الفصل١
بمدينة «جوثان»، داخل إحدى الملاهي الليلية.
تقدم «هارلي» صاحبة الشعر الأصفر والعينان الزرقواتان المأخوذ لونهما من لون مياه البحار العزب، تقدم المشروبات والتي هي عبارة عن انواع مختلفة من الخمور.
تمر على جميع من طلبو مشروب، أسفل حديثها الساخر والتي تقول به:
-بالطفح.
طالعها الشاب لتقابله بسمتها الباردة، هذا مادفعه لإبعاد نظراته عنها في ملل؛ فجميعهم يعلموا تشاكل «هارلي» والذي يدفعهم لتخطي ماتفعل.
أخذ مشروبه باديئ في احتسائه دون كلمة منه، وجدت من سحب ذراعها بعنف دفعها للتألم، ليقول «ساينوس» أثناء سحقه لأسنانه:
-«هارلي» خلي ليلتك تعدي واتكلمي عدل مع الناس، مش عايز مشاكل.
طالعته «هارلي» لتقول في برود:
-وهو جي اشتكالك؟ اسائله كده كنت بضايقه، اسائله.
سحبها «ساينوس» إلى البار ليقول محذرها:
-لو ما تعدلتيش يا «هارلي» هطردك برا زي الكلبة وأنتِ عارفة محدش هيرضى يشغلك معاه وهترجعي تشحتي تاني.
ابعدت «هارلي» نظراتها عنه، لتقول في ملل:
-لو مزلتش أهلي متبقاش أنت.
أومأ «ساينوس» قائل:
-ده كان أخر تحذير ليكِ.
تركها وذهب لتسكب لها إحدى الكئوس في تجاهل منها لحديثه.
وقع بصرها صوب ذات الشاب، والذي يطالعها ببسمة غامضة، مما دفعها لإرتسام التقذذ فوق ملامحها.
اقترب إحدى الرجال، ليجلس بجواره، مد له مسدس يشع لمعانًا، فيبدو أنه مغطى بالماس!
رفعت «مونتايا» هاتفها، والتي كانت تركذ عيناها صوبهم، بمجرد رؤيتها للسلاح.
لتقول ما إن أجاب الطرف الأخر:
-طلع معاهم فعلًا، اهجموا دلوقت.
في هذا الوقت قامت مجموعة من الشرطة بإقتحام الملهى، لتطالعهم «هارلي» منتبهة، ولا تدري مالذي يحدث حولها.
اقترب «ساينوس» منهم، ليقول في تعجب سائل:
-ممكن أعرف سبب الدخول المفاجيئ؟
طالعه الضابط «راسل» قائل:
-أنت صاحب الملهى؟
أومأ «ساينوس» قائل:
-أيوه، ممكن أعرف سبب الإقتحام؟
اجابه «راسل»:
-جالنا أمر بتفتيش الملهى هنا بسبب اختفاء قطعة أثرية بقالها أكتر من الاف السنين، وصاحب السرقة موجود هنا، فبتمنى تساعدنا وتخلينا نفتش الموجودين بهدوء ونخرج.
رفع «ساينوس» حاجبيه في دهشة، ليقول:
-قطعة أثرية؟! طيب اتفضل فتش.
ابتعد عن طريقه، فما إن قال هذا، وضع السارق السلاح داخل المقعد في خفاء منه، فمؤكد كل هذا كان أسفل انظار «هارلي» التي كادت تعترف عليهم ولكن ماخطر بعقلها كان أعظم.
بدئوا بتفقد الجميع، ولم يتركوا أحد حتى تفقدوا كل أنش به، بل تطلعوا أسفل المقاعد وبكل الأماكن، مما دفع الثقة لتملك «ساينوس»، الذي قال:
-أنا الزباين بتوعي مش حرامية ولو شكيت في واحد فيهم مش هخليهم يدخلوا هنا، روحوا دوروا في مكان تاني صاحبه راجل شمال.
في هذا الوقت تقدمت المحققة «مونتايا» والتي تحدثت بإصرار، قائلة:
-أنا هفتش المكان تاني، أنا متأكدة أنهم هنا.
في هذا الوقت قاطعت حديثهم دخول فتأة صغيرة إلى الملهى، والتي انتبهوا لها جميعًا.
طالعتهم الصغيرة صاحبة الرداء المتهالك، لتقول في استعطاف:
-أنا مشربتش من الصبح، عايزة مياه.
تحدث «ساينوس» عاقد حاجبيه، ليقول:
-مفيش مياه ويلا أمشي من هنا.
طالعته «مونتايا» ثم صوبت نظرها في اتجاه الصغيرة، لتقول:
-اديها مياه وأنا هدفعلها حسابها.
طالعها «ساينوس» الذي تملكه الضيق، فهو لا يحب الأطفال خاصة المشردين، طالع «هارلي» ليشير بعينه صوب الفتاة، قائل:
-شربيها يا «هارلي».
اقتربت «هارلي» متبسمة بإصطناع اخذاها، لتهمس بأذنها قائلة:
-لو مكنش في ظباط هنا كان شال وشك وحطه في بطرمان، الأحسن تشربي من مياة البحر ولا تيجي هنا.
طالعتها الصغيرة صامتة، وقد عادوا لحديثهم الذي ينص على ارادة «مونتايا» في تفقد المكان من جديد، ورفض «ساينوس» الذي يراها اهانة لعمله، خاصة عقب بحثهم وعدم حصولهم على شيء.
سكبت «هارلي» بعض المياه لتعطيها لها، قائلة:
-خدي يا بنبوناية.
طالعتها الطفلة، لتعود نظراتها صوب طاولة اللصين، قائلة:
-أنا عايزة مياه فيها ثلج زي دي.
ركضت إلى هناك طالبة منهم المياه، وبالفعل اعطوها لها، وهذا مادفع «هارلي» في التوقف، والتي رفعت حاجبيها في دهشة حين أخرج احدهم السلاح ووضعه بحقيبة الصغيرة في خفاء منه وهو يطالع الضباط والباقية، غير منتبه ل«هارلي» التي تطالعه.
ابعدت «هارلي» نظراتها عنهم وهناك مايدور بعقلها من أمور شتى.
اعادت مطالعة الفتاة التي خرجت، لتذهب خلفها عبر باب أخر.
وبالفعل قطعت ذهابها بتظاهرها التصادم بها، مما دفع الصغيرة في الوقوع والتسبب بجرح زراعها.
ما إن وقعت ووقع السلاح من حقيبتها، اخذته «هارلي» في تسرع وخفة يد تعتاد التصرف بها؛ فكيف لا وقد كانت تفعلها قبل الصغيرة!
امسكت «هارلي» بها، لتقول في لهفة مصطنعة عقب اخفائها للسلاح بملابسها:
-أووو أسفة يا بنبوناية، اتعورتي؟
نهضت الصغيرة وهي تمسك بذراعها لتطالعها متحدثة في ألم:
-اا لا، حاجة بسيطة.
نهضت أخذة حقيبتها، لتكمل سيرها أسفل نظرات «هارلي» وبسمتها الماكرة، فها هي فعلت ما كانت ترتب له بعقلها.
(بقسم الشرطة).
تحدثت «مونتايا» وقد كاد عقلها يجن، قائلة:
-أنا متأكده أنه كان معاهم، أزاي بقى ملقنهوش في المكان كله؟!
يطالعها «راسل» الذي صمت تمامًا؛ فلا شيء ليقوله.
اكملت «مونتايا» حديثها، قائلة:
-بس أنا مش هسكت وهروح أشوف الكاميرات اللي في المكان، وهعرف هو فين.
اجابها «راسل» ببساطة، قائل:
-ولو كان صاحب المكان نفسه عارف حاجة زي كده؟ وقتها هيوافق؟
تطالعه «مونتايا» التي تحدثت، وقد وجدت أنه محق، لتقول:
-والعمل؟
اجابها «راسل» قائل:
-أحنا هندخل هناك شخص مننا بس يكون مش معروف، محدش يعرف أنه ظابط، وهيراقب الجو هناك وطبعًا حاجة زي كده هتساعدنا أوي، وهتخلينا عارفين نتصرف أزاي.
تركذ «مونتايا» بكل كلمة قالها، لتشاركه الحديث مرشحة ماقال:
-فكرة كويسة، بس مين اللي وشه مش معروف هنا؟ يعني أحنا بنشتغل في المدينة بقالنا سنين لدرجة أننا اتعرفنا أكتر من صحاب المدينة نفسهم!
أومأ «راسل» ليقول:
-عارف الموضوع ده عندي، ليا واحد صاحبي نقلوه هنا وجهز المكان اللي هيقيم فيه في المدينة علشان شغله معانا، ولو طلبت من اللوا أننا محتاجين شخص معانا في الخطة دي، أكيد هيكلفه بنفس المهمة.
تبسمت «مونتايا» في حماس لتلك الخطة التي حملت الكثير من الأعباء عن قلبها، قائلة:
-حقيقي مكنتش أعرف أنك بتشغل دماغك كده.
تبسم «راسل» ليقول في مزاح منه:
-الواحد محتاج ياخد فرصته بردو، أنا هكلم اللوا عن الموضوع، وكمان هقول ل«أدم» صاحبي لو حصل زي ماحنا بنرتب.
أومأت «مونتايا» قائلة:
-لو احتجتني أو في حاجة جديدة قولي.
أومأ «راسل» الذي ذهب ليتحدث إلى اللواء نحو ماكلفوا به.
أثناء ذهابه اصطدم بصاحبة الخصلات السوداء، والعينان العسليتان الواسعتان «فيونا»، والتي طالعته متبسمة بلطف معتاد في شخصيتها:
-أزيك؟
تبسم «راسل» بخفوت، ليقول ببعض الرسمية:
-أزيك أنتِ؟
اجابته «فيونا» بذات بسمتها، قائلة:
-الحمدالله تمام.
أومأ «راسل» قائل:
-دايمًا، عن أذنك.
تركها وذهب لتطالع ذهابه ببسمة هادئة، فكم تعشق رؤيته بل تواجده رفقتها في كلا الأحوال.
(داخل إحدى المنازل المتهالكة).
تحدث اللص «فيكتور» والذي كان سيصاب بالجنون فور علمه بإختفاء السلاح، ليقول في صراخ وانفعال منه:
-يعني أيه مش لقياه؟! أنتِ عارفة أحنا عملنا أيه علشان نجيبة؟ لا وفي الأخر ضيعتيه بمنتهى السهولة! ده أنا هعلق راسك على باب البيت النهارده.
ابتعدت الطفلة «كاساندرا» بضعة خطوات في خوف حين نهض ممسك بالسكين بيده عقب صراخه بها.
ولكن حديث «مارف» جعله يتوقف:
-«فيكتور» اللي بتعمله ملوش لازمة حاليًا، نعرف الأول السلاح فين، وبعدها أعمل اللي تعمله.
طالعه «فيكتور» ليلقي السكين من يده، ممسك بتلابيب ملابس «كاساندرا» متحدث في غضب منه وغل، قائل:
-يخلص الحوار ده كله وأنا هوريكِ.
جلس «مارف» ليتحدث بهدوء وبيده كأس النبيذ، قائل:
-قولي أيه اللي حصل وأزاي ضيعتيه؟
طالعته «كاساندرا» والخوف يجتاح نظراتها، لتتحدث عقب ترك «فيكتور» لها، قائلة:
-البنت اللي كانت بتشتغل هناك، اسمها، اسمها..
قاطعها «فيكتور» بنفاذ صبر، قائل:
-اسمها أيه أنتِ علقتي؟!
فزعت الصغيرة التي تحاول تذكر اسمها، ليطالعها «مارف» الذي تحدث في ترقب:
-اسمها «هارلي»؟
طالعته «كاساندرا» لتتحدث في تسرع، قائلة:
-أيوه أيوه هي اسمها «هارلي»، لما مشيت هي جات ورايا وخبطت فيا، بعدها أنا وقعت وقومت مشيت بسرعة لما ملقتش حاجة وقعت مني علشان متعرفش حاجة، ولما جيت هنا عرفت أنه مش معايا، ده كل اللي حصل.
يطالعها «مارف» الذي شرد ب«هارلي»؛ نظراتها وطريقتها كانت تظهر ترقبها لهم!
تحدث «فيكتور» مطالع «مارف»، ليقول:
-معقول تكون سرقته؟ بس كانت بلغت عننا لو عرفت أنه معانا وشافت اللي حصل!
طالعه «مارف» الذي تبسم بغموض لتلك المحتالة التي تعدت مرحلتهم، حتى يقول:
-لا، هي أذكى من كده، لو بلغت عننا مش هتستفاد حاجة، بس دلوقت هي معاها كل حاجة، واللي أحنا محتاجينه، علشان كده لازم نفكر أحنا كمان بذكاء ونعرف أزاي نخليها ترجعه.
يطالعه «فيكتور» الذي تسائل:
-يعني ناوي على أيه؟
اجابه «مارف» الذي يتطلع امامه بشرود، قائل:
-هقولك ناوي على أيه.
(بمنزل هارلي).
ما إن عادت إلى هناك، تحدثت أثناء مرورها إلى الداخل، قائلة:
-«بيبو» مامي رجعتلك.
ركض «برونس» "الضبع الخاص بها" ليلقي جسده عليها، محتضنها.
ضحكت «هارلي» لتحتضنه، قائلة:
-«بيبو» كال الأكل بتاعه كله، يا عمري.
عبثت بشعره، لتنهض ممسكة بحقيبتها، اقتربت جالسة لتخرج منها هذا السلاح مطالعاه ببسمة غامضة، لتقول بنظرات لئيمة:
-فاكرين نفسكم أذكيه وعاملين فيها حرامية أوي!
طالعته بتفحص واعجاب لهذا الكم من الألماس يغطي السلاح، فكم كانت ثروة عظيمة لمن يملكه.
امسكت بهاتفها لتتصل عبر صديقها «سام» والذي يشاركها بكل ماتقوم به، بل تشركه معها بكل مايخصها.
ما إن أجاب، قالت:
-«سام» تعلالي بسرعة على البيت.
(بمنزل أدم).
يجلس «راسل» فوق الأريكة، يتحدث إلى «أدم» الذي يصنع القهوة بغرفة الطهي على مسافة ليست بقصيرة منه، قائل:
-بس واللوا وافق وهينقلك للمهمة معانا.
سكب «أدم» القهوة ليقترب عقب حمله للأكواب بهيئته العريضة، جالس فوق الأريكة من امامه متسائل:
-يعني أنا وظيفتي في الشغل وفي المهمة كلها، هتكون أني ببات برا البيت في الملهى هناك، مش كده؟
حرك «راسل» رأسه نافي، موضح:
-أكيد مكنش ده قصدنا، أنت بس كل اللي عليك أنك هتراقب الاوضاع هناك لفترة، يعني مش لازم تفضل هناك طول اليوم، ده أكيد مش هيحصل.
يطالعه «أدم» مصوب حدقتاه الخضرواتان صوبه، شارد الذهن، ليقول:
-أنتوا عارفين مين اللي سرقه؟
أومأ «راسل» قائل:
-عارفين بس معندناش دليل.
اجابه «أدم» مكمل حديثه:
-يبقى توريني صورهم علشان أعرف هركذ مع مين بالظبط.
أومأ «راسل» ببسمة تظهر سعادته لنجاح ماخطت له، قائل:
-أكيد هنفهمك كل حاجة أول ماتستلم الشغل بكرا.
أومأ «أدم» الذي استراح بجلسته أكثر، ممسك بفنجان قهوته الذي يحتسيه بشرود منه، مركذ نظراته صوب «راسل» ما إن قال:
-أنت لسه لابسها؟!
أشار بحاجبيه صوب الإسوارة بيده.
طالع «أدم» الإسوارة بيده، والتي كانت بسيطة لحد يجعل من يراها يتعجب؛ فلما رجل كهذا يلف هذا الخيط الحامل لإسمه حول معصمه:
-مش عارف ليه، بس مش قادر اتخلى عنها، يمكن لأني لسه بدور على الصداقة اللي كانت بتجمعنا!
يطالعه «راسل» الذي هدم اعتقاداته، حين قال:
-أنت مبتدورش على الصداقة، أنت بتدور على حُب طفولتك اللي ملهوش وجود، «أدم» أنت عارف كام شخص عايش في المدينة دي؟ عارف هي أصلًا عايشة ولا ميته، ولو عايشة فشكلها أكيد اتغير، ده غير إنك مستحيل تتعرف عليها أصلًا، أنا شاكك إنك اللي طلبت تتنقل هنا علشان تبقى في نفس المدينة، لا وطلبت كمان شقة قريبة من الحي القديم اللي كنت عايش فيه مع مامتك!
رفع «أدم» رأسه للأعلى مستند فوق حافة الأريكة، تتخلل اصابع يده بين خصلاته الفحمية برواق، ليقول في شرود منه وملل كذلك:
-أنت شاغل نفسك بحاجة مش صح، ده غير إنك قولتها، لو شوفتها أنا مستحيل اعرفها، وهي كمان نفس الحكاية، يعني في مكان واحد في شارع واحد، مش هيحصل.
(بمنزل هارلي).
تحدث «سام» منبهر ما إن رأى السلاح؛ فكم كان خلاب ولامعًا بحد يخطف الأنظار:
-أنتِ هتعملي فيه أيه؟ «هارلي» ده لو اتمسكتي بيه هما مستحيل يسيبوكِ.
طالعته «هارلي» تفكر، لتقول:
-يعني كنت عايزني اسيبه؟ ده غير إن قطعة واحدة بس من اللمعان ده، قادرة تحل مشاكل شعب كامل.
نهض «سام» الذي يتجهه صوب الثلاجة؛ حتى يحتسي المياه، ليقول في تسائل منه:
-أنتِ ناوية على أيه؟ هتوديه فين؟
رفعت «هارلي» اكتافها ببساطة، قائلة:
-مرتبتش علشان كده جيبتك ترتب معايا.
بصق «سام» المياه التي كان على وشك ابتلاعها، صدمة لما قالت، ليلتفت مطالعها بسخرية، قائل:
-يعني قولتي لقيتك عايش في أمان الله، فقولت اورطك في حاجة، صح كده؟
اجابته «هارلي» ببساطة، قائلة:
-أنت عارف يا «سام» إني مبحبش أعمل حاجة من غير وجودك معايا، وده لأنك أقرب صديق ليا، إلا بقى لو عوزت تقطع علاقتك بيا، ووقتها أنا مش هقبل.
أومأ «سام» بهدوء، قائل:
-يعني مفيش مفر.
أومأت «هارلي» مجيبة:
-بالظبط كده، تفتكر ممكن اخبيه فين لحد منلاقيله حل؟
تنهد «سام» الذي شرد قليلًا، قائل:
-حطيه في كيس أسود ودخليه الفريزر.
طالعته «هارلي» تفكر فيما قال، لتتحدث ببسمة لئيمة:
-فكرة تحفة، شوفت بقى أنا جيبتك معايا ليه؟
نهضت لتفعل كما اخبرها، مستمعة لحديثه، حين قوله:
-مش عارف من غيري كنتِ هتعملي أيه!
في اليوم التالي.
ما إن ذهب «أدم» إلى قسم الشرطة، وبالفعل اخبره اللوا عن مهمته رفقة «راسل» و«مونتايا».
يجلس «أدم» داخل مكتبه الجديد، يتطلع إلى تلك الأوراق امامه، والتي تعد تقرير كامل عن اللصوص.
أصبح يطالع صورتهم كأنه يحفر مظهرهم بمخيلته، وبالفعل قام بقرأة جميع المعلومات التي يعلموها فقط عنهم.
طرق «راسل» باب مكتبه، ليقوم بالدخول عقب سماحه بهذا.
طالعه «راسل» الذي تسائل:
-أيه كل حاجة تمام؟
ترك «أدم» الأوراق من يده، ليشعل سيجارته ناهض، عقب قوله:
-دي أول عملية سرقة ليهم؟
اجابه «راسل» نافي:
-هما مش متسجلين عندنا بس أكيد مش أول، اللي يخليهم يسرقوا حاجة زي كده، أكيد مش هتبقى أول مرة.
يطالعه «أدم» متناول سيجارته بهدوء، ليقول:
-يعني محصلتش واتمسكوا قبل كده، بما إني هكون مسئول عن جمع معلومات أكتر واراقبهم، فأكيد لازم تحطوا قوة من الشرطة تراقب بيتهم وتحركاتهم، وإلا مش هنقدر نعرف حاجة.
أومأ «راسل» قائل:
-كله تمام، كل ده مرتبينله.
اجابه «أدم»، قائل:
-يبقى نتوكل على الله، واعتبروا أنهم اتجابوا، ومعاهم السلاح كمان.
تقدم «هارلي» صاحبة الشعر الأصفر والعينان الزرقواتان المأخوذ لونهما من لون مياه البحار العزب، تقدم المشروبات والتي هي عبارة عن انواع مختلفة من الخمور.
تمر على جميع من طلبو مشروب، أسفل حديثها الساخر والتي تقول به:
-بالطفح.
طالعها الشاب لتقابله بسمتها الباردة، هذا مادفعه لإبعاد نظراته عنها في ملل؛ فجميعهم يعلموا تشاكل «هارلي» والذي يدفعهم لتخطي ماتفعل.
أخذ مشروبه باديئ في احتسائه دون كلمة منه، وجدت من سحب ذراعها بعنف دفعها للتألم، ليقول «ساينوس» أثناء سحقه لأسنانه:
-«هارلي» خلي ليلتك تعدي واتكلمي عدل مع الناس، مش عايز مشاكل.
طالعته «هارلي» لتقول في برود:
-وهو جي اشتكالك؟ اسائله كده كنت بضايقه، اسائله.
سحبها «ساينوس» إلى البار ليقول محذرها:
-لو ما تعدلتيش يا «هارلي» هطردك برا زي الكلبة وأنتِ عارفة محدش هيرضى يشغلك معاه وهترجعي تشحتي تاني.
ابعدت «هارلي» نظراتها عنه، لتقول في ملل:
-لو مزلتش أهلي متبقاش أنت.
أومأ «ساينوس» قائل:
-ده كان أخر تحذير ليكِ.
تركها وذهب لتسكب لها إحدى الكئوس في تجاهل منها لحديثه.
وقع بصرها صوب ذات الشاب، والذي يطالعها ببسمة غامضة، مما دفعها لإرتسام التقذذ فوق ملامحها.
اقترب إحدى الرجال، ليجلس بجواره، مد له مسدس يشع لمعانًا، فيبدو أنه مغطى بالماس!
رفعت «مونتايا» هاتفها، والتي كانت تركذ عيناها صوبهم، بمجرد رؤيتها للسلاح.
لتقول ما إن أجاب الطرف الأخر:
-طلع معاهم فعلًا، اهجموا دلوقت.
في هذا الوقت قامت مجموعة من الشرطة بإقتحام الملهى، لتطالعهم «هارلي» منتبهة، ولا تدري مالذي يحدث حولها.
اقترب «ساينوس» منهم، ليقول في تعجب سائل:
-ممكن أعرف سبب الدخول المفاجيئ؟
طالعه الضابط «راسل» قائل:
-أنت صاحب الملهى؟
أومأ «ساينوس» قائل:
-أيوه، ممكن أعرف سبب الإقتحام؟
اجابه «راسل»:
-جالنا أمر بتفتيش الملهى هنا بسبب اختفاء قطعة أثرية بقالها أكتر من الاف السنين، وصاحب السرقة موجود هنا، فبتمنى تساعدنا وتخلينا نفتش الموجودين بهدوء ونخرج.
رفع «ساينوس» حاجبيه في دهشة، ليقول:
-قطعة أثرية؟! طيب اتفضل فتش.
ابتعد عن طريقه، فما إن قال هذا، وضع السارق السلاح داخل المقعد في خفاء منه، فمؤكد كل هذا كان أسفل انظار «هارلي» التي كادت تعترف عليهم ولكن ماخطر بعقلها كان أعظم.
بدئوا بتفقد الجميع، ولم يتركوا أحد حتى تفقدوا كل أنش به، بل تطلعوا أسفل المقاعد وبكل الأماكن، مما دفع الثقة لتملك «ساينوس»، الذي قال:
-أنا الزباين بتوعي مش حرامية ولو شكيت في واحد فيهم مش هخليهم يدخلوا هنا، روحوا دوروا في مكان تاني صاحبه راجل شمال.
في هذا الوقت تقدمت المحققة «مونتايا» والتي تحدثت بإصرار، قائلة:
-أنا هفتش المكان تاني، أنا متأكدة أنهم هنا.
في هذا الوقت قاطعت حديثهم دخول فتأة صغيرة إلى الملهى، والتي انتبهوا لها جميعًا.
طالعتهم الصغيرة صاحبة الرداء المتهالك، لتقول في استعطاف:
-أنا مشربتش من الصبح، عايزة مياه.
تحدث «ساينوس» عاقد حاجبيه، ليقول:
-مفيش مياه ويلا أمشي من هنا.
طالعته «مونتايا» ثم صوبت نظرها في اتجاه الصغيرة، لتقول:
-اديها مياه وأنا هدفعلها حسابها.
طالعها «ساينوس» الذي تملكه الضيق، فهو لا يحب الأطفال خاصة المشردين، طالع «هارلي» ليشير بعينه صوب الفتاة، قائل:
-شربيها يا «هارلي».
اقتربت «هارلي» متبسمة بإصطناع اخذاها، لتهمس بأذنها قائلة:
-لو مكنش في ظباط هنا كان شال وشك وحطه في بطرمان، الأحسن تشربي من مياة البحر ولا تيجي هنا.
طالعتها الصغيرة صامتة، وقد عادوا لحديثهم الذي ينص على ارادة «مونتايا» في تفقد المكان من جديد، ورفض «ساينوس» الذي يراها اهانة لعمله، خاصة عقب بحثهم وعدم حصولهم على شيء.
سكبت «هارلي» بعض المياه لتعطيها لها، قائلة:
-خدي يا بنبوناية.
طالعتها الطفلة، لتعود نظراتها صوب طاولة اللصين، قائلة:
-أنا عايزة مياه فيها ثلج زي دي.
ركضت إلى هناك طالبة منهم المياه، وبالفعل اعطوها لها، وهذا مادفع «هارلي» في التوقف، والتي رفعت حاجبيها في دهشة حين أخرج احدهم السلاح ووضعه بحقيبة الصغيرة في خفاء منه وهو يطالع الضباط والباقية، غير منتبه ل«هارلي» التي تطالعه.
ابعدت «هارلي» نظراتها عنهم وهناك مايدور بعقلها من أمور شتى.
اعادت مطالعة الفتاة التي خرجت، لتذهب خلفها عبر باب أخر.
وبالفعل قطعت ذهابها بتظاهرها التصادم بها، مما دفع الصغيرة في الوقوع والتسبب بجرح زراعها.
ما إن وقعت ووقع السلاح من حقيبتها، اخذته «هارلي» في تسرع وخفة يد تعتاد التصرف بها؛ فكيف لا وقد كانت تفعلها قبل الصغيرة!
امسكت «هارلي» بها، لتقول في لهفة مصطنعة عقب اخفائها للسلاح بملابسها:
-أووو أسفة يا بنبوناية، اتعورتي؟
نهضت الصغيرة وهي تمسك بذراعها لتطالعها متحدثة في ألم:
-اا لا، حاجة بسيطة.
نهضت أخذة حقيبتها، لتكمل سيرها أسفل نظرات «هارلي» وبسمتها الماكرة، فها هي فعلت ما كانت ترتب له بعقلها.
(بقسم الشرطة).
تحدثت «مونتايا» وقد كاد عقلها يجن، قائلة:
-أنا متأكده أنه كان معاهم، أزاي بقى ملقنهوش في المكان كله؟!
يطالعها «راسل» الذي صمت تمامًا؛ فلا شيء ليقوله.
اكملت «مونتايا» حديثها، قائلة:
-بس أنا مش هسكت وهروح أشوف الكاميرات اللي في المكان، وهعرف هو فين.
اجابها «راسل» ببساطة، قائل:
-ولو كان صاحب المكان نفسه عارف حاجة زي كده؟ وقتها هيوافق؟
تطالعه «مونتايا» التي تحدثت، وقد وجدت أنه محق، لتقول:
-والعمل؟
اجابها «راسل» قائل:
-أحنا هندخل هناك شخص مننا بس يكون مش معروف، محدش يعرف أنه ظابط، وهيراقب الجو هناك وطبعًا حاجة زي كده هتساعدنا أوي، وهتخلينا عارفين نتصرف أزاي.
تركذ «مونتايا» بكل كلمة قالها، لتشاركه الحديث مرشحة ماقال:
-فكرة كويسة، بس مين اللي وشه مش معروف هنا؟ يعني أحنا بنشتغل في المدينة بقالنا سنين لدرجة أننا اتعرفنا أكتر من صحاب المدينة نفسهم!
أومأ «راسل» ليقول:
-عارف الموضوع ده عندي، ليا واحد صاحبي نقلوه هنا وجهز المكان اللي هيقيم فيه في المدينة علشان شغله معانا، ولو طلبت من اللوا أننا محتاجين شخص معانا في الخطة دي، أكيد هيكلفه بنفس المهمة.
تبسمت «مونتايا» في حماس لتلك الخطة التي حملت الكثير من الأعباء عن قلبها، قائلة:
-حقيقي مكنتش أعرف أنك بتشغل دماغك كده.
تبسم «راسل» ليقول في مزاح منه:
-الواحد محتاج ياخد فرصته بردو، أنا هكلم اللوا عن الموضوع، وكمان هقول ل«أدم» صاحبي لو حصل زي ماحنا بنرتب.
أومأت «مونتايا» قائلة:
-لو احتجتني أو في حاجة جديدة قولي.
أومأ «راسل» الذي ذهب ليتحدث إلى اللواء نحو ماكلفوا به.
أثناء ذهابه اصطدم بصاحبة الخصلات السوداء، والعينان العسليتان الواسعتان «فيونا»، والتي طالعته متبسمة بلطف معتاد في شخصيتها:
-أزيك؟
تبسم «راسل» بخفوت، ليقول ببعض الرسمية:
-أزيك أنتِ؟
اجابته «فيونا» بذات بسمتها، قائلة:
-الحمدالله تمام.
أومأ «راسل» قائل:
-دايمًا، عن أذنك.
تركها وذهب لتطالع ذهابه ببسمة هادئة، فكم تعشق رؤيته بل تواجده رفقتها في كلا الأحوال.
(داخل إحدى المنازل المتهالكة).
تحدث اللص «فيكتور» والذي كان سيصاب بالجنون فور علمه بإختفاء السلاح، ليقول في صراخ وانفعال منه:
-يعني أيه مش لقياه؟! أنتِ عارفة أحنا عملنا أيه علشان نجيبة؟ لا وفي الأخر ضيعتيه بمنتهى السهولة! ده أنا هعلق راسك على باب البيت النهارده.
ابتعدت الطفلة «كاساندرا» بضعة خطوات في خوف حين نهض ممسك بالسكين بيده عقب صراخه بها.
ولكن حديث «مارف» جعله يتوقف:
-«فيكتور» اللي بتعمله ملوش لازمة حاليًا، نعرف الأول السلاح فين، وبعدها أعمل اللي تعمله.
طالعه «فيكتور» ليلقي السكين من يده، ممسك بتلابيب ملابس «كاساندرا» متحدث في غضب منه وغل، قائل:
-يخلص الحوار ده كله وأنا هوريكِ.
جلس «مارف» ليتحدث بهدوء وبيده كأس النبيذ، قائل:
-قولي أيه اللي حصل وأزاي ضيعتيه؟
طالعته «كاساندرا» والخوف يجتاح نظراتها، لتتحدث عقب ترك «فيكتور» لها، قائلة:
-البنت اللي كانت بتشتغل هناك، اسمها، اسمها..
قاطعها «فيكتور» بنفاذ صبر، قائل:
-اسمها أيه أنتِ علقتي؟!
فزعت الصغيرة التي تحاول تذكر اسمها، ليطالعها «مارف» الذي تحدث في ترقب:
-اسمها «هارلي»؟
طالعته «كاساندرا» لتتحدث في تسرع، قائلة:
-أيوه أيوه هي اسمها «هارلي»، لما مشيت هي جات ورايا وخبطت فيا، بعدها أنا وقعت وقومت مشيت بسرعة لما ملقتش حاجة وقعت مني علشان متعرفش حاجة، ولما جيت هنا عرفت أنه مش معايا، ده كل اللي حصل.
يطالعها «مارف» الذي شرد ب«هارلي»؛ نظراتها وطريقتها كانت تظهر ترقبها لهم!
تحدث «فيكتور» مطالع «مارف»، ليقول:
-معقول تكون سرقته؟ بس كانت بلغت عننا لو عرفت أنه معانا وشافت اللي حصل!
طالعه «مارف» الذي تبسم بغموض لتلك المحتالة التي تعدت مرحلتهم، حتى يقول:
-لا، هي أذكى من كده، لو بلغت عننا مش هتستفاد حاجة، بس دلوقت هي معاها كل حاجة، واللي أحنا محتاجينه، علشان كده لازم نفكر أحنا كمان بذكاء ونعرف أزاي نخليها ترجعه.
يطالعه «فيكتور» الذي تسائل:
-يعني ناوي على أيه؟
اجابه «مارف» الذي يتطلع امامه بشرود، قائل:
-هقولك ناوي على أيه.
(بمنزل هارلي).
ما إن عادت إلى هناك، تحدثت أثناء مرورها إلى الداخل، قائلة:
-«بيبو» مامي رجعتلك.
ركض «برونس» "الضبع الخاص بها" ليلقي جسده عليها، محتضنها.
ضحكت «هارلي» لتحتضنه، قائلة:
-«بيبو» كال الأكل بتاعه كله، يا عمري.
عبثت بشعره، لتنهض ممسكة بحقيبتها، اقتربت جالسة لتخرج منها هذا السلاح مطالعاه ببسمة غامضة، لتقول بنظرات لئيمة:
-فاكرين نفسكم أذكيه وعاملين فيها حرامية أوي!
طالعته بتفحص واعجاب لهذا الكم من الألماس يغطي السلاح، فكم كانت ثروة عظيمة لمن يملكه.
امسكت بهاتفها لتتصل عبر صديقها «سام» والذي يشاركها بكل ماتقوم به، بل تشركه معها بكل مايخصها.
ما إن أجاب، قالت:
-«سام» تعلالي بسرعة على البيت.
(بمنزل أدم).
يجلس «راسل» فوق الأريكة، يتحدث إلى «أدم» الذي يصنع القهوة بغرفة الطهي على مسافة ليست بقصيرة منه، قائل:
-بس واللوا وافق وهينقلك للمهمة معانا.
سكب «أدم» القهوة ليقترب عقب حمله للأكواب بهيئته العريضة، جالس فوق الأريكة من امامه متسائل:
-يعني أنا وظيفتي في الشغل وفي المهمة كلها، هتكون أني ببات برا البيت في الملهى هناك، مش كده؟
حرك «راسل» رأسه نافي، موضح:
-أكيد مكنش ده قصدنا، أنت بس كل اللي عليك أنك هتراقب الاوضاع هناك لفترة، يعني مش لازم تفضل هناك طول اليوم، ده أكيد مش هيحصل.
يطالعه «أدم» مصوب حدقتاه الخضرواتان صوبه، شارد الذهن، ليقول:
-أنتوا عارفين مين اللي سرقه؟
أومأ «راسل» قائل:
-عارفين بس معندناش دليل.
اجابه «أدم» مكمل حديثه:
-يبقى توريني صورهم علشان أعرف هركذ مع مين بالظبط.
أومأ «راسل» ببسمة تظهر سعادته لنجاح ماخطت له، قائل:
-أكيد هنفهمك كل حاجة أول ماتستلم الشغل بكرا.
أومأ «أدم» الذي استراح بجلسته أكثر، ممسك بفنجان قهوته الذي يحتسيه بشرود منه، مركذ نظراته صوب «راسل» ما إن قال:
-أنت لسه لابسها؟!
أشار بحاجبيه صوب الإسوارة بيده.
طالع «أدم» الإسوارة بيده، والتي كانت بسيطة لحد يجعل من يراها يتعجب؛ فلما رجل كهذا يلف هذا الخيط الحامل لإسمه حول معصمه:
-مش عارف ليه، بس مش قادر اتخلى عنها، يمكن لأني لسه بدور على الصداقة اللي كانت بتجمعنا!
يطالعه «راسل» الذي هدم اعتقاداته، حين قال:
-أنت مبتدورش على الصداقة، أنت بتدور على حُب طفولتك اللي ملهوش وجود، «أدم» أنت عارف كام شخص عايش في المدينة دي؟ عارف هي أصلًا عايشة ولا ميته، ولو عايشة فشكلها أكيد اتغير، ده غير إنك مستحيل تتعرف عليها أصلًا، أنا شاكك إنك اللي طلبت تتنقل هنا علشان تبقى في نفس المدينة، لا وطلبت كمان شقة قريبة من الحي القديم اللي كنت عايش فيه مع مامتك!
رفع «أدم» رأسه للأعلى مستند فوق حافة الأريكة، تتخلل اصابع يده بين خصلاته الفحمية برواق، ليقول في شرود منه وملل كذلك:
-أنت شاغل نفسك بحاجة مش صح، ده غير إنك قولتها، لو شوفتها أنا مستحيل اعرفها، وهي كمان نفس الحكاية، يعني في مكان واحد في شارع واحد، مش هيحصل.
(بمنزل هارلي).
تحدث «سام» منبهر ما إن رأى السلاح؛ فكم كان خلاب ولامعًا بحد يخطف الأنظار:
-أنتِ هتعملي فيه أيه؟ «هارلي» ده لو اتمسكتي بيه هما مستحيل يسيبوكِ.
طالعته «هارلي» تفكر، لتقول:
-يعني كنت عايزني اسيبه؟ ده غير إن قطعة واحدة بس من اللمعان ده، قادرة تحل مشاكل شعب كامل.
نهض «سام» الذي يتجهه صوب الثلاجة؛ حتى يحتسي المياه، ليقول في تسائل منه:
-أنتِ ناوية على أيه؟ هتوديه فين؟
رفعت «هارلي» اكتافها ببساطة، قائلة:
-مرتبتش علشان كده جيبتك ترتب معايا.
بصق «سام» المياه التي كان على وشك ابتلاعها، صدمة لما قالت، ليلتفت مطالعها بسخرية، قائل:
-يعني قولتي لقيتك عايش في أمان الله، فقولت اورطك في حاجة، صح كده؟
اجابته «هارلي» ببساطة، قائلة:
-أنت عارف يا «سام» إني مبحبش أعمل حاجة من غير وجودك معايا، وده لأنك أقرب صديق ليا، إلا بقى لو عوزت تقطع علاقتك بيا، ووقتها أنا مش هقبل.
أومأ «سام» بهدوء، قائل:
-يعني مفيش مفر.
أومأت «هارلي» مجيبة:
-بالظبط كده، تفتكر ممكن اخبيه فين لحد منلاقيله حل؟
تنهد «سام» الذي شرد قليلًا، قائل:
-حطيه في كيس أسود ودخليه الفريزر.
طالعته «هارلي» تفكر فيما قال، لتتحدث ببسمة لئيمة:
-فكرة تحفة، شوفت بقى أنا جيبتك معايا ليه؟
نهضت لتفعل كما اخبرها، مستمعة لحديثه، حين قوله:
-مش عارف من غيري كنتِ هتعملي أيه!
في اليوم التالي.
ما إن ذهب «أدم» إلى قسم الشرطة، وبالفعل اخبره اللوا عن مهمته رفقة «راسل» و«مونتايا».
يجلس «أدم» داخل مكتبه الجديد، يتطلع إلى تلك الأوراق امامه، والتي تعد تقرير كامل عن اللصوص.
أصبح يطالع صورتهم كأنه يحفر مظهرهم بمخيلته، وبالفعل قام بقرأة جميع المعلومات التي يعلموها فقط عنهم.
طرق «راسل» باب مكتبه، ليقوم بالدخول عقب سماحه بهذا.
طالعه «راسل» الذي تسائل:
-أيه كل حاجة تمام؟
ترك «أدم» الأوراق من يده، ليشعل سيجارته ناهض، عقب قوله:
-دي أول عملية سرقة ليهم؟
اجابه «راسل» نافي:
-هما مش متسجلين عندنا بس أكيد مش أول، اللي يخليهم يسرقوا حاجة زي كده، أكيد مش هتبقى أول مرة.
يطالعه «أدم» متناول سيجارته بهدوء، ليقول:
-يعني محصلتش واتمسكوا قبل كده، بما إني هكون مسئول عن جمع معلومات أكتر واراقبهم، فأكيد لازم تحطوا قوة من الشرطة تراقب بيتهم وتحركاتهم، وإلا مش هنقدر نعرف حاجة.
أومأ «راسل» قائل:
-كله تمام، كل ده مرتبينله.
اجابه «أدم»، قائل:
-يبقى نتوكل على الله، واعتبروا أنهم اتجابوا، ومعاهم السلاح كمان.