الفصل السادس
(6) الفصل السادس.
وصل موكب العريس أمام منزل والد العروسة نيرفيتا، نزل روديان من على العربة، وقدم تحياته للملك شومار مردف:
"تحياتي لك، كيف حالك سيدي؟"
أجابه شومار وهو يُحييه بيده:
"بخير يا بني، كيف حالك الآن؟ وصلني الذي حدث بقصرك، وأنا اقدم أسفي على خسارتك لصديقك، فقد وصلني النبأ منذ دقائق فقط، والعافية لك بأنك نجوت من هذا المخطط الدني"
رد روديان وهو يتجاوز شومار بخطواته، ويذهب إلى العروسة:
"نجونا من كيد الأعداء"
نظر للخلف على جلاور وأكمل:
"ما زال هناك في عمري وقت للزواج من حبيبتي، وتولي أمور مدينتي"
قبل العروس أمام الجميع، أنزعج جلاور وقلب عينيه واقترب منه وهو يحيي الملك شومار ووضع يده على كتفه وقال:
"الحمد لله فأخي بخير يا سيدي"
نزل فالكا ولوفا وتوبا من الموكب، وكانت الصدمة بأن زوجة الأمير رايمبرلو، التي تكون والدة كل من جلاور وفالكا هنا، اقترب منها شومار وهو يقول:
"كولن هل أنتِ جئتِ لهنا؟ "
بكل تفاخر وغرور قالت:
"هذا فرح ابني العزيز روديان، كيف تفكر بأني لن أعود من السفر؟ وحضور زفافه "
أجابها بهمس بأذنها وهو يقبل يدها:
" الحمد لله على سلامتك، كم اشتقت لك كولين"
كولن كانت حبيبه شومار منذ وقت، كانوا يُحبون بعضهم كثيرًا، وعندما ظهر والد روديان حياتهم انقلبت رأسًا على عقب، وتركته من أجل الزواج بوالد روديان، وسرعان ما أنجبت منه لكي تورطه بأن يُصبح ابنها الوريث، ولكن الملك فضل ابن حبيبته البشرية سوماري بأن يُصبح الأمير وليس أبنها جلاور.
ردت كولين بصوت ما سمعه أحد:
"وأنا أيضًا اشتقت لك كثيرًا، يمكنك زيارتي بالمنزل أينما شأت، فلدينا الكثير لنتحدث عنه"
ابتسم ورفع صوته لكي لا يلاحظهم أحد وقال:
"تبدين جميل سيدتي، تفضلي للداخل"
انزعجت زوجة شومار من طريقته معها ودخلت بعدما أشاره له بحاجبها بغضب، ترك شومار يد كولين ولحق بزوجته وهو يقول:
"مرحبًا بالجميع فمدينة انتوليسا ترحب بكم"
مدينة انتوليسا كانت المدينة المجاورة لمدينة ميرامالا، ويعتبر شومار هو الملك الحاكم بها، كانت مراسم الزفاف في مدينة الأميرة، والتتويج بمدينة الأمير، كما اتفقوا من قبل.
أقترب جلاور من روديان وقال:
"لماذا لن تلبس اللباس الذي أحضره لك فالكا؟ "
تذكر روديان عندما أحضر فالكا اللباس وقال:
"جلاور أرسل لك هذا الرداء، لكي تكون الأجمل فينا روديان وتليق كالملك القادم لميرامالا"
وتذكر أيضًا عندما كان رودلف بغرفته بعدما تم سمه وقال له:
"روديان لا تثق بأحد من بعدي غير سيلينا، فهي صحيح غريبة الأطوار لكنها ستنقذك دائما، ولا تنسى بأنها تُحبك من قلبها، فدائما أخبرها بأنه زوجة أخي وتفرح و..."
كانت سيلينا مرعوبة للغاية من أن يدخلون عليهم المنزل، لأنه غرفة واحدة ولا يوجد مكان لكي تختبي به.
فجأة وفي اللحظة الأخيرة قبل أن يُفتح الزعيم الباب ويقتحمون المنزل، جاء خبر للزعيم بأن الأمير وزوجته والجميع على وصول، ترك الزعيم الباب وهو يقول:
" بعدما ننهي مهمتنا نرى ماذا بداخل هذا المنزل؟ أشعر بأنه ممتلئ بالكنوز"
ضحك صديقه المقنع وقال:
"أجل سيدي فنحن سنمتلك الكثير من الأموال بعد قتل الأمير، ويمكننا تركها هنا مع الكنوز التي بالداخل"
ذهب الجميع وهم يضحكون ابتعدت سيلينا من وراء النافذة وجلست على الأرض وهي تبكي بصوت مرتفع.
قالت نيرفيتا بصوت حزين:
"روديان أين قلادتك؟ فأنا أرسلتها لك اليوم"
وضع روديان يده على رقبته وقال وهو يفكر:
"يبدو بأني فقدتها بعدما قتل رودلف"
"صديقي أقطع لي وعدًا بأن تكون مع سيلينا للأبد وتحميها"
أجابه بدون تفكير:
"أعدك رودلف"
أكمل رودلف وهو بالكاد يحرك شفتيه:
" و.. وأيضًا من فضلك أنزع هذه القلادة أمامي ولا تضعها برقبتك أبدًا"
وكانت هذه آخر كلمات نطق بها رودلف قبل موته.
اتفقت نيرفيتا وجلاور على جلب سيلينا كخادمة لها مع ليريا، لكي يكملا في تعذيبه أن فشل مخطط القتل في التتويج.
جاءت سيلينا وهي تمسك القلادة وتقول:
"مرحبًا بكِ أميرتي في ميرامالا، هل تبحثون على هذه؟"
رفعت سيلينا عينيها بهدوء على وجه روديان، وابعدت نظرها سريعًا بعدما سمعت صوت نيرفيتا:
"اشكرك سيلينا، يبدو بأن قراري كان صائب بأنك تكونين الخادمة الخاصة بي من اليوم"
ردت سيلينا وهي تنظر بثقة في عين الأمير:
"نحن خدمتنا حماية الأمير من كل شر سيدتي، وأيضًا زوجته من بعده"
ابعدها روديان بيده، وتكلم قليلًا مع أحد الجنود، وبعدها افسح الطريق لزوجته بأن تتحرك لكي تصعد بالأعلى، وعندما أقترب من سيلينا قال بصوت خافت:
"سيلينا ابتعد عن هنا بالحال"
صعد الأمير وزوجته فقط على المنصة ووقفوا ينتظرون العم زوليا لكي يبدأ مراسم التتويج.
امسك روديان مكبر الصوت وقال بصوت مرتفع:
"اليوم يوم حزين على المملكة لفقداننا لصديقي رودلف، لكن لن يذهب دمه هباء لكونه فقط شخص بشري، فالعدل هو مبدأ مدينة ميرام..."
بدأ الجميع يهتفون:
"يحيا العدل، يحيا العدل"
طرق روديان على المكبر لكي ينتبهون لكلامه أكثر، فصمت الجميع واكمل:
"رغم خروجي من المدينة بسبب حفل زفافي، فقد تم التعرف على المجرم وسيحاسب قريبًا وأمامكم لكي يكون عبره لغيره"
عاودا هتافات متكررة:
"يعيش الملك روديان، يعيش الملك روديان"
جاء العم زوليا من بعيد وهو يحمل أوراق الخطاب الذي سيُلقيه بين يده، والجنود من ورائه يحملون التاج وباقي مراسم التتويج.
كتف جلاور يديه وبدأ يتلفت حوله، وصلوا الرجال المُقنعين للحفل ووقف الزعيم بالقرب من جلاور لكي يعلمه بوصوله، قال زوليا:
"مرحبًا بالجميع ومبارك لزواج ابن أخي العزيز"
رد روديان وهو ينظر عليه بخبث:
"هل تعلم يا عمي بأني وجدت الذي قتل رودلف؟ أخبرتك قبل ذهابي في الصباح بأني سأجده"
توتر زوليا وتعرق جبينه فأكمل روديان كلامه:
" ستفرح كثيرًا عندما تعلم بأني جنودي أقوياء للغاية"
أطلق روديان رصاصة في السماء وهو يشير بيده على الزعيم ورجاله، حاولوا الهرب لكن الجنود أمسكتهم جيدًا، قال روديان:
"أنظر يا عمي هذا من المخطط الآخر يُريدون قتلي بشتى الطرق"
تم ربط أيديهم ووضعهم بجانب المشنقة، فقال الزعيم بخوف وهو يتوسل للأمير روديان:
" أنا اسف سيدي ف..... "
أسكته روديان ودفعه بحذائه، فقال زوليا:
"ارحمهم يا أمير، فنحن في يوم زفافك ويوم جميل بالنسبة لك"
ارتفع صوته وقال:
"كان يوم جميل قبل مقتل رودلف، فاليوم أصبح يوم الحزن"
أشار جلاور للأميرة، فأمسكته من يده وعانقته وهي تقول:
" روديان لا تقلق فأنا بجانبك وكل شيء سيكون على ما يرام"
اشاحت سيلينا نظرها عنهم ونظرت بالجهة الأخرى، عندما عانق الملك زوجته تحركت وتركت مراسم التتويج وذهبت لداخل القصر، أمسكت روفال يدها قائله:
"لماذا عُدتي الآن؟"
قالت سيلينا والتعب يظهر عليها:
"الملك الآن بأمان"
أرسلت سيلينا رسمه توضح بها ملابس وأشكال الأشخاص الذين يُريدون قتله، فلولاها لكان الملك يتبع صديقه.
بعدما انتهت مراسم التتويج وقبل مغادرة الجميع الحفل، عاود روديان التحدث في المكبر قائلًا:
"إلى أين أنتو ذاهبون؟ انتظر عمي لم ينتهي اليوم بعد، ما زال هناك باقية"
قال زوليا بصوت خافت ما سمعه إلا روديان:
"ربما الخطوة التي تُخطيها سَتُكلفك حياتك روديان أرجع لعقلك"
أعاد أطلاق النار وأشار بيده على زوليا وجلاور، أستغرب الجميع والصوت أرتفع ما بين غضب واستعجاب فقالت نيرفيتا:
"روديان ماذا حدث لك؟ لماذا الجنود تمسك بجلاور وعمك"
دفعها بعيده عنه وهو يقول:
"ابتعدي عن وجهي الآن، اصمتوا جميعكم رجاءً، فالجميع يستغرب الذي يحدث لكن الذي حدث كالآتي"
احضروا الجنود الزعيم، فطاطا رأسه للأسفل فسأله روديان قائلًا:
"لماذا أنتَ هنا تكلم وساعفوا عنك؟"
أشار جلاور برأسه لكي لا يتكلم ومن ثم صرخ وقال:
"صدقني أخي كل شيء حدث من تخطيط عمك هو من أحضر اللباس ووضع به تلك المادة السامة"
ابعد المكبر روديان عن جلاور وهو يقول:
"جلاور أصمت قليلًا فأنت مثير للشفقة"
قال زوليا وعروقه برزت باللون الأحمر:
" روديان فجلاور هو المتسبب بقتل صديقك وليس أنا صدقني"
سمح لكل شخص منهم بأن يدافع عن نفسه، لكن كلًا منهم يرمي التهمة على غيره، امسك روديان بيده نيرفيتا وقال بعدما تشاور مع جنوده:
"العدالة ستنتصر ولو كلفتني روحي"
هلل الجميع وتعالت الأصوات بالقاعة ما بين مؤيد لقراره ومعارض، لكن الأمير يحاول الثأر لرودلف.
تم أعدامهم بلا رحمه أمام الجميع ورمى جثتهم لمصاص الدماء وتم إلتهامهم بدقيقة، وصلا العروسان الغرفة وذهب الجميع لمنازلهم ولكن سرعان ما تركت نيرفيتا يد روديان بغضب وهي تقول:
"كيف لك بأن تحكم على جلاور بالسجن؟ "
جلس روديان على فراشه مردف:
"ما الذي أزعجك عزيزتي بقراري الذي أتخذته، هل كنتي تريده بأن يقتلني؟"
وقف وعانقها وهو يشكوا لها ثم أكمل وهو يُشير على صدره:
"أنا حزين على موت صديقي آلم تلاحظي جرحي المفتوح هنا"
أبعدته من حضنها وهي تنظر عليه والغضب يظهر على ملامجها وقالت:
" بالتأكيد هناك شيء حدث لك، أنا ما عُدت أعرفك روديان"
خرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها، فرأ سيلينا تقف أمامه متوترة فقال:
"ماذا كنتِ تفعلين خلف الباب؟ "
أمسكت سيلينا بعض الأغراض التي كانت ترتبها وقالت بصوت منخفض:
"أسفة فأنا كنت ارتب لكم الغرفة وعندما رأيتكم متجهون قلقت و..."
تحرك عليها وأخذ منها الأغراض التي بيدها وقال وهو يلف يده على خصرها:
" لماذا تقلقين وأنتِ معي؟ هل ما زلتي تُحبيني؟"
ابعدته بيدها لكنه احكم قبضته عليها وهو يقول:
"أرجوكِ لا تبتعدي عني"
ركلته بساقها وهي تقول:
"أعتذر منك لكن مثلما قالت زوجتك أنت حالتك ليست طبيعية، هل أطلب لك الطبيب؟ "
عبث بملامح وجهه وأجاب:
"ظننت بأنك الوحيدة التي تفهمينني بدون أن أتكلم، أردت بأن أعرف الفرق بينك وبينها، هي تركتني بوقت أحتاج ليد تمسك بيدي"
تعاملت كأنه لن تسمعه وقالت:
"أنت فقدت صديقك الوحيد بالصباح، والآن تعاملني بشكل غريب، هناك شيء بك بكل تأكيد"
جلس بجانب فراشه وهو يأس وأجاب:
"لماذا تريني مثلها؟ فهي شيء وأنتِ شيء آخر"
خرجت سيلينا من الغرفة وتحركت للأسفل، كانت تخشي من عودت زوجته وبعدها تحاسبها حسابًا عسيرًا.
بعد مرور ثلاث ساعات.
"هل تقولين بأن الملك سجن الأمير جلاور والأميرة تشاحنت مع الملك من أجل ذلك؟ "
ردت عليها روفال وهي تأكل:
"أنتِ تخبريني بأنك رأيتِ الشجار بعينيكِ أيعقل ذلك، أم أنك فهمتي الموضوع بشكل خاطئ"
ردت وهي مبتسمة:
" لكن ظننت بأنها ستعود للغرفة، من المحتمل بأنها ستنام بالغرفة المجاورة"
رمت سيلينا هذه الكلمات وذهبت للأعلى وهي تركض، طرقت على الغرفة المجاورة من الأمير، ما كان هناك رد من نيرفيتا، فدخلت سيلينا بعدما نزعت حذاها، وأخذت تسير على أصابع اقدامها ببطيء شديد.
قالت بعدما خرجت من الغرفة:
"يبدو بأنها مستغرقة بالنوم، فماذا بشأنه"
أجابها روديان:
"بشأن من! "
امسكت يده ودخلا الغرفة سويًا وهي تضع يدها على فمه، ومن ثم أغلقت الباب بالمفتاح بعفوية، فنظرت عليه شعرت بتسارع نبضاتها فدخلت للداخل وهي تقول:
"هل تشعر بتحسن الآن؟"
جلس بجانبها وهو يقول:
"لماذا أنتِ هنا في هذا الوقت؟"
ازاحت خصلات شعرها من على خدها وهي تفكر بكذبة جديدة، فأمسك بوجهها وقال:
"أنا هنا ألن تريني أمامك، لما تنظرين بعيدًا عني"
لاحظت دماء بيده، فأحضرت علبه الإسعافات الأولية وبدأت تنظف جرحه وهي تقول:
"أميري هل لي بأن أسالك سؤال؟ "
هز الأمير برأسه، فأكملت:
"لما لا أراك حزين كما كنت على موت رودلف، أنا حزينة عليه كثيرًا وحزينة لأجلك، أن كنت تكتم بداخلك أنا هنا تحدث معي"
تنهد بضجر وهو ينظر على صورته التي بالغرفة:
" لعدة أسباب منها بأني جلبت حقه فروحه بأمان، ولأنك هنا هذا سبب آخر"
بغرابة قالت:
"وما علاقة وجودي برودلف صديقك"
أحضر صورته وأعطاها لها وهو يقول:
" قبل موته أخبرني بأن ابقى معك للأبد، ولا أتركك ترحلين، وكلما أنظر عليكِ سأتذكره هل تريدي سماع أسباب بعد؟ "
عانقته سيلينا كعناق أم لطفلها الخائف، فبعد وقت قليل غفى روديان على كتف سيلينا، فوقفت وأعاده جسده بمكان نومه، أمسك يدها وهي ترحل وقال:
"لا تذهبي فقط ابقي معي"
رفعت سيلينا صوتها وأجابت بذهول وهي سعيدة:
"ماذا تقول أميري؟ "
ردد روديان اسمها وهو يغمض عينيه وبعدها قال:
"سيلينا أنا أحبك كثيرًا، أنا حقًا وقعت بحبك".
يتبع.
وصل موكب العريس أمام منزل والد العروسة نيرفيتا، نزل روديان من على العربة، وقدم تحياته للملك شومار مردف:
"تحياتي لك، كيف حالك سيدي؟"
أجابه شومار وهو يُحييه بيده:
"بخير يا بني، كيف حالك الآن؟ وصلني الذي حدث بقصرك، وأنا اقدم أسفي على خسارتك لصديقك، فقد وصلني النبأ منذ دقائق فقط، والعافية لك بأنك نجوت من هذا المخطط الدني"
رد روديان وهو يتجاوز شومار بخطواته، ويذهب إلى العروسة:
"نجونا من كيد الأعداء"
نظر للخلف على جلاور وأكمل:
"ما زال هناك في عمري وقت للزواج من حبيبتي، وتولي أمور مدينتي"
قبل العروس أمام الجميع، أنزعج جلاور وقلب عينيه واقترب منه وهو يحيي الملك شومار ووضع يده على كتفه وقال:
"الحمد لله فأخي بخير يا سيدي"
نزل فالكا ولوفا وتوبا من الموكب، وكانت الصدمة بأن زوجة الأمير رايمبرلو، التي تكون والدة كل من جلاور وفالكا هنا، اقترب منها شومار وهو يقول:
"كولن هل أنتِ جئتِ لهنا؟ "
بكل تفاخر وغرور قالت:
"هذا فرح ابني العزيز روديان، كيف تفكر بأني لن أعود من السفر؟ وحضور زفافه "
أجابها بهمس بأذنها وهو يقبل يدها:
" الحمد لله على سلامتك، كم اشتقت لك كولين"
كولن كانت حبيبه شومار منذ وقت، كانوا يُحبون بعضهم كثيرًا، وعندما ظهر والد روديان حياتهم انقلبت رأسًا على عقب، وتركته من أجل الزواج بوالد روديان، وسرعان ما أنجبت منه لكي تورطه بأن يُصبح ابنها الوريث، ولكن الملك فضل ابن حبيبته البشرية سوماري بأن يُصبح الأمير وليس أبنها جلاور.
ردت كولين بصوت ما سمعه أحد:
"وأنا أيضًا اشتقت لك كثيرًا، يمكنك زيارتي بالمنزل أينما شأت، فلدينا الكثير لنتحدث عنه"
ابتسم ورفع صوته لكي لا يلاحظهم أحد وقال:
"تبدين جميل سيدتي، تفضلي للداخل"
انزعجت زوجة شومار من طريقته معها ودخلت بعدما أشاره له بحاجبها بغضب، ترك شومار يد كولين ولحق بزوجته وهو يقول:
"مرحبًا بالجميع فمدينة انتوليسا ترحب بكم"
مدينة انتوليسا كانت المدينة المجاورة لمدينة ميرامالا، ويعتبر شومار هو الملك الحاكم بها، كانت مراسم الزفاف في مدينة الأميرة، والتتويج بمدينة الأمير، كما اتفقوا من قبل.
أقترب جلاور من روديان وقال:
"لماذا لن تلبس اللباس الذي أحضره لك فالكا؟ "
تذكر روديان عندما أحضر فالكا اللباس وقال:
"جلاور أرسل لك هذا الرداء، لكي تكون الأجمل فينا روديان وتليق كالملك القادم لميرامالا"
وتذكر أيضًا عندما كان رودلف بغرفته بعدما تم سمه وقال له:
"روديان لا تثق بأحد من بعدي غير سيلينا، فهي صحيح غريبة الأطوار لكنها ستنقذك دائما، ولا تنسى بأنها تُحبك من قلبها، فدائما أخبرها بأنه زوجة أخي وتفرح و..."
كانت سيلينا مرعوبة للغاية من أن يدخلون عليهم المنزل، لأنه غرفة واحدة ولا يوجد مكان لكي تختبي به.
فجأة وفي اللحظة الأخيرة قبل أن يُفتح الزعيم الباب ويقتحمون المنزل، جاء خبر للزعيم بأن الأمير وزوجته والجميع على وصول، ترك الزعيم الباب وهو يقول:
" بعدما ننهي مهمتنا نرى ماذا بداخل هذا المنزل؟ أشعر بأنه ممتلئ بالكنوز"
ضحك صديقه المقنع وقال:
"أجل سيدي فنحن سنمتلك الكثير من الأموال بعد قتل الأمير، ويمكننا تركها هنا مع الكنوز التي بالداخل"
ذهب الجميع وهم يضحكون ابتعدت سيلينا من وراء النافذة وجلست على الأرض وهي تبكي بصوت مرتفع.
قالت نيرفيتا بصوت حزين:
"روديان أين قلادتك؟ فأنا أرسلتها لك اليوم"
وضع روديان يده على رقبته وقال وهو يفكر:
"يبدو بأني فقدتها بعدما قتل رودلف"
"صديقي أقطع لي وعدًا بأن تكون مع سيلينا للأبد وتحميها"
أجابه بدون تفكير:
"أعدك رودلف"
أكمل رودلف وهو بالكاد يحرك شفتيه:
" و.. وأيضًا من فضلك أنزع هذه القلادة أمامي ولا تضعها برقبتك أبدًا"
وكانت هذه آخر كلمات نطق بها رودلف قبل موته.
اتفقت نيرفيتا وجلاور على جلب سيلينا كخادمة لها مع ليريا، لكي يكملا في تعذيبه أن فشل مخطط القتل في التتويج.
جاءت سيلينا وهي تمسك القلادة وتقول:
"مرحبًا بكِ أميرتي في ميرامالا، هل تبحثون على هذه؟"
رفعت سيلينا عينيها بهدوء على وجه روديان، وابعدت نظرها سريعًا بعدما سمعت صوت نيرفيتا:
"اشكرك سيلينا، يبدو بأن قراري كان صائب بأنك تكونين الخادمة الخاصة بي من اليوم"
ردت سيلينا وهي تنظر بثقة في عين الأمير:
"نحن خدمتنا حماية الأمير من كل شر سيدتي، وأيضًا زوجته من بعده"
ابعدها روديان بيده، وتكلم قليلًا مع أحد الجنود، وبعدها افسح الطريق لزوجته بأن تتحرك لكي تصعد بالأعلى، وعندما أقترب من سيلينا قال بصوت خافت:
"سيلينا ابتعد عن هنا بالحال"
صعد الأمير وزوجته فقط على المنصة ووقفوا ينتظرون العم زوليا لكي يبدأ مراسم التتويج.
امسك روديان مكبر الصوت وقال بصوت مرتفع:
"اليوم يوم حزين على المملكة لفقداننا لصديقي رودلف، لكن لن يذهب دمه هباء لكونه فقط شخص بشري، فالعدل هو مبدأ مدينة ميرام..."
بدأ الجميع يهتفون:
"يحيا العدل، يحيا العدل"
طرق روديان على المكبر لكي ينتبهون لكلامه أكثر، فصمت الجميع واكمل:
"رغم خروجي من المدينة بسبب حفل زفافي، فقد تم التعرف على المجرم وسيحاسب قريبًا وأمامكم لكي يكون عبره لغيره"
عاودا هتافات متكررة:
"يعيش الملك روديان، يعيش الملك روديان"
جاء العم زوليا من بعيد وهو يحمل أوراق الخطاب الذي سيُلقيه بين يده، والجنود من ورائه يحملون التاج وباقي مراسم التتويج.
كتف جلاور يديه وبدأ يتلفت حوله، وصلوا الرجال المُقنعين للحفل ووقف الزعيم بالقرب من جلاور لكي يعلمه بوصوله، قال زوليا:
"مرحبًا بالجميع ومبارك لزواج ابن أخي العزيز"
رد روديان وهو ينظر عليه بخبث:
"هل تعلم يا عمي بأني وجدت الذي قتل رودلف؟ أخبرتك قبل ذهابي في الصباح بأني سأجده"
توتر زوليا وتعرق جبينه فأكمل روديان كلامه:
" ستفرح كثيرًا عندما تعلم بأني جنودي أقوياء للغاية"
أطلق روديان رصاصة في السماء وهو يشير بيده على الزعيم ورجاله، حاولوا الهرب لكن الجنود أمسكتهم جيدًا، قال روديان:
"أنظر يا عمي هذا من المخطط الآخر يُريدون قتلي بشتى الطرق"
تم ربط أيديهم ووضعهم بجانب المشنقة، فقال الزعيم بخوف وهو يتوسل للأمير روديان:
" أنا اسف سيدي ف..... "
أسكته روديان ودفعه بحذائه، فقال زوليا:
"ارحمهم يا أمير، فنحن في يوم زفافك ويوم جميل بالنسبة لك"
ارتفع صوته وقال:
"كان يوم جميل قبل مقتل رودلف، فاليوم أصبح يوم الحزن"
أشار جلاور للأميرة، فأمسكته من يده وعانقته وهي تقول:
" روديان لا تقلق فأنا بجانبك وكل شيء سيكون على ما يرام"
اشاحت سيلينا نظرها عنهم ونظرت بالجهة الأخرى، عندما عانق الملك زوجته تحركت وتركت مراسم التتويج وذهبت لداخل القصر، أمسكت روفال يدها قائله:
"لماذا عُدتي الآن؟"
قالت سيلينا والتعب يظهر عليها:
"الملك الآن بأمان"
أرسلت سيلينا رسمه توضح بها ملابس وأشكال الأشخاص الذين يُريدون قتله، فلولاها لكان الملك يتبع صديقه.
بعدما انتهت مراسم التتويج وقبل مغادرة الجميع الحفل، عاود روديان التحدث في المكبر قائلًا:
"إلى أين أنتو ذاهبون؟ انتظر عمي لم ينتهي اليوم بعد، ما زال هناك باقية"
قال زوليا بصوت خافت ما سمعه إلا روديان:
"ربما الخطوة التي تُخطيها سَتُكلفك حياتك روديان أرجع لعقلك"
أعاد أطلاق النار وأشار بيده على زوليا وجلاور، أستغرب الجميع والصوت أرتفع ما بين غضب واستعجاب فقالت نيرفيتا:
"روديان ماذا حدث لك؟ لماذا الجنود تمسك بجلاور وعمك"
دفعها بعيده عنه وهو يقول:
"ابتعدي عن وجهي الآن، اصمتوا جميعكم رجاءً، فالجميع يستغرب الذي يحدث لكن الذي حدث كالآتي"
احضروا الجنود الزعيم، فطاطا رأسه للأسفل فسأله روديان قائلًا:
"لماذا أنتَ هنا تكلم وساعفوا عنك؟"
أشار جلاور برأسه لكي لا يتكلم ومن ثم صرخ وقال:
"صدقني أخي كل شيء حدث من تخطيط عمك هو من أحضر اللباس ووضع به تلك المادة السامة"
ابعد المكبر روديان عن جلاور وهو يقول:
"جلاور أصمت قليلًا فأنت مثير للشفقة"
قال زوليا وعروقه برزت باللون الأحمر:
" روديان فجلاور هو المتسبب بقتل صديقك وليس أنا صدقني"
سمح لكل شخص منهم بأن يدافع عن نفسه، لكن كلًا منهم يرمي التهمة على غيره، امسك روديان بيده نيرفيتا وقال بعدما تشاور مع جنوده:
"العدالة ستنتصر ولو كلفتني روحي"
هلل الجميع وتعالت الأصوات بالقاعة ما بين مؤيد لقراره ومعارض، لكن الأمير يحاول الثأر لرودلف.
تم أعدامهم بلا رحمه أمام الجميع ورمى جثتهم لمصاص الدماء وتم إلتهامهم بدقيقة، وصلا العروسان الغرفة وذهب الجميع لمنازلهم ولكن سرعان ما تركت نيرفيتا يد روديان بغضب وهي تقول:
"كيف لك بأن تحكم على جلاور بالسجن؟ "
جلس روديان على فراشه مردف:
"ما الذي أزعجك عزيزتي بقراري الذي أتخذته، هل كنتي تريده بأن يقتلني؟"
وقف وعانقها وهو يشكوا لها ثم أكمل وهو يُشير على صدره:
"أنا حزين على موت صديقي آلم تلاحظي جرحي المفتوح هنا"
أبعدته من حضنها وهي تنظر عليه والغضب يظهر على ملامجها وقالت:
" بالتأكيد هناك شيء حدث لك، أنا ما عُدت أعرفك روديان"
خرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها، فرأ سيلينا تقف أمامه متوترة فقال:
"ماذا كنتِ تفعلين خلف الباب؟ "
أمسكت سيلينا بعض الأغراض التي كانت ترتبها وقالت بصوت منخفض:
"أسفة فأنا كنت ارتب لكم الغرفة وعندما رأيتكم متجهون قلقت و..."
تحرك عليها وأخذ منها الأغراض التي بيدها وقال وهو يلف يده على خصرها:
" لماذا تقلقين وأنتِ معي؟ هل ما زلتي تُحبيني؟"
ابعدته بيدها لكنه احكم قبضته عليها وهو يقول:
"أرجوكِ لا تبتعدي عني"
ركلته بساقها وهي تقول:
"أعتذر منك لكن مثلما قالت زوجتك أنت حالتك ليست طبيعية، هل أطلب لك الطبيب؟ "
عبث بملامح وجهه وأجاب:
"ظننت بأنك الوحيدة التي تفهمينني بدون أن أتكلم، أردت بأن أعرف الفرق بينك وبينها، هي تركتني بوقت أحتاج ليد تمسك بيدي"
تعاملت كأنه لن تسمعه وقالت:
"أنت فقدت صديقك الوحيد بالصباح، والآن تعاملني بشكل غريب، هناك شيء بك بكل تأكيد"
جلس بجانب فراشه وهو يأس وأجاب:
"لماذا تريني مثلها؟ فهي شيء وأنتِ شيء آخر"
خرجت سيلينا من الغرفة وتحركت للأسفل، كانت تخشي من عودت زوجته وبعدها تحاسبها حسابًا عسيرًا.
بعد مرور ثلاث ساعات.
"هل تقولين بأن الملك سجن الأمير جلاور والأميرة تشاحنت مع الملك من أجل ذلك؟ "
ردت عليها روفال وهي تأكل:
"أنتِ تخبريني بأنك رأيتِ الشجار بعينيكِ أيعقل ذلك، أم أنك فهمتي الموضوع بشكل خاطئ"
ردت وهي مبتسمة:
" لكن ظننت بأنها ستعود للغرفة، من المحتمل بأنها ستنام بالغرفة المجاورة"
رمت سيلينا هذه الكلمات وذهبت للأعلى وهي تركض، طرقت على الغرفة المجاورة من الأمير، ما كان هناك رد من نيرفيتا، فدخلت سيلينا بعدما نزعت حذاها، وأخذت تسير على أصابع اقدامها ببطيء شديد.
قالت بعدما خرجت من الغرفة:
"يبدو بأنها مستغرقة بالنوم، فماذا بشأنه"
أجابها روديان:
"بشأن من! "
امسكت يده ودخلا الغرفة سويًا وهي تضع يدها على فمه، ومن ثم أغلقت الباب بالمفتاح بعفوية، فنظرت عليه شعرت بتسارع نبضاتها فدخلت للداخل وهي تقول:
"هل تشعر بتحسن الآن؟"
جلس بجانبها وهو يقول:
"لماذا أنتِ هنا في هذا الوقت؟"
ازاحت خصلات شعرها من على خدها وهي تفكر بكذبة جديدة، فأمسك بوجهها وقال:
"أنا هنا ألن تريني أمامك، لما تنظرين بعيدًا عني"
لاحظت دماء بيده، فأحضرت علبه الإسعافات الأولية وبدأت تنظف جرحه وهي تقول:
"أميري هل لي بأن أسالك سؤال؟ "
هز الأمير برأسه، فأكملت:
"لما لا أراك حزين كما كنت على موت رودلف، أنا حزينة عليه كثيرًا وحزينة لأجلك، أن كنت تكتم بداخلك أنا هنا تحدث معي"
تنهد بضجر وهو ينظر على صورته التي بالغرفة:
" لعدة أسباب منها بأني جلبت حقه فروحه بأمان، ولأنك هنا هذا سبب آخر"
بغرابة قالت:
"وما علاقة وجودي برودلف صديقك"
أحضر صورته وأعطاها لها وهو يقول:
" قبل موته أخبرني بأن ابقى معك للأبد، ولا أتركك ترحلين، وكلما أنظر عليكِ سأتذكره هل تريدي سماع أسباب بعد؟ "
عانقته سيلينا كعناق أم لطفلها الخائف، فبعد وقت قليل غفى روديان على كتف سيلينا، فوقفت وأعاده جسده بمكان نومه، أمسك يدها وهي ترحل وقال:
"لا تذهبي فقط ابقي معي"
رفعت سيلينا صوتها وأجابت بذهول وهي سعيدة:
"ماذا تقول أميري؟ "
ردد روديان اسمها وهو يغمض عينيه وبعدها قال:
"سيلينا أنا أحبك كثيرًا، أنا حقًا وقعت بحبك".
يتبع.