الفصل الخامس
وضعت يدها على شفاهه و نظرت لعينيه وجذبته من خديهِ حتى ظهرت أسنانه وابتسم.
ميسون:
_هيا أيها العنيد، ابتسم، أريد أن أرى هذه الابتسامة الجميلة التي لم تظهر لأحد، هيا أيها الغامض ابتسم.
قالت حديثها الممزوج بالترجي والمرح، حتى ابتسم ماهر ابتسامة واسعة، فرفعت يداها لأعلى بفرحة قائلةً:
_يالله، لقد ابتسم العنيد،اشهدوا يا بشر، إنه وسيمٌ للغاية بتلك الابتسامة التي خطفت قلبي.
قال ماهر بثقة:
-أنتِ واقعةٌ في حبي.
ابتعدت عنه بتوترٍ شديدٍ، وهي تحك يديها قائلة بتوتر:
_م..ماذا، بالطبع لا فأنا عاهدت نفسي بأن أجعلك تبتسم وقد نجحت بهذا أيها الغامض، لست قليلا أعترف بأنك جذابٌ جداً وأنا هكذا طفلةٌ في تصرفاتي.
-أجل أحيانا أفكر بكِ، ألاحظ أن لديكِ تفاؤل ممتاز، وتسعين للنجاح ابتسامتك لا تفارق وجهك، قلبك ابيضٌ، أنت رائعةٌ وتملكين صفاتٍ جميلة تجعلني أنجذب إليكِ.
_عزيزي أنت الواقع وليس أنا، بالرغم أنك رجل ثلاثيني غامض عنيد حاد الطباع، ولكن أحيانا أراك طفلاً صغيراً، يريد من يعانقه
ويخفف من ألامه التي يخفيها عن الجميع، ويريد من يخرجه من حيرته وتعاسته، ويأخذ بيده لعالمٍ اخر، عالم مليء بالحب والسعادة، عالم يدعى عالم الراحة والاطمئنان والهدوء.
سكتت لبرهة وهي تنظر في عينيه وتحاول أن تحلله قائلة:
_ عيناكَ التي تخبيء الكثير والكثير من الأشياء يستطيع أن يراها من يدقق بهما ويهتم لأمرك، الحزن يملأ قلبك وعينيك، فكيف أريدك أن تبتسم وأنت تحمل ألماً عميقاً لا أعرف ما هو، لكن قلبي يخبرني بهذا، أشعر وكأننا متصلين ببعض.
كان مستمعاً لها عندما وضعت يدها فوق خاصته وجذبته من يده بقوة حتى وقف وظلت تقربه منها ثم استندت عليه وهي تضع يدها على قلبه والأخرى على خده.
تحدثت ميسون بهدوء وهي تلمس على وجهه:
_هذا القلب يتألم دائما، والألم واضح جداً على ملامح وجهك وعينيك، أشعر وكأنك تريد أن تشاركني أحزانك ولكنك خائف من ماذا، أنا لا أعرف، أحياناً أراك طفلاً صغيراً في الخامسة من عمره، يبحث عن والدته في كل مكان ولا يجدها، يريد أن تعانقه وتخفف عن ألمه وجروحه.
صمتت وهي تنظر في عينيه التي كانت مليئة بالدموع العالقة بمقليته رافضة أن تنزل، وهنا تأكدت أنه يتألم كثيرا، وشعرت بنبضات قلبه التي زادت دقاته من أثر قربهما.
-لماذا ازدادت نبضات قلبك هكذا، هل قربي يؤثر بك أم كلامي، قلي أيهما صحيح أكثر، اعطني قلبك، سأكون أمينة ومخلصة لك شاركني ألمك، لعلني ادأساعدك وأخرجك من حزنك، لم الدموع تنساب و تلمع في عينيك؟
بدأ يلتقط أنفاسه بشدة؛ لكي يهدأ مشاعره التي لم يستطيع السيطرة عليها؛ بسبب قربها وحديثها ثم ابتعد عنها وتركها تنادي عليه.
-ماهر يا ماهر عد إلي ولا تهرب.
لكنه لم يستمع إليها وذهب الحرس خلفه وركب سيارته وانطلق على منزله وهو يضع يده على قلبه؛ لكي يهدأ.
وحدث قلبه قائلاً:
-اهدىء لماذا تنبض بعنف هكذا، أشعر وكأنك ستخرج من مكانك.
وشرب كوب من الماء وأغمض عينيه وأسند رأسه على نافذة.
أما هي كانت تحدث نفسها:
" هل هو يهرب من الجواب عن طريق الهروب، أعدك أنني سوف أعرف السبب، لا اعلم ما هو مصيرنا."
مرت الأيام وهي تحاول الاتصال به كثيراً ولكنه لم يكن يرد ورغم هذا لكنها لم تيأس ومع الوقت تم شفاءها من جروحها وأصبحت تمشي، ومع كل فرحها بذلك، لكن عقلها لم يتوقف عن التفكير به، أما هو فقد عزل نفسه عن الجميع، كما اعتاد دائماً، يجلس في الظلام، يدخن بشراهه، ويشرب النبيذ.
كما راح عقله يسترجع الذكريات المؤلمة، وأراد أن يحادثها كثيرا ولكنه كان يمنع نفسه بآخر لحظة، كان الأمر صعباً جداً ولكنه لم يرد التعلق ولا أن يفتح قلبه للحب، خوفاً من أن يخسرها؛ بسبب أعماله وطبيعتها.
وفي إحد الأيام كان واقفاً في الشرفة ينظر الى النجوم وعينيه تلمعان بالدموع.
فتحدث بحزن وألم واضح في نبرة صوته: "لماذا دخلتي الى حياتي لم نتعرف كثيراً بعد ولكنك ملأتِ الفراغ الذي كان في قلبي، والآن هذا الفراغ يكبر كثيراً، وأريد أن أراكِ مجدداً، لكن هكذا أفضل لنا."
وارتشف من ذلك الشراب ونظر إلى السماء وقال:
"النار التي بقلبي لا يستطيع أحد إنهائها، سأظل أتألم حتى تنتهي حياتي فهذا هو قدري، ولا أريدك أن تتألمي أو تتعلقي بي، اعرف ان نهايتي هي الموت، ونهايتك ستكون الموت بالبطيء؛ لأجل موتي، فلنبتعد فالفراق هو الحل الابدي.
دلف مروان إليه ورأى حالته وقف أمامه قائلا:
_كفى مر عشرة أيامٍ وأنت على هذا الوضع.
أجاب ماهر وعينيه شديدتا الاحمرار:
_ دعني وشأني حتى لا نتشاجر.
-ولكن.
قاطعه ماهر بصوتٍ مرتفعٍ مليءٍ بالغضب: _أخرجْ الآن، ألم تسمع حديثي.
لقد كان ماهر غاضباً مثل الثور الهائج فتركه مروان ليجد حمزة قرب الباب يتحدث في الهاتف
ف انتظره حتى انتهى، وبمجرد انتهائه.
قال مروان:
_مازال ماهر على نفس الحال بل وأسوأ، حمزه أرجوك اسمح له أن يراها، هو يمنع نفسه كي لا نتعرض للخطر ، تعرف أنه لا يخاف على نفسه أكثر مما يخاف علينا، وأنت من علمتنا كل شيء،لذا هو يطيعك.
حمزة:
_اخرج منها، اتركه يعتاد على ذلك.
-أنت دائما تريد أن ترى أخي حزين، تعلم أنه يحبك ولا يعصيك، فاتركه مع الانسانة التي اختارها قلبه وشدد حراستك.عليه وجهز كل شيء.
صمت حمزة وكأنه يفكر هل يتركه يحبها، أم لا؟
ومن صوبٍ أخر، في متجر كبير للملابس دلفت ميسون ومريم مع بعضهم؛ لكي يشتروتوا بعض الملابس وكانوا يتحدثون.
مريم بمرح:
-الرجل تركك ولم يتحمل ثرثرتك وجنونك.
ميسون:
_ صدقيني أنا لأ اعلم لماذا تركني و لقد تحدثت بجدية، لم يكن الأمر يستحق الضحك، لكنه غامض ولم أره أو أحدثه بعدها،تصوري حتى أنه أغلق هاتفه، اشتقت إليه كثيرا، ليتني لم أقل له ما قلت؛ حتى لا يتركني.
