الفصل الحادي عشر شجار
اومأت له غرام وهي تبتسم:
-من الجيد اخبارها بهذا الأمر يا عاصم.
علم عاصم أن حديثه كان جيد بالنسبة لها، لكنه يلاحظ أنها شاردة في أغلب الوقت ولا يعلم سبب هذا! حاول أن يتحدث معها:
-هل هناك شيء يقوم بازعاجكِ يا ترى؟
حركت رأسها نافية عكس ما يدور بداخلها، لا تعلم ما الذي يحدث لها، تشعر بأن طاقتي قد نفذت بالكامل ولا تستطيع أن تقوم بفعل أي شيء.
في الصالون كان يجلس جاسر وما إن رأى عنبر تمر من أمام الباب حتى أشار لها، اقتربت بتعجب وهو ابتسم لها باعجاب:
-أنا أريد التحدث معكِ يا عنبر، إذا سمحتِ فالتجلسي هنا.
تحدثت وهي تشعر بالتعجب:
-بماذا سوف تتحدث؟ هل تريد شيء ما؟!
أومأ لها وهو يفسح لها المكان لتجلس بجواره على الأريكة، شعرت بالحرج لكنها جلست بجواره بالفعل، كان يتأملها بطريقة جعلتها ترتبك وهم هو بالحديث:
-أنا أشعر بأنني معجب بكِ كثيرًا يا عنبر، أنا مستعد لفعل أي شيء من أجل ان توافقي لتتزوجي بي.
اتسعت أعين عنبر بعدم استيعاب، هي لم تتخيل شيء كهذا حتى في أحلامها، أول شيء خطر لها هو شهاب، ابن خالها والرجل الوحيد التي تمنت البقاء معه، استفاقت من شرودها على صوت جاسر من جديد:
-أين ذهبتِ بعقلكِ يا عنبر؟ هل الشيء الذي قولته يضايقكي؟!
وقفت عنبر وهي تشعر بقلبها يرتجف، لا تعلم ما الذي يجب عليها أن تقوله، حركت رأسها نافية:
-أنا أسفة كثيرًا يا جاسر، لكنني لا أفكر في هذا الأمر الآن.
همت بالرحيل لكنه وقف أمامها وهو يتحدث برجاء، يشعر أنها سوف تكون جائزته بعد أن يناسب والدها ولا يمكنه أن يتركها تذهب بهذه السهولة:
-لا يا عنبر لا يمكنكي ان تذهبي بتلك الطريقة، أنتِ لا تفكرين في هذا الأمر الآن، يمكنني أن أتفهمكي ولكن يجب ان تعطيني الفرصة ومن بعدها سوف..
قاطعته عنبر وهي تشعر بالإحراج:
-أنا لا يمكنني أن أعطيك الفرصة يا جاسر، صدقني هذا الحديث يجب أن ننهيه الآن، لا أريد أن يحدث أي شيء ويعكر صفو مزاجنا.
اوشكت على الرحيل، لكنه وقف في طريقها من جديد وهو يحرك رأسه بنفي:
-عنبر منذ اللحظة الأولى وأنا أشعر بالانجذاب لكِ، لقد تحدثت مع غرام وهي لم توافق، قالت لي أن لا أفعل، لكنها لا تعلم ان هذا دون إرادة مني، سوف نكون معًا وسوف تكوني أسعد فتاة..
قاطعه هذه المرة صوت رجولي غاضب:
-حقًا؟ ومن أين عرفت أنت يا ترى؟ هل لديك علم الغيبيات ونحن لا ندري؟!
نظرت عنبر تجاه شهاب وقد صدمها وجوده، أحمر وجهها وهي تحاول أن تسيطر على الوضع بقدر استطاعتها، اقتربت منه وهي تشير له:
-لم يحدث شيء يا شهاب، دعنا نخرج من هنا إذا سمحت، لا أريد لعاصم أو لأبي أن يأتوا.
تحدث جاسر وهو لا يعلم شيء عن علاقتهم معًا:
-
أنا لا أجد مشكلة يا عنبر، أنا مستعد لطلبكِ من والدكِ في الحال، المهم أن توافقي أنتِ.
نظر شهاب إليها والغضب يسيطر عليه، انفعلت هي:
-جاسر إذا سمحت لقد انتهينا من الحديث في هذا الأمر.
اقترب شهاب ليدفعه خارج الصالون:
-من مصلحتك أن تتوقف عن هذا الحديث في الحال قبل أن أفقد أعصابي وسوف تندم كثيرًا وقتها.
علم جاسر أن شهاب يشعر بالغيرة منه، لقد استطاع أن يرى هذا الشيء جيدًا، بالفعل ذهب قبل أن تزداد الأمور سوءً وينتهي به الحال وهو خارج هذا المنزل، يعلم أن وقتها غرام سوف تقضي عليه دون أي مبالغة.
نظرت عنبر له والدموع في عينيها:
-لماذا أنت غاضب يا شهاب، أنا لم أفعل شيء يستحق أن تغضب مني، قولت أنك سوف تطلبني من أبي عندما تجد من قتل ماجد و..
قاطعها شهاب والغضب يسيطر عليه ليتعالى صوته:
-انا لا أريد لهذا الشاب أن يبقى هنا بعد الآن، لا أريد أن أراكي بالقرب منه.
تساقطت دموعها وهي تبتعد، لطالما كانت تشعر بالخوف من الصوت المرتفع وهو يعرف هذا جيدًا:
-لا تصرخ في وجهي، أنا ليس لدي اي ذنب، توقف عن هذا.
أخذ شهاب نفس عميق وهو يحاول أن يسيطر على أعصابه، تحدث من بين أسنانه:
-لا تقتربي من هذا الشاب مجددًا وإلا سوف تندمين كثيرًا يا عنبر، وقتها سوف ترين ماذا سوف أفعل.
نظرت له بلوم شديد، أتت لتبتعد لكنه لم يسمح وأمسك بيدها وهو يحرك رأسه نافيًا:
-لم أقصد مضايقتكِ أبدًا يا عنبر، لكنني أشعر بالكثير من الضيق والغيرة لوجود هذا الرجل.
ابتلعت عنبر ما بحلقها وهي تشعر بالكثير من الضيق، ابتعدت عنه وتحدثت بانفعال واضح:
-لا دخل لي بكل هذا يا شهاب، لا تتحدث معي بتلك الطريقة ولا تصرخ في وجهي، جاسر لم يخطأ لقد تقدم للزواج وقمت برفضه وانتهى الأمر.
أخذ شهاب نفس عميق وهي اسرعت في الذهاب من أمامه على الفور، يعلم أن طريقته كانت سيئة، لكنه شعر بالكثير من الغيرة تجاهها، تحدث مع نفسه قائلًا:
-يجب عليّ أن أهدأ حتى لا تسوء الأمور أكثر من هذا.
جلس على الكرسي ومازال لا يطيق رؤية جاسر، أما عن الآخر خرج إلى الحديقة باحثًا عن غرام، ما إن رأها وهم بالحديث رأى عاصم معها، تعجب عاصم عندما وجد الآخر يقف صامتًا فور رؤيته:
-ما الذي تريده يا جاسر؟ لا يوجد شيء يجعلك تقف هكذا عندما تراني!
ابتسم جاسر باصطناع وهو يحاول أن يسيطر على تعابير وجهه:
-لا يوجد شيء، أنا فقط كنت أريد التحدث مع غرام في أمر خاص.
عقد عاصم حاجبيه بتعجب وهو يتحدث إليه:
-وما الأمر الخاص يا ترى؟ أريد أن أخبرك أنني الآن زوجها.
وقفت غرام وقد علمت أن هناك شيء يجعل جاسر يتوتر إلى هذا الحد:
-لا يوجد مشكلة يا عاصم، سوف أرى ما الذي يريده ومن بعدها يمكنني أن أتحدث معك.
سارت مع جاسر إلى داخل المنزل، تعلم أن عاصم سوف يشعر بالضيق من أن تفعل زوجته شيء كهذا، تحدثت غرام بضيق شديد وهي تهمس حتى لا يتعالى صوتها:
-ما الذي تريده يا جاسر؟ تبدو كشخص فقط عقله بالكامل، عاصم لا يحبك وأنت تعرف هذا ومع ذلك أتيت لتتحدث أمامه!
حرك جاسر رأسه بنفي وهو يشعر بالكثير من الضيق:
-لم أكن أعرف أن عاصم هناك يا غرام، اسمعيني لقد حدث شيء سيء للغاية.
انتبهت له غرام وبدأ هو في سرد ما حدث بينه وبين كلًا من شهاب وعنبر بالتفصيل، اتسعت عينيها وهي تستمع له، تشعر أنها على وشك أن تقتله، حاولت أن تتمالك أعصابها بقدر المستطاع:
-اخبرني ما الذي يجب عليّ فعله بخصوصك؟ يبدو أنك فقدت عقلك تمامًا ولا تحسب لأي شيء آخر، اخبرتك أن لا تفعل يا جاسر، سبق وحذرتك وكدت أن أصيح ليستمع إلى صوتي الجميع ومع ذلك لم تعيرني أي إهتمام، دعني أخبرك أن عنبر وشهاب بينهم علاقة، على الأرجخ يحبون بعضهم البعض.
أومأ جاسر لها وهو يشعر بالضيق الشديد:
-لا أنتظر قولكِ هذا يا غرام، بالفعل رأيت هذا بعينيّ، أشعر أن الأمور سوف تسوء ولهذا اخبرتكِ.
رمقته بغضب شديد، اوشكت على الاقتراب لتخنقه كما جعلها تختنق الآن، لكن قاطعهم صوت ناصر:
-ما الأمر؟ هل يوجد مشكلة يا ابنتي؟
ابتسمت غرام وهي تحرك رأسها بنفي:
-لا يا عمي كنت أتحدث مع جاسر في بعض الأمور، اخبرني أنه يرغب في الرحيل لعمل ما، لكنني كنت أحاول أن أجعله يبقى أكثر.
اومأ ناصر لها ومن ثم نظر إلى جاسر وهو يتحدث بهدوء:
-يمكنك أن تبقى هذا منزل قريبتك ولست غريب يا جاسر.
ابتسمت غرام باصطناع، كانت تحاول أن تخفي ما تشعر به من عدوانية تجاه جاسر في هذا الوقت، اقترب عاصم وما إن رأى والده حتى ابتسم ليبادله الآخر بأبتسامة مماثلة قائلًا:
-والدتك وشمس في المطبخ، لقد قالت لي عنبر أن شهاب هنا ويجلس في الصالون دعنا نذهب ونجلس معه قليلًا، مؤكد أتى لرؤيتك وليبارك لك يا عاصم.
أومأ عاصم له وتبع والده رغم رغبته في البقاء وفهم ماذا يحدث وما الذي يريد جاسر أن يخبر به غرام.
في هذا الوقت انتقلت الأخبار في القرية بأكملها، لقد كان خبر زواج عاصم ينتشر في الأسواق وبين البائعين والمشتريين، لطالما كان هذا الأمر طبيعي بالأخص أن عاصم يكون ابن كبيرهم الوحيد، وصل الخبر إلى جلال أثناء سيره بسيارته.
سمع صوت أحد البائعين وهو يصيح بأن هناك خصم على البضاعة اليوم من أجل زواج عاصم بغرام، الجمته الصدمة وهو لا يستطيع أن يتحكم في غضبه، وصل إلى منزله وما إن أغلق الباب حتى أخرج هاتفه وقرر الإتصال بغرام.
كانت في هذا الوقت تشرب عصير البرتقال المفضل لها، ما إن رأت اسمه على الشاشة حتى انتابها الضيق الشديد، ابتعدت عن الجميع وقررت أنها سوف تصعد إلى الروف لتتحدث معه دون أن يستمع لها أحد، ضغطت على رد لتستمع إلى صوته الغاضب:
-اخبريني ما الذي يحدث يا غرام؟ ما هذا الهراء الذي سمعته أنا؟ تظنين نفسكِ حرة لتأخذي هذا القرار دون الرجوع لي!
انفعلت غرام هي الأخرى وهي تشعر بالغضب الشديد ينتابها:
-أنت لا شأن لك بي يا جلال، أنا أفعل ما أراه مناسبًا، لقد كانت قريبته التي تدعى شمس هنا، شعرت أنها معجبة به ومن الممكن أن تتحول الأمور و..
قاطعها جلال والغضب يسيطر عليه:
-يفعلوا ما يريدوا يا غرام وما شأنكِ أنتِ؟! عليكِ أن تنهي كل هذا الآن يا غرام وتعودي لي وقتها من الممكن أن يتحسن كل شيء.
اجابته غرام بتعجب وهي ترى إصراره على عودتها:
-كيف يتحسن كل شيء وأنت تريد مني أن أقوم بإلغاء المهمة في الحال يا جلال؟ أنا لن أوقف أي شيء، سوف تكتمل هذه المهمة.
أخذ جلال نفس عميق وهو يحاول أن يهدأ من روعه، يعلم كم هي عنيدة وعليه أن يكون حريص في التعامل معها بقدر الإمكان:
-غرام أنا أريد مصلحتكِ، هذه العائلة دمرت حياة عائلتكِ، لا يجب عليكِ أن تتهاوني وأخاف أن تقعي في حب هذا الرجل الذي يجيد التمثيل جيدًا.
انفعلت غرام وهي لا ترغب في سماع المزيد من الحديث المزعج بالنسبة لها:
-انتهينا يا جلال، اخبرتك أن كل شيء سوف يمر وسوف أنجز هذه المهمة، ليست المرة الأولى وأنا أعرف جيدًا ما يحدث من حولي، سوف أغلق وأنت لا تتصل بي وإلا ستسوء الأمور.
-من الجيد اخبارها بهذا الأمر يا عاصم.
علم عاصم أن حديثه كان جيد بالنسبة لها، لكنه يلاحظ أنها شاردة في أغلب الوقت ولا يعلم سبب هذا! حاول أن يتحدث معها:
-هل هناك شيء يقوم بازعاجكِ يا ترى؟
حركت رأسها نافية عكس ما يدور بداخلها، لا تعلم ما الذي يحدث لها، تشعر بأن طاقتي قد نفذت بالكامل ولا تستطيع أن تقوم بفعل أي شيء.
في الصالون كان يجلس جاسر وما إن رأى عنبر تمر من أمام الباب حتى أشار لها، اقتربت بتعجب وهو ابتسم لها باعجاب:
-أنا أريد التحدث معكِ يا عنبر، إذا سمحتِ فالتجلسي هنا.
تحدثت وهي تشعر بالتعجب:
-بماذا سوف تتحدث؟ هل تريد شيء ما؟!
أومأ لها وهو يفسح لها المكان لتجلس بجواره على الأريكة، شعرت بالحرج لكنها جلست بجواره بالفعل، كان يتأملها بطريقة جعلتها ترتبك وهم هو بالحديث:
-أنا أشعر بأنني معجب بكِ كثيرًا يا عنبر، أنا مستعد لفعل أي شيء من أجل ان توافقي لتتزوجي بي.
اتسعت أعين عنبر بعدم استيعاب، هي لم تتخيل شيء كهذا حتى في أحلامها، أول شيء خطر لها هو شهاب، ابن خالها والرجل الوحيد التي تمنت البقاء معه، استفاقت من شرودها على صوت جاسر من جديد:
-أين ذهبتِ بعقلكِ يا عنبر؟ هل الشيء الذي قولته يضايقكي؟!
وقفت عنبر وهي تشعر بقلبها يرتجف، لا تعلم ما الذي يجب عليها أن تقوله، حركت رأسها نافية:
-أنا أسفة كثيرًا يا جاسر، لكنني لا أفكر في هذا الأمر الآن.
همت بالرحيل لكنه وقف أمامها وهو يتحدث برجاء، يشعر أنها سوف تكون جائزته بعد أن يناسب والدها ولا يمكنه أن يتركها تذهب بهذه السهولة:
-لا يا عنبر لا يمكنكي ان تذهبي بتلك الطريقة، أنتِ لا تفكرين في هذا الأمر الآن، يمكنني أن أتفهمكي ولكن يجب ان تعطيني الفرصة ومن بعدها سوف..
قاطعته عنبر وهي تشعر بالإحراج:
-أنا لا يمكنني أن أعطيك الفرصة يا جاسر، صدقني هذا الحديث يجب أن ننهيه الآن، لا أريد أن يحدث أي شيء ويعكر صفو مزاجنا.
اوشكت على الرحيل، لكنه وقف في طريقها من جديد وهو يحرك رأسه بنفي:
-عنبر منذ اللحظة الأولى وأنا أشعر بالانجذاب لكِ، لقد تحدثت مع غرام وهي لم توافق، قالت لي أن لا أفعل، لكنها لا تعلم ان هذا دون إرادة مني، سوف نكون معًا وسوف تكوني أسعد فتاة..
قاطعه هذه المرة صوت رجولي غاضب:
-حقًا؟ ومن أين عرفت أنت يا ترى؟ هل لديك علم الغيبيات ونحن لا ندري؟!
نظرت عنبر تجاه شهاب وقد صدمها وجوده، أحمر وجهها وهي تحاول أن تسيطر على الوضع بقدر استطاعتها، اقتربت منه وهي تشير له:
-لم يحدث شيء يا شهاب، دعنا نخرج من هنا إذا سمحت، لا أريد لعاصم أو لأبي أن يأتوا.
تحدث جاسر وهو لا يعلم شيء عن علاقتهم معًا:
-
أنا لا أجد مشكلة يا عنبر، أنا مستعد لطلبكِ من والدكِ في الحال، المهم أن توافقي أنتِ.
نظر شهاب إليها والغضب يسيطر عليه، انفعلت هي:
-جاسر إذا سمحت لقد انتهينا من الحديث في هذا الأمر.
اقترب شهاب ليدفعه خارج الصالون:
-من مصلحتك أن تتوقف عن هذا الحديث في الحال قبل أن أفقد أعصابي وسوف تندم كثيرًا وقتها.
علم جاسر أن شهاب يشعر بالغيرة منه، لقد استطاع أن يرى هذا الشيء جيدًا، بالفعل ذهب قبل أن تزداد الأمور سوءً وينتهي به الحال وهو خارج هذا المنزل، يعلم أن وقتها غرام سوف تقضي عليه دون أي مبالغة.
نظرت عنبر له والدموع في عينيها:
-لماذا أنت غاضب يا شهاب، أنا لم أفعل شيء يستحق أن تغضب مني، قولت أنك سوف تطلبني من أبي عندما تجد من قتل ماجد و..
قاطعها شهاب والغضب يسيطر عليه ليتعالى صوته:
-انا لا أريد لهذا الشاب أن يبقى هنا بعد الآن، لا أريد أن أراكي بالقرب منه.
تساقطت دموعها وهي تبتعد، لطالما كانت تشعر بالخوف من الصوت المرتفع وهو يعرف هذا جيدًا:
-لا تصرخ في وجهي، أنا ليس لدي اي ذنب، توقف عن هذا.
أخذ شهاب نفس عميق وهو يحاول أن يسيطر على أعصابه، تحدث من بين أسنانه:
-لا تقتربي من هذا الشاب مجددًا وإلا سوف تندمين كثيرًا يا عنبر، وقتها سوف ترين ماذا سوف أفعل.
نظرت له بلوم شديد، أتت لتبتعد لكنه لم يسمح وأمسك بيدها وهو يحرك رأسه نافيًا:
-لم أقصد مضايقتكِ أبدًا يا عنبر، لكنني أشعر بالكثير من الضيق والغيرة لوجود هذا الرجل.
