الفصل العاشر تصريح بالحب
اقترب ناصر من عاصم قبل أن يصعد إلى غرفته:
-من الجيد أنك هنا يا عاصم أرغب في التحدث معك قبل أن تصعد إلى غرفتك.
أومأ له عاصم وقد كان يظهر الراحة على وجهه:
-بالطبع يا أبي يمكنك أن تتحدث متى شئت.
ابتسم ناصر وأمسك بزراع ابنه ليتجه إلى المكتب الخاص به:
-أنظر لي يا عاصم، أنا ألاحظ ما يحدث إلى غرام، هي لا تبدو على مايرام، أراها مترددة، لا أريدك أن تغصبها على شيء وإلا ستكون الأمور أصعب كثيرًا صدقني.
حرك عاصم رأسه بنفي وأتى ليتحدث ولكن والده قاطعه:
-أعلم أنها تزوجت بك بارادتها، أعلم أنك إنسان جيد لكن عليّ أن أذكرك، لقد تنازلت عن إقامة زفاف وكان هذا حقها، لم تطلب أي شيء، القليل من الفتيات يفعلون مثلها.
أومأ عاصم له وهو يفهم حديث والده ويعلم أنه محق في كل شيء يقوله:
-لا داعي للقلق يا أبي، كل شيء سوف يكون على مايرام، سوف أصعد الآن؛ فأنا أشعر بالكثير من الإرهاق وأحتاج للنوم.
أومأ له ناصر ومن ثم صعد عاصم إلى الغرفة، كانت غرام موجودة بها وهي لا تعلم ما الذي سوف يحدث، تستعد لشجار معه إن حاول التعرض لها، سمعت خطوات أقدامه لتلقي بنفسها على السرير وتندثر أسفل الغطاء، فتح الباب وهو يبتسم، لقد سمع صوت السرير بعد أن القت بنفسها عليه.
قام باغلاق الباب ومن ثم أتجه للخزانة ليبدل ثيابه، كانت تحدد مكانه وهي تستمع إلى خطواته، لكنها لم تعد تسمع شيء، تعجبت وهي تتساءل أين ذهب وماذا يفعل الآن؟ طال الأمر لتفتح عينيها وتتفاجئ به يقف أمام السرير وهو يمنع ضحكاته بصعوبة.
تظاهرت أنها استيقظت من نومها للتو:
-ما هذا؟ أنت هنا يا عاصم، متى أتيت؟!
اقترب ليجلس بجوارها ويزين وجهه إبتسامة:
-أتيت منذ قليل يا حبيبتي اخبريني يا غرام هل جميع الفتيات يستيقظون من النوم وهم غاية في الجمال هكذا؟
نظرت غرام له وهي تشعر بالكثير من الضيق، لا تحب الحديث بتلك الطريقة، ابعدت وجهها عن نظره بضيق:
-لا أعرف يا عاصم ولا أحب التحدث بهذا الأمر.
ضحك عاصم وهو يرى وجهها قد تحول للون الأحمر:
-لم أتحدث يا فتاة أنا فقط أسئلكِ.
نظرت غرام له وهي تحاول أن تفهم ما الذي يفكر به، ابتسم لها وقرر أن يتحدث معها لعلها تهدأ قليلًا:
-غرام أنا يمكنني الخروج أو النوم على الأريكة، لا يوجد داعي للقلق، لن أخلف وعدي لكِ.
نظرت غرام له وهي تشعر بالكثير من التشتت:
-لست خائفة يا عاصم، أنا لا أعرف للخوف عنوان، لا يوجد داعي لهذا الحديث.
ابتسم على ثقتها وهو يومأ:
-هذا جيد.
أتى اليوم التالي، استيقظت غرام على من يقوم بوضع يده على كتفها وهو يحركها، تحدثت بانزعاج ومازالت مغمضة العينين:
-توقف عن هذا يا عاصم، لا أريد الاستيقاظ الآن.
سمعت صوت جاسر وهو يهمس لها:
-لقد هبط عاصم يا غرام، أريد التحدث معكِ في أمر هام.
جلست غرام وهي تشعر بالضيق الشديد وتمرر يدها على شعرها:
-أنا لا أفهم ما الذي يجعلك واثق من نفسك إلى هذا الحد الذي يجعلك تأتي وتقلق نومي؟ أنا على وشك أن أقتلك يا جاسر، أغرب عن وجهي الآن.
جلس جاسر أمامها وهو ينظر لها برجاء، تحدث بصدق حقيقي:
-إذا سمحتِ يا غرام، أنا أريد أن أشارككي شيء غاية في الأهمية، عليكِ أن تسمعيني و..
قاطعته غرام بنفاذ صبر وهي ترمقه بغضب:
-ما الذي تريده يا جاسر، تحدث بسرعة ولا يوجد داعي للمماطلة أبدًا.
نظر لها وهو يشعر بالضيق الشديد، تردد للحظات ولكنه حسم أمره قائلًا:
-الفتاة التي تدعى عنبر، في الحقيقة أنا معجب كثيرًا بها، أرغب في التحدث معها أكثر، ربما أ..
لم يكد يكمل ووجد غرام تقف أمامه بانفعال واضح وهي ترفع سبابتها أمام وجهه بتحذير:
-توقف عن هذا الحديث عديم الفائدة، الأمر الذي تقوله أنت مستحيل، لن يسمح أحد بحدوث هذا و..
وقف جاسر أمامها وهو يقاطعها برجاء حقيقي:
-غرام لا أجد أي مشكلة وأنا سوف أتحمل المسؤولية.
حركت غرام رأسها بنفي وهي تدفعه للخارج وتقوم بتحذيره مجددًا:
-فالتخرج هذه الفكرة من رأسك ولا تأتي إلى هنا يا جاسر، عاصم لا يرتاح لك وإن وجدك هنا سوف ينتهي أمرك، أتيت بك إلى هنا لجعله يغار دون أن يقع اللوم عليّ فالتكمل ما بدأنا وتذهب.
خرج بالفعل واغلقت هي الباب من خلفه، شعرت بالكثير من الغيظ وهي تتذكر كيف جعلها تستيقظ من نومها بل ويخبرها أن عنبر تعجبه، إن علم عاصم شيء كهذا سوف تنقلب الأمور، ربما يقوم بطرده وربما يكون سبب هلاكها هنا.
استلقت على السرير من جديد وهي تبتسم، لا تصدق أنها تنام براحة الآن دون التفكير بشيء، غفلت أخيرًا لتشعر بيد على وجنتها، انتفض جسدها واعتذر الآخر على الفور:
-أسف يا غرام، لم أتعمد مضايقتكِ، كان شعركِ يسقط على وجهكِ وكنت فقط أبعده.
نظرت لها وجلست بانفعال واضح ولا يعلم عاصم سببه:
-لقد مللت من تلك الأمور، أنا فقط أريد النوم، هل من الصعب العثور على نومة هادئة هنا؟
عقد عاصم حاجبيه بتعجب، لاحظ عينيها الحمراء ووجهها المنزعج وهي تخبره بجدية:
-مرة أخرى دعه يسقط يا عاصم، لا أستطيع أن أعود للنوم بسهولة، أنا أعاني من قلة النوم والأمر ليس سهل و..
قاطعها عاصم وهو يمسك بيدها:
-اهدئي يا غرام، لم يحدث شيء لكل هذا، يمكنني أن أتولى هذا الأمر.
عقدت حاجبيها بتعجب وهو يشير لها على الوسادة:
-هيا نامي وضعي رأسكِ هنا.
ظهر على وجهها التعجب، حاولت أن تكون أهدء ولا تنفعل من جديد، اقتربت ونامت مثلما يقولها، قرب يده منها لتبتعد:
-ما الأمر يا عاصم؟ اخبرني ما الذي تفعله أنا أشعر بالتوتر.
ضحك عاصم وهو ينظر لها بعدم استيعاب:
-ما الذي يحدث لكِ يا غرام، لم يسبق وفعلت شيء يجعلكي تقلقي بهذا الشكل!
نظرت له بضيق شديد وهي تحرك رأسها بنفي:
-أنا فقط متوترة ولم أنم جيدًا.
قرب يده من رأسها وهو يقوم بتدليكها، لم تنكر أنها شعرت بالاسترخاء حقًا، نظرت له وهو ابتسم لها بحنان كما اعتادت منه:
-أغمضِ عينيكِ الجميلتين، يمكنكي أن تثقي بي يا غرام، لا أمزح.
بالفعل اغمضت عينيها وقد استسلمت للنوم سريعًا، ابتسم وهو يراها نائمة بهذا الهدوء، اقترب ومن ثم قام بتقبيل جبينها والخروج من الغرفة، رأى شمس على وشك أن تهبط ليتعجب:
-هل أتيتِ إلى هنا للتحدث معي يا شمس أم أنني مخطأ؟!
ابتسمت شمس وهي تشعر بالكثير من التشتت، حركت رأسها بنفي:
-لقد أتيت لأتحدث معك بالفعل، لكنني تراجعت، يبدو أن القدر يريدنا أن نتحدث ولهذا السبب خرجت أنت الآن.
اقترب عاصم ليقف أمامها، كان يسألها بعينيه ماذا تريد، تحدثت وهي تشعر بالكثير من الارتباك:
-أنت لا تحب غرام يا عاصم أليس كذلك؟!
نظر لها عاصم للحظات قبل أن تكمل هي والحزن يحتل عينيها:
-لا أعرف هل هذا الشيء صحيح أم لا، لكن هذا السؤال سوف يجعلني أرتب أفكاري، أنا أشعر بالكثير من التوتر والارتباك وأريد أن أحسم هذا الأمر.
أخذ عاصم نفس عميق وهو ينظر لها بلوم شديد:
-لا أعرف لماذا تصرين على سجن نفسكِ في هذه الحالة يا شمس، أنا وأنتِ لم نكن سوى أخوة وربما أصدقاء، هذه هي الحقيقة والتي أشعر بها دائمًا.
اجتمعت الدموع بأعين شمس وهي تنظر له، اقتربت منه وهي تحرك رأسها بنفي:
-أنا أحبك كثيرًا يا عاصم، لا أريد أن أفعل شيء يزعجك، لكنني أشعر بالكثير من الغيرة، وجودها بجوارك يا عاصم يزعجني كثيرًا.
حاول عاصم أن يحتوي الموقف وهو لا يعلم ما الذي عليه أن يفعله:
-لم يعد هذا الحديث مناسب الآن يا شمس، أنا اصبحت رجل متزوج و..
قاطعته وهي لا تعطيه أي فرصة للحديث، حركت رأسها بنفي ومن ثم اقتربت لتقوم بضمه:
-لا تتحدث يا عاصم أرجوك، لا يمكنك أن تجرحني بتلك الطريقة، دعنا نتحدث في كل شيء فيما بعد، أنا أعلم انك تزوجت بها من أجل حديث الكثير من الأشخاص و..
قاطعها هو بابتعاده وهو يحرك رأسه بنفي والضيق يحتل ملامحه:
-أنا أسف يا شمس، لكنني اخبرتكِ أن علاقتي بكِ لم تتعدى الأخوة أبدًا.
نظرت له بلوم شديد، كانت تنتظر منه أن يتمسك بها، لا تعلم كيف استطاعت أن تتجرأ وتحدثت بكل هذا وعلى كل حال هو لم يقدر مشاعرها.
ذهبت وهو يقف في مكانه، يشعر بالذنب تجاهها، لقد استنكر ما قامت به، لكنه شعر بحبها الصادق تجاهه، هي تشعر بالغيرة وهذا لن يكون جيد الآن أبدًا وسوف يسبب له الكثير من المتاعب.
أتخذ قراره وعزم أنه سوف يتحدث مع والده بطريقة غير مباشرة، ذهبت إلى الصالون الذي يجلس به ناصر، يجلس وحده وهو يرتدي النظارات الطبية:
-ما الأمر يا أبي هل اعتزلت البشر أنت أيضًا؟!
ابتسم ناصر وهو ينظر إلى ابنه وهو يخفض الجريدة الموضوعة بين يديه:
-ما الذي حدث؟ تبدو مستاء كثيرًا.
اقترب عاصم ليجلس بجوار والده، كان يشعر بالكثير من الضيق وهذا جعل والده يترك الجريدة جانبًا ويقرب يده منه ليحاوط كتفه:
-ما الذي يحزن عينيك يا عاصم؟ اخبرني ما الذي حدث؟
قص عليه عاصم ما حدث، قص عليه كل شيء حدث بينه وبين شمس وغيرتها من غرام، تحول وجه والده للضيق الشديد:
-لقد كنت أخشى من حدوث شيء كهذا يا عاصم، لا أعلم ما الذي يجب علينا فعله.
اجابه عاصم بعد أن فكر قليلًا:
-لقد فكرت في جعلها تترك هذا المنزل يا أبي، ربما وقتها سيكون كل شيء أفضل، أنا لا أريد حدوث مشاكل ولا أريد لأحد أن يتضرر على حد سواء غرام وشمس.
نظر ناصر إليه وهو يشعر بالكثير من الضيق:
-من الصعب أن اخبرها أن ترحل، هي في منزلنا ولكنني سوف أحاول التحدث معها والتقليل من حدة الأمر.
أومأ عاصم له ومازال يشعر بالضيق الشديد، استأذن والده وخرج من المكتب، فور خروجه التقت عينيه بعينيها وهي تشعر بالتعجب من تغير وجهه الذي ارتسم عليه الضيق الشديد:
-هل أنت بخير يا عاصم؟
ابتسم لها وهو يقترب:
-أنا بخير لا يوجد داعي للقلق، اخبريني يا غرام أنتِ كيف حالكِ؟ لقد استيقظتِ بسرعة.
ابتسمت غرام له وهي تومأ له:
-لقد قلقت ولم أستطيع الذهاب إلى النوم بسهولة، اخبرني ما الأمر يبدو عليك الكثير من الضيق.
تردد عاصم ولكنه حسم أمره في النهاية وقرر اخبارها، اخذ نفس عميق وهو يشير لها للمطبخ:
-تعالي سوف نأخذ بعض الطعام ونجلس في الحديقة ويمكنني أن أقص عليكِ كل شيء.
ابتسمت له وبداخلها تفكر في جلال، تتوقع أن يعرف في أي لحظة ووقتها سوف يقوم بكارثة حقيقية لن يستطيع أحد السيطرة عليها وأول شيء سوف يقوم به هو الاتصال بها وتوبيخها.
استفاقت من شرودها على صوت عاصم الذي يشير لها حتى تقترب، اقتربت منه وبالفعل أعدت وجبة الإفطار معه، كانت تلاحظ أنه منزعج وتعابير وجهه تتبدل بين الثانية والأخرى، ذهبوا إلى الحديقة وجلسوا حول مائدة بسيطة.
نظرت غرام إلى عاصم وسألته بهدوء:
-ما الذي حدث؟ أراك متوتر أكثر من اللازم يا عاصم، هل هذا بسبب زواجنا يا ترى؟!
حرك عاصم رأسه بنفي وقد ارتسمت على وجهه إبتسامة راضية:
-في الحقيقة يا غرام أنا سعيد بزواجنا، ربما لا أعرف السبب الآن لكن المهم أنني أشعر بالراحة، ماذا عنكِ؟
ابتسمت غرام وهي تحرك رأسها بإيجاب قائلة:
-أشعر بالراحة أنا أيضًا يا عاصم، الآن قل لي هل هناك شيء حدث أثناء غفوتي يا ترى؟!
تردد عاصم لكنه حسم أمره، لا يريد أن يخفي عليها شيء، يجب عليها أن تعرف حتى لا تغضب من أي شيء من الممكن أن تفعله شمس:
-أجل يا غرام، لقد اعترفت شمس بحبها لي، لا أعرف متى حدث هذا وكيف وقعت في حبي بهذه السرعة، لكن أريدكي أن تعلمي أن لا علاقة لي بكل هذا.
كانت تتابعه بهدوء ولم تبدي أي رد فعل، تعجب من هدوئها وسألها بتردد:
-هل أنتِ على مايرام؟
اومأت له غرام ومن ثم اجابته بهدوء:
-لقد كنت أتوقع شيء كهذا يا عاصم، هي كانت تغار عليك وتنظر لك بطريقة توضح ما تفكر به هي.
أخذ عاصم نفس عميق وهي سألته بانتباه:
-ما الذي قولته لها وما الذي تنوي على فعله يا ترى؟
ابتسم عاصم وهو يرى إهتمامها والغيرة التي ظهرت في عينيها:
-لم أقل شيء يا غرام، اخبرتها أنني متزوج وهذا لا يصح والكثير من هذا الحديث.
-من الجيد أنك هنا يا عاصم أرغب في التحدث معك قبل أن تصعد إلى غرفتك.
أومأ له عاصم وقد كان يظهر الراحة على وجهه:
-بالطبع يا أبي يمكنك أن تتحدث متى شئت.
ابتسم ناصر وأمسك بزراع ابنه ليتجه إلى المكتب الخاص به:
-أنظر لي يا عاصم، أنا ألاحظ ما يحدث إلى غرام، هي لا تبدو على مايرام، أراها مترددة، لا أريدك أن تغصبها على شيء وإلا ستكون الأمور أصعب كثيرًا صدقني.
حرك عاصم رأسه بنفي وأتى ليتحدث ولكن والده قاطعه:
-أعلم أنها تزوجت بك بارادتها، أعلم أنك إنسان جيد لكن عليّ أن أذكرك، لقد تنازلت عن إقامة زفاف وكان هذا حقها، لم تطلب أي شيء، القليل من الفتيات يفعلون مثلها.
أومأ عاصم له وهو يفهم حديث والده ويعلم أنه محق في كل شيء يقوله:
-لا داعي للقلق يا أبي، كل شيء سوف يكون على مايرام، سوف أصعد الآن؛ فأنا أشعر بالكثير من الإرهاق وأحتاج للنوم.
أومأ له ناصر ومن ثم صعد عاصم إلى الغرفة، كانت غرام موجودة بها وهي لا تعلم ما الذي سوف يحدث، تستعد لشجار معه إن حاول التعرض لها، سمعت خطوات أقدامه لتلقي بنفسها على السرير وتندثر أسفل الغطاء، فتح الباب وهو يبتسم، لقد سمع صوت السرير بعد أن القت بنفسها عليه.
قام باغلاق الباب ومن ثم أتجه للخزانة ليبدل ثيابه، كانت تحدد مكانه وهي تستمع إلى خطواته، لكنها لم تعد تسمع شيء، تعجبت وهي تتساءل أين ذهب وماذا يفعل الآن؟ طال الأمر لتفتح عينيها وتتفاجئ به يقف أمام السرير وهو يمنع ضحكاته بصعوبة.
تظاهرت أنها استيقظت من نومها للتو:
-ما هذا؟ أنت هنا يا عاصم، متى أتيت؟!
اقترب ليجلس بجوارها ويزين وجهه إبتسامة:
-أتيت منذ قليل يا حبيبتي اخبريني يا غرام هل جميع الفتيات يستيقظون من النوم وهم غاية في الجمال هكذا؟
نظرت غرام له وهي تشعر بالكثير من الضيق، لا تحب الحديث بتلك الطريقة، ابعدت وجهها عن نظره بضيق:
-لا أعرف يا عاصم ولا أحب التحدث بهذا الأمر.
ضحك عاصم وهو يرى وجهها قد تحول للون الأحمر:
-لم أتحدث يا فتاة أنا فقط أسئلكِ.
نظرت غرام له وهي تحاول أن تفهم ما الذي يفكر به، ابتسم لها وقرر أن يتحدث معها لعلها تهدأ قليلًا:
-غرام أنا يمكنني الخروج أو النوم على الأريكة، لا يوجد داعي للقلق، لن أخلف وعدي لكِ.
نظرت غرام له وهي تشعر بالكثير من التشتت:
-لست خائفة يا عاصم، أنا لا أعرف للخوف عنوان، لا يوجد داعي لهذا الحديث.
ابتسم على ثقتها وهو يومأ:
-هذا جيد.
أتى اليوم التالي، استيقظت غرام على من يقوم بوضع يده على كتفها وهو يحركها، تحدثت بانزعاج ومازالت مغمضة العينين:
-توقف عن هذا يا عاصم، لا أريد الاستيقاظ الآن.
سمعت صوت جاسر وهو يهمس لها:
-لقد هبط عاصم يا غرام، أريد التحدث معكِ في أمر هام.
جلست غرام وهي تشعر بالضيق الشديد وتمرر يدها على شعرها:
-أنا لا أفهم ما الذي يجعلك واثق من نفسك إلى هذا الحد الذي يجعلك تأتي وتقلق نومي؟ أنا على وشك أن أقتلك يا جاسر، أغرب عن وجهي الآن.
جلس جاسر أمامها وهو ينظر لها برجاء، تحدث بصدق حقيقي:
-إذا سمحتِ يا غرام، أنا أريد أن أشارككي شيء غاية في الأهمية، عليكِ أن تسمعيني و..
قاطعته غرام بنفاذ صبر وهي ترمقه بغضب:
-ما الذي تريده يا جاسر، تحدث بسرعة ولا يوجد داعي للمماطلة أبدًا.
نظر لها وهو يشعر بالضيق الشديد، تردد للحظات ولكنه حسم أمره قائلًا:
-الفتاة التي تدعى عنبر، في الحقيقة أنا معجب كثيرًا بها، أرغب في التحدث معها أكثر، ربما أ..
لم يكد يكمل ووجد غرام تقف أمامه بانفعال واضح وهي ترفع سبابتها أمام وجهه بتحذير:
-توقف عن هذا الحديث عديم الفائدة، الأمر الذي تقوله أنت مستحيل، لن يسمح أحد بحدوث هذا و..
وقف جاسر أمامها وهو يقاطعها برجاء حقيقي:
-غرام لا أجد أي مشكلة وأنا سوف أتحمل المسؤولية.
حركت غرام رأسها بنفي وهي تدفعه للخارج وتقوم بتحذيره مجددًا:
-فالتخرج هذه الفكرة من رأسك ولا تأتي إلى هنا يا جاسر، عاصم لا يرتاح لك وإن وجدك هنا سوف ينتهي أمرك، أتيت بك إلى هنا لجعله يغار دون أن يقع اللوم عليّ فالتكمل ما بدأنا وتذهب.
خرج بالفعل واغلقت هي الباب من خلفه، شعرت بالكثير من الغيظ وهي تتذكر كيف جعلها تستيقظ من نومها بل ويخبرها أن عنبر تعجبه، إن علم عاصم شيء كهذا سوف تنقلب الأمور، ربما يقوم بطرده وربما يكون سبب هلاكها هنا.
استلقت على السرير من جديد وهي تبتسم، لا تصدق أنها تنام براحة الآن دون التفكير بشيء، غفلت أخيرًا لتشعر بيد على وجنتها، انتفض جسدها واعتذر الآخر على الفور:
-أسف يا غرام، لم أتعمد مضايقتكِ، كان شعركِ يسقط على وجهكِ وكنت فقط أبعده.
نظرت لها وجلست بانفعال واضح ولا يعلم عاصم سببه:
-لقد مللت من تلك الأمور، أنا فقط أريد النوم، هل من الصعب العثور على نومة هادئة هنا؟
عقد عاصم حاجبيه بتعجب، لاحظ عينيها الحمراء ووجهها المنزعج وهي تخبره بجدية:
-مرة أخرى دعه يسقط يا عاصم، لا أستطيع أن أعود للنوم بسهولة، أنا أعاني من قلة النوم والأمر ليس سهل و..
قاطعها عاصم وهو يمسك بيدها:
-اهدئي يا غرام، لم يحدث شيء لكل هذا، يمكنني أن أتولى هذا الأمر.
عقدت حاجبيها بتعجب وهو يشير لها على الوسادة:
-هيا نامي وضعي رأسكِ هنا.
ظهر على وجهها التعجب، حاولت أن تكون أهدء ولا تنفعل من جديد، اقتربت ونامت مثلما يقولها، قرب يده منها لتبتعد:
-ما الأمر يا عاصم؟ اخبرني ما الذي تفعله أنا أشعر بالتوتر.
ضحك عاصم وهو ينظر لها بعدم استيعاب:
-ما الذي يحدث لكِ يا غرام، لم يسبق وفعلت شيء يجعلكي تقلقي بهذا الشكل!
نظرت له بضيق شديد وهي تحرك رأسها بنفي:
-أنا فقط متوترة ولم أنم جيدًا.
قرب يده من رأسها وهو يقوم بتدليكها، لم تنكر أنها شعرت بالاسترخاء حقًا، نظرت له وهو ابتسم لها بحنان كما اعتادت منه:
-أغمضِ عينيكِ الجميلتين، يمكنكي أن تثقي بي يا غرام، لا أمزح.
بالفعل اغمضت عينيها وقد استسلمت للنوم سريعًا، ابتسم وهو يراها نائمة بهذا الهدوء، اقترب ومن ثم قام بتقبيل جبينها والخروج من الغرفة، رأى شمس على وشك أن تهبط ليتعجب:
-هل أتيتِ إلى هنا للتحدث معي يا شمس أم أنني مخطأ؟!
ابتسمت شمس وهي تشعر بالكثير من التشتت، حركت رأسها بنفي:
-لقد أتيت لأتحدث معك بالفعل، لكنني تراجعت، يبدو أن القدر يريدنا أن نتحدث ولهذا السبب خرجت أنت الآن.
اقترب عاصم ليقف أمامها، كان يسألها بعينيه ماذا تريد، تحدثت وهي تشعر بالكثير من الارتباك:
-أنت لا تحب غرام يا عاصم أليس كذلك؟!
نظر لها عاصم للحظات قبل أن تكمل هي والحزن يحتل عينيها:
-لا أعرف هل هذا الشيء صحيح أم لا، لكن هذا السؤال سوف يجعلني أرتب أفكاري، أنا أشعر بالكثير من التوتر والارتباك وأريد أن أحسم هذا الأمر.
أخذ عاصم نفس عميق وهو ينظر لها بلوم شديد:
-لا أعرف لماذا تصرين على سجن نفسكِ في هذه الحالة يا شمس، أنا وأنتِ لم نكن سوى أخوة وربما أصدقاء، هذه هي الحقيقة والتي أشعر بها دائمًا.
اجتمعت الدموع بأعين شمس وهي تنظر له، اقتربت منه وهي تحرك رأسها بنفي:
-أنا أحبك كثيرًا يا عاصم، لا أريد أن أفعل شيء يزعجك، لكنني أشعر بالكثير من الغيرة، وجودها بجوارك يا عاصم يزعجني كثيرًا.
حاول عاصم أن يحتوي الموقف وهو لا يعلم ما الذي عليه أن يفعله:
-لم يعد هذا الحديث مناسب الآن يا شمس، أنا اصبحت رجل متزوج و..
قاطعته وهي لا تعطيه أي فرصة للحديث، حركت رأسها بنفي ومن ثم اقتربت لتقوم بضمه:
-لا تتحدث يا عاصم أرجوك، لا يمكنك أن تجرحني بتلك الطريقة، دعنا نتحدث في كل شيء فيما بعد، أنا أعلم انك تزوجت بها من أجل حديث الكثير من الأشخاص و..
قاطعها هو بابتعاده وهو يحرك رأسه بنفي والضيق يحتل ملامحه:
-أنا أسف يا شمس، لكنني اخبرتكِ أن علاقتي بكِ لم تتعدى الأخوة أبدًا.
نظرت له بلوم شديد، كانت تنتظر منه أن يتمسك بها، لا تعلم كيف استطاعت أن تتجرأ وتحدثت بكل هذا وعلى كل حال هو لم يقدر مشاعرها.
ذهبت وهو يقف في مكانه، يشعر بالذنب تجاهها، لقد استنكر ما قامت به، لكنه شعر بحبها الصادق تجاهه، هي تشعر بالغيرة وهذا لن يكون جيد الآن أبدًا وسوف يسبب له الكثير من المتاعب.
أتخذ قراره وعزم أنه سوف يتحدث مع والده بطريقة غير مباشرة، ذهبت إلى الصالون الذي يجلس به ناصر، يجلس وحده وهو يرتدي النظارات الطبية:
-ما الأمر يا أبي هل اعتزلت البشر أنت أيضًا؟!
ابتسم ناصر وهو ينظر إلى ابنه وهو يخفض الجريدة الموضوعة بين يديه:
-ما الذي حدث؟ تبدو مستاء كثيرًا.
اقترب عاصم ليجلس بجوار والده، كان يشعر بالكثير من الضيق وهذا جعل والده يترك الجريدة جانبًا ويقرب يده منه ليحاوط كتفه:
-ما الذي يحزن عينيك يا عاصم؟ اخبرني ما الذي حدث؟
قص عليه عاصم ما حدث، قص عليه كل شيء حدث بينه وبين شمس وغيرتها من غرام، تحول وجه والده للضيق الشديد:
-لقد كنت أخشى من حدوث شيء كهذا يا عاصم، لا أعلم ما الذي يجب علينا فعله.
اجابه عاصم بعد أن فكر قليلًا:
-لقد فكرت في جعلها تترك هذا المنزل يا أبي، ربما وقتها سيكون كل شيء أفضل، أنا لا أريد حدوث مشاكل ولا أريد لأحد أن يتضرر على حد سواء غرام وشمس.
نظر ناصر إليه وهو يشعر بالكثير من الضيق:
-من الصعب أن اخبرها أن ترحل، هي في منزلنا ولكنني سوف أحاول التحدث معها والتقليل من حدة الأمر.
أومأ عاصم له ومازال يشعر بالضيق الشديد، استأذن والده وخرج من المكتب، فور خروجه التقت عينيه بعينيها وهي تشعر بالتعجب من تغير وجهه الذي ارتسم عليه الضيق الشديد:
-هل أنت بخير يا عاصم؟
ابتسم لها وهو يقترب:
-أنا بخير لا يوجد داعي للقلق، اخبريني يا غرام أنتِ كيف حالكِ؟ لقد استيقظتِ بسرعة.
ابتسمت غرام له وهي تومأ له:
-لقد قلقت ولم أستطيع الذهاب إلى النوم بسهولة، اخبرني ما الأمر يبدو عليك الكثير من الضيق.
تردد عاصم ولكنه حسم أمره في النهاية وقرر اخبارها، اخذ نفس عميق وهو يشير لها للمطبخ:
-تعالي سوف نأخذ بعض الطعام ونجلس في الحديقة ويمكنني أن أقص عليكِ كل شيء.
ابتسمت له وبداخلها تفكر في جلال، تتوقع أن يعرف في أي لحظة ووقتها سوف يقوم بكارثة حقيقية لن يستطيع أحد السيطرة عليها وأول شيء سوف يقوم به هو الاتصال بها وتوبيخها.
استفاقت من شرودها على صوت عاصم الذي يشير لها حتى تقترب، اقتربت منه وبالفعل أعدت وجبة الإفطار معه، كانت تلاحظ أنه منزعج وتعابير وجهه تتبدل بين الثانية والأخرى، ذهبوا إلى الحديقة وجلسوا حول مائدة بسيطة.
نظرت غرام إلى عاصم وسألته بهدوء:
-ما الذي حدث؟ أراك متوتر أكثر من اللازم يا عاصم، هل هذا بسبب زواجنا يا ترى؟!
حرك عاصم رأسه بنفي وقد ارتسمت على وجهه إبتسامة راضية:
-في الحقيقة يا غرام أنا سعيد بزواجنا، ربما لا أعرف السبب الآن لكن المهم أنني أشعر بالراحة، ماذا عنكِ؟
ابتسمت غرام وهي تحرك رأسها بإيجاب قائلة:
-أشعر بالراحة أنا أيضًا يا عاصم، الآن قل لي هل هناك شيء حدث أثناء غفوتي يا ترى؟!
تردد عاصم لكنه حسم أمره، لا يريد أن يخفي عليها شيء، يجب عليها أن تعرف حتى لا تغضب من أي شيء من الممكن أن تفعله شمس:
-أجل يا غرام، لقد اعترفت شمس بحبها لي، لا أعرف متى حدث هذا وكيف وقعت في حبي بهذه السرعة، لكن أريدكي أن تعلمي أن لا علاقة لي بكل هذا.
كانت تتابعه بهدوء ولم تبدي أي رد فعل، تعجب من هدوئها وسألها بتردد:
-هل أنتِ على مايرام؟
اومأت له غرام ومن ثم اجابته بهدوء:
-لقد كنت أتوقع شيء كهذا يا عاصم، هي كانت تغار عليك وتنظر لك بطريقة توضح ما تفكر به هي.
أخذ عاصم نفس عميق وهي سألته بانتباه:
-ما الذي قولته لها وما الذي تنوي على فعله يا ترى؟
ابتسم عاصم وهو يرى إهتمامها والغيرة التي ظهرت في عينيها:
-لم أقل شيء يا غرام، اخبرتها أنني متزوج وهذا لا يصح والكثير من هذا الحديث.