الفصل الثالث عشر أحبك
نظر عاصم إلى غرام أثناء وقوفهم أمام نهر النيل، أمسك بيدها وهو يدير وجهها لتنظر له:
-لقد اتينا إلى مكان هادئ، يمكنكي أن تحكي لي كل شيء، سوف أساعدكي يا غرام، منذ أن جئتي إلى منزلنا وأنا أعلم أن هناك شيء تخفيه ولا أحد يعلم به، اخبريني ما هذا الشيء؟!
نظرت غرام إليه وعينيها لم تتوقف عن زرف الدموع، كانت تنوي هذا الصباح أن تنهي كل شيء ولكن ما إن شعرت أن الخطر يقترب منه فقدت كل ذرة عقل بها، أخذت نفس عميق وهي تومأ:
-أنا سوف أخبرك يا عاصم.
حاولت التفكير في أي طريقة يمكنها أن تخرج بها من هذا المأزق، امسكت بيده وقد شعرت بالألم:
-هذا الشيء عليه أن يبقى سر بيننا يا عاصم، حتى جلال لا تجعله يعرف، هو أراد مني أن أتي إلى منزلك وأقوم بإغرائك، هو يشعر بالغيرة منك صدقني لهذا أنا تضرفت على هذا الأساس، لا يمكنني أن أفعل هذا الشيء، لهذا كلما اقتربت مني أنا أبتعد عنك.
لم يفهم عاصم كل ما ارادت أن تقوله، اقترب منها وهو يمسح دموعها وقد شعر بالغضب من فكرة أن تكون حالتها السيئة تلك بسبب جلال، اقترب ومن ثم قام بتقبيل جبينها:
-أنا سوف أتعامل مع جلال، أنا أحبكي يا غرام، من الصعب أن يتغير هذا، ما حدث كان بالماضي، أنا أحب رؤيتكِ سعيدة ولا يهمني أي شيء مضى.
شعرت بالراحة تجاه حديثه، تجرأت للمرة الأولى لتقترب منه وتقوم بسند رأسها على صدره وهي تغمض عينيها بألم، لقد شعرت بأن جلال سحقها دون العبء بمشاعرها.
ابتعد عاصم قليلًا وهو يبتسم ومازال يمسح دموعها:
-لا داعي للبكاء يا غرام، أنا بجواركِ، أتفهمكي، مهما حدث لن أتخلى عنكِ، كوني مطمئنة دائمًا أرجوكِ.
ابتسمت وهي تنظر له، امسكت بيد عاصم وهي تشعر بالقلق عليه من غدر جلال:
-لا تفعل شيء له يا عاصم، لا أريد أن يعرف أنني اخبرتك بشيء كهذا.
حرك عاصم رأسه نافيًا وتحدث بالشيء الذي لم يجعلها تطمئن أبدًا:
-لا يوجد داعي للقلق يا غرام، أنتِ زوجتي الآن، لا يمكنه أن يفعل أي شيء لكِ، أنا أعلم أن هذا الحقير رغبته الأولى أن يكون الكبير في القرية وهذا لن يحدث إلا بعدما يقضي عليّ وعلى والديّ، ربما هو من قضى على ماجد ومنير، لقد تأكدت بعد أن قام بارسال هؤلاء الرجال لي.
وضع يده على جبينه وهو يفكر في كل ما حدث، حرك رأسه بغضب شديد:
-مؤكد هو من فعلها، لطالما كان يرى منير وماجد بالقرب مني، دائمًا كنّا نتفقد أحوال من بالقرية، سوف يندم، سوف أجعله يبكي دمًا على هذه الأرواح الذي قُتلت هباءً.
اجتمعت الدموع بعنيها وهي تتمنى أن يطول الوقت هنا ولا تذهب، لا يمكنها أن تعرف بماذا هو يفكر، من الممكن أن يتأذى، اقترابه من جلال لن يكون في صالحه أبدًا.
وصلوا إلى المنزل بعد عناء طويل، حاولت أن تبان طبيعية أمام الجميع، دلفوا إلى غرفتهم، كانت ترى عقل عاصم شارد، جلست على السرير بجواره وهو نظر لها يسألها:
-يمكنكي أن تخبريني أن أخرج إن كان وجودي يزعجكي.
حركت رأسها بنفي وهي تبتسم إليه، اقتربت لتمسك بيده وتضعها على وجنتها:
-في الحقيقة سوف أستغلك لتقوم بتدلليك رأسي لعلي أرتاح وأستطيع النوم في النهاية.
ابتسم عاصم ولم ينتظر، قام بسحبها في حضنه وهو يربت على شعرها هامسًا:
-هل تعلمين يا غرام أنني في كل يوم أشعر أن حبكِ داخل قلبي يزداد ولا أعرف السر؟
اغمضت عينيها وهي تتمنى أن لا يكون هذا عقابها، لن تستطيع أن تحتمل هذا وسوف تكون نهايتها لا محال، تمنت لو لم تقترب من هذه العائلة ولم تستمع إلى جلال، تعجبت وهي ترى عقلها قد تغير بين يوم وليلة.
همست بصوت استطاع أن يسمعه هو:
-هل من الممكن أن يكون هذا هو الحب؟ لا يمكنني أن أصدق هذا، لا يمكنني أن أدرك أنه الحب.
ضحك عاصم وقد ظهرت بريئة عندما تحدثت بهذه الطريقة:
-وما المشكلة أن تقعي في الحب يا فتاتي؟ ألست زوجكِ؟ أظن أن هذا الأمر عادي، طبيعي للغاية ألا توافقيني؟!
ابتعدت قليلًا وهي تنظر له وقد لمعت عينيها، تتساءل لماذا أحبته وهو الذي كل شيء به يقودها لعشقه دون حدود، اقترب هو ليطبع قبلة على وجنتيها، أحمر وجهها وهي تنظر له، ابتسم بإعجاب شديد:
-سبحان من خلق عينيكِ الجميلة يا غرام، أنا لا أعلم كيف المرء يحب، لكنني متيم أنا الآن مغرم يا غرام.
اقتربت تدفن وجهها في صدره من جديد، يعلم الآن أنها تميل له كثيرًا، ظهر هذا في كل شيء حدث اليوم، رغم أنه يكره جلال كثيرًا لكنه شكره على أنه كان سبب في اكتشاف حبها له.
مر يومهم في سعادة غامرة، تمنى هو أن تبقى بين يديه بعد موافقتها على اقترابه وعدم هربها منه كعادتها، أما هي تمنت أن يطول الوقت وهي معه ولا يعكر صفو حياتهم ماضيها، لكن لم يحدث هذا وفي الصباح كان رنين هاتفها يرتفع ليجعلها تستيقظ وقد شعرت بالكثير من الضيق.
نظرت بجوارها ولم ترى عاصم، تعجبت وقد علمت أنه هبط قبلها، لم يريد ان يقلقها ليفعل هاتفها العكس، امسكت به واعتدلت ما إن رأت ان هذا رقم جلال، أخذت نفس عميق وهي تستعد لتوبيخه لها، فتحت الخط وكعادته صامت ينتظر أن يستمع إلى صوتها ليتحدث:
-ما الذي تريده يا جلال باكرًا الساعة مازالت الواحدة مساءً.
ضحك جلال ساخرًا:
-يبدو أنكِ مازلتِ كسولة كما أنتِ يا غرام، هذا جيد هناك صفات لم تتغير بعد، لقد تعجبت عندما قالوا الرجال أنكِ دافعتِ عنه بل كنتِ على وشك أن تضحي بنفسكِ من أجله.
أتته الإجابة باردة، خالية من أي شعور:
-ما تريده لن يحدث يا جلال، أجعل قلبك يستريح قليلًا وإلا سوف تموت سريعًا، ألم تقل أن هذا طاري مع هؤلاء الأشخاص؟ دعني أتعامل بطريقتي ولا تتدخل، إن علمت أن رجالك فعلوا شيء مجددًا لن أغفر لك.
ضحك جلال كما اعتادت منه عندما يحاول أن يداري غضبه:
-تظنين أن هذا سهل؟ لا يا غرام أنتِ مخطأة، لم تتعلمي شيء مني، لكن لا بأس معنا وقت طويل لتعليمكي، اليوم قبل منتصف النهار سوف تكونين أمامي في منزلي وإلا أنا سوف أتي لكِ.
أغلق الهاتف في وجهها، نظرت بغضب تجاه الشاشة ومن ثم القت الهاتف بإهمال جوارها، وجدت الباب يُفتح لتسرع بوضع الغطاء عليها ولم يكن سوى عاصم الذي ابتسم وهو يقترب منها:
-مساء الخير يا مدام غرام، تبدين منزعجة ماذا حدث منذ الصباح؟
كانت تنظر له وحديث جلال يتردد في أذنها:
-لا يوجد شيء يا عاصم.
حاوط عاصم وجهها وهو ينظر إلى عينيها ويريد أن يتحقق من مشاعرها تجاهه:
-هل أنتِ نادمة على هذا الزواج يا غرام؟ يمكنكي أن تخبريني ووقتها يمكنني أن..
قاطعته غرام وهي تستند برأسهل على صدره:
-لست نادمة يا عاصم لا يوجد داعي للقلق، أنا أشعر بالسعادة وأنت معي، هذا الشيء كافي بالنسبة لي صدقني.
ابتسم وهو لا يصدق تغيرها بين يوم وليلة، صرح بما كان يشغل باله منذ ليلة أمس:
-في الحقيقة يا غرام أنا أشعر بالسعادة لكل شيء حدث بالأمس، كأنني اصبحت شخص ممتن لكل شيء جمعني بكِ فجأة.
ابتعدت غرام وهي تنظر له بذهول:
-لا أعلم ماذا تقول يا عاصم بحق السماء، لقد كدت أن تفقد حياتك أنت، لا يجب عليك أن تكون سعيد.
ضحك عاصم وهو يومأ لها وقد لاحظ أنها لا تمزح معه بل تتحدث بجدية:
-أعلم هذا يا غرام، لكنني أقصد بقاؤنا معًا هذه الليلة كان أفضل شيء حدث لي.
ابتمست وهي تنظر له، تذكرت حديث جلال من جديد وهي تفكر ما الذي يجب عليها أن تفعله وكيف سوف تذهب له؟!
مر الوقت وهبطت مع عاصم لتناول الغداء، كانت تنظر للساعة، لا تعلم كيف ستفلت منهم، تحدث ناصر في هذا الوقت:
-سوف تأتي معي يا عاصم لنمر على الأراضي و..
قاطعه عاصم وهو برفع إحدى حاجبيه:
-ماذا بك يا أبي؟ مازلت عريس جديد وأحتاج للبقاء في المنزل أطول.
ابتسمت غرام وهي تحاول أن لا تظهر هذا، سمعت صوت شمس الجالسة بجوارها:
-لا أعلم كيف لكِ أن تكوني سعيدة وأنتِ سوف تكونين ضحية أخرى لدى عاصم.
نظرت غرام لها وقد تحدثت بصوت مسموح لدى الجميع:
-كيف سأكون ضحية جديدة لدى عاصم يا شمس؟
انتبه الجميع لهم، شعرت شمس بالحرج وهي لم تتوقع هذا من غرام، تخيلت أن تأتي وتتحدث معها، لكنها لم تتخيل أبدًا أن ترفع صوتها لتجعلها في هذا الموقف المحرج، حاولت شمس أن تقلل من حدة الأمور:
-لا أعلم ماذا تقصدين يا غرام؟ لقد قولت أنكِ هدية عاصم ماذا قولتي أنتِ؟
كانت إبتسامة شمس تزين ثغرها وكأن شيء لم يحدث، حركت غرام رأسها بتعجب وهي تتحدث ببراءة مصطنعة:
-لا أعلم يا شمس، سمعت ضحية أخرى وحديث غريب، ربما أكون اخطأت السمع.
لاحظت شمس نظرات عاصم الغاضبة، زاد ضيقها عندما وقف مبتعدًا عن الطاولة، تحدث إلى والده:
-سوف أنتظرك في الخارج يا أبي، غرام إذا سمحتِ إن انتهيتِ من الطعام تعالي لنتحدث في الڤرندا قبل أن أذهب مع أبي.
وقفت غرام وبالفعل كانت أنهت طعامها، اقتربت منه بحيرة ما إن دلفوا إلى الڤرندا:
-ما الأمر يا عاصم؟ لماذا أنت غاضب هكذا؟!
عقد عاصم حاجبيه وهو ينظر لها:
-لا أعلم يا غرام من الذي من المفترض أن يغضب؟ أنا أم أنتِ يا غرام؟ هي تحاول أن تشوه صورتي أمامكِ، لا أريدكِ أن تعيري لحديثها أي إهتمام.
-لقد اتينا إلى مكان هادئ، يمكنكي أن تحكي لي كل شيء، سوف أساعدكي يا غرام، منذ أن جئتي إلى منزلنا وأنا أعلم أن هناك شيء تخفيه ولا أحد يعلم به، اخبريني ما هذا الشيء؟!
نظرت غرام إليه وعينيها لم تتوقف عن زرف الدموع، كانت تنوي هذا الصباح أن تنهي كل شيء ولكن ما إن شعرت أن الخطر يقترب منه فقدت كل ذرة عقل بها، أخذت نفس عميق وهي تومأ:
-أنا سوف أخبرك يا عاصم.
حاولت التفكير في أي طريقة يمكنها أن تخرج بها من هذا المأزق، امسكت بيده وقد شعرت بالألم:
-هذا الشيء عليه أن يبقى سر بيننا يا عاصم، حتى جلال لا تجعله يعرف، هو أراد مني أن أتي إلى منزلك وأقوم بإغرائك، هو يشعر بالغيرة منك صدقني لهذا أنا تضرفت على هذا الأساس، لا يمكنني أن أفعل هذا الشيء، لهذا كلما اقتربت مني أنا أبتعد عنك.
لم يفهم عاصم كل ما ارادت أن تقوله، اقترب منها وهو يمسح دموعها وقد شعر بالغضب من فكرة أن تكون حالتها السيئة تلك بسبب جلال، اقترب ومن ثم قام بتقبيل جبينها:
-أنا سوف أتعامل مع جلال، أنا أحبكي يا غرام، من الصعب أن يتغير هذا، ما حدث كان بالماضي، أنا أحب رؤيتكِ سعيدة ولا يهمني أي شيء مضى.
شعرت بالراحة تجاه حديثه، تجرأت للمرة الأولى لتقترب منه وتقوم بسند رأسها على صدره وهي تغمض عينيها بألم، لقد شعرت بأن جلال سحقها دون العبء بمشاعرها.
ابتعد عاصم قليلًا وهو يبتسم ومازال يمسح دموعها:
-لا داعي للبكاء يا غرام، أنا بجواركِ، أتفهمكي، مهما حدث لن أتخلى عنكِ، كوني مطمئنة دائمًا أرجوكِ.
ابتسمت وهي تنظر له، امسكت بيد عاصم وهي تشعر بالقلق عليه من غدر جلال:
-لا تفعل شيء له يا عاصم، لا أريد أن يعرف أنني اخبرتك بشيء كهذا.
حرك عاصم رأسه نافيًا وتحدث بالشيء الذي لم يجعلها تطمئن أبدًا:
-لا يوجد داعي للقلق يا غرام، أنتِ زوجتي الآن، لا يمكنه أن يفعل أي شيء لكِ، أنا أعلم أن هذا الحقير رغبته الأولى أن يكون الكبير في القرية وهذا لن يحدث إلا بعدما يقضي عليّ وعلى والديّ، ربما هو من قضى على ماجد ومنير، لقد تأكدت بعد أن قام بارسال هؤلاء الرجال لي.
وضع يده على جبينه وهو يفكر في كل ما حدث، حرك رأسه بغضب شديد:
-مؤكد هو من فعلها، لطالما كان يرى منير وماجد بالقرب مني، دائمًا كنّا نتفقد أحوال من بالقرية، سوف يندم، سوف أجعله يبكي دمًا على هذه الأرواح الذي قُتلت هباءً.
اجتمعت الدموع بعنيها وهي تتمنى أن يطول الوقت هنا ولا تذهب، لا يمكنها أن تعرف بماذا هو يفكر، من الممكن أن يتأذى، اقترابه من جلال لن يكون في صالحه أبدًا.
وصلوا إلى المنزل بعد عناء طويل، حاولت أن تبان طبيعية أمام الجميع، دلفوا إلى غرفتهم، كانت ترى عقل عاصم شارد، جلست على السرير بجواره وهو نظر لها يسألها:
-يمكنكي أن تخبريني أن أخرج إن كان وجودي يزعجكي.
حركت رأسها بنفي وهي تبتسم إليه، اقتربت لتمسك بيده وتضعها على وجنتها:
-في الحقيقة سوف أستغلك لتقوم بتدلليك رأسي لعلي أرتاح وأستطيع النوم في النهاية.
ابتسم عاصم ولم ينتظر، قام بسحبها في حضنه وهو يربت على شعرها هامسًا:
-هل تعلمين يا غرام أنني في كل يوم أشعر أن حبكِ داخل قلبي يزداد ولا أعرف السر؟
اغمضت عينيها وهي تتمنى أن لا يكون هذا عقابها، لن تستطيع أن تحتمل هذا وسوف تكون نهايتها لا محال، تمنت لو لم تقترب من هذه العائلة ولم تستمع إلى جلال، تعجبت وهي ترى عقلها قد تغير بين يوم وليلة.
همست بصوت استطاع أن يسمعه هو:
-هل من الممكن أن يكون هذا هو الحب؟ لا يمكنني أن أصدق هذا، لا يمكنني أن أدرك أنه الحب.
ضحك عاصم وقد ظهرت بريئة عندما تحدثت بهذه الطريقة:
-وما المشكلة أن تقعي في الحب يا فتاتي؟ ألست زوجكِ؟ أظن أن هذا الأمر عادي، طبيعي للغاية ألا توافقيني؟!
ابتعدت قليلًا وهي تنظر له وقد لمعت عينيها، تتساءل لماذا أحبته وهو الذي كل شيء به يقودها لعشقه دون حدود، اقترب هو ليطبع قبلة على وجنتيها، أحمر وجهها وهي تنظر له، ابتسم بإعجاب شديد:
-سبحان من خلق عينيكِ الجميلة يا غرام، أنا لا أعلم كيف المرء يحب، لكنني متيم أنا الآن مغرم يا غرام.
اقتربت تدفن وجهها في صدره من جديد، يعلم الآن أنها تميل له كثيرًا، ظهر هذا في كل شيء حدث اليوم، رغم أنه يكره جلال كثيرًا لكنه شكره على أنه كان سبب في اكتشاف حبها له.
مر يومهم في سعادة غامرة، تمنى هو أن تبقى بين يديه بعد موافقتها على اقترابه وعدم هربها منه كعادتها، أما هي تمنت أن يطول الوقت وهي معه ولا يعكر صفو حياتهم ماضيها، لكن لم يحدث هذا وفي الصباح كان رنين هاتفها يرتفع ليجعلها تستيقظ وقد شعرت بالكثير من الضيق.
نظرت بجوارها ولم ترى عاصم، تعجبت وقد علمت أنه هبط قبلها، لم يريد ان يقلقها ليفعل هاتفها العكس، امسكت به واعتدلت ما إن رأت ان هذا رقم جلال، أخذت نفس عميق وهي تستعد لتوبيخه لها، فتحت الخط وكعادته صامت ينتظر أن يستمع إلى صوتها ليتحدث:
-ما الذي تريده يا جلال باكرًا الساعة مازالت الواحدة مساءً.
ضحك جلال ساخرًا:
-يبدو أنكِ مازلتِ كسولة كما أنتِ يا غرام، هذا جيد هناك صفات لم تتغير بعد، لقد تعجبت عندما قالوا الرجال أنكِ دافعتِ عنه بل كنتِ على وشك أن تضحي بنفسكِ من أجله.
أتته الإجابة باردة، خالية من أي شعور:
-ما تريده لن يحدث يا جلال، أجعل قلبك يستريح قليلًا وإلا سوف تموت سريعًا، ألم تقل أن هذا طاري مع هؤلاء الأشخاص؟ دعني أتعامل بطريقتي ولا تتدخل، إن علمت أن رجالك فعلوا شيء مجددًا لن أغفر لك.
ضحك جلال كما اعتادت منه عندما يحاول أن يداري غضبه:
-تظنين أن هذا سهل؟ لا يا غرام أنتِ مخطأة، لم تتعلمي شيء مني، لكن لا بأس معنا وقت طويل لتعليمكي، اليوم قبل منتصف النهار سوف تكونين أمامي في منزلي وإلا أنا سوف أتي لكِ.
أغلق الهاتف في وجهها، نظرت بغضب تجاه الشاشة ومن ثم القت الهاتف بإهمال جوارها، وجدت الباب يُفتح لتسرع بوضع الغطاء عليها ولم يكن سوى عاصم الذي ابتسم وهو يقترب منها:
-مساء الخير يا مدام غرام، تبدين منزعجة ماذا حدث منذ الصباح؟
كانت تنظر له وحديث جلال يتردد في أذنها:
-لا يوجد شيء يا عاصم.
حاوط عاصم وجهها وهو ينظر إلى عينيها ويريد أن يتحقق من مشاعرها تجاهه:
-هل أنتِ نادمة على هذا الزواج يا غرام؟ يمكنكي أن تخبريني ووقتها يمكنني أن..
قاطعته غرام وهي تستند برأسهل على صدره:
-لست نادمة يا عاصم لا يوجد داعي للقلق، أنا أشعر بالسعادة وأنت معي، هذا الشيء كافي بالنسبة لي صدقني.
ابتسم وهو لا يصدق تغيرها بين يوم وليلة، صرح بما كان يشغل باله منذ ليلة أمس:
-في الحقيقة يا غرام أنا أشعر بالسعادة لكل شيء حدث بالأمس، كأنني اصبحت شخص ممتن لكل شيء جمعني بكِ فجأة.
ابتعدت غرام وهي تنظر له بذهول:
-لا أعلم ماذا تقول يا عاصم بحق السماء، لقد كدت أن تفقد حياتك أنت، لا يجب عليك أن تكون سعيد.
ضحك عاصم وهو يومأ لها وقد لاحظ أنها لا تمزح معه بل تتحدث بجدية:
-أعلم هذا يا غرام، لكنني أقصد بقاؤنا معًا هذه الليلة كان أفضل شيء حدث لي.
ابتمست وهي تنظر له، تذكرت حديث جلال من جديد وهي تفكر ما الذي يجب عليها أن تفعله وكيف سوف تذهب له؟!
مر الوقت وهبطت مع عاصم لتناول الغداء، كانت تنظر للساعة، لا تعلم كيف ستفلت منهم، تحدث ناصر في هذا الوقت:
-سوف تأتي معي يا عاصم لنمر على الأراضي و..
قاطعه عاصم وهو برفع إحدى حاجبيه:
-ماذا بك يا أبي؟ مازلت عريس جديد وأحتاج للبقاء في المنزل أطول.
ابتسمت غرام وهي تحاول أن لا تظهر هذا، سمعت صوت شمس الجالسة بجوارها:
-لا أعلم كيف لكِ أن تكوني سعيدة وأنتِ سوف تكونين ضحية أخرى لدى عاصم.
نظرت غرام لها وقد تحدثت بصوت مسموح لدى الجميع:
-كيف سأكون ضحية جديدة لدى عاصم يا شمس؟
انتبه الجميع لهم، شعرت شمس بالحرج وهي لم تتوقع هذا من غرام، تخيلت أن تأتي وتتحدث معها، لكنها لم تتخيل أبدًا أن ترفع صوتها لتجعلها في هذا الموقف المحرج، حاولت شمس أن تقلل من حدة الأمور:
-لا أعلم ماذا تقصدين يا غرام؟ لقد قولت أنكِ هدية عاصم ماذا قولتي أنتِ؟
كانت إبتسامة شمس تزين ثغرها وكأن شيء لم يحدث، حركت غرام رأسها بتعجب وهي تتحدث ببراءة مصطنعة:
-لا أعلم يا شمس، سمعت ضحية أخرى وحديث غريب، ربما أكون اخطأت السمع.
لاحظت شمس نظرات عاصم الغاضبة، زاد ضيقها عندما وقف مبتعدًا عن الطاولة، تحدث إلى والده:
-سوف أنتظرك في الخارج يا أبي، غرام إذا سمحتِ إن انتهيتِ من الطعام تعالي لنتحدث في الڤرندا قبل أن أذهب مع أبي.
وقفت غرام وبالفعل كانت أنهت طعامها، اقتربت منه بحيرة ما إن دلفوا إلى الڤرندا:
-ما الأمر يا عاصم؟ لماذا أنت غاضب هكذا؟!
عقد عاصم حاجبيه وهو ينظر لها:
-لا أعلم يا غرام من الذي من المفترض أن يغضب؟ أنا أم أنتِ يا غرام؟ هي تحاول أن تشوه صورتي أمامكِ، لا أريدكِ أن تعيري لحديثها أي إهتمام.