الفصل السادس عشر غرام

اقترب عاصم من غرام وهو يقوم بسحبها والضيق يسيطر عليه:

-تعالي معي يا غرام، لن تبقي هنا.

سحبت زراعها منه ودموعها تتساقط، لا تعلم ماذا تفعل، انفعلت وقد تحكم الغضب بها:

-أنت ما الذي تريده يا عاصم؟ أقولك لك أخرج من هنا قبل أن أقضي عليك حقًا.

أخذ نفس عميق وهو يحاول أن يسيطر على نفسه، ابتسم ساخرًا وهو يحرك رأسه بعدم استيعاب:

-تقضي عليّ! اخبريني يا غرام هل الأمر بتلك البساطة يا ترى؟

اومأت له ويبدو أنها تصر على حديثها:

-أجل الأمر كذلك بالنسبة لي يا عاصم، لا تجعلني أفقد أعصابي أكثر وإلا سوف تندم كثيرًا.

سحبها عاصم وهو يحرك رأسه نافيًا:

-سوف تأتين معي مهما قولتي يا غرام، أنا لا ينقصني أفعالكِ تلك، أشعر أنني أفقد صبري وهذا لن يكون جيد.

صدم عندما وجدها قامت بدفعه ومن ثم ركله بقوة ليسقط أرضًا، نظر لها بعدم استيعاب وقد شعر بالغضب الشديد، وقف وحاولت أن تفعلها مجددًا فقام بامساك قدمها:

-اخبريني ما الذي تظنيه أنتِ؟ لقد قومتي بضربي بشكل مفاجأ ولهذا فقدت التوازن، لستِ أقوى مني يا غرام.

ترك قدمها من بعدها وحاولت أن تقوم بلكمه لكنه قبض على يدها والغضب يسيطر عليه:

-أنتِ تغضبيني وهذا ليس جيد لكِ أبدًا يا غرام.

ابتسمت ساخرة وهي تنظر إلى عينيه:

-ماذا سوف تفعل يا ترى؟ سوف تقوم بضربي وتهذيبي؟

أومأ عاصم وهو يؤيد حديثها:

-أجل لماذا لا أفعل؟ أنتِ تستحقين هذا الشيء يا غرام، في الحقيقة أنتِ أكثر شخص يستحق هذا.

نظؤه له ومن ثم قامت بدفعه لتجده يقبض على شعرها:

-توقفي عن هذا، أنا صبري ينفذ وأنتِ سوف تندمين على أفعالكِ تلك.

اغمضت عينيها بألم وصدمت عندما شعرت بأنفاسه بالقرب منها، وجدته يقترب أكثر لتضع يدها على فمه وهي تحرك رأسها بنفي:

-توقف.

تركها وهو ينظر لها، ابتعدت عنه وهي تحرك رأسها بنفي:

-أنا لا أسمح لك أن تقوم باستغلالي بشتى الطرق، أنا آخر من تسمح بهذا يا عاصم.

اقترب منها وهو يشعر بالغضب:

-أنتِ زوجتي، أنا لست هذا الحقير الذي يستغل أحد.

حركت غرام رأسها بنفي:

-أنت تستغلني يا عاصم، لا يمكنك أن تنكر شيء كهذا أبدًا.

سحق أسنانه وهو يشعر بالغيظ الشديد منها:

-أنا أشعر أنني أود أن أقضي عليكِ دون مبالغة.

اومأت له في تحدي وهي تراه لا يريد أن يتركها، تشعر بحبه لها ومع ذلك هو لا يعترف بشيء كهذا، تعلم أنه عنيد، تعلم أنه من الصعب أن يتجاهل ما حدث، لكنها ترى أنه من الصعب عليه أن لا يحبها، هو يحبها كثيرًا ولا يمكنه أن يظهر عكس هذا مهما حاول:

-اعترف أنك تحبني يا عاصم، لا يمكنك أن تؤذيني بأي طريقة صدقني، أنت تتعامل هكذا لأنك لا تستطيع أن تتوقف عن حبي.

دفعها عاصم وهو لا يعلم كيف تنجح في كل مرة وتثير غضبه بتلك الطريقة:

-لا تجعليني أقتلكي الآن، أنا في الأصل لا أطيق النظر في وجهكِ.

اجابته بانفعال لم تستطيع أن تسيطر عليه:

-دعني إذًا يا عاصم، أنت لا تريد أن ترى وجهي دعني وشأني.

أخذ عاصم نفس عميق وهو لا يعلم ما الذي عليه أن يفعله، هو لا يستطيع أن يتركها وإن لم يفعل لن تصدق أنه لم يعد يحبها، دفعها عاصم وقد فاض به:

-افعلي ما شأتي يا غرام، أنا لم أعد أريد رؤية وجهكِ، استعدي للوقوف أمام جلال قريبًا في السجن.

نظرت له وقد شعرت بالتردد لكنها حسمت أمرها:

-لا يهمني هذا، لست خائفة، لكن لدي رغبة واحدة لا تكن سخيف وتحرمني منها.

كان ينتظر أن يسمع باقي حديثها ولكنها لم تتحدث بل اقتربت لتقوم بضمه وهي تهمس:

-كن بخير دائمًا، اعتني بنفسك واحترس من جلال يا عاصم، هو لم يتركك، أعلم أنه مستعد لفعل أي شيء، مستعد لتدمير الجميع، هو ليس سهل أبدًا ولا يعلم أنني عرفت الحقيقة لقد كان ثمل.

أتى عاصم ليبتعد لكنه توقف عندما شعر بتعلقها به أكثر، استنشقت عطره ومن ثم ابتعدت هي وتبتسم وتحاول أن تسيطر على دموعها حتى لا تتساقط:

-وداعًا يا عاصم.

حرك عاصم رأسه لعدم استيعاب:

-اخبريني كيف تكونوا قادرة على فعل هذا؟ كيف تكوني قادرة على القتل ومن ثم لعب دور الضحية يا غرام؟

حركت غرام رأسها بنفي وهي تنظر له:

-أنا لا أسمح بهذا يا عاصم، لا أسمح أن أكون ضحية، من الطبيعي أن يكون المرء حزين لكن في الحقيقة حتى حزني من الصعب اظهاره، إذا سمحت أذهب من هنا لأنني أشعؤ بالكثير من الإرهاق وأرغب في النوم.

تذكر عاصم مرضها، لم يكن يستطيع أن يخبرها أن تأتي معه لحين يتم شفاؤها، من الصعب عليه أن يصرح بشيء كهذا، وقف في مكانه وهو يراها تدخل إلى تلك الغرفة البسيطة ومن ثم تقوم باغلاق الباب، لا يعلم ما الذي يجب أن يفعله في هذا الوضع، تمنى لو لم يقع في حبها، لا يعلم كيف يحدث هذا؟

لو كان شخص آخر وعلم أنه السبب في حرمانه من صديقه سيقوم بقتله على الفور، يتساءل هل من الممكن أن تكون هذه الفتاة ضحية لجلال؟ فهو يفعل أي شيء لتدمير والده وتدميره، لا يستبعد عليه شيء أبدًا.

رحل عاصم وذهب إلى منزله، كان يظهر على وجهه الكثير من الضيق، اقتربت عنبر منه وهي تشعر بالحيرة:

-أين ذهبت غرام يا عاصم؟ أنا أشعر بالقلق وليس لدي فكرة إن كنتم غاضبين من بعضكم البعض أم لا.

قبل أن يتحدث عاصم رأى جاسر، شعر بالغضب وهو يعلم أنه بالطبع مع غرام ويعرف كل شيء عن خطتها، اسرع بالذهاب إليه وسحبه ليتعجب الآخر، ظن أن عنبر قامت بشكوته إليه ولا يعلم ما الذي يجب عليه أن يقوله:

-لم أفعل أي شيء صدقني، لم أكن أتعمد هذا.

وصلوا للسطح وعقد عاصم حاجبيه والضيق يظهر عليه:

-أنت تعرف بماذا سوف أحدثك أنا يا ترى؟

ظهر الضيق على وجه الآخر وهو يشعر بالكثير من القلق:

-اخبرني يا عاصم ما الذي تريده مني الآن؟

انفعل وهو يرمقه بغضب والضيق يحتل كيانه بأكمله:

-كنت تعلم حقيقة غرام أليس كذلك؟ أتساءل لماذا أتيت إلى هنا يا ترى؟ هل كنت تخطط لقتلي أنت الآخر.

تفاجئ جاسر ولم يكن يصدق أن غرام قد انكشفت، تبدلت ملامحه ولكنه فاجئ عاصم بدفعه:

-اخبرني أين هي الآن، ما الذي فعلتوه بها؟!

لكمه عاصم والغضب يسيطر عليه:

-اخبرني كيف تكونوا بتلك القذارة.

انفعل جاسر وهو يمسك بيد عاصم:

-غرام عانت كثيرًا بسبب جلال، هو المذنب الوحيد، أنت لا تعلم الحقيقة ولا يمكنك أن تفعل شيء لها أنا لن أيمح وسوف أشهد معها وسوف أساندها حتى.

ابتسم عاصم ساخرًا وهو يخرج هاتف غرام من جيب بنطاله:

-لقد اعترفت صديقتك بل قامت بتقديم الدليل الذي سيدينها ولم تشعر بأي خوف، هل رأيت ماذا فعلت أم مازلت تنتظر؟

اتسعت أعين جاسر وهو لا يصدق ما سمعه، يعلم أن غرام انجذبت إلى عاصم وكان هذا يظهر عليها، كان يعلم أن نهايتها عندما تقع في الحب ومع الأسف كان محق، حرك رأسه بضيق شديد:

-كنت أعلم أن هذا سوف يحدث، هي وقعت في حبك وكان هذا أسوء مخاوفي، صدقني يا عاصم هي ليس لها شأن بكل هذا، لقد كان جلال يتلاعب بها وهي مهما حاولت لا يمكنها أن تقف أمامه، اخبرها الكثير عن والديها وكيف تم قتلهم عن طريق عائلتك، الأمر كان صعب عليها.

انفعل عاصم وهو يرفع سبابته أمام وجهه:

-كنت تعلم أنت أيضًا وهذا يجعل منك مذنب يا جاسر.

دفعه جاسر وقد انفعل بعد أن فقد كل ذرة صبر به:

-أنا لا يهمني كل شيء تقوله يا عاصم، على العكس أنا على استعداد تام لتحمل المسؤولية، أنت لن تستطيع أن ترى غرام على حقيقتها، تلك الفتاة لا تستحق كل هذا، أجل هي اخطأت ولكن هناك الجزء الأسوء من القصة، جلال لن يتركها مهما حاولت هي أن تتركه، هو مغرم بها.
-------
كانت غرام تنام فوق سريرها في هذا الوقت، لم تتوقف دموعها عن التساقط والألم يعتصر قلبها دون رحمة، انهارت في البكاء وهي تتذكر لحظاتها مع عاصم، كيف تبدل كل شيء بين يوم وليلة لا تفهم، انهارت في البكاء وهي تحرك رأسها بنفي:

-لقد تدمر كل شيء يا غرام، انتهى هذا الحب وعليكِ أن تدركي هذا، لو كان يحبكي كما تحبيه لم يكن ليذهب، القلب دائمًا يهزم صاحبه، هو يدهس العقل ويتجاهل التفكير المنطقي ليختار أن يعبر وهو لا يفكر في شيء سواكِ.

جلست على السرير وهي تبكي وتشهق بألم، وضعت يدها على قلبها بألم وهي تتحدث بانفعال:

-أكرهك يا جلال، لقد جعلتني أخسر آخر شخص لي، أنا لا أريد أن أرى وجهك مجددًا، أتمنى أن تنتهي من حياتي، على كل حال سوف يتم القبض عليّ، سوف أخسر كل شيء في النهاية بسبب شخص مريض مثلك، حتى أبي وأمي خذلوني في النهاية.

ظلت تبكي حتى سمعت طرقات على الباب، تجاهلت الطارق ولم يعد يفرق معها شيء بعد الآن، ازدادت الطرقات وشعرت أنهم ضباط الشرطة، ذهبت لتفتح الباب وهي تهيئ نفسها لاستقبالهم، فتحت لتتفاجئ برامي في النهاية، انفعلت وهي تنظر له:

-اخبرني ما الذي تريده؟ ما الذي ترغب به أنت بعد كل شيء؟

نظر لها وعلى وجهه يظهر الغضب:

-أنتِ لم تتزوجي أليس كذلك؟ لم تتزوجيه!

ابتسمت ساخرة وهي ترفع يدها أمامه ليرى خاتم الزواج التي لم تنزعه ولا تريد أن تفعل:

-لقد تزوجنا يا ماهر، الآن أنا في فترة راحة ولا أريد أن أراك او أرى أي شخص، إن سأل أحد عليّ اخبره أنني قد توفيت.

أتت لتغلق الباب ولكن يده منعتها، نظرت إلى يده وإليه وقد احتدت عينيها:

-أنا آخر شخص في هذا العالم لديه صبر الآن، إن لم تذهب سوف أسحقك أسفل قدمي ما رأيك؟

لم يكن يعرف مع من يتعامل، استهزأ بحديثها وهو يراها أمامه فتاة لا تستطيع أن تفعل شيء، اقترب منها وإبتسامة سخيفة تزين وجهه:

-ما الذي سوف تفعليه يا ترى؟ اخبريني هل ستقومي بضربي أيتها الجميلة أم ستتصلي له ليأتي وينقذكي مني بعد أن أخذ ما يريده منكِ وقام برميكِ خارج منزله لتعودي إلى تلك الغرفة من جديد؟

لم تحتمل وقامت بركله بقوة، سقط أرضًا وأقتربت لتضغط على صدره بقدمها ولا تريد ان تحرك ساكنًا، حذرته بأعين حادة لا تقبل النقاش:

-لا تتحدق مهي وأنت لا تعرف ما الذي من الممكن أن أفعله به! أنا قادرة على تدميرك بشكل كامل، قادرة على انهاءك الآن.

تركته من بعدها وذهبت إلى غرفتها، ما إن اغلقت الباب حتى استندت عليه وهي تمسك رأسها بألم:

-كل شيء اردته هو أن يتركوني في حالي، هل الأمر صعب عليهم إلى هذا الحد؟

تساقطت دموعها وهي تتمنى لو كانت لم تولد ولم تتعرف على جلال، تتمنى لو لم تستمع إلى وتؤذي الشخص الوحيد الذي نبض قلبها له بطريقة هي نفسها متعجبة منها، لا تعلم متى وكيف حدث هذا، لكنها تعلم أنها تعشقه، إنه غرامها.

مر اليوم وشعرت غرام بالجوع، لم تكن تريد الهبوط ومواجهة أي شخص، كانت تشعر أنها تريد أن تقتل الجميع، كانت تنتظر مجيئ الشرطة في كل لحظة، لا تعلم بماذا يفكر عاصم ولا تريد أن تشغل بالها، لكنها تعلم جيدًا أنها لن تقاوم سوف تسلم نفسها دون أي جهد منهم.

قررت أنها سوف تغادر غرفتها وفكرت في ماهر، هي تعلم أنه لن يقترب منها بعد ما حدث على الأقل الآن، فتحت الباب لكنها تفاجأت برؤية الكثير من حقائب الطعام، صدمت وأول شخص أتى في عقلها عاصم، لكنها حركت رأسها بنفي وهي تعلم أنه غاضب منها ولن يفعل هذا، أخذت الطعام ودلفت لتجلس.

بدأت في تناول الطعام السريع واضعة باقي الطعام جانبًا، لقد عادت تشعر بالانطفاء من جديد، تذكرت جاسر وارادت لو تتحدث معه، لكنها تذكرت أن هاتفها لم يعد معها الآن، هو مع عاصم ولا يمكنها أن تطلبه منه، تأففت وهي تتذكر أن جلال لم يكن يعطيها المال بل كان يخبرها أنه يدخره لها.

لم تهتم للمال يومًا ولهذا تركته ولم تتقف أمامه من أجل مالها، أما الآن هي بحاجة إلى المال وعليها أن تعمل، قاطع شرودها طرقات الباب، كان لديها أمل أن يكون عاصم بالخارج، لكنها صدمت عندما وجدت جلال أمامها، نظرت له بكره شديد والدموع تلمع في عينيها:

-ما الذي تريده يا جلال؟

ابتسم ساخرًا وهو يدخل إلى الغرفة ليجلس على السرير وهو يرى طعامها:

-كما توقعت، أنتِ كالغبية وقعتي في غرامه وهو كأي رجل تخلى عنكِ بعدما ضمن وجودكِ في حياته.

تساقطت دموعها وهي ترمقه بغضب شديد:

-لا تتحدث معي، ليس لك شأن بي، هو سوف يقوم بسجنك، أنت لم تعد تجيد اللعب يا جلال، لقد عرفت كل شيء حدث، عرفت أنك لعبت بي كالدمية.

ابتسم جلال وهي تداركت نفسها، شعرت بالضيق لأنها فتحت هذه السيرة، اقترب منها ووقف أمامها وهو يتأملها:

-أتيت خصيصًا للحديث معكِ بهذا الشأن يا غرام، لم يعد من الجيد البقاء هنا، أصبح هذا الأمر خطير عليّ وعليكِ، سوف تأتين معي ونكمل حياتنا في مكان آخر بعيد عن هنا.

ابتسمت ساخرة وهي تحرك رأسها بنفي:

-أنت تحلم يا جلال، أنا لن أذهب معك، أنت لن تجبرني، لقد تركت لعاصم تسجيل اعترفت فيه بكل شيء، من المؤكد أنه سيقدمه للشرطة، لم يعد شيء يفرق معي.

فاجأها جلال باقترابه وصفعه لها وقد نجحت في اشعال غضبه:

-لقد فقدتي عقلكِ يا غرام، كيف تتجرأي وتفعلي شيء كهذا اخبريني؟

دفعته ومازالت أثار الحمى بجسدها:

-أنت ليس لك شأن بي، أنا أكرهك يا جلال ومستعدة أن أفعل أي شيء لأوقعك، هل تسمعني؟

ابتسم جلال بغضب شديد وهو يومأ:

-أنتِ اخترتي إذًا، سوف أجعلكي تبكين دمًا على عنادكِ هذا وسوف تأتين الآن معي.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي