الفصل الثالث عشر
نظر "سليم" إلى الكتاب الذي بيده ثم مد يده إليها وهو يحمله قائلاً:
ـ يمكنكِ أخذه.
تراجعت "هند" خطوةً للخلف وهزت رأسها نفياً وهي تقول بخجل:
ـ لا يمكنني ذلك، إنه كتابك.
ضحك "سليم" عليها ثم قال بصوتٍ لطيف:
ـ لدي واحدٍ آخر في المنزل، اعتبريه هديةً مني.
إتسعت شفتي "هند" وهي تأخذ الكتاب منه وتقول:
ـ شكراً جزيلاً.
ظلت "هتد" واقفةً في مكانها عندما ذهب "سليم" وأحتضنت ذلك الكتاب، فجاء إليها "مازن" ووقف بجانبها قائلاً:
ـ ما الذي كنتِ تريدينه من ذلك الشخص؟
إلتمعت عينا "هند" فرحاً وهي تقول:
ـ إنه لطيف، وحنونٌ أيضاً.
وضع "مازن" كفه على كتفها وقال:
ـ "هند" لا تنسي بأنه المعلم.
تنهدت "عند" قائلةً في ضجر:
ـ أعلم هذا.
وعادت إلى القاعة متجاهلة كلام "مازن".
في تلك الأثناء رن هاتف "تالين" فأخرجته من الحقيبة وردت قائلة:
ـ مرحباً"تالين" تتكلم.
وانتقل إلى مسامعها صوت "آدم" وهو يقول:
ـ "تالين" كيف حالكِ؟
أجابته بسعادة:
ـ أنا في أحسن أحوالي.
ابتسم "آدم" وقال بصوتٍ مرهق:
ـ هكذا إذن أردتُ فقط أن أعتذر لكِ،لأنني لم أخبركِ عن سفري، لقد جاء كل شيءٍ فجأة.
سألته في إهتمام:
ـ كيف حال والدك؟
أجابها بنبرةٍ حزينة:
ـ إنه بخير، سوف نعود في صباح الغد، سأغلق الخط الآن،إلى اللقاء يا عزيزتي "تالين".
أغلقت "تالين" الخط،وأرجعت هاتفها إلى الحقيبة ثم فكرت قليلاً وقالت:
ـ يبدو أن والد "آدم" ليس بخير.
في مكانٍ آخر، قام "امجد" بسحب "هدى" من يدها وهي مع صديقاتها،فصرخت في وجهه قائلة بعصبية:
ـ ما هذا التصرف؟
أجابها بعدما أفلت يدها قائلاً بصوتٍ خافت:
ـ أريد مغادرة المدرسة الآن،لأن الحصص الباقية كلها مملة.
عقدت "هدى" ساعديها قائلة بتساؤل:
ـ وإلى أين ستذهب؟
لم يعرف "أمجد" كيف يرد عليها، فهو لم يختر مكاناً معيناً يذهب إليه، ثم طرأت في باله فكرة ورد قائلاً بسعادة:
ـ ما رأيكِ أن نذهب لتناول الغذاء في مطعم وبعدها نذهب للشقة؟
أدارت "هدى" ظهرها إليه وقالت بلا مبالاة:
ـ لن أذهب معك إلى أي مكان.
أخفض "امجد" حاجبيه قائلاً:
ـ لماذا؟
حركت عينيها إليه وهي تجيب:
ـ إن هذه آخر سنةٍ لي بالمرحلة الثانوية، ولا أريد أن أكون مهملة.
عادت "هدى" للجلوس مع صديقاتها، فتضايق "امجد" كثيراً وصرخ قائلاً:
ـ سأذهب لوحدي.
وتنهد قائلاً بداخل نفسه:
ـ أعلم بأنني لا أستطيع ذلك من دونها.
بالجامعة، في الكافتيريا،كانت "دينا" تتناول الإفطار مع "أدهم" وسألته:
ـ هل قدمك بخير؟
أبتسم وهو يجيبها:
ـ تؤلمني أحياناً، ما زلتُ لا أستطيع الوقوف طويلاً.
نظرت "دينا" إلى قدمه وقالت:
ـ هكذا إذن،ما كان عليك أن تأتي إلى الجامعة.
أخفض "أدهم" حاجبيه قائلاً في ضيق:
ـ إنه ألمٌ بسيط، كما أنني لا أريد البقاء بالمنزل.
حاولت "دنيا" الإتصال على "محمد" لكنه يرفض الرد، وشعرت بضيقٍ في قلبها لأنها أحست بالذنب بالرغم من أنه
لم يكن بوسعها عمل شيء في ذلك الوقت، وفي المحاولة الأخيرة قام "محمد" بالرد عليها فشعرت بالسعادة وقالت:
ـ مرحبـاً "محمد".
رد عليها بصوتٍ جاف:
ـ ما الذي تريدينه؟ أنا مشغولٌ الآن.
إرتبكت "دنيا" وهي تقول:
ـ إنها كلمةٌ واحدة فقط، سامحني أرجوك، أنا أكره أن يحقد علي أحد.
جلس "محمد" على سريره وهو يقول:
ـ أنا لستُ حاقداً، ولم أعد غاضباً منكِ أيضاً، يمكنني نسيان هذا الأمر والبدء من جديد.
قالت "دنيا" بإرتياح:
ـ حقاً؟ هل يمكننا الإلتقاء اليوم؟
إتسعت شفتي "محمد" بإبتسامةٍ صافية وأجابها قائلاً:
ـ بالتأكيد،حسناً، أراك لاحقاً.
وحين أغلق الخط، همس بداخل نفسه قائلاً:
ـ "دنيا" يالك من فتاةس طيبة، أنا سعيدٌ بتعرفي عليها.
غمرت السعادة قلب "دنيا" لأن "محمد" قد سامحها، ووعدت نفسها بأن لا تفعل شيئاً يغضبه.
بعد إنتهاء الدوام، كانت "دينا" تسير بجانب "أدهم" وهو يمسك بيدها، ثم توقف قائلاً:
ـ لقد نسيت.
حركت "دينا" عينيها إليه، فأخرج تذكرتان من جيبه وقال مبتسماً:
ـ أنظري، لقد إشتريتها صباح اليوم، لكي أعوضكِ عن تلك المرة.
إتسعت عينا "دينا" وقالت بسعادة:
ـ أشكرك "أدهم"لم أكن أتوقع ذلك.
وسحبها من يدها وهو يقول:
ـ لنذهب معاً.
ركبت "دينا" السيارة مع "ادهم" وانطلق بها إلى السينما.
بعد ذلك، دخل "محمد" مع "دنيا" إلى مدينة الملاهي، ودفع "محمد" سعر الدخول فقالت له "دنيا" متسائلة:
ـ هل هذه هي المفاجأة؟
إلتفت إليها "محمد" قائلاً باستغراب:
ـ ألا تحبين مدينة الملاهي؟
هزت رأسها مجيبة وهي تواصل السير:
ـ بلى أحبها كثيراً، لكنها تشعرني بأني طفلة.
ابتسم "محمد" قائلاً:
ـ هناك ألعابٌ للكبار،هيا يجب أن نستمتع بوقتنا.
وصل "أدهم" إلى السينما، ودخل ومعه "دينا" ثم أشترى الفُشار والعصير وتوجه إلى "دينا" قائلاً:
ـ هيا بنا.
بينما كانا يسيران مدت يدها وأمسكت بيده وجلسا على المقاعد المخصصة لهما،وبدأ الفيلم،قام "أدهم" بإخراج هاتفه من جيبه وكتب رسالةً لـ "دينا"وقرب الهاتف منها وقرأت المكتوب:
"هل أنتِ سعيدةٌ معي؟"
اتسعت شفتيها مبتسمة وهزت رأسها بالإيجاب وكتب رسالةً أخرى وقربها منها والمكتوب فيها:
"هل تحبيننى كما أحبك؟"
أحمر وجه "دينا" خجلاً وابعدت عينيها عنه وأشارت إلى الفيلم قائلةً بصوتٍ خافت:
ـ عليك أن تتابع الفيلم.
عدل "أدهم" جلسته وأعاد ظهره إلى الكرسي، وأستمر بالأكل ومشاهدة الفيلم، أما "دينا" فقد بقيت تحدق بـ "ادهم"بدون أن يلاحظ.
من جهةٍ أخرى، أقيم مهرجانٌ في مدينة الملاهي، فوقفت "دنيا" مع "محمد" يراقبان الإحتفالات وقام أحد المشتركين في المهرجان برمي قطوف الأزهار على كافة المشاهدين وسقطت واحدة على يد "دنيا" فوضعتها على كتف "محمد" فألتقطها وأبتسم في وجهها قائلاً:
ـ هل هذه لي؟
تظاهرت "دنيا" بعدم سماعه وأستمرت بمشاهدة المهرجان، فنظر إلى الوردة وقال:
ـ شكراً لكِ.
ثم رأت "دنيا" أحدهم يحمل كوباً كبيراً به ماء، وصرخ عليهم قائلاً بسعادة:
ـ من لا يريد أن يتبلل، يبتعد عن هنا.
لم ينتبه "محمد" إلى ما قاله وحين رمى الماء إختبئت "دنيا" خلف"محمد" وصب الماء كله فوقه بعدما أبتعد الجميع، اتسعت عينا "دنيا" وأخرجت منديلاً ومسحت وجه "محمد" وسمعته يقول في تسائل وضيق:
ـ أخبريني، من فعل هذا؟
ورفع عينيه إلى الشخص الذي رمى الماء، ورمقه بنظرات غاضبة،وقال ذلك الشخص بكل ثقة:
ـ ألم أطلب منكم الإبتعاد؟
عقد "محمد" حاجبيه وركض نحوه صاعداً إلى العربة التي يقف عليها ذلك الشخص ولكمه مرتين في وجهه وأسقطه أرضاً، وعمت الفوضى أرجاء المكان، فقامت "دنيا" بسحب "محمد" من هناك بسرعة من وسط الزحام وخرجوا من مدينة الملاهي، بعدما ابتعدا من هناك وتوقفا عند أحد الحدائق قال "محمد" وهو يجلس على الأرض:
ـ أنا آسف، آسفٌ جداً.
قالت له "دنيا" وهي تتنفس بصعوبة:
ـ لا بأس، لا بأس، لكن عليك أن تنتبه قبل أن تتصرف.
رفع "محمد" راسه وأنسدل شعره المبلل على عينيه وهو يقول:
ـ لم أعلم ما الذي حصل لي وقتها، وكأن شياطين العالم تجمعت حولي.
جلست "دنيا" أمامه وأبعدت معطفها وألبسته به وهي تقول:
ـ ستصاب بالبرد إذا بقيت هكذا.
مد "محمد" يده ووضعه على كتفها الأيمن وأحتضنها وأغمض عينيه قائلاً:
ـ أنا آسف، لقد أردتُ إسعادكِ اليوم.
أغمضت "دنيا" عينيها ببطء وهي تقول:
ـ لقد إستمتعت فعلاً شكراً لك.
في السينما، غادرا "أدهم" و "دينا" قاعة العرض وفُتحت ربطة حذاء "أدهم" فجلس على الأرض ليصلحها وهو يقول:
ـ إنتظري لحظة.
توقفت "دينا" عن السير بالرغم من إنها لم تسمعه من شدة الضجيج وتوقفت لأنها رأت محلاً للعرائس وقالت بسعادة:
ـ يبدو رائعاً.
وحين التفتت نهض "أدهم" في نفس الوقت، واصطدم رأسه برأسها وأقتربت شفتيهما من بعضهما وتراجعت "دينا" للخلف بسرعة فقال "هنري" بإندهاش:
ـ لم أنتبه،أنا آسف.
إرتجفت شفتي "دينا" ولم تنطق بكلمة، فأعتذر لها "ادهم" مرةً أخرى، فقالت بإرتباك:
ـ آه لا بأس، أنا لم أنتبه أيضاً.
وتابعت سيرها ولحق بها "ادهم" ولم يتكلما طوال الطريق.
وحين وصلا للمنزل، توقف "أدهم" وقال معتذراً:
ـ أنا آسف.
نظرت إليه "دينا" وقالت بخجل:
ـ لماذا تعتذر؟ أنت لم تفعل شيئاً.
كان نظر "أدهم" موجهاً للجهة الأمامية وهو يقول بجدية:
ـ "دينا" في الواقع أنا..
ثم سكت قليلاً وتابع:
ـ لا لاشيء لا تشغلي بالك.
نزلت "دينا" من السيارة، وقالت له:
ـ اراك غداً في الجامعة.
إتكئ "محمد" بظهره على جذع الشجرة بجانب "دنيا" في الحديقة، والهدوء يملئ المكان، ثم قال بإرتياح:
ـ لقد شعرت بالدفء عندما أعطيتني معطفك، لكن ألا تشعرين بالبرد؟
أجابته قائلةً وهي تنهض من على الأرض:
ـ كلا ما رأيك أن نعود للمنزل؟
وقف "محمد" وهو يقول:
ـ حسناً لقد بدأت أشعر بالتعب.
وقام بخلع المعطف وألبسه لـ "دنيا" من الخلف، وأمسك بيدها قائلاً:
ـ هيا بنا "دنيا".
وعادا إلى المنزل.
في تلك اللحظة كانت "هند" تنظر إلى صورة والدها والتمعت عينيها وهي تقول بإندهاش:
ـ إنه يشبه المعلم "سليم" كثيراً، لكني أشعر بأني أحببته ولا يمكن أن أعتبره مثل والدي.
في أحد الفنادق، دخل "امجد" مع "هدى" إلى الشقة،وشغلت الأنوار، ثم وضعت حقيبتها على الأريكة بالصالة، وقالت
وهي تلتفت لـ "امجد":
ـ سأذهب لأستحم الآن.
قال "امجد" مستغرباً:
ـ هل أنتِ جادة؟
ضحكت "هدى" بأعلى صوتها وهي تقول في مرح:
ـ هل صدقت؟ كيف أستحم وأنا لم أحضر ملابسي، يالغباء.
ووضعت إصبعها على جبهته وهي تقول:
ـ ما زال تفكيرك محدود يا عزيزي "امجد".
أمسك "امجد" بيدها وأبعدها عن رأسه وهو يقول:
ـ توقفي عن المزاح وأتصلي على عائلتكِ بسرعة.
فتحت "هدى" حقيبتها وأخرجت هاتفها النقال، وأتصلت على والدتها وأخبرتها بأنها ستنام عند صديقتها هذا اليوم
فوافقت والدتها على ذلك،أغلقت "هدى" الخط وشعرت بـ "امجد" وهو يحتضنها من الخلف ويهمس في أذنيها:
ـ هل أنا صديقك أم حبيبك؟
أدارت "هدى" جسدها إليه ووضع رأسها على كتفه وهو تجيب:
ـ أنت حبيبي وفارس أحلامي.
جلس "امجد" مع "هدى" على الأريكة وقال بحنان:
ـ لن أسمح لأحدٍ بأخذكِ مني يا عزيزتي.
دخلت "ملك" إلى غرفتها، وخلعت معطفها ثم توجهت نحو النافذة وفتحتها، وقالت وهي تنظر للنجوم في السماء:
ـ إنها جميلة، بعد غد سيكون عيد الحب، ماذا سأهدي "سيف"؟
وعندما أحست بالبرد أغلقت النافذة.
في ذلك الوقت، كانت "تالين" تجلس على الأرض في غرفتها، وتُخيط معطفاً جميلاً لـ "آدم" بمناسبة عيد الحب واشترت له عطراً ذو رائحةٍ مميزة، ثم رفعت المعطف وقالت مبتسمة:
ـ أتمنى أن يعجبه.
وبقيت مستيقظة طوال الليل من أجل إكماله.
كانت "نورا" تقلب كتاب الطبخ، في قسم الحلويات، وتوقفت عند كعكة الشكولاته، وقرأت الطريقة ثم قالت بسعادة:
ـ سأصنع واحدةً لـ "مروان" بمناسبة العيد.
إستلقت "دنيا" على سريرها وتساءلت بداخل نفسها:
ـ لماذا "محمد" عصبيٌ هكذا؟
ثم أنقلبت على الجنب الأيمن وأغمضت عينيها قائلة:
ـ سأسأله لاحقاً.
وغطت في النوم بينما كانت تفكر بهذا الموضوع.
دخل "سيف" إلى أحد محلات المجوهرات، ووقف أمام البائع وقال له:
ـ هل يمكنك أن تريني ما الجديد لديك؟ أريد خاتماً جميلاً على ذوقك.
بحث البائع قليلاً ثم أخرج له خاتماً مرصعاً باللؤلؤ الجميل، فأخذه "سيف" وابتسم قائلاً:
ـ سوف أشتري هذا، غلفه لي لو سمحت.
أحس "سيف" بأن "ملك" ستكون سعيدةً بهذه الهدية منه،وعاد إلى المنزل وهو بغاية السعادة..
ـ يمكنكِ أخذه.
تراجعت "هند" خطوةً للخلف وهزت رأسها نفياً وهي تقول بخجل:
ـ لا يمكنني ذلك، إنه كتابك.
ضحك "سليم" عليها ثم قال بصوتٍ لطيف:
ـ لدي واحدٍ آخر في المنزل، اعتبريه هديةً مني.
إتسعت شفتي "هند" وهي تأخذ الكتاب منه وتقول:
ـ شكراً جزيلاً.
ظلت "هتد" واقفةً في مكانها عندما ذهب "سليم" وأحتضنت ذلك الكتاب، فجاء إليها "مازن" ووقف بجانبها قائلاً:
ـ ما الذي كنتِ تريدينه من ذلك الشخص؟
إلتمعت عينا "هند" فرحاً وهي تقول:
ـ إنه لطيف، وحنونٌ أيضاً.
وضع "مازن" كفه على كتفها وقال:
ـ "هند" لا تنسي بأنه المعلم.
تنهدت "عند" قائلةً في ضجر:
ـ أعلم هذا.
وعادت إلى القاعة متجاهلة كلام "مازن".
في تلك الأثناء رن هاتف "تالين" فأخرجته من الحقيبة وردت قائلة:
ـ مرحباً"تالين" تتكلم.
وانتقل إلى مسامعها صوت "آدم" وهو يقول:
ـ "تالين" كيف حالكِ؟
أجابته بسعادة:
ـ أنا في أحسن أحوالي.
ابتسم "آدم" وقال بصوتٍ مرهق:
ـ هكذا إذن أردتُ فقط أن أعتذر لكِ،لأنني لم أخبركِ عن سفري، لقد جاء كل شيءٍ فجأة.
سألته في إهتمام:
ـ كيف حال والدك؟
أجابها بنبرةٍ حزينة:
ـ إنه بخير، سوف نعود في صباح الغد، سأغلق الخط الآن،إلى اللقاء يا عزيزتي "تالين".
أغلقت "تالين" الخط،وأرجعت هاتفها إلى الحقيبة ثم فكرت قليلاً وقالت:
ـ يبدو أن والد "آدم" ليس بخير.
في مكانٍ آخر، قام "امجد" بسحب "هدى" من يدها وهي مع صديقاتها،فصرخت في وجهه قائلة بعصبية:
ـ ما هذا التصرف؟
أجابها بعدما أفلت يدها قائلاً بصوتٍ خافت:
ـ أريد مغادرة المدرسة الآن،لأن الحصص الباقية كلها مملة.
عقدت "هدى" ساعديها قائلة بتساؤل:
ـ وإلى أين ستذهب؟
لم يعرف "أمجد" كيف يرد عليها، فهو لم يختر مكاناً معيناً يذهب إليه، ثم طرأت في باله فكرة ورد قائلاً بسعادة:
ـ ما رأيكِ أن نذهب لتناول الغذاء في مطعم وبعدها نذهب للشقة؟
أدارت "هدى" ظهرها إليه وقالت بلا مبالاة:
ـ لن أذهب معك إلى أي مكان.
أخفض "امجد" حاجبيه قائلاً:
ـ لماذا؟
حركت عينيها إليه وهي تجيب:
ـ إن هذه آخر سنةٍ لي بالمرحلة الثانوية، ولا أريد أن أكون مهملة.
عادت "هدى" للجلوس مع صديقاتها، فتضايق "امجد" كثيراً وصرخ قائلاً:
ـ سأذهب لوحدي.
وتنهد قائلاً بداخل نفسه:
ـ أعلم بأنني لا أستطيع ذلك من دونها.
بالجامعة، في الكافتيريا،كانت "دينا" تتناول الإفطار مع "أدهم" وسألته:
ـ هل قدمك بخير؟
أبتسم وهو يجيبها:
ـ تؤلمني أحياناً، ما زلتُ لا أستطيع الوقوف طويلاً.
نظرت "دينا" إلى قدمه وقالت:
ـ هكذا إذن،ما كان عليك أن تأتي إلى الجامعة.
أخفض "أدهم" حاجبيه قائلاً في ضيق:
ـ إنه ألمٌ بسيط، كما أنني لا أريد البقاء بالمنزل.
حاولت "دنيا" الإتصال على "محمد" لكنه يرفض الرد، وشعرت بضيقٍ في قلبها لأنها أحست بالذنب بالرغم من أنه
لم يكن بوسعها عمل شيء في ذلك الوقت، وفي المحاولة الأخيرة قام "محمد" بالرد عليها فشعرت بالسعادة وقالت:
ـ مرحبـاً "محمد".
رد عليها بصوتٍ جاف:
ـ ما الذي تريدينه؟ أنا مشغولٌ الآن.
إرتبكت "دنيا" وهي تقول:
ـ إنها كلمةٌ واحدة فقط، سامحني أرجوك، أنا أكره أن يحقد علي أحد.
جلس "محمد" على سريره وهو يقول:
ـ أنا لستُ حاقداً، ولم أعد غاضباً منكِ أيضاً، يمكنني نسيان هذا الأمر والبدء من جديد.
قالت "دنيا" بإرتياح:
ـ حقاً؟ هل يمكننا الإلتقاء اليوم؟
إتسعت شفتي "محمد" بإبتسامةٍ صافية وأجابها قائلاً:
ـ بالتأكيد،حسناً، أراك لاحقاً.
وحين أغلق الخط، همس بداخل نفسه قائلاً:
ـ "دنيا" يالك من فتاةس طيبة، أنا سعيدٌ بتعرفي عليها.
غمرت السعادة قلب "دنيا" لأن "محمد" قد سامحها، ووعدت نفسها بأن لا تفعل شيئاً يغضبه.
بعد إنتهاء الدوام، كانت "دينا" تسير بجانب "أدهم" وهو يمسك بيدها، ثم توقف قائلاً:
ـ لقد نسيت.
حركت "دينا" عينيها إليه، فأخرج تذكرتان من جيبه وقال مبتسماً:
ـ أنظري، لقد إشتريتها صباح اليوم، لكي أعوضكِ عن تلك المرة.
إتسعت عينا "دينا" وقالت بسعادة:
ـ أشكرك "أدهم"لم أكن أتوقع ذلك.
وسحبها من يدها وهو يقول:
ـ لنذهب معاً.
ركبت "دينا" السيارة مع "ادهم" وانطلق بها إلى السينما.
بعد ذلك، دخل "محمد" مع "دنيا" إلى مدينة الملاهي، ودفع "محمد" سعر الدخول فقالت له "دنيا" متسائلة:
ـ هل هذه هي المفاجأة؟
إلتفت إليها "محمد" قائلاً باستغراب:
ـ ألا تحبين مدينة الملاهي؟
هزت رأسها مجيبة وهي تواصل السير:
ـ بلى أحبها كثيراً، لكنها تشعرني بأني طفلة.
ابتسم "محمد" قائلاً:
ـ هناك ألعابٌ للكبار،هيا يجب أن نستمتع بوقتنا.
وصل "أدهم" إلى السينما، ودخل ومعه "دينا" ثم أشترى الفُشار والعصير وتوجه إلى "دينا" قائلاً:
ـ هيا بنا.
بينما كانا يسيران مدت يدها وأمسكت بيده وجلسا على المقاعد المخصصة لهما،وبدأ الفيلم،قام "أدهم" بإخراج هاتفه من جيبه وكتب رسالةً لـ "دينا"وقرب الهاتف منها وقرأت المكتوب:
"هل أنتِ سعيدةٌ معي؟"
اتسعت شفتيها مبتسمة وهزت رأسها بالإيجاب وكتب رسالةً أخرى وقربها منها والمكتوب فيها:
"هل تحبيننى كما أحبك؟"
أحمر وجه "دينا" خجلاً وابعدت عينيها عنه وأشارت إلى الفيلم قائلةً بصوتٍ خافت:
ـ عليك أن تتابع الفيلم.
عدل "أدهم" جلسته وأعاد ظهره إلى الكرسي، وأستمر بالأكل ومشاهدة الفيلم، أما "دينا" فقد بقيت تحدق بـ "ادهم"بدون أن يلاحظ.
من جهةٍ أخرى، أقيم مهرجانٌ في مدينة الملاهي، فوقفت "دنيا" مع "محمد" يراقبان الإحتفالات وقام أحد المشتركين في المهرجان برمي قطوف الأزهار على كافة المشاهدين وسقطت واحدة على يد "دنيا" فوضعتها على كتف "محمد" فألتقطها وأبتسم في وجهها قائلاً:
ـ هل هذه لي؟
تظاهرت "دنيا" بعدم سماعه وأستمرت بمشاهدة المهرجان، فنظر إلى الوردة وقال:
ـ شكراً لكِ.
ثم رأت "دنيا" أحدهم يحمل كوباً كبيراً به ماء، وصرخ عليهم قائلاً بسعادة:
ـ من لا يريد أن يتبلل، يبتعد عن هنا.
لم ينتبه "محمد" إلى ما قاله وحين رمى الماء إختبئت "دنيا" خلف"محمد" وصب الماء كله فوقه بعدما أبتعد الجميع، اتسعت عينا "دنيا" وأخرجت منديلاً ومسحت وجه "محمد" وسمعته يقول في تسائل وضيق:
ـ أخبريني، من فعل هذا؟
ورفع عينيه إلى الشخص الذي رمى الماء، ورمقه بنظرات غاضبة،وقال ذلك الشخص بكل ثقة:
ـ ألم أطلب منكم الإبتعاد؟
عقد "محمد" حاجبيه وركض نحوه صاعداً إلى العربة التي يقف عليها ذلك الشخص ولكمه مرتين في وجهه وأسقطه أرضاً، وعمت الفوضى أرجاء المكان، فقامت "دنيا" بسحب "محمد" من هناك بسرعة من وسط الزحام وخرجوا من مدينة الملاهي، بعدما ابتعدا من هناك وتوقفا عند أحد الحدائق قال "محمد" وهو يجلس على الأرض:
ـ أنا آسف، آسفٌ جداً.
قالت له "دنيا" وهي تتنفس بصعوبة:
ـ لا بأس، لا بأس، لكن عليك أن تنتبه قبل أن تتصرف.
رفع "محمد" راسه وأنسدل شعره المبلل على عينيه وهو يقول:
ـ لم أعلم ما الذي حصل لي وقتها، وكأن شياطين العالم تجمعت حولي.
جلست "دنيا" أمامه وأبعدت معطفها وألبسته به وهي تقول:
ـ ستصاب بالبرد إذا بقيت هكذا.
مد "محمد" يده ووضعه على كتفها الأيمن وأحتضنها وأغمض عينيه قائلاً:
ـ أنا آسف، لقد أردتُ إسعادكِ اليوم.
أغمضت "دنيا" عينيها ببطء وهي تقول:
ـ لقد إستمتعت فعلاً شكراً لك.
في السينما، غادرا "أدهم" و "دينا" قاعة العرض وفُتحت ربطة حذاء "أدهم" فجلس على الأرض ليصلحها وهو يقول:
ـ إنتظري لحظة.
توقفت "دينا" عن السير بالرغم من إنها لم تسمعه من شدة الضجيج وتوقفت لأنها رأت محلاً للعرائس وقالت بسعادة:
ـ يبدو رائعاً.
وحين التفتت نهض "أدهم" في نفس الوقت، واصطدم رأسه برأسها وأقتربت شفتيهما من بعضهما وتراجعت "دينا" للخلف بسرعة فقال "هنري" بإندهاش:
ـ لم أنتبه،أنا آسف.
إرتجفت شفتي "دينا" ولم تنطق بكلمة، فأعتذر لها "ادهم" مرةً أخرى، فقالت بإرتباك:
ـ آه لا بأس، أنا لم أنتبه أيضاً.
وتابعت سيرها ولحق بها "ادهم" ولم يتكلما طوال الطريق.
وحين وصلا للمنزل، توقف "أدهم" وقال معتذراً:
ـ أنا آسف.
نظرت إليه "دينا" وقالت بخجل:
ـ لماذا تعتذر؟ أنت لم تفعل شيئاً.
كان نظر "أدهم" موجهاً للجهة الأمامية وهو يقول بجدية:
ـ "دينا" في الواقع أنا..
ثم سكت قليلاً وتابع:
ـ لا لاشيء لا تشغلي بالك.
نزلت "دينا" من السيارة، وقالت له:
ـ اراك غداً في الجامعة.
إتكئ "محمد" بظهره على جذع الشجرة بجانب "دنيا" في الحديقة، والهدوء يملئ المكان، ثم قال بإرتياح:
ـ لقد شعرت بالدفء عندما أعطيتني معطفك، لكن ألا تشعرين بالبرد؟
أجابته قائلةً وهي تنهض من على الأرض:
ـ كلا ما رأيك أن نعود للمنزل؟
وقف "محمد" وهو يقول:
ـ حسناً لقد بدأت أشعر بالتعب.
وقام بخلع المعطف وألبسه لـ "دنيا" من الخلف، وأمسك بيدها قائلاً:
ـ هيا بنا "دنيا".
وعادا إلى المنزل.
في تلك اللحظة كانت "هند" تنظر إلى صورة والدها والتمعت عينيها وهي تقول بإندهاش:
ـ إنه يشبه المعلم "سليم" كثيراً، لكني أشعر بأني أحببته ولا يمكن أن أعتبره مثل والدي.
في أحد الفنادق، دخل "امجد" مع "هدى" إلى الشقة،وشغلت الأنوار، ثم وضعت حقيبتها على الأريكة بالصالة، وقالت
وهي تلتفت لـ "امجد":
ـ سأذهب لأستحم الآن.
قال "امجد" مستغرباً:
ـ هل أنتِ جادة؟
ضحكت "هدى" بأعلى صوتها وهي تقول في مرح:
ـ هل صدقت؟ كيف أستحم وأنا لم أحضر ملابسي، يالغباء.
ووضعت إصبعها على جبهته وهي تقول:
ـ ما زال تفكيرك محدود يا عزيزي "امجد".
أمسك "امجد" بيدها وأبعدها عن رأسه وهو يقول:
ـ توقفي عن المزاح وأتصلي على عائلتكِ بسرعة.
فتحت "هدى" حقيبتها وأخرجت هاتفها النقال، وأتصلت على والدتها وأخبرتها بأنها ستنام عند صديقتها هذا اليوم
فوافقت والدتها على ذلك،أغلقت "هدى" الخط وشعرت بـ "امجد" وهو يحتضنها من الخلف ويهمس في أذنيها:
ـ هل أنا صديقك أم حبيبك؟
أدارت "هدى" جسدها إليه ووضع رأسها على كتفه وهو تجيب:
ـ أنت حبيبي وفارس أحلامي.
جلس "امجد" مع "هدى" على الأريكة وقال بحنان:
ـ لن أسمح لأحدٍ بأخذكِ مني يا عزيزتي.
دخلت "ملك" إلى غرفتها، وخلعت معطفها ثم توجهت نحو النافذة وفتحتها، وقالت وهي تنظر للنجوم في السماء:
ـ إنها جميلة، بعد غد سيكون عيد الحب، ماذا سأهدي "سيف"؟
وعندما أحست بالبرد أغلقت النافذة.
في ذلك الوقت، كانت "تالين" تجلس على الأرض في غرفتها، وتُخيط معطفاً جميلاً لـ "آدم" بمناسبة عيد الحب واشترت له عطراً ذو رائحةٍ مميزة، ثم رفعت المعطف وقالت مبتسمة:
ـ أتمنى أن يعجبه.
وبقيت مستيقظة طوال الليل من أجل إكماله.
كانت "نورا" تقلب كتاب الطبخ، في قسم الحلويات، وتوقفت عند كعكة الشكولاته، وقرأت الطريقة ثم قالت بسعادة:
ـ سأصنع واحدةً لـ "مروان" بمناسبة العيد.
إستلقت "دنيا" على سريرها وتساءلت بداخل نفسها:
ـ لماذا "محمد" عصبيٌ هكذا؟
ثم أنقلبت على الجنب الأيمن وأغمضت عينيها قائلة:
ـ سأسأله لاحقاً.
وغطت في النوم بينما كانت تفكر بهذا الموضوع.
دخل "سيف" إلى أحد محلات المجوهرات، ووقف أمام البائع وقال له:
ـ هل يمكنك أن تريني ما الجديد لديك؟ أريد خاتماً جميلاً على ذوقك.
بحث البائع قليلاً ثم أخرج له خاتماً مرصعاً باللؤلؤ الجميل، فأخذه "سيف" وابتسم قائلاً:
ـ سوف أشتري هذا، غلفه لي لو سمحت.
أحس "سيف" بأن "ملك" ستكون سعيدةً بهذه الهدية منه،وعاد إلى المنزل وهو بغاية السعادة..