الفصلالسادس

الفصل السادس...


لا أعلم أين السبيل لقلبك ولكننى سأجده يوماً ما.


صباح يوم جديد...

منذ ان سطعت الشمس على جميع أنحاء المملكة وكيت يمتطى فرسه ويتجول بداخل الغابة، رفض أصطحاب احد معه وذهب بمفرده لكى يختلى بنفسه قليلا، ولكن كيف سيفعل ذلك فى اول مكان جمعهم سوياً، وكأنه يلقى قلبه بداخل نيران الذكريات ويعذب ذاته بحبها وأشتياقه لها.

ظل يركض بفرسه صاحب اللون الاسود، ولكنه توقف فجأة حين ظهر أمامه حصان أبيض اللون ولكن من يراه يعلم أنه ليس بحقيقى، فكان يمتلك شعر رأس طويل للغاية كاد ان يلامس العشب أسفله، وينتهى اطرافه بخصل ذهبية اللون لامعة، وكان لون الفرس يحتوي على بريق يضوى بأعين من يراه.

لديه عينان كحليتان وكأنهما رسما للتو، صهل الفرس ورفع قدميه الأماميتان واخفضهما مسرعاً، حقاً كان يسر عين من يراه، هبط كيت من أعلى الفرس خاصته وتقدم نحو ذلك الفرس العجيب، وما كاد أن يلمسه حتى ضوى بالمكان ضوء أبيض جعل كيت يضع يده على عنينه من شدة قوته، وحين فتح عيناه بعد مرور عدة دقائق صعق مما وجد أمامه.




..


على نحو أخر، حيث تتواجد سندريلا، مازالت تغك فى ثباتها العميق، وذلك الأمر ليس من عادتها، فهى معتادة أن تستيقظ مع ظهور خيوط الشمس الأولى، ولكنها ظلت طيلة الليل تفكر فيما حدث معها، لتغفو عن ميعاد أستيقاظها.

شعرت بشئ ما يبلل وجهها، لتفتح عينيها ببطء وما ان لمحت ما ينظر لها حتى فتحتهم على مصرعيهما تزامناً مع صرختها الفزعة، بسبب جلوس ذلك الجنى أمام وجهها وقد تمثل فى هيئة ماعز وظل يلعق وجهها حتى أستيقظت أخيراً.

ظل يقهقه على تعابير وجهها وقال:

_ يا إللهى، كم انتى مضحكة يا فتاه.


نظرت له سندريلا وقالت بغضب عميق:

_ أقسم إنك مخلوق من...

صمتت حين لن تسعفها الكلمات لكى تسبه بها، فهو حقا يثير غضبها للغاية، نظر لها مبتسماً بتسلية فهو يعلم انها ساخطة عليه كثيرا، ولم تستطع أن تعبر عن ذلك الأمر.



طار فى الهواء ووقف أمامها قائلا:

_ هل لى ان أعلم لما أنتى غاضبة الأن؟

نظرت له بغضب وشاحت وجهها إلى الجهة الأخرى دون أن تجيب عليه، ليتقدم ويقف امامها مرة اخرى وقال:

_ لا تتجاهلينى يا عروس نوفمبر، فقلبي لا يتحمل غضبك هذا.

رفعت وجهها له بأندهاش وقالت:

_ كيف علمت أننى من مواليد نوفمبر!

هنا وقف وأستعرض عضلاته قائلا:

_هل تستخفين بقدراتى يا بندقة.

قلبت عينيها بملل وقالت:

_ يا إلهى إننى أحتاج معجم لأضع به تلك الأسماء التى تلقبنى بها.

أبتسم لها وقال:

_هل لى بنزهة معك؟

نظرت للخارج وقالت:

_ الأن! إن الوقت مازال باكراً للغاية.

تقدم بها حيث الباب وقال:

_ وهل هذا يمنع؟

وقفت وقالت له بتمهل:

_ أنتظر، إن ملابسي لا تصلح للخروج، سأبدلها وأعود.

أطلف غباره ليلفها بأكملها وقال:

_ ليس هناك داعى، فقد أتممت الأمر.

حين أختفى الغبار من الغرفة وجددت ذاتها ترتدى فستان زهرى بسيط التصميم ولكنه حقا رائع للغاية، أبتسمت له وقالت:

_ هيا بنا، الان أنا جاهزة للتنزه برفقتك.


....


أما فى ذلك المنزل، حيث يتواجد دايموند وتريمين سويا، أستيقظت تريمين باكراً، وهرولت خارج المنزل قاصدة إحداى العرافات التى أشتهرت بأتقانها فى صنع الخدع ومعرفة المستقبل.



تقدمت تريمين بداخل ذلك الكهف الذى كان ينير جانبيه تلك الشعلات النارية، شعرت لوهلة ببعض الخوف ولكنها تظاهرت بالشجاعة الزائفة حتى تصل لمرادها.

وجدت تلك الساحرة تجلس فى إحداى الغرف، كانت تنظر لها مباشرة وتبتسم وقالت:

_ كنت أعلم أن قدماكِ ستأتى إلى، ماذا تريدين أيتها الخائنه؟

نظرت لها تريمين بصدمة وقالت:

_ ماذا! أنا لستُ بخائنة، أنا من خاننى من أحب، وطمع فى مالى.

أبتسمت الساحرة بسخرية وقالت بحنق:

_ حقا، بل انتى الخائنة، وهذا المال ليس مالك، بل هى ثروة سندريلا، ولا تعتقدين أن فعلتك ستمرء هكذا، بل سيأتى يوم يعرف به كل كبير وصغير فى البلدة بما فعلتى.

ودت تريمن حقا ان تخنق تلك الساحرة حتى تقضى على اخر نفس بها، ولكنها قد أتت من أجل شئ معين وستفعل اى شئ لتحصل على مرادها.

جلست تريمين وألقت كيس من العملات الذهبية، وكانت حينها هى تلك العملة الرائجة بين عامة الشعب وقالت:

_ أريد ان أرى مستقبلى، ولا اريد أن أستمع لحديثك.


نظرت الساحرة للكيس ثم وجهت نظرها لتريمين قائلة:

_ كما تريدين.

نهت حديثها وظهر من خلال الحائط المقابل لتريمين لوح ظهر عليه شئ ما كفديو قصير وكان كالتالى.

تريمين ملقاه بأقصى تلك الغرفة والغريب فى الامر أنها لا تعرف أين تتواجد تلك الغرفة، كانت الدماء تسيل من بطهنا بغزارة وكأنها طعنت لتوها بالسيف وتنظر لأحد أمامها بفزع وأغلق الحائط بعد ذلك.

صرخت تريمين واقفة وهى تقول:

_لا لا لا، هذا هراء، لن أقتل، من يجرؤ على فعلها، ثم انا لا اعلم أين يوجد ذلك المكان، لا لن أقتل، أنت تعبثين بعقلى أليس كذلك؟

أراحت الساحرة ظهرها للخلف لتتوسد ظهر المقعد خلفها وقالت بجدية:

_ لا يمكننى العبث بحائط المستقبل، وإن لم تصدقى ما رأيتى، استطيع أن أريكى من هو القاتل.

شعرت تريمن حقا بالذعر، فمن هذا الذى يريد أن يتخلص منها، لتومئ للساحرة دون حديث، لينفتح الحائط مرة أخرى وظهر الملك كيت وهو يحتضن سندريلا وبيده سيفه الملكى والدماء تتساقط منه.

أغلق الحائط لتنهض تريمين دون حديث وفرت هاربة وهى تتمتم بأسم سندريلا بخوف، فكيف عادت من
الموت، هذا الامر مستحيل، فمن يرحل لا يعود أبدا.



....


أما عند كيت فى الغابة، ظل يتجول بحصانه وعقله شارداً بمن أخذت لب قلبه، وتركت عقله ساهراً بهواها، أستمع لصوت ضحكات أنثوية، لا يعلم مصدرها، ظل يتجول اكثر من نصف ساعة، حتى وجد اخيرا صاحبة الصوت، لم يكن فى حسبانه ان يراها مجدداً، ولكن القدر قد عكس توقعاته تماماً.

تقدم كيت منها وقد بدأت فى الغناء عن البرية، ولكنها صمتت حين رأته، نهضت من على العشب ونظرت لها بأشتياق، فهى حقا قد أشتاقت له.

هنا تدخل الجنى الخاص بها والذى لن يره احد سواها، ونثر بعض الرمال اللامعة فى الهواء، لتأثر على عناد عقلها وتستمع اخيراً لحديث قلبها.

نظر لها كيت بلوعة قائلا:

_ أشتقت لكِ سنديلا.

هنا تحدث قلبها رغما عنها وقالت:

_ وأنا أيضا قد أشتقت لك كثيرا كيت.


لم يصدق ما تفوهت به، حقا اشتاقت له، تقدم منها وأمسك يدها بحنو وقال:

_ هل ما استمعت له صحيح، حقا أشتقتى لى، أنا لا أعلم بما اتفوه، ولكن حقا أنا سعيد للغاية، سندريلا أنا احبك كثيرا، ولا اريد سواكِ بتلك الحياة.

أخفضت بصرها وتحدثت بخجل قائلة:

_ هل يمكننا ان نكون اصدقاء حقاً لبعض الوقت، اريد فقط أن اعتاد على وجودك فى حياتى، لا اريد منك شئ اخر، هل يمكن لجلالتك ان توافق على مطلبي الصغير.



نظر لها كيت مبتسما وقال:

_ بالطبع أوافق سنديلا، يمكنك فعل ما تشائين دون أن تطلبى منى ذلك.



يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي