الفصل الثاني عم موسى
نظر موسى مطولًا إلى والدته ولا يعلم بماذا عليه أن يجيبها:
-في الحقيقة يا أمي غريب طلبكِ، كيف تريدين مني أن أراقبه؟ هو ليس طفل صغير، على قلبكِ أن يطمئن، ربما تحتاجين أن تثقي به بشكل أكبر من هذا!
حركت والدته رأسها بعدم رضا وهي لا تشعر بالرضا:
-أنا لا أشعر بالراحة عندما يتواجد مع عمك سامح، هو يصبح أكثر تفاعلًا مع الأجواء من حوله، تعلم أن هاجر زوجة عنك تعاني من أفعاله الصبيانة ولا يدع بالًا لها أو لعمره، لا أريد لوالدك أن يصبح مثله.
حرك موسى رأسه بنفي وهو لا يشعر بالرضا عن حديثها:
-لا يا أمي الأمر مختلف، ليس عليكِ أن تسمعي شيء منها؛ ببساطة لأن طباع أبي غير عمي سامح تمامًا، هو أكثر مسؤولية ويجيد التعامل، كما أنه يجسد ارضائكِ!
زفرت عايدة بضيق شديد ولم تحصل على الإجابة التي تسعى إليها:
-أنت ترفض طلبي إذًا يا موسى! إن كنت تعلم أن والدك رجل مستقيم وأنه لن يفعل شيء ليضايقني لماذا ترفض أن تقول شيء لي يا ترى؟
أخذ موسى نفس عميق وقام باخراجه في هدوء وهو يقول لها:
-ببساطة لأن هذا المبدأ مخالف لحياتنا يا أمي، ليس علينا التربص للمشاكل بشكل دائم، أنا سوف أذهب مع أبي وهو ليس من هذا النوع الطائش، لم أحب أن تكثري في الحديق مع زوجة عمي وتكون ردود أفعالكِ تجاه أبي ناتجة عن أفعال عمي سامح! لا أجد هذا الأمر صائب أو منطقي.
سمعوا صوت سليم أمام الغرفة في هذا الوقت:
-دعك من محاولة اقناعها يا موسى، لقد فقدت عايدة بصيرتها ولم تعد تثق بي، لا أصدق حقًا أنكِ منذ دقائق كنتِ تخبريني بالأشياء المعاكسة لحديثكِ هذا.
لاحظت ضيقه الشديد وحزنه الحقيقي، لا تعرف ما الذي تقوله، كان هذا آخر شيء تريده اليوم، ابتلعت ما بحلقها وهي تحاول أن تجد ما يناسبها من الكلمات:
-ماذا بك يا سليم؟ أنا أشعر بالقلق عليك وأحاول أن أطمئن و..
قاطعها سليم وقد سيطرة خيبة الأمل على نبرة صوته هذه المرة:
-أنا لا أنتظر أي تبرير منكِ يا عايدة، ربما اعتدت هذا الأمر، مهما فعلت لارضائكِ تبقين كما أنتِ، لا تلقي بالًا لي أو لمشاعري، سوف أذهب لأنام بجدية هذه المرة ولا أرغب في أي نقاش، من الأفضل أن لا تنامي في الغرفة حتى أذهب من هنا.
غادر إلى غرفته بينما عايدة اوشكت على البكاء، حرك موسى رأسه بضيق شديد:
-لم أكن أريد لهذا الشيء أن يحدث يا أمي ولكن عليكِ أن تثقي بنفسكِ أكثر وتثقي بأبي، هو يحبكي ولن يفكر في خيانتكِ، هو ليس مثل عمي سامح وأنتِ لستِ مثل زوجته هاجر.
خرجت عايدة من غرفة موسى وهي تشعر بالكثير من الضيق، لا تعلم ماذا عليها أن تفعل، هي لم تكن تريد أن تتشاجر معه بالأخص في هذا الوقت، لا يمكنها أن تجعله يسافر وهو غير راضي عنها، اقتربت من السرير بينما هو كان مغمض الأعين لتتحدث بصوت مرتجف:
-أنا أعرف أنك مازلت مستيقظ يا سليم.
ابتسم سليم ساخرًا وهو يحرك رأسه بضيق شديد:
-وهل اخبرتكِ أنني نائم؟ أتذكر أنني قولت أن تدعيني وشأني لكنكِ لم تفعلي، لهذا السبب سوف أترك لكِ الغرفة بأكملها لعلكِ ترتاحي يا عايدة.
أوشك على الخروج لكنها وقفت أمامه في سرعة ولا تعلم ما الذي يجب عليها أن تفعله لتتحدث برجاء:
-توقف عن هذا يا سليم، لا يمكنك الخروج بتلك الطريقة، سوف يرى ابنائك هذا ودعهم يظنون أننا بخير ولم نتشاجر.
ابتسم سليم ساخرًا وهو يحرك رأسه بعدم استيعاب:
-أنا حقًا لم أعد أفهمكي يا عايدة، منذ متى وأنتِ تهتمين لشيء كهذا؟ لقد وقفتي في منتصف الصالة وأنتِ تتحدثين بانفعال وكأن لا شيء يهمكي!
قضمت عايدة شفتها السفلى وهي تشعر بالكثير من الضيق:
-أنا آسفة يا سليم، لقد اخطأت بحقك، تعلم أنني غير معتادة على الاعتذار لأنني أرى أنني أفكر جيدًا قبل فعل أي شيء ولكن في الحقيقي أسفي هذا على حزنك وخيبة أملك، لا يمكنني تحمل هذا الشيء، أنا أحبك يا سليم أنا لا يمكنني أن أتخلى عنك مهما حدث.
نظر لها بينما هي تشعر بالكثير من الضيق ولا تعلم ماذا تقول، اومأت له وهي تشعر بالضيق الشديد:
-أجل أنا أشعر بالغيرة عليك، أقلق من أن تفعل شيء لا يمكنني أن أسامحك من بعدها، أنا أسفة يا سليم.
حرك سليم رأسه باستسلام وهو ينظر لها:
-لا يمكنني الغضب منكِ يا عايدة، تعلمين كيف تجعليني أخسر الرهان في كل مرة.
ابتسمت عايدة ومازال الحزن يخيم على عينيها، اقتربت ومن ثم استندت برأسها على صدره:
-أنا واثقة بك، لكن لا يمكنني التحكم في غيرتي في كثير من الأوقات، هذه هي المشكلة.
قام سليم بتقبيل جبينها وقد كانت غيرتها تروق له كثيرًا، لكن ما يفسد الأمر عندما تتحول الغيرة لشجار عنيف بينهم من اللاشيء!
أتى اليوم التالي وما إن انتهى موسى من العمل حتى عاد إلى المنزل وقد تبلل شعره من الأمطار، تحدث سليم ممازحًا إياه:
-غدًا سوف نذهب في رحلتنا ولن تعود بتلك الحالة أبدًا.
حرك موسى رأسه بتعجب:
-ألا يوجد شتاء هناك أم ماذا؟
اجابه سليم بحيرة وهو يفكر في حديث أخيه وصديقه:
-في الحقيقة لا أحد يعلم تمام المعرفة، لكن الأجواء لديها رونقها الخاص، سوف نكتشف هذا، هيا قم بتحضير حقيبتك، قم بوضع ملابس تناسب الشتاء وأخرى الصيف، لا يمكننا أن نخمن الظروف.
أومأ موسى له وذهب ليبدل ثيابه ويبدأ في إعداد حقيبته، لا يصدق أنه لن يأخذ الهاتف معه، من الصعب أن يستغنى عنه وكما قال والده سوف يبقوا لأيام ألن يشعر بالملل؟ حرك رأسه مستسلمًا في النهاية وهو يخبر نفسه أن هذه القواعد ويجب عليه أن يتبعها.
