الفصل السابع عشر

الفصل السابع عشر
.....................
واهتز جبل الصمت
ارتجفت القلوب رهبة
عالقة بأمل يخشون ضياعه
يوسف لم يتمالك أعصابه لم يصدق ما قاله سيف وبلسم كادت تصرخ أحست بقلبها يرتعش داخل صدرها سيف أمامها يصيح بفرحة
_لقيت همس يا بابا فى واحدة عاملة إعلان وحاطة صورتها
أسرعت بلسم ناحيته تجذب هاتفه بقوة تنظر للصورة المنشورة شهقت باكية وضعت كفها على فمها تكتم صوت صرختها وهى تشير ليوسف:هى يا يوسف بنتى اهى........بنتى عايشة قلبى كان حاسس محدش كان مصدقنى أنا صح .......إحساسى بيها كان صح
جذب يوسف الهاتف من يدها ليطالع صورة همس باشتياق اغرورقت عيناه اشتياقا لطفلته الغائبة
رفع سيف صوته مازحا:إيه ياجدعان فى إيه الحمدلله اطمئنا عليها وبكرة باذن الله هنروح اسكندرية نجيبها ونعرف إيه اللى حصل
سأله يوسف حائرا:طيب إزاى المدة دى كلها مرجعتش ....متصلتش حتى الحكاية دى فيها حاجة
أعاد سيف النظر لهاتفه معيدا قراءة الإعلان :مفيش حاجة مكتوبة غير أنها موجودة فى اسكندرية ممكن كانت تعبانة ومش فاكرة أرقام الموبيلات ........بس الغريبة إيه اللى وداها اسكندرية
صاحت بلسم :مش مهم المهم أنها بخير .....اطلب الرقم يلا خلينى اسمع صوتها
اتسعت عيناه مبتسما للهفتها : ماما الساعة أربعة الفجر .......لولا أنى كنت سهران مكنتش هشوف الإعلان بكره باذن الله دلوقتى ندخل ننام والصبح هكلم اللى نزلت الإعلان أعرف مكانها بالظبط
*********
عاد لبيته متأخرا كعادته الفترة الأخيرة ولكن الليلة تختلف الليلة سينام هنيئا حتى إن كانت بعيدة عنه ولكن على الأقل عرف مكانها واطمئن لوجودها بمكان آمن
ظل جالسا فى سيارته أمام البيت مغمضا عيناه بهدوء وراحة بعدما وجدها ولكن مايغضبه منها رفضها العودة معه مرة أخرى بعدما أصر عليها الخروج معه ولكنها عاندت وأصرت على رأيها
ياهمس بلاش عند اتفضلى معايا دلوقتى على البيت ما هو أنا مش هسيبك هنا تانى
صاحت به حورية التى تجلس على الأريكة تناظرهم بتسلية:مالك ياابنى هى قاعدة فى الشارع ما هى قاعدة معايا اهى مستريحة ومحدش يقدر يقولها كلمة تزعلها
نظر إليها مغتاظا يعرف أنها تلمح لما حدث من سمر ومن بعدها والده وإصراره على خروجها
خليكى فى حالك يا حورية أنا حسابى معاكى لسه مجاش
رفعت قدما فوق الأخرى بغرور أغاظه:بص بقى يا أستاذ جاسم أنا فى نظرك غلطانة بس لو أنت مكانى كان ممكن تعمل إيه تتخلى عنها وتقولها لامعلش مقدرش أقولك اتفضلى عشان خايفة من حضرتك .......لامعلش أنا مش ندلة
تجهم وجهه وهى يصيح بها:يعنى أنا ندل ياحورية
قاطعته معتذرة:لا يا جاسم أنا مقصدش والله أنا .....
قاطعت همس حديثهم متدخلة :جاسم حورية مش قصدها أنت هى تقصد أنها كان لازم تقف جنبى وقت ما احتجت ليها
التف نحوها متفهما:وكويس أنها عملت كده على أد حرقة قلبى عليكى على أد ما اطمنت لوجودك معاها بس مش هينفع أسيبك ياهمس هترجعى معايا البيت أمى كمان قلقانة عليكى
- عارفة يا جاسم زى ما أنا عارفة أن وجودى فى البيت هيسبب مشاكل أكتر أنت فى غنى عنها
التف لحورية قائلا:حورية ممكن تسيبنا شوية
قامت من مكانها قائلة بتحذير:متطولش أنا مش بحب بنتى تقعد مع راجل غريب عنها
رفع حاجبيه مندهشا:نعم ياأختى بنتك
- أه طبعا بنتى صحيح لا اتجوزت ولاخلفت بس ربنا بعتلى همس تكونى بنتى وأختى وصحبتى كمان ولو زعلتها ياابن رقية هطلع عفاريتى عليك وأنت عارفنى مجنونة ومش بيهمنى حد...........هسيبكم شوية بس متطولش
تركتهم وجاسم يناظرها بدهشة ثم عاد والتف لهمس :واضح أن الأستاذة حورية بقت المحامى بتاعك
ابتسمت بثقة: طبعا يا أستاذ جاسم ومش أى محامى أكيد اتعلمت منك ومن الأستاذ أحمد
جذب كفها متجها نحو منضدة صغيرة ليجلسها أمامه :سيبك من كل ده المهم أنك وحشتينى .......واعترفى أنا كمان وحشتك صح
أخفضت رأسها مبتسمة:واثق أوى من نفسك
- لا واثق من احساس قلبى بيكى ومش عارف ليه مصممة أنك تفضلى هنا عارفة حالتى كانت عاملة إزاى وأنتى غايبة عارفة قلبى كان محروق عليكى إزاى .......همس اللى حصل كانت عصبية فى وقتها وأكيد دلوقتى الوضع اتغير بعد ما بابا عرف أن فريدة هى اللى حامل مش أنتى وعارف سمر وعمايلها وشرها
- هتصدقنى لو قلتلك أنى مش زعلانة منه .......هو عنده حق واحدة غريبة جت وقاعدة معاكم فى البيت مفيش بينى وبينكم أى صلة بنت لقيتها مرمية فى الشارع ساعدتها ووقفت جنبها اللى حصلها بقى مش ذنبك تتحمله سواء اللى حصل اغتصاب أو مجرد حادثة سرقة أو أى حاجة أكيد والدك مش هيرضى أنك تكمل معايا واحدة ملهاش أهل واحدة حتى مش فاكرة اسمها مش فاكرة هى مين ولا إيه اللى وصلها لكده .......واحدة متعرفش فى الدنيا غيرك زى الطفل المولود اللى فتح عينه على أمه ميعرفش حد غيرها ويخاف لو يبعد عنها وأنا بخاف لو بعدت عنك
يوم ما خرجت من المستشفى بقيت تايهة خايفة حاسة بضياع لقيتك جنبى اطمئنت ........كنت حمايتى من عصام واللى حاول يعمله معايا ..........كل ده بيخلينى أخاف عليك أكتر يخلينى أخاف أأذيك على أد خوفى من بعدى عنك .........على أد ما أنا محتاجة أفضل جنبك
على أد ما أنا خايفة عليك
تمسك بكفها أكثر وعيناه تتطالعه بعشق لايدرى كيف تحمل كتمانه سابقا انحنى على كفها مقبلا إياه :وأنا بخاف عليكى أكتر بخاف من بعدك عنى زى خوفك أننا نكمل مع بعض زى خوفك من اللى فات وقلقك من اللى جاى

ابعدت كفها بتوتر بعد قبلته التى جاءت على حين غفلة:يبقى تسيبنى هنا ........أنا مستريحة كده مش عاوزة أعملك مشاكل ولا قلق على الأقل لحد ماأعرف أنا رايحة على فين
قام خلفها متسائلا باصرار:موافق يا همس بس على شرط .......أعرف مين قالك على حكاية الاعتداء عليكى دى
رفعت كتفيها بعدم اهتمام :مش مهم مين اللى قال المهم فعلا هى وصلت للكلام ده إزاى وإيه مصلحتها فى كده أو مصلحة اللى وراها
- عرفينى بس هى مين وأنا هعرف كل حاجة
- سهير
قطب حاجبيه محاولا تذكر الإسم :سهير مين المحامية اللى بتشتغل فى المكتب
- أيوه يومها دخلت عليا وأنا بعملك القهوة وفضلت تستفزنى عشان أغلط فيها بس أنا حاولت أتمالك أعصابى بس هى كانت مصرة ولما لقيت أنها مش قادرة توقعنى بكلمة قالتلى كده
شرد بعيناه بعيدا عنها مفكرا بصوت عالى:إيه مصلحتها أنها تعمل معاكى كده وعرفت الموضوع ده أصلا منين
- مش عارفة بس مش بعيد تكون سمر هى أكتر واحدة لها مصلحة أنى أبعد بس ليه معرفش
- سمر دى عدوة نفسها قبل ما تكون عدوة لكل اللى حواليها
- ربنا يهديها
- ويهديكى أنتى كمان وترجعى معايا البيت
- خلاص بقى يا جاسم إحنا قلنا إيه!
تنهد باستسلام :ماشى يا همس أنا هسيبك براحتك بس اعملى حسابك أنا هنزل صورة ليكى عشان عاوز أوصل لأهلك ما هو أنا مش هستنى كتير كده لازم أتجوزك
ضحكت قائلة:ومين قالك أنى هوافق أنا هحتاج وقت أفكر
- تفكرى.......تفكرى فى إيه ده أنا قتيلك وهتجوزك يعنى هتجوزك يا مجنونة
وضعت كفيها على جانبيها بتحدى:أنا مجنونة طيب أبقى شوف مين هتوافق عليك أصلا
................
ابتسامة هادئة داعبت ثغره متذكرا حوارها انتبه لحاله وجلوسه فى سيارته اعتدل يأخذ هاتفه مغادرا السيارة متجها نحو منزله المكان ساكن اقترب الفجر ونسائم الهواء باردة منعشة فى ليلة حارة
فتح الباب يطالع المكان بعينه السكون يعم والكل نيام أغلق الباب بهدوء واتجه نحو السلم ولكن لفت انتباهه رقية التى تجلس فى مكانها المعتاد تصلى ابتسم باشتياق لها اشتاق لضمتها اشتاق لصوتها الحانى والقوى أحيانا يعرف أنها غاضبة منه ولكن أيضا يعرف أنها خائفة عليه لاتريده ضعيفا
اقترب منها وجلس على كرسى بجوارها حتى انتهت أمسك بكفها مقبلا إياه:تقبل الله ياأمى
- منا ومنك يا حبيبى..
عادت تعاتبه :كده برضه يا جاسم راجع الفجر .......هو ده يرضى ربنا يا ابنى
ابتسم بهدوء قائلا:لو تعرفى أنا كنت فين مش هتزعلى منى
- كنت فين يا جاسم؟
- كنت مع همس يا أمى
اتسعت عيناها لاتصدق ما قاله:همس .......لقيت همس يا جاسم
- أيوه يا ماما لقيتها
سألته بلهفة:طيب لقيتها فين ومجبتهاش معاك ليه
- لقيتها عند حورية يا ماما.........الهانم شيفانى قالب الدنيا عليها وساكتة
غمغمت متسائلة:طيب ليه.........ليه فضلت ساكتة كل الفترة دى؟
- همس هى اللى طلبت منها كده
عقدت حاجبيها مندهشة:طب ليه......ليه مش عاوزاك تعرف مكانها وليه مرجعتش معاك
تنهد بقلة حيلة:همس رافضة ترجع شايفة أنها السبب فى كل اللى حصل .......شايفة أن وجودها هيعمل مشاكل ليا مع بابا ومع مروان
- أيوه بس أبوك هو كمان قلقان عليها والله بيلوم نفسه على اللى حصل يومها بس ده من خوفه عليها .........أبوك خايف عليها زى فريدة وياسمين
- هى فاهمة كل ده ومقتنعة بيه جدا وشايفة أن وجودها هيسبب مشاكل شايفة أنها لازم تفضل بعيد لحد ما نلاقى أهلها شايفة ان وجودها معايا هيفتح باب ملوش لازمة يتفتح
ابتسمت رقية برضا:عندها حق وجودها هنا معاك بعد كل اللى حصل ممكن يلخبط الدنيا
- منها لله اللى كانت السبب
- أهى مشيت خلاص
التف إليها سائلا بحيرة :تقصدى مين ؟
- أقصد سمر .......أخوك اتخانق معاها وضربها وطردها من البيت لما لاقاها بتغلط فى فريدة وبتشكك فى حملها شفت الغباء والكراهية وصلوا بيها لحد فين
- مروان هو السبب من الأول وهو ساكت على عمايلها جاى دلوقتى ويتحرك كان فينه من زمان ليه كان ديما مستسلم لجبروتها جاى يتحرك بعد خراب مالطا
- الكلام مبقاش يجى منه خلاص ربنا يهديها
- طيب وفريدة عاملة ايه وأنتى برضه لسه مش بتكلميها ؟
- أختك غلطت يا جاسم
- ازاى يا ماما ده جوزها وأنتى نفسك كنتى تتمنى أنها ترجعله
- أيوه طبعا بس ترجعله وهى مرفوعة الرأس وهو اللى يجى لحد هنا ويأخدها مش الهانم تروحله برجليها .........أهو جه النهاردة وقعد مع أبوك واتفق معاه يجى يأخدها بكرة هى وچودى
- وأنتى طبعا زعلانة على فراق چودى
- زعلى مش هيخلينى أمنع واحدة عن جوزها ولا بنت زى دى تعيش فى حضن أبوها وأمها بس على الله يتحملو المسئولية المرة دى
قبل جبينها بارهاق: ربنا يخليكى لينا يا ست الكل أنا جعان نوم هطلع أنام شوية تصبحى على خير
وأنت من أهل الخير يا حبيبى
................
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي