الفصل الحادي والعشرون

بدأت مياة الحب تعود لمجاريها، وبدأت القلوب تعود لنبضها من جديد حاملة مشاعر الحب والسلام بين الزوجين الذان لم يعيشان يومًا واحدًا سعيدًا منذ أن تزوجا.

عاد ليث وروح إلى منزلهما بعد أن اطمأنا على فرحة، طوال الطريق لم يكف سليم وروح عن النظر إلى بعضهم البعض عبر مرٱة السيارة.

لاحظت العمة سميرة وابنها أدهم تلك النظرات المتبادلة بين الزوجين، كانت العمة سميرة في قمة سعادتها جلست طوال الطريق تناجي ربها وتقول:
-ربي، أنت القادر على كل شيء، كما أصلحت مابينهما ادعوك وأتضرع إليك أن تشفى روح وأن تمتعها بالصحة والعافية.

عندما عاد الجميع إلى المنزل، استقبلتهم الخادمة نرجس وقالت:
-الطعام أصبح جاهزًا.

نظرت العمة سميرة إليها وقالت:
-حسنًا يمكنك أن تضعيه على المائدة، سوف نقوم بتبديل ملابسنا وبعدها سيجتمع الجميع على الطاولة.

سليم نظر إلى روح نظرة ماكرة وحدثها قائلاً:
-روح، ألم تسمعي ما قالته عمتي؟!

تعجبت روح فهي لم تسمع شيئًا غير معتاد من العمة سميرة فعلقت:
-سليم، عمتك لم تقول شيء سوى أننا سنجتمع على طاولة الطعام بعد قليل.

سليم وقد وسع حدقتيه ثم قال:
-ألم تقول عمتي أننا سوف نبدل ملابسنا، ثم نجتمع على المائدة؟!

أومأت روح برأسها ثم رفعت حاجبيها لأعلى وقالت:
-أجل سمعت، يمكنك أن تذهب أنت وتبدل ملابسك ثم تعود.

امسك سليم بيد روح وجذبها إليه ثم حدثها:
- لقد قالت عمتي نبدل ولم تقول إنني فقط الذي سيبدل ملابسه، وما تقوله عمتي أمر واجب التنفيذ.

ضحكت العمة سميرة وقالت:
- أجل ابنتي لم أخص سليم وحده، إذهبي أنتِ أيضًا وقومي بتبديل ملابسك.

وما إن انهت العمة سميرة حديثها حتي قامت بالغمز سليم صاحب ذلك ابتسامة تدل على مدى سعادتها بما يحدث.

شعرت روح أن سليم يرتب لأمر ما، احمرت وجنتيها خجلًا وقالت:
-لا أريد أن أبدل ملابسي الٱن، أذهبوا أنتم وبدلوا ملابسكم كما تشاءون.

لم يجد سليم أمامه سوى أن تحدث إليها وقال:
-روح، ألن تأتي معي أليس كذلك؟

ابتسمت روح وعلقت:
-أجل سليم لن أتي معك٠
نظر سليم إلى عمته وأومأ برأسه ففهمت ما يعنيه وقالت:
- أفعل ما شئت.

أسرع سليم وقام بحمل روح وصعد بها إلى غرفتها وسط صياح من روح وضحكات من العمة سميرة.

دلف سليم إلى غرفته حاملًا زوجته، أنزلها برفق ووضعها على الفراش.
نظرت روح إليه وحدثته قائلة:
-سليم، ماذا تريد؟!

دنا سليم من روح حتى أصبح قريبًا جدًا من شفتيها، نظر إلى عينيها وقال:
_أريد أن أرى سليم داخل عينيكي.

ابتسمت روح وإلتفت بذراعيها حول عنقه وقالت:
- سليم داخل قلبي وعيني وكل جوارحي.

بدأ سليم يتخلل خصلات شعرها المنسدل على كتفيها، كأنها أشعة الشمس الدافئة وقت الشروق.

تبادل الزوجان النظرات حتى غرق كلاهما في أعماق الٱخر، لقد كانت لحظاتهما الأولى كزوجين يقضيان معًا أروع لحظات العشق.

قامت نرجس بإعداد الطاولة، ذهبت إلى العمة سميرة وحدثتها:
- سيدتي، لقد تم وضع الطعام على المائدة، سوف أذهب لأخبر سيدي سليم وسيدتي روح بذلك.

نظرت العمة سميرة إلى نرجس وحدثتها قائلة:
-نرجس، لا داعي للذهاب إلى غرفة سليم، دعيهم عندما يريدان الطعام سوف يأتيان بمفردهما.

ابتسمت الخادمة وقالت:
-حسنًا سيدتي كما ترغبين لن اذهب إليهما.

ذهبت نرجس لمتابعة أعمالها، بينما جلست العمة سميرة وابنها أدهم يتناولان طعامها.

نظر أدهم إلى والدته وقد لفت انتباهه الابتسامة التي كانت تعلو وجهها بين الحين والٱخر.

ابتسم أدهم وتحدث إليها قائلاً:
-أمي يبدو أنكِ قد تذكرتي شيئًا أسعدك.

ابتسمت الأم وتحدثت قائلة:
-أدهم، إنني أعيش يوم من أسعد أيام حياتي، ابني الذي كنت أتمنى أن أراه وأضمه ولو لمدة خمس دقائق، ها هو عاد إلى حضني ويجلس بجواري.
فرحة سعيدة في حياتها وقد كلل الله تلك السعادة بحملها، أما سليم الذي بذلت معه قصارى جهدي؛ حتى أصلح ما بينه وبين زوجته، ها هو بدأ حياته الزوجية من جديد هذا هو ما جعلني أشعر بكل هذه السعادة التي بداخلي.

نظر أدهم إلى والدته وقد شعر بحبه الجارف تجاهها فحدثها:
- أمي، إنني فخور أنني ابني لأم عظيمة مثلك؛ ترى سعادتها في سعادة من حولها.

ابتسمت الأم ونظرت إلى أدهم وقالت:
-بني، من يحب يسعد بسعادة أحبابه.

داخل غرفة سليم وروح.
لم يشعر سليم وروح بالوقت إلا عندما قامت نرجس بطرق باب الغرفة.

فتح سليم باب الغرفة لتخبره نرجس وتقول:
- سيدي، العشاء أصبح جاهزًا أنتم لم تتناولا شيئًا منذ الصباح.

ابتسم سليم وقال:
-حسنًا يا أجمل نرجس في الدنيا.

تعجبت نرجس فهي لم تتعود على هذه الكلمات من السيد سليم الذي يتعامل معها بمنتهى الجدية، علت الابتسامة وجهها بينما واصل سليم حديثه:
-نرجس، أريدك أن تقومي بإحضار العشاء إلى الغرفة، وأخبري عمتي أننا سوف نتناول عشائنا الليلة داخل غرفتنا.

ابتسمت نرجس وقالت:
-حسنًا سيدي سوف أخبرها بذلك.

ذهبت الخادمة لإحضار العشاء، دلف سليم إلى زوجته النائمة، جلس بجوارها واطال النظر إليها وهي نائمة يتأمل ملامحها وينظم على كل لحظة مضت دون أن يعيشها سعيدًا معها.

اقترب سليم من روح حتي أصبح قريبًا من شفتيها، ثم ابتعد حتى لا يوقظها، استيقظت روح مبتسمة نظرت إليه وحدثته قائلة:
-سليم، شكرًا لك.

تعجب سليم وعلق قائلًا:
-حبيبتي، علام الشكر؟! أنا من يجب عليه أن يشكرك لوجوك في حياتي.

روح والسعادة تملأ قلبها تحدثت إليه:
-اردت أن أشكرك على كل هذه السعادة التي منحتها لقلبي بعد أن يأس من الحياة أصبحت أيامه فيها معدودة لي...

قاطع سليم روح بأن وضع أصابعه على فمها وحديثها:
- حبيبتي، من منا ليست أيامه معدودة في هذه الحياة، نحن نعيش حياتنا وكلما مر علينا يومًا ينتقص من عمرنا، دعكِ من اليأس وابدأي حياتك كما تحبي أن تعيشها.

طرقت الخادمة نرجس باب الغرفة فأذن لها سليم بالدخول.

قامت نرجس بوضع الطعام على الطاولة ثم تحدثت:
-سيدي، هل تود أن أحضر لكما شيئًا ٱخر؟

ابتسم سليم وتحدث:
-هل أخبرتي عمتي أننا سوف نتناول طعامًا هنا؟

نرجس بوجه بشوش علقت:
- أجل سيدي، لقد أخبرتها بذلك.
اومأ سليم برأسه وقال:
-حسنًا، تستطيعين المغادرة.

غادرت نرجس الغرفة، وما إن أغلق سليم باب الغرفة حتى إلتفت إلى روح وقال:
-أما أنتِ فلحديثنا بقية.

منزل ليث الناجي

استيقظت فرحة بعد أن غفلت قليلًا لتجد ليث وقد قام بإعداد العشاء بنفسه وأحضره إليها.

ابتسمت فرحة وعلقت:
_ ليث، هل أنت الذي أحضرت العشاء بنفسك؟!

ابتسم ليث وعلق:
_أجل أنا الذي قمت بإعداده لأجمل وأرق زوجة في هذه الحياة.

فرحة وقد شعرت بالخجل تحدثت:
-ليث، لا تجهد نفسك وتقوم بإعداد الطعام مرة أخرى، إنني أستطيع أن أقوم بإعداد العشاء بنفسي.

ابتسم ليث وقال:
- حبيبتي، لا أريدك أن تجهدي نفسك كل ما عليكي هو البعد عن أي توتر أو إجهاد كما قال الطبيب.

فرحة وقد بدى عليها القلق تحدثت :
-ليث، هل تدري أن عمتي طلبت مني أن اقضي فترة الحمل في بيت والدي؟ ولكنني رفضت، لا أخفي عليك سبب رفضي هو أنني لا أريد أن أبتعد عنك.

ابتسم ليث وأمسك بيد فرحة، قام بتقبيلها ثم تحدث:
-أنا أيضًا على الرغم من خوفي الشديد عليكي في كل مرة أغادر فيها المنزل، إلا إنني لا اطيق أن تبتعدي عني ليومٍ واحد.

ثم دنا ليث من فرحة وهمس إليها:
-فرحة، مهما حدث لا تتناولين شيء من يد علية؛ فنيران الغيرة المشتعلة بداخلها تجعلها على استعداد لفعل أي شيء مهما يكن، وذلك لأعتقادها أن ذلك سوف يجعلها تنفرد بقلبي، ولكنني في الغد سوف أذهب لشراء منزل جديد ليكون منزلنا الخاص بنا.

فرحة شعرت بالسعادة وعلقت:
-ليث، هذا خبر جيد بالفعل، ولكن لدي شيء أود أن أتحدث إليك فيه، لقد انعم الله علينا بنعم كثيرة، لا أريد أن يغضب الله منك وأنت تهجرها هكذا، لا بد أن تقوم بتحسين علاقتك بها حتى نأمن  شرها.

فكر ليث قليلًا ثم تحدث قائلاً:
- حسنًا، سوف أعمل جاهدًا حتى ابعدك عن شرورها ومكائدها.

علية تقف تتنصت كعادتها، وما إن سمعت حديثهما أشتد غضبها وتوعدت فرحة وليث بالانتقام.

بعد مرور أسبوع.

استيقظ سليم من نومه على روح وهي تداعب وجهه بريشة، نظر إليها وما إن رأها حتى علت الابتسامة وجهه وحدثها:
-أسعد الله صباحك بكل خير.

ابتسمت روح وعلقت قائلة:
-حبيبي، أسعد الله صباحك بكل خير وسعادة، هيا سوف تتأخر عن عملك أيها الكسول.

ابتسم سليم وعلق قائلًا:
-لقد قمتي بنعتي بالكسول أليس كذلك؟

ضحكت روح وعلقت:
-أجل شخص مر عليه أسبوع وهو لم يخرج من منزل ولم يذهب إلى عمله أليس هذا بكسول؟!

أمسك سليم بيد روح وجذبها إليه وهو يقول:
-حسنًا سأريكي ماذا سيفعل بكِ ذلك الكسول.

نظرت إليه روح وحدثته قائلة:
- سليم، أريد أن أتحدث معك في أمرٍ هام.

نظر إليها سليم باهتمام شديد، لقد خشي أن تكون روح قد بدأت أعراض المرض لديها في الظهور، بينما أسرعت روح بالقفز من فوق الفراش والركض نحو باب الغرفة.

نظر إليها وحدثته:
-هيا انهض ايها الكسول وكفى دلعًا لديك أعمال وعليك القيام بها.

أسرع سليم خلفها ولكنها أسرعت بالركض حتى غرفة العمة سميرة.

لحق بها سليم أمام الغرفة، أشارت إلى الغرفة وأن العمة سميرة بالداخل، همس إليها قائلاً:
-هل تعتقدين أن بإمكانك الفرار مني؟!

ابتسمت روح وعلقت قائلة:
- سليم، من فضلك سوف تخرج العمة سميرة من غرفتها في أي وقت لا أحب أن ترانا على هذه الحالة.

أنهت روح حديثها وفوجئت بالعمى سميرة تفتح باب غرفتها وتخرج منها لتتفاجيء بروح وسليم يقفان على باب الغرفة.

تعجبت العمة سميرة وقالت:
-لماذا تقفان هكذا؟!
أسرعت روح بالرد وقالت:
-عمتي، سليم يود التحدث إليكِ في أمرٍ هام، لقد أخبرته أنك ربما تكونين نائمة ولكنه اصر على المجيء إلى هنا .

تعجبت العمة سميرة وقالت:
-سليم، ما الذي كنت تود التحدث إلي بشأنه؟!

سليم نظر إلى روح التي حاولت أن تسيطر على ضحكتها وحدثت نفسها قائلة:
- هيا سليم، ارني بماذا ستخبرها؟!

ابتسم سليم وكأنه يعلم ما يدور في عقل روح فتحدث قائلًا:
-عمتي، لقد خطر ببالي فكرة وأردت أن أستشيرك فيها، ما رأيك أن نقوم بذبح الذبائح وإعداد الولائم شكرًا لله على نعمه.

ابتسمت العمة سميرة، لقد اعجبتها الفكرة وقالت:
-بني لقد ذكرتني بأخي نصار رحمة الله عليه كان إذا مر به شيء أسعده يقوم بذبح الذبائح تقريبًا وشكرًا لله.

ابتسم سليم وتحدث :
- إذن اعجبتك الفكرة، سوف أذهب وانتقي أسمن الماشية حتى يتم اطعام الفقراء تقربا لله تعالى .

تعجبت روح ووقفت تنظر إلى سليم في ذهول، وما إن انفردت بسليم حتى حدثته:
—سليم، كيف قفزت تلك الفكرة إلى ذهنك؟!

ابتسم سليم وعلق :
—منذ ليلة أمس وأنا عاقد العزم على فعل ذلك واليوم تحدثت مع عمتي في هذا الشأن.

روح أطالت النظر إليه، تعجب سليم من ذلك وأشار إليها قائلاً:
—حبيبتي، إلى أين ذهب بك شرودك؟!
روح وقد فاضت عيناها بالدموع تحدثت قائلة:
—أشعر بحالة من  العشق والخوف معًا، عشقي لك يزيد يومًا بعد يوم، خوفي من الفراق كاد أن يقتلني، سليم لا أريد أن أموت وابتعد عنك.

انفجرت روح في البكاء فأسرع سليم بعناقها وضمها بقوة إلى صدره
وهو يردد:
—حبيبتي، لن يستطيع شيء أن يأخذك مني أو أن يفرق بين ارواحنا، حتى الموت نفسه لن يفرق بيننا نحن كالروح الواحدة ولكن في جسدين.

روح نظرت إليه وحدثته:
—حبيبي، إنني أعشق كل شيء فيك، أعشق رائحة جسدك، أعشق لمساتك الحانية وكلماتك التي تمنح قلبي السعادة.

ابتسم سليم وقال:
—لقد أنسيتيني!
قام سليم بإخراج الحلوى التي كان قد اعتاد أن يحضرها لها قبل أن يفترقا.

نظرت روح إليه وقامت بخطف الحلوى وأسرعت بالركض ناحية الشرفة وقامت بإلتهامها.

ضحك سليم وعلق قائلًا:
—حبيبتي لن تتغير أبدًا!

غادر سليم غرفته وطلب من رجاله الأشراف على عمليات ذبح المواشي وتوزيعها على الفقراء.

أدهم دلف إلى غرفة والدته، نظر إليها ثم حديثها:
—أمي، أود التحدث معكِ في أمرٍ هام.

نظرت الأم إلى ابنها الذي بدى عليه أنه لديه أمر خطير فتحدثت قائلة:
—بني، هل هذا الأمر يخص روح؟

أومأ أدهم برأسه وعلق قائلًا:
—أجل سوف أخبرك بشيء وأريد منك الا تخبري به أحد.

تعجبت الأم ووضعت يدها على قلبها ثم قالت:
—بني، تحدث لقد أوقعت قلبي خوفًا وقلقًا.

سليم يقف وسط رجاله يتابع عملية توزيع اللحوم على الفقراء والأقارب فجأة توقفت أمامه سيارة غريبة.

نظر إلى حسان وعلق قائلًا:
—حسان، لمن هذه السيارة؟ وكيف تجرؤ على الوقوف هنا أمام منزلي؟!

حسان وقد نظر إلى السيارة تحدث قائلاً:
—سيدي، فلننتظر حتى ينزل الشخص الذي يستقلها؛ فربما يكون ضيفًا لديكم.

وبالفعل انتظر سليم فإذا بعمه مروان الجوهري ينزل من السيارة ومعه زوجته وأولاده.

تعجب سليم فعمه منذ أن غادر واستقر بالقاهرة لم يأتي لزيارته فعلق قائلاً:
—ترى، ما الذي جاء به هو وعائلته؟!

همس سليم إلى حسان وحدثه:
—حسان، أسرع وقم بإخبار العمة سميرة أن العم مروان قد وصل هو وعائلته.

وقف سليم في مكانه ينتظر قدوم عمه، بينما أسرع حسان وأخبر الخادمة نرجس بقدوم العم مروان، أسرعت نرجس إلى غرفة العمة سميرة وقامت بإخبارها بذلك.

تعجبت العمة نرجس وتحدثت قائلة:
—مروان، ما الذي جعله يتذكر أن له أقرباء هنا في البلدة، منذ أن استقر في القاهرة ولم يعد يتواصل معنا ولا حتى بالهاتف.

اتجه العم مروان صوب سليم وقام بتحيته ومعانقته قائلاً:
—ابن أخي الكريم سليم لقد اشتقت إليك كثيرًا.

ابتسم سليم وتحدث إليه:
—مرحبًا بالحاج مروان الجوهري.

حضرت زوجة العم وحيت سليم، نظر سليم فإذا بشاب وشابة تحدث إلى عمه وقال:
— هذان أبنائك؟

ابتسم العم مروان وقال:
—أجل، هذه لين مروان الجوهري وهذا ابني مجد مروان الجوهري.

ابتسم سليم وهو يحي أبناء عمه ثم دعا الجميع للدلوف إلى داخل المنزل.

وفي داخل المنزل وقفت العمة سميرة وبجوارها ابنها الطبيب أدهم
عانق الأخ أخته بكل حب ومودة.

نظرت العمة سميرة إلى زوجة أخيها التي بدى عليها التحفظ بعض الشيء، وقالت:
—سعاد، كيف حالك من فترة طويلة وأنا لم أراكي.

ابتسمت زوجة الأخ ابتسامة باهتة وعلقت:
—مشاغل الدنيا يا عزيزتي.

ابتسمت العمة سميرة وقالت:
—مشاغل الدنيا حسنًا ولكن على الرغم من مشاغل الدنيا، ما الذي جعلكم تتذكروننا الٱن، أراها زيارة غريبة؟!

سعاد (زوجة الأخ) ابتسمت ابتسامة ماكرة وقالت:
—وهل عندما يأتي المرء إلى بيته تسمى  هذه زيارة؟!

ابتسمت العمة سميرة وقالت:
—صدقتي، فالبيت بيتكم.

نظر الحاج مروان إلى أدهم وقال:
—بني، من تكون؟

ابتسمت العمة سميرة وقالت:
—هذا هو ابني الطبيب أدهم.
تعجب الحاج مروان وعلق :
—ألم يأخذه والده ويغادر البلاد؟!

نظرت العمة سميرة إلى أخيها وقالت:
—لقد توفى والده وعاد ابني إلي.

ابتسم العم مروان وقال:
—مرحبًا بك يا بني، لقد جبر الله بقلب والدته بعودتك إليها.

سليم طلب من نرجس إعداد الغداء.

ابتسمت زوجة العم وقالت:
— يبدو أنكم تعيشون هنا عيشة رغدة، لقد رأيت بالخارج الولائم  ولكن ما الداعي لذلك؟!

تحدثت العمة سميرة وحدثتها:
—لقد تزوج سليم من فترة قريبة، كما أن ابنتي فرحة حامل ولذلك قرر ابني سليم أن يذبح الذبائح تقريبًا لله.

نظرت سعاد إلى زوجها وهمست إليه قائلة:
— ألم تكن أنت أول بتربية أولاد أخيك؛ كانت كل هذه الخيرات ستؤول إلينا.

نظر الزوج لزوجته وهمس قائلاً:
—سعاد لا داعي لهذا الحديث الٱن.

همسات سعاد وقالت:
—حسنًا، فلتتحدث فيما جئنا من أجله.

الحاج مروان وقد بدى عليه الضيق تحدث قائلاً:
—سعاد، أهدئي سوف أتحدث حين يأتي الوقت المناسب.

نظر العم إلى ابن أخيه سليم وحدثه:
—سليم، مبارك عليك الزواج يا بني، ولكن أين زوجتك حتى أقدم لها التهنئة بالزواج

أومأ سليم برأسه وتحدث قائلة:
— سوف تأتي بعد قليل، ولكن الٱن هيا لتتناولون الغداء.

حضرت روح فقام سليم بتقديمها لأسرة عمه، رحبت روح بالعمل وزوجته وأبناؤه، جلس الجميع على مائدة الطعام يتناولون الطعام.

نظرت روح فإذا بإبنة العم لين تطيل النظر إلى زوجها، شعرت روح بالضيق وهمست للعمة سميرة وقالت:
—عمتي، ما الذي تفعله هذه الفتاة؛ إنها تطيل النظر إلى سليم بشكل ملفت؟!

ابتسمت العمة سميرة وهمست إليها:
—ابنتي، تجاهلي الأمر كما يتجاهله سليم الذي لم تفارق عينه إناؤه.

حاولت روح أن تتجاهل هذا الأمر ولكنها شعرت بالضيق من هذه الفتاة.

بعد الانتهاء من تناول الغداء إنتقل الجميع إلى غرفة المعيشة.

لاحظ سليم أن هناك شيئًا غريبًا يحدث فهمس إلى عمته وقال:
—عمتي، أرى الكثير من الحوارات الجانبية بين زوجة عمي وعمي، فعلى ما يبدو أن العم جاء لهدف معين وليس للزيارة فحسب.

أجابته عمته وقالت:
—هذه هي سعاد دائمّا ما تملي عليه ما يقوله وما يفعله، انتظر الدقائق القادمة، سوف تجد عمك يتحدث بما جاء من أجله.

دنا لين من سليم وحدثته قائلة:
— سليم هل يمكنك أن ترافقني لمشاهدة الأراضي الخاصة بنا؟

نظر سليم إلى عمته متعجبًا ثم حدث لين قائلًا:
—أعتذر إليكِ فليس بالمرافق الجيد، ولكن يمكنك اصطحاب نرجس .

تعجبت لين وعلقت بغضب:
—نرجس، الخادمة هل هذه هي  المرافقة المناسبة لي؟!

ابتسم سليم وعلق قائلًا:
_نرجس ليست بخادمة؛ نرجس فرد من أفراد هذه العائلة.

نظر سليم إلى زوجته فعلت الابتسامة وجهه وتبادل الزوجان النظرات.

نظرت لين إليهم وشعرت بالضيق فهمست إليها العمة سميرة وقالت:
—لا تتعجبي فقد تزوجا بعد قصة حب كبيرة.

أومأت لين برأسها وضغطت بأسنانها على شفتها السفلى من الغيظ.

منزل ليث الناجي.

قامت علية بإعداد الحلوى المفضلة لدي فرحة وانتهزت فرصة وجود ليث في عمله لتقوم بإعطاؤه لفرحة.

دلفت علية إلى فرحة حاملة طبق من الحلوى وقد علت الابتسامة على وجهها وحدثت فرحة وقالت:
—فرحة، لقد قمت بإعداد هذه الحلوى وحدثت نفسي أن أقوم بإعطائك منهم فالمرأة الحامل دائمًا ما تشتهي الحلوى.

ابتسمت فرحة وعلقت قائلة:
—إنني لا أشتهي الحلوى على العكس تمامًا إنني أشتهي الأشياء الحريفة

نظرت فرحة إلى الطبق الذي أحضرته علية فوجدته الحلوى المفضلة إليها.

علت الابتسامة وجهها وقالت:
—علية، إنها الحلوى المفضلة لدي،  ولكن كيف عرفتي أنني أحب هذه الحلوى؟!

ابتسمت علية وقالت:
—وكيف لي أن أعلم أنها الحلوى المفضلة إليكي؟!

أخذت فرحة طبق الحلوى وشكرت علية، وما إن قامت علية بإعطاء فرحة طبق الحلوى حتي غادرت الغرفة وعلى وجهها ابتسامة ماكرة.

تذكرت علية ما سمعته بالأمس من حديث بين فرحة ليث.

عودة للأمس.

ليث اقترب من زوجته فرحة وحدثها قائلاً:
_أعلم أن المرأة الحامل قد تشتهي أشياء معينة، فهل حبيبتي تشتهي شيئًا أحضره لها وانا عائد من عملي؟

ابتسمت فرحة وعلقت قائلة:
—إنني أشتهي حلوى "لقمة القاضي" سوف أطلبها من عمتي فهي افضل من يقوم بصناعتها.

ابتسم ليث وعلق:
—حسنًا أخبرها أن ترسل لي بنصيبي منها.
ابتسمت فرحة وقالت:
_بالطبع فلن أتناولها حتى تعود من عملك.

عودة للحاضر.

علية تحدث نفسها وتقول:
—لنرى من يسنقذك مني اليوم.

غادرت علية المنزل وذهبت للتسوق، فقد تعمدت ألا تتواجد في المنزل في هذه الأثناء.

دلفت فرحة إلى المرحاض للإستحمام، وفي هذا الوقت دلف ليث إلى المنزل عائدًا من عمله.

لفت انتباه ليث عدم وجود علية في المنزل، أسرع إلى فرحة ليطمئن عليها فوجدها تقوم بالاستحمام،

سمعت فرحة صوت ليث فحدثته قائلة:
—ليث، دقائق وساخرج إليك.

نظر ليث فإذا بطبق الحلوى على الطاولة، ابتسم وتحدث إلى فرحة وقال:
—هل قامت العمة سميرة بإرسال الحلوى إليكِ بهذه السرعة؟!

لم تستمع فرحة لما يقوله ليث؛ فصوت المياة منعها من الاستماع لما يقوله.

قام ليث بتناول بعض القطع من الحلوى وجلس يشاهد التلفاز.

خرجت فرحة من المرحاض فحدثها قائلاً:
—أعتذر إليكِ لقد تناولت بعض القطع من هذه الحلوى فلم أستطيع مقاومتها وانتظارك حتى نتناولها سويًا.

ابتسمت فرحة وقالت:
—ليث، بالهناء والشفاء.

ليث بتعجب يتحدث ويقول:
—ولكن ما هذه السرعة، هل قمتي بإخبار العمة سميرة وقامت بإعدادها بهذه السرعة وإرسالها إليكِ؟!

فرحة توضح وتقول:
—ليث، لم اتكلم اليوم مع عمتي ولم أطلب منها شيئًا.

ليث وقد بدأ يشعر ببعض الألم، وقف وأمسك بيدها قابضًا عليها وحدثها قائلاً:
—فرحة، من أين جئتي بهذه الحلوى؟!

فرحة وقد بدى عليها القلق:
—ليث، ما الذي يحدث معك؟!

ليث بصوت تقطعه الٱلام المتزايدة:
—لقد قامت علية بإعدادها وإعطائها لكِ، أليس كذلك؟!

اومأت فرحة برأسها ودموعها تتلألأ بعينيها وقالت:
—أجل، هي من قامت بإهدائي هذه الحلوى، ولكن أخبرتي بماذا تشعر.

ابتسم ليث وعلق قائلًا:

—أحمد الله أنني عدت من عملي مبكرًا، فرحة إنني أشعر بٱلام مبرحة تمزق أحشائي، يبدو أنها النهاية.

صرخت فرحة وحدثته قائلة:
—ليث لا يمكنك أن تقول ذلك أرجوك أصمد، لا أعلم ماذا أفعل؟!

ليث بصوتٍ خفيض:
— ألم أقل لكِ إنها النهاية؟!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي