الفصل الحادي عشر بداية المعاناة
استيقظت هدى من النوم على صوت والدتها وهي تقوم بتحريكها:
-هدى هيا من الضروري أن تستفيقي الآن.
جلست هدى بأعين ناعسة وهي تنظر إلى والدتها بعدم استيعاب:
-اليوم لا يوجد جامعة يا أمي ما الأمر لماذا تحاولين أن تقلقيني وحسب.
نظرت لها عايدة بغيظ شديد:
-وكأنكِ لا تعرفي هذا يا هدى ألم تتفقي على الخطبة أنتِ ومازن؟
اتسعت أعين هدى بعدم استيعاب وهي تسأل والدتها:
-أي خطبة يا أمي هذه؟ من اخبركِ بهذا الأمر؟!
اجابتها بهدوء:
-مازن هو من اخبرني، هو يجلس بالخارج وهيا حتى تخرجي هو يريد التحدث معكِ؛ لأن أحدهم قام بالتقاط الصور لكم وهو لا يريد لكِ أن تفهميه بشكل خاطئ ولا تظني أنه هو الذي فعلها.
علمت هدى أن مازن يحاو أن يخرجها من هذا الأمر، تعجبت كثيرًا وهي تتساءل كيف أتت له مثل هذه الفكرة يا ترى؟!
بالفعل انتهت من تبديل ثيابها وهمت بالخروج لتجده يجلس على الكرسي وبين يده باقة من الورود، ابتسم فور رؤيتها ووقف ليقترب منها:
-كيف حالكِ يا هدى؟ لا أعلم إن كنتِ شاهدتِ بعض الصو لنا أم أنها ارسلت لي أنا فقط، على كل حال أنا أعتذر عن هذا الأمر وعن هذا التصرف السخيف من أحد زملائنا.
لا تعلم هدى بماذا عليها أن تجيبه، شعرت بالكثير من التوترولكنه تابع حديثه قائلًا:
-لقد أتيت اليوم من أجلكِ، أتيت من أجل طلبكِ للزواج بشكل رسمي يا هدى.
ابتسمت عايدة وهي تشعر بالحيرة من أفعال هذا الشاب، نظر مازن لها وكأنه ينتظر رأيها ومن ثم تحدث:
-ما رأيكِ يا مدام عايدة لم تقولي لي هل أنتِ موافقة؟
ابتلعت عايدة ما بحلقها وهي تشعر بالكثير من التردد رغم راحتها:
-في الحقيقة لا يوجد لدي مانع، لكن لا يمكنني أن أعطيك الرد وزوجي غير موجود، علينا أن نستشير والدها أولًا.
أومأ مازن وهو يقف أمامها:
-بالطبع أنا أتفهم هذا الشيء، سوف أنتظر عودة والدها من السفر حتى أتي إلى هنا برفقة عائلتي ونقوم بتحديد الخطبة إن وافق عمي سليم بي.
ابتسمت عايدة وهي تومأ له، شعرت بالراحة وعلمت أن سليم سوف يختار الجيد لها، لقد كانت تتمنى أن يكون سليم هنا ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن وقد صمم على الرحيل، تحدث مازن في هذا الوقت لتنتبه له:
-سوف أذهب الآن وأتمنى أن تخبرني هدى ما إن يعود عمي من رحلته.
------
الساعة الآن السابعة مساءً، وقف موسى وهو على وشك الخروج ليوقفه صوت والده:
-انتظر يا موسى إلى أين أنت ذاهب؟
شعر موسى بالتردد ولكنه اخبره ببساطة:
-أريد السير قليلًا، فكرت في الذهاب تجاه الشلال، أنا أشعر بالراحة هناك.
اقترب سليم وهو على وشك الخروج من الكوخ:
-حسنًا اتبعني؛ فأنا أريد الذهاب معك.
أومأ موسى له ولم يحب هذا الأمر، تمنى أن تكون مارجريت في الكوخ الخاص بها؛ فهو لا يريد لوالده أن يراها عندما يذهب معه إلى الشلال، بالفعل ذهب وكانت تجلس هناك، شعر أنها في انتظاره ورأى والده ينظر له ليساله:
-ما الأمر يا أبي لماذا تنظر لي بتلك الطريقة لا أفهم؟!
حرك والده رأسه بنفي وهو يتحدث بثبات:
-لا شيء، كنت أتساءل إن قومت أنت بدعوتها أو شيء كهذا.
حرك موسى رأسه بنفي وهو يخبره بصدق:
-لا أنا لم أتفق معها على المجيء هنا لا تقلق.
نظر سليم له بحيرة ولكن في هذا الوقت رأتهم مارجريت لتقترب منهم وعلى وجهها تعلو الإبتسامة:
-لم أكن أعلم أنك سوف تأتي إلى هنا يا موسى برفقة والدك، أريد أن أسألك هل أنت معتتد على السير مع والدك في الليل؟!
نظر سليم لها بوجه جامد وهو يتحدث بهدوء:
-لو كنا نعلم أنكِ هنا لم أكن لأتي أنا وابني.
نظرت له بتعجب وكذلك فعل موسى وهو يمسك بزراع والده ليصحح الأمر:
-أقصد بحديثي أنني لا أريد أن أتسبب في ازعاجكِ يا ملكة هذه الجزيرة.
كانت مارجريت تعلم أن والده لا يحبها، لكن هذا كان يثير التحدي في نفسها وهي تفكر كيف ستنتشله من الجميع دون أن يشعر أحد.
ربما لا تؤمن بكيد النساء، لكن للنساء كيد لا يقهر، إنها الحقيقة، عزمت مارجريت على تزييف كل شيء لتجعل من موسى عشقها وطوق نجاتها.
تحدث موسى وهو يريد أن يبعد والده عن مارجريت؛ فهو يخشى أن يتسبب والده في مضاقتها لكنه تفاجأ كثيرًا عندما اقتربت لتقف في مواجهة سليم:
-أريد أن أسألك عن شيء غاية في الأهمية وأنت والد هذا الشاب ما هو شعورك يا ترى؟!
تعجب سليم وكذلك موسى من سؤالها المفاجئ والغير مفهوم بالنسبة إليهم، تحدث سليم وهو يراها لم تكمل حديثها:
-ما الذي تقصديه لا أفهم؟!
نظرت مارجريت إلى موسى وتمنت لو لم يكن موجود مع والده لتستطيع أن تتحدث مع سليم على راحتها:
-مجرد سؤال عادي، لا مشكلة أنا سوف أذهب وأنت يا موسى أستمتع مع والدك.
ذهبت وموسى أغمض عينيه بضيق عندما أستمع إلى صوت والده:
-تلك الفتاة في كل يوم يزداد بغضي لها، أنا لا أعلم كيف تكون بكل هذا الغموض، أنت تشعر بما أشعر به أليس كذلك؟ أنت لا ترتاح لها.
نظر موسى إلى والده وهو يتحدث بهدوء ويتمنى من والده أن لا يصعب الأمور:
-أنا لم أجد منها ما يجعلني أبغض التعامل معها يا أبي أنا فقط أشعر بالحيرة لأنك لا تحبها وتبغضها بتلك الطريقة.
ابتسم سليم ساخرًا وهو يحرك رأسه بعدم استيعاب:
-ألا تلاحظ كم هي شخص خبيث لا يمكننا أن نثق به؟ أنا أتساءل كيف لك أن تميل لها بهذا القدر يا موسى، اخبرني ما الذي تفكر به أنت يا ترى؟!
حرك موسى رأسه بنفي وهو يجيبه بهدوء:
-أنا لا أفكر في شيء، فقط أتناقش معك ليس إلا.
نظر سليم له بشك ولكنه أومأ له قائلًا:
-حسنًا يا موسى من الجيد أن موعد رحيلنا قد اقترب، على كل حال انا مللت من الجلوس هنا بسبب سكان هذه الجزيرة.
نظر موسى إلى والده بانتباه وهو يسأله بحيرة:
-لماذا لا تدخل الحكومة إلى هنا؟ لماذا هذه الجزيرة لديها قائدها الخاص والمجهول في ذات الوقت يا أبي؟!
حرك سليم رأسه بحيرة وهو ينظر إلى ابنه:
-في الحقيقة لا أحد يعرف إلى أي دولة تنتمي هذه الجزيرة ولم يهتم أحد لها، هي مصدر أساسي لثمار التفاح كما تعلم وهذا كل مافي الأمر.
-كالعادة لم يجد موسى الإجابة الذي ينتظرها، لا يعلم ما الذي يجب أن يفعله ولكنه مازال مُصر على رأيه سوف يجد الحل الأمثل لإنقاذ كل شخص على هذه الجزيرة وبالأخص جميع الفتيات هنا.
-----
أتى اليوم التالي واستعدت هدى للذهاب إلى الجامعة، وقفت حبيبة أمامها وهي تحرك رأسها بنفي:
-لن تذهبي إلى أي مكان قبل أن تقولي لي من أين تعرفتي على هذا الوسيم.
ضحكت هدى وهي تعلم أن شقيقتها تقصد مازنن ابتسمت الأخرى وهي تغمز لها:
-يبدو أنني لم أخطأ وأنتِ حقًا معجبة به كثيرًا يا فتاة.
حركت هدى رأسها بغيظ وهي تنظر إلى وجهها:
-لن أتحدث معكِ الآن يا حبيبة؛ فأنا لا يوجد لدي ما يكفي من الوقت للتحدث في تلك الأمور التافهة.
هبطت من بعدها لتعض حبيبة شفتها السفلى بغيظ:
-أمور تافهة؟ حسنًا يا هدى أنا لن أترككي عندما تعودي وسوف نتحدث في كل شيء رغمًا عنكِ.
كانت هدى تسير في هذا الوقت وكل ما يشغل عقلها هو مازن، لا تعلم ما الذي يجب أن تقوله إلى شقيقتها وتتساءل هل من الممكن أن ينال إعجاب والدها وأخيها يا ترى؟!
كادت سيارة أن تصدمها لتتوقف شاهقة بخوف وتستمع إلى ضحكاته:
-لا تخافي يا فتاة إن كنتِ غير منتبهة فأنا منتبه جيدًا، في الحقيقة يا هدى لم أعد أريد أن أترككي في هذا الطريق بمفردكِ؛ فأنتِ تسيرين دون أن تنتبهي دائمًا.
حركت هدى رأسها بنفي وهي تطالعه بغيظ:
-هذا ليس صحيح يا رجل أنا أنتبه جيدًا لكن في الحقيقة أنت تقود بسرعة ولا تنتبه أبدًا.
ضحك مازن وهو يشير لها بالاقتراب:
-حسنًا اصعدي الآن ويمكننا أن نتحدث في هذا الأمر على راحتنا.
حركت هدى رأسها بنفي وقد شعرت بالكثير من الخجل:
-لا يا مازن أذهب أنت وفيما بعد نتحدث، أراك في الجامعة.
حرك مازن رأسه بنفي وهو يهبط بعيدًا عن سيارته ويقترب منها على عجلة من أمره:
-لا لا نحن لن نذهب إلى الجامعة اليوم يا هدى هناك مشوار مهم علينا أن نقضيه معًا ومن بعدها سوف نذهب إلى الجامعة ونحاول أن نعوض الباقي من محاضراتنا.
تعجبت هدى وهي تنظر له:
-إلى أين سوف نذهب لا أفهم؟
ابتسم مازن وهو يشعر أنه على بعد خطوة واحدة من تحقيق مراده:
-سوف نتقابل مع والدي يا هدى، لقد اخبرتهم بكل شيء، رحبوا بهذه الفكرة كثيرًا، اخبرتهم أننا احببنا بعضنا البعض في فترة قياسية وأنني عازم على الزواج بكِ.
اتسعت هدى عينيها وقد اصابها الخجل، لا تعلم ما الذي تقوله وهي لم تشك في لعبته أبدًا:
-هذا الأمر يوترني يا مازن، أنا لست مستعدة لمقابلتهم ولا أعلم كيف يمكنني التعامل صدقني، أنا لم أمر بكل تلك الأمور من قبل.
حرك مازن رأسه بنفي وهو يقترب ليمسك بيدها في رفق:
-لا يوجد داعي للتوتر يا هدى، أنا معكِ كما أنني عزمت على البقاء بجواركِ مهما كلفني الأمر، أظن أنكِ تعرفين هذا جيدًا.
ابعدت وجهها عنه وهي تشعر بالكثير من الخجل:
-معك حق يا مازن، في الحقيقة أنا لم أثق في أي شخص طوال حياتي كما وثقت بك أنت.
أومأ مازن لها وهو يجعلها تصعد داخل السيارة، مازالت الإبتسامة تزين ثغره وهي التي لم تنتبه على شيء من هذا، كانت تشعر بالراحة وهي تتذكر المرات التي ساعدها بها مازن، لم يخيب ظنها ولو لمرة واحدة وكان هذا السبب كافي لها لتثق به، وصلوا أمام أحد العمائر وتوقف بالسيارة لتنظر له بحيرة:
-هل منزلك هنا؟ لقد ظننت أننا سوف نلتقي بعائلتك في مكان عام وليس في الشقة، هل تفهم ما أعنيه؟!
نظر مازن لها وهو يشعر بترددها حاول أن يتعامل بذكاء ولا يجعلها تشعر بالخوف:
-أنا لم أقل أننا سوف نتقابل معهم في مكان آخر يا هدى، لم أكذب عليكِ في هذا الأمر أبدًا، من المستحيل أن أغصبكي على شيء، رغم أن أنسحابنا الآن سوف يجعلهم يسيئوا فهمي ويظنوا أنني أتلاعب بالحديث معهم ليس إلا!
ابتلعت هدى ما بحلقها وهي تنظر تجاه العمارة، كان مازن يلاحظ ردود أفعالها، حاول الهدوء وقام بتشغيل السيارة من جديد:
-على راحتكِ يا هدى لن نراهم وفي المرة القادمة حاولي أن تكوني واضحة، عائلتي حازمة ومثل هذا الأمر ليس جيد.
امسكت بيده ما إن بدأ بالقيادة من جديد ليتوقف:
-انتظر يا مازن، سوف أهبط معك، لكن إذا سمحت لا تجعلنا نتأخر.
ابتسم مازن وهو يبتسم لها:
-بالطبع يا هدى لن نتأخر.
لم تلاحظ إبتسامته الخبيثة أو نظرات عينيه، لم ترى الشيء الذي يقودها إليه، حتى أنها لم تدرك أنها بداية لحياة أخرى تجهلها وتجهل شقائها.
-هدى هيا من الضروري أن تستفيقي الآن.
جلست هدى بأعين ناعسة وهي تنظر إلى والدتها بعدم استيعاب:
-اليوم لا يوجد جامعة يا أمي ما الأمر لماذا تحاولين أن تقلقيني وحسب.
نظرت لها عايدة بغيظ شديد:
-وكأنكِ لا تعرفي هذا يا هدى ألم تتفقي على الخطبة أنتِ ومازن؟
اتسعت أعين هدى بعدم استيعاب وهي تسأل والدتها:
-أي خطبة يا أمي هذه؟ من اخبركِ بهذا الأمر؟!
اجابتها بهدوء:
-مازن هو من اخبرني، هو يجلس بالخارج وهيا حتى تخرجي هو يريد التحدث معكِ؛ لأن أحدهم قام بالتقاط الصور لكم وهو لا يريد لكِ أن تفهميه بشكل خاطئ ولا تظني أنه هو الذي فعلها.
علمت هدى أن مازن يحاو أن يخرجها من هذا الأمر، تعجبت كثيرًا وهي تتساءل كيف أتت له مثل هذه الفكرة يا ترى؟!
بالفعل انتهت من تبديل ثيابها وهمت بالخروج لتجده يجلس على الكرسي وبين يده باقة من الورود، ابتسم فور رؤيتها ووقف ليقترب منها:
-كيف حالكِ يا هدى؟ لا أعلم إن كنتِ شاهدتِ بعض الصو لنا أم أنها ارسلت لي أنا فقط، على كل حال أنا أعتذر عن هذا الأمر وعن هذا التصرف السخيف من أحد زملائنا.
لا تعلم هدى بماذا عليها أن تجيبه، شعرت بالكثير من التوترولكنه تابع حديثه قائلًا:
-لقد أتيت اليوم من أجلكِ، أتيت من أجل طلبكِ للزواج بشكل رسمي يا هدى.
ابتسمت عايدة وهي تشعر بالحيرة من أفعال هذا الشاب، نظر مازن لها وكأنه ينتظر رأيها ومن ثم تحدث:
-ما رأيكِ يا مدام عايدة لم تقولي لي هل أنتِ موافقة؟
ابتلعت عايدة ما بحلقها وهي تشعر بالكثير من التردد رغم راحتها:
-في الحقيقة لا يوجد لدي مانع، لكن لا يمكنني أن أعطيك الرد وزوجي غير موجود، علينا أن نستشير والدها أولًا.
أومأ مازن وهو يقف أمامها:
-بالطبع أنا أتفهم هذا الشيء، سوف أنتظر عودة والدها من السفر حتى أتي إلى هنا برفقة عائلتي ونقوم بتحديد الخطبة إن وافق عمي سليم بي.
ابتسمت عايدة وهي تومأ له، شعرت بالراحة وعلمت أن سليم سوف يختار الجيد لها، لقد كانت تتمنى أن يكون سليم هنا ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن وقد صمم على الرحيل، تحدث مازن في هذا الوقت لتنتبه له:
-سوف أذهب الآن وأتمنى أن تخبرني هدى ما إن يعود عمي من رحلته.
------
الساعة الآن السابعة مساءً، وقف موسى وهو على وشك الخروج ليوقفه صوت والده:
-انتظر يا موسى إلى أين أنت ذاهب؟
شعر موسى بالتردد ولكنه اخبره ببساطة:
-أريد السير قليلًا، فكرت في الذهاب تجاه الشلال، أنا أشعر بالراحة هناك.
اقترب سليم وهو على وشك الخروج من الكوخ:
-حسنًا اتبعني؛ فأنا أريد الذهاب معك.
أومأ موسى له ولم يحب هذا الأمر، تمنى أن تكون مارجريت في الكوخ الخاص بها؛ فهو لا يريد لوالده أن يراها عندما يذهب معه إلى الشلال، بالفعل ذهب وكانت تجلس هناك، شعر أنها في انتظاره ورأى والده ينظر له ليساله:
-ما الأمر يا أبي لماذا تنظر لي بتلك الطريقة لا أفهم؟!
حرك والده رأسه بنفي وهو يتحدث بثبات:
-لا شيء، كنت أتساءل إن قومت أنت بدعوتها أو شيء كهذا.
حرك موسى رأسه بنفي وهو يخبره بصدق:
-لا أنا لم أتفق معها على المجيء هنا لا تقلق.
نظر سليم له بحيرة ولكن في هذا الوقت رأتهم مارجريت لتقترب منهم وعلى وجهها تعلو الإبتسامة:
-لم أكن أعلم أنك سوف تأتي إلى هنا يا موسى برفقة والدك، أريد أن أسألك هل أنت معتتد على السير مع والدك في الليل؟!
نظر سليم لها بوجه جامد وهو يتحدث بهدوء:
-لو كنا نعلم أنكِ هنا لم أكن لأتي أنا وابني.
نظرت له بتعجب وكذلك فعل موسى وهو يمسك بزراع والده ليصحح الأمر:
-أقصد بحديثي أنني لا أريد أن أتسبب في ازعاجكِ يا ملكة هذه الجزيرة.
كانت مارجريت تعلم أن والده لا يحبها، لكن هذا كان يثير التحدي في نفسها وهي تفكر كيف ستنتشله من الجميع دون أن يشعر أحد.
ربما لا تؤمن بكيد النساء، لكن للنساء كيد لا يقهر، إنها الحقيقة، عزمت مارجريت على تزييف كل شيء لتجعل من موسى عشقها وطوق نجاتها.
تحدث موسى وهو يريد أن يبعد والده عن مارجريت؛ فهو يخشى أن يتسبب والده في مضاقتها لكنه تفاجأ كثيرًا عندما اقتربت لتقف في مواجهة سليم:
-أريد أن أسألك عن شيء غاية في الأهمية وأنت والد هذا الشاب ما هو شعورك يا ترى؟!
تعجب سليم وكذلك موسى من سؤالها المفاجئ والغير مفهوم بالنسبة إليهم، تحدث سليم وهو يراها لم تكمل حديثها:
-ما الذي تقصديه لا أفهم؟!
نظرت مارجريت إلى موسى وتمنت لو لم يكن موجود مع والده لتستطيع أن تتحدث مع سليم على راحتها:
-مجرد سؤال عادي، لا مشكلة أنا سوف أذهب وأنت يا موسى أستمتع مع والدك.
ذهبت وموسى أغمض عينيه بضيق عندما أستمع إلى صوت والده:
-تلك الفتاة في كل يوم يزداد بغضي لها، أنا لا أعلم كيف تكون بكل هذا الغموض، أنت تشعر بما أشعر به أليس كذلك؟ أنت لا ترتاح لها.
نظر موسى إلى والده وهو يتحدث بهدوء ويتمنى من والده أن لا يصعب الأمور:
-أنا لم أجد منها ما يجعلني أبغض التعامل معها يا أبي أنا فقط أشعر بالحيرة لأنك لا تحبها وتبغضها بتلك الطريقة.
ابتسم سليم ساخرًا وهو يحرك رأسه بعدم استيعاب:
-ألا تلاحظ كم هي شخص خبيث لا يمكننا أن نثق به؟ أنا أتساءل كيف لك أن تميل لها بهذا القدر يا موسى، اخبرني ما الذي تفكر به أنت يا ترى؟!
حرك موسى رأسه بنفي وهو يجيبه بهدوء:
-أنا لا أفكر في شيء، فقط أتناقش معك ليس إلا.
نظر سليم له بشك ولكنه أومأ له قائلًا:
-حسنًا يا موسى من الجيد أن موعد رحيلنا قد اقترب، على كل حال انا مللت من الجلوس هنا بسبب سكان هذه الجزيرة.
نظر موسى إلى والده بانتباه وهو يسأله بحيرة:
-لماذا لا تدخل الحكومة إلى هنا؟ لماذا هذه الجزيرة لديها قائدها الخاص والمجهول في ذات الوقت يا أبي؟!
حرك سليم رأسه بحيرة وهو ينظر إلى ابنه:
-في الحقيقة لا أحد يعرف إلى أي دولة تنتمي هذه الجزيرة ولم يهتم أحد لها، هي مصدر أساسي لثمار التفاح كما تعلم وهذا كل مافي الأمر.
-كالعادة لم يجد موسى الإجابة الذي ينتظرها، لا يعلم ما الذي يجب أن يفعله ولكنه مازال مُصر على رأيه سوف يجد الحل الأمثل لإنقاذ كل شخص على هذه الجزيرة وبالأخص جميع الفتيات هنا.
-----
أتى اليوم التالي واستعدت هدى للذهاب إلى الجامعة، وقفت حبيبة أمامها وهي تحرك رأسها بنفي:
-لن تذهبي إلى أي مكان قبل أن تقولي لي من أين تعرفتي على هذا الوسيم.
ضحكت هدى وهي تعلم أن شقيقتها تقصد مازنن ابتسمت الأخرى وهي تغمز لها:
-يبدو أنني لم أخطأ وأنتِ حقًا معجبة به كثيرًا يا فتاة.
حركت هدى رأسها بغيظ وهي تنظر إلى وجهها:
-لن أتحدث معكِ الآن يا حبيبة؛ فأنا لا يوجد لدي ما يكفي من الوقت للتحدث في تلك الأمور التافهة.
هبطت من بعدها لتعض حبيبة شفتها السفلى بغيظ:
-أمور تافهة؟ حسنًا يا هدى أنا لن أترككي عندما تعودي وسوف نتحدث في كل شيء رغمًا عنكِ.
كانت هدى تسير في هذا الوقت وكل ما يشغل عقلها هو مازن، لا تعلم ما الذي يجب أن تقوله إلى شقيقتها وتتساءل هل من الممكن أن ينال إعجاب والدها وأخيها يا ترى؟!
كادت سيارة أن تصدمها لتتوقف شاهقة بخوف وتستمع إلى ضحكاته:
-لا تخافي يا فتاة إن كنتِ غير منتبهة فأنا منتبه جيدًا، في الحقيقة يا هدى لم أعد أريد أن أترككي في هذا الطريق بمفردكِ؛ فأنتِ تسيرين دون أن تنتبهي دائمًا.
حركت هدى رأسها بنفي وهي تطالعه بغيظ:
-هذا ليس صحيح يا رجل أنا أنتبه جيدًا لكن في الحقيقة أنت تقود بسرعة ولا تنتبه أبدًا.
ضحك مازن وهو يشير لها بالاقتراب:
-حسنًا اصعدي الآن ويمكننا أن نتحدث في هذا الأمر على راحتنا.
حركت هدى رأسها بنفي وقد شعرت بالكثير من الخجل:
-لا يا مازن أذهب أنت وفيما بعد نتحدث، أراك في الجامعة.
حرك مازن رأسه بنفي وهو يهبط بعيدًا عن سيارته ويقترب منها على عجلة من أمره:
-لا لا نحن لن نذهب إلى الجامعة اليوم يا هدى هناك مشوار مهم علينا أن نقضيه معًا ومن بعدها سوف نذهب إلى الجامعة ونحاول أن نعوض الباقي من محاضراتنا.
تعجبت هدى وهي تنظر له:
-إلى أين سوف نذهب لا أفهم؟
ابتسم مازن وهو يشعر أنه على بعد خطوة واحدة من تحقيق مراده:
-سوف نتقابل مع والدي يا هدى، لقد اخبرتهم بكل شيء، رحبوا بهذه الفكرة كثيرًا، اخبرتهم أننا احببنا بعضنا البعض في فترة قياسية وأنني عازم على الزواج بكِ.
اتسعت هدى عينيها وقد اصابها الخجل، لا تعلم ما الذي تقوله وهي لم تشك في لعبته أبدًا:
-هذا الأمر يوترني يا مازن، أنا لست مستعدة لمقابلتهم ولا أعلم كيف يمكنني التعامل صدقني، أنا لم أمر بكل تلك الأمور من قبل.
حرك مازن رأسه بنفي وهو يقترب ليمسك بيدها في رفق:
-لا يوجد داعي للتوتر يا هدى، أنا معكِ كما أنني عزمت على البقاء بجواركِ مهما كلفني الأمر، أظن أنكِ تعرفين هذا جيدًا.
ابعدت وجهها عنه وهي تشعر بالكثير من الخجل:
-معك حق يا مازن، في الحقيقة أنا لم أثق في أي شخص طوال حياتي كما وثقت بك أنت.
أومأ مازن لها وهو يجعلها تصعد داخل السيارة، مازالت الإبتسامة تزين ثغره وهي التي لم تنتبه على شيء من هذا، كانت تشعر بالراحة وهي تتذكر المرات التي ساعدها بها مازن، لم يخيب ظنها ولو لمرة واحدة وكان هذا السبب كافي لها لتثق به، وصلوا أمام أحد العمائر وتوقف بالسيارة لتنظر له بحيرة:
-هل منزلك هنا؟ لقد ظننت أننا سوف نلتقي بعائلتك في مكان عام وليس في الشقة، هل تفهم ما أعنيه؟!
نظر مازن لها وهو يشعر بترددها حاول أن يتعامل بذكاء ولا يجعلها تشعر بالخوف:
-أنا لم أقل أننا سوف نتقابل معهم في مكان آخر يا هدى، لم أكذب عليكِ في هذا الأمر أبدًا، من المستحيل أن أغصبكي على شيء، رغم أن أنسحابنا الآن سوف يجعلهم يسيئوا فهمي ويظنوا أنني أتلاعب بالحديث معهم ليس إلا!
ابتلعت هدى ما بحلقها وهي تنظر تجاه العمارة، كان مازن يلاحظ ردود أفعالها، حاول الهدوء وقام بتشغيل السيارة من جديد:
-على راحتكِ يا هدى لن نراهم وفي المرة القادمة حاولي أن تكوني واضحة، عائلتي حازمة ومثل هذا الأمر ليس جيد.
امسكت بيده ما إن بدأ بالقيادة من جديد ليتوقف:
-انتظر يا مازن، سوف أهبط معك، لكن إذا سمحت لا تجعلنا نتأخر.
ابتسم مازن وهو يبتسم لها:
-بالطبع يا هدى لن نتأخر.
لم تلاحظ إبتسامته الخبيثة أو نظرات عينيه، لم ترى الشيء الذي يقودها إليه، حتى أنها لم تدرك أنها بداية لحياة أخرى تجهلها وتجهل شقائها.