الفصل الرابع عشر
الفصل الرابع عشر من عشق البنات
في صباح اليوم التالي، هبطت الطائرة على مطار تلك المدينة ونزل "آدم" مع عائلته وكان يمسك بوالده حتى خرج من المطار، وشغل سيارته التي أوقفها في المطار قبل أن يسافر وساعد والده على الركوب، وأوصلهم إلى المنزل، وحين نزلت والدته وكادت "سما" تتبعها قال لها "آدم":
ـ "سما" إنتظري.
حدقت به "سما" بإستغراب وسألته:
ـ ماذا هناك؟
رد عليها قائلاً بجدية:
ـ أنا سأذهب إلى الجامعة، ألن تأتي معي؟
إتسعت عينا "سما" وهي تقول بحيرة:
ـ الجامعة؟ هل أنت جاد؟
هز رأسه مجيباً:
ـ نعم أود الذهاب.
نزلت "سما" من السيارة، وركبت بجانبه في المقدمة وهي تقول:
ـ بالطبع لن أدعك تذهب لوحدك.
وهما في الطريق، قالت "سما" فجأةً وبدون مقدمات:
ـ توقف أرجوك!
أوقف "آدم" السيارة وقال مندهشاً:
ـ ما الأمر "سما"؟
فتحت "سما" باب السيارة ونزلت إلى المقبرة التي توقف "آدم" بالقرب منها، وحين رآها تدخل لحق بها وهو يقول:
ـ إنتظري لحظة.
جلست "سما" عند أحد القبور وابتسمت قائلة موجهةً كلامها إلى من في القبر:
ـ هل إشتقت إلي "يوسف"؟
عرف "آدم" مباشرةً بأن "سما" حزينة، في مثل هذا اليوم من كل سنة تأتي إلى هنا لزيارة قبر حبيبها "يوسف" الذي مات بحادث سيرٍ مؤلم في نفس هذا اليوم، مات وهو يحاول إنقاذ طفلٍ صغير أمام عيني "سما"ومنذ ذلك الحين أقسمت بأنها لن تسلم قلبها إلا للشخص الذي سيعوضها عن حبيبها السابق. قال "آدم" مشفقاً عليها:
ـ علينا أن نسرع بالذهاب إلى الجامعة.
نهضت "سما" من على الأرض وقالت بإرتياح:
ـ إلى الآن لم يستطع قلبي أن يحب شخصاً غيره.
في الجامعة، بينما كان المعلم "سليم" يسير على الدرج، سقط قلمه على الأرض، وانخفض محاولاً أخذه فسقط كتابه
وتدحرج في الدرج ووقع عند قدم "هند" فأخذته ونظرت للأعلى وقالت متسائلة:
ـ هل هذا لك؟
إتسعت شفتي "سليم" وقال مبتسماً:
ـ نعم، شكراً لكِ "هند".
إحمر وجه "هند" خجلاً وتسائلت بداخل نفسها:
ـ كيف عرف إسمي؟
وصعدت إليه وأعطته الكتاب، وحين أخذه قال بصوتٍ لطيف:
ـ أنتِ فتاةٌ طيبة ومجتهدة.
سُعدت "هند" كثيراً بسماع هذه الكلمات، وفكرت بأن تعطيه هديةً بمناسبة عيد الحب.
في تلك الأثناء دخلت "تالين" إلى غرفة الرسم، وأخذت كيساً من الأرض، كان بهذا الكيس يوجد المعطف الذي تصنعه لـ "آدهم" لقد قامت بإخفائه هنا خوفاً من أن يراه أحد، وأخرجته وبدأت تكمل فيه اللمسات الأخيرة، وفجأةً دخل "آدم" إلى تلك الغرفة وتفاجأ بجلوسها على الأرض، فخبأت المعطف بسرعة وقالت بضحكةٍ مصطنعة:
ـ أهلاً "آدم" حمدلله على سلامتك.
أغلق "آدم" الباب وقال متسائلاً:
ـ ما الذي تفعلينه؟
نهضت "تالين" من على الأرض، نفضت ملابسها وهي تقول بإرتباك:
ـ لا شيء أبداً.
اقترب "آدم" منها، وجلس على الكرسي وهو يقول:
ـ ألديك عملٌ في الغد؟
ردت عليه قائلة:
ـ كلا، لماذا؟
أبعد "آدم" عينيه عنها وقال بصوتٍ خجول:
ـ أريد أن أقضي يوم الغد معكِ، سوف أنتظركِ عند برج المدينة في الساعة السادسة.