ابتلعت عنبر ما بحلقها وهي تشعر بالكثير من الضيق، ابتعدت عنه وتحدثت بانفعال واضح:
-لا دخل لي بكل هذا يا شهاب، لا تتحدث معي بتلك الطريقة ولا تصرخ في وجهي، جاسر لم يخطأ لقد تقدم للزواج وقمت برفضه وانتهى الأمر.
أخذ شهاب نفس عميق وهي اسرعت في الذهاب من أمامه على الفور، يعلم أن طريقته كانت سيئة، لكنه شعر بالكثير من الغيرة تجاهها، تحدث مع نفسه قائلًا:
-يجب عليّ أن أهدأ حتى لا تسوء الأمور أكثر من هذا.
جلس على الكرسي ومازال لا يطيق رؤية جاسر، أما عن الآخر خرج إلى الحديقة باحثًا عن غرام، ما إن رأها وهم بالحديث رأى عاصم معها، تعجب عاصم عندما وجد الآخر يقف صامتًا فور رؤيته:
-ما الذي تريده يا جاسر؟ لا يوجد شيء يجعلك تقف هكذا عندما تراني!
ابتسم جاسر باصطناع وهو يحاول أن يسيطر على تعابير وجهه:
-لا يوجد شيء، أنا فقط كنت أريد التحدث مع غرام في أمر خاص.
عقد عاصم حاجبيه بتعجب وهو يتحدث إليه:
-وما الأمر الخاص يا ترى؟ أريد أن أخبرك أنني الآن زوجها.
وقفت غرام وقد علمت أن هناك شيء يجعل جاسر يتوتر إلى هذا الحد:
-لا يوجد مشكلة يا عاصم، سوف أرى ما الذي يريده ومن بعدها يمكنني أن أتحدث معك.
سارت مع جاسر إلى داخل المنزل، تعلم أن عاصم سوف يشعر بالضيق من أن تفعل زوجته شيء كهذا، تحدثت غرام بضيق شديد وهي تهمس حتى لا يتعالى صوتها:
-ما الذي تريده يا جاسر؟ تبدو كشخص فقط عقله بالكامل، عاصم لا يحبك وأنت تعرف هذا ومع ذلك أتيت لتتحدث أمامه!
حرك جاسر رأسه بنفي وهو يشعر بالكثير من الضيق:
-لم أكن أعرف أن عاصم هناك يا غرام، اسمعيني لقد حدث شيء سيء للغاية.
انتبهت له غرام وبدأ هو في سرد ما حدث بينه وبين كلًا من شهاب وعنبر بالتفصيل، اتسعت عينيها وهي تستمع له، تشعر أنها على وشك أن تقتله، حاولت أن تتمالك أعصابها بقدر المستطاع:
-اخبرني ما الذي يجب عليّ فعله بخصوصك؟ يبدو أنك فقدت عقلك تمامًا ولا تحسب لأي شيء آخر، اخبرتك أن لا تفعل يا جاسر، سبق وحذرتك وكدت أن أصيح ليستمع إلى صوتي الجميع ومع ذلك لم تعيرني أي إهتمام، دعني أخبرك أن عنبر وشهاب بينهم علاقة، على الأرجخ يحبون بعضهم البعض.
أومأ جاسر لها وهو يشعر بالضيق الشديد:
-لا أنتظر قولكِ هذا يا غرام، بالفعل رأيت هذا بعينيّ، أشعر أن الأمور سوف تسوء ولهذا اخبرتكِ.
رمقته بغضب شديد، اوشكت على الاقتراب لتخنقه كما جعلها تختنق الآن، لكن قاطعهم صوت ناصر:
-ما الأمر؟ هل يوجد مشكلة يا ابنتي؟
ابتسمت غرام وهي تحرك رأسها بنفي:
-لا يا عمي كنت أتحدث مع جاسر في بعض الأمور، اخبرني أنه يرغب في الرحيل لعمل ما، لكنني كنت أحاول أن أجعله يبقى أكثر.
اومأ ناصر لها ومن ثم نظر إلى جاسر وهو يتحدث بهدوء:
-يمكنك أن تبقى هذا منزل قريبتك ولست غريب يا جاسر.
ابتسمت غرام باصطناع، كانت تحاول أن تخفي ما تشعر به من عدوانية تجاه جاسر في هذا الوقت، اقترب عاصم وما إن رأى والده حتى ابتسم ليبادله الآخر بأبتسامة مماثلة قائلًا:
-والدتك وشمس في المطبخ، لقد قالت لي عنبر أن شهاب هنا ويجلس في الصالون دعنا نذهب ونجلس معه قليلًا، مؤكد أتى لرؤيتك وليبارك لك يا عاصم.
أومأ عاصم له وتبع والده رغم رغبته في البقاء وفهم ماذا يحدث وما الذي يريد جاسر أن يخبر به غرام.
في هذا الوقت انتقلت الأخبار في القرية بأكملها، لقد كان خبر زواج عاصم ينتشر في الأسواق وبين البائعين والمشتريين، لطالما كان هذا الأمر طبيعي بالأخص أن عاصم يكون ابن كبيرهم الوحيد، وصل الخبر إلى جلال أثناء سيره بسيارته.
سمع صوت أحد البائعين وهو يصيح بأن هناك خصم على البضاعة اليوم من أجل زواج عاصم بغرام، الجمته الصدمة وهو لا يستطيع أن يتحكم في غضبه، وصل إلى منزله وما إن أغلق الباب حتى أخرج هاتفه وقرر الإتصال بغرام.
كانت في هذا الوقت تشرب عصير البرتقال المفضل لها، ما إن رأت اسمه على الشاشة حتى انتابها الضيق الشديد، ابتعدت عن الجميع وقررت أنها سوف تصعد إلى الروف لتتحدث معه دون أن يستمع لها أحد، ضغطت على رد لتستمع إلى صوته الغاضب:
-اخبريني ما الذي يحدث يا غرام؟ ما هذا الهراء الذي سمعته أنا؟ تظنين نفسكِ حرة لتأخذي هذا القرار دون الرجوع لي!
انفعلت غرام هي الأخرى وهي تشعر بالغضب الشديد ينتابها:
-أنت لا شأن لك بي يا جلال، أنا أفعل ما أراه مناسبًا، لقد كانت قريبته التي تدعى شمس هنا، شعرت أنها معجبة به ومن الممكن أن تتحول الأمور و..
قاطعها جلال والغضب يسيطر عليه:
-يفعلوا ما يريدوا يا غرام وما شأنكِ أنتِ؟! عليكِ أن تنهي كل هذا الآن يا غرام وتعودي لي وقتها من الممكن أن يتحسن كل شيء.
اجابته غرام بتعجب وهي ترى إصراره على عودتها:
-كيف يتحسن كل شيء وأنت تريد مني أن أقوم بإلغاء المهمة في الحال يا جلال؟ أنا لن أوقف أي شيء، سوف تكتمل هذه المهمة.
أخذ جلال نفس عميق وهو يحاول أن يهدأ من روعه، يعلم كم هي عنيدة وعليه أن يكون حريص في التعامل معها بقدر الإمكان:
-غرام أنا أريد مصلحتكِ، هذه العائلة دمرت حياة عائلتكِ، لا يجب عليكِ أن تتهاوني وأخاف أن تقعي في حب هذا الرجل الذي يجيد التمثيل جيدًا.
انفعلت غرام وهي لا ترغب في سماع المزيد من الحديث المزعج بالنسبة لها:
-انتهينا يا جلال، اخبرتك أن كل شيء سوف يمر وسوف أنجز هذه المهمة، ليست المرة الأولى وأنا أعرف جيدًا ما يحدث من حولي، سوف أغلق وأنت لا تتصل بي وإلا ستسوء الأمور.