الفصل الثاني والعشرون بين الموت والحياة

كاد الجنون أن يصيب فرحة وهي ترى زوجها يصارع الموت أمامها، وقفت فرحة عاجزة لا تستطيع أن تفعل شيء.

أسرعت فرحة بالاتصال على سليم أخيها وحدثته:
—سليم، زوجي يموت ولا أستطيع أن أفعل له شيء.

سليم في ذهول يحدثها:
—أهدئي واخبريني ما الذي حدث له؟!

فرحة تبكي بإنهيار وتقول::
—أخي، لقد تناول شيئًا مسموماً.

تعجب سليم وسألها:
—مسمومًا؟! كيف حدث ذلك؟!

فرحة بانهيار تحدثت قائلة:
—أخي، سوف أخبرك فيما بعد ولكن لابد من انقاذ حياة زوجي اولًا.

سليم يخبرها ويقول:
—حسنًا، أسرعي بإعطاؤه كوبًا من الحليب المضاف إليه البيض، أو دعيه يشرب محلول ملحي؛ ربما يجعله يتقيأ

فرحة وقد إزداد قلقها وخوفها على زوجها:
—أخي، لقد بدأ ليث يفقد وعيه إنني أخشى أن أفقده.

وقف سليم مصدومًا وحدثها قائلاً:
—فرحة، سوف أتي إليكِ بأقصى سرعة، اهدئي كل شيء سيصبح على ما يرام.
نظر سليم إلى روح وهمس إليها قائلاً:
—حبيبتي، لقد اتصلت بي فرحة واخبرتني أن زوجها مريض للغاية يبدو أنه تناول شيئًا مسمومًا.

وضعت روح يدها على فمها من الصدمة وقالت:
—حسنًا سوف أرافقك إلى هناك، فلابد أن اطمئن على فرحة، إنني أشعر بما هي عليه الآن من مشاعر الحزن والقلق.

سليم همس إليها قائلاً:
—روح، لا أعلم ما الذي حدث له، يبدو أن الأمر في غاية الخطورة، سوف أصطحب معي أدهم لعله يستطيع أن يفعل شيء، لا تشعري أحد بشيء خاصة عمي مروان وزوجته.

أومأت روح برأسها وعلقت:
—حسنًا، انتبه سلمك الله من كل سوء.

ودع سليم زوجته وأشار إلى أدهم الذي كان يتحدث مع لين ابنة خاله مروان.

أسرع أدهم إليه وحدثه:
—أخي سليم، هل زوجة أخي(روح) بخير؟

سليم وقد بدى عليه القلق والضيق:
—أدهم، هناك حالة تسمم خطيرة هل يمكنك أن تأتي معي لعلك تستطيع أن تساعد المريض؟

أومأ أدهم برأسه وتحدث قائلاً:
—بالطبع، معك أخي لا يمكنني أن أتقاعس عن شيء كهذا.

ربت سليم على كتفه وحدثه:
—إذن هيا إلى السيارة بسرعة.

أسرع أدهم إلى سيارة سليم، وما إن استقل سليم سيارته حتى حدثه أدهم وقال:
—اخي، عليك أن تمر على أي صيدلية في طريقنا فهناك أشياء لابد أن نأخذها معنا، ستساعد المريض على التخلص من السم.

توقف سليم أمام إحدى الصيدليات، نزل أدهم وأسرع إلى داخل الصيدلية، كان القلق يزداد بداخل قلب سليم؛ يخشى أن يحدث مكروه لزوج أخته؛ فهو يعلم كم تحبه فرحة وتتعلق به.

شعر سليم أن الوقت يمر ببطيء، لازال أدهم داخل الصيدلية نظر سليم في الساعة وقال:
—أسرع يا أدهم فالوقت يداهمنا.

تأخر ادهم فقرر سليم أن ينزل من سيارته ويذهب لداخل الصيدلية ليرى ما الذي تسبب في تأخر أدهم هكذا.

دلف سليم إلى داخل الصيدلية فوجد أدهم لا زال يقف ينتظر الصيدلي الذي  يتحدث هاتفيًا مع أحد الأشخاص.

نظر سليم إلى أدهم وقال:
— منذ أن دلفت إلى داخل الصيدلية وهذا الرجل يتحدث في هاتفه أليس كذلك؟

اومأ أدهم برأسه وقال:
—أجل أخي رغم أنني أشرت إليه اكثر من مرة، لكنه لم يستجيب.

توجه سليم إلى الصيدلي وقف أمامه ناظرًا إليه، لكن الصيدلي استمر في حديثه غير مهتمًا بشيء.

أمسك سليم الهاتف من يد الصيدلي وقام بإغلاقه.
نظر الصيدلي إلى سليم وقد بدى عليه الغضب وصاح فيه قائلاً:
—أنت، ما الذي فعلته؟! كيف تجرؤ على فعل شيء كهذا؟!

سليم أمسك بقميص الرجل وحدثه قائلًا:
—أنت لست بطبيب صيدلي، أنت شخص عادي تعمل هنا في هذا المكان أليس كذلك؟

شعر الرجل بالتوتر وعلق قائلًا:
—من الذي أخبرك بذلك؟!  إنني طبيب صيدلي

سليم بغضب علق قائلاً:
— لا يمكنك أن تكون طبيبًا وتتهاون في أرواح الناس هكذا، هناك شخص يحتضر وينتظر الدواء الذي جئنا لشراءه، وأنت تقف بمنتهى اللامبالاة وتتحدث في مباراة لكرة القدم.

شعر الرجل بالأسف وعلق قائلًا:
—سيدي، اعتذر منك وأرجوا ألا تخبر صاحب الصيدلية بما حدث.

أومأ سليم برأسه وعلق قائلًا:
— ألم أخبرك أنك لست بطبيب ولكن لم يعد لدي متسع من الوقت للتحدث إليك أسرع وقم بإحضار ما يريده الطبيب أدهم.

أحضر الرجل كل ما أخبره به أدهم، ثم استقل سليم السيارة إلى بيت أخته، وفي الطريق تحدث أدهم وقال:
—اخي سليم، لقد فوجئت بك اليوم، أنت حقًا شخصًا رائعًا وتتمتع بذكاء حاد.

ابتسم سليم وعلق قائلًا:
—ما حدث يمكن لأي شخص أن يكتشفه؛ فالطبيب دائمًا رجل مسئول يهتم بأرواح الناس ويقدرها، لا يمكن لطبيب أن يقف يتحدث في الهاتف ويترك الناس تنتظره حتى يفرغ من حديثه.

وصل سليم إلى منزل ليث الناجي.

نظر أدهم إليه وقد بدى عليه التعجب وحدثه :
—سليم، أليس هذا بمنزل فرحة؟!

نزل سليم من سيارته وحديثه قائلاً:
—أجل إنه هو والمريض هو زوجها ليث، هيا أسرع لم يعد لدينا متسع من الوقت.

أسرع أدهم بالنزول من السيارة، طرق باب المنزل فأسرعت فرحة بفتح الباب وما إن رأت أخيها حتى أغشي عليها.

حمل سليم فرحة وحدث أدهم وقال:
—ادهم، أسرع وتفقد ليث.
أسرع أدهم إلى ليث فوجد حالته خطيرة، نظر إلى سليم وقد بدى عليه الإزعاج وحديثه قائلاً:
— سليم، حالة ليث خطيرة لابد من نقله إلى المشفى ولكنه بهذه الحالة يمكنه أن يفارق الحياة في الطريق.

سليم بكل حزم حدثه قائلاً:
—أدهم، ما دامت حالته لن تحتمل نقله إلى المشفى، أفعل ما تستطيع فعله إنني أثق بك.

حاول سليم أفاقة فرحة ولكن دون جدوى، فعلم إنها تحتاج إلى تدخل طبي، فتحدث قائلًا:
—أدهم، فرحة لم تستعيد وعيها على الرغم من المحاولات العديدة التي قمت بها.

أدهم حدثه قائلاً:
— سليم، ربما يكون ضغط الدم قد انخفض لديها، أسرع إلي فإنني بحاجة إليك، إن لم نستطيع إدخال هذا السائل إلى معدة ليث؛ سوف نفقده إلى الأبد.

وهنا دلفت علية إلى داخل المنزل وفوجئت بليث على هذه الحالة.

أخذت تصرخ وتصبح قائلة:
— ليث، كيف حدث ذلك؟! لم تكن أنت ألم....

وهنا استوعبت علية الموقف فقطعت حديثها حتى لا يكتشف سليم أنها من فعلت ذلك بليث.

نظر إليها سليم نظر حادة مغلولة.

ولكنه سرعان ما انتبه لما يريده أدهم أن يفعله، أجلس سليم ليث وأسنده إلى صدره فأسرع أدهم بإدخال خرطوم إلى معدة ليث ثم وادخل السائل الذي كان يريده عبر هذه الأنبوبة.

أسرع أدهم إلى فرحة وقام بوضع سائل داخل أنفها جعلها تستعيد وعيها ولكنها كانت في حالة إعياء شديدة.

بدأ ليث بإفراغ كل شيء قد ابتلاعه، وضع أدهم ذلك السائل داخل أنف ليث فاستعاد وعيه.

ابتسم أدهم وحديثه قائلاً:
— حمدًا لله على سلامتك أيها البطل.

نظر ليث إلى سليم الذي كان يحتضنه وهو يتقيأ حتى لا يسقط أرضًا، فحدثه بصوتٍ خفيض وقال:
—سليم، أين فرحة أخبرها ألا تتناول من تلك الحلوى؟ لا احد يقرب هذه الحلوى.

قبض سليم على يد ليث وحدثه:
—ليث، لا تقلق هي بخير ولكنها متعب لكثرة بكاءها وخوفها الشديد عليك.

أسرعت علية بالدلوف إلى داخل الغرفة، نظرت إلى ليث وحدثته قائلة:
— ليث، حمدًا لله على سلامتك.

نظر إليها ليث وحدثها قائلاً:
—علية، أنتِ طالق.

وضعت علية يدها على فمها من هول الصدمة، ثم قالت:
— لا يمكنك أن تفعل هذا بي، لا يمكنك أن تمحو وجودي في هذه الحياة المقترن بك بكلمة تخرج من فمك.
أسرع أدهم بتركيب بعض المحاليل لفرحة وليث، ثم جلس يترقب ما سيحدث وقد بدى عليه التعجب والذهول مما حدث.

فرحة لا تقوى على مغادرة الفراش نظرت إلى أخيها وقالت:
—أخي،كيف أصبح ليث؟!
ابتسم سليم وعلق:
— إنه بخير، لقد استطاع أدهم انقاذه، بعد قليل ستجدينه يقف أمامك.

على الجانب الٱخر وقفت علية تتوسل إلى ليث ألا يتخلى عنها، وحدثته قائلة:
—ليث، لم أفعل شيء يستحق أن تقوم بتطليقي.

ترك أدهم الغرفة للزوجين ليتحدثان بحرية أكثر، وذهب إلى فرحة ليطمئن عليها.

دلف أدهم إلى المكان الذي تتواجد فيه فرحة وحديثها:
—فرحة، ما الذي تشعرين به الٱن؟

ابتسمت فرحة وعلقت:
—إنني بخير ولكن كيف حال زوجي؟
ابتسم أدهم وعلق قائلًا
—ليث، لا تقلقي فهو حي يرزق.

نظر أدهم إلى سليم وحديثه:
—سليم، ما إن استعاد ليث وعيه ورأى تلك المرأة حتى ألقى عليها اليمين.

شعرت فرحة بالإرتياح وحمدت الله على ما فعله ليث، فحدثت نفسها قائلة:
—كان عليه أن يطلب لها الشرطة، هذه المرأة لا يوجد حد لشرورها.

تعجب سليم وقال:
—أدهم، تعالى معي لنرى ما الذي يحدث في هذا المنزل المليء بالغموض؟!

ذهب سليم وأدهم إلى غرفة ليث فسمع ليث يتحدث مع علية ويقول:
—في المرة السابقة قمتي بوضع السم «في العصير الخاص بفرحة ولولا رجوعي إلى المنزل بشكل مفاجيء، وقمت بنقلها إلى المشفى، الله وحده يعلم ما الذي كان سيحدث معها؟

يعد أن استمع سليم إلى هذا الحديث حتى نظر إلى أدهم والصدمة قد بدت عليه وهم للدلوف داخل الغرفة، ولكن أدهم أمسك بيدها وهمس إليه :
—أخي، أنتظر حتى نعلم ما الذي يحدث معهم؟!

واصل ليث حديثه وقال:
— اليوم أعود من عملي مبكرًا لأجد طبق الحلوى المسموم الذي قمتي بإعطاؤه لفرحة للتخلص منها، ألهذا الحد أصبح القتل شيئًا يسيرًا بالنسبة لكي.

علية والدموع تنهمر من عينيها تحدثت قائلة:
—ليث أنا لم أضع السم في الحلوى من الذي قال لك هذا؟!

ابتسم ليث وعلق قائلًا:
—يا لها من دموع زائفة أشبه بدموع التماسيح.

علية وقد أيقنت أن الإنكار لا يأتي ثماره  مع ليث تحدثت:
—أجل وضعت لها السم في الحلوى التي تحبها، وذلك بعد أن سمعت حديثكما بالأمس، لم أكن اقصد إيذائك، ولكن حبك لها هو الذي تسبب لك في الأذى.

وهنا دلف سليم وأدهم إلى الغرفة، فوجئت علية بسليم يقف خلفها فوضع يدها على فمها من المفاجأة.

نظر سليم إلى ليث وحدثه قائلًا:
—هذه المرأة كانت تريد قتل أختي أليس كذلك؟!

صمت ليث ولم يستطيع التحدث لشعوره بالخجل مما فعلته علية في حق فرحة.

سليم نظر إلى طبق الحلوى المسموم، دنا منه ثم قام بحمله وأعطاه إلى علية وقال:
—خذي هذا وقومي بتناوله.

نظرت علية في ذهول وصدمة وعلقت قائلة:
—هذا مسموم كيف لي بتناوله؟!

سليم علق ساخرًا :
—ألا تعلمين أن طباخ السم لا بد أن يتذوقه؟ هيا أسرعي بالتهام ما صنعتيه لقتل فرحة.

رفضت علية أن تتناول الحلوى المسمومة.

نظر سليم إلى أدهم وحدثه قائلًا:
—أدهم، أسرع باستدعاء الشرطة.

وعلى الفور قام أدهم باستدعاء الشرطة، بعد قليل نهضت فرحة من فراشها وتوجهت إلى حيث يرقد زوجها ليث .

دلفت فرحة إلى داخل الغرفة، فما إن رٱها ليث حتى اعتدل في فراشها، جلست فرحة بجواره وقامت بمعانقته وهى تقول:
—حمدًا لله على سلامتك يا زوجي الحبيب.

أمسك ليث بيد زوجته وقام بتقبيلها، ثم حدثها قائلاً:
—سلمك الله يا حبيبتي، أحمد الله أنها جاءت هذه المرة في ولم تتأذي بسوء.

علية وقد اشتعلت غيظًا وغيرة، نظرت على الطاولة فإذا بطبق من الفاكهة  وبجواره سكين أسرعت علية بالأمساك. بالسكين واندفعت نحو فرحة.

أسرع سليم إليها وأمسك بيدها فقامت بغرس السكين في يد سليم.
لم تكتفي علية بذلك بل قامت بالشروع في قتل سليم، صاحت فرحة وأسرع أدهم مندفعًا نحوها وقبل أن تقوم علية بغرس السكين في ظهر سليم دلفت الشرطة واطلقت النار على علية فاصابتها في يدها.
تم إلقاء القبض على علية ووضعها في المشفى لحين شفائها وبعدها يتم نقلها إلى السجن لمحاكمته.

سليم أصر على اصطحاب فرحة معه إلى منزله، لكنه سرعان ما تراجع مع  الإلحاح الشديد من ليث وفرحة معًا.

غادر سليم منزل ليث الناجي بعد أن قام أدهم بمعالجة يده من الجرح الذي لحق بها نتيجة طعنة علية له.

عندما وصل سليم وأدهم إلى منزل نصار الجوهري، دلف أدهم إلى غرفته لتغير ملابسه التى تلطخت بدماء سليم، لكن والدته ما إن أخبرتها الخادمة بالدماء التي تلطخت بها ملابسه، حتى أسرعت إلى غرفته لتطمئن عليه وتعرف سبب هذه الدماء.

نظرت الأم إلى أدهم وحدثته:
—أدهم، ما الذي حدث معكم؟!
أدهم وهو يقوم بتبديل ملابسه تحدث قائلاً:
—امي، إنني بخير ولكنها دماء أخي سليم.

وقفت العمة سميرة في ذهول وعلقت قائلة:
—هذه دماء سليم، ما الذي حدث له؟!

علق أدهم قائلاً:
— أمي، سوف اقص عليكي ما حدث.

دلف سليم إلى غرفته فأسرعت روح إليه لتطمئن علية.

نظرت روح إلى يده وانهمرت الدموع من عينيها وقالت:
—سليم، هل انت بخير؟! ذهبت لتنقذ زوج فرحة فعدت إلي مصاب كيف حدث ذلك؟!.

ابتسم سليم وحدثها:
—حبيبتي لا داعي للقلق فانا أمامك بخير.

روح علقت قائلة:
—كيف تكون بخير ويدك مصابة وملابسك ملطخة بالدماء؟!.

قص سليم لزوجته ما حدث، فتعجبت وقالت:
—كيف استطاعت تلك المرأة أن تدس السم في الحلوى لقتل فرحة؟!

علق سليم وقال:
—لقد نالت جزاءها وأحمد الله أن فرحة لم تتأذى.

في اليوم التالي.
اجتمعت العائلة على مائدة الطعام، نظر العم مروان إلى سليم وحدثه قائلاً:
سليم بعد أن تنتهي من إفطارك أود أن أتحدث معك في أمرٍ هام.

نظر سليم إلى عمه وحدته قائلاً:
—كنت أنتظر منذ قدومك أن تخبرني بهذا الأمر الهام الذي جئت من أجله.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي