الفصل الثالث عشر مشاعر

اقترب علاء من مازن الذي ينظر له بألم:

-لا أعرف هي هربت عندما قامت بضربك وفقدت الوعي، حتى أنها تركت أشياءها وقومت أنا بغلق هاتفها حتى لا تحدث لنا مشكلة إن قامت بطلب الشرطة.

ابتلع مازن ما بحلقه وهو يحرك رأسه بنفي:

-لم أكن أتخيل أن يحدث هذا، لا مزيد من تلك الأشياء يا علاء، سوف نبدأ حياتنا من جديد ولا نريد لشيء أن يؤثر علينا، على هدى أن تسامحني، لقد وثقت بي وأنا خذلتها، لكنني استفقت، أقسم أنني لم أكن لأضرها من قبل أن تقوم بضربي حتى.

أخذ علاء نفس عميق وهو يشعر بالكثير من الضيق:

-تلك الفتاة ليست كما ظننا نحن، إنها فتاة مهذبة وقوية يا مازن، لقد كنت ثمل وأظن أن هذا جعل الأمور تزداد سوءً.

تعالى رنين هاتفه وتعجب من رؤيته لرقم والدة هدى تتصل به، لقد سجله مسبقًا قبل أن تخرج هدى من الغرفة وتجلس معه في منزلها، لا يعلم ما الذي يجب عليه فعله لكنه قرر أن يجيبها عندما قررت الاتصال:

-مرحبًا.

اتاه صوتها القلق وهي تسأله بجدية:

-مرحبًا يا مازن، أنا أريد أن أسألك عن هدى الساعة العاشرة الآن ولا يوجد خبر، ظننت أنها مع صديقتها ولكنني اتصلت بالجميع ولا خبر عنها، هاتفها مغلق وهبط حازم للبحث عنها دون جدوى، أنا أشعر بالقلق الشديد عليها.

تعجب مازن وتحدث ببعض القلق:

-أنا لا أعلم أين هي أنا في المستشفى لأنني تعرضت لحادث ولم أراها.

سمع صوت بكائها وقد ازداد وهي تخبره بألم:

-لقد كنت أتمنى أن تفيدني لأجدها، لقد ذهب حازم إلى الجامعة وقالوا لم تأتي وأنا قلبي على وشك أن يتمزق، أتمنى من الله أن تكون بخير.

اغلقت من بعدها بعد أن دلفت في نوبة انهيار ونظر مازن إلى صديقه بعدم استيعاب:

-هدى لم تذهب إلى المنزل ولا وجود لها في أي مكان، بحث أخيها عنها ولا يوجد فائدة يا علاء، ما الذي من الممكن أن يكون حدث؟ أنت لم تفعل لها شيء أليس كذلك؟!

حرك علاء رأسه بنفي وهو ينظر إلى مازن:

-أنا قولت الحقيقة، لم أتركك وهي ركضت تجاه الشارع ولا أعلم ما الذي حدث لها وإلى أين ذهبت، لقد كانت في حالة من الصدمة وكأنها فقدت عقلها!

ابتلع مازن ما بحلقه وهو يدعي أن تكون على مايررام:

-سوف أبحث عنها عندما يكتب لي الطبيب على الخروج من هنا، من المؤكد أنها سوف تكون بالقرب من هناك، سوف نفرغ الكاميرات برضا أصحاب المتاجر ونرى إلى أين ذهبت.
----

استيقظت هدى في اليوم التالي في تمام الساعة العاشرة صباحًا على صوت رجولي باتت تسمعه مؤخرًا:

-أنتِ بخير؟ أظن أن نومكِ بهذا الكم من الساعات سوف يضركي يا فتاة.

نظرت له ووجدت نفسها فوق سرير قد ارتاحت عليه كثيرًا ولا تعلم كيف نامت عليه بعد أن كانت فوق الأرضية، اعتدلت في جلستها وهي تنظر إلى ملامحه الجامدة:

-ما الذي يحدث؟ ما الأمر؟!

حرك رأسه بنفي وابتعد عن السريرحتى لا يخيفها:

-لا يوجد شيء، كنت أطمئن فقط على حالكِ أريد أن أعرف بماذا تشعرين؟ ماازلتِ لا تتذكرين شيء؟!

حركت رأسها بنفي ولا تعلم ما الذي حدث لها ومن أين أتت، مشاعر كثيرة تشعر بها وتجعلها مضطربة تمامًا:

-لم أتذكر شيء، لا أعلم كيف وصلت إلى هنا وما الذي يحدث؟!

أومئ لها بتفهم وهو يخبرها بهدوء:

-تناولي الطعام إن استفيقتِ وهيا لنخرج.

ابتلعت ما بحلقها في صعوبة وهي تنظر له:

-إلى أين سوف نخرج؟ هل ستقوم بتركي في الشارع؟ لا أظن أن هذا الأمر جيد!

حرك ليث رأسه بنفي وهو يخبرها بلين:

-سوف نذهب للمستشفى، يجب أن يرى طبيب مختص حالتكِ ووقتها يمكننا أن نطمئن، أتمنى أن تتذكري كل شيء بسرعة.

تحدثت وهي تقف مبتعدة عن السرير بقلق:

-من تكون أنت؟ لماذا ملابسي ممزقة هكذا؟!

تذكر ليث كيف كانت تركض لتقع أمام سيارة صديقه، لا يعلم هل يجيبها بالحقيقة أم أنها سوف تقلق أكثر؟ قرر أن يلتزم الصمت وهو يخبرها:

-دعينا نذهب إلى المستشفى ونرى ما الأمر.

كان يراها تخشاه ولا يعلم السبب، ربما هو شعور فطري منها، بالفعل ذهبوا إلى المستشفى وانتهت الطبيبة من إجراء الفحوصات لها، نظرت لها ومن ثم نظرت تجاه ليث بشك:

-من تكون أنت وماذا تقرب لها؟!

تحدث ليث بهدوء:

-أنا أساعدها فقط، لا يوجد صلة قرابة وهي لا تتذكر شيء، اخبريني ما الأمر.

نظرت الطبيبة لها وهي تحاول أن تفهم مشاعرها:

-هل تعرفين هذا الرجل هل تعرض لكِ؟

نظرت هدى له وهي تشعر بالكثير من القلق ومن ثم حركت رأسها بنفي:

-هو لم يفعل شيء لي.

تحدثت الطبيبة لينتبهوا لها:

-أنتِ متعرضة لمحاولة اعتداء ويجب أن نبلغ الشرطة ونحقق في هذا الأمر.

لقد توقع ليث هذا الشيء بالفعل، نظرت هدى تجاه ليث وقد ظهر الرعب على وجهها، تابعت الطبيبة حديثها:

-ما حدث نتيجة صدمة قوية جعلتكِ بتلك الحالة، ربما تتذكرين مع الوقت، سوف أرسلكِ مع شخص لتقومي بتبليغ الشرطة و..

قاطعها ليث وهو يمسك بيد هدى ليوقفها:

-شكرًا لكِ نحن سوف نهتم بهذا الأمر لا يوجد داعي لهذا.

وقفت الطبيبة:

-إلى أين أنت ذاهب؟ لماذا تقوم بسحبها هكذا؟!

نظر ليث إلى الطبيبة ورأى خوف هدى يظهر على عينيها:

-هي مسؤوليتي ولن أتركها حتى أطمئن أنها مع والديها إن كان لها عائلة.

خرج من العيادة وشعرت هدى بالقلق:

-أترك يدي أنا قادرة على السير بمفردي، لا يوجد داعي لهذا و..

قاطعها ليث وهو ينظر لها:

-لا يوجد داعي للقلق، أنا لن أضركي.

سحبت يدها منه وهي تنظر تجاه العيادة:

-أنا لست مرتاحة، أريد الذهاب مع الطبيبة و..

قاطعها ليث وهو يحرك رأسه بنفي:

-لن أترككي تذهبين وترسلكِ مع شخص لا نعرفه ربما يقوم بمضايقكِ ما أدراكِ أنتِ؟

ابتلعت هدى ما بحلقها وهي تنظر له بقلق حقيقي، ابتسم ليث ساخرًا:

-اخبريني هل تظنين أنني سوف أتسبب في أذيتكِ؟!

كانت نظراتها تجعله يوشك على الجنون ولا يعلم ما الذي يجب أن يقوله، حاول الصمود وقد أخذ نفس عميق:

-اسمعيني يا فتاة إن كنت سيء وأنوي أن أؤذيكِ لم أكن لأبقيكِ في منزلي أو أقوم باصطحابكِ إلى المستشفى، فكري في هذا الشيء جيدًا.

لقد كان حديثه منطقي، هي نفسها لا تعلم لماذا كل هذا القلق الغير مبرر، عينيهتبعث بها الأمان ولكن قلبها يشعر بعدم الراحة، حالة من التشتت اصابتها، رأها على وشك السقوط ليسرع بامساكها:

-انتبهي يا فتاة.

نظرت له وهي تجاهد حتى لا تغمض عينيها:

-لا أعلم ما الذي يحدث، أنا أشعر بالصداع، رأسي تدور و..

صمتت وقد اغمضت عينيها ليقوم ليث بحملها والسير تجاه سيارته، سمعها تتحدث بخفوت:

-أنا أشعر بالكثير من الخوف، ساعدني.

شعر أنها تستنجد به ليقوم بانتشالها من خوفها! ولكن كيف يمكنه أن يفعل هذا؟!
-----
يوم جديد على جزيرة الزهور، كان موسى يسير في أنحاء الجزيرة يستعد لتوديعها، كان يريد الذهاب تجاه الشلال الذي تعلق قلبه به كثيرًا ولكنه خشى من رؤيتها ولا يوجد لديه الكلمات المناسبة للرد عليها، يتساءل لماذا تعاملت معه بتلك الطريقة الغريبة في المرة الماضية هل يعقل أن تكون شعرت بالغيرة؟!

قاطع شروده رؤيته إلى نرجس التي تقترب ةعلى وجهها تعلوالإبتسامة:

-مرحبًا يا موسى كيف حالك؟

ابتسم موسى وهو يومئ لها:

-أنا على مايرام ماذا عنكِ يا نرجس؟!

أومأت له قائلة:

-بخير، من الجيد أنك هنا يا موسى، يبدو أن ملكتنا وجدت صديق جيد لها، كان من الصعب أن ترتاح إلى أي رجل ولكن ها قد تبدل كل شيء.

ابتسم موسى لها باصطناع وهو يشعر بالكثير من الحيرة، هو سوف يرحل وربما يجب عليه التحدث إلى مارجريت رغم معرفتها بهذا الأمر، تمنى لو لم تتعلق به حتى لا تزداد الأمور صعوبة.

استفاق على صوت نرجس التي تسأله بحيرة:

-ما الأمر هل هناك شيء يثير قلقك؟

حرم موسى رأسه بنفي وهو يرى الحزن يرتسم على ملامحها:

-ليتك تبقى هنا، أعلم أن هذا الأمر صعب ولكن زفاف ملكتنا على فهد غدًا، لقد أقام فهد التحضيرات أسفل الشلال سوف يوافق هذا يوم رحيلك أليس كذلك؟!

لم يحب موسى أن يخبرها بأن زواجهم لن يتم بسبب العقد الذي أعطاه لها أكتفى ببعض الكلمات وهو يومئ:

-اخبرني أبي بالفعل أننا سوف نرحل غدًا، سوف تأتي المركب لأصطحابنا.

اومأت نرجس له واستأذن هو منها ليذهب، وجد نفسه أمام الشلال ولكنه لم يجد مارجريت كما كان يتوقع هذا، شعر بالكثير من الحيرة وجلس في الانتظار، لقد كان متردد من رؤيتها والآن هو يجلس في انتظارها! حرك رأسه بنفي وكأنه يحاول أن يقوم بطرد أي فكرة تقوده إلى اعجابه الشديد بها، همس إلى نفسه وهو يريد حسم هذا الأمر:

-من الطبيعي الشعور بالإعجاب والتعلق بكل شيء هنا، هذا الأمر طبيعي تمامًا، هذا المكان غريب عن عالمي واستطاع أن يؤثر بي.

نظر تجاه السماء وشعر بالكثير من الضيق، لا يعلم ماذا يحدث له ولكنه مشتت تمامًا، استمع إلى خطوات تقترب، علم أنها هي من قبل أن يلتفت ولكن عندما فعل وجدها على وشك الرحيل! لم يشعر بنفسه سوى وهو يقوم بالتحدث إليها:

-انتظري لقد كنت في انتظاركِ وتعجبت أنكِ لم تأتي.

ردت على حديثه دون الإلتفات له:

-أنا لست متفرغة، لقد كنت أساعدكم الفترة الماضية في التعرف على الجزيرة وكل شيء بها وقد انتهى دوري هنا.

تعجب من نبرتها الجامدة، صوتها ليس كما اعتاد عليه، اوشكت على الذهاب من جديد ليتحدث:

-أنا سوف أذهب غدًا مع عائلتي، المركب سوف تأتي لتصطحبنا.

لاحظ وقوفها للحظات قبل أن تتحدث بثبات:

-جيد.

لا يعلم ما الذي اصابها وإن كانت تشعر بالانزعاج فلماذا يا ترى؟! أسرع بالاقتراب والوقوف أمامها، لاحظ نظراتها المتعجبة:

-ما الأمر؟ هل ترغب في قول شيء آخر يا ترى؟!

تأمل عينيها التي تنظر له بثبات ليتحدث بصراحة:

-شعرت أنكِ تتهربين مني وأردت أن أقوم بمواجهتك، هذا كل شيء.

ابتسمت مارجريت وهي تشير على نفسها ومن ثم تحدثت إليه ساخرة:

-أنا! اخبرني هل تظن أنني من هذا النوع الذي يتهرب؟!

حرك موسى رأسه بنفي وهو يبتسم:

-سوف أشتاق لكِ ولكل شيء هنا يا مارجريت.

لا تعلم ما الذي يحدث لها عندما ينطق هو باسمها؟ يبدو اسمها أجمل من كل شيء كلما قاله! تحدثت بثبات حاولت أن تحافظ عليه:

-لا تذهب إذًا فالتبقى هنا.

أخذ نفس عميق وهو يحرك رأسه بنفي وتحدث بأسف:

-لا يمكنني أن أفعل هذا، لم يعد لدي الخيار، من الصعب التخلي عن عائلتي، أقصد أبي وأمي التي اشتقت لها كثيرًا وشقيقاتي وأخي حازم، كنت أتمنى لو تريهم.

حركت مارجريت رأسها بنفي وهي تخبره بهدوء :

-هذا المستحيل بعينه يا موسى، هذا العالم كالماء بالنسبة لي، من الصعب تركهن المجهول دائمًا مخيف.

حرك موسى رأسه بنفي:

-هذا العالم كان مجهول بالنسبة لي لكنني ها أنا هنا وقد أصبح لي مألوف، هي فقط خطوة ويتبدل من بعدها كل شيء.

كانت عينيها تخبره بالكثير، لكنه لم يستطيع أن يفهم ما تريد أن تقوله، تحدث إليها بحيرة:

-تريدي أن تقولي لي شيء؟ أي شيء يا مارجريت؟!

حركت مارجريت رأسها بنفي وهي تحاول أن تبتعد عن المشاعر الغريبة التي تنتابها، تتساءل لماذا ترغب عينيها في زرف الدموع؟! نظرت له وقد تخلت عن بعض غرورها:

-لا مانع لدي إن قومت بضمي.

اقترب موسى وقد كان بحاجة إلى هذا الشيء هو الآخر، قام بضمها لتغمض عينيها وقد تقاربى حاجبيها في تأثر وهي تستنشق عطره لتسمعه يهمس:

-للمرة الأولى أستنشق هذا العطر المميز، كأنني أقوم بضم إحدى الزهور بين يدي.

ابتسمت وهي تحاول السيطرة على نفسها ومنع دموعها، لم تكن تريد أن تلتقي به وحدث ما كانت تخشاه، لقد فضلته على نفسها، ربما سعادتها معه ولكن ليس العكس، لقد تأكدة أن سعادته في عالمه مع عائلته، همست له:

-رائحتك مميزة وليست من الزهور كما اعتدت.

شعرت بزراعيه يحيطان بها أكثر وهو يدفن وجهه بعنقها لتشعر بلحيته لكنها لم تمانع بل سمحت لنفسها أن تشعر بقربه لأطول فترة ممكنة، همست له قائلة:

-مارجرين.

تعجب موسى وقبل أن يتساءل عن معنى هذه الكلمة الغريبة قاطعهم صوت علي الساخر:

-أوه يبدو أنني أتيت في وقت غير مناسب تمامًا.

ابتعد موسى عن مارجريت بانزعاج وهو يرمقه بضيق، أما عن علي فهو اقترب وعينيه مثبتة على ماجريت:

-ما الأمر يا ملكة هل شعرتِ بالخجل؟ كان من الممكن أن تخبريني ببساطة أنكِ معجبة به وكنت سأتخلى عن التفكير بكِ.

رمقته مارجريت باستحقار بينما علي قرب يده ليلمس خصرها بتهكم:

-ماذا هل تريدي أن تخيفيني؟!

قبض موسى على يده ليقوم بدفعه بقوة:

-علي لا تجعلني أجن وأفقد عقلي عليك، ابتعد عنها ويكفي التصرف بتلك الطريقة التافهة.

ضحك علي ساخرًا:

-وهل هذا حلال عليك فقط وحرام عليّ أنا؟!

نظرت مارجريت إلى موسى تمنت أن يخبره أنه متزوج بها وأنها لم تفعل شيء مثل هذا مع شخص غريب.

أخذ موسى نفس عميق وهو يخبرها بهدوء ومازال يقبض على يد علي:

-تفضلي بالذهاب.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي