الفصل التاسع عشر انهيار

لم يدرك سليم حقيقة ما تحدثت به روح عندما أخبرته إنها كانت في موعد مع المرض، لكنه شعر بالصدمة عندما أخبرته أنها تعاني من ورم دماغي.

وقف سليم مصدومًا وسط انهيار تام من روح، التي كانت تتكتم أمر اصابتها بهذا المرض اللعين.

دنا سليم من روح؛ لقد كان يريد أن يضمها إلى صدره، لم يكن ذلك شفقة منه على روح؛ بل كان شعور قوي أنه بحاجة شديدة لمعانقتها والإعتذار لها عن كل ما تسبب فيه من ألم وحزن وعذاب.

اقترب سليم محاولًا تهدئتها ومعانقتها غير أنها رفضت ذلك وقامت بدفعه للخلف قائلة:
—لم يعد بإمكانك فعل ذلك، كل ما أريده منك هو أن نفترق في هدوء وبدون أية مهاترات.

تلألأت الدموع في عين سليم وحدثها بصوتٍ خفيض:
—روح، لا يمكنني فعل ذلك سوف نبقى معًا أعدك إنني سوف أقوم بإصلاح كل شيء.

ابتسمت روح وقالت:
—اعتقد أن وقت الأصلاح قد مضى ولم يعد الأمر يجدي نفعًا، أريد أن أعيش الفترة المتبقية من عمري بعيدًا عن أي ضغوط وٱلام، فقط كل ما أريده منك هو أن تهبني حريتي لأعيش كما أريد.

لم يجد سليم أمامه سوى أن فتح باب الغرفة وغادر دون أن يتحدث بكلمة واحدة.

أدهم وقد أعد نفسه لمغادر المنزل، وقفت والدته تحدثه وتقول:
—أدهم، لا تذهب إلى المشفى الٱن انتظر عدة أيام أخرى وبعدها يمكنك الذهاب إلى حيث تريد.

ابتسم أدهم وأمسك بيد والدته مقبلًا لها، ثم حدثها:
—أمي، لا داعي للقلق الذي أراه باديًا عليكِ، فعملي لن يأخذني منك، إنني كما تعلمين طبيب ولدى واجب علي أن أؤديه، سوف أذهب وأقدم أوراقي للعمل بإحدى المستشفيات، وسأعود مرة أخرى إلى هنا.

أثناء حديث العمة سميرة مع ابنها أدهم، فوجئت بسليم يغادر المنزل دون أن يتحدث إليهم، وقد بدى عليه الضيق، نظرت إلى أدهم وقالت:
—بني، ألم يخبرنا سليم إنه سوف يذهب لينال قسطًا من الراحة؟!

ترى ما الذي حدث معه جعله يغادر المنزل دون أن يتحدث مع أحد؟!

أدهم ربت على يد والدته التي بدى عليها القلق بشأن سليم وحدثها:
—أمي، لا داعي للقلق، ربما جاءه اتصالاً هامًا جعله يغادر المنزل بشكل مفاجيء.

أنهى أدهم كلماته هذه ثم نظر إلى والدته وقال:
—أمي، أريد أن أخبرك بشيء، ينتابني في بعض الأحيان الشعور بالغيرة من سليم؛ خاصة عندما أرى اهتمامك به وخوفك عليه، أشعر حينها أنه قد انتزع مكانتي في قلبك.

نظرت العمة سميرة إلى ابنها ووضعت كفيها على وجنتيه برفق وحنان وعلقت:
— بني، بعد وفاة والدي سليم لم يعد له هو وأخوته سواي أنا وجدك الذي كان يعتني به هو وأخوته ويحبهم كثيرًا، ولكن بعد وفاة جدك لم يعد لهم في هذه الحياة سواي، كانت لدي رغبة صادقة في أن يجمعنا جميعًا بيتًا واحدًا يملؤه الحب.

لكن والدك رفض واصر على أن أرسلهم إلى عمهم مروان،  عندما رفضت وتمسكت بوصية والدي بالاحتفاظ بهم، لم يكن من والدك سوى أن قام بحرماني من اعز شيء في حياتي ألا وهو أنت.

تعجب أدهم وعلق قائلًا:
—أمي، ما الذي كان سيحدث لو كنتي امتثلتي لرغبة والدي؟! ألم يكن خالي مروان أولى بهم؟!

اوضحت الأم وجهة نظرها لأبنها قائلة:
—بني، خالك مروان رجل عطوف لكنه ضعيف أمام زوجته المتسلطة، لم يوافق جدك على رغبة مروان في ضم أبناء أخي لحضانته؛ لشعوره أن زوجة ابنه لن تتعامل معهم كما يريد وأنهم سوف يعانون من معاملتها السيئة لهم، لذلك طلب مني ألا اتخلى عنهم مهما حدث.

أما عن بقية القصة فتعلمها أنت جيدًا، لقد سلبني والدك حقي في وجودك بجواري وضمك في حضني.

وضع أدهم ذراعه على كتف والدته وقال:
—وها هو الحق يعود لأصحابه.

ابتسمت الأم وعانقت ابنها بحب وحنان ثم قالت:
—لا تعلم مدى سعادتي بعودتك إلي لتستحوذ على مكانتك التي لم يستطيع أحد أن يقترب منها.

أدهم وقد انتابه الفضول لمعرفة من هو الأقرب إلى قلب أمه تحدث قائلًا:
— لا أعلم ولكن ينتابني شعور أنك تحبين سليم وتفضلينه كثيرًا.

ابتسمت الأم وعلمت ما يود أن يصل إليه أدهم والهدف من سؤاله، فأمسكت بأذنه وحدثه:
—بني، مكانتك في قلبي كما هي لم يقترب منها أحد، أبناء أخي الذين حرموا من والديهم مبكرًا لهم مكانة بقلبي  لا تقارن بمكانتك ابني الغالي.

ابتسم أدهم واستعد لمغادرة المنزل متوجهًا إلى عمله ولكنه فوجيء بالخادمتين رضا ونرجس اتيا مسرعتان وقد بدى عليهما القلق وبدؤا يتحدثتان في صوتٍ واحد بكلمات غير مفهومة.

نظرت العمة سميرة إليهما وقالت:
—اهدئا وأخبراني بما حدث بهدوء، ولتتحدث واحدة منكما فقط؛ حتى أعي ما تقوله.

أشارت رضا إلى نرجس بالتحدث، فتحدثت نرجس وقالت:
—سيدتي، أثناء مروري من أمام غرفة السيد سليم سمعته يتشاجر مع زوجته وبعد أن غادر الغرفة، ذهبت لأتفقد سيدتي روح لعلها تحتاج إلى شيء، ولكنني فوجئت بها وقد سقطت أرضًا فاقدة الوعي.

نظرت العمة سميرة إلى ابنها، وأسرعت إلى غرفة روح ومعها أدهم الذي وقف خارج الغرفة حتى دلفت الأم إلى الداخل ثم قامت باستدعائه؛ لتطمئن إلى أن روح في وضع يسمح لأدهم برؤيتها.

دلف أدهم إلى داخل الغرفة وأسرع بحمل روح ووضعها في فراشها.

تفحص حالتها ثم قام بإعطائها حقنه تساعدها على استعادة وعيها.

نظر إلى الملف الذي تبعثرت أوراقه على الأرض وقام بجمعه ليجده عبارة عن فحوصات وأشعة خاصة بروح.

امسك أدهم بهذه الفحوصات وقام بقراءتها وقد بدى عليه الذهول وتحدث إلى والدته :
— أمي، هل كانت روح  تشتكي من أعراض معينة؟

تعجبت الأم وقد بدى عليها القلق وعلقت:
—لا لم تخبرني بشيء، ولكن ما الذي تحتوي هذه الأوراق؟!

همس أدهم إليها وقال:
—هذه بعض الفحوصات التي أجريت على مخ روح والتي تفيد بأنها مصابة بورم دماغي.
وضعت الأم يدها على فمها من هو الصدمة، تلألأت الدموع في عينيها وعلقت:
—مسكينة هذه الفتاة لقد علمت الٱن ما الذي جعل سليم يغادر المنزل بشكل مفاجيء؟

استعادت روح وعيها، نظر إليها أدهم وحدثها قائلًا:
—حمدًا لله على سلامتك.

ابتسمت روح ابتسامة هادئة يملؤها الحزن والٱسى وقالت:
—سلمك الله، ما الذي حدث ؟!

نظرت العمة سميرة إليها وحدثتها بصوتٍ حزين قائلة:
—اخبرتنا نرجس أنها فوجئت بكِ في حالة فقدان للوعي، فأسرعنا إليكِ وقام أدهم بفحصك وإعطاء حقنة ساعدت على أستعادتك الوعي.

تعجبت روح ونظرت إلى أدهم ثم تحدثت إليه:
—هل لديك معرفة بأمور الطب؟!

وضعت العمة سميرة ذراعها على كتف ابنها مفتخرة به وقالت:
—روح، أدهم يعمل طبيب مخ وأعصاب.

شعرت روح والمفاجأة؛ فهذه هي المرة الأولى التي تعلم فيها أن أدهم طبيب ثم علقت:
— أدهم، عذرًا فلم أكن أعلم بأنك طبيب.

ابتسم أدهم وعلق قائلًا:
—روح، لا عليكٍ ولكن هل هذه الفحوصات خاصة بكٍ.

أومأت روح برأسها وقد امتلأت عيونها بالدموع وتحدثت:
—أجل إنها خاصة بي، وبما أنك طبيب فقد علمت بما تحتوي عليه من معلومات وتقارير.

أومأ أدهم برأسه، نظر إليها ثم حدثها:
—روح، لماذا ذهبتي وقمتي بعمل هذه الفحوصات والأشعة؟

اعتدلت روح في جلستها، ثم تحدثت:
— خلال الفترة الماضية شعرت بألم في رأسي مصحوبًا ببعض الدوار، ذهبت إلى الطبيبة التي طلبت مني أن أقوم بعمل هذه الأشعة، وبعد ذلك قامت بإخباري أنني أعاني من ورم في المخ.

جلست العمة سميرة بجوار روح وقامت بضمها إلى صدرها ثم حدثتها:
—ابنتي، لن يعد هذا المرض يمثل خطورة كسابق عهده، فلدينا الٱن في مصر العديد من المؤسسات التي تم انشائها خصيصًا لعلاج هذا المرض، سوف نذهب إليها ونبدأ في اجراءات العلاج.

روح التي بدى عليها اليأس من الشفاء، تحدثت قائلة:
—عمتي، لا أريد شيء فقط كل ما أريده منك هو أن تحاولي اقناع سليم أن يقوم بتطليقي.

شعرت العمة سميرة بالذهول من هذا الطلب الذي لم تتوقعه من روح ثم حدثتها قائلة:
—الٱن قد عرفت السبب وراء مغادرة سليم للمنزل بشكل مفاجيء، ابنتي لا أوافقك الرأي فربما يصلح المرض ما افسدته الأيام.

روح بنبرة بائسة حزينة علقت:
— لا يمكنني أن أوافق أن تتحول مشاعر سليم نحوي إلى مشاعر الشفقة وبذلك يكون قد أصلح المرض ما أريده الأيام.

أدهم تحدث قائلًا:
—روح، عليكِ بإعادة هذه الفحوصات ومن الأفضل إعادتها في مكان ٱخر مختلف.

ابتسمت روح ابتسامة ساخرة وعلقت:
—هل تعتقد أن الأمر سوف يختلف إذا فعلت ذلك؟!

أدهم وهو يطالع الأوراق الخاصة بالفحوصات، علق قائلًا:
—سوف نفعل ذلك لعل هناك خطأ قد حدث، ولكن هذا ليس بشيء أكيد.

ابتسمت روح وعلقت قائلة:
—لا داعي لهذا الأمل الكاذب، لقد رضيت بما قسمه الله لي، كل ما أريده أن أعيش الفترة المقبلة من حياتي بعيدًا عن الضغوط النفسية  ولا أريد أن يشفق علي أحد.

استئذن أدهم وغادر متوجهًا إلى عمله الجديد وقد اصطحب في يده الملف الخاص بروح؛ ليقوم بعرضه على أخصائي في مجال اورام المخ.

سليم يجلس فوق الربوة وقد ابتلت لحيته البنية القصيرة بالدموع
لا يعلم ما الذي عليه أن يفعله وروح لا تسمح له بالاقتراب منها؛ ظنًا منها أن ما يفعله ليس سوى شفقة؟

ظل سليم جالسًا يفكر فيما تسبب به من ألم وعذاب للمرأة الوحيدة التي عشقها قلبه، أمسكت بقطع صغيرة من الحصى وظل يلقي بها وهو يؤنب نفسه ويقول:
—كيف استطعت أن أقسو على امراة قست عليها الظروف والأيام؟
منذ أن ذهبت لأداء الخدمة العسكرية، ولم ترى روح يومًا واحدًا سعيدًا، ليتني استطيع أن افتديها بروحي.

مع التفكير المستمر لم يشعر سليم بنفسه فذهب في غفلة فوق الربوة.

وأثناء هذه الغفلة شاهد سليم رجل يرتدي عباءة بيضاء يربت على رأسه، رفع سليم رأسه فوجده أخيه بدر، ابتسم سليم وحدثه قائلًا:
—بدر، لقد اشتقت إليك كثيرًا، كيف حالك أخي؟

نظر بدر إلى سليم وحدثه:
—إنني بخير ولكنني غاضب منك، سليم هل هذا ما أوصيتك به؟

نظر سليم إلى أخيه بدر وقال:
—أخي، ما الذي أغضبك مني؟ وما الذي أوصيتني به ولم ألتزم بوصيتك؟!

بدر أمسك بيد سليم بقوة فتألم سليم وحدثه :
—أخي إنك تؤلمني، لماذا تفعل هذا بي؟!

نظر بدر إلى أخيه وحدثه:
—هل تألمت؟ لكنه ألم بسيط بالنسبة لما سببته لتلك الفتاة.
سليم، هل هذه وصيتي لك أن تهتم بروح؟!

سليم بغضب علق قائلًا:
—أخي، روح كانت حبيبتي، وزواجك بها أغضبني كثيرًا، لقد شعرت أنها خانت عهدي ونسيت حبي.

ربت بدر على كتف سليم وحدثه:
—سليم، هذه حجج واهية، اهتم بروح واستعيد قلبها وأجبر كسرها، وعليك بالصدقة فإن لها مفعول السحر.

شعر سليم بالحزن فطأطأ رأسه لأسفل من الخجل، بينما يتردد صوت بدر وهو يقول :
—تصدق بنية الشفاء فإن للصدقة مفعول السحر.

رفع سليم رأسه فلم يجد أخيه بدر، ظل سليم يصيح وينادي قائلًا:
—بدر، أخي أين أنت؟

فجأة استيقظ سليم ليجد أن ذلك لم يكن سوى رؤية راودته في غفلته.

نهض سليم وهبط من فوق الربوة متوجهًا إلى منزله، وفي طريق العودة شاهد عجوز تطلب المساعدة، فتذكر أخيه عندما أخبره أن عليه بالصدقة.

توقف سليم أمام العجوز وحدثها:
—أمي، ما الذي تريدينه اخبريني؟

نظرت العجوز إليه ودموعها منهمرة على وجنتيها ثم حدثته قائلة:
— بني، إنني مصابة بمرض خطير ولا أملك حق الدواء.

تعجب سليم وحدث نفسه قائلًا:
—ترى، ما الذي وضع تلك العجوز في طريقي في هذا الوقت  بالتحديد؟! لا بد أنها حكمة الله.

على الفور وبدون تردد قام سليم بتقديم المساعدة العجوز وحدثها:
—امي، سوف يصلك في بداية كل شهر مرتب شهري؛ حتى تستطيعين شراء كل ما تحتاجين إليه

شعرت المرأة بالسعادة وظلت تدعو له بالعافية والستر، دنا سليم منها وهمس إليها قائلًا:
—أمي، عليكٍ بالدعاء لزوجتي أن يكتب لها الله الشفاء.

نظرت العجوز إلى سليم وحدثه:
—بني، كن على يقين برحمة الله بعباده، أسأل الله العظيم أن يشفي زوجتك وأن يصلح ما بينكما.

ابتسم سليم وواصل طريقه إلى المنزل، وفي الطريق تذكر ما دعت به العجوز عندما قالت:"وأن يصلح ما بينكما"، فتسائل قائلًا:
—ترى ما الذي تعنيه هذه العجوز من دعائها هذا؟! ولكنني في أشد الحاجة أن يصلح الله ما بيننا حقًا.

منزل ليث الناجي.
فرحة تتحدث مع زوجها ليث وتخبره:
—ليث، لقد قامت العمة سميرة بالاتصال بي واخبرتني أن روح مريضة وطلبت مني الحضور لعل ذلك يساعدها ويرفع من معنوياتها

شعر ليث بالحزن والأسى وتحدث إلى فرحة:
—حبيبتي، على الرغم من إنني لا اطيق البعد عنكي، إلا أنه من الواجب عليكٍ التواجد بجوار روح في هذه الظروف الصعبة، ولكن ما رأيك هل يمكنك الانتظار لحين عودتي من العمل واصطحابك إلى هناك؟ أم إذا رغبتي في الذهاب بمفردك فلن أمانع ذلك.

ابتسمت فرحة وتحدثت:
—بالطبع، سوف أكون في غاية السعادة عندما تأتي معي، سوف انتظر لحين عودتك من العمل.

غادر ليث إلى عمله، ذهبت فرحة تتفقد علية وهي تقول:
– ترى، ما الذي تفعله تلك المرأة؟! سوف أذهب لأتفقد ما تفعله، أراها  هذه الأيام هادئة وهذا على غير عاداتها معي، أشعر أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة.

ذهبت فرحة إلى المطبخ فرأت علية وهي تقوم بإعداده الغداء، دنت منها وحدثتها:
—علية، ما الذي تفعلينه؟

نظرت علية إلى فرحة وقد بدى عليها التعجب والدهشة؛ فهذه هي المرة الأولى التي تهتم فيها فرحة وتسألها عن هذا الأمر فعلقت:
—أرى أن الأمر يبدو غريبًا؛ منذ متى وأنتِ تهتمين بما أقوم بإعداده؟!

ابتسمت فرحة وقالت:
—ربما أقوم بسؤالك لرغبتي في مساعدتك؛ فأنتِ التي تقومين بعمل كل شيء وأنا أرغب في مساعدتك.

ابتسمت علية وعلقت قائلة:
— لن تستطيعي فعل ما أقوم به، استمتعي بوقتك قبل أن تغادري.

تعجبت فرحة وحدثتها:
—ما الذي تعنيه من" قولك قبل أن تغادري"؟!

ابتسمت علية وتحدثت بمكر قائلة:
— ألن تذهبي اليوم إلى منزل والدك؟

تعجبت فرحة وقد تملكها الضيق فعلقت:
—أنتِ! ما الذي تفعلينه؟!هل تقومين بالتنصت علينا؟!

نظرت علية إليها وقد علت الابتسامة وجهها وحدثتها:
—لقد سمعتك اليوم وأنتِ تتحدثين مع عمتك حين أخبرتك أن روح مريضة؛ لذلك بات من  الطبيعي أن تذهبي لرؤيتها أليس كذلك أيتها الحمقاء؟

شعرت فرحة بالضيق فالتفتت لمغادرة المطبخ، ابتسمت علية وحدثتها:

—فرحة، لا زلتي صغيرة فلا تحاولين أن تلعبي معي حتى لا تكون خسائرك فادحة.

ابتسمت فرحة وهمست في أذنها قائلة:
—حسنًا، سوف أذهب إلى غرفتي أما أنتِ أيتها الكبيرة فقومي بإعداد كوبًا من الشاي الساخن وأحضريه إلي.

ابتسمت علية ابتسامة ماكرة ثم قالت:
—حسنًا، ليكن ما تريدينه سوف أقوم بإعداده واحضاره إليكِ.

ذهبت فرحة إلى غرفتها، جلست تشاهد التلفاز وبعد قليل أحضرت علية كوبًا من الشاي الساخن وحدثتها:
—تفضلي سيدتي ها هو الشاي الذي قمت بطلبه، ما إن تريدين شيئًا فعليك أن تقومي بإخباري وسوف أحضره لكي على الفور.

غادرت علية الغرفة ثم نظرت فرحة إلى كوب الشاي وقالت:
—هل يمكن أن تفعلها هذه المرأة مرة أخرى؟!لا اعتقد ذلك لابد أن أطرد ذلك الخوف الذي بداخلي.

أمسكت فرحة بكوب الشاي وبدأت ترتشف منه.

ليث في طريقه إلى العمل فجأة يأتيه اتصالاً من فرحة.

أسرع ليث بالرد على الهاتف فحدثته فرحة قائلة:
— ليث، أشعر بتعب شديد يصحبه تقيأ حاول أن تعود بأسرع وقت.
وما إن انهت فرحة حديثها حتى سقطت أرضًا فاقدة وعيها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي