الفصل الرابع فتاة خارقة
تجمعوا حول سامح الملقى فوق لوح خشبي داخل كوخ خشبي، اقترب موسى بانفعال واضح وهو يقترب من مارجريت:
-اخبريني ما الذي يحدث له؟ ألا يوجد علاج لحالته تلك؟ كيف يكون التفاح أعلى الشجرة مسمم لا أفهم؟!
نظرت له للحظات وهي ثابتة في مكانها قبل أن تتحدث في هدوء:
-أنا من جعلتها مسممة، لا يجب على أحد أن يخالف القواعد، لا يجب على أي شخص أن يخالف حديثي هنا.
عقد موسى حاجبيه بعدم استيعاب:
-لا أفهم كيف جعلتيها مسممة؟ أنا حقًا لا أفهمكي!
اجابته مارجريت وقد تحولت عينيها للون الأسود:
-كما ترى ملكة موسم التفاح لديها بعض القوى الخارقة أيها العادي.
تراجع موسى في ذهول وعادت عينيها لطبيعتها من جديد وهي تتحدث بحزم وبصوت مرتفع وصل إليهم:
-اتركوه في مكانه، سوف يكون بخير بمفرده.
حرك علي رأسه بنفي وهو يمسك بيد والده في قلق:
-لن أتركه، أنا لا أفهم ما الذي يحدث أبي بماذا تشعر؟
كان سامح يتلوى من كثرة الألم وسليم يضع الثلج على وجهه بعد أن شعر بارتفاع درجة حرارته.
نظرت مارجريت لهم وتحدثت بصوت عالِ من جديد:
-لا يجب على أحد مخالفة القواعد هنا، أنا أحذركم جميعًا الآن.
نظر سامح إلى سليم وقد كانت دموعه تتساقط من كثرة الألم:
-لن أكل التفاح مرة أخرى، لقد اصبحت أبغضه كثيرًا، يا له من شيء غاية في الأذى.
حركت مارجريت رأسها ساخرة ومن ثم نظرت تجاه موسى وهي تتحدث إليه بصوت لا يمكنهم أن يسمعوه:
-أنظر هو لم يعترف بخطأه، لم يضع بالًا للشيء الذي فعله ومخالفته لأمري، بل يلقي اللوم على ثمرة التفاح في النهاية! غريب أليس كذلك؟!
خرجت وتبعها موسى بينما الباقي اصروا على البقاء بجوار سامح حتى يتعافى، يشعروا بالحيرة كيف يتعافى دون دواء؟ لكن لا يوجد لديهم خيار آخر، سوف يستمعوا لحديثها وينظروا ليشاهدوا ماذا سوف يحدث؟!
تحدثت مارجريت وهي تسير بجوار موسى الذي لم ينظر لها ولم ينطق بكلمة واحدة:
-أظن أنك مختلف كثيرًا عن عائلتك يا موسى، تشعرني بالهدوء وهذا جيد، ربما كانت التفاحة أكثر سُمية مما كان يجب ولكن هذا يرجع إلى علي.
توقف موسى عن السير وهو ينظر لها بحيرة:
-لم أفهم، كيف يكون علي السبب في هذا؟
اجابته مارجريت وقد توقفت عن السير هي أيضًا:
-ببساطة لأنه كان يوترني، يستمر في التحدث بطريقة لا أحبها، لم يعرف والده شيء عن التربية أليس كذلك؟
ابتلع موسى ما بحلقه وهو ينظر إلى عينيها البنية، شعر بالكثير من الحيرة تجاه تلك الفتاة ولكنه قرر سؤالها:
-كم عمركِ؟
اجابته مارجريت وهي تشعر بالتعجب من سؤاله المفاجئ في هذا الوقت:
-لا تبدو فكرة جيدة.
تعجب موسى من حديثها بينما هي تابعت الحديث:
-ليس من الجيد أن تسأل فتاة عن سنها، لا يوجد امرأة تحب هذا أم أن عالمكم مختلف؟
ضحك موسى وهو يحرك رأسه بنفي:
-ليس مختلف أبدًا يا مارجريت.
نظرت له وقد تعجبت من مناداته باسمها دون القاب، تدارك نفسه بعد أن لاحظ نظراتها وتغير وجهها:
-أعتذر يا ملكة مارجريت.
تابعت السير دون تعليق وسار معها، كان يستغل الوقت وهو يتأمل كل شيء حوله، عندما لاحظت اعجابه الشديد بالجزيرة سارت بشكل أهدى ليستطيع تأملها كيفما شاء، سمعت صوته وهو يحدث نفسه بحيرة:
-كيف تكون الفتيات متشابهات إلى هذا الحد هنا، الشعر ولون العيون!
اجابته مارجريت باقتناع:
-إنها جزيرة الأزهار، يبدوا متشابهون كما لو كانوا من فصيلة واحدة ولكن إن دققت النظر سوف تجد أن لكل فتاة جمالها الخاص وملامحهم ليست واحدة، على كل حال لن تعرف هذا؛ لأنه من السيء أن تطيل النظر في وجه امرأة.
أومأ موسى لها وقد ابتسم دون إرادة منه:
-أجل معكِ حق، أنا لست عديم الأخلاق لأفعل هذا.
ساروا معًا وهم يتحدثوا بين الحين والآخر، كان موسى يحب كل شيء حوله، بداية من الأزهار وحتى أشجار التفاح، بدت شهية كثيرًا ولكنه ذكر نفسه بالشيء الذي حدث مع عمه ليتراجع على الفور، هو لا يريد أن يقضي رحلته في هذا الألم.
-------
أتى اليوم التالي، كانت هدى مترددة في الذهاب إلى الجامعة، لكنها حسمت أمرها وهي تخبر نفسها أن عليها الهدوء وعدم الشعور بالخوف، هي لا يمكنها أن تختبأ وهي على حق! سوف تواجه كل شيء يقلقها وإن تعرض لها سوف تقوم بطلب الأمن له دون أي انتظار.
كادت سيارة أن تصدمها أثناء عبورها للطريق وهي شاردة، توقفت أمامها على آخر لحظة لا تعلم كيف ولكنها لم تسلم كليًا وقد صدمتها بشكل أبسط، سقطت هدى وهي تتألم وهبط مازن على الفور، هو لم يكن يحضر لهذا ولكنه صدم عندما كاد يصدم فتاة لا يعرف من أين ظهرت فجأة.
والأكثر صدمة أن هذه الفتاة هي هدى دونًا عن الجميع:
-هل أنتِ بخير؟ انظري لي بماذا تشعرين؟
كانت تمسك بزراعها بألم لاحظه، رفعت وجهها لتنظر له ولكنها تفاجأت أن هذا الشاب هو نفسه الذي قام بالدفاع عنها ليلة أمس أمام علاء:
-لا أعرف أنا أشعر بالكثير من الألم.
مد مازن يده لها وهو يتحدث بلين معها:
-حسنًا يمكنكي أن تمسكي بي، سوف أساعدكي وكل شيء سوف يكون على مايرام، لا داعي للقلق.
وقفت هدى وهي تشعر بالكثير من الألم وقام مازن بفتح باب سيارته بشكل سريع وهو يحثها على التقدم:
-اقتربي واصعدي في سيارتي سوف أخذكي إلى المستشفى.
حركت هدى رأسها بنفي وهي تحاول أن تتحكم في هذا الألم:
-لا يوجد داعي لهذا، أنا سوف أكون بخير.
حرك مازن رأسه بنفي وتحدث بتصميم:
-لا يمكنني أن أترككي، يبدو أن زراعكِ كُسر يا فتاة، أنا سوف أوصلكي للمستشفى، يمكنكي التحدث مع أي شخص من عائلتك ليأتي إلى هناك ويبقى معكِ، أريد منكِ أن تطمئني فقط.
ابتلعت هدى ما بحلقها وهي تشعر بالكثير من التشتت، صعدت معه بالفعل وهو يبتسم ويشعر بالسعادة، يقول في نفسه أنها البداية لقلبها، سوف يستغل هذا اليوم ويؤثر عليها.
كان يراها ممسكة بالهاتف ويبدو عليها التردد، تمنى أن تبقى هادئة ولا تتحدث مع والديها حتى يتمكن من قضاء وقت أكبر معها، بالفعل لم تتصل بأي شخص، كان يراها تحاول أن تمنع ألمها، لكن من وقت إلى آخر تخرج الأمور عن سيطرتها ويغادر الألم شفتيها، تحدث إليها بحزن مصطنع:
-أنا آسف لهذا الشيء، أنا لم أراكي، لقد كنت أسير وظهرتي أمامي فجأة، حاولت أن أوقفها بأقصى سرعة لدي، لكن لم يفلح الأمر على كل حال، أنا أشعر بالذنب حقًا.
حركت هدى رأسها بنفي وهي تحاول السيطرة على ألمها:
-لا يوجد داعي للقلق أو الشعور بالذنب، في الحقيقة أنا التي لم تنتبه، حاول أن تركز على الطريق حتى لا نقوم بحادث وتضطر لتحمل مسؤولية شخص آخر.
ابتسم مازن وهو يومأ:
-سوف أفعل هذا لا يوجد داعي للقلق.
اغمضت عينيها وهي تحاول جعل جسدها ثابتًا دون حركة، كلما تحركت بسبب السيارة يتعالى صوت ألمها مما كان يزعج مازن كثيرًا، وصلوا أخيرًا إلى المستشفى، كما توقع مازن لقد كان لدى هدى كسر في الزراع، جلس مازن بجوارها على السري روهو يتابع الجبيرة حول زراعها:
-أنا أسف حقا يا فتاة لم أكن أقصد هذا، أنا حقا أشعر بالكثير من الذنب.
نظرت هدى له، لا تعلم ما الذي يجب عليها أن تقوله، تظن أنه لا يتذكر أنها نفسها الفتاة الذي دافع عنها!
لاحظ مازن شرودها ونظراتها له، يعلم أنها تشعر بالتردد في اخباره، حاول أن يكمل في عدم تذكره:
-هل كنتِ ذاهبة الى مكان ما في هذا الوقت؟
اومات له في هدوء دون أن تتحدث بكلمة واحدة، تابع مازن حديثه من جديد:
-أنا في الجامعة، كلية الفنون الجميلة، أنت تعملين ألست محق؟
حركت هدى رأسها بنفي وهي تخبره بهدوء:
-يبدو أنك لا تتذكرني، أنا زميلتك في الجامعة، أنا نفسها الفتاة التي دافعت عنها ليلة أمس.
اتسعت أعين مازن وهو يمثل عدم المعرفة كما لو أنها فاجأته حقًا:
-أجل لقد تذكرت، اعذريني يا فتاة أنا لم أدقق في ملامحك.
حركت هدى رأسها بنفي وهي تجيبه:
-لا توجد مشكلة، أنا أريد الذهاب من هنا، أظن أنني يمكنني هذا.
أومأ مازن لها وهو ينظر إلى ساعة يده:
-بالطبع يمكنكي هذا ولكن من الأفضل أن تنتظري لبعض الوقت، لا أريد أن يحدث أي مضاعفات لكِ.
نظرت له وعندما التقت أعينهم ابعدتها سريعًا ولم تلاحظ الابتسامة التي ارتسمت على ثغر مازن كما لو كان يعلم عن كونه المنتصر في معركة لم تبدأ بعد.
------
-أراك تشاهد ثمار التفاح من بعيد ألا ترغب في تذوقها؟
كان هذا سؤال الملكة مارجريت إلى موسى الذي ضحك وهو يحرك رأسه بنفي:
-لا أظنها فكرة جيدة، في النهاية أنا هنا من أجل المتعة وليس التسمم.
اقتربت مارجريت في هذا الوقت من أحد الأشجار ومن ثم قامت بقطف ثمرة تفاح لتقدمها له:
-لا تخف لن يحدث لك شيء.
ضيق موسى عينيه وهو ينظر لها ويمسك بالتفاحة، تابعت الملكة مارجريت الحديث وهي تحرك رأسها بنفي:
-لا يجب عليك أن تقلق يا موسى، أنت برفقة الملكة مارجريت وكلمتي واحدة، سوف تعرف هذا أكيد مع الوقت.
قرب موسى التفاحة من فمه ومن ثم بدأ في قضمها وتناولها، كانت أعين مارجريت تتابعه بينما هو ابتسم:
-رائعة، لا أظن أن هذا المذاق الرائع من الممكن أن يكون مسمم.
تحدثت مارجريت بحيرة:
-ماذا لو كانت طيبة المذاق ومسممة؟
ضحك موسى وهو ينظر لها بحيرة:
-ما الأمر أيتها الملكة أنتِ تحاولين نشر الخوف في قلوب ضيوفك أم ماذا؟
حركت مارجريت رأسها بنفي وهي تسير ليسير بجوارها حتى وصوا أمام شلال قد نال اعجاب موسى من النظرة الأولى:
-يا له من شلال جميل، لقد احببته كثيرًا حقا.
ابتسمت مارجريت وهي تشير له على أسفل الشالا، اقترب موسى بحيرة منها وهو يحاول أن يفهم ما الذي تعنيه وما إن اقترب حتى اتسعت عينيه في انبهار حقيقي وهو يرى الكثير من ثمار التفاح تسير بطول النهر، نظر الى مارجريت بعدم استيعاب:
-هل هذا ممكن؟ أشعر أنني في مشهد من رواية خيالية حقا.
ضحكت مارجريت للمرة الأولى وهي ترى انبهاره الشديد وطريقة حديثه، انتبه لها وصدرت منه ابتسامة خجولة:
-ربما بالغت في حماسي بعض الشيء، من المؤسف أن الجميع ليسوا معنا في هذا الوقت.
تحدثت مارجريت وقد بدت ثابته:
-الأمر محير للغاية، أنت لا تشبههم وهذا واضح جدا، أتساءل هل هم عائلتك حقا؟
أومأ لها موسى واقترب ليقف أمامها قائلا:
-هم عائلتي أنا أحبهم كثيرًا، لكن لدى كل شخص منهم عيب، أظن أن هذا الأمر طبيعي لا يوجد أشخاص بلا عيوب.
حركت مارجريت رأسها بنفي وهي تخبره ببساطة:
-أظن أنه يوجد أشخاص بلا عيوب، ربما لأن صفاتهم التي من الممكن أن تكون سيئة هي مميزات مقارنة بالكثير من الأشخاص.
ابتسم موسى وهو يومأ لها:
-أظن أنكِ محقة في هذا يا ملكة مارجريت.
تابعت مارجريت النهر وهو كان ينظر لها بحيرة، لم يستطيع بعد فهم شخصيتها، ربما شعر بالانجذاب لأختلافها الشديد، ربما ستكون أول بطلة في روايته التي لم يبدأ بعد في كتابتها.
-------
وصلت سيارة مازن أمام منزل هدى، نظر تجاه زراعها وشعرت أنه مازال يشعر بالذنب، حركت رأسها بنفي وهي تتحدث إليه:
-لا يوجد داعي للقلق أنا على مايرام، حتى أن الدواء لا يجعلني أشعر بالألم.
نظر مازن إلى العمارة التي تسكن بها والباب الحديدي على يمينهم، سألها باهتمام:
-اخبريني يا هدى هل سوف تأتين للجامعة يا ترى؟
اومأت له ولم تفهم لماذا يسألها هذا السؤال، لكنه تابع الحديث قائلا:
-في الحقيقة لا يمكنني أن أترككي تأتين عبر المواصلات وأنا من تسببت في تلك الحالة لك، سوف أمر عليكِ قبل الذهاب إلى الكلية واصطحبك معي اتفقنا؟
اتسعت أعين هدى وهي تحرك رأسها بنفي:
-بالطبع لا يا مازن لا يمكنني الذهاب معك، أنا بخير وسوف أنتبه أكثر في المرة القادمة، أيضا إن علم والدي أو علمت أمي بهذا سوف يكون الوضع صعب ولن يتفهموا مساعدتك لي ونيتك السليمة.
حرك مازن رأسه بنفي:
-لا يفرق معي كل هذا يا هدى أنا سوف أنتظركي في مكان بالقرب من هنا ولن يكتشفوا الأمر.
-اخبريني ما الذي يحدث له؟ ألا يوجد علاج لحالته تلك؟ كيف يكون التفاح أعلى الشجرة مسمم لا أفهم؟!
نظرت له للحظات وهي ثابتة في مكانها قبل أن تتحدث في هدوء:
-أنا من جعلتها مسممة، لا يجب على أحد أن يخالف القواعد، لا يجب على أي شخص أن يخالف حديثي هنا.
عقد موسى حاجبيه بعدم استيعاب:
-لا أفهم كيف جعلتيها مسممة؟ أنا حقًا لا أفهمكي!
اجابته مارجريت وقد تحولت عينيها للون الأسود:
-كما ترى ملكة موسم التفاح لديها بعض القوى الخارقة أيها العادي.
تراجع موسى في ذهول وعادت عينيها لطبيعتها من جديد وهي تتحدث بحزم وبصوت مرتفع وصل إليهم:
-اتركوه في مكانه، سوف يكون بخير بمفرده.
حرك علي رأسه بنفي وهو يمسك بيد والده في قلق:
-لن أتركه، أنا لا أفهم ما الذي يحدث أبي بماذا تشعر؟
كان سامح يتلوى من كثرة الألم وسليم يضع الثلج على وجهه بعد أن شعر بارتفاع درجة حرارته.
نظرت مارجريت لهم وتحدثت بصوت عالِ من جديد:
-لا يجب على أحد مخالفة القواعد هنا، أنا أحذركم جميعًا الآن.
نظر سامح إلى سليم وقد كانت دموعه تتساقط من كثرة الألم:
-لن أكل التفاح مرة أخرى، لقد اصبحت أبغضه كثيرًا، يا له من شيء غاية في الأذى.
حركت مارجريت رأسها ساخرة ومن ثم نظرت تجاه موسى وهي تتحدث إليه بصوت لا يمكنهم أن يسمعوه:
-أنظر هو لم يعترف بخطأه، لم يضع بالًا للشيء الذي فعله ومخالفته لأمري، بل يلقي اللوم على ثمرة التفاح في النهاية! غريب أليس كذلك؟!
خرجت وتبعها موسى بينما الباقي اصروا على البقاء بجوار سامح حتى يتعافى، يشعروا بالحيرة كيف يتعافى دون دواء؟ لكن لا يوجد لديهم خيار آخر، سوف يستمعوا لحديثها وينظروا ليشاهدوا ماذا سوف يحدث؟!
تحدثت مارجريت وهي تسير بجوار موسى الذي لم ينظر لها ولم ينطق بكلمة واحدة:
-أظن أنك مختلف كثيرًا عن عائلتك يا موسى، تشعرني بالهدوء وهذا جيد، ربما كانت التفاحة أكثر سُمية مما كان يجب ولكن هذا يرجع إلى علي.
توقف موسى عن السير وهو ينظر لها بحيرة:
-لم أفهم، كيف يكون علي السبب في هذا؟
اجابته مارجريت وقد توقفت عن السير هي أيضًا:
-ببساطة لأنه كان يوترني، يستمر في التحدث بطريقة لا أحبها، لم يعرف والده شيء عن التربية أليس كذلك؟
ابتلع موسى ما بحلقه وهو ينظر إلى عينيها البنية، شعر بالكثير من الحيرة تجاه تلك الفتاة ولكنه قرر سؤالها:
-كم عمركِ؟
اجابته مارجريت وهي تشعر بالتعجب من سؤاله المفاجئ في هذا الوقت:
-لا تبدو فكرة جيدة.
تعجب موسى من حديثها بينما هي تابعت الحديث:
-ليس من الجيد أن تسأل فتاة عن سنها، لا يوجد امرأة تحب هذا أم أن عالمكم مختلف؟
ضحك موسى وهو يحرك رأسه بنفي:
-ليس مختلف أبدًا يا مارجريت.
نظرت له وقد تعجبت من مناداته باسمها دون القاب، تدارك نفسه بعد أن لاحظ نظراتها وتغير وجهها:
-أعتذر يا ملكة مارجريت.
تابعت السير دون تعليق وسار معها، كان يستغل الوقت وهو يتأمل كل شيء حوله، عندما لاحظت اعجابه الشديد بالجزيرة سارت بشكل أهدى ليستطيع تأملها كيفما شاء، سمعت صوته وهو يحدث نفسه بحيرة:
-كيف تكون الفتيات متشابهات إلى هذا الحد هنا، الشعر ولون العيون!
اجابته مارجريت باقتناع:
-إنها جزيرة الأزهار، يبدوا متشابهون كما لو كانوا من فصيلة واحدة ولكن إن دققت النظر سوف تجد أن لكل فتاة جمالها الخاص وملامحهم ليست واحدة، على كل حال لن تعرف هذا؛ لأنه من السيء أن تطيل النظر في وجه امرأة.
أومأ موسى لها وقد ابتسم دون إرادة منه:
-أجل معكِ حق، أنا لست عديم الأخلاق لأفعل هذا.
ساروا معًا وهم يتحدثوا بين الحين والآخر، كان موسى يحب كل شيء حوله، بداية من الأزهار وحتى أشجار التفاح، بدت شهية كثيرًا ولكنه ذكر نفسه بالشيء الذي حدث مع عمه ليتراجع على الفور، هو لا يريد أن يقضي رحلته في هذا الألم.
-------
أتى اليوم التالي، كانت هدى مترددة في الذهاب إلى الجامعة، لكنها حسمت أمرها وهي تخبر نفسها أن عليها الهدوء وعدم الشعور بالخوف، هي لا يمكنها أن تختبأ وهي على حق! سوف تواجه كل شيء يقلقها وإن تعرض لها سوف تقوم بطلب الأمن له دون أي انتظار.
كادت سيارة أن تصدمها أثناء عبورها للطريق وهي شاردة، توقفت أمامها على آخر لحظة لا تعلم كيف ولكنها لم تسلم كليًا وقد صدمتها بشكل أبسط، سقطت هدى وهي تتألم وهبط مازن على الفور، هو لم يكن يحضر لهذا ولكنه صدم عندما كاد يصدم فتاة لا يعرف من أين ظهرت فجأة.
والأكثر صدمة أن هذه الفتاة هي هدى دونًا عن الجميع:
-هل أنتِ بخير؟ انظري لي بماذا تشعرين؟
كانت تمسك بزراعها بألم لاحظه، رفعت وجهها لتنظر له ولكنها تفاجأت أن هذا الشاب هو نفسه الذي قام بالدفاع عنها ليلة أمس أمام علاء:
-لا أعرف أنا أشعر بالكثير من الألم.
مد مازن يده لها وهو يتحدث بلين معها:
-حسنًا يمكنكي أن تمسكي بي، سوف أساعدكي وكل شيء سوف يكون على مايرام، لا داعي للقلق.
وقفت هدى وهي تشعر بالكثير من الألم وقام مازن بفتح باب سيارته بشكل سريع وهو يحثها على التقدم:
-اقتربي واصعدي في سيارتي سوف أخذكي إلى المستشفى.
حركت هدى رأسها بنفي وهي تحاول أن تتحكم في هذا الألم:
-لا يوجد داعي لهذا، أنا سوف أكون بخير.
حرك مازن رأسه بنفي وتحدث بتصميم:
-لا يمكنني أن أترككي، يبدو أن زراعكِ كُسر يا فتاة، أنا سوف أوصلكي للمستشفى، يمكنكي التحدث مع أي شخص من عائلتك ليأتي إلى هناك ويبقى معكِ، أريد منكِ أن تطمئني فقط.
ابتلعت هدى ما بحلقها وهي تشعر بالكثير من التشتت، صعدت معه بالفعل وهو يبتسم ويشعر بالسعادة، يقول في نفسه أنها البداية لقلبها، سوف يستغل هذا اليوم ويؤثر عليها.
كان يراها ممسكة بالهاتف ويبدو عليها التردد، تمنى أن تبقى هادئة ولا تتحدث مع والديها حتى يتمكن من قضاء وقت أكبر معها، بالفعل لم تتصل بأي شخص، كان يراها تحاول أن تمنع ألمها، لكن من وقت إلى آخر تخرج الأمور عن سيطرتها ويغادر الألم شفتيها، تحدث إليها بحزن مصطنع:
-أنا آسف لهذا الشيء، أنا لم أراكي، لقد كنت أسير وظهرتي أمامي فجأة، حاولت أن أوقفها بأقصى سرعة لدي، لكن لم يفلح الأمر على كل حال، أنا أشعر بالذنب حقًا.
حركت هدى رأسها بنفي وهي تحاول السيطرة على ألمها:
-لا يوجد داعي للقلق أو الشعور بالذنب، في الحقيقة أنا التي لم تنتبه، حاول أن تركز على الطريق حتى لا نقوم بحادث وتضطر لتحمل مسؤولية شخص آخر.
ابتسم مازن وهو يومأ:
-سوف أفعل هذا لا يوجد داعي للقلق.
اغمضت عينيها وهي تحاول جعل جسدها ثابتًا دون حركة، كلما تحركت بسبب السيارة يتعالى صوت ألمها مما كان يزعج مازن كثيرًا، وصلوا أخيرًا إلى المستشفى، كما توقع مازن لقد كان لدى هدى كسر في الزراع، جلس مازن بجوارها على السري روهو يتابع الجبيرة حول زراعها:
-أنا أسف حقا يا فتاة لم أكن أقصد هذا، أنا حقا أشعر بالكثير من الذنب.
نظرت هدى له، لا تعلم ما الذي يجب عليها أن تقوله، تظن أنه لا يتذكر أنها نفسها الفتاة الذي دافع عنها!
لاحظ مازن شرودها ونظراتها له، يعلم أنها تشعر بالتردد في اخباره، حاول أن يكمل في عدم تذكره:
-هل كنتِ ذاهبة الى مكان ما في هذا الوقت؟
اومات له في هدوء دون أن تتحدث بكلمة واحدة، تابع مازن حديثه من جديد:
-أنا في الجامعة، كلية الفنون الجميلة، أنت تعملين ألست محق؟
حركت هدى رأسها بنفي وهي تخبره بهدوء:
-يبدو أنك لا تتذكرني، أنا زميلتك في الجامعة، أنا نفسها الفتاة التي دافعت عنها ليلة أمس.
اتسعت أعين مازن وهو يمثل عدم المعرفة كما لو أنها فاجأته حقًا:
-أجل لقد تذكرت، اعذريني يا فتاة أنا لم أدقق في ملامحك.
حركت هدى رأسها بنفي وهي تجيبه:
-لا توجد مشكلة، أنا أريد الذهاب من هنا، أظن أنني يمكنني هذا.
أومأ مازن لها وهو ينظر إلى ساعة يده:
-بالطبع يمكنكي هذا ولكن من الأفضل أن تنتظري لبعض الوقت، لا أريد أن يحدث أي مضاعفات لكِ.
نظرت له وعندما التقت أعينهم ابعدتها سريعًا ولم تلاحظ الابتسامة التي ارتسمت على ثغر مازن كما لو كان يعلم عن كونه المنتصر في معركة لم تبدأ بعد.
------
-أراك تشاهد ثمار التفاح من بعيد ألا ترغب في تذوقها؟
كان هذا سؤال الملكة مارجريت إلى موسى الذي ضحك وهو يحرك رأسه بنفي:
-لا أظنها فكرة جيدة، في النهاية أنا هنا من أجل المتعة وليس التسمم.
اقتربت مارجريت في هذا الوقت من أحد الأشجار ومن ثم قامت بقطف ثمرة تفاح لتقدمها له:
-لا تخف لن يحدث لك شيء.
ضيق موسى عينيه وهو ينظر لها ويمسك بالتفاحة، تابعت الملكة مارجريت الحديث وهي تحرك رأسها بنفي:
-لا يجب عليك أن تقلق يا موسى، أنت برفقة الملكة مارجريت وكلمتي واحدة، سوف تعرف هذا أكيد مع الوقت.
قرب موسى التفاحة من فمه ومن ثم بدأ في قضمها وتناولها، كانت أعين مارجريت تتابعه بينما هو ابتسم:
-رائعة، لا أظن أن هذا المذاق الرائع من الممكن أن يكون مسمم.
تحدثت مارجريت بحيرة:
-ماذا لو كانت طيبة المذاق ومسممة؟
ضحك موسى وهو ينظر لها بحيرة:
-ما الأمر أيتها الملكة أنتِ تحاولين نشر الخوف في قلوب ضيوفك أم ماذا؟
حركت مارجريت رأسها بنفي وهي تسير ليسير بجوارها حتى وصوا أمام شلال قد نال اعجاب موسى من النظرة الأولى:
-يا له من شلال جميل، لقد احببته كثيرًا حقا.
ابتسمت مارجريت وهي تشير له على أسفل الشالا، اقترب موسى بحيرة منها وهو يحاول أن يفهم ما الذي تعنيه وما إن اقترب حتى اتسعت عينيه في انبهار حقيقي وهو يرى الكثير من ثمار التفاح تسير بطول النهر، نظر الى مارجريت بعدم استيعاب:
-هل هذا ممكن؟ أشعر أنني في مشهد من رواية خيالية حقا.
ضحكت مارجريت للمرة الأولى وهي ترى انبهاره الشديد وطريقة حديثه، انتبه لها وصدرت منه ابتسامة خجولة:
-ربما بالغت في حماسي بعض الشيء، من المؤسف أن الجميع ليسوا معنا في هذا الوقت.
تحدثت مارجريت وقد بدت ثابته:
-الأمر محير للغاية، أنت لا تشبههم وهذا واضح جدا، أتساءل هل هم عائلتك حقا؟
أومأ لها موسى واقترب ليقف أمامها قائلا:
-هم عائلتي أنا أحبهم كثيرًا، لكن لدى كل شخص منهم عيب، أظن أن هذا الأمر طبيعي لا يوجد أشخاص بلا عيوب.
حركت مارجريت رأسها بنفي وهي تخبره ببساطة:
-أظن أنه يوجد أشخاص بلا عيوب، ربما لأن صفاتهم التي من الممكن أن تكون سيئة هي مميزات مقارنة بالكثير من الأشخاص.
ابتسم موسى وهو يومأ لها:
-أظن أنكِ محقة في هذا يا ملكة مارجريت.
تابعت مارجريت النهر وهو كان ينظر لها بحيرة، لم يستطيع بعد فهم شخصيتها، ربما شعر بالانجذاب لأختلافها الشديد، ربما ستكون أول بطلة في روايته التي لم يبدأ بعد في كتابتها.
-------
وصلت سيارة مازن أمام منزل هدى، نظر تجاه زراعها وشعرت أنه مازال يشعر بالذنب، حركت رأسها بنفي وهي تتحدث إليه:
-لا يوجد داعي للقلق أنا على مايرام، حتى أن الدواء لا يجعلني أشعر بالألم.
نظر مازن إلى العمارة التي تسكن بها والباب الحديدي على يمينهم، سألها باهتمام:
-اخبريني يا هدى هل سوف تأتين للجامعة يا ترى؟
اومأت له ولم تفهم لماذا يسألها هذا السؤال، لكنه تابع الحديث قائلا:
-في الحقيقة لا يمكنني أن أترككي تأتين عبر المواصلات وأنا من تسببت في تلك الحالة لك، سوف أمر عليكِ قبل الذهاب إلى الكلية واصطحبك معي اتفقنا؟
اتسعت أعين هدى وهي تحرك رأسها بنفي:
-بالطبع لا يا مازن لا يمكنني الذهاب معك، أنا بخير وسوف أنتبه أكثر في المرة القادمة، أيضا إن علم والدي أو علمت أمي بهذا سوف يكون الوضع صعب ولن يتفهموا مساعدتك لي ونيتك السليمة.
حرك مازن رأسه بنفي:
-لا يفرق معي كل هذا يا هدى أنا سوف أنتظركي في مكان بالقرب من هنا ولن يكتشفوا الأمر.