فتحدثتومريم بتأثر:
-أسفة، يجب أن تنسيه فأنتم لم تتعرفوا على بعضكم كثيراً ويوجد عدة أسباب تجعل حبكم لا يكتمل؛ لأنه لا يتحدث عن نفسه كثيرا، ولا يصارحك بما في قلبه، يسمعك فقط، يوجد حلقات مفقودة في قصتكم، اذا هو يحبك سيأتي لكِ مجدداً ولم يستطعْ الإبتعاد عنكِ، وعندما يثق فيكِ ستكونين منبع أسراره، ولكن يجب عليك أن تتحملي.
فجأة لاحظت مريم الحزن وفد بدا على ميسون فتابعت:
- عليكِ التحلي بالصبر، حتى يتحقق ما تريدينه، ولا تتعلقي به حتى لا تتأذي.
انتهت من حديثها وهي تضع يدها على كتفها وتربط عليهم بحنان كي تطمئنها قائلة: من الأساس هذا ليس لم يكن هدفك، فلا تضيعي الوقت معه، أنت جئتِ الى هنا لشيء واحد فقط، وهو الحصولِ على فرصة أخرى بعيداً عن أعدائك.
كانت تتحدثان كثيرا، وتمشيان بسرعة وميسون تفكر في حديثها وهي شاردةً الذهن للغاية وفجأة اصطدمت بشخصٍ وهو أخر ومن تتوقعه.
فتوسعت مقلتيها من الصدمة حيث كان عثمان، وهو أكبر عدوٍ لها، وضع يده في جيبه وهو يتفحصها ويقيم ملابسها بنظرات مليئة بالسخرية.
تحدث معها بنبرة مليئة بـالشماتة والسخرية: _يالله، أأنتِ ميسون أم أنني أتخيل، ما هذا لقد تبدلتي مائة وثمانون درجة، بالطبع لقد خسرتي كل شيء يا مسكينة، من يصدق أن النجمة ميسون أصبحت هكذا.
كانت عيناها ستنفجر من شدة الغضب و الاحمرار وهي تقبض على يديها بغضب محاولة أن تمسك نفسها ولكنها لم تستطع.
فردت له بنفس نبرته وهي تنظر له من الأسفل الى الأعلى:
_ ومن كان يصدق أن الشحات سيصبح مليونيراً بيومٍ من الأيام، غريبةٌ هذه الحياة ترفع أشخاصاً حقيرة وفاشلة وتسرق أتعاب الغير على حساب أفراد ناجحة ومتقنة، معك حق فأنت أسوء شخص عرفته في كل حياتي، أتراقبني لماذا جئت إلى هنا؟ ارجع دولتك لا أريد أن أرى وجهك اللعين.
-اهدئي يا عزيزتي لم أعلم أنه بمجرد رؤيتك لي ستتحولين إلى لبؤة متوحشة، نعم لفد تبدلت حياتنا فأنا كنت بالأسفل وأصبحت بالأعلى وأنت العكس.
عقدت حاجبها بغضب قائلة:
_ بالطبع أنت لصٌ كبير، سرقت أعمالي ونشرتها بإسمك، وأخذت كل فريقي واشتريته، لا تنسى نفسك أنا من علمتك كل شيء يا حقير، وأنت مجرد فاشل حتى من أن تحاول تأليف اغنية، فسرقتها وأخذت فريقي وأصبحتم مع بعض.
كانت ترتجف كلياً ولعد أن صمتت قليلاً عادت لتتابع:
_جعلتني أخسر عملي، لن اسامحك وسأنتقم بطريقتي، أعدك بذلك، وانت ستكون شحاتاً مرةً أخرى، مستحيل أن يصبح الشحات غنياً، وإن صار، فسيكون هذا مؤقتاً وكل هذا الثراء كماتعلم بفضل تعبي ومجهودي.
وبدلا من أن يراها تتوسل له لكي يتعاقد معها ويشتري أعمالها وجدها تهينه و تذكره بأصله فبرزت عروقه من شدة الغضب؛ لأنها نظرت له بإشمئزاز ووجهت نظرها إلى حذائه ثم إلى عينيه.
قاصدة أن تجعله يفهم أن مقامه عندها مثل الحذاء وسيظل هكذا مهما بلغ من النجاح.
تحدث عثمان في نفسه:
" سأخذ منكِ كل شيء، سأجعلكِ تأتين لي حتى أساعدك وسأذلك ولن اساعدك وسأريكِ ماذا سيفعل الشحات بالمتعجرفة مثلك، التي بالرغم من فقرها الآن إلا أنها لم تتخلى عن كبريائها ولم تأتِ كي أساعدها، سوف تأتين وستندمين لقد بدأت لعبتنا، فلنرَ من الشحات يا ميسون".
