الفصل الثامن عشر إصابة
امسكت غرام بيد عاصم وهي تبكي وتتحدث إلى جلال:
-لا تفعل يا جلال.
كان يوجه السلاح على عاصم الذي يرمقه بغضب شديد:
-تظن أنك سوف تنجوا إن قتلتني، الهاتف ليس معي.
اتسعت أعين جلال وهو يقترب ليقوم بتفتيشه وقد جن جنونه عندما لم يجد الهاتف:
-أين هو؟ اخبرني أين وضعته؟!
ابتسم عاصم رغم الغضب الذي يسيطر عليه:
-الهاتف في مكان لن يخطر على بالك، إن لم أظهر بعد ساعتين سوف يكون بين يد الشرطة.
ابتسمت غرام وهي تظن أن عاصم صادق، لا تعلم أنه يفعل هذا من أجل نجاتها هي فقط، صرخ جلال وهو لا يصدق أن عاصم قد لعب به بتلك الطريقة:
-اخبريني يا غرام ما الذي كنتِ ستفعليه لو كنتِ في مكاني؟ من الممكن أن تقتليه أليس كذلك؟ لو لم تحبيه كنتِ ستقتليه، أنتِ فتاتي وأنا أعرفكي جيدًا.
كانت ترمقه بكره وبغض شديدان، اقترب عاصم بغضب وقبل أن يركله ضربه جلال بالرصاص وأصاب قدمه، صرخت غرام بصدمة وهي ترى دماء عاصم على الأرض:
-ما الذي فعلته أيها الحقير؟
اقتربت من عاصم وقد أحمر وجهه من كثرة الألم، بينما جلال كان يبتسم وهو يراه يسقط:
-إنها إصابة قدم ليس إلا، لا تعقد الأمور يا رجل.
اقتربت غرام منه لتقوم بلكمه، وهو أسرح بسحب شعرها بقوة والغضب يسيطر عليه:
-أنتِ فقدتي عقلكِ يا غرام، تجرأتي وقومتي برفع يدكِ عليّ، لم تكتفي من هذا بل تحاولين أذيتي.
تحدثت غرام صارخة:
-أنت عديم المشاعر، أنت حقًا شخص مريض يا جلال، أنا أكرهك أكثر من أي شخص آخر، أكرهك من كل قلبي.
كان جلال يوجه السلاح على رأسها وهو يهدد بضربها:
-اهدئي حتى لا أفقد أعصابي وأقوم بقتلكِ يا غرام.
كانت تضرب يده بقوة وعينيها ممتلئة بالدموع:
-أنت لا تعرف الرحمة، لا علاقة لك بالإنسانية حتى يا جلال.
ضمها جلال بزراعه وهو يهمس لها:
-كيف احببتكِ إذًا يا حبيبتي؟ لم أكن لأحبكِ إذًا.
تساقطت دموعها وهي تغمض عينيها بألم، وقف عاصم في هذا الوقت، قام بسحبها وهو يضمها ويحاول أن يتعافى على نفسه من أجل أن يقتله، حاول أن ينظم أنفاسه وهي تعتذر له والألم يعتصر قلبها:
-أنا أسفة يا عاصم، أرجوك سامحني، لا يمكنني أن أراك تعاني بتلك الطريقة، أشعر أنني أحتضر.
ضحك جلال ومن ثم سحبها من شعرها بقوة لتصرخ دون إرادة منها، انفعل عاصم وقدمه تؤلمه بقوة:
-دعها سوف أعطيك الهاتف، سوف أخبرك بمكانه لكن دعها.
ضحك جلال وهو يغمز لها:
-انظري يا غرام، إنه يحبكي حقًا، سوف يخبرنا بمكان الهاتف، هيا دعينا نلهو معًا قليلًا، قل لي أين الهاتف وشوف أذهب أنا وحبيبتي لنحضره أليس كذلك يا غرام؟!
نظرت غرام تجاه عاصم والألم يعتصر قلبها، تعلم أنها النهاية، كانت تتجاهل هذا طوال الوقت، لكن لا مفر الآن قدها أن تبقى مع جلال، هذا العقاب سوف يكون الأصعب لها، اومأت له:
-سوف أذهب معك حيث تريد يا جلال، لكن دع عاصم يذهب، لا يمكنني أن أتقبل أي ضرر له.
ابتسم جلال باصطناع رغم الغضب الذي يسيطر عليه:
-هذه المرة سوف تكون مختلفة يا غرام، سوف تأتين معي وأنتِ زوجتي، سوف أنعم بحياتي معكِ أخيرًا.
صرخ عاصم به وهو يقوم بسحبها:
-لن تذهب معك إلى أي مكان، أنت لن تأخذها مهما حدث يا جلال، لن أعطيك شيء لو لم تبقى هي معي، أنت سوف تخسر كثيرًا لو غرام بقيت هنا.
ابتسم جلال وهو ينظر إلى عاصم ويومأ:
-دعني أكرمك هذه المرة يا عاصم، لن تستطيع أن تفعل شيء لي، لن تستطيع أن تدينني عندما أخرج من هنا، هناك من سيشهد معي أنني لم أراك أبدًا، اخبرني أين الهاتف وسوف أذهب لأجلبه.
تحدث عاصم وهو يحيط غرام بزراعيه، كانت تضمه ودموعها لم تتوقف عن التساقط:
-الهاتف داخل السيارة، هذه المفاتح، أخرج وأتي به.
ابتسم جلال وهو يأخذ المفاتح ويغمز إلى غرام:
-أتساءل ما شعوركِ الآن بعد أن عرفتي بحبه الشديد هذا؟ لا يفعل هذا أي شخص يا غرام، الأمر يستحق التضحية.
انفعل عاصم وهو يشعر بالقلق عليها:
-أخرج من هنا، أعدك أنني سوف أقضي عليك، سوف تتمنى الموت يا جلال.
ضحك جلال وهو يسير للخارج:
-سوف نتقابل يا عاصم، دعنا نتقابل.
ذهب وغرام كانت منهارة في البكاء، قلبها يتألم كثيرًا، لا تجد ما تقوله، فقط تضمه وهي تدفن وجهها به، شعرت بيده على رأسها وهو يهمس بصوت خافت:
-أنتِ بخير يا غرام؟
انهارت في البكاء أكثر وهي تتمسك به:
-أنا لست بخير، أنا لست غرام، لست بهذا الضعف حتى، لقد انقلب حالي فجأة ولم أعد أدري من أكون أنا، كل شيء تدمر ولم يعد شيء على مايرام، أنا أتألم كثيرًا يا عاصم.
تساقطت دموعه وهو لا يعلم كيف وصل إلى هنا، لم يكن يتخيل أن يصل إلى هذه الحالة معها، أن يسامح الفتاة التي قتلت أفراد عائلته، ربما شعوره أنها كانت ضحية هي الأخرى تسبب في كل هذا، ابتعدت هي لتنظر له:
-أنت تتألم كثيرًا، أعلم انك تعاني، سوف أفعل أي شيء من أجلك، أنا أشعر بالرعب والتشتت، لا تجعل شيء يحدث لك.
كانت تنظر حولها، تحاول أن تجد شيء يساعدها لمداواته، أمسك عاصم بيدها وهو يحرك رأسه بنفي وقرب يده من وجهها ليثبتها أمام وجهه:
-انظري لي يا غرام، سوف نذهب من هنا، سوف أكون بخير.
حركت رأسها بنفي وهي تبكي بألم:
-لن تكون بخير وأنت تنزف، لا يمكنني أن أنتظر حدوث شيء لك.
قطعت من ملابسها واقتربت من قدمه لتقوم بربطها، اقتربت منه:
-يمكنك أن تحمل جسدك عليّ، فالتستند عليّ يا عاصم وكل شيء سوف يكون على مايرام.
وقف عاصم وهو يستند عليها وقد لاحظ تصلب جسدها، هي بالفعل فتاة قوية، ربما الشيء الوحيد الذي جعلها بتلك الهشاشة هو حبها له، خرجوا ولم يجدوا جلال، وجد المفتاح داخل السيارة وهي مفتوحة، تحدث وهو ينظر إلى غرام:
-سوف تقودي أنتِ يا غرام، لا يمكنني أن أفعل وقدمي مجروحة، علينا أن نصل إلى أقرب مستشفى.
نظرت غرام له وهي تومأ، كان جسدها مليئ بالجروح، وجهها ملطخ بالدماء، من يراها يشعر بالرعب عليها، كان قلبه يؤلمه وهو يراها تتصرف يطريقة مريبة، عنقها مليئ بالجروح ومازالت تنزف، جعلته يصعد وذهبت على كرسي القيادة وعينيها مسلطة على الطريق.
توقفت بشكل مفاجئ عندما لاحظت سقوط رأس عاصم على كتفها، تحدثت برعب وهي تقوم بتحريكه:
-عاصم انظر لي أرجوك، هل أنت تسمعني؟ اجبني أرجوك يا عاصم.
تأكدت أنه يتنفس وبدأت في القيادة من جديد بسرعة، كانت تتسابق مع الوقت، تتمنى أن لا يحدث له أي شيء، لا تعلم ما الذي من الممكن أن يحدث لها لو فقد حياته، مؤكد سوف تنتهي، لن تستطيع أن تتنفس بدونه، لا يوجد حياة لها بعد فراقه للحياة.
وصلت إلى المستشفى ودلفت وهي تصرخ بهم:
-أرجوكم أحتاج إلى المساعدة معي حالة طارئة.
اقتربت الممرضة منها بفزع ولكنها حركت رأسها نافية وهي تشير على السيارة:
-لست أنا، إنه بالخارج.
ركضوا معها وقاموا بنقل عاصم على الفور، رفضت أي معالجات لها، رفضت أن يقترب أحد منها، كانت معه طوال الوقت واخرجوها بصعوبة بعد أن تم نقله لغرفة العمليات، جلست بالخارج تبكي، تذكرت عندما اطلقت الرصاص على كلًا من ماجد ومنير، تمنت لو لم تفعل شيء، أخذت نفس عميق باستياء:
-كل شيء سوف يكون بخير، لن يحدث له شيء، مستحيل أن يموت الآن لن أتحمل، يا إلهي ساعدني، أنا أعلم أنني اخطأت كثيرًا، لكن كان هذا دون إرادتي، صدقني كان دون إرادة مني.
بكت من قلبها، كانوا جميع من بالمستشفى يشفقون على حالها، اقترب أحد الممرضين منها بقلق:
-يا فتاة أنتِ بحاجة إلى العلاج، تعالي معي يمكنني مساعدتكِ.
حركت غرام رأسها بنفي وعينيها على غرفة العمليات:
-أنتظر زوجي هنا، لن أتحرك قبل خروجه، عاصم هنا وليس له أحد غيري الآن، لا يمكنني تركه مهما حدث.
استسلم الممرض لها لكنه بقى بالقرب منها وهو يخبرها:
-اسمي سعد يمكنكي أن تطلبي أي شيء تريديه مني لن أتأخر، لا داعي للقلق وسوف يكون كل شيء على مايرام.
لم تنظر له غرام وكانت عينيها مسلطة على الغرفة، خرج الطبيب أخيرًا واقتربت هي منه والدموع بعينيها:
-ما الذي حدث؟ هل هو بخير؟!
ابتسم الطبيب وهو يومأ لها:
-لا داعي لكل هذا القلق، لقد اخرجنا الرصاصة وسوف يتم نقله إلى غرفة عادية.
ابتسمت غرام وهي تحرك رأسها بسعادة شديدة:
-شكرًا كثيرًا لك، أنا لا أصدق حقًا، سوف أبقى بجواره هل هذا ممكن؟
ابتسم لها وهو يومأ:
-أجل يمكنكي أن تبقي بجواره، لكن من الأفضل أن تذهبي لتعالجي جروحكِ، ليس من الجيد أن تبقي هكذا.
كانت تمسك بملابسها الممزقة حتى لا تكشف جسدها، لاحظ هذا سعد واقترب وهو يضع البالطو الخاص بعمله عليها، نظرت له بتعجب لكنها اومأت له:
-شكرًا.
ذهبت بالفعل مع عاصم إلى غرفته، كانت ترفض تركه، حاول الطبيب التحدث معها، لكن دون فائدة، تركوها بجواره حتى استفاق عاصم وهي ابتسمت:
-أنت بخير يا عاصم، لقد كنت في كابوس، لقد اخرجوا الرصاصة من قدمك، اخبرني الطبيب أنك بخير، اطمئننت عليك بنفسي، اتصلت على عمي من هاتفهك بعد أن قومت بفتح الهاتف باصبعك، قال انه سوف يأتي، ارسلت له الموقع، كل شيء سوف يتحسن.
كان عاصم يشعر ببعض التشتت ولم يستفيق بشكل كامل، أمسك بيدها ومن ثم أغمض عينيه، استندت برأسها على السرير وهو ممسكة بيده، استفاقت على صوت عنبر وهي تقم بسحبها:
-ما الذي حدث؟ اخبريني ما الذي فعلتيه به أيتها الحقيرة؟
صدمت غرام من طريقتها، علمت أنها تعرف كل شيء، حاولت أن تبقى هادئة وهي تشير على عاصم:
-هو نائم.
اقترب ناصر وهو يضع يده على وجه غرام لتبعد وجهها على الفور:
-ما الذي حدث يا غرام، أنتِ مجروحة كثيرًا، اخبريني يا ابنتي ماذا حدث؟
اتاهم رد عاثم بعد أن استفاق على صوتهم:
-لقد خرجوا رجال علينا، حاولوا سرقتي وعندما استسلمت لهم لم يكتفوا بل حاولوا التعرض إلى غرام، ضربتهم وكانت النتيجة أنهم اصابوا قدمي قبل هروبهم يا أبي.
لم تكن غرام تدرك ما يحدث، اقتربت من عاصم والدموع داخل عينيها:
-أنت على مايرام أليس كذلك؟
تفاجأ عاصم بحالتها، اعتدل ليتألم وتثبته هي:
-لا تتحرك يا عاصم، سوف تتألم.
أميك بيدها والضيق يعتلي ملامحه:
-كيف لم تعالجي نفسكِ يا غرام؟ نحن في المستشفى ما هذا؟
ابتلعت غرام ما بحلقها وهي تجيبه بصدق:
-لم أستطيع أن أتركك وأنت فاقد للوعي، أنا بخيرووسعد الممرض اعطاني هذا الشيء لأرتديه و..
قاطعها عاصم وهو يحرك رأسه نافيًا:
-اذهبي وتعالجي يا غرام، أبي أرجوك أبقى معها، أمي اتصلي على شمس إن كانت بالمنزل واخبريها أن تحضر ملابس إلى غرام.
اومأت والدته وهي تقترب لتبقى بجواره وهي تملس على شعره بحنان:
-ارتاح يا عاصم، عليك أن ترتاح.
نظرت غرام لها وإلى عاصم قبل أن تخرج مع ناصر، كانت كالغائبة، لا تشعر بالألم وعقلها غارق في كل شيء حدث وفي الضرر الذي لحق بعاصم فقط بسببها هي.
أتت شمس بملابس إلى غرام بالفعل واعتبرتها حجة من أجل الاطمئنان على عاصم، اقتربت غرام من الغرفة لكنها سمعت صوت عنبر وهي تتحدث بألم:
-كيف تخفي أمرها عنّا يا عاصم؟ هي من قتلت منير وماجد ومع ذلك اخفيت أمرها!
انفعل عاصم وهو ينظر لها بتعجب:
-من أين عرفتي هذا الشيء يا عنبر؟
نظرت عنبر تجاه غرام وناصر الذي توقف بصدمة وهو يطالع غرام، انفعل عاصم:
-إذا سمحتم توقفوا عن هذا الحديث الفارغ، لا أريد المزيد من الحديث في هذا الأمر، غرام اقتربي.
اقتربت غرام وهي تشعر بالكثير من القلق، جلست بجواره وهي تقبض على يده، انفعلت والدة عاصم وهي تنظر لها بغضب شديد:
-اخبرني يا عاصم ما الذي حدث؟ ما الذي تقوله عنبر هل غرام من فعلت هذا؟ كيف حدث كل هذا وكيف تفعل هذا لا أفهم؟!
نظرت غرام إلى عاصم وهي تشعر بالقلق، قبض على يدها وهو يحرك رأسه بنفي:
-من قال هذا؟ هي لم تفعل شيء، توقفوا عن ها الحديث.
اقترب ناصر من عاصم وهو يتحدث بحزم:
-اتركونا معًا لبعض الوقت.
خرجت والدة عاصم وكذلك شمس وعنبر التي شعرت بأن الضيق يعتلي صدرها، تحدث ناصر وهو ينظر لهم:
-اخبروني الآن ما الذي يحدث هنا؟
نظر عاصم إلى غرام وتحدث بهدوء:
-لم أعتاد على الكذب عليك يا أبي، غرام تم توريطها في هذا الفعل، أنا تركتها ولكنني علمت أنها كانت..
قاطعه ناصر بانفعال واضح:
-كل هذا دون علمي؟ ما الذي حدث لك يا عاصم، كيف تغيرت إلى هذا الحد؟
نظر عاصم لها ومازال هادئ:
-أبي، إذا سمحت أنا لا أريد لأحد أن يتحدث معها، ثق بي أنني سوف أحل كل شيء.
حرك ناصر رأسه بنفي وهو ينظر لها:
-يجب عليّ أن أعرف ما الذي حدث بالتفصيل وكيف تم توريطكِ في هذا الأمر.
حركت غرام رأسها بنفي:
-لم أعد قادرة على الحديث، عاصم يعرف كل شيء، يمكنه أن يخبركم جميعًا بكل شيء حدث، أنا لا مانع لديّ.
نظر عاصم لها وهو يشعر بالكثير من التشتت، انفعل دون إرادة منه:
-أبي أرجوك، أنا قولت أنني سوف أحل كل شيء، لكن دعنا نحن بحاجة إلى الراحة، هي تضررت أكثر مني ومع ذلك صامدة.
رمقه ناصر بغضب وخرج بينما هي نظرت لن:
-لم يكن لدي مانع في اخباره، لكنني حقًا لست قادرة.
حرك عاصم رأسه بنفي:
-إن علموا الحقيقة سوف يقضوا عليكِ يا غرام، أنا احببتكِ وتفهمت الأمر ورأيت الكثير مما جعلتني أقوم بحمايتكِ، أما هم لن يتفهموا صدقيني.
ابتلعت غرام ما بحلقها وهي تنظر له:
-هل سامحتني يا عاصم؟!
-لا تفعل يا جلال.
كان يوجه السلاح على عاصم الذي يرمقه بغضب شديد:
-تظن أنك سوف تنجوا إن قتلتني، الهاتف ليس معي.
اتسعت أعين جلال وهو يقترب ليقوم بتفتيشه وقد جن جنونه عندما لم يجد الهاتف:
-أين هو؟ اخبرني أين وضعته؟!
ابتسم عاصم رغم الغضب الذي يسيطر عليه:
-الهاتف في مكان لن يخطر على بالك، إن لم أظهر بعد ساعتين سوف يكون بين يد الشرطة.
ابتسمت غرام وهي تظن أن عاصم صادق، لا تعلم أنه يفعل هذا من أجل نجاتها هي فقط، صرخ جلال وهو لا يصدق أن عاصم قد لعب به بتلك الطريقة:
-اخبريني يا غرام ما الذي كنتِ ستفعليه لو كنتِ في مكاني؟ من الممكن أن تقتليه أليس كذلك؟ لو لم تحبيه كنتِ ستقتليه، أنتِ فتاتي وأنا أعرفكي جيدًا.
كانت ترمقه بكره وبغض شديدان، اقترب عاصم بغضب وقبل أن يركله ضربه جلال بالرصاص وأصاب قدمه، صرخت غرام بصدمة وهي ترى دماء عاصم على الأرض:
-ما الذي فعلته أيها الحقير؟
اقتربت من عاصم وقد أحمر وجهه من كثرة الألم، بينما جلال كان يبتسم وهو يراه يسقط:
-إنها إصابة قدم ليس إلا، لا تعقد الأمور يا رجل.
اقتربت غرام منه لتقوم بلكمه، وهو أسرح بسحب شعرها بقوة والغضب يسيطر عليه:
-أنتِ فقدتي عقلكِ يا غرام، تجرأتي وقومتي برفع يدكِ عليّ، لم تكتفي من هذا بل تحاولين أذيتي.
تحدثت غرام صارخة:
-أنت عديم المشاعر، أنت حقًا شخص مريض يا جلال، أنا أكرهك أكثر من أي شخص آخر، أكرهك من كل قلبي.
كان جلال يوجه السلاح على رأسها وهو يهدد بضربها:
-اهدئي حتى لا أفقد أعصابي وأقوم بقتلكِ يا غرام.
كانت تضرب يده بقوة وعينيها ممتلئة بالدموع:
-أنت لا تعرف الرحمة، لا علاقة لك بالإنسانية حتى يا جلال.
ضمها جلال بزراعه وهو يهمس لها:
-كيف احببتكِ إذًا يا حبيبتي؟ لم أكن لأحبكِ إذًا.
تساقطت دموعها وهي تغمض عينيها بألم، وقف عاصم في هذا الوقت، قام بسحبها وهو يضمها ويحاول أن يتعافى على نفسه من أجل أن يقتله، حاول أن ينظم أنفاسه وهي تعتذر له والألم يعتصر قلبها:
-أنا أسفة يا عاصم، أرجوك سامحني، لا يمكنني أن أراك تعاني بتلك الطريقة، أشعر أنني أحتضر.
ضحك جلال ومن ثم سحبها من شعرها بقوة لتصرخ دون إرادة منها، انفعل عاصم وقدمه تؤلمه بقوة:
-دعها سوف أعطيك الهاتف، سوف أخبرك بمكانه لكن دعها.
ضحك جلال وهو يغمز لها:
-انظري يا غرام، إنه يحبكي حقًا، سوف يخبرنا بمكان الهاتف، هيا دعينا نلهو معًا قليلًا، قل لي أين الهاتف وشوف أذهب أنا وحبيبتي لنحضره أليس كذلك يا غرام؟!
نظرت غرام تجاه عاصم والألم يعتصر قلبها، تعلم أنها النهاية، كانت تتجاهل هذا طوال الوقت، لكن لا مفر الآن قدها أن تبقى مع جلال، هذا العقاب سوف يكون الأصعب لها، اومأت له:
-سوف أذهب معك حيث تريد يا جلال، لكن دع عاصم يذهب، لا يمكنني أن أتقبل أي ضرر له.
ابتسم جلال باصطناع رغم الغضب الذي يسيطر عليه:
-هذه المرة سوف تكون مختلفة يا غرام، سوف تأتين معي وأنتِ زوجتي، سوف أنعم بحياتي معكِ أخيرًا.
صرخ عاصم به وهو يقوم بسحبها:
-لن تذهب معك إلى أي مكان، أنت لن تأخذها مهما حدث يا جلال، لن أعطيك شيء لو لم تبقى هي معي، أنت سوف تخسر كثيرًا لو غرام بقيت هنا.
ابتسم جلال وهو ينظر إلى عاصم ويومأ:
-دعني أكرمك هذه المرة يا عاصم، لن تستطيع أن تفعل شيء لي، لن تستطيع أن تدينني عندما أخرج من هنا، هناك من سيشهد معي أنني لم أراك أبدًا، اخبرني أين الهاتف وسوف أذهب لأجلبه.
تحدث عاصم وهو يحيط غرام بزراعيه، كانت تضمه ودموعها لم تتوقف عن التساقط:
-الهاتف داخل السيارة، هذه المفاتح، أخرج وأتي به.
ابتسم جلال وهو يأخذ المفاتح ويغمز إلى غرام:
-أتساءل ما شعوركِ الآن بعد أن عرفتي بحبه الشديد هذا؟ لا يفعل هذا أي شخص يا غرام، الأمر يستحق التضحية.
انفعل عاصم وهو يشعر بالقلق عليها:
-أخرج من هنا، أعدك أنني سوف أقضي عليك، سوف تتمنى الموت يا جلال.
ضحك جلال وهو يسير للخارج:
-سوف نتقابل يا عاصم، دعنا نتقابل.
ذهب وغرام كانت منهارة في البكاء، قلبها يتألم كثيرًا، لا تجد ما تقوله، فقط تضمه وهي تدفن وجهها به، شعرت بيده على رأسها وهو يهمس بصوت خافت:
-أنتِ بخير يا غرام؟
انهارت في البكاء أكثر وهي تتمسك به:
-أنا لست بخير، أنا لست غرام، لست بهذا الضعف حتى، لقد انقلب حالي فجأة ولم أعد أدري من أكون أنا، كل شيء تدمر ولم يعد شيء على مايرام، أنا أتألم كثيرًا يا عاصم.
تساقطت دموعه وهو لا يعلم كيف وصل إلى هنا، لم يكن يتخيل أن يصل إلى هذه الحالة معها، أن يسامح الفتاة التي قتلت أفراد عائلته، ربما شعوره أنها كانت ضحية هي الأخرى تسبب في كل هذا، ابتعدت هي لتنظر له:
-أنت تتألم كثيرًا، أعلم انك تعاني، سوف أفعل أي شيء من أجلك، أنا أشعر بالرعب والتشتت، لا تجعل شيء يحدث لك.
كانت تنظر حولها، تحاول أن تجد شيء يساعدها لمداواته، أمسك عاصم بيدها وهو يحرك رأسه بنفي وقرب يده من وجهها ليثبتها أمام وجهه:
-انظري لي يا غرام، سوف نذهب من هنا، سوف أكون بخير.
حركت رأسها بنفي وهي تبكي بألم:
-لن تكون بخير وأنت تنزف، لا يمكنني أن أنتظر حدوث شيء لك.
قطعت من ملابسها واقتربت من قدمه لتقوم بربطها، اقتربت منه:
-يمكنك أن تحمل جسدك عليّ، فالتستند عليّ يا عاصم وكل شيء سوف يكون على مايرام.
وقف عاصم وهو يستند عليها وقد لاحظ تصلب جسدها، هي بالفعل فتاة قوية، ربما الشيء الوحيد الذي جعلها بتلك الهشاشة هو حبها له، خرجوا ولم يجدوا جلال، وجد المفتاح داخل السيارة وهي مفتوحة، تحدث وهو ينظر إلى غرام:
-سوف تقودي أنتِ يا غرام، لا يمكنني أن أفعل وقدمي مجروحة، علينا أن نصل إلى أقرب مستشفى.
نظرت غرام له وهي تومأ، كان جسدها مليئ بالجروح، وجهها ملطخ بالدماء، من يراها يشعر بالرعب عليها، كان قلبه يؤلمه وهو يراها تتصرف يطريقة مريبة، عنقها مليئ بالجروح ومازالت تنزف، جعلته يصعد وذهبت على كرسي القيادة وعينيها مسلطة على الطريق.
توقفت بشكل مفاجئ عندما لاحظت سقوط رأس عاصم على كتفها، تحدثت برعب وهي تقوم بتحريكه:
-عاصم انظر لي أرجوك، هل أنت تسمعني؟ اجبني أرجوك يا عاصم.
تأكدت أنه يتنفس وبدأت في القيادة من جديد بسرعة، كانت تتسابق مع الوقت، تتمنى أن لا يحدث له أي شيء، لا تعلم ما الذي من الممكن أن يحدث لها لو فقد حياته، مؤكد سوف تنتهي، لن تستطيع أن تتنفس بدونه، لا يوجد حياة لها بعد فراقه للحياة.
وصلت إلى المستشفى ودلفت وهي تصرخ بهم:
-أرجوكم أحتاج إلى المساعدة معي حالة طارئة.
اقتربت الممرضة منها بفزع ولكنها حركت رأسها نافية وهي تشير على السيارة:
-لست أنا، إنه بالخارج.
ركضوا معها وقاموا بنقل عاصم على الفور، رفضت أي معالجات لها، رفضت أن يقترب أحد منها، كانت معه طوال الوقت واخرجوها بصعوبة بعد أن تم نقله لغرفة العمليات، جلست بالخارج تبكي، تذكرت عندما اطلقت الرصاص على كلًا من ماجد ومنير، تمنت لو لم تفعل شيء، أخذت نفس عميق باستياء:
-كل شيء سوف يكون بخير، لن يحدث له شيء، مستحيل أن يموت الآن لن أتحمل، يا إلهي ساعدني، أنا أعلم أنني اخطأت كثيرًا، لكن كان هذا دون إرادتي، صدقني كان دون إرادة مني.
بكت من قلبها، كانوا جميع من بالمستشفى يشفقون على حالها، اقترب أحد الممرضين منها بقلق:
-يا فتاة أنتِ بحاجة إلى العلاج، تعالي معي يمكنني مساعدتكِ.
حركت غرام رأسها بنفي وعينيها على غرفة العمليات:
-أنتظر زوجي هنا، لن أتحرك قبل خروجه، عاصم هنا وليس له أحد غيري الآن، لا يمكنني تركه مهما حدث.
استسلم الممرض لها لكنه بقى بالقرب منها وهو يخبرها:
-اسمي سعد يمكنكي أن تطلبي أي شيء تريديه مني لن أتأخر، لا داعي للقلق وسوف يكون كل شيء على مايرام.
لم تنظر له غرام وكانت عينيها مسلطة على الغرفة، خرج الطبيب أخيرًا واقتربت هي منه والدموع بعينيها:
-ما الذي حدث؟ هل هو بخير؟!
ابتسم الطبيب وهو يومأ لها:
-لا داعي لكل هذا القلق، لقد اخرجنا الرصاصة وسوف يتم نقله إلى غرفة عادية.
ابتسمت غرام وهي تحرك رأسها بسعادة شديدة:
-شكرًا كثيرًا لك، أنا لا أصدق حقًا، سوف أبقى بجواره هل هذا ممكن؟
ابتسم لها وهو يومأ:
-أجل يمكنكي أن تبقي بجواره، لكن من الأفضل أن تذهبي لتعالجي جروحكِ، ليس من الجيد أن تبقي هكذا.
كانت تمسك بملابسها الممزقة حتى لا تكشف جسدها، لاحظ هذا سعد واقترب وهو يضع البالطو الخاص بعمله عليها، نظرت له بتعجب لكنها اومأت له:
-شكرًا.
ذهبت بالفعل مع عاصم إلى غرفته، كانت ترفض تركه، حاول الطبيب التحدث معها، لكن دون فائدة، تركوها بجواره حتى استفاق عاصم وهي ابتسمت:
-أنت بخير يا عاصم، لقد كنت في كابوس، لقد اخرجوا الرصاصة من قدمك، اخبرني الطبيب أنك بخير، اطمئننت عليك بنفسي، اتصلت على عمي من هاتفهك بعد أن قومت بفتح الهاتف باصبعك، قال انه سوف يأتي، ارسلت له الموقع، كل شيء سوف يتحسن.
كان عاصم يشعر ببعض التشتت ولم يستفيق بشكل كامل، أمسك بيدها ومن ثم أغمض عينيه، استندت برأسها على السرير وهو ممسكة بيده، استفاقت على صوت عنبر وهي تقم بسحبها:
-ما الذي حدث؟ اخبريني ما الذي فعلتيه به أيتها الحقيرة؟
صدمت غرام من طريقتها، علمت أنها تعرف كل شيء، حاولت أن تبقى هادئة وهي تشير على عاصم:
-هو نائم.
اقترب ناصر وهو يضع يده على وجه غرام لتبعد وجهها على الفور:
-ما الذي حدث يا غرام، أنتِ مجروحة كثيرًا، اخبريني يا ابنتي ماذا حدث؟
اتاهم رد عاثم بعد أن استفاق على صوتهم:
-لقد خرجوا رجال علينا، حاولوا سرقتي وعندما استسلمت لهم لم يكتفوا بل حاولوا التعرض إلى غرام، ضربتهم وكانت النتيجة أنهم اصابوا قدمي قبل هروبهم يا أبي.
لم تكن غرام تدرك ما يحدث، اقتربت من عاصم والدموع داخل عينيها:
-أنت على مايرام أليس كذلك؟
تفاجأ عاصم بحالتها، اعتدل ليتألم وتثبته هي:
-لا تتحرك يا عاصم، سوف تتألم.
أميك بيدها والضيق يعتلي ملامحه:
-كيف لم تعالجي نفسكِ يا غرام؟ نحن في المستشفى ما هذا؟
ابتلعت غرام ما بحلقها وهي تجيبه بصدق:
-لم أستطيع أن أتركك وأنت فاقد للوعي، أنا بخيرووسعد الممرض اعطاني هذا الشيء لأرتديه و..
قاطعها عاصم وهو يحرك رأسه نافيًا:
-اذهبي وتعالجي يا غرام، أبي أرجوك أبقى معها، أمي اتصلي على شمس إن كانت بالمنزل واخبريها أن تحضر ملابس إلى غرام.
اومأت والدته وهي تقترب لتبقى بجواره وهي تملس على شعره بحنان:
-ارتاح يا عاصم، عليك أن ترتاح.
نظرت غرام لها وإلى عاصم قبل أن تخرج مع ناصر، كانت كالغائبة، لا تشعر بالألم وعقلها غارق في كل شيء حدث وفي الضرر الذي لحق بعاصم فقط بسببها هي.
أتت شمس بملابس إلى غرام بالفعل واعتبرتها حجة من أجل الاطمئنان على عاصم، اقتربت غرام من الغرفة لكنها سمعت صوت عنبر وهي تتحدث بألم:
-كيف تخفي أمرها عنّا يا عاصم؟ هي من قتلت منير وماجد ومع ذلك اخفيت أمرها!
انفعل عاصم وهو ينظر لها بتعجب:
-من أين عرفتي هذا الشيء يا عنبر؟
نظرت عنبر تجاه غرام وناصر الذي توقف بصدمة وهو يطالع غرام، انفعل عاصم:
-إذا سمحتم توقفوا عن هذا الحديث الفارغ، لا أريد المزيد من الحديث في هذا الأمر، غرام اقتربي.
اقتربت غرام وهي تشعر بالكثير من القلق، جلست بجواره وهي تقبض على يده، انفعلت والدة عاصم وهي تنظر لها بغضب شديد:
-اخبرني يا عاصم ما الذي حدث؟ ما الذي تقوله عنبر هل غرام من فعلت هذا؟ كيف حدث كل هذا وكيف تفعل هذا لا أفهم؟!
نظرت غرام إلى عاصم وهي تشعر بالقلق، قبض على يدها وهو يحرك رأسه بنفي:
-من قال هذا؟ هي لم تفعل شيء، توقفوا عن ها الحديث.
اقترب ناصر من عاصم وهو يتحدث بحزم:
-اتركونا معًا لبعض الوقت.
خرجت والدة عاصم وكذلك شمس وعنبر التي شعرت بأن الضيق يعتلي صدرها، تحدث ناصر وهو ينظر لهم:
-اخبروني الآن ما الذي يحدث هنا؟
نظر عاصم إلى غرام وتحدث بهدوء:
-لم أعتاد على الكذب عليك يا أبي، غرام تم توريطها في هذا الفعل، أنا تركتها ولكنني علمت أنها كانت..
قاطعه ناصر بانفعال واضح:
-كل هذا دون علمي؟ ما الذي حدث لك يا عاصم، كيف تغيرت إلى هذا الحد؟
نظر عاصم لها ومازال هادئ:
-أبي، إذا سمحت أنا لا أريد لأحد أن يتحدث معها، ثق بي أنني سوف أحل كل شيء.
حرك ناصر رأسه بنفي وهو ينظر لها:
-يجب عليّ أن أعرف ما الذي حدث بالتفصيل وكيف تم توريطكِ في هذا الأمر.
حركت غرام رأسها بنفي:
-لم أعد قادرة على الحديث، عاصم يعرف كل شيء، يمكنه أن يخبركم جميعًا بكل شيء حدث، أنا لا مانع لديّ.
نظر عاصم لها وهو يشعر بالكثير من التشتت، انفعل دون إرادة منه:
-أبي أرجوك، أنا قولت أنني سوف أحل كل شيء، لكن دعنا نحن بحاجة إلى الراحة، هي تضررت أكثر مني ومع ذلك صامدة.
رمقه ناصر بغضب وخرج بينما هي نظرت لن:
-لم يكن لدي مانع في اخباره، لكنني حقًا لست قادرة.
حرك عاصم رأسه بنفي:
-إن علموا الحقيقة سوف يقضوا عليكِ يا غرام، أنا احببتكِ وتفهمت الأمر ورأيت الكثير مما جعلتني أقوم بحمايتكِ، أما هم لن يتفهموا صدقيني.
ابتلعت غرام ما بحلقها وهي تنظر له:
-هل سامحتني يا عاصم؟!