الفصل٢
(المنزل هارلي).
تجلس «هارلي» تتحدث إلى «سام» عبر الهاتف، والذي يقول:
-أنتي لازم لو هتبيعيه تبيعيه برا المدينة أو برا البلد علشان أكيد اتبلغ عن فقدانه.
اجابته «هارلي»، قائلة:
-شوف حد من معارفك اللي بيشتغلوا في الدهب ويمكن يساعدونا يعني أنا مش هينفع أعمل زي مبتقول واسافر، ده غير إني معرفش حد يساعدني في الحوار ده، وأنت عارف ناس يعني ياكلو مال اليتيم فاصرفني يا «سام» وحياة أبوك.
أغمض «سام» عيناه في ضيق لإصرارها على الأمر، قائل:
-عارف ناس أه، بس مليش تعامل معاهم وأنتِ عارفة كده.
اجابته «هارلي» قائلة:
-خلاص وصلني ليهم وأنا هتصرف معاهم.
اجابها «سام» قائل:
-خلاص هبعتلك رقم واحد منهم وده اللي هيجيب الخلاصة معاكِ، وبردو هكلمه أمهد للموضوع.
اجابته «هارلي» متبسمة:
-تسلم يا حُب.
في هذا الوقت استمعت لصوت طرقات فوق باب المنزل، هذا مادفعها لإغلاق الخط في قلق؛ فهي لا يزورها أحد!
اقتربت من الباب لتتطلع عبر عدسة الرؤية، لتتبدل نظراتها للدهشة ما إن رأت «مارف» يقف أمام باب المنزل.
ابتعدت عن الباب واضعة يدها فوق فمها؛ مندهشة لقدومه، فكيف علم طريق منزلها، ولما أتى بالأساس؟
استمر طرق الباب وقت حتى رحل حين لم تفتح له، وهذا مادفعها للتسائل، فلما سيأتي لها إلا إذا كان علم شيء بشأن اخذها للسلاح!
في الليل.
بدلت «هارلي» ملابسها ذاهبة إلى العمل.
كان «أدم» يجلس هناك كذلك، يترقب الأجواء، خاصة «مارف» وتابعيه، والذي أتى لرؤية «هارلي».
تطلعت إلى «ساينوس» الذي يجلس رفقة بعض الزبائن يتمتع بوقته رفقة حديثه معهم.
استمعت لصوت مناداة «مارف» الذي يقول:
-«هارلي».
اغمضت عيناها في ضيق من ملاحقته لها، لتلتفت أخذة حاملة المشروبات ذاهبة لإحدى الزبائن متجاهلاه.
رفع «مارف» حاجبيه في سخرية من تجاهلها له، لينهض قائل بصوت مرتفع:
-أنا مش جاي هنا علشان اتهان واتعامل المعاملة دي.
تطلعت «هارلي» له والغضب يجتاح مابداخلها، نهض «ساينوس» هو الأخر في تسائل أسفل تطلع الجميع:
-في أيه؟!
أكمل «مارف» بذات غضبه، قائل:
-«هارلي» بتشتغل هنا علشان تشوف طلباتنا، ولو هي بتتجاهل التعامل معانا؟!
طالعها «ساينوس» والتي ابعدت نظراتها عنه مكملة أخذ طلبات الزبائن، هذا مادفعه للتحدث بغضب، قائل:
-أنتِ مرفودة، ويلا برا.
طالعته «هارلي» من جديد بنظرات غاضبة، بل كانت تفيض غضبًا أكثر.
عقد «مارف» حاجبيه، فهو لم يود هذا بالأساس!
تركت «هارلي» مابيدها من كئوس فارغة والحاملة ليتحولوا إلى فتات عند ارتطامهم بالأرض.
نزعت واقية المشروبات التي كانت ترتديها، لتقول في غضب كابح:
-حلال عليك، والله ده يوم سعدي شغالة عند شوية مجانين، خلي الزباين بتوعك ينفعوك.
تركته ورحلت ومازال الجميع يتطلع لهم متوقفين عن ماكانوا يفعلوا.
طالعهم «ساينوس» قائل:
-بنعتذر على اللي حصل من شوية، كلو يكمل استمتعوا بوقتكوا.
تطلع إلى «دينا» حتى تكمل الغناء الذي اوقفته.
ذهب «مارف» خلف «هارلي» أسفل نظرات «أدم» الذي نهض هو الأخر تابعهم.
برغم غناء «دينا»، إلا أنها كانت ترى مايحدث حول ذهابهم، وتتبعهم بعيناها.
كانت تسير «هارلي» تثب بهم، وب«ساينوس» خاصة.
طالعت من قام بسحبها، قائل:
-كفايه هروب يا «هارلي»، أنتِ عارفة كويس أنا عايز أيه، فخليها بالذوق ورجعيلي السلاح.
دفعت «هارلي» يده عنها، لتقول:
-أنا معرفش أنت بتتكلم عن أيه، ومش عايزة أعرف، فالو مابعدتش عني صدقني هتزعل.
ذهبت وتركته أسفل نظرات «أدم»، ليلحق بها من جديد قادم على الإمساك بزراعها، لتبتعد رافعة مطوتها أمام وجهه، محذرة:
-أنا قولت أيه؟
توقف «مارف» الذي تثبتت اقدامه بالأرض دون حركة أخرى، عادت في الرحيل وتلك المرة لم يقوى على اللحاق بها.
يطالعهم «أدم» الذي استمع لما يقولوا، والذي يتخفى خلف حائط عريض بعيد قليلًا عنهم.
أمسك «مارف» هاتفه ليتصل ب«فيكتور» متحدث في غضب منه:
-اتكلمت معاها بس مفيش فايده، أحنا لازم نلاقي طريقة تانيه نرجع بيها السلاح.
ذهب أثناء حديثه، والذي جعل «أدم» يتأكد من وجود السلاح رفقة «هارلي».
حين عودته إلى منزله، والذي قابل «راسل» به، روى كل ماحدث رفقتهم، قائل:
-وده اللي خلاني اتأكد إن السلاح مش معاه، هو معاها هي أزاي ومين هي وليه معرفش.
عقد «راسل» حاجبيه ليقول في ضيق منه:
-وليه ومراقبتهاش علشان نعرف هي ساكنة فين؟
أومأ «أدم» قائل:
-وهي دي حاجة تفوتني؟ طبعًا راقبتها، وعرفت بيتها فين، بس هما رفدوها من هناك الواضح أنها كانت بتشتغل في الملهى، يعني هنحتاج نبعت مراقبة على بيتها علشان نعرف تحركاتها.
أومأ «راسل» قائل:
-هتصرف، اديني عنوان بيتها ورقمه، في حاجة في دماغك؟
يطالعه «أدم» شارد الذهن بعض الشيء، ليقول:
-مش أوي، بس بدل مافيها بنت فالحوار أسهل.
تنهد «راسل» قائل:
-بتمنى.
في اليوم التالي.
خرج «راسل» إلى الشرفة يتطلع من حوله وهو يتحدث إلى «مونتايا» بالهاتف، قائل:
-طيب أنا خلصت لبس وجاي، هتصل وهقولك اللي حصل بس أوصل هناك؛ لأن «هارلي» كانت متعودة تشتغل بليل وأكيد ده هيخليها تخرج متأخر، وأكيد لو كانت خرجت كانوا اتصلوا بيا.
رأى من تسكن بالمنزل امامه، والذي يراها دائمًا داخل غرفتها!
توقفت نظراته بل كامل حواسه حين رأها تجلس فوق السرير ضامة قدميها، تنسدل خصلاتها البنية الطويلة فوق اكتافها وصولًا إلى ظهرها، هذا مادفعه للوقوف بعض الوقت حيث هو متأمل هذا الملاك من امامه، فكم يتمنى رؤيتها عن قرب، ليس فقط من شرفة غرفته ككل مرة!
طرق أحد باب غرفتها ليمر إلى الداخل أسفل نظرات «راسل».
طالعته «روز» بملامح ثابتة بل ظهر عليها بعض الخوف، ليتحدث قائل:
-يلا علشان ناكل.
حركت «روز» رأسها نافية، لتقول:
-مليش نفس.
اقترب «يونس» صاحب الهيئة الطويلة والخصلات السوداء كحال لحيته الخافتة، ليطالعها بلطف يزيد من خوفها، مصوب حدقتاه البنيتان صوب عيناها، قائل:
-مش هاكل من غيرك، مستنيكِ.
حول نظراته صوب الشرفة التي يحب رؤيتها دائمًا مغلقة، هذا مادفعه ليعقد حاجبيه في تسائل وضيق، قائل:
-أنتِ فاتحة البلاكونة دي ليه؟!
طالعت «روز» الشرفة، لتعيد مطالعته بجسد مرتجف، قدمت على تبرير فعلتها، ولكن حديثه قاطعها حين قائل:
-تتقفل ويلا علشان تاكلي.
خرج من الغرفة تاركها تلتقط بعض من انفاسها التي حُبست لوجوده.
اغمضت عيناها متنهدة بعمق، ناهضة لتذهب حتى تغلق الشرفة أسفل نظرات «راسل» التي تتصوب اتجاهها وقد رأى قدوم «يونس» الذي لا يعلم من يكون بالنسبة لها.
ما إن قدمت على اغلاق الشرفة، قاطعها صوت «رأسل» المتبسم ليقول:
-صباح الخير.
رفعت «روز» عيناها لتتطلع امامها حتى وقعت عيناها عليه، تبدلت ملامحها، بل تملك جسدها الرجفة خوفًا من مالا يبوح به القلب.
أكمل «راسل» عقب نظراتها داخل الغرفة؛ كأنها تتأكد من وجود أحد معها أم لا:
-أنا جارك في العمارة دي، إسمي الظابط «راسل»، كنت عايز اتعرف عليكِ من وقت بس، حسيت أن ده الوقت المناسب.
طالعته «روز» التي سرعان ما اغلقت نوافذ الشرفة، لا يدري لما هذا التصرف الذي ادهشه، ولكنه بالفعل كان غريب بالنسبة له؛ فهو يتحدث إليها من المفترض أن تتسائل عن مايريد أو شيء من هذا القبيل، لما تصرفت بتلك الطريقة إذن؟!
ظل حيث هو عاقد حاجبيه بخفوت لفعلتها التي اثارت بنفسه الضيق والتسائل، وما توصل له، هو بُغتها في التعرف عليه، فلا مبرر أخر لما فعلت سوى أنها لا تود محادثته.
قام بالعودة إلى الداخل وقد تعكر مزاجه من ماحدث، ولكن بذات الوقت لقد فاز بشيء جديد، نعم إنها نظرة تذيب قلبه، وهاهو قد حظى بها عقب وقت طويل يتمنى الحصول عليها!
فكل شيء يأتي حين يشاء القدر لحدوث هذا.
(بمنزل هارلي).
خرجت من المنزل أسفل انظار الضباط الذين يهتموا بمراقبتها.
هذا مادفعهم للإتصال واخبار «أدم» بالأمر.
استمرت في السير ذاهبة إلى إحدى الكافيهات.
ما إن قامت بالدخول ذهبت لتجلس فوق إحدى الطاولات لمقابلة «سام».
كل هذا كان أسفل انظار «أدم» الذي قام بالدخول إلى الكافيه جالس بإحدى الطاولات القريبة منهم، ولكن ظهره كان بإتجاههم، يستمع لما يقولوا.
قام بطلب القهوة مستمع لحديثهم الذي كان نحو طردها من العمل، وبحثها عن أخر جديد.
تحدث «سام» مطمئنها، حين قال:
-هلاقيلك شغل في مطعم أو كافيه، مش عايزك تقلقي من حاجه يا «هارلي» أنا جانبك.
تبسمت «هارلي» بخفوت وضيق من مافعل «ساينوس» لتقول:
-بيني وبينك على قد منا متضايقة من اللي عمله، إلا إني ارتحت من وشه، كان بيعاملني زي العبيدة.
اجابها «سام» مازح:
-لا وأنتِ هتسكتيله لو عمل كده؟ أشك.
ضحكت «هارلي» لحديث صديقها الذي يظهر معرفته الجيدة بها.
أكمل «سام» قائل ببسمة تهون الكثير عليها:
-يلا اشربي قهوتك ونروح على المطعم نشوف أيه الاخبار هناك، هتصل بيه دلوقت اسائلة بخصوص شغلك، عارف أنه مش هيرفضلي طلب، بس بردو تلاقيح جتت بقى.
تبسمت «هارلي» مقبلة وجنته، لتقول:
-أنت أحسن صديق.
تبسم «سام» متنحنح في خجل، ليقول:
-أححم، «هارلي» قولتلك ميت مرة متتصرفيش كده، بتضايق.
ضحكت «هارلي»التي قالت في مشاغبة منها:
-ولا بتتكسف يا بطة؟
أبعد «سام»نظراته عنها في سخرية برغم ضحكاته:
-والله متستاهلي اللي بعمله علشانك.
ركلت «هارلي» قدمه بقدمها مازحة لما قال عنها.
ما إن انتهوا من احتساء قهوتهم، ذهبوا إلى إحدى المطاعم، التي وافق صاحبها على عمل «هارلي» به، أسفل مراقبة «أدم» لهم، فما إن رحل «سام» عنها، فكر «أدم» بخطة للقائه الأول بها، والتي ستفيده بأمر مهمته.
(بقسم الشرطة).
ذهبت «فيونا» إلى مكتب «راسل»، والتي طرقته لتدخل عقب استماعها لموافقته.
كان «راسل» يتحدث إلى إحدى الضبات والمكلفين بمراقبة منزل «هارلي».
طالعها قائل ناهي الحديث الذي انتهى بالفعل:
-ماشي تمام خليكوا أنتوا هناك و«أدم» هيتصرف، لو في أي اخبار جديدة بلغوني.
أغلق الخط ليعيد مطالعته ل«فيونا»، قائل:
-أيه الأخبار؟
تبسمت «فيونا» قائلة:
-عندك وقت؟
طالعها «راسل» في ترقب، قائل:
-أمم يعني، هسمعك أكيد.
تبسمت «فيونا» من جديد لتتحدث قائلة:
-عيد ميلادي النهارده، وكنت عيزاك تيجي، يعني وبردو «أدم» وسيدة «مونتايا» كمان.
طالعها «راسل» يفكر بما قالت، ليقول:
-أكيد لو قدرت هاجي، هحاول وعد.
تبسمت «فيونا»، لتقول بلطف لا يليق بعملها:
-هستناك.
تبسم «راسل» بهدوء مطالع ذهابها شارد الذهن؛ فطريقتها ولطفها الزائد يجعله يفكر بأمور يخشى حدوثها.
سرعان ما أبعد الأمر عن عقله ليعيد التفكير بعمله والذي يهمه بالحياة بأكملها عقب جارته الفاتنة التي كلما رأها يهتز قلبه دون توقف!
(بمطعم عمل هارلي).
ذهبت «هارلي» إلى طاولة جلوس «أدم»، قائلة:
-تطلب أيه؟
طالعها «أدم» يتفحصها، ليقول في ترقب منه:
-اا عايز معكرونة بالجبنة.
قامت بكتابة طلبه لتذهب عقب كتابتها له، أسفل نظراته المتفحصة، فهيئتها وملابسها تبدو عجيبة بالنسبة له، أي فتاة تسوء من مظهرها برغم جمالها الظاهر، ولكن تلوينها لخصلاتها وملابسها الملونة بطريقة مبالغ بها، وأحمر شفاهها الصريح، كل شيء كان عجيب!
انتظر حتى احضرت له المعكرونه، باديئ في تناولها حتى انتهى، لينهض معطيها حسابها، قائل:
-الباقي علشانك.
رفعت «هارلي» حاجبيها ساخرة، لتقول:
-وهو أنا مستنية واحد زيك يبقشش عليا؟! هجيبلك الباقي.
ذهبت لتحضر باقي نقوده، عادت لتعطيها له، لتقول:
-خد.
تبسم «أدم» ببرود ليقترب هامس لها:
-عجبتيني.
طالعته «هارلي» لم يعطي لها فرصة لتفعل شيء لأجل ذهابه، مما دفعها لتضحك ساخرة على مافعل، واضعة يدها بجيبها، لتتبدل ملامحها حين لم تجد محفظتها!
عقدت حاجبيها في تعجب، لتقلب جيوبها في دهشة منها وتسائل، قائلة:
-المحفظة!
تطلعت إلى الخارج والغضب يصل لأعلاها، لتقول أثناء خروجها ركضًا:
-يابن الحرامية.
ركضت لتبحث عنه ما إن رأته يسير، ذهبت مسرعة وقامت بسحب زراعه بعنف منها، لترفع مطوتها بوجهه، قائلة:
-هات المحفظة.
طالعها «أدم» الذي رفع حاجبيه كما فعل مع رقبته، فقد كانت تضع السكين بمنتصف رقبته.
أخرج المحفظة من جيبه معطيها لها، أثناء قوله:
-أنتِ عرفتي منين؟!
اخذتها «هارلي» مغلقة السكين، لتقول ساخرة:
-حظك زي الزفت، وقت ماتحب تسرق حد يكون أنا! أمك داعية عليك بينها.
غمز «أدم» لها ليقول في مزاح منه:
-ليه بس دي كانت دايمًا تقولي ربنا يفتحها في وشك.
ضحكت «هارلي» ساخرة، لتقول:
-تلاقي قصدها المطوة.
تعالت ضحكات «أدم» على ماقالت، لتقدم على العودة إلى المطعم، ولكن وقوفه امامها جعلها تتوقف، عقب قوله:
-أستني، أنا مش عايز منك فلوس ومش عايز حاجة، بس أنا عايزك تشوفيلي حد من معارفك، يعني يشوفلي أي شغلانة.
رفعت «هارلي» حاجبيها ساخرة من مايقول:
-أنت يابني رايح لنجار بابه مخلع؟! أنا لسه أول يوم ليا في الشغل هنا واللي لقالي الشغل ده صاحبي، روح خلي أي حد تاني يساعدك.
أكمل «أدم» في تسرع منه حتى تستمع لما يقول:
-أنا عندي موهبة ممكن أجيب منها دهب، بس محتاج حد معايا، حد ليه نظرة تانيه، يعرف أزاي يسوق ويساعدني في البيع.
عقدت «هارلي» حاجبيها بخفوت مطالعاه، لتقول في تسائل:
-موهبة أيه؟!
اجابها «أدم» قائل:
-أنا رسام ومش أي رسام أنا أقدر انقلك لوحة الموناليزا ومتلاحظيش بأي اختلاف ولا إنها مزورة حتى، بس كل الحكاية إني عايز حد معايا يقدر يوصل للناس اللوح دي، ويشاركني بفلوسه لو احتاجناها، يعني لوح والوان كل ده محتاج فلوس.
والحقيقة أنا استريحتلك وحسيتك كده جريئة يعني ممكن تصرفيني في الموضوع ده، وليكِ عليا لو نجح هأكلك الشهد معايا، بس أنتِ ساعديني.
تطالعه «هارلي» بنظرات متعجبة؛ فما يقوله لم تستمع له من قبل، بل رؤيتها له وتعرفها عليه بتلك الطريقة وحديثه نحو عمل سيصعدهم إلى الفضاء، كان أمر عجيب بالنسبة لها، فمن أي طريق قد جاء وجميع الطرقات مغلقة!
أكمل «أدم» سائل في ترقب منه:
-هاا؟ تحطي أيدك في أيدي ونبداء؟ أنا معنديش حاجة اخسرها، يعني لو مكسبناش من الحوار فمش هنخسر حاجة، أنا هشارك برسم ومجهود، وأنتِ تشاركِ بألوان وبورتريهات وبس.
طالعته «هارلي» وعقلها منشغل بما يقول، فالأمر لا يداهم خسارة كبيرة، بقدر ثمانة مكسبه، هذا مايدفعها للتفكير.
فهل ستقبل الأمر؟
تجلس «هارلي» تتحدث إلى «سام» عبر الهاتف، والذي يقول:
-أنتي لازم لو هتبيعيه تبيعيه برا المدينة أو برا البلد علشان أكيد اتبلغ عن فقدانه.
اجابته «هارلي»، قائلة:
-شوف حد من معارفك اللي بيشتغلوا في الدهب ويمكن يساعدونا يعني أنا مش هينفع أعمل زي مبتقول واسافر، ده غير إني معرفش حد يساعدني في الحوار ده، وأنت عارف ناس يعني ياكلو مال اليتيم فاصرفني يا «سام» وحياة أبوك.
أغمض «سام» عيناه في ضيق لإصرارها على الأمر، قائل:
-عارف ناس أه، بس مليش تعامل معاهم وأنتِ عارفة كده.
اجابته «هارلي» قائلة:
-خلاص وصلني ليهم وأنا هتصرف معاهم.
اجابها «سام» قائل:
-خلاص هبعتلك رقم واحد منهم وده اللي هيجيب الخلاصة معاكِ، وبردو هكلمه أمهد للموضوع.
اجابته «هارلي» متبسمة:
-تسلم يا حُب.
في هذا الوقت استمعت لصوت طرقات فوق باب المنزل، هذا مادفعها لإغلاق الخط في قلق؛ فهي لا يزورها أحد!
اقتربت من الباب لتتطلع عبر عدسة الرؤية، لتتبدل نظراتها للدهشة ما إن رأت «مارف» يقف أمام باب المنزل.
ابتعدت عن الباب واضعة يدها فوق فمها؛ مندهشة لقدومه، فكيف علم طريق منزلها، ولما أتى بالأساس؟
استمر طرق الباب وقت حتى رحل حين لم تفتح له، وهذا مادفعها للتسائل، فلما سيأتي لها إلا إذا كان علم شيء بشأن اخذها للسلاح!
في الليل.
بدلت «هارلي» ملابسها ذاهبة إلى العمل.
كان «أدم» يجلس هناك كذلك، يترقب الأجواء، خاصة «مارف» وتابعيه، والذي أتى لرؤية «هارلي».
تطلعت إلى «ساينوس» الذي يجلس رفقة بعض الزبائن يتمتع بوقته رفقة حديثه معهم.
استمعت لصوت مناداة «مارف» الذي يقول:
-«هارلي».
اغمضت عيناها في ضيق من ملاحقته لها، لتلتفت أخذة حاملة المشروبات ذاهبة لإحدى الزبائن متجاهلاه.
رفع «مارف» حاجبيه في سخرية من تجاهلها له، لينهض قائل بصوت مرتفع:
-أنا مش جاي هنا علشان اتهان واتعامل المعاملة دي.
تطلعت «هارلي» له والغضب يجتاح مابداخلها، نهض «ساينوس» هو الأخر في تسائل أسفل تطلع الجميع:
-في أيه؟!
أكمل «مارف» بذات غضبه، قائل:
-«هارلي» بتشتغل هنا علشان تشوف طلباتنا، ولو هي بتتجاهل التعامل معانا؟!
طالعها «ساينوس» والتي ابعدت نظراتها عنه مكملة أخذ طلبات الزبائن، هذا مادفعه للتحدث بغضب، قائل:
-أنتِ مرفودة، ويلا برا.
طالعته «هارلي» من جديد بنظرات غاضبة، بل كانت تفيض غضبًا أكثر.
عقد «مارف» حاجبيه، فهو لم يود هذا بالأساس!
تركت «هارلي» مابيدها من كئوس فارغة والحاملة ليتحولوا إلى فتات عند ارتطامهم بالأرض.
نزعت واقية المشروبات التي كانت ترتديها، لتقول في غضب كابح:
-حلال عليك، والله ده يوم سعدي شغالة عند شوية مجانين، خلي الزباين بتوعك ينفعوك.
تركته ورحلت ومازال الجميع يتطلع لهم متوقفين عن ماكانوا يفعلوا.
طالعهم «ساينوس» قائل:
-بنعتذر على اللي حصل من شوية، كلو يكمل استمتعوا بوقتكوا.
تطلع إلى «دينا» حتى تكمل الغناء الذي اوقفته.
ذهب «مارف» خلف «هارلي» أسفل نظرات «أدم» الذي نهض هو الأخر تابعهم.
برغم غناء «دينا»، إلا أنها كانت ترى مايحدث حول ذهابهم، وتتبعهم بعيناها.
كانت تسير «هارلي» تثب بهم، وب«ساينوس» خاصة.
طالعت من قام بسحبها، قائل:
-كفايه هروب يا «هارلي»، أنتِ عارفة كويس أنا عايز أيه، فخليها بالذوق ورجعيلي السلاح.
دفعت «هارلي» يده عنها، لتقول:
-أنا معرفش أنت بتتكلم عن أيه، ومش عايزة أعرف، فالو مابعدتش عني صدقني هتزعل.
ذهبت وتركته أسفل نظرات «أدم»، ليلحق بها من جديد قادم على الإمساك بزراعها، لتبتعد رافعة مطوتها أمام وجهه، محذرة:
-أنا قولت أيه؟
توقف «مارف» الذي تثبتت اقدامه بالأرض دون حركة أخرى، عادت في الرحيل وتلك المرة لم يقوى على اللحاق بها.
يطالعهم «أدم» الذي استمع لما يقولوا، والذي يتخفى خلف حائط عريض بعيد قليلًا عنهم.
أمسك «مارف» هاتفه ليتصل ب«فيكتور» متحدث في غضب منه:
-اتكلمت معاها بس مفيش فايده، أحنا لازم نلاقي طريقة تانيه نرجع بيها السلاح.
ذهب أثناء حديثه، والذي جعل «أدم» يتأكد من وجود السلاح رفقة «هارلي».
حين عودته إلى منزله، والذي قابل «راسل» به، روى كل ماحدث رفقتهم، قائل:
-وده اللي خلاني اتأكد إن السلاح مش معاه، هو معاها هي أزاي ومين هي وليه معرفش.
عقد «راسل» حاجبيه ليقول في ضيق منه:
-وليه ومراقبتهاش علشان نعرف هي ساكنة فين؟
أومأ «أدم» قائل:
-وهي دي حاجة تفوتني؟ طبعًا راقبتها، وعرفت بيتها فين، بس هما رفدوها من هناك الواضح أنها كانت بتشتغل في الملهى، يعني هنحتاج نبعت مراقبة على بيتها علشان نعرف تحركاتها.
أومأ «راسل» قائل:
-هتصرف، اديني عنوان بيتها ورقمه، في حاجة في دماغك؟
يطالعه «أدم» شارد الذهن بعض الشيء، ليقول:
-مش أوي، بس بدل مافيها بنت فالحوار أسهل.
تنهد «راسل» قائل:
-بتمنى.
في اليوم التالي.
خرج «راسل» إلى الشرفة يتطلع من حوله وهو يتحدث إلى «مونتايا» بالهاتف، قائل:
-طيب أنا خلصت لبس وجاي، هتصل وهقولك اللي حصل بس أوصل هناك؛ لأن «هارلي» كانت متعودة تشتغل بليل وأكيد ده هيخليها تخرج متأخر، وأكيد لو كانت خرجت كانوا اتصلوا بيا.
رأى من تسكن بالمنزل امامه، والذي يراها دائمًا داخل غرفتها!
توقفت نظراته بل كامل حواسه حين رأها تجلس فوق السرير ضامة قدميها، تنسدل خصلاتها البنية الطويلة فوق اكتافها وصولًا إلى ظهرها، هذا مادفعه للوقوف بعض الوقت حيث هو متأمل هذا الملاك من امامه، فكم يتمنى رؤيتها عن قرب، ليس فقط من شرفة غرفته ككل مرة!
طرق أحد باب غرفتها ليمر إلى الداخل أسفل نظرات «راسل».
طالعته «روز» بملامح ثابتة بل ظهر عليها بعض الخوف، ليتحدث قائل:
-يلا علشان ناكل.
حركت «روز» رأسها نافية، لتقول:
-مليش نفس.
اقترب «يونس» صاحب الهيئة الطويلة والخصلات السوداء كحال لحيته الخافتة، ليطالعها بلطف يزيد من خوفها، مصوب حدقتاه البنيتان صوب عيناها، قائل:
-مش هاكل من غيرك، مستنيكِ.
حول نظراته صوب الشرفة التي يحب رؤيتها دائمًا مغلقة، هذا مادفعه ليعقد حاجبيه في تسائل وضيق، قائل:
-أنتِ فاتحة البلاكونة دي ليه؟!
طالعت «روز» الشرفة، لتعيد مطالعته بجسد مرتجف، قدمت على تبرير فعلتها، ولكن حديثه قاطعها حين قائل:
-تتقفل ويلا علشان تاكلي.
خرج من الغرفة تاركها تلتقط بعض من انفاسها التي حُبست لوجوده.
اغمضت عيناها متنهدة بعمق، ناهضة لتذهب حتى تغلق الشرفة أسفل نظرات «راسل» التي تتصوب اتجاهها وقد رأى قدوم «يونس» الذي لا يعلم من يكون بالنسبة لها.
ما إن قدمت على اغلاق الشرفة، قاطعها صوت «رأسل» المتبسم ليقول:
-صباح الخير.
رفعت «روز» عيناها لتتطلع امامها حتى وقعت عيناها عليه، تبدلت ملامحها، بل تملك جسدها الرجفة خوفًا من مالا يبوح به القلب.
أكمل «راسل» عقب نظراتها داخل الغرفة؛ كأنها تتأكد من وجود أحد معها أم لا:
-أنا جارك في العمارة دي، إسمي الظابط «راسل»، كنت عايز اتعرف عليكِ من وقت بس، حسيت أن ده الوقت المناسب.
طالعته «روز» التي سرعان ما اغلقت نوافذ الشرفة، لا يدري لما هذا التصرف الذي ادهشه، ولكنه بالفعل كان غريب بالنسبة له؛ فهو يتحدث إليها من المفترض أن تتسائل عن مايريد أو شيء من هذا القبيل، لما تصرفت بتلك الطريقة إذن؟!
ظل حيث هو عاقد حاجبيه بخفوت لفعلتها التي اثارت بنفسه الضيق والتسائل، وما توصل له، هو بُغتها في التعرف عليه، فلا مبرر أخر لما فعلت سوى أنها لا تود محادثته.
قام بالعودة إلى الداخل وقد تعكر مزاجه من ماحدث، ولكن بذات الوقت لقد فاز بشيء جديد، نعم إنها نظرة تذيب قلبه، وهاهو قد حظى بها عقب وقت طويل يتمنى الحصول عليها!
فكل شيء يأتي حين يشاء القدر لحدوث هذا.
(بمنزل هارلي).
خرجت من المنزل أسفل انظار الضباط الذين يهتموا بمراقبتها.
هذا مادفعهم للإتصال واخبار «أدم» بالأمر.
استمرت في السير ذاهبة إلى إحدى الكافيهات.
ما إن قامت بالدخول ذهبت لتجلس فوق إحدى الطاولات لمقابلة «سام».
كل هذا كان أسفل انظار «أدم» الذي قام بالدخول إلى الكافيه جالس بإحدى الطاولات القريبة منهم، ولكن ظهره كان بإتجاههم، يستمع لما يقولوا.
قام بطلب القهوة مستمع لحديثهم الذي كان نحو طردها من العمل، وبحثها عن أخر جديد.
تحدث «سام» مطمئنها، حين قال:
-هلاقيلك شغل في مطعم أو كافيه، مش عايزك تقلقي من حاجه يا «هارلي» أنا جانبك.
تبسمت «هارلي» بخفوت وضيق من مافعل «ساينوس» لتقول:
-بيني وبينك على قد منا متضايقة من اللي عمله، إلا إني ارتحت من وشه، كان بيعاملني زي العبيدة.
اجابها «سام» مازح:
-لا وأنتِ هتسكتيله لو عمل كده؟ أشك.
ضحكت «هارلي» لحديث صديقها الذي يظهر معرفته الجيدة بها.
أكمل «سام» قائل ببسمة تهون الكثير عليها:
-يلا اشربي قهوتك ونروح على المطعم نشوف أيه الاخبار هناك، هتصل بيه دلوقت اسائلة بخصوص شغلك، عارف أنه مش هيرفضلي طلب، بس بردو تلاقيح جتت بقى.
تبسمت «هارلي» مقبلة وجنته، لتقول:
-أنت أحسن صديق.
تبسم «سام» متنحنح في خجل، ليقول:
-أححم، «هارلي» قولتلك ميت مرة متتصرفيش كده، بتضايق.
ضحكت «هارلي»التي قالت في مشاغبة منها:
-ولا بتتكسف يا بطة؟
أبعد «سام»نظراته عنها في سخرية برغم ضحكاته:
-والله متستاهلي اللي بعمله علشانك.
ركلت «هارلي» قدمه بقدمها مازحة لما قال عنها.
ما إن انتهوا من احتساء قهوتهم، ذهبوا إلى إحدى المطاعم، التي وافق صاحبها على عمل «هارلي» به، أسفل مراقبة «أدم» لهم، فما إن رحل «سام» عنها، فكر «أدم» بخطة للقائه الأول بها، والتي ستفيده بأمر مهمته.
(بقسم الشرطة).
ذهبت «فيونا» إلى مكتب «راسل»، والتي طرقته لتدخل عقب استماعها لموافقته.
كان «راسل» يتحدث إلى إحدى الضبات والمكلفين بمراقبة منزل «هارلي».
طالعها قائل ناهي الحديث الذي انتهى بالفعل:
-ماشي تمام خليكوا أنتوا هناك و«أدم» هيتصرف، لو في أي اخبار جديدة بلغوني.
أغلق الخط ليعيد مطالعته ل«فيونا»، قائل:
-أيه الأخبار؟
تبسمت «فيونا» قائلة:
-عندك وقت؟
طالعها «راسل» في ترقب، قائل:
-أمم يعني، هسمعك أكيد.
تبسمت «فيونا» من جديد لتتحدث قائلة:
-عيد ميلادي النهارده، وكنت عيزاك تيجي، يعني وبردو «أدم» وسيدة «مونتايا» كمان.
طالعها «راسل» يفكر بما قالت، ليقول:
-أكيد لو قدرت هاجي، هحاول وعد.
تبسمت «فيونا»، لتقول بلطف لا يليق بعملها:
-هستناك.
تبسم «راسل» بهدوء مطالع ذهابها شارد الذهن؛ فطريقتها ولطفها الزائد يجعله يفكر بأمور يخشى حدوثها.
سرعان ما أبعد الأمر عن عقله ليعيد التفكير بعمله والذي يهمه بالحياة بأكملها عقب جارته الفاتنة التي كلما رأها يهتز قلبه دون توقف!
(بمطعم عمل هارلي).
ذهبت «هارلي» إلى طاولة جلوس «أدم»، قائلة:
-تطلب أيه؟
طالعها «أدم» يتفحصها، ليقول في ترقب منه:
-اا عايز معكرونة بالجبنة.
قامت بكتابة طلبه لتذهب عقب كتابتها له، أسفل نظراته المتفحصة، فهيئتها وملابسها تبدو عجيبة بالنسبة له، أي فتاة تسوء من مظهرها برغم جمالها الظاهر، ولكن تلوينها لخصلاتها وملابسها الملونة بطريقة مبالغ بها، وأحمر شفاهها الصريح، كل شيء كان عجيب!
انتظر حتى احضرت له المعكرونه، باديئ في تناولها حتى انتهى، لينهض معطيها حسابها، قائل:
-الباقي علشانك.
رفعت «هارلي» حاجبيها ساخرة، لتقول:
-وهو أنا مستنية واحد زيك يبقشش عليا؟! هجيبلك الباقي.
ذهبت لتحضر باقي نقوده، عادت لتعطيها له، لتقول:
-خد.
تبسم «أدم» ببرود ليقترب هامس لها:
-عجبتيني.
طالعته «هارلي» لم يعطي لها فرصة لتفعل شيء لأجل ذهابه، مما دفعها لتضحك ساخرة على مافعل، واضعة يدها بجيبها، لتتبدل ملامحها حين لم تجد محفظتها!
عقدت حاجبيها في تعجب، لتقلب جيوبها في دهشة منها وتسائل، قائلة:
-المحفظة!
تطلعت إلى الخارج والغضب يصل لأعلاها، لتقول أثناء خروجها ركضًا:
-يابن الحرامية.
ركضت لتبحث عنه ما إن رأته يسير، ذهبت مسرعة وقامت بسحب زراعه بعنف منها، لترفع مطوتها بوجهه، قائلة:
-هات المحفظة.
طالعها «أدم» الذي رفع حاجبيه كما فعل مع رقبته، فقد كانت تضع السكين بمنتصف رقبته.
أخرج المحفظة من جيبه معطيها لها، أثناء قوله:
-أنتِ عرفتي منين؟!
اخذتها «هارلي» مغلقة السكين، لتقول ساخرة:
-حظك زي الزفت، وقت ماتحب تسرق حد يكون أنا! أمك داعية عليك بينها.
غمز «أدم» لها ليقول في مزاح منه:
-ليه بس دي كانت دايمًا تقولي ربنا يفتحها في وشك.
ضحكت «هارلي» ساخرة، لتقول:
-تلاقي قصدها المطوة.
تعالت ضحكات «أدم» على ماقالت، لتقدم على العودة إلى المطعم، ولكن وقوفه امامها جعلها تتوقف، عقب قوله:
-أستني، أنا مش عايز منك فلوس ومش عايز حاجة، بس أنا عايزك تشوفيلي حد من معارفك، يعني يشوفلي أي شغلانة.
رفعت «هارلي» حاجبيها ساخرة من مايقول:
-أنت يابني رايح لنجار بابه مخلع؟! أنا لسه أول يوم ليا في الشغل هنا واللي لقالي الشغل ده صاحبي، روح خلي أي حد تاني يساعدك.
أكمل «أدم» في تسرع منه حتى تستمع لما يقول:
-أنا عندي موهبة ممكن أجيب منها دهب، بس محتاج حد معايا، حد ليه نظرة تانيه، يعرف أزاي يسوق ويساعدني في البيع.
عقدت «هارلي» حاجبيها بخفوت مطالعاه، لتقول في تسائل:
-موهبة أيه؟!
اجابها «أدم» قائل:
-أنا رسام ومش أي رسام أنا أقدر انقلك لوحة الموناليزا ومتلاحظيش بأي اختلاف ولا إنها مزورة حتى، بس كل الحكاية إني عايز حد معايا يقدر يوصل للناس اللوح دي، ويشاركني بفلوسه لو احتاجناها، يعني لوح والوان كل ده محتاج فلوس.
والحقيقة أنا استريحتلك وحسيتك كده جريئة يعني ممكن تصرفيني في الموضوع ده، وليكِ عليا لو نجح هأكلك الشهد معايا، بس أنتِ ساعديني.
تطالعه «هارلي» بنظرات متعجبة؛ فما يقوله لم تستمع له من قبل، بل رؤيتها له وتعرفها عليه بتلك الطريقة وحديثه نحو عمل سيصعدهم إلى الفضاء، كان أمر عجيب بالنسبة لها، فمن أي طريق قد جاء وجميع الطرقات مغلقة!
أكمل «أدم» سائل في ترقب منه:
-هاا؟ تحطي أيدك في أيدي ونبداء؟ أنا معنديش حاجة اخسرها، يعني لو مكسبناش من الحوار فمش هنخسر حاجة، أنا هشارك برسم ومجهود، وأنتِ تشاركِ بألوان وبورتريهات وبس.
طالعته «هارلي» وعقلها منشغل بما يقول، فالأمر لا يداهم خسارة كبيرة، بقدر ثمانة مكسبه، هذا مايدفعها للتفكير.
فهل ستقبل الأمر؟