وبعد أن ابتعد كانت ميسون تسير في الممر وهي غاضبة جدا، فاقتربت مريم منها وهي تعطيها كوباً من الماء؛ لكي تهدئها.
مريم:
_اهدئي أرجوكِ فأنا معك وستنجحين وتجعلينه يفقد كل شيء، هيا اشربي الماء.
شربت ميسون الماء وبدأت تتحدث ومقليتها مليئة بالدموع:
_لقد سرق كل أعمالي ومؤلفاتي ونشر الإشاعات عني وجعلني أفقد شهرتي ومالي وكل شيء حتى أنه أأخذ كل فرصة كانت تأتيني، ماذا سأفعل لقد تعبت ومر وقت طويل وأنا أبحث عن أحد لكي يساعدني أو استأجر منه الاستديو ولكنه كان يكتشفني ويخرب كل شيء.
مريم بثقة:
_ صدقيني ستكونين الأفضل مرةً ثانية، ولكن عليكِ التحلي بالصبر والتفاؤل والعزيمة وكتابة أفضل الاغاني.
لاحظت مريم بأن كلامها فعل فعله فتابعت بقوة:
_لدي حلول كثيرة ولكن دعينا نختار ملابساً لنا؛ لنذهب إلى الشيء الأهم وسأساعدك بخطط تجول في رأسي ستجعلك رقم واحد بين الجميع.
أريدك أن لا تيأسي وتنسي ماهر والحب وأن تعطي كل اهتمامك للموسيقى والغناء، فأنت تملكين صوتاً مميزاً وفريداً من نوعه وسنعمل على أنفسنا وسنجد الفرصة مادامنا نتعب، فامسحي دموعك واتركِ الحزن لنبدأ الرحلة والبحث عن فرصة معاً، صدقيني ستكونين الأفضل.
مسحت دموعها وهي تبتسم قائلة:
أجل، أجل سأنجح مرة ثانية وأنا لا أقهر.
قفزت مريم لأعلى وهي تصفق بيديها فرحةً وراحت تقول بسعادة:
_هذه هي ميسون القوية والشجاعة، هيا إلى النجاح.
ميسون:
_هيا أيها العنيد، ابتسم، أريد أن أرى هذه الابتسامة الجميلة التي لم تظهر لأحد، هيا أيها الغامض ابتسم.
قالت حديثها الممزوج بالترجي والمرح، حتى ابتسم ماهر ابتسامة واسعة، فرفعت يداها لأعلى بفرحة قائلةً:
_يالله، لقد ابتسم العنيد،اشهدوا يا بشر، إنه وسيمٌ للغاية بتلك الابتسامة التي خطفت قلبي.
قال ماهر بثقة:
-أنتِ واقعةٌ في حبي.
ابتعدت عنه بتوترٍ شديدٍ، وهي تحك يديها قائلة بتوتر:
_م..ماذا، بالطبع لا فأنا عاهدت نفسي بأن أجعلك تبتسم وقد نجحت بهذا أيها الغامض، لست قليلا أعترف بأنك جذابٌ جداً وأنا هكذا طفلةٌ في تصرفاتي.
-أجل أحيانا أفكر بكِ، ألاحظ أن لديكِ تفاؤل ممتاز، وتسعين للنجاح ابتسامتك لا تفارق وجهك، قلبك ابيضٌ، أنت رائعةٌ وتملكين صفاتٍ جميلة تجعلني أنجذب إليكِ.
_عزيزي أنت الواقع وليس أنا، بالرغم أنك رجل ثلاثيني غامض عنيد حاد الطباع، ولكن أحيانا أراك طفلاً صغيراً، يريد من يعانقه
ويخفف من ألامه التي يخفيها عن الجميع، ويريد من يخرجه من حيرته وتعاسته، ويأخذ بيده لعالمٍ اخر، عالم مليء بالحب والسعادة، عالم يدعى عالم الراحة والاطمئنان والهدوء.
سكتت لبرهة وهي تنظر في عينيه وتحاول أن تحلله قائلة:
_ عيناكَ التي تخبيء الكثير والكثير من الأشياء يستطيع أن يراها من يدقق بهما ويهتم لأمرك، الحزن يملأ قلبك وعينيك، فكيف أريدك أن تبتسم وأنت تحمل ألماً عميقاً لا أعرف ما هو، لكن قلبي يخبرني بهذا، أشعر وكأننا متصلين ببعض.
كان مستمعاً لها عندما وضعت يدها فوق خاصته وجذبته من يده بقوة حتى وقف وظلت تقربه منها ثم استندت عليه وهي تضع يدها على قلبه والأخرى على خده.
تحدثت ميسون بهدوء وهي تلمس على وجهه:
_هذا القلب يتألم دائما، والألم واضح جداً على ملامح وجهك وعينيك، أشعر وكأنك تريد أن تشاركني أحزانك ولكنك خائف من ماذا، أنا لا أعرف، أحياناً أراك طفلاً صغيراً في الخامسة من عمره، يبحث عن والدته في كل مكان ولا يجدها، يريد أن تعانقه وتخفف عن ألمه وجروحه.
صمتت وهي تنظر في عينيه التي كانت مليئة بالدموع العالقة بمقليته رافضة أن تنزل، وهنا تأكدت أنه يتألم كثيرا، وشعرت بنبضات قلبه التي زادت دقاته من أثر قربهما.
-لماذا ازدادت نبضات قلبك هكذا، هل قربي يؤثر بك أم كلامي، قلي أيهما صحيح أكثر، اعطني قلبك، سأكون أمينة ومخلصة لك شاركني ألمك، لعلني ادأساعدك وأخرجك من حزنك، لم الدموع تنساب و تلمع في عينيك؟
بدأ يلتقط أنفاسه بشدة؛ لكي يهدأ مشاعره التي لم يستطيع السيطرة عليها؛ بسبب قربها وحديثها ثم ابتعد عنها وتركها تنادي عليه.
-ماهر يا ماهر عد إلي ولا تهرب.
لكنه لم يستمع إليها وذهب الحرس خلفه وركب سيارته وانطلق على منزله وهو يضع يده على قلبه؛ لكي يهدأ.
وحدث قلبه قائلاً:
-اهدىء لماذا تنبض بعنف هكذا، أشعر وكأنك ستخرج من مكانك.
وشرب كوب من الماء وأغمض عينيه وأسند رأسه على نافذة.
أما هي كانت تحدث نفسها:
" هل هو يهرب من الجواب عن طريق الهروب، أعدك أنني سوف أعرف السبب، لا اعلم ما هو مصيرنا."
مرت الأيام وهي تحاول الاتصال به كثيراً ولكنه لم يكن يرد ورغم هذا لكنها لم تيأس ومع الوقت تم شفاءها من جروحها وأصبحت تمشي، ومع كل فرحها بذلك، لكن عقلها لم يتوقف عن التفكير به، أما هو فقد عزل نفسه عن الجميع، كما اعتاد دائماً، يجلس في الظلام، يدخن بشراهه، ويشرب النبيذ.
كما راح عقله يسترجع الذكريات المؤلمة، وأراد أن يحادثها كثيرا ولكنه كان يمنع نفسه بآخر لحظة، كان الأمر صعباً جداً ولكنه لم يرد التعلق ولا أن يفتح قلبه للحب، خوفاً من أن يخسرها؛ بسبب أعماله وطبيعتها.
وفي إحد الأيام كان واقفاً في الشرفة ينظر الى النجوم وعينيه تلمعان بالدموع.
فتحدث بحزن وألم واضح في نبرة صوته: "لماذا دخلتي الى حياتي لم نتعرف كثيراً بعد ولكنك ملأتِ الفراغ الذي كان في قلبي، والآن هذا الفراغ يكبر كثيراً، وأريد أن أراكِ مجدداً، لكن هكذا أفضل لنا."
وارتشف من ذلك الشراب ونظر إلى السماء وقال:
"النار التي بقلبي لا يستطيع أحد إنهائها، سأظل أتألم حتى تنتهي حياتي فهذا هو قدري، ولا أريدك أن تتألمي أو تتعلقي بي، اعرف ان نهايتي هي الموت، ونهايتك ستكون الموت بالبطيء؛ لأجل موتي، فلنبتعد فالفراق هو الحل الابدي.
دلف مروان إليه ورأى حالته وقف أمامه قائلا:
_كفى مر عشرة أيامٍ وأنت على هذا الوضع.
أجاب ماهر وعينيه شديدتا الاحمرار:
_ دعني وشأني حتى لا نتشاجر.
-ولكن.
قاطعه ماهر بصوتٍ مرتفعٍ مليءٍ بالغضب: _أخرجْ الآن، ألم تسمع حديثي.
لقد كان ماهر غاضباً مثل الثور الهائج فتركه مروان ليجد حمزة قرب الباب يتحدث في الهاتف
ف انتظره حتى انتهى، وبمجرد انتهائه.
قال مروان:
_مازال ماهر على نفس الحال بل وأسوأ، حمزه أرجوك اسمح له أن يراها، هو يمنع نفسه كي لا نتعرض للخطر ، تعرف أنه لا يخاف على نفسه أكثر مما يخاف علينا، وأنت من علمتنا كل شيء،لذا هو يطيعك.
حمزة:
_اخرج منها، اتركه يعتاد على ذلك.
-أنت دائما تريد أن ترى أخي حزين، تعلم أنه يحبك ولا يعصيك، فاتركه مع الانسانة التي اختارها قلبه وشدد حراستك.عليه وجهز كل شيء.
صمت حمزة وكأنه يفكر هل يتركه يحبها، أم لا؟
ومن صوبٍ أخر، في متجر كبير للملابس دلفت ميسون ومريم مع بعضهم؛ لكي يشتروتوا بعض الملابس وكانوا يتحدثون.
مريم بمرح:
-الرجل تركك ولم يتحمل ثرثرتك وجنونك.
ميسون:
_ صدقيني أنا لأ اعلم لماذا تركني و لقد تحدثت بجدية، لم يكن الأمر يستحق الضحك، لكنه غامض ولم أره أو أحدثه بعدها،تصوري حتى أنه أغلق هاتفه، اشتقت إليه كثيرا، ليتني لم أقل له ما قلت؛ حتى لا يتركني.
فتحدثتومريم بتأثر:
-أسفة، يجب أن تنسيه فأنتم لم تتعرفوا على بعضكم كثيراً ويوجد عدة أسباب تجعل حبكم لا يكتمل؛ لأنه لا يتحدث عن نفسه كثيرا، ولا يصارحك بما في قلبه، يسمعك فقط، يوجد حلقات مفقودة في قصتكم، اذا هو يحبك سيأتي لكِ مجدداً ولم يستطعْ الإبتعاد عنكِ، وعندما يثق فيكِ ستكونين منبع أسراره، ولكن يجب عليك أن تتحملي.
فجأة لاحظت مريم الحزن وفد بدا على ميسون فتابعت:
- عليكِ التحلي بالصبر، حتى يتحقق ما تريدينه، ولا تتعلقي به حتى لا تتأذي.
انتهت من حديثها وهي تضع يدها على كتفها وتربط عليهم بحنان كي تطمئنها قائلة: من الأساس هذا ليس لم يكن هدفك، فلا تضيعي الوقت معه، أنت جئتِ الى هنا لشيء واحد فقط، وهو الحصولِ على فرصة أخرى بعيداً عن أعدائك.
كانت تتحدثان كثيرا، وتمشيان بسرعة وميسون تفكر في حديثها وهي شاردةً الذهن للغاية وفجأة اصطدمت بشخصٍ وهو أخر ومن تتوقعه.
فتوسعت مقلتيها من الصدمة حيث كان عثمان، وهو أكبر عدوٍ لها، وضع يده في جيبه وهو يتفحصها ويقيم ملابسها بنظرات مليئة بالسخرية.
تحدث معها بنبرة مليئة بـالشماتة والسخرية: _يالله، أأنتِ ميسون أم أنني أتخيل، ما هذا لقد تبدلتي مائة وثمانون درجة، بالطبع لقد خسرتي كل شيء يا مسكينة، من يصدق أن النجمة ميسون أصبحت هكذا.
كانت عيناها ستنفجر من شدة الغضب و الاحمرار وهي تقبض على يديها بغضب محاولة أن تمسك نفسها ولكنها لم تستطع.
فردت له بنفس نبرته وهي تنظر له من الأسفل الى الأعلى:
_ ومن كان يصدق أن الشحات سيصبح مليونيراً بيومٍ من الأيام، غريبةٌ هذه الحياة ترفع أشخاصاً حقيرة وفاشلة وتسرق أتعاب الغير على حساب أفراد ناجحة ومتقنة، معك حق فأنت أسوء شخص عرفته في كل حياتي، أتراقبني لماذا جئت إلى هنا؟ ارجع دولتك لا أريد أن أرى وجهك اللعين.
-اهدئي يا عزيزتي لم أعلم أنه بمجرد رؤيتك لي ستتحولين إلى لبؤة متوحشة، نعم لفد تبدلت حياتنا فأنا كنت بالأسفل وأصبحت بالأعلى وأنت العكس.
عقدت حاجبها بغضب قائلة:
_ بالطبع أنت لصٌ كبير، سرقت أعمالي ونشرتها بإسمك، وأخذت كل فريقي واشتريته، لا تنسى نفسك أنا من علمتك كل شيء يا حقير، وأنت مجرد فاشل حتى من أن تحاول تأليف اغنية، فسرقتها وأخذت فريقي وأصبحتم مع بعض.
كانت ترتجف كلياً ولعد أن صمتت قليلاً عادت لتتابع:
_جعلتني أخسر عملي، لن اسامحك وسأنتقم بطريقتي، أعدك بذلك، وانت ستكون شحاتاً مرةً أخرى، مستحيل أن يصبح الشحات غنياً، وإن صار، فسيكون هذا مؤقتاً وكل هذا الثراء كماتعلم بفضل تعبي ومجهودي.
وبدلا من أن يراها تتوسل له لكي يتعاقد معها ويشتري أعمالها وجدها تهينه و تذكره بأصله فبرزت عروقه من شدة الغضب؛ لأنها نظرت له بإشمئزاز ووجهت نظرها إلى حذائه ثم إلى عينيه.
قاصدة أن تجعله يفهم أن مقامه عندها مثل الحذاء وسيظل هكذا مهما بلغ من النجاح.
تحدث عثمان في نفسه:
" سأخذ منكِ كل شيء، سأجعلكِ تأتين لي حتى أساعدك وسأذلك ولن اساعدك وسأريكِ ماذا سيفعل الشحات بالمتعجرفة مثلك، التي بالرغم من فقرها الآن إلا أنها لم تتخلى عن كبريائها ولم تأتِ كي أساعدها، سوف تأتين وستندمين لقد بدأت لعبتنا، فلنرَ من الشحات يا ميسون".
وبعد أن ابتعد كانت ميسون تسير في الممر وهي غاضبة جدا، فاقتربت مريم منها وهي تعطيها كوباً من الماء؛ لكي تهدئها.
مريم:
_اهدئي أرجوكِ فأنا معك وستنجحين وتجعلينه يفقد كل شيء، هيا اشربي الماء.
شربت ميسون الماء وبدأت تتحدث ومقليتها مليئة بالدموع:
_لقد سرق كل أعمالي ومؤلفاتي ونشر الإشاعات عني وجعلني أفقد شهرتي ومالي وكل شيء حتى أنه أأخذ كل فرصة كانت تأتيني، ماذا سأفعل لقد تعبت ومر وقت طويل وأنا أبحث عن أحد لكي يساعدني أو استأجر منه الاستديو ولكنه كان يكتشفني ويخرب كل شيء.
مريم بثقة:
_ صدقيني ستكونين الأفضل مرةً ثانية، ولكن عليكِ التحلي بالصبر والتفاؤل والعزيمة وكتابة أفضل الاغاني.
لاحظت مريم بأن كلامها فعل فعله فتابعت بقوة:
_لدي حلول كثيرة ولكن دعينا نختار ملابساً لنا؛ لنذهب إلى الشيء الأهم وسأساعدك بخطط تجول في رأسي ستجعلك رقم واحد بين الجميع.
أريدك أن لا تيأسي وتنسي ماهر والحب وأن تعطي كل اهتمامك للموسيقى والغناء، فأنت تملكين صوتاً مميزاً وفريداً من نوعه وسنعمل على أنفسنا وسنجد الفرصة مادامنا نتعب، فامسحي دموعك واتركِ الحزن لنبدأ الرحلة والبحث عن فرصة معاً، صدقيني ستكونين الأفضل.
مسحت دموعها وهي تبتسم قائلة:
أجل، أجل سأنجح مرة ثانية وأنا لا أقهر.
قفزت مريم لأعلى وهي تصفق بيديها فرحةً وراحت تقول بسعادة:
_هذه هي ميسون القوية والشجاعة، هيا إلى النجاح.