خفق قلب "تالين" بسرعة وقالت بسعادة:
ـ سوف آتي، كن واثقاً بأنني سأكون هناك.
ابتسم في وجهها قائلاً:
ـ سأكون بإنتظارك "تالين".
رن هاتف "دنيا" النقال وهي في الجامعة ورفعت الهاتف ورأت المتصل "محمد" فردت قائلة:
ـ مرحباً "محمد"ماذا؟ غداً؟
قال لها في تساؤل:
ـ هل يمكنني الخروج معكِ في الغد؟
اجابته بكل سرور:
ـ بالطبع ، لا مانع لدي، حسناً أراك غداً.
كانت "نورا" محتارةً في أمر الهدية، ولمن تهديها،لـ "مروان" أم لـ "سيف" لم تعرف ماذا تفعل فجاءت إليها "دينا"وجلست بجانبها وسألتها قائلة:
ـ من ستهدين في عيد الحب؟
قالت "نورا" في حيرة وهي تضع رأسها على الطاولة:
ـ لا أعلم، أخبريني يا "دينا".
ورفعت رأسها متابعة:
ـ لو كنت مكاني من ستهدين؟"مروان" الذي يهتم بي، أم "سيف" الذي أحبه؟
عقدت "دينا" حاجبيها وقالت في ضيق:
ـ ما هذا الذي تقولينه؟ قومي بإهداء "مرولن" وأنسي أمر "سيف"هل نسيتي أنه رفضك من قبل؟
وضعت "نورا" يدها على صدرها وأغمضت عينيها قائلة:
ـ بالرغم من ذلك، مازال قلبي يخفق بشدة عند سماع إسمه،هذا يعني بأنني ما زلت أحبه.
صرخت "دينا" في وجهها بعصبية:
ـ ستكونين غبيةً لو أهديتي "سيف".
تناولت "ملك" الغذاء مع "سيف" في مطعمٍ قريب من الجامعة، وعندما إنتهت "ملك" قالت متسائلة:
ـ ماذا تريد أن أهديكِ في عيد الحب؟
أخفض "سيف" حاجبيه قائلاً بإستغراب:
ـ ماذا؟ إنها المرة الأولى التي تسألينني فيها هذا السؤال.
ضحكت "ملك" وقالت في مرح:
ـ إنني أمزح، ستكون هديتي مفاجأةً لكِ.
رد عليها "سيف" وهو يحمل كوب الماء:
ـ سنرى ذلك غداً على أيه حال.
بعد إنتهاء الدوام،توقف "أدهم" عند محل المجوهرات ودخل، ووقع نظره مباشرةً على نفس الخاتم الذي اشتراه"سيف" وقرر أن يشتريه لـ "دينا" كهدية.
كانت "تالين" في طريقها للخروج من الجامعة، وسمعت شخصاً يناديها فألتفتت للخلف، ورأت أحد الأشخاص يركض باتجاهها،فسألته قائلة:
ـ من أنت؟ وماذا تريد مني؟
أجابها الشاب قائلاً في تمني:
ـ أريد الخروج معكِ في الغد.
قالت له "تالين" في ضيق:
ـ لا أستطيع، فلدي موعدٌ مع شخصٍ آخر، وداعاً.
مد الشاب يده وأمسك بمعصمها وهو يقول بجدية:
ـ أرجوكِ أخرجي معي ، أنا أحبكِ فعلاً.
حاولت "تالين" إبعاد يدها عن قبضته وهي تقول:
ـ إحتفظ بحبك لنفسك.
قام الشاب بسحب "تالين" إليه وأحتضنها وهو يقول:
ـ لن أسمح لأحدٍ بأخذكِ مني.
جاء "آدم" إلى ذلك الشاب وسحبه من كتفه، ولكمه على وجهه بقوة ثم ركله بقدمه وأدى إلى سقوطه على الأرض، ثم
قال "آدم" وعينيه تشتعل غضباً:
ـ إياك أن تقترب من "تالين" مرةً أخرى.
حمل الشاب نفسه هارباً، فأقتربت "تالين" وقالت:
ـ شكراً لك "آدم"
رد عليها بدون أن يلتفت:
ـ لن أسمح لأي مخلوقٍ في هذا العالم أن يمسكِ بسوء.
إلتمعت عينا "تالين" بالدموع لأنها كانت خائفة أن تتدهور علاقتها مع "آدم" بسبب ذلك الشخص.
عندما كانت "سما" في طريقها للدخول للمنزل سمعت "احمد" يقول لها بمرح:
ـ مرحباً "سما" لم أركِ منذ مدة.
إلتفتت "سما" إليه واتسعت شفتيها وهي تقول:
ـ أهلاً "احمد" سعدتُ برؤيتك.
ارتبك "احمد" وهو يطلب منها قائلاً:
ـ ما رأيكِ أن نمشي قليلاً؟
وافقت "يما" على السير معه، وتبادلا الأحاديث، ثم توقف "احمد" عن السير عندما هبط الظلام وقال متمنياً:
ـ في الواقع،أنا أود أن أكون صديقاً لكِ يا "سما".
أدارت "سما" رأسها وقالت بإندهاش:
ـ صديقاً لي؟ لكن أنا.
قاطعها "احمد" قائلاً في إصرار:
ـ أرجوكِ بدون لكن.
أخفضت "سما" رأسها قائلة بحزن:
ـ لا أستطيع ذلك،أنا أعتبرك مثل أخي الأصغر.
تضايق "احمد" من هذه الكلمة وصرخ قائلاً بغضب:
ـ لا يمكن هذا، أنا أحبك يا "يما".
تحاشت "سما" النظر إليه وهي تقول بهدوء:
ـ أنا لم أقل بأنني لا احبك، لكنني أحبك كأخ لا صديق.
سألها "احمد" وهو محطم:
ـ لماذا؟هل لأنني أصغر سناً منكِ؟
هزت رأسها نفياً وهي تجيب:
ـ كلا،لا يهمني السن، لكني أحب شخصاً آخر.
اتسعت عينا "أحمد" وارتجفت شفتيه وهو يقول:
ـ شخصاً آخر؟ هذا مستحيل!
سقطت دمعةٌ من عيني "يما" فأخفض "احمد" حاجبيه وقال متسائلاً:
ـ لماذا تبكين "سما"؟
ابتسمت "سما" وهي تقول بصوتٍ باكي:
ـ لا شيء، فقط لأن الفتى الذي أحبه مات منذ زمن، وقلبي لا يستطيع أن يمتلكه شخصٌ آخر.
بقي "احمد" صامتاً ثم قال بجدية وثقة:
ـ سأكون الشخص الذي يمتلك قلبكِ، أعدكِ بهذا.
رفعت "سما" رأسها ونظرت إلى "احمد" ومسحت دموعها وهي تقول:
ـ يمكنك المحاولة، سأذهب الآن.
عادت "سما" إلى المنزل ورافقها "احمد" إلى هناك، ثم رحل.
طلعت شمس يومٍ جديد، هذا اليوم سيكون مميزاً بالنسبة للجميع، لأنه يوم الحب،أبعدت "تالين" الستائر عن نافذة غرفتها ورفعت يديها للأعلى وهي تقول بنشاط:
ـ إنه يومٌ جميل..
ثم فتحت درج مكتبها وأخرجت صورةً لها ووضعتها في الكيس الأحمر الذي ستهديه لـ "آدم" في هذا اليوم.
دخلت "نورا" إلى المطبخ ورفعت شعرها، وغسلت يديها وبدأت بإخراج مقادير الكعكة التي ستعدها، بينما كانت تعمل قالت مبتسمة:
ـ أنا واثقةٌ بأن "مروان" سيسعد بها.
وعندما أدخلتها إلى الفرن، بدأت بتجهيز الكريمة، بعد مرور ساعة إنتهت من كل العمل، وكتبت على الكعكة _I Love You_ ثم قالت بسعادة:
ـ جيد، لقد إنتهيت.
وأدخلتها إلى الثلاجة،وذهبت لتجهز نفسها للخروج مع "مروان" الذي إتصل عليها مساء يوم أمس ووعدها بمفاجأةً سارة.
قامت "دينا" بتغليف هديتها التي ستعطيها لـ "ادهم" ووضعت وردةً حمراء في وسط الهدية، ونظرت إلى الساعة ورأتها الواحدة والنصف وقالت وهي تنهض من على الأرض:
ـ علي أن أبدأ بتجهيز نفسي.
إشترت "دنيا" هاتفاً نقالاً لـ "محمد" وعادت إلى المنزل وبحثت عن أشكالٍ جميلة تغلف بها الهدية وكانت متشوقة لمعرفة الهدية التي سيقدمها لها.
دخل "مازن" إلى محل بيع الحلويات، وتعمد شراء النوع الذي تفضله "هند" وطلب من صاحب المحل أن يغلفها له بشكل أنيق، ثم اتجه إلى منزل "هند" لاصطحابها معه في نزهة.
قامت "ملك" بإعداد الحلوى التي يفضلها "سيف" وبعدما انتهت ذهبت لتجهز لتخرج معه.
في تلك اللحظة، كانت "تالين" تقف أمام المرآة، وهي تضع شريطاً على شعرها وتقول متسائلة:
ـ هل أبدو جميلةً هكذا؟
ووضعت المساحيق المناسبة للون ثوبها، فرن هاتفها فجأة ورأت المتصل "آدم" وحين ردت سمعته يقول لها:
ـ لا تذهبي إلى المكان الذي إتفقنا عليه.
سألته "تالين" في إحباط:
ـ لماذا؟
أجابها ضاحكاً في مرح وهو يقود السيارة:
ـ لأنني سآخذك إلى مكانٍ أفضل يا عزيزتي.
فرحت "تالين" كثيراً عندما قال هذا، وعجلت في تجهيز نفسها قبل أن يأتي.
عند المساء، ركبت "دنيا" مع "محمد" الذي جاء إليها بنفسه، وحين رآها قال مبتسماً:
ـ تبدين جميلةً جداً اليوم.
إحمر وجه "دنيا" ولم تتمكن من النظر إليه، فحرك السيارة.
أمسك "سيف" بيد "ملك" وهي تنزل من السيارة، وأشار بإصبعه إلى الأعلى، وحين نظرت رأت العربات المعلقة التي تنطلق من قمة الجبل، فاتسعت شفتيها من شدة الفرح وسألت:
ـ هل سنركب في هذه؟
هز "سيف" رأسه مجيباً:
ـ نعم، وستنقلنا إلى مكانٍ رائع.
وصعدا عبر الدرج.
في ذلك الوقت أوقف "أدهم" سيارته ونظر إلى "دينا" وهو يقول:
ـ لا تنزلي.
ونزل من السيارة، وتوجه إلى المكان الذي تجلس فيه وفتح الباب وحملها بين ذراعيه وأغلق الباب بقدمه، فقالت بإحراجٍ
شديد:
ـ "ادهم" ما الذي.
قاطعها "ادهم" وهو يقول بصوتٍ مرح:
ـ أغمضي عينيكِ و أبقى صامتة،إتفقنا؟
أغمضت "دينا" عينيها وهي تشعر بالخجل،وشعرت بـ "ادهم" وهو يسير بها إلى مكانٍ ما، وانتقل إلى مسامعها صوت المحيط، فتوقف "أدهم" عن السير وقال لها:
ـ إفتحي عينيك يا عزيزتي "دينا".
فتحت "دينا" عينيها بسرعة ورأت قارباً جميلاً بالقرب من الجسر الذي يقف عليه "أدهم" معها، ركب "أدهم" في القارب وهو يحملها، وحين أنزلها قام بإبعاد الحبل الذي يربط القارب بالجسر، رأت "دينا" طاولةً جميلة بها كل المأكولات التي تحبها والشموع والورود تملئ أرجاء القار وكانت سعيدةً للغاية.
قام "محمد" بإدخال "دنيا" إلى مكانٍ مخصص لشخصين في أحد المطاعم الفاخرة، وحين دخلت انبهرت من روعة المكان فقد كانت الزينة كثيرة مصحوبةٌ بالموسيقى الصاخبة، سحب لها "محمد" الكرسي لتجلس عليه فأبتسمت له وجلست،وجلس هو مقابلاً لها، وكان في وسط الطاولة كعكةٌ مغطاةٌ بالشموع والورود الحمراء، فقالت "دنيا" بسعادة:
ـ شكراً لك "محمد".
أمسك "آدم" بيد "تالين" وأدخلها إلى مدينة الملاهي، كانت "تالين" تنظر إلى الألعاب بإنسجام فجاء أحد المهرجين وهو يركض، نفخ وروداً حمراء فوقها فصرخت لأنها لم تكن منتبهة فضحك عليها "آدم" وهو يقول:
ـ لم أكن أعلم بأنكِ تخافين.
قالت "تالين" في ضيق:
ـ لقد فاجأني ذلك الأحمق.
كان في مدينة الملاهي عرضٌ للألعاب النارية، فوقفا "تالين" و "آدم" يراقبان والبسمة تعلو شفتيهما.
في صباح اليوم التالي، هبطت الطائرة على مطار تلك المدينة ونزل "آدم" مع عائلته وكان يمسك بوالده حتى خرج من المطار، وشغل سيارته التي أوقفها في المطار قبل أن يسافر وساعد والده على الركوب، وأوصلهم إلى المنزل، وحين نزلت والدته وكادت "سما" تتبعها قال لها "آدم":
ـ "سما" إنتظري.
حدقت به "سما" بإستغراب وسألته:
ـ ماذا هناك؟
رد عليها قائلاً بجدية:
ـ أنا سأذهب إلى الجامعة، ألن تأتي معي؟
إتسعت عينا "سما" وهي تقول بحيرة:
ـ الجامعة؟ هل أنت جاد؟
هز رأسه مجيباً:
ـ نعم أود الذهاب.
نزلت "سما" من السيارة، وركبت بجانبه في المقدمة وهي تقول:
ـ بالطبع لن أدعك تذهب لوحدك.
وهما في الطريق، قالت "سما" فجأةً وبدون مقدمات:
ـ توقف أرجوك!
أوقف "آدم" السيارة وقال مندهشاً:
ـ ما الأمر "سما"؟
فتحت "سما" باب السيارة ونزلت إلى المقبرة التي توقف "آدم" بالقرب منها، وحين رآها تدخل لحق بها وهو يقول:
ـ إنتظري لحظة.
جلست "سما" عند أحد القبور وابتسمت قائلة موجهةً كلامها إلى من في القبر:
ـ هل إشتقت إلي "يوسف"؟
عرف "آدم" مباشرةً بأن "سما" حزينة، في مثل هذا اليوم من كل سنة تأتي إلى هنا لزيارة قبر حبيبها "يوسف" الذي مات بحادث سيرٍ مؤلم في نفس هذا اليوم، مات وهو يحاول إنقاذ طفلٍ صغير أمام عيني "سما"ومنذ ذلك الحين أقسمت بأنها لن تسلم قلبها إلا للشخص الذي سيعوضها عن حبيبها السابق. قال "آدم" مشفقاً عليها:
ـ علينا أن نسرع بالذهاب إلى الجامعة.
نهضت "سما" من على الأرض وقالت بإرتياح:
ـ إلى الآن لم يستطع قلبي أن يحب شخصاً غيره.
في الجامعة، بينما كان المعلم "سليم" يسير على الدرج، سقط قلمه على الأرض، وانخفض محاولاً أخذه فسقط كتابه
وتدحرج في الدرج ووقع عند قدم "هند" فأخذته ونظرت للأعلى وقالت متسائلة:
ـ هل هذا لك؟
إتسعت شفتي "سليم" وقال مبتسماً:
ـ نعم، شكراً لكِ "هند".
إحمر وجه "هند" خجلاً وتسائلت بداخل نفسها:
ـ كيف عرف إسمي؟
وصعدت إليه وأعطته الكتاب، وحين أخذه قال بصوتٍ لطيف:
ـ أنتِ فتاةٌ طيبة ومجتهدة.
سُعدت "هند" كثيراً بسماع هذه الكلمات، وفكرت بأن تعطيه هديةً بمناسبة عيد الحب.
في تلك الأثناء دخلت "تالين" إلى غرفة الرسم، وأخذت كيساً من الأرض، كان بهذا الكيس يوجد المعطف الذي تصنعه لـ "آدهم" لقد قامت بإخفائه هنا خوفاً من أن يراه أحد، وأخرجته وبدأت تكمل فيه اللمسات الأخيرة، وفجأةً دخل "آدم" إلى تلك الغرفة وتفاجأ بجلوسها على الأرض، فخبأت المعطف بسرعة وقالت بضحكةٍ مصطنعة:
ـ أهلاً "آدم" حمدلله على سلامتك.
أغلق "آدم" الباب وقال متسائلاً:
ـ ما الذي تفعلينه؟
نهضت "تالين" من على الأرض، نفضت ملابسها وهي تقول بإرتباك:
ـ لا شيء أبداً.
اقترب "آدم" منها، وجلس على الكرسي وهو يقول:
ـ ألديك عملٌ في الغد؟
ردت عليه قائلة:
ـ كلا، لماذا؟
أبعد "آدم" عينيه عنها وقال بصوتٍ خجول:
ـ أريد أن أقضي يوم الغد معكِ، سوف أنتظركِ عند برج المدينة في الساعة السادسة.
خفق قلب "تالين" بسرعة وقالت بسعادة:
ـ سوف آتي، كن واثقاً بأنني سأكون هناك.
ابتسم في وجهها قائلاً:
ـ سأكون بإنتظارك "تالين".
رن هاتف "دنيا" النقال وهي في الجامعة ورفعت الهاتف ورأت المتصل "محمد" فردت قائلة:
ـ مرحباً "محمد"ماذا؟ غداً؟
قال لها في تساؤل:
ـ هل يمكنني الخروج معكِ في الغد؟
اجابته بكل سرور:
ـ بالطبع ، لا مانع لدي، حسناً أراك غداً.
كانت "نورا" محتارةً في أمر الهدية، ولمن تهديها،لـ "مروان" أم لـ "سيف" لم تعرف ماذا تفعل فجاءت إليها "دينا"وجلست بجانبها وسألتها قائلة:
ـ من ستهدين في عيد الحب؟
قالت "نورا" في حيرة وهي تضع رأسها على الطاولة:
ـ لا أعلم، أخبريني يا "دينا".
ورفعت رأسها متابعة:
ـ لو كنت مكاني من ستهدين؟"مروان" الذي يهتم بي، أم "سيف" الذي أحبه؟
عقدت "دينا" حاجبيها وقالت في ضيق:
ـ ما هذا الذي تقولينه؟ قومي بإهداء "مرولن" وأنسي أمر "سيف"هل نسيتي أنه رفضك من قبل؟
وضعت "نورا" يدها على صدرها وأغمضت عينيها قائلة:
ـ بالرغم من ذلك، مازال قلبي يخفق بشدة عند سماع إسمه،هذا يعني بأنني ما زلت أحبه.
صرخت "دينا" في وجهها بعصبية:
ـ ستكونين غبيةً لو أهديتي "سيف".
تناولت "ملك" الغذاء مع "سيف" في مطعمٍ قريب من الجامعة، وعندما إنتهت "ملك" قالت متسائلة:
ـ ماذا تريد أن أهديكِ في عيد الحب؟
أخفض "سيف" حاجبيه قائلاً بإستغراب:
ـ ماذا؟ إنها المرة الأولى التي تسألينني فيها هذا السؤال.
ضحكت "ملك" وقالت في مرح:
ـ إنني أمزح، ستكون هديتي مفاجأةً لكِ.
رد عليها "سيف" وهو يحمل كوب الماء:
ـ سنرى ذلك غداً على أيه حال.
بعد إنتهاء الدوام،توقف "أدهم" عند محل المجوهرات ودخل، ووقع نظره مباشرةً على نفس الخاتم الذي اشتراه"سيف" وقرر أن يشتريه لـ "دينا" كهدية.
كانت "تالين" في طريقها للخروج من الجامعة، وسمعت شخصاً يناديها فألتفتت للخلف، ورأت أحد الأشخاص يركض باتجاهها،فسألته قائلة:
ـ من أنت؟ وماذا تريد مني؟
أجابها الشاب قائلاً في تمني:
ـ أريد الخروج معكِ في الغد.
قالت له "تالين" في ضيق:
ـ لا أستطيع، فلدي موعدٌ مع شخصٍ آخر، وداعاً.
مد الشاب يده وأمسك بمعصمها وهو يقول بجدية:
ـ أرجوكِ أخرجي معي ، أنا أحبكِ فعلاً.
حاولت "تالين" إبعاد يدها عن قبضته وهي تقول:
ـ إحتفظ بحبك لنفسك.
قام الشاب بسحب "تالين" إليه وأحتضنها وهو يقول:
ـ لن أسمح لأحدٍ بأخذكِ مني.
جاء "آدم" إلى ذلك الشاب وسحبه من كتفه، ولكمه على وجهه بقوة ثم ركله بقدمه وأدى إلى سقوطه على الأرض، ثم
قال "آدم" وعينيه تشتعل غضباً:
ـ إياك أن تقترب من "تالين" مرةً أخرى.
حمل الشاب نفسه هارباً، فأقتربت "تالين" وقالت:
ـ شكراً لك "آدم"
رد عليها بدون أن يلتفت:
ـ لن أسمح لأي مخلوقٍ في هذا العالم أن يمسكِ بسوء.
إلتمعت عينا "تالين" بالدموع لأنها كانت خائفة أن تتدهور علاقتها مع "آدم" بسبب ذلك الشخص.
عندما كانت "سما" في طريقها للدخول للمنزل سمعت "احمد" يقول لها بمرح:
ـ مرحباً "سما" لم أركِ منذ مدة.
إلتفتت "سما" إليه واتسعت شفتيها وهي تقول:
ـ أهلاً "احمد" سعدتُ برؤيتك.
ارتبك "احمد" وهو يطلب منها قائلاً:
ـ ما رأيكِ أن نمشي قليلاً؟
وافقت "يما" على السير معه، وتبادلا الأحاديث، ثم توقف "احمد" عن السير عندما هبط الظلام وقال متمنياً:
ـ في الواقع،أنا أود أن أكون صديقاً لكِ يا "سما".
أدارت "سما" رأسها وقالت بإندهاش:
ـ صديقاً لي؟ لكن أنا.
قاطعها "احمد" قائلاً في إصرار:
ـ أرجوكِ بدون لكن.
أخفضت "سما" رأسها قائلة بحزن:
ـ لا أستطيع ذلك،أنا أعتبرك مثل أخي الأصغر.
تضايق "احمد" من هذه الكلمة وصرخ قائلاً بغضب:
ـ لا يمكن هذا، أنا أحبك يا "يما".
تحاشت "سما" النظر إليه وهي تقول بهدوء:
ـ أنا لم أقل بأنني لا احبك، لكنني أحبك كأخ لا صديق.
سألها "احمد" وهو محطم:
ـ لماذا؟هل لأنني أصغر سناً منكِ؟
هزت رأسها نفياً وهي تجيب:
ـ كلا،لا يهمني السن، لكني أحب شخصاً آخر.
اتسعت عينا "أحمد" وارتجفت شفتيه وهو يقول:
ـ شخصاً آخر؟ هذا مستحيل!
سقطت دمعةٌ من عيني "يما" فأخفض "احمد" حاجبيه وقال متسائلاً:
ـ لماذا تبكين "سما"؟
ابتسمت "سما" وهي تقول بصوتٍ باكي:
ـ لا شيء، فقط لأن الفتى الذي أحبه مات منذ زمن، وقلبي لا يستطيع أن يمتلكه شخصٌ آخر.
بقي "احمد" صامتاً ثم قال بجدية وثقة:
ـ سأكون الشخص الذي يمتلك قلبكِ، أعدكِ بهذا.
رفعت "سما" رأسها ونظرت إلى "احمد" ومسحت دموعها وهي تقول:
ـ يمكنك المحاولة، سأذهب الآن.
عادت "سما" إلى المنزل ورافقها "احمد" إلى هناك، ثم رحل.
طلعت شمس يومٍ جديد، هذا اليوم سيكون مميزاً بالنسبة للجميع، لأنه يوم الحب،أبعدت "تالين" الستائر عن نافذة غرفتها ورفعت يديها للأعلى وهي تقول بنشاط:
ـ إنه يومٌ جميل..
ثم فتحت درج مكتبها وأخرجت صورةً لها ووضعتها في الكيس الأحمر الذي ستهديه لـ "آدم" في هذا اليوم.
دخلت "نورا" إلى المطبخ ورفعت شعرها، وغسلت يديها وبدأت بإخراج مقادير الكعكة التي ستعدها، بينما كانت تعمل قالت مبتسمة:
ـ أنا واثقةٌ بأن "مروان" سيسعد بها.
وعندما أدخلتها إلى الفرن، بدأت بتجهيز الكريمة، بعد مرور ساعة إنتهت من كل العمل، وكتبت على الكعكة _I Love You_ ثم قالت بسعادة:
ـ جيد، لقد إنتهيت.
وأدخلتها إلى الثلاجة،وذهبت لتجهز نفسها للخروج مع "مروان" الذي إتصل عليها مساء يوم أمس ووعدها بمفاجأةً سارة.
قامت "دينا" بتغليف هديتها التي ستعطيها لـ "ادهم" ووضعت وردةً حمراء في وسط الهدية، ونظرت إلى الساعة ورأتها الواحدة والنصف وقالت وهي تنهض من على الأرض:
ـ علي أن أبدأ بتجهيز نفسي.
إشترت "دنيا" هاتفاً نقالاً لـ "محمد" وعادت إلى المنزل وبحثت عن أشكالٍ جميلة تغلف بها الهدية وكانت متشوقة لمعرفة الهدية التي سيقدمها لها.
دخل "مازن" إلى محل بيع الحلويات، وتعمد شراء النوع الذي تفضله "هند" وطلب من صاحب المحل أن يغلفها له بشكل أنيق، ثم اتجه إلى منزل "هند" لاصطحابها معه في نزهة.
قامت "ملك" بإعداد الحلوى التي يفضلها "سيف" وبعدما انتهت ذهبت لتجهز لتخرج معه.
في تلك اللحظة، كانت "تالين" تقف أمام المرآة، وهي تضع شريطاً على شعرها وتقول متسائلة:
ـ هل أبدو جميلةً هكذا؟
ووضعت المساحيق المناسبة للون ثوبها، فرن هاتفها فجأة ورأت المتصل "آدم" وحين ردت سمعته يقول لها:
ـ لا تذهبي إلى المكان الذي إتفقنا عليه.
سألته "تالين" في إحباط:
ـ لماذا؟
أجابها ضاحكاً في مرح وهو يقود السيارة:
ـ لأنني سآخذك إلى مكانٍ أفضل يا عزيزتي.
فرحت "تالين" كثيراً عندما قال هذا، وعجلت في تجهيز نفسها قبل أن يأتي.
عند المساء، ركبت "دنيا" مع "محمد" الذي جاء إليها بنفسه، وحين رآها قال مبتسماً:
ـ تبدين جميلةً جداً اليوم.
إحمر وجه "دنيا" ولم تتمكن من النظر إليه، فحرك السيارة.
أمسك "سيف" بيد "ملك" وهي تنزل من السيارة، وأشار بإصبعه إلى الأعلى، وحين نظرت رأت العربات المعلقة التي تنطلق من قمة الجبل، فاتسعت شفتيها من شدة الفرح وسألت:
ـ هل سنركب في هذه؟
هز "سيف" رأسه مجيباً:
ـ نعم، وستنقلنا إلى مكانٍ رائع.
وصعدا عبر الدرج.
في ذلك الوقت أوقف "أدهم" سيارته ونظر إلى "دينا" وهو يقول:
ـ لا تنزلي.
ونزل من السيارة، وتوجه إلى المكان الذي تجلس فيه وفتح الباب وحملها بين ذراعيه وأغلق الباب بقدمه، فقالت بإحراجٍ
شديد:
ـ "ادهم" ما الذي.
قاطعها "ادهم" وهو يقول بصوتٍ مرح:
ـ أغمضي عينيكِ و أبقى صامتة،إتفقنا؟
أغمضت "دينا" عينيها وهي تشعر بالخجل،وشعرت بـ "ادهم" وهو يسير بها إلى مكانٍ ما، وانتقل إلى مسامعها صوت المحيط، فتوقف "أدهم" عن السير وقال لها:
ـ إفتحي عينيك يا عزيزتي "دينا".
فتحت "دينا" عينيها بسرعة ورأت قارباً جميلاً بالقرب من الجسر الذي يقف عليه "أدهم" معها، ركب "أدهم" في القارب وهو يحملها، وحين أنزلها قام بإبعاد الحبل الذي يربط القارب بالجسر، رأت "دينا" طاولةً جميلة بها كل المأكولات التي تحبها والشموع والورود تملئ أرجاء القار وكانت سعيدةً للغاية.
قام "محمد" بإدخال "دنيا" إلى مكانٍ مخصص لشخصين في أحد المطاعم الفاخرة، وحين دخلت انبهرت من روعة المكان فقد كانت الزينة كثيرة مصحوبةٌ بالموسيقى الصاخبة، سحب لها "محمد" الكرسي لتجلس عليه فأبتسمت له وجلست،وجلس هو مقابلاً لها، وكان في وسط الطاولة كعكةٌ مغطاةٌ بالشموع والورود الحمراء، فقالت "دنيا" بسعادة:
ـ شكراً لك "محمد".
أمسك "آدم" بيد "تالين" وأدخلها إلى مدينة الملاهي، كانت "تالين" تنظر إلى الألعاب بإنسجام فجاء أحد المهرجين وهو يركض، نفخ وروداً حمراء فوقها فصرخت لأنها لم تكن منتبهة فضحك عليها "آدم" وهو يقول:
ـ لم أكن أعلم بأنكِ تخافين.
قالت "تالين" في ضيق:
ـ لقد فاجأني ذلك الأحمق.
كان في مدينة الملاهي عرضٌ للألعاب النارية، فوقفا "تالين" و "آدم" يراقبان والبسمة تعلو شفتيهما.