الفصل العشرون محاولة اعتداء

تمدد عاصم فوق السرير وغرام لم تفارقه، تحدث بضيق شديد وهو ينظر لها:

-غرام لا أريدكي أن تقتربي من أي شخص في المنزل في هذا الوقت، نحن نتهرب من التحدث مع أي شخص في هذا الوقت، أريد أن أتعافى أولًا ومن بعدها أفكر ما الذي سوف أفعله.

نظرت غرام له واقتربت لتجلس بجواره وهي تترجاه بعينيها:

-سوف أعيد تسجيل مقطع صوتي آخر على هاتفك، يمكنك أن تذهب به لقسم الشرطة، وقتها سوف يكون كل شيء بخير.

انفعل عاصم وهو ينظر لها:

-اخبريني هل تريدي الذهاب إلى الموت بقدمكِ يا غرام؟

نظرت غرام له وهي تحرك رأسها بنفي:

-أنا أريد أن يكون كل شيء على مايرام، هذا الشيء الوحيد الذي أريده، لا أريدك أن تدخل في نقاش مع جلال، سوف تكون دمائك هي الثمن يا عاصم.

أبعد عاصم نظره عنها وهو يتحدث بضيق شديد:

-اسمعيني يا غرام، لا تتحدثي بشكل يقودني للجنون، أنا استطيع أن أقف أمامه، لا تتحدثي بشأن جلال مجددًا.

اومأت غرام له وهي تراه لا يقبل أي كلمة بخصوص جلال، شردت في كل شيء حدث حتى الآن، تحدث عاصم من جديد وهو ينظر لها:

-غرام لا علاقة لكِ بجاسر، علاقتكِ معه لا تعجبني ومن الأفضل أن تخبريه أن يرحل من هنا حتى لا أقوم أنا بطرده.

نظرت غرام له وهي تحرك رأسها باستنكار:

-جاسر صديقي الوحيد وهو مثل أخي، ليس مجرد رجل عادي يا عاصم.

ابتسم عاصم ساخرًا وهو يشعر بالضيق الشديد:

-هذا الأمر هو الذي يقودني للجنون، أنا لا يفرق معي كل هذا، من المهم أن ينتهي من حياتكِ دون عودة، الماضي كله احرقيه وأنا أحاول التفكير ما الذي سوف أفعله معكِ.

انفعلت غرام وهي تنظر له وتحرك رأسها باستنكار:

-أنت ما الذي تريده يا عاصم؟ أنا لا اقبل طريقة تعاملك تلك! لا يمكنك أن تعاملني كما شئت، أنا حرة وأفعل ما أريد، يبدو أنك فقدت عقلك لتظل تتعامل معي بتلك الطريقة.

ابتسم عاصم ساخرًا قبل أن يمسك بشعرها وهو يحذرها:

-من الأساس وأنا أحاول التعامل معكِ بهدوء، لا تجعليني أفقد عقلي، توقفي عن التعامل بتلك الطريقة معي.

نظرت غرام له وهي لا تصدق تبدل حاله بتلك الطريقة، تتساءل أين هذا الحنون الذي كان يتعامل معها والرجل الوحيد الذي نبض قلبها له، ابتلعت ما بحلقها ومازالت تنظر له، لاحظ الألم داخل عينيها، لم تكن تتألم من قبضه على شعرها مثلما ظن هو، كانت تشعر بالحزن من طريقته معها:

-أترك شعري يا عاصم.

تركها بالفعل وهو يزفر بضيق شديد، لا يعلم ما الذي يفعله هو، لا يستطيع العودة كما كان أبدًا، هناك ألم يعتصر قلبه ولا يستطيع أن يفعل شيء حياله:

-لقد سأمت من كل شيء يا غرام، لا تزيدها عليّ.

ابتلعت غرام ما بحلقها وهي تنظر له وقد حسمت أمرها:

-أنا سوف أريحك من كل هذا يا عاصم، طلقني ودعني وشأني، إن أردت يمكنك أن تتصل وتُبلغ الشرطة عني.

اتسعت أعين عاصم وهو لا يصدق ما تقوله، يبدو أنه بالفعب جرح كرامتها، حاولت أن ترتب حديثها أكثر وهي تخبره بهدوء:

-لا أستطيع العيش معك يا عاصم، لا يمكنني تقبل ضربك لي، لست من هذا النوع، لولا حبي لك لم أكن لأغفرها أبدًا، كنت كسرت يدك.

ابتسم عاصم ساخرًا وهو ينظر لها:

-اخبريني كيف كان يعاملكِ جلال إذًا؟ هل كان يعاملكي كملكة وأنا ليس لدي علم؟!

تساقطت دموع غرام وهي تنظر له بغضب:

-جلال لم يكن ليرفع يده عليّ، هو كان يحبني، لقد فعل هذا مؤخرًا عندما علم أنني احببتك يا عاصم، حتى أنت قد خيبت ظني، دعنا ننهي هذا، إن كنت تريد التبليغ عني أنا لن أقف امامك وسوف أعترف بكل شيء، لكنني لم أعد أريد البقاء معك.

كان عاصم ينظر لها، يحاول أن يهدأ، لم يرد على حديثها، هو ليس من هذا النوع، لم يكن يومًا من هذا النوع، طوال حياته يحترم الجميع، هي من شتت أفكاره، من جعلته يقدم على أشياء لم يكن ليقدم عليها.

ابتعدت غرام وذهبت إلى الحمام، سمع شهقاتها وأغمض عينيه بضيق شديد، هو يعترف أنه فشل في التعامل معها، هو يعترف أنه لم يستطيع أن يكون معها مثلما كان وهي لا يمكنها أن تفهم النيران التي تشتعل داخل صدره، خرجت غرام بعد فترة وكأنها لم تبكي، تجاهلته تمامًا وهي تقوم بتجفيف شعرها.

لا يعلم عاصم هل عليه التحدث معها أم تجاهلها، أخذ نفس عميق وهو ينظر لها، حاول الهدوء وتحدث في النهاية:

-غرام، علينا التحدث ونجد نقطة يمكننا أن نتقابل عندها، لا يمكننا أن نتجاهل كل ما يحدث، نحن لا نستطيع أن نتعامل بشكل عادي بينما بيننا الكثير من الحواجز.

نظرت غرام له واقتربت لتجلس بجواره وهي تقوم بعقد شعرها على هيئة كعكة:

-لن تستطيع أن تفعل هذا يا عاصم، لا يمكنك أن تتعامل وكأن شيء لم يحدث، سوف تظل تنظر لي على أنني قاتلة، اخبرني بصراحة يا عاصم هل مازلت تحبني؟

نظر عاصم لها للحظات قبل ان يتحدث:

-لا أعرف يا غرام، لم أعد أعرف شيء، أنا أثق أنني لم أحب غيركِ، المرة الوحيدة التي سقطت بها في الحب يتدمر كل شيء بطريقة أقل ما يُقال عنها أنها بشعة.

حاولت غرام التماسك، لم يعد لديها المزيد من الكلمات لتقولها، هي بالفعل اخبرته بالحقيقة كاملة، اخبرته أن جلال خدعها، اخبرته أنها لم تكن لتتعامل مع جلال، بقيت صامتة وهو تابع حديثه:

-اعطيتكِ الفرصة يا غرام، عليكِ أن تقدري شيء كهذا، لا يمكنني أن أفعل المزيد.

انفعلت غرام وهي تنظر له:

-مهما حدث يا عاصم لا يمكنني أن اتحمل إهانتك لي.

أشار لها بالاقتراب، كانت من الصعب عليه التحدث بالمزيد، اقتربت أكثر ومن ثم قام هو بضمها، حاوطها بهدوء وهي شعرت بالتعجب لتسأله بغيظ:

-تحاول التأثير عليّ أليس كذلك؟ لا يمكنك أن تقول أسف، لا يمكنك أن تعترف أنك مخطأ؟!

أخذ عاصم نفس عميق وهو يضمها إليه أما في الأسفل كان جاسر يقف أمام عنبر وهو منفعل جدًا:

-ما الذي جعلكِ تتحدثين؟ ألم أخبركي أن تبقي هذا سر بيننا لحين يقرر عاصم؟ لماذا دمرتي كل شيء يا عنبر، اخبريني ما الذي كنتِ تفكرين به؟

تساقطت دموعها وهي تنظر له بانفعال واضح:

-أنت ما الذي تريده مني؟ أنا فعلت الشيء الذي وجدته صحيح، هذه الفتاة دمرت كل شيء، هي دمرت عائلتي ومع ذلك أنت هنا لتلومني؟ هي صديقتك وأنت تحاول حمايتها، حتى أنك مستعد للاعتراف على نفسك في سبيل حمايتها.

أخذ جاسر نفس عميق، يشعر أنه يرغب في صفعها دون مبالغة، التفت ليعطيها ظهره وهو يرفع وجهه للسماء، حرك رأسه بفقدان أمل:

-لا توجد فائدة من الحديث معكِ، لا يوجد أي فائدة يا عنبر، لقد تدمر كل شيء.

نظرت عنبر له ودموعهل تتساقط، انفعلت وهي تراه يلومها كما لو كانت السبب في كل شيء حدث:

-اخبرني لماذا تحملني كل الذنب؟ لقد كان هذا الأمر فوق طاقتي، لم أتعرض في حياتي كلها لمثل هذا الألم، يجب عليك أن تفهم هذا.

انهارت في البكاء وهو لم يستطيع أن يتجاهل ما يحدث، اقترب منها وهو يحرك رأسه بنفي:

-يكفي يا عنبر، لا تبكي، كل شيء سوف يكون بخير ولكن دون أن تبكي، دموعكِ تقتلني حقًا، لا يمكنني أن أتحمل رؤيتكِ تبكين.

تفاجأت عنبر بحديثه، بينما هو قرب يده من وجهها ليقوم بمسح دموعها وهو يحرك رأسه بنفي:

-لا تبكي يا عنبر، كل شيء سوف يكون على مايرام وأنا أسف لأنني ضغطت عليكِ.

اتاهم صوت شهاب في هذا الوقت:

-ما الذي يحدث هنا؟

ابتعدت عنبر عن جاسر على الفور وهي تشعر بالتشتت، اقتربت من شهاب وهي تحرك رأسها بنفي:

-لا يوجد شيء يا شهاب، هل أتيت الآن؟

نظر شهاب لها ورحل جاسر، كان يشعر بالغير الشديدة وقرر أن يتركها معه دون أن يبقى وهو يراها لا تهتم لأمره، نظر شهاب إلى عنبر والغضب يحتل كيانه بأكمله:

-ما الذي يحدث بينكِ وبين هذا الحقير يا عنبر؟ هل شعرتي بالانجذاب له بتلك السرعة يا ترى؟

تفاجأت عنبر من طريقته وهو قبض على زراعها بغضب شديد:

-ما الأمر تحدثي؟ لا أظن أنكِ تشعرين بالخوف، إن كنتِ خائفة لم تكوني لتخطأي بتلك الطريقة أبدًا.

ابتعدت عنبر وهي تحاول سحب يدها منه:

-دعني يا شهاب، لا تقترب مني بتلك الطريقة ليس من حقك.

ابتسم شهاب ساخرًا وأمسك بفكها ومازالت يده الأخرى تعتصر زراعها:

-وعندما لمس وجهكِ هذا الحقير وكنتِ قريبة منه كان هذا من حقه؟

تساقطت دموعها وهي تدفعه وقد شعرت بالخوف منه:

-توقف عن هذا يا شهاب هل فقدت عقلك؟ لا تقترب مني بتلك الطريقة.

سحبها شهاب بعد أن ارتفع صوتها وذهب للحديقة الخلفية من المنزل، كانت تحاول سحب يدها منه وهي تنهره:

-أنت تخطأ وأنا لن أسامحك بسهولة أبدًا يا شهاب و..

قاطعها اقترابه المفاجئ منها لتشهق بصدمة وهي تدفعه:

-أنت ما الذي تفعله؟ ابتعد يا شهاب ما الذي تفكر به أنت هل فقدت عقلك؟

اقترب شهاب منها أكثر وهو يمسك بيديها، ابعدت وجهها بصدمة:

-شهاب دعني الآن.

دفن وجهه بعنقها وهو يهمس لها ومازال يشعر بالغضب:

-أنتِ من تثيري الجنون بي، يكفي أن تفعلي هذا، يكفي أن تغضبيني يا عنبر، تذكري دائمًا أنكِ ملكِ، أنتِ حبيبتي، فتاتي وروحي بأكملها يا عنبر.

كانت دموعها تتساقط وهي تستمر بدفعه:

-ابتعد عني يا شهاب أرجوك يكفي هذا، أنت تخيفني وليس من حقك.

ابتعد شهاب قليلًا لينظر إلى عينيها مباشرة وهو يحذرها:

-يكفي أن تقولي ليس من حقكِ هذا، أنا لا أحتمل المزيد من الحديث.

تساقطت دموعها بألم وهي تحاول الابتعاد، لاحظ خوفها منها ولكنه نظر إلى عينيها مباشرة وهو يحرك رأسه بنفي:

-كفاكِ خوف يا فتاتي، توقفي عن كل هذا الخوف، أنا لا أعض.

اقترب منها من جديد لكنها دفعت جسدها للخلف وجلست بالأرض وهي تحيط نفسها:

-ابتعد عني، لا أريد هذا، لا تقترب مني سوف أصرخ وأخبر أبي.

جلس شهاب أمامها وهو ينظر لها بغضب، سحب شعرها والضيق يحتل كيانه بأكمله:

-تقوديني للجنون، قولت أنني أحبكي، اخبرتكِ أنني مستعد لفعل أي شيء وأنتِ لا تهتمين لحديثي حتى.

تساقطت دموعها وهي تحاول دفعه بألم، اقترب من وجهها، قام بتقبيل وجنتها وهو يتأفف:

-توقفي عن البكاء وإثارة غضبي يا فتاة، لا أريد أن تبكي بتلك الطريقة، تجعليني أجن يا عنبر.

انهارت في البكاء وهي تبعد وجهها، صرخت بكل قوتها:

-ابتعد عني لا أريدك، ألا تفهم؟ ابتعد عني يا شهاب، لا أرغب في قربك، لا أرغب في رؤيتك يكفي أنت تغصبني بتلك الطريقة.

انفعل شهاب وهو يقربها منه أكثر:

-ليس برغبتكِ يا عنبر، ليس كما تريدي أنتِ بل كما أريد أنا، أنا أريد قربكِ، أريد الشعور أنكِ معي، سوف نتزوج ولهذا السبب عليكِ أن تعرفي أنكِ ملكي أنا دائمًا.

شعر بيد تقوم بسحبه، قام جاسر بلكمه بقوة وهو يصرخ به:

-هل فقدت عقلك أيها الحقير؟ كيف لك أن تتجرأ وتقترب منها؟ اخبرني كيف لك أن تتجرأ وتفكر بها بتلك الطريقة؟!

كانت عنبر في حالة من الانهيار، علم شهاب أن الأمور سوف تسوء، قام بلكم جاسر وهرب من بعدها، كاد جاسر أن يلحق به لولا صوت بكاء عنبر الذي جعل قلبه يؤلمه، اقترب منها وقد ارتجفت يده وهو يمدها لها:

-قفي يا عنبر، لا تبكي هو لا يستحق أي شيء جيد، لا تبكي.

نظرت له وقد كانت الدموع تسيل على وجنتيها كالشلال، نظرت إلى يده وبقيت في مكانها، خبأت وجهها بيدها وهي تبكي بقوة:

-أنا لا أصدق أنني كنت أحبه، لا أصدق أنني حقًا احببت شخص مثله، أنا أكرهه كثيرًا يا جاسر، لا أريد أن أرى وجهه مجددًا، أنا لا يمكنني أن اتخيل أنه يفعل شيء كهذا، لم أكن لأصدق شيء كهذا عنه.

كان جاسر ينظر لها وقلبه يؤلمه، لا يعلم كيف يمكنه أن يساعدها وهي التي جُرحت من شخص احبته ولم يبادلها هو شعورها، تساقطت دموعها بألم كان يراه في كل لحظة، تجرأ وأمسك هو بيدها ليجعلها تقف وهو يحرك رأسه بنفي:

-توقفي عن هذا يا عنبر، لا تبكي أرجوكِ، لا يمكنكي أن تبكي بتلك الطربقة.

نظرت عنبر له وهي تعتذر منه:

-لقد اسأت الأختيار يا جاسر، لقد ظلمتك معي، أنا فضلته هو ولم أتركه، لكنني أشعر بالكثير من الندم، هو لا يستحق، هو لا يستحق أي شيء جيد.

قرب جاسر يده من وجنتها وقام بمسحها وهو يتحدث برجاء:

-لا تبكي يا عنبر، دموعكِ غالية جدًا عندي، صدقيني تؤلمني كثيرًا، اهدئي ومن بعدها يمكننا أن نذهب، على والدكِ أن يعرف كل شيء حدث يا عنبر، لا يمكنه أن يعطي الأمان لشهاب من جديد.

حركت عنبر رأسها بنفي:

-لا يمكنني أن أخبر أبي يا جاسر، هو سوف يقتله، لا يمكنني أن أسمح بشيء كهذا.

نظر جاسر لها وهو يلومها بضيق شديد:

-هل تفكرين به هل هذا معقول؟

حركت عنبر رأسها بنفي وقد ظهر الغضب داخل عينيها:

-لا أفكر بهذا الحقير يا جاسر، أبي سوف يتضرر وسوف تراق الدماء، عاصم لن يصمت وسوف يتدمر كل شيء، أنا سوف أتعامل مع شهاب، لقد انتهى كل شيء بيننا، هو سوف يندم كثيرًا.

نظر جاسر لها وقد كان الحزن يظهر على وجهه، علمت عنبر أنه مازال معجب بها، مسحت دموعها وهي تلاحظ جرح وجهه:

-أنا أسفة يا جاسر، هذا كله بسببي، أنا لا أعلم ماذا أقول، لكنني لم أكن أتعمل كل هذا، صدقني لم أتعمد أن يحدث كل هذا أنا أسفة.

ابتسم جاسر والحزن يسيطر عليه وهو يحرك رأسه نافيًا:

-كل شيء سوف يكون بخير ثقي بي.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي