الفصل الأول
المقدمة:
اختراق حياة الأمير كانت صعبة عليها، لكنها بلحظة وجدت نفسها أمام حبه، وقعت في بحور عينيه، وبلحظة ملكها بداخله.
(1) الفصل الأول
حادث غريب للغاية.
"أوه لقد نسيت رواية ميرامالا على الفراش!"
قالت سيلينا هذه الكلمات بينما هي تفتح باب غرفتها؛ لكي تلتقط القصة التي جعلتها مهووسة بحب جمال البطل الذي فيها.
أخذت القصة بفرح، وخرجت من المنزل مسرعة تجري بالطرقات مخاطبة نفسها:
«يجب أن أصل إلى محطة الحافلات سريعاً سوف أتأخر على محاضرتي الأولى بالجامعة»
بمجرد وصولها إلى باب الحافلة، وجدتها قد أغلقت أبوابها، ركضت خلفها وهي تنادي وتقول:
" انتظرني، مهلاً... أنا هنا، سأتأخر على جامعتي."
توقفت سيلينا بينما هي تلهث وترى الحافلة تبتعد كثيرًا عنها، من المستحيل أن تلحقها بقدميها القصيرتين، وصوتها الذي بالكاد يُسمع.
عدّت الأموال القليلة بحقيبتها وأشارت لسيارة أجرة بحزن:
" ليس بيدي حيلة أخرى. "
سارت سيارة الأجرة بطريق مختصر لشدة الازدحام في ذلك اليوم؛ فلاحظ السائق بأنها متأخرة لتكرارها عبارة:
" قد سريعاً من فضلك."
نفذ طلبها وتخطيء سرعته المعتادة محاولاً الوصول في أسرع وقت لكي يساعدها، ولسوء الحظ قابلهم شجار على منتصف الطريق، فأوقف السائق سيارته جانباً، ليمد رأسه قائلاً:
" أنتم تسدون الطريق أيها المشاغبون، ما هذا الذي تفعلونه؟"
نزل السائق من سيارته وأقترب منهم أكثر وهو يعقد حاجبيه بغضب محدثًا:
" لماذا تضربون هذا الصبي؟ لقد نزف الكثير من الدماء هذا لا يعقل!"
صرخ رجل يحمل بيده مطرقة وهو يحدق نحوه بنظرة مخيفة:
" أرحل عن هذا المكان، قبل أن يحدث بك ما حدث له."
ركض السائق للسيارة وقادها دون أن يتطلّع للخلف، كانت عيناه لا تتحرك ثابتة، ثم اضطرب حاله وضاق نفسه ليفقد السيطرة على القيادة.
شعرت سيلينا بالخوف وعانقت الكتاب وهي تردد:
"روديان أنا أحبك كثيراً، وسأظل هكذا لآخر أنفاسي."
أغلقت عينيها وتساقطت منها الدموع وهي تردد اسم بطل رواية ميرامالا، علمت أنها نهايتها عندما انقلبت السيارة ولفت بالهواء بشكل متكرر.
وصلت الشرطة لمكان الحادث، ولم يجدوا سيلينا بالسيارة أو بأي مكان مجاور، كان هناك السائق الذي ينازع الموت فقط.
بعد أن حملته الإسعاف، أمسك الشرطي كتاباً من موقع الحادث و نطق بعنوانه:
" ميرامالا!."
..
فتحت سيلينا عينيها ووجدت الكثير من الفتيات حولها يتحدثون بلغة مختلفة عنها.
شعرت بالدوار فور أن وقفت على قدميها، فهي ما زالت متعبة من دوران السيارة بالهواء لفترة، سحبتها فتاة إلى الخارج، فقالت سيلينا ورأسها يضج بالألم متعجبة من الحشد الذي تراه:
"من أنتِ؟ وأين أنا؟ ما هذا المكان؟."
كان مكاناً مختلفاً عن الذي عاشت فيه، غريباً وجميل بالوقت ذاته، كان فقط يشبه مدن القصص الخيالية.
ردت عليها فتاة تقف خلفها بنفس اللغة الغريبة وكانت ترتدي فستاناً يكشف كتفيها:
"ما بك لما تتطلعين حولك كثيرًا؟ ألستي معتادة على هذه الأشياء؟"
تطلعت سيلينا للخلف وهي تنظر إلى الفتاة من الأعلى للأسفل وتقول في نفسها:
« تذكرت هذه اللغة تشبه لغة بسكورة التي ادرسها بالجامعة، أيعقل بأنها هي!»
خاطبتها الفتاة باللغة ذاتها:
"لا أفهم، ماذا تعنين بهمسك هذا؟"
سمعت سيلينا رجل يتحدث بالخارج بصوت مرتفع وهو يقول كلمات لم تفهمها جيداً؛ لسرعه حديثه.
نظرت عليه وجدته يرتدي لباساً غريباً، فخاطبت نفسها مرة أخرى وهي تخبئ عينيها خلف أصبعتها الصغيرة:
«رداءه هذا الرجل يذكرني بالوصف لرداء الحاجب برواية ميرامالا» ثم أمسكت رأسها بوهن لتكمل «حتى رداء الفتيات! يا للهول ماذا حدث لي؟! ولما أنا جئت لهنا!».
أمسكت بها الفتاة من يدها وسحبتها للخلف؛ لآخر الصف بالتحديد، فقالت سيلينا وهي تراقب بعينيها الجميع بينما تحاول تذكر اللغة البسكورية التي كانت تدرسها بالجامعة لأنها لا تتقنها جيدًا:
" يا آنسة، هل لكِ بأن تخبريني في أي مدينة نحن الآن؟"
فقالت لها الفتاة وهي تمد يدها تشير نحو قصر الملك:
"نحن في عاصمة ميرامالا، لمملكة ميرامالا."
وضعت سيلين يدها على فمها وهي بالكاد تتحكم بنبضات قلبها من شدة الدهشة، سقطت على ركبها فوق الأرض فساندتها الفتاة وهي تقول لها:
"يبدو أنك لست من هذا المكان، ماذا تفعلين في سوق بيع الجواري للنبلاء؟"
تنفست سيلينا بعمق وهي تنظر للأسفل بحزن، فرفعت الفتاة حاجبيها متعجبة ومن ثم مدت يدها وقالت لها:
"بالمناسبة أنا ادعى روفال وأنتِ؟."
لم تكد سيلينا مد يدها للفتاة حتى قُرعت الطبول وتم فتح المزاد، وقف الجميع وقفة عسكرية؛ لكي يُحيّوا الأمراء وذوي السلطة العسكرية العلية بقدومهم.
تعالى صوت الجنود وهم يقولون أثناء مرور العربة المكشوفة التي تحمل رجلان وسيمان وجذابان:
"يعيش الأمير روديان، يعيش الأمير جلاور."
عندما سمعت سيلينا اسم روديان نسيت كل شيء حدث معها، نسيت بأنها في سوق الجواري، ونسيت أنها في عالم غريب.
فقالت روفال بشغف:
"إنهم أسيادنا الخالدون، انظري كم هما جميلان."
فأخذت تنظر بين الجنود وتثقب نظرها لكي تراه، وتظفر بنظرة لعينيه، نزل الأميران وجلسا على منصة بجانب بعضهما.
هدأ صوت الجميع؛ بقول أحدهم:
" لقد بدأ المزاد."
بدأت الفتيات تقف في وسط الساحة واحدة تلو الأخرى، كانت روفال متوترة للغاية، أما سيلينا لم تنزع عيناها عن الأميران، فعرفت روديان من وصفه في الرواية فخاطبت نفسها:
«هذا هو روديان الذي يتميز بشعر أحمر كدم الغزال، قمحي البشرة، طويل ومفتول العضلات، ولون عيناه كالعسل، كم تمنيت رؤيته!»
تم بيع الكثير من الفتيات ولم يعجب روديان أي واحدة منهن، فقال بملل:
" ما هذا؟ لا يوجد شيء مثير للاهتمام اليوم."
رد عليه جلاور وهو يسخر منه:
"بالتأكيد هناك خلل بك، فالمزاد ممتلئ بالفتيات الفاتنات أخي."
هز روديان رأسه بحزن، فتشبث به جلاور محدثًا:
"روديان ما ستخبرني عن سبب انزعاجك بالأمس!"
