الفصل الثاني عشر فقدان ذاكرة
كان يجلس معها داخل الكوخ الخاص بها، لا يعلم ما الذي من الممكن أن يحدث بعد تلك الخطوة، يشعر بالراحة وهو يراها تبتسم، سعادتها تعطيه الدفء الذي يحتاج إليه، تذكر كيف خرج في الصباح الباكر بعيدًا عن عائلته، يعلم أن والده سوف يغضب عندما يعرف ما سيفعله، لكنه يتمنى أن يبقى هذا سرًا.
لاحظت مارجريت شروده وهو يمسك بالقلم ويكمل كتابة عقد زواجهم، تحدثت بصوت مليء بالسعادة:
-العقد سوف أخذه وأجعل بعض الفتيات يمضون عليه، كما تعلم رجال هذه الجزيرة لن يوافقوا أن يكونوا من الشاهدين عليه.
أومأ لها وقام بمده لها وهو يتحدث ناظرًا لها:
-انظري لهذا العقد هل هو كافي لحمايتكِ؟!
اومأت له مارجريت وهي تطالعه بكثير من الحيرة:
-لا أعلم ما الذي أقوله، لكن دعني أسألك هل أنت واثق من هذه الخطوة يا موسى؟!
نظر موسى لها بانتباه وقد اصابته الحيرة:
-من الطبيعي أن أكون واثق من هذا وإلا لم أكن لأفعله، أنا أريدكي أن تكوني بخير.
ابتسمت مارجريت منه عندما وجدته وقف وعلى وشك المغادرة:
-إلى أين سوف تذهب يا موسى؟ لم ننتهي من التحدث بعد.
نظر لها وهي كانت تاركة شعرها منسدل عكس العادي، لقد اعتاد على عقدها لبعض شعرها من فوق على هيئة كعكة:
-تليق بكِ جميع تصفيفات الشعر يا ملكة لا يمكنني أن أنكر هذا.
احمرت وجنتيها وابتسم هو لتقترب منه وتقوم بضمه واضعة رأسها محل قلبه:
-أنت شخص رائع يا موسى، لا أعلم ما الذي يخبأه القدر ولكن إعلم أنني حقًا أحترمك.
ابتسم موسى ومن قم قام بامساك كتفيها ليبعدها برفق:
-أنتِ أيضًا شخص رائع وأتمنى لكِ السعادة.
لاحظت ابتعاده لتقترب بحيرة:
-أنت زوجي يا موسى وأنا لست نادمة على هذا، على العكس أنا لم أفكر أنني سوف أكون راضية عن زواجي من قبل، لكن في الحقيقة تبدل كل شيء على يديك.
ابتعد موسى وهو يتلاشى النظر لها:
-أنا أحافظ عليكِ ربما تجدين الشخص الذي يستطيع أسعادكي ووقتها سوف تمزقين هذه الأوراق، دعيني أخبركي أن زواجنا بيدكِ يا ملكة يمكنكي أن تمزقي هذه الأوراق ووقتها سوف يكون زواجنا منهي.
حركت مارجريت رأسها بنفي وهي تخبره بجدية:
-لن يحدث هذا يا موسى، أنا لن أفعل شيء كهذا، لا أريده.
تعجب موسى من جديتها الشديدة في هذا الأمر وكأنها راضية كل الرضا عن هذا الزواج، ابتلع ما بحلقه وهو يخبرها في محاولة منه لتغيير الموضوع:
-أنا سوف أكتب إلى ليديا ورقة مماثلة حتى لا تضطر للزواج من شخص لا تريده، لم أنسى أنها هي من طلبت و..
قاطعته مارجريت بغضب وقد احتدت عينيها لتتحول إلى اللون الأسود:
-ما الذي تقوله أنت يا موسى هل فقدت عقلك؟! لا أحد يمكنه الزواج بأخرى عندما يتعلق الأمر بي.
صدم موسى من هذا ومازال ينظر لها بعدم استيعاب:
-ما الذي تقوليه وما الذي تفعليه أنتِ هل تظني أنكِ سوف تخيفيني؟!
اقتربت مارجريت وهي تحدق بعينيه قائلة ببطء:
-لن تفعل يا موسى، مستعدة لقتلها ولن أتركها تقترب منك.
تعجب موسى بل صدم ومن ثم قبض على زراعها وهو يقوم بتحريكها:
-توقفي يا مارجريت انظري لي وعودي إلى صوابكِ.
عادت عينيها طبيعية لتبتلع ما بحلقها بصعوبة وكادت السقوط ليمسك بها بعدم استيعاب:
-ما الذي يحدث لكِ، أنا لا أفهمكي حقًا يا مارجريت؟!
يشعر أن قواها قد خارت بعد هذا الكم من الضغط الذي تعرضت له لتصيبه حيرة مضاعفة، جعلها تجلس لتتحدث بصوت مليء باللوم:
-اتركني وأخرج يا موسى إذا سمحت.
اقترب يريد التحدث لكنها تحدثت بانفعال:
-قولت أخرج أنا لا أريد لحالتي أن تسوء إذا سمحت.
خرج موسى وقد شعر بالضيق الشديد ومازال لا يعلم ما الذي جعلها تتحول بتلك الطريقة؟!
-----
فتح مازن باب الشقة وهو يشير لها بالدخول، كانت هدى تقبض على حقيبتها وهي تشعر بالكثير من التردد، حاربت قلقها في النهاية لتدخل بقلب مرتجف، أغلق الباب بالمفتاح لتلتفت له في سرعة بينما هو ابتسم وهو ينادي:
-أمي، أبي تعالوا انظروا من لأتى إليها، لقد وعدتك أنني سوف أجلبها وقد حدث هذا ألستِ هنا معي؟!
ابتلعت ما بحلقها وهي تجبر نفسها على الإبتسام، أشار لها أن تتقدم:
-هيا يا هدى ادخلي لماذا أنتِ واقفة هكذا؟!
تقدمت هدى ولا تعلم لماذا تضيق أنفاسها ولكنها وجدت علاء أمامها في يده زجاجة غريبة الشكل سقطت من يده ما إن رآها وقد اتسعت عينيه وابتسم في ذهول:
-كيف أتيتِ إلى هنا لا أصدق؟!
شهقت بصدمة وقد ضرب الخوف صدرها وهي تبتعد بهلع:
-ما الذي تفعله هنا أنت؟!
ضحك علاء وكان يسير بعدم اتزان تجاهها:
-كما ترين أنا أعيش هنا يا فتاة، لقد أنرتِ المنزل يا جميلة.
ابتعدت بخوف حتى اصطدمت بمازن لتلتفت له والدموع بعينيها:
-ما الذي يحدث؟ أنت قولت الكثير من الكلماتن عن والديك، قولت أن الزواج.. أنهم هم..
كانت تتلعثم ليضع مازن أصبعه على شفتيها مقاطعًا إياها:
-ما الأمر اهدئي لا تتصرفي بتلك الطريقة سوف تضركي.
تساقطت دموعها بصدمة وهي تنظر له بعدم استيعاب، شعرت بيد علاء تحيط بخصرها ليقوم بسحبها و نزع حجابها بقوة:
-هيا يا فتاة لا تكوني كثيرة الحديث.
قام بافلات شعرها من بين صراخها ودموعها، قامت بدفعه بقوة لتختبأ خلف مازن وهي تدفن وجهها به ويدها تقبض على قميصه بانهيار:
-أتوسل إليك دعه يبتعد عني أنت ما الذي حدث لك يا مازن؟ أنت لم تكن كذلك هل قام بتهديدك؟ أتوسل إليك ساعدني، دعني أخرج من هنا أتوسل إليك وأنا لن أخبر أحد بأي شيء.
اقترب علاء منهم بانفعال:
-هل تظن أنك سوف تحميها مني أنا؟ اقتربي أيتها المشاكسة ودعينا نتحدث وجهًا لوجه.
تحدثت هدى بانهيار من جديد:
-أرجوك يا مازن فكر في كل شيء، لقد وثقت بك أتوسل إليك دعني أذهب.
التفت مازن لها وأمسك بكلتا يديها:
-انظري لي لا تريديه ماذا عني؟ دعينا نقضي بعض الوقت معًا يا حبيبتي.
لمس وجنتيها لينتفض جسدها وتبتعد عنه بانهيار:
-أرجوك لا تفعل، سوف أقتل نفسي، لن أعيش، سوف أموت إن فعلتم لي شيء.
اقترب علاء ليقوم بسحب شعرها بقوة وهو يدفعها لتسقط أرضًا ويقترب منها وقد انهال عليها بالضرب وهو يحاول أن يقلل من حركتها، صرخت برجاء:
-أرجوك يا مازن لقد وثقت بك، لقد ظننت أنك إنسان حقًا، دعه يبتعد عني.
انفعل مازن وهو يدفع علاء:
-انتظر يا علاء.
وقف الآخر بغضب أمامه:
-ماذا بك يا مازن؟ يزعجك صوت بكائها أنا أعلم هذا سوف أكمم فمها كما فعلت من قبل وسوف ينتهي الأم ونحن نستمتع.
صدمت هدى وعلمت أن هذه نهايتتها، ارسعت بالوقوف وهي تسير في الشقة بسرعة باحثة عن أي شيء يمكنه أن يحميها منهم، تبعها مازن وقا بسحبها:
-إلى أين تذهبين؟ هل تظنين أن هناك باب آخر يمكنكي الهرب منه؟
نظرت له بأعين ملأها الرعب:
-دعني أذهب، أنت اعطيت لوالدتي كلمة واعطيتني كلمة، لا يمكنك أن تفعل هذا بي أرجوك.
ابتلع مازن ما بحلقه وهي رأت مزهرية خلفها لتمد يدها إليها وهي تتمنى أن لا يلاحظ هذا الأمر، وضع يده على شعرها وهو يتحدث بصوت مرتجف:
-توقفي عن البكاء، لن يحدث شيء لكِ، سوف يكون كل شيء على مايرام ولكن اهدئي، لن يفعل شيء و..
صرخ بألم عندما قاطعته هدى بضربه على رأسه بالمزهرية وهي لا تدرك حديثه، سقط على ركبتيه ممسكًا برأسه بألم واقترب علاء مترنحًا وقد اتسعت عينيه بصدمة وهو يصرخ بها:
-أيتها المجنونة ما الذي فعلتيه أنتِ؟!
رفعت المزهرية التي تهشمت على رأسه وهي تقوم بتهديده من بين انهيارها وارتجاف جسدها:
-ابتعد الآن سوف أقتلك، لن أهتز وسوف أقوم بانهاء حياتك دعني وشأني أيها الحقير.
جلس علاء بجوار صديقه الذي يفقد الوعي ليهمس له:
-لا تقترب منها يا علاء لا تؤذيها أرجوك.
اسرعت هدى بالقاء بقايا المزهرية والركض تجاه الباب لتخرج بسرعة وهي تركض، سقطت على السلم عدة مرات وهي لا تهتم بجروحها التي تنزف واسرعت بالركض في الشارع، كان شعرها يتطاير وهي تنظر خلفها برعب كما لو كان وحش يهاجمها، لم تكن منتبهة لتلك السيارة التي أتت تجاهها لتصدمها دون ارادة منها.
-----
كان موسى يجلس بالقرب من الشلال، لا يستطيع أن يتجاهل ما حدث عندما كان داخل الكوخ مع مارجريت، علم أنها غير موافقة على زواجه الشكلي من ليديا، لا يستطيع أن يعلم السبب، لكنه يتساءل هل من الممكن أن يكون ما حدث لها بسبب الغيرة؟ حرك رأسه بنفي وهو لا يريد أن يتعمق في تلك النقطة، شعر بيد على كتفه وما إن التفت حتى أجبر نفسه على الإبتسام:
-صباح الخير يا أبي.
اجابه سليم وعلى وجهه تعلو الإبتسامة:
-صباح النور يا حبيب والدك، بعد غد سوف نذهب، أشعر بالأشتياق لوالدتك وأخوتك.
أومأ موسى له وقد شعر بالحنين إلى عائلته:
-أنا أيضًا اشتقت كثيرًا إليهم يا أبي، أتساءل كيف حال حازم وحبيبة وهدى، هل مازالت كما هي مشاغبة في المنزل أم تبدل حالها يا ترى؟!
ضحك سليم وهو يحرك رأسه بنفي:
-لا أظن هذا تلك الفتاة سوف تبقى كما هي دون أن تتغير.
-----
استفاقت من نومها على يد تلمس وجنته وصوت رجولي قد اخترق أذنها:
-يا فتاة هل تسمعيني؟ انظري لي هيا افتحي عينيكِ.
فتحت هدى عينيها وهي تشعر بالألم يسري في سائر جسدها بالأخص رأسها، حاوطت رأسها بألم شديد:
-ما الذي يحدث، أنا رأسي يؤلمني كثيرصا، لا أستطيع التحمل.
قام بامساك يدها وهو يتحدث بضيق:
-رأسكِ جرحت وقام الطبيب بوضع الضمادات عليها، لا تلمسيها حتى لا يزداد الألم.
نظرت هدى له وقد ارتجف قلبها وهي تسأله:
-من تكون أنت؟!
تركها حتى لا يقلقها وابتعد قليلًا لتبتلع ما بحلقها بقلق من هيئته الجامدة وذقنه الكثيفة والتي تمتاز باللون الأسود، لاحظت بذلته السوداء التي تدل على أنه صاحب مركز مرموق:
-أدعى ليث، لا داعي لقلق أتى الطبيب إلى المنزل واخبرني أنكِ سوف تتحسنين وسوف تكوني في حالة أفضل.
ابتلعت هدى ما بحلقها بقلق وهي تومأ له، خرج من بعدها ليقترب منه مروان صديقه بقلق:
-ما الذي حدث؟ هل استفاقت يا ترى؟!
رمقه ليث بغضب وهو يقترب ليقف أمامه مباشرة:
-ما الذي تريده بعد أن قمت بتوريطناوقومت بصدمها؟!
تحدث مروان بضيق وهو يحرك رأسه بنفي:
-أنا لم أتعمد، هي كانت تسير ولا تنظر حولها، اخبرني هل سوف ترحل الآن؟!
حرك ليث رأسه بنفي وهو يتحدث بحيرة:
-لا تبدو بخير سوف أتي لها ببعض الطعام لتتناوله.
بالفعل جلب لها بعض الطعام ولكن ما إن دلف إلى الغرفة حتى رأها تقترب منه والدموع تغرق وجهها:
-انا ما الذي أفعله هنا؟ ما الذي حدث لي؟!
تعجب ليث من حالتها وتغيرها المفاجئ معه:
-اهدئي ماذا بكِ؟ لقد كان حادث بسيط، لم أجد شيء معكِ كما أن ملابسكِ ممزقة بعض الشيء وهناك الكثير من الجروح عليكِ، اخبريني من تكوني وهل هناك رقم يمكنننا التواصل من خلاله مع عائلتكِ؟!
تساقطت دموعها وهي تتحدث بانفعال وتحرك رأسها بنفي:
-أنا لا أتذكر شيء، لا أعلم من أكون لأا أتذكر اسمي وأشعر بالخوف، أنت لا تعرفني؟!
صدم ليث من هذا ووضع الطعام جانبًا لينظر لها بانتباه وعدم استيعاب:
-أنتِ لا تمزحين معي أليس كذلك؟!
حركت رأسها بنفي وهي تبتعد عنه بخوف، وضع ليث يده على رأسه وهو يشعر بالغضب الشديد تجاه مروان، وجد الباب يُفتح ودلف صديقه الذي ابتسم إليها:
-من الجيد أنكِ بخير الآن يا فتاة، رغم جروح وجهكِ إلا أنكِ مازلتِ جميلة حد الجنون.
انفعل ليث وهو ينظر له:
-لقد نست حتى اسمها ولا تتذكر شيء، هل تعلم ما الذي سوف يحدث عندما تأتي جدتي فاتن الأسبوع المقبل؟ سوف تكون كارثة.
ابتسم مروان وهو يتأمل هيئتها:
-لا بأس سوف أخذها إلى منزلي وأرى ما الذي يحدث لها.
ابتعدت هدى بخوف وقد كانت عينيها تدل على رعبها، لاحظ ليث هذا وقام بدفع مروان:
-أنت تخيفها توقف عن النظر لها.
ضحك مروان بعدم استيعاب وهو يتحدث قائلًا:
-أنا لم أفعل شيء يقلقها هكذا، سوف أخذها مهي إلى المستشفى وأرى ما الذي اصابها.
اقترب منها ومازال يبتسم وهو يتأملها:
-ما كل هذا الخوف؟ تعالي معي لا تخافي.
انتفض جسدها عندما اقتربت يده منها وأتى إليها عقلها مشهد وأحدهم يقوم باحاطة خصرها وسحيها، لم يتبين وجه علاء ولكنها صرخت بهلع:
-ابتعد عني، لا تقرب مني أبعد يدك.
سحبه ليث بسرعة وابتعد معه وهو يتحدث إليها:
-توقفي لا تصرخي يا فتاة لا يوجد شيء، هو لن يفعل شيء لكِ.
جلست أضًا وهي تضع يدها على وجهها وقد انهارت في البكاء ليتبادلوا النظرات بصدمة، تحدث ليث ببعض القلق:
-سوف نتركها اليوم هنا، من الأفضل أن نخرج.
أومأ له مروان وهو يشعر بالكثير من التعجب بينما هدى كانت تحاول أن تتمالك أعصابها وهي لا تستطيع التوقف عن البكاء، كل شيء حولها يرعبها ولا تدري ما السبب؟!
استيقظ في هذا الوقت مازن ووجد نفسه داخل المستشفى ليهمس بألم ما إن رآى علاء:
-أين هي هدى يا علاء؟!
لاحظت مارجريت شروده وهو يمسك بالقلم ويكمل كتابة عقد زواجهم، تحدثت بصوت مليء بالسعادة:
-العقد سوف أخذه وأجعل بعض الفتيات يمضون عليه، كما تعلم رجال هذه الجزيرة لن يوافقوا أن يكونوا من الشاهدين عليه.
أومأ لها وقام بمده لها وهو يتحدث ناظرًا لها:
-انظري لهذا العقد هل هو كافي لحمايتكِ؟!
اومأت له مارجريت وهي تطالعه بكثير من الحيرة:
-لا أعلم ما الذي أقوله، لكن دعني أسألك هل أنت واثق من هذه الخطوة يا موسى؟!
نظر موسى لها بانتباه وقد اصابته الحيرة:
-من الطبيعي أن أكون واثق من هذا وإلا لم أكن لأفعله، أنا أريدكي أن تكوني بخير.
ابتسمت مارجريت منه عندما وجدته وقف وعلى وشك المغادرة:
-إلى أين سوف تذهب يا موسى؟ لم ننتهي من التحدث بعد.
نظر لها وهي كانت تاركة شعرها منسدل عكس العادي، لقد اعتاد على عقدها لبعض شعرها من فوق على هيئة كعكة:
-تليق بكِ جميع تصفيفات الشعر يا ملكة لا يمكنني أن أنكر هذا.
احمرت وجنتيها وابتسم هو لتقترب منه وتقوم بضمه واضعة رأسها محل قلبه:
-أنت شخص رائع يا موسى، لا أعلم ما الذي يخبأه القدر ولكن إعلم أنني حقًا أحترمك.
ابتسم موسى ومن قم قام بامساك كتفيها ليبعدها برفق:
-أنتِ أيضًا شخص رائع وأتمنى لكِ السعادة.
لاحظت ابتعاده لتقترب بحيرة:
-أنت زوجي يا موسى وأنا لست نادمة على هذا، على العكس أنا لم أفكر أنني سوف أكون راضية عن زواجي من قبل، لكن في الحقيقة تبدل كل شيء على يديك.
ابتعد موسى وهو يتلاشى النظر لها:
-أنا أحافظ عليكِ ربما تجدين الشخص الذي يستطيع أسعادكي ووقتها سوف تمزقين هذه الأوراق، دعيني أخبركي أن زواجنا بيدكِ يا ملكة يمكنكي أن تمزقي هذه الأوراق ووقتها سوف يكون زواجنا منهي.
حركت مارجريت رأسها بنفي وهي تخبره بجدية:
-لن يحدث هذا يا موسى، أنا لن أفعل شيء كهذا، لا أريده.
تعجب موسى من جديتها الشديدة في هذا الأمر وكأنها راضية كل الرضا عن هذا الزواج، ابتلع ما بحلقه وهو يخبرها في محاولة منه لتغيير الموضوع:
-أنا سوف أكتب إلى ليديا ورقة مماثلة حتى لا تضطر للزواج من شخص لا تريده، لم أنسى أنها هي من طلبت و..
قاطعته مارجريت بغضب وقد احتدت عينيها لتتحول إلى اللون الأسود:
-ما الذي تقوله أنت يا موسى هل فقدت عقلك؟! لا أحد يمكنه الزواج بأخرى عندما يتعلق الأمر بي.
صدم موسى من هذا ومازال ينظر لها بعدم استيعاب:
-ما الذي تقوليه وما الذي تفعليه أنتِ هل تظني أنكِ سوف تخيفيني؟!
اقتربت مارجريت وهي تحدق بعينيه قائلة ببطء:
-لن تفعل يا موسى، مستعدة لقتلها ولن أتركها تقترب منك.
تعجب موسى بل صدم ومن ثم قبض على زراعها وهو يقوم بتحريكها:
-توقفي يا مارجريت انظري لي وعودي إلى صوابكِ.
عادت عينيها طبيعية لتبتلع ما بحلقها بصعوبة وكادت السقوط ليمسك بها بعدم استيعاب:
-ما الذي يحدث لكِ، أنا لا أفهمكي حقًا يا مارجريت؟!
يشعر أن قواها قد خارت بعد هذا الكم من الضغط الذي تعرضت له لتصيبه حيرة مضاعفة، جعلها تجلس لتتحدث بصوت مليء باللوم:
-اتركني وأخرج يا موسى إذا سمحت.
اقترب يريد التحدث لكنها تحدثت بانفعال:
-قولت أخرج أنا لا أريد لحالتي أن تسوء إذا سمحت.
خرج موسى وقد شعر بالضيق الشديد ومازال لا يعلم ما الذي جعلها تتحول بتلك الطريقة؟!
-----
فتح مازن باب الشقة وهو يشير لها بالدخول، كانت هدى تقبض على حقيبتها وهي تشعر بالكثير من التردد، حاربت قلقها في النهاية لتدخل بقلب مرتجف، أغلق الباب بالمفتاح لتلتفت له في سرعة بينما هو ابتسم وهو ينادي:
-أمي، أبي تعالوا انظروا من لأتى إليها، لقد وعدتك أنني سوف أجلبها وقد حدث هذا ألستِ هنا معي؟!
ابتلعت ما بحلقها وهي تجبر نفسها على الإبتسام، أشار لها أن تتقدم:
-هيا يا هدى ادخلي لماذا أنتِ واقفة هكذا؟!
تقدمت هدى ولا تعلم لماذا تضيق أنفاسها ولكنها وجدت علاء أمامها في يده زجاجة غريبة الشكل سقطت من يده ما إن رآها وقد اتسعت عينيه وابتسم في ذهول:
-كيف أتيتِ إلى هنا لا أصدق؟!
شهقت بصدمة وقد ضرب الخوف صدرها وهي تبتعد بهلع:
-ما الذي تفعله هنا أنت؟!
ضحك علاء وكان يسير بعدم اتزان تجاهها:
-كما ترين أنا أعيش هنا يا فتاة، لقد أنرتِ المنزل يا جميلة.
ابتعدت بخوف حتى اصطدمت بمازن لتلتفت له والدموع بعينيها:
-ما الذي يحدث؟ أنت قولت الكثير من الكلماتن عن والديك، قولت أن الزواج.. أنهم هم..
كانت تتلعثم ليضع مازن أصبعه على شفتيها مقاطعًا إياها:
-ما الأمر اهدئي لا تتصرفي بتلك الطريقة سوف تضركي.
تساقطت دموعها بصدمة وهي تنظر له بعدم استيعاب، شعرت بيد علاء تحيط بخصرها ليقوم بسحبها و نزع حجابها بقوة:
-هيا يا فتاة لا تكوني كثيرة الحديث.
قام بافلات شعرها من بين صراخها ودموعها، قامت بدفعه بقوة لتختبأ خلف مازن وهي تدفن وجهها به ويدها تقبض على قميصه بانهيار:
-أتوسل إليك دعه يبتعد عني أنت ما الذي حدث لك يا مازن؟ أنت لم تكن كذلك هل قام بتهديدك؟ أتوسل إليك ساعدني، دعني أخرج من هنا أتوسل إليك وأنا لن أخبر أحد بأي شيء.
اقترب علاء منهم بانفعال:
-هل تظن أنك سوف تحميها مني أنا؟ اقتربي أيتها المشاكسة ودعينا نتحدث وجهًا لوجه.
تحدثت هدى بانهيار من جديد:
-أرجوك يا مازن فكر في كل شيء، لقد وثقت بك أتوسل إليك دعني أذهب.
التفت مازن لها وأمسك بكلتا يديها:
-انظري لي لا تريديه ماذا عني؟ دعينا نقضي بعض الوقت معًا يا حبيبتي.
لمس وجنتيها لينتفض جسدها وتبتعد عنه بانهيار:
-أرجوك لا تفعل، سوف أقتل نفسي، لن أعيش، سوف أموت إن فعلتم لي شيء.
اقترب علاء ليقوم بسحب شعرها بقوة وهو يدفعها لتسقط أرضًا ويقترب منها وقد انهال عليها بالضرب وهو يحاول أن يقلل من حركتها، صرخت برجاء:
-أرجوك يا مازن لقد وثقت بك، لقد ظننت أنك إنسان حقًا، دعه يبتعد عني.
انفعل مازن وهو يدفع علاء:
-انتظر يا علاء.
وقف الآخر بغضب أمامه:
-ماذا بك يا مازن؟ يزعجك صوت بكائها أنا أعلم هذا سوف أكمم فمها كما فعلت من قبل وسوف ينتهي الأم ونحن نستمتع.
صدمت هدى وعلمت أن هذه نهايتتها، ارسعت بالوقوف وهي تسير في الشقة بسرعة باحثة عن أي شيء يمكنه أن يحميها منهم، تبعها مازن وقا بسحبها:
-إلى أين تذهبين؟ هل تظنين أن هناك باب آخر يمكنكي الهرب منه؟
نظرت له بأعين ملأها الرعب:
-دعني أذهب، أنت اعطيت لوالدتي كلمة واعطيتني كلمة، لا يمكنك أن تفعل هذا بي أرجوك.
ابتلع مازن ما بحلقه وهي رأت مزهرية خلفها لتمد يدها إليها وهي تتمنى أن لا يلاحظ هذا الأمر، وضع يده على شعرها وهو يتحدث بصوت مرتجف:
-توقفي عن البكاء، لن يحدث شيء لكِ، سوف يكون كل شيء على مايرام ولكن اهدئي، لن يفعل شيء و..
صرخ بألم عندما قاطعته هدى بضربه على رأسه بالمزهرية وهي لا تدرك حديثه، سقط على ركبتيه ممسكًا برأسه بألم واقترب علاء مترنحًا وقد اتسعت عينيه بصدمة وهو يصرخ بها:
-أيتها المجنونة ما الذي فعلتيه أنتِ؟!
رفعت المزهرية التي تهشمت على رأسه وهي تقوم بتهديده من بين انهيارها وارتجاف جسدها:
-ابتعد الآن سوف أقتلك، لن أهتز وسوف أقوم بانهاء حياتك دعني وشأني أيها الحقير.
جلس علاء بجوار صديقه الذي يفقد الوعي ليهمس له:
-لا تقترب منها يا علاء لا تؤذيها أرجوك.
اسرعت هدى بالقاء بقايا المزهرية والركض تجاه الباب لتخرج بسرعة وهي تركض، سقطت على السلم عدة مرات وهي لا تهتم بجروحها التي تنزف واسرعت بالركض في الشارع، كان شعرها يتطاير وهي تنظر خلفها برعب كما لو كان وحش يهاجمها، لم تكن منتبهة لتلك السيارة التي أتت تجاهها لتصدمها دون ارادة منها.
-----
كان موسى يجلس بالقرب من الشلال، لا يستطيع أن يتجاهل ما حدث عندما كان داخل الكوخ مع مارجريت، علم أنها غير موافقة على زواجه الشكلي من ليديا، لا يستطيع أن يعلم السبب، لكنه يتساءل هل من الممكن أن يكون ما حدث لها بسبب الغيرة؟ حرك رأسه بنفي وهو لا يريد أن يتعمق في تلك النقطة، شعر بيد على كتفه وما إن التفت حتى أجبر نفسه على الإبتسام:
-صباح الخير يا أبي.
اجابه سليم وعلى وجهه تعلو الإبتسامة:
-صباح النور يا حبيب والدك، بعد غد سوف نذهب، أشعر بالأشتياق لوالدتك وأخوتك.
أومأ موسى له وقد شعر بالحنين إلى عائلته:
-أنا أيضًا اشتقت كثيرًا إليهم يا أبي، أتساءل كيف حال حازم وحبيبة وهدى، هل مازالت كما هي مشاغبة في المنزل أم تبدل حالها يا ترى؟!
ضحك سليم وهو يحرك رأسه بنفي:
-لا أظن هذا تلك الفتاة سوف تبقى كما هي دون أن تتغير.
-----
استفاقت من نومها على يد تلمس وجنته وصوت رجولي قد اخترق أذنها:
-يا فتاة هل تسمعيني؟ انظري لي هيا افتحي عينيكِ.
فتحت هدى عينيها وهي تشعر بالألم يسري في سائر جسدها بالأخص رأسها، حاوطت رأسها بألم شديد:
-ما الذي يحدث، أنا رأسي يؤلمني كثيرصا، لا أستطيع التحمل.
قام بامساك يدها وهو يتحدث بضيق:
-رأسكِ جرحت وقام الطبيب بوضع الضمادات عليها، لا تلمسيها حتى لا يزداد الألم.
نظرت هدى له وقد ارتجف قلبها وهي تسأله:
-من تكون أنت؟!
تركها حتى لا يقلقها وابتعد قليلًا لتبتلع ما بحلقها بقلق من هيئته الجامدة وذقنه الكثيفة والتي تمتاز باللون الأسود، لاحظت بذلته السوداء التي تدل على أنه صاحب مركز مرموق:
-أدعى ليث، لا داعي لقلق أتى الطبيب إلى المنزل واخبرني أنكِ سوف تتحسنين وسوف تكوني في حالة أفضل.
ابتلعت هدى ما بحلقها بقلق وهي تومأ له، خرج من بعدها ليقترب منه مروان صديقه بقلق:
-ما الذي حدث؟ هل استفاقت يا ترى؟!
رمقه ليث بغضب وهو يقترب ليقف أمامه مباشرة:
-ما الذي تريده بعد أن قمت بتوريطناوقومت بصدمها؟!
تحدث مروان بضيق وهو يحرك رأسه بنفي:
-أنا لم أتعمد، هي كانت تسير ولا تنظر حولها، اخبرني هل سوف ترحل الآن؟!
حرك ليث رأسه بنفي وهو يتحدث بحيرة:
-لا تبدو بخير سوف أتي لها ببعض الطعام لتتناوله.
بالفعل جلب لها بعض الطعام ولكن ما إن دلف إلى الغرفة حتى رأها تقترب منه والدموع تغرق وجهها:
-انا ما الذي أفعله هنا؟ ما الذي حدث لي؟!
تعجب ليث من حالتها وتغيرها المفاجئ معه:
-اهدئي ماذا بكِ؟ لقد كان حادث بسيط، لم أجد شيء معكِ كما أن ملابسكِ ممزقة بعض الشيء وهناك الكثير من الجروح عليكِ، اخبريني من تكوني وهل هناك رقم يمكنننا التواصل من خلاله مع عائلتكِ؟!
تساقطت دموعها وهي تتحدث بانفعال وتحرك رأسها بنفي:
-أنا لا أتذكر شيء، لا أعلم من أكون لأا أتذكر اسمي وأشعر بالخوف، أنت لا تعرفني؟!
صدم ليث من هذا ووضع الطعام جانبًا لينظر لها بانتباه وعدم استيعاب:
-أنتِ لا تمزحين معي أليس كذلك؟!
حركت رأسها بنفي وهي تبتعد عنه بخوف، وضع ليث يده على رأسه وهو يشعر بالغضب الشديد تجاه مروان، وجد الباب يُفتح ودلف صديقه الذي ابتسم إليها:
-من الجيد أنكِ بخير الآن يا فتاة، رغم جروح وجهكِ إلا أنكِ مازلتِ جميلة حد الجنون.
انفعل ليث وهو ينظر له:
-لقد نست حتى اسمها ولا تتذكر شيء، هل تعلم ما الذي سوف يحدث عندما تأتي جدتي فاتن الأسبوع المقبل؟ سوف تكون كارثة.
ابتسم مروان وهو يتأمل هيئتها:
-لا بأس سوف أخذها إلى منزلي وأرى ما الذي يحدث لها.
ابتعدت هدى بخوف وقد كانت عينيها تدل على رعبها، لاحظ ليث هذا وقام بدفع مروان:
-أنت تخيفها توقف عن النظر لها.
ضحك مروان بعدم استيعاب وهو يتحدث قائلًا:
-أنا لم أفعل شيء يقلقها هكذا، سوف أخذها مهي إلى المستشفى وأرى ما الذي اصابها.
اقترب منها ومازال يبتسم وهو يتأملها:
-ما كل هذا الخوف؟ تعالي معي لا تخافي.
انتفض جسدها عندما اقتربت يده منها وأتى إليها عقلها مشهد وأحدهم يقوم باحاطة خصرها وسحيها، لم يتبين وجه علاء ولكنها صرخت بهلع:
-ابتعد عني، لا تقرب مني أبعد يدك.
سحبه ليث بسرعة وابتعد معه وهو يتحدث إليها:
-توقفي لا تصرخي يا فتاة لا يوجد شيء، هو لن يفعل شيء لكِ.
جلست أضًا وهي تضع يدها على وجهها وقد انهارت في البكاء ليتبادلوا النظرات بصدمة، تحدث ليث ببعض القلق:
-سوف نتركها اليوم هنا، من الأفضل أن نخرج.
أومأ له مروان وهو يشعر بالكثير من التعجب بينما هدى كانت تحاول أن تتمالك أعصابها وهي لا تستطيع التوقف عن البكاء، كل شيء حولها يرعبها ولا تدري ما السبب؟!
استيقظ في هذا الوقت مازن ووجد نفسه داخل المستشفى ليهمس بألم ما إن رآى علاء:
-أين هي هدى يا علاء؟!