وضع دفتره المحبب إلى قلبه وفي ذات الوقت كانت جميع أوراقه بيضاء، تنتظر أن يرسم خطوط روايته وكلما حاول اصابه الإحباط أنها ليست كما يريد وهو يتوقع الأفضل.
وصلت سيارة سامح أخ سليم لتشعر عايدة بدمائها تحترق، حاولت أن تبقى ثابتة ولا تعطي بالًا لأفكارها حتى لا تزعج زوجها قبل أن يغادر، اقترب سليم منها ليقوم بضمها هامسًا:
-سوف أشتاق لكِ يا عايدة، اعتني بنفسكِ وبالأولاد، لا تتركي حازم يحمل العبء وحده طوال هذه المدة، أعلم أنه يستطيع تحمل المسؤولية، لكن لا تنسي أنه مازال صغير.
حرك حازم رأسه باستنكار:
-لست صغير يا أبي، لا تقلق سوف أهتم لهم جيدًا.
أومأ سليم وتابع توديع باقي ابناءه، هبط موسى بعد أن انتهى من تبادل السلام مع عائلته وترك والده وهو يخبره بالكثير من النصائح، ابتسم سامح فور رؤيته إلى موسى:
-لقد اشتقت لك يا فتاة، لن تصدق كم كنت سعيد عندما اخبرني والدك أنك سوف تأتي، الكثير من الفتيات هناك سوف يجبروك على السعادة الأبدية.
خرج ابنه علي من السيارة غامزًا إلى موسى:
-يقولوا أن الفتيات على هذه الجزيرة بجمال خاص وخالص.
شعر موسى بعدم الراحة وهو يتمنى أن يبقى فمهم مغلق حتى لا تسمعهم والدته ووقتها سوف يتم افساد كل شيء:
-في الحقيقة أنا لا أهتم لتلك الأمور، لا تنسى أن لدي أخوتي حبيبة وهدى ولا أريد لأحد أن يتلاعب بهم.
ضحك سامح وهو يومأ:
-يا لك من شاب مستقيم يا موسى، لا تقلق هذه الرحلة فقط وعد كما كنت.
اقترب صقر صديق والده وهو يتبادل السلام معه ويشير تجاه سامح مازحًا:
-من الأفضل أن تبقى بعيدًا عن عمك، هو سوف يفسد أخلاقك.
نظر سامح إليه بغيظ وهو يسأله بتهكم:
-ولماذا أتيت معنا إذًا أيها الرجل المستقيم؟
اجابه صقر ببراءة مصطنعة:
-أحب التفاح، أتطوق لأتناوله فور نزعه من الشجرة مباشرة.
حرك موسى رأسه بفقدان أمل وهو أن هذه الرحلة لن تجعله ينساها بكل شيء فيها أبدًا، ربما لن يحتاج إلى هاتفه وسوف يشغل فراغه بأحاديثهم الدائمة، هبط سليم في هذا الوقت ليضحك سامح:
-كانت تريد أن لا تتركك أليس كذلك؟
اجابه سليم بصدق قد رأه موسى داخل عينيه:
-في الحقيقة كدت أتراجع في اللحظات الأخيرة وأنا أتساءل ما الذي جعلني أستمع لك؟ في حياتي كلها لم أفكر أن أترك المنزل، لا تعلم ماذا حدث لقلبي وأنا أودعهم.
ضحك سامح وهو يشيح له بيده:
-سوف تعتاد الأمر، حتى أنك سوف تكره بقاؤك في المنزل.
تحدث علي موافقًا إياه:
-لا أعرف يا عمي كيف تبقى في المنزل بعد أن تنهي عملك، أظن أن البقاء مع زوجتك عمل مكتبي ممل مليئ بالمناقشات السخيفة عديمة الطعم.
نظر موسى تجاه علي ولم يعجبه حديثه مطلقًا، لكنه لم يعلق ليجد سليم يجيبه:
-في الحقيقة يا علي الأمر ليس كذلك مطلقًا، أن تجد شخص يشاركك تفاصيل حياتك هو بالأمر المهم، حتى أن بعض الأشخاص لا يمكنها العيش بمفردها!
رفع علي كتفه بعدم اكتراث:
-لا أعلم، لكنني مقتنع أن النساء للمتعة فقط لا للزواج.
قبض موسى على يده بقوة وهو لا يصدق أن ابن عمه بتلك الوقاحة الشديدة، اصابه الذهول عندما وجد أن عمه يضحك وهو يربت على كتف ابنه:
-يبدو أن ابني يشبهني في كل شيء يا سليم أليس كذلك؟
حرك سليم رأسه بفقدان أمل:
-لا توجد فائدة بك وبأبنك يا سامح، متى سنصل يا صقر لقد سئمت من الحديث مع الأثنين.
ضحك صقر وهو يحرك رأسه بفقدان أمل:
-مع الأسف سوف تضطر لتحملهم طوال الرحلة، لدينا الكثير من الوقت لنقضيه معًا يا سليم، سوف نقطع المسافة حتى الميناء ومن هناك سوف نأخذ قارب سوف يفي بالغرض.
كان موسى يجلس بجوار صقر في السيارة وقد شعر بالامتنان لجلوسه هنا بدلًا من البقتء معهم بالخلف، أتاه صوت علي وهو يسأله بفضول:
-لم تعلق يا موسى على حديثي!
اجابه موسى بثبات وهو يقوم بضبط ساعة يده:
-ربما لأن حديثك غير مهم!
اتسعت أعين علي وهو يحرك رأسه بغيظ:
-يا فتاة ما هذا البرود؟ نحن في رحلة لماذا عليك أن تبقى جدي طوال الوقت.
تحدث سليم بدلًا عنه وهو يشير له ليصمت:
-لا تتحدث معه هو أتى رغمًا عنه في الأصل.
تحدث موسى بهدوءه المعتاد من جديد وهو يبتسم إبتسامة صغيرة:
-أتيت لأبقى بجوارك يا أبي ولست مرغم على شيء، الأمر ليس سيء، تعرف أنني أحب هذه الأجواء على كل حال لنتابع ما يحدث في موسم التفاح.
-في الحقيقة يا أمي غريب طلبكِ، كيف تريدين مني أن أراقبه؟ هو ليس طفل صغير، على قلبكِ أن يطمئن، ربما تحتاجين أن تثقي به بشكل أكبر من هذا!
حركت والدته رأسها بعدم رضا وهي لا تشعر بالرضا:
-أنا لا أشعر بالراحة عندما يتواجد مع عمك سامح، هو يصبح أكثر تفاعلًا مع الأجواء من حوله، تعلم أن هاجر زوجة عنك تعاني من أفعاله الصبيانة ولا يدع بالًا لها أو لعمره، لا أريد لوالدك أن يصبح مثله.
حرك موسى رأسه بنفي وهو لا يشعر بالرضا عن حديثها:
-لا يا أمي الأمر مختلف، ليس عليكِ أن تسمعي شيء منها؛ ببساطة لأن طباع أبي غير عمي سامح تمامًا، هو أكثر مسؤولية ويجيد التعامل، كما أنه يجسد ارضائكِ!
زفرت عايدة بضيق شديد ولم تحصل على الإجابة التي تسعى إليها:
-أنت ترفض طلبي إذًا يا موسى! إن كنت تعلم أن والدك رجل مستقيم وأنه لن يفعل شيء ليضايقني لماذا ترفض أن تقول شيء لي يا ترى؟
أخذ موسى نفس عميق وقام باخراجه في هدوء وهو يقول لها:
-ببساطة لأن هذا المبدأ مخالف لحياتنا يا أمي، ليس علينا التربص للمشاكل بشكل دائم، أنا سوف أذهب مع أبي وهو ليس من هذا النوع الطائش، لم أحب أن تكثري في الحديق مع زوجة عمي وتكون ردود أفعالكِ تجاه أبي ناتجة عن أفعال عمي سامح! لا أجد هذا الأمر صائب أو منطقي.
سمعوا صوت سليم أمام الغرفة في هذا الوقت:
-دعك من محاولة اقناعها يا موسى، لقد فقدت عايدة بصيرتها ولم تعد تثق بي، لا أصدق حقًا أنكِ منذ دقائق كنتِ تخبريني بالأشياء المعاكسة لحديثكِ هذا.
لاحظت ضيقه الشديد وحزنه الحقيقي، لا تعرف ما الذي تقوله، كان هذا آخر شيء تريده اليوم، ابتلعت ما بحلقها وهي تحاول أن تجد ما يناسبها من الكلمات:
-ماذا بك يا سليم؟ أنا أشعر بالقلق عليك وأحاول أن أطمئن و..
قاطعها سليم وقد سيطرة خيبة الأمل على نبرة صوته هذه المرة:
-أنا لا أنتظر أي تبرير منكِ يا عايدة، ربما اعتدت هذا الأمر، مهما فعلت لارضائكِ تبقين كما أنتِ، لا تلقي بالًا لي أو لمشاعري، سوف أذهب لأنام بجدية هذه المرة ولا أرغب في أي نقاش، من الأفضل أن لا تنامي في الغرفة حتى أذهب من هنا.
غادر إلى غرفته بينما عايدة اوشكت على البكاء، حرك موسى رأسه بضيق شديد:
-لم أكن أريد لهذا الشيء أن يحدث يا أمي ولكن عليكِ أن تثقي بنفسكِ أكثر وتثقي بأبي، هو يحبكي ولن يفكر في خيانتكِ، هو ليس مثل عمي سامح وأنتِ لستِ مثل زوجته هاجر.
خرجت عايدة من غرفة موسى وهي تشعر بالكثير من الضيق، لا تعلم ماذا عليها أن تفعل، هي لم تكن تريد أن تتشاجر معه بالأخص في هذا الوقت، لا يمكنها أن تجعله يسافر وهو غير راضي عنها، اقتربت من السرير بينما هو كان مغمض الأعين لتتحدث بصوت مرتجف:
-أنا أعرف أنك مازلت مستيقظ يا سليم.
ابتسم سليم ساخرًا وهو يحرك رأسه بضيق شديد:
-وهل اخبرتكِ أنني نائم؟ أتذكر أنني قولت أن تدعيني وشأني لكنكِ لم تفعلي، لهذا السبب سوف أترك لكِ الغرفة بأكملها لعلكِ ترتاحي يا عايدة.
أوشك على الخروج لكنها وقفت أمامه في سرعة ولا تعلم ما الذي يجب عليها أن تفعله لتتحدث برجاء:
-توقف عن هذا يا سليم، لا يمكنك الخروج بتلك الطريقة، سوف يرى ابنائك هذا ودعهم يظنون أننا بخير ولم نتشاجر.
ابتسم سليم ساخرًا وهو يحرك رأسه بعدم استيعاب:
-أنا حقًا لم أعد أفهمكي يا عايدة، منذ متى وأنتِ تهتمين لشيء كهذا؟ لقد وقفتي في منتصف الصالة وأنتِ تتحدثين بانفعال وكأن لا شيء يهمكي!
قضمت عايدة شفتها السفلى وهي تشعر بالكثير من الضيق:
-أنا آسفة يا سليم، لقد اخطأت بحقك، تعلم أنني غير معتادة على الاعتذار لأنني أرى أنني أفكر جيدًا قبل فعل أي شيء ولكن في الحقيقي أسفي هذا على حزنك وخيبة أملك، لا يمكنني تحمل هذا الشيء، أنا أحبك يا سليم أنا لا يمكنني أن أتخلى عنك مهما حدث.
نظر لها بينما هي تشعر بالكثير من الضيق ولا تعلم ماذا تقول، اومأت له وهي تشعر بالضيق الشديد:
-أجل أنا أشعر بالغيرة عليك، أقلق من أن تفعل شيء لا يمكنني أن أسامحك من بعدها، أنا أسفة يا سليم.
حرك سليم رأسه باستسلام وهو ينظر لها:
-لا يمكنني الغضب منكِ يا عايدة، تعلمين كيف تجعليني أخسر الرهان في كل مرة.
ابتسمت عايدة ومازال الحزن يخيم على عينيها، اقتربت ومن ثم استندت برأسها على صدره:
-أنا واثقة بك، لكن لا يمكنني التحكم في غيرتي في كثير من الأوقات، هذه هي المشكلة.
قام سليم بتقبيل جبينها وقد كانت غيرتها تروق له كثيرًا، لكن ما يفسد الأمر عندما تتحول الغيرة لشجار عنيف بينهم من اللاشيء!
أتى اليوم التالي وما إن انتهى موسى من العمل حتى عاد إلى المنزل وقد تبلل شعره من الأمطار، تحدث سليم ممازحًا إياه:
-غدًا سوف نذهب في رحلتنا ولن تعود بتلك الحالة أبدًا.
حرك موسى رأسه بتعجب:
-ألا يوجد شتاء هناك أم ماذا؟
اجابه سليم بحيرة وهو يفكر في حديث أخيه وصديقه:
-في الحقيقة لا أحد يعلم تمام المعرفة، لكن الأجواء لديها رونقها الخاص، سوف نكتشف هذا، هيا قم بتحضير حقيبتك، قم بوضع ملابس تناسب الشتاء وأخرى الصيف، لا يمكننا أن نخمن الظروف.
أومأ موسى له وذهب ليبدل ثيابه ويبدأ في إعداد حقيبته، لا يصدق أنه لن يأخذ الهاتف معه، من الصعب أن يستغنى عنه وكما قال والده سوف يبقوا لأيام ألن يشعر بالملل؟ حرك رأسه مستسلمًا في النهاية وهو يخبر نفسه أن هذه القواعد ويجب عليه أن يتبعها.
وضع دفتره المحبب إلى قلبه وفي ذات الوقت كانت جميع أوراقه بيضاء، تنتظر أن يرسم خطوط روايته وكلما حاول اصابه الإحباط أنها ليست كما يريد وهو يتوقع الأفضل.
وصلت سيارة سامح أخ سليم لتشعر عايدة بدمائها تحترق، حاولت أن تبقى ثابتة ولا تعطي بالًا لأفكارها حتى لا تزعج زوجها قبل أن يغادر، اقترب سليم منها ليقوم بضمها هامسًا:
-سوف أشتاق لكِ يا عايدة، اعتني بنفسكِ وبالأولاد، لا تتركي حازم يحمل العبء وحده طوال هذه المدة، أعلم أنه يستطيع تحمل المسؤولية، لكن لا تنسي أنه مازال صغير.
حرك حازم رأسه باستنكار:
-لست صغير يا أبي، لا تقلق سوف أهتم لهم جيدًا.
أومأ سليم وتابع توديع باقي ابناءه، هبط موسى بعد أن انتهى من تبادل السلام مع عائلته وترك والده وهو يخبره بالكثير من النصائح، ابتسم سامح فور رؤيته إلى موسى:
-لقد اشتقت لك يا فتاة، لن تصدق كم كنت سعيد عندما اخبرني والدك أنك سوف تأتي، الكثير من الفتيات هناك سوف يجبروك على السعادة الأبدية.
خرج ابنه علي من السيارة غامزًا إلى موسى:
-يقولوا أن الفتيات على هذه الجزيرة بجمال خاص وخالص.
شعر موسى بعدم الراحة وهو يتمنى أن يبقى فمهم مغلق حتى لا تسمعهم والدته ووقتها سوف يتم افساد كل شيء:
-في الحقيقة أنا لا أهتم لتلك الأمور، لا تنسى أن لدي أخوتي حبيبة وهدى ولا أريد لأحد أن يتلاعب بهم.
ضحك سامح وهو يومأ:
-يا لك من شاب مستقيم يا موسى، لا تقلق هذه الرحلة فقط وعد كما كنت.
اقترب صقر صديق والده وهو يتبادل السلام معه ويشير تجاه سامح مازحًا:
-من الأفضل أن تبقى بعيدًا عن عمك، هو سوف يفسد أخلاقك.
نظر سامح إليه بغيظ وهو يسأله بتهكم:
-ولماذا أتيت معنا إذًا أيها الرجل المستقيم؟
اجابه صقر ببراءة مصطنعة:
-أحب التفاح، أتطوق لأتناوله فور نزعه من الشجرة مباشرة.
حرك موسى رأسه بفقدان أمل وهو أن هذه الرحلة لن تجعله ينساها بكل شيء فيها أبدًا، ربما لن يحتاج إلى هاتفه وسوف يشغل فراغه بأحاديثهم الدائمة، هبط سليم في هذا الوقت ليضحك سامح:
-كانت تريد أن لا تتركك أليس كذلك؟
اجابه سليم بصدق قد رأه موسى داخل عينيه:
-في الحقيقة كدت أتراجع في اللحظات الأخيرة وأنا أتساءل ما الذي جعلني أستمع لك؟ في حياتي كلها لم أفكر أن أترك المنزل، لا تعلم ماذا حدث لقلبي وأنا أودعهم.
ضحك سامح وهو يشيح له بيده:
-سوف تعتاد الأمر، حتى أنك سوف تكره بقاؤك في المنزل.
تحدث علي موافقًا إياه:
-لا أعرف يا عمي كيف تبقى في المنزل بعد أن تنهي عملك، أظن أن البقاء مع زوجتك عمل مكتبي ممل مليئ بالمناقشات السخيفة عديمة الطعم.
نظر موسى تجاه علي ولم يعجبه حديثه مطلقًا، لكنه لم يعلق ليجد سليم يجيبه:
-في الحقيقة يا علي الأمر ليس كذلك مطلقًا، أن تجد شخص يشاركك تفاصيل حياتك هو بالأمر المهم، حتى أن بعض الأشخاص لا يمكنها العيش بمفردها!
رفع علي كتفه بعدم اكتراث:
-لا أعلم، لكنني مقتنع أن النساء للمتعة فقط لا للزواج.
قبض موسى على يده بقوة وهو لا يصدق أن ابن عمه بتلك الوقاحة الشديدة، اصابه الذهول عندما وجد أن عمه يضحك وهو يربت على كتف ابنه:
-يبدو أن ابني يشبهني في كل شيء يا سليم أليس كذلك؟
حرك سليم رأسه بفقدان أمل:
-لا توجد فائدة بك وبأبنك يا سامح، متى سنصل يا صقر لقد سئمت من الحديث مع الأثنين.
ضحك صقر وهو يحرك رأسه بفقدان أمل:
-مع الأسف سوف تضطر لتحملهم طوال الرحلة، لدينا الكثير من الوقت لنقضيه معًا يا سليم، سوف نقطع المسافة حتى الميناء ومن هناك سوف نأخذ قارب سوف يفي بالغرض.
كان موسى يجلس بجوار صقر في السيارة وقد شعر بالامتنان لجلوسه هنا بدلًا من البقتء معهم بالخلف، أتاه صوت علي وهو يسأله بفضول:
-لم تعلق يا موسى على حديثي!
اجابه موسى بثبات وهو يقوم بضبط ساعة يده:
-ربما لأن حديثك غير مهم!
اتسعت أعين علي وهو يحرك رأسه بغيظ:
-يا فتاة ما هذا البرود؟ نحن في رحلة لماذا عليك أن تبقى جدي طوال الوقت.
تحدث سليم بدلًا عنه وهو يشير له ليصمت:
-لا تتحدث معه هو أتى رغمًا عنه في الأصل.
تحدث موسى بهدوءه المعتاد من جديد وهو يبتسم إبتسامة صغيرة:
-أتيت لأبقى بجوارك يا أبي ولست مرغم على شيء، الأمر ليس سيء، تعرف أنني أحب هذه الأجواء على كل حال لنتابع ما يحدث في موسم التفاح.