عندما حان دور سيلينا قامت روفال بدفعها لتتقدم، فوقف روديان وتحرك بسرعة البرق ليقف أمامها مخاطباً نفسه:
«شعر أسود كالحرير؟! قزمة! جسدها ممتلئ! وجهها يختلف عن كل النساء هنا! سأشتريها على الفور لأن جلاور الوغد أخبرني بأنه يريدها منذ قليل»
كان يدور حولها وينظر إليها كفريسة، ثم قال:
" تُعجبني هذه، سآخذها لي."
تذكرت سيلينا الرواية وهذا المشهد، فصرخ عقلها بخوف:
" إلى أين سيأخذونني؟! أنا لا أريد أن أموت في هذا العالم."
هي تعلم من خلال الرواية أن الذهاب معه يعني الموت، فهذا المزاد خاص بمصاصيّ الدماء وأي خادمة تعيش بذلك القصر نهايتها الموت بعد التعذيب المستمر.
غادر روديان بعد أن ألقى كلماته، وتم أخذ سيلينا مع موكبه الذي يتجه للقصر، وقد تبقى أخاه الغاضب بالمزاد مع باقي الأمراء والقادة من الأرجاء الأخرى.
في القصر دقت الساعة الثانية عشر منتصف الليل، دخل روديان إلى غرفته الملكية، وجدها هناك نظر نحوها بشرّ مطلق، وأقترب منها وهو ينوي الشرب من دمها.
هربت إلى نهاية الغرفة وهي تقول:
"أرجوك لا أريد أن أموت اليوم."
ابتسم بغير مبالاة وشدها نحوه، فوضع شفتيه على عنقها، بينما الأخرى لا تستطيع دفعه لشدة قوته.
وقبل أن يغرس أنيابه في جلدها قاطعه صوت أخاه جلاور وهو يقول:
"تمهل قليلًا يا أخي، هل سائت حالتك لهذه الدرجة؟"
قال روديان بغضب وهو يفتح فمه بوجه أخيه:
"ماذا تريد الآن جلاور؟"
بكت سيلينا وهي تحاول كتم صوتها، فتحرك جلاور نحوها وشم رائحتها ليقول:
"دعني أتذوقها"
أمسك روديان بذراع سيلينا، ووضعها خلفه وهو يقول:
"هذه ملكي أنا، ولا أقبل مشاركتها مع أحد."
حاول جلاور الوصول إليها لكن الآخر كان دفاعه متين، ليقول بغضب:
"روديان أنا من أخبرتك بأنني أريدها"
أظهر روديان أنيابه وزمجر بغضب ليرتعب الآخر متراجعاً حتى خرج من الغرفة.
أغلق روديان باب الغرفة، قلقت سيلينا منه بعدما رأت حالته المرعبة، أغمضت عينيها بيدها وهي تهمس بخوف في نفسها:
«هل حقًا هذا الشخص الذي أحببته بيوم؟ وهل ستكون نهايتي بعد كل هذا الحب الموت على يديه؟ لماذا نهايتي ستكون الخادمة في هذه الرواية؟ من سَيُجيبني على كل هذا؟»
خلع روديان سترته، وألقاها على الأرض بغضب، فنظر إليها باشمئزاز:
"التقطيها."
نظرت سيلينا إلى سترته فهرعت لرفعها وطيها بين يديها، فقال لها وعيناه تشع شرار:
"إياك أن تخرجي خارج الغرفة أثناء غيابي، سوف أعود قريباً لهنا، وأتمنى بأن أجدك جاهزة."
ارتعش جسد سيلينا وقالت وهي تبتعد عنه:
"جاهزة لماذا؟"
نبست سيلينا بتوتر وصوتها ضعيف.
دفع روديان رأسها بخفة لتبتعد من أمامه، ثم خرج من الغرفة وأغلق الباب خلفه وهو يخاطب نفسه:
«يجب أن أعتذر من جلاور من أجل الوصول للحكم»
طرق على باب غرفة جلاور لكنه لم يُجبه، دخل الغرفة ولم يجده، ذهب إلى مكانهم المعتاد ولم يجده أيضاً.
ثم توجه لغرفة الخادمة ليريا، وجده يضع أنيابه على رقبتها ويستلذ بشرب دمها، فجلس روديان بجانبه وهو يقول:
"جلاور أنا أعتذر لك، لكنك تعرف بأن هذه الفتاة الوحيدة التي اشتريتها اليوم، فأنا لا أنوي تركها لك."
رد جلاور وهو عابث بمسح الدماء من شفتيه:
"اعرف لكنني لا أفهمك، من بين كل السوق لما أخترت فتاة واحدة وذهبت، ولما هذه الفتاة بالأخص؟"
أعاد روديان بجسده للخلف وبعد تفكير أجاب:
"لا أعرف لماذا لكنني أشعر بتعب كبير؟"
دفع جلاور الخادمة نحو أخيه:
"تفضل يا أخي."
حاول روديان الوصول إليها لكنه شعر بوهن كبير، فتحرك جلاور ووقف وهو يسانده للذهاب لغرفته، سارا بصمت ومن ثم قال جلاور بالطريق:
"كم مرة أخبرتك بأن لا تخرج وأنت متعب هكذا، فجسدك يضعف يوم بعد يوم يا أخي."
وصل جلاور لغرفته ووجدها مقفلة أخرج المفتاح من جيب روديان وفتح الباب، فأخفت سيلينا جسدها بالخزانة عندما فتح الباب، راقبتهم عن بعد وهي ترتجف في ثيابها حتى الموت.
نام روديان على فراشه وهو يتفوه بكلمات غير مفهومة، دخل الحارس الشخصي لجلاور ملقياً تحية الاحترام ليخاطبه الأمير جلاور:
"هل فعلت اليوم ما أمرتك به؟"
وضعت سيلينا أذنها على باب الخزانة وهي تستمع لهم بتركيز، رد الحارس وقال:
"أجل سيدي فأنا فعلت مثلما أمرتني بالضبط."
وضعت سيلينا يدها على فمها؛ لتخفي شهقتها المكتومة، كأنها ترى كلمات الرواية أمامها وتتذكر الاحداث:
"يا للهول! هل بدأ بإعطائه السم بالفعل؟"
يتبع.
اختراق حياة الأمير كانت صعبة عليها، لكنها بلحظة وجدت نفسها أمام حبه، وقعت في بحور عينيه، وبلحظة ملكها بداخله.
(1) الفصل الأول
حادث غريب للغاية.
"أوه لقد نسيت رواية ميرامالا على الفراش!"
قالت سيلينا هذه الكلمات بينما هي تفتح باب غرفتها؛ لكي تلتقط القصة التي جعلتها مهووسة بحب جمال البطل الذي فيها.
أخذت القصة بفرح، وخرجت من المنزل مسرعة تجري بالطرقات مخاطبة نفسها:
«يجب أن أصل إلى محطة الحافلات سريعاً سوف أتأخر على محاضرتي الأولى بالجامعة»
بمجرد وصولها إلى باب الحافلة، وجدتها قد أغلقت أبوابها، ركضت خلفها وهي تنادي وتقول:
" انتظرني، مهلاً... أنا هنا، سأتأخر على جامعتي."
توقفت سيلينا بينما هي تلهث وترى الحافلة تبتعد كثيرًا عنها، من المستحيل أن تلحقها بقدميها القصيرتين، وصوتها الذي بالكاد يُسمع.
عدّت الأموال القليلة بحقيبتها وأشارت لسيارة أجرة بحزن:
" ليس بيدي حيلة أخرى. "
سارت سيارة الأجرة بطريق مختصر لشدة الازدحام في ذلك اليوم؛ فلاحظ السائق بأنها متأخرة لتكرارها عبارة:
" قد سريعاً من فضلك."
نفذ طلبها وتخطيء سرعته المعتادة محاولاً الوصول في أسرع وقت لكي يساعدها، ولسوء الحظ قابلهم شجار على منتصف الطريق، فأوقف السائق سيارته جانباً، ليمد رأسه قائلاً:
" أنتم تسدون الطريق أيها المشاغبون، ما هذا الذي تفعلونه؟"
نزل السائق من سيارته وأقترب منهم أكثر وهو يعقد حاجبيه بغضب محدثًا:
" لماذا تضربون هذا الصبي؟ لقد نزف الكثير من الدماء هذا لا يعقل!"
صرخ رجل يحمل بيده مطرقة وهو يحدق نحوه بنظرة مخيفة:
" أرحل عن هذا المكان، قبل أن يحدث بك ما حدث له."
ركض السائق للسيارة وقادها دون أن يتطلّع للخلف، كانت عيناه لا تتحرك ثابتة، ثم اضطرب حاله وضاق نفسه ليفقد السيطرة على القيادة.
شعرت سيلينا بالخوف وعانقت الكتاب وهي تردد:
"روديان أنا أحبك كثيراً، وسأظل هكذا لآخر أنفاسي."
أغلقت عينيها وتساقطت منها الدموع وهي تردد اسم بطل رواية ميرامالا، علمت أنها نهايتها عندما انقلبت السيارة ولفت بالهواء بشكل متكرر.
وصلت الشرطة لمكان الحادث، ولم يجدوا سيلينا بالسيارة أو بأي مكان مجاور، كان هناك السائق الذي ينازع الموت فقط.
بعد أن حملته الإسعاف، أمسك الشرطي كتاباً من موقع الحادث و نطق بعنوانه:
" ميرامالا!."
..
فتحت سيلينا عينيها ووجدت الكثير من الفتيات حولها يتحدثون بلغة مختلفة عنها.
شعرت بالدوار فور أن وقفت على قدميها، فهي ما زالت متعبة من دوران السيارة بالهواء لفترة، سحبتها فتاة إلى الخارج، فقالت سيلينا ورأسها يضج بالألم متعجبة من الحشد الذي تراه:
"من أنتِ؟ وأين أنا؟ ما هذا المكان؟."
كان مكاناً مختلفاً عن الذي عاشت فيه، غريباً وجميل بالوقت ذاته، كان فقط يشبه مدن القصص الخيالية.
ردت عليها فتاة تقف خلفها بنفس اللغة الغريبة وكانت ترتدي فستاناً يكشف كتفيها:
"ما بك لما تتطلعين حولك كثيرًا؟ ألستي معتادة على هذه الأشياء؟"
تطلعت سيلينا للخلف وهي تنظر إلى الفتاة من الأعلى للأسفل وتقول في نفسها:
« تذكرت هذه اللغة تشبه لغة بسكورة التي ادرسها بالجامعة، أيعقل بأنها هي!»
خاطبتها الفتاة باللغة ذاتها:
"لا أفهم، ماذا تعنين بهمسك هذا؟"
سمعت سيلينا رجل يتحدث بالخارج بصوت مرتفع وهو يقول كلمات لم تفهمها جيداً؛ لسرعه حديثه.
نظرت عليه وجدته يرتدي لباساً غريباً، فخاطبت نفسها مرة أخرى وهي تخبئ عينيها خلف أصبعتها الصغيرة:
«رداءه هذا الرجل يذكرني بالوصف لرداء الحاجب برواية ميرامالا» ثم أمسكت رأسها بوهن لتكمل «حتى رداء الفتيات! يا للهول ماذا حدث لي؟! ولما أنا جئت لهنا!».
أمسكت بها الفتاة من يدها وسحبتها للخلف؛ لآخر الصف بالتحديد، فقالت سيلينا وهي تراقب بعينيها الجميع بينما تحاول تذكر اللغة البسكورية التي كانت تدرسها بالجامعة لأنها لا تتقنها جيدًا:
" يا آنسة، هل لكِ بأن تخبريني في أي مدينة نحن الآن؟"
فقالت لها الفتاة وهي تمد يدها تشير نحو قصر الملك:
"نحن في عاصمة ميرامالا، لمملكة ميرامالا."
وضعت سيلين يدها على فمها وهي بالكاد تتحكم بنبضات قلبها من شدة الدهشة، سقطت على ركبها فوق الأرض فساندتها الفتاة وهي تقول لها:
"يبدو أنك لست من هذا المكان، ماذا تفعلين في سوق بيع الجواري للنبلاء؟"
تنفست سيلينا بعمق وهي تنظر للأسفل بحزن، فرفعت الفتاة حاجبيها متعجبة ومن ثم مدت يدها وقالت لها:
"بالمناسبة أنا ادعى روفال وأنتِ؟."
لم تكد سيلينا مد يدها للفتاة حتى قُرعت الطبول وتم فتح المزاد، وقف الجميع وقفة عسكرية؛ لكي يُحيّوا الأمراء وذوي السلطة العسكرية العلية بقدومهم.
تعالى صوت الجنود وهم يقولون أثناء مرور العربة المكشوفة التي تحمل رجلان وسيمان وجذابان:
"يعيش الأمير روديان، يعيش الأمير جلاور."
عندما سمعت سيلينا اسم روديان نسيت كل شيء حدث معها، نسيت بأنها في سوق الجواري، ونسيت أنها في عالم غريب.
فقالت روفال بشغف:
"إنهم أسيادنا الخالدون، انظري كم هما جميلان."
فأخذت تنظر بين الجنود وتثقب نظرها لكي تراه، وتظفر بنظرة لعينيه، نزل الأميران وجلسا على منصة بجانب بعضهما.
هدأ صوت الجميع؛ بقول أحدهم:
" لقد بدأ المزاد."
بدأت الفتيات تقف في وسط الساحة واحدة تلو الأخرى، كانت روفال متوترة للغاية، أما سيلينا لم تنزع عيناها عن الأميران، فعرفت روديان من وصفه في الرواية فخاطبت نفسها:
«هذا هو روديان الذي يتميز بشعر أحمر كدم الغزال، قمحي البشرة، طويل ومفتول العضلات، ولون عيناه كالعسل، كم تمنيت رؤيته!»
تم بيع الكثير من الفتيات ولم يعجب روديان أي واحدة منهن، فقال بملل:
" ما هذا؟ لا يوجد شيء مثير للاهتمام اليوم."
رد عليه جلاور وهو يسخر منه:
"بالتأكيد هناك خلل بك، فالمزاد ممتلئ بالفتيات الفاتنات أخي."
هز روديان رأسه بحزن، فتشبث به جلاور محدثًا:
"روديان ما ستخبرني عن سبب انزعاجك بالأمس!"
عندما حان دور سيلينا قامت روفال بدفعها لتتقدم، فوقف روديان وتحرك بسرعة البرق ليقف أمامها مخاطباً نفسه:
«شعر أسود كالحرير؟! قزمة! جسدها ممتلئ! وجهها يختلف عن كل النساء هنا! سأشتريها على الفور لأن جلاور الوغد أخبرني بأنه يريدها منذ قليل»
كان يدور حولها وينظر إليها كفريسة، ثم قال:
" تُعجبني هذه، سآخذها لي."
تذكرت سيلينا الرواية وهذا المشهد، فصرخ عقلها بخوف:
" إلى أين سيأخذونني؟! أنا لا أريد أن أموت في هذا العالم."
هي تعلم من خلال الرواية أن الذهاب معه يعني الموت، فهذا المزاد خاص بمصاصيّ الدماء وأي خادمة تعيش بذلك القصر نهايتها الموت بعد التعذيب المستمر.
غادر روديان بعد أن ألقى كلماته، وتم أخذ سيلينا مع موكبه الذي يتجه للقصر، وقد تبقى أخاه الغاضب بالمزاد مع باقي الأمراء والقادة من الأرجاء الأخرى.
في القصر دقت الساعة الثانية عشر منتصف الليل، دخل روديان إلى غرفته الملكية، وجدها هناك نظر نحوها بشرّ مطلق، وأقترب منها وهو ينوي الشرب من دمها.
هربت إلى نهاية الغرفة وهي تقول:
"أرجوك لا أريد أن أموت اليوم."
ابتسم بغير مبالاة وشدها نحوه، فوضع شفتيه على عنقها، بينما الأخرى لا تستطيع دفعه لشدة قوته.
وقبل أن يغرس أنيابه في جلدها قاطعه صوت أخاه جلاور وهو يقول:
"تمهل قليلًا يا أخي، هل سائت حالتك لهذه الدرجة؟"
قال روديان بغضب وهو يفتح فمه بوجه أخيه:
"ماذا تريد الآن جلاور؟"
بكت سيلينا وهي تحاول كتم صوتها، فتحرك جلاور نحوها وشم رائحتها ليقول:
"دعني أتذوقها"
أمسك روديان بذراع سيلينا، ووضعها خلفه وهو يقول:
"هذه ملكي أنا، ولا أقبل مشاركتها مع أحد."
حاول جلاور الوصول إليها لكن الآخر كان دفاعه متين، ليقول بغضب:
"روديان أنا من أخبرتك بأنني أريدها"
أظهر روديان أنيابه وزمجر بغضب ليرتعب الآخر متراجعاً حتى خرج من الغرفة.
أغلق روديان باب الغرفة، قلقت سيلينا منه بعدما رأت حالته المرعبة، أغمضت عينيها بيدها وهي تهمس بخوف في نفسها:
«هل حقًا هذا الشخص الذي أحببته بيوم؟ وهل ستكون نهايتي بعد كل هذا الحب الموت على يديه؟ لماذا نهايتي ستكون الخادمة في هذه الرواية؟ من سَيُجيبني على كل هذا؟»
خلع روديان سترته، وألقاها على الأرض بغضب، فنظر إليها باشمئزاز:
"التقطيها."
نظرت سيلينا إلى سترته فهرعت لرفعها وطيها بين يديها، فقال لها وعيناه تشع شرار:
"إياك أن تخرجي خارج الغرفة أثناء غيابي، سوف أعود قريباً لهنا، وأتمنى بأن أجدك جاهزة."
ارتعش جسد سيلينا وقالت وهي تبتعد عنه:
"جاهزة لماذا؟"
نبست سيلينا بتوتر وصوتها ضعيف.
دفع روديان رأسها بخفة لتبتعد من أمامه، ثم خرج من الغرفة وأغلق الباب خلفه وهو يخاطب نفسه:
«يجب أن أعتذر من جلاور من أجل الوصول للحكم»
طرق على باب غرفة جلاور لكنه لم يُجبه، دخل الغرفة ولم يجده، ذهب إلى مكانهم المعتاد ولم يجده أيضاً.
ثم توجه لغرفة الخادمة ليريا، وجده يضع أنيابه على رقبتها ويستلذ بشرب دمها، فجلس روديان بجانبه وهو يقول:
"جلاور أنا أعتذر لك، لكنك تعرف بأن هذه الفتاة الوحيدة التي اشتريتها اليوم، فأنا لا أنوي تركها لك."
رد جلاور وهو عابث بمسح الدماء من شفتيه:
"اعرف لكنني لا أفهمك، من بين كل السوق لما أخترت فتاة واحدة وذهبت، ولما هذه الفتاة بالأخص؟"
أعاد روديان بجسده للخلف وبعد تفكير أجاب:
"لا أعرف لماذا لكنني أشعر بتعب كبير؟"
دفع جلاور الخادمة نحو أخيه:
"تفضل يا أخي."
حاول روديان الوصول إليها لكنه شعر بوهن كبير، فتحرك جلاور ووقف وهو يسانده للذهاب لغرفته، سارا بصمت ومن ثم قال جلاور بالطريق:
"كم مرة أخبرتك بأن لا تخرج وأنت متعب هكذا، فجسدك يضعف يوم بعد يوم يا أخي."
وصل جلاور لغرفته ووجدها مقفلة أخرج المفتاح من جيب روديان وفتح الباب، فأخفت سيلينا جسدها بالخزانة عندما فتح الباب، راقبتهم عن بعد وهي ترتجف في ثيابها حتى الموت.
نام روديان على فراشه وهو يتفوه بكلمات غير مفهومة، دخل الحارس الشخصي لجلاور ملقياً تحية الاحترام ليخاطبه الأمير جلاور:
"هل فعلت اليوم ما أمرتك به؟"
وضعت سيلينا أذنها على باب الخزانة وهي تستمع لهم بتركيز، رد الحارس وقال:
"أجل سيدي فأنا فعلت مثلما أمرتني بالضبط."
وضعت سيلينا يدها على فمها؛ لتخفي شهقتها المكتومة، كأنها ترى كلمات الرواية أمامها وتتذكر الاحداث:
"يا للهول! هل بدأ بإعطائه السم بالفعل؟"
يتبع.