دخل غرفة والدته ووضع السكين على رقبتها وهي جالسة على الفراش وقال:
"كولن يجب أن تموتين أنتِ السبب في.."
قطع فالكا كلماته بعدما رأى شومار خارج من الداخل بملابسة الداخلية ويقول:
"عزيزتي من الذي جاء لأزعاجنا في هذه الساعة"
وقف فالكا وقفز على شومار وهو ينوي انهاء حياته، صرخت عليه كولن وأردفت:
"لا تُخطىء وتقتل والدك أيها الأحمق"
أجابها بذهول وهو يرى كل شيء ثلاثة أمامه:
"والدي ماذا عنه؟! أخبريني من هو والدي يا كولن تكلمي ودافعي عن نفسك لما تصمتي الآن! "
فتح روديان عينه ونظر على ليريا ونيرفيتا وهم يتشاجران، فتح فمه وأخرج السم من فمه وتكلم بدون صوت وهو يحرك فقط شفتيه:
«الحقيقة هي أن سيلينا ليست من مدينة ميرامالا، فسيلينا من عالم حقيقي غير عالمنا الخيالي هذا، فنحن جميعًا مجرد أبطال بداخل رواية كتبها كاتب أحمق ليعذبنا بالحياة"
يتبع.