الفصل التاسع عقد قيران
كان عاصم يشعر بالكثير من الضيق وهو يرى رجل غريب يجلس معها في ذات المكان وتتحدث معه بأريحية، تحدثت هي ببراءة مصطنعة وهي تعلم ما يحدث له جيدًا:
-أقدم لك يا عاصم هذا جاسر هو قريب والدتي من بعيد لكننا كنّا نلتقي في بعض الأوقات قبل أن ألجأ إلى جلال.
ابتسم جاسر وهو يعلم ما تخطط له هذه الماكرة، يذكر كيف تحدثت معه وطلبت أن يبقى هذا سرًا بينهم بعيدًا عن جلال، تشاركه في شيء يخصها للمرة الأولى وهذا جعله يدرك أهمية الأمر.
كانت ملامح مراد جامدة وهو ينظر إلى جاسر، اقترب بإبتسامة مصطنعة:
-مرحبًا بك في منزلنا، غرام تعالي معي أريد أن أخذ رأيكِ بشيء.
تعلم غرام أنه لا يفكر الآن بل يشعر بالضيق من جلوسها هنا بتلك الطريقة مع جاسر، اقتربت وابتعد هو عن موضع جلوس جاسر:
-اخبريني يا غرام ما الذي يحدث هنا؟ لم أريد التحدث أمامه ولم أريد الغضب كذلك.
عقدت حاجبيها وهي تدعي عدم الفهم:
-اخبرني يا عاصم ما الذي يحدث لك؟ أنا أجلس معه في الحديقة وأظن أن هذا الأمر عادي؟
انفعل عاصم وهو يحرك رأسه بنفي:
-هو لا يقرب لكِ، يمكنه الزواج منكِ؛ لهذا لا يمكنكي الجلوس معه بتلك الطريقة وحدكم.
نظرت غرام له وهي تحرك رأسها باستنكار مصطنع:
-ماذا بك يا مراد؟ أنت كنز تجلس مع شمس وكذلك عنبر تجلس مع شهاب لماذا حلال ومحرم عليّ، أنا لا أفعل شيء خاطئ يا مراد وأنت لا تثق بي
أتت لتبتعد وهي تعلم أن ما تريده سوف تحصل عليه، بالفعل قام عاصم بسحبها والتحدث بضيق:
-غرام هذا ليس صحيح، حتى لو كان الجميع يفعله، لم أكن منتبه وأنتِ لفتي إنتباهي هذا كافي لأن أخذ الحذر.
منعت غرام إبتسامتها وهي تتحدث ببراءة مصطنعة:
-حسنًا با عاصم، لا تشعر بالضيق وأنا سوف أفعل مثلك، لن أجلس مع شخص غريب بمفردي، تعالى لتجلس معنا هيا.
ابتسم عاصم من سماعها له، ظن أنه المنتصر، لكن في الحقيقة هو جزء من لعبتها، استطاعت أن تجعله يفعل ما يريد بكامل رضاه، كان هذا الأمر يشعرها بالنصر والسعادة.
جلسوا معًا وهي كانت تنظر إلى جاسر وكأنها تحذره بين الحين والآخر، بدى عليه القلق ولكنها تدارك نفسه وهو يقول:
-لم أتخيل ان تتزوج غرام بهذه السرعة، لطالما كانت ترفض هذه الفكرة، بعد وفاة أمي لم توافق لتبقى معي بل اسرعت بجمع ما يخصها واختفت تمامًا، كنّا نتحدث لكنها لم تخبرني عن مكان إقامتها، لم أجد سبب لفعلتها تلك.
رفع عاصم أحد حاجبيه وهو يرمقه بتهكم:
-ماذا كنت تريدها أن تفعل؟ هل تريدها أن تعطيك نسخة من مفتاح شقتها لتأتي كيفما تشاء؟
ابتلع جاسر ما بحلقه وهو بدى عليه الضيق من طريقة عاصم وهذا الموقف الذي وُضع به بسببها هي وحدها:
-لم أكن أقصد هذا، أنا أعني أنها ابتعدت عني.
ابتسم عاصم له باصطناع ومن ثم نظر إلى غرام ليتحدث بهدوء:
-غرام تجيد التصرف جيدًا، هي أكثر فتاة عاقلة وتستطيع أن تحدد الخطأ من الصواب.
بادلته غرام الإبتسامة وهي تلاحظ أنه لا يرتاح إلى جاسر، بينما جاسر لا يعرف ماذا يفعل وهذا يجعلها على وشك أن تقتله دون مبالغة.
اقتربت عنبر في هذا الوقت وهي تبتسم:
-متى أتيت يا عاصم؟ سأل أبي عنك عندما عاد من الخارج وقولت له أنك لم تعود بعد، الطعام جاهز والجميع حول المائدة، هيا فالتأتوا أنتو أيضًا.
ابتسم لها جاسر وهو يومأ، لاحظت غرام نظراته لتضيق عينيها بتوعد له، لاحظ نظرات غرام فاختفت إبتسامته وهو يحمحم:
-لقد كنت جائع حقًا، هيا دعونا نتناول الطعام.
سبقهم جميعًا لينظر عاصم إلى غرام وهو يشعر بالكثير من الضيق، كأنه يقول لقد كنتِ سبب في جلب عديم الأخلاق إلى هنا، لم تعطيه الفرصة وسبقته تقول بحزن مصطنع:
-أسفة يا عاصم، أنا لم أكن أعلم أن طباعه تغيرت إلى هذا الحد، كنت أظن أن..
قطعت حديثها وهي تنظر إلى الأسفل، نظر عاصم تجاه الباب ووجد عنبر قد دلفت هي الأخرى، قام برفع وجه غرام لتواجه نظراته وهو يحرك رأسه بنفي:
-لا يوجد داعي لتوبخي نفسكِ يا غرام، أنا لم أقول شيء، هو من أقاربكِ وإن كان وجوده لا بد منه لا يوجد لدي مانع لكن لا تتعاملي معه بشكل زائد، هذا الأمر ضروري بالنسبة لي ويزعجني كثيرًا.
ابتسمت غرام وهي تومأ له وقد لمعت عينيها وهي تنظر تجاه عينيه:
-لا يمكنني أن أفعل شيء يضايقك يا عاصم، سوف يكون كل شيء على مايرام مادمت تخاف على شعوري.
عقد حاجبيه وهو يتأمل عينيها، اقتربت من وجهه وهي تهمس له:
-تخاف على شعوري أليس كذلك يا عاصم؟
وضع يده على وجنتها وهو يبتسم ويومأ لها:
-بالطبع يا غرام، أنا لم أتعمد أن أفعل شيء يضايقكي، لن أفعل شيء يقلل من شأنكِ.
ابتسمت له بطريقة مماثلة وهي تبتعد عن يده:
-وأنا أيضًا كذلك.
يعلم كل العلم أنها تتهرب منه، هي بارعة في هذا، لكنه يشعر بالتعجب ما الذي يخيفها كلما لمس وجنتها؟ تركته ودلفت هي للداخل بينما هو حاول أن يتجاهل الأمر لحين زواجهم وسوف يخبرها أن عليها أن تطمئن، فقط تطمئن.
جلسوا حول مائدة الطعام، كانت نظرات عاصم موجهة تجاه غرام، تعمدت هي أن تتجاهله تمامًا ولا تعطيه أي إنتباه، تأفف عاصم وهو لا يعلم ما الذي تريده، تارة يشعر أنها تنجذب له وتارة أخرى يشعر أنه لا شيء بالنسبة بها.
لم يكن عاصم يعرف أن كل هذا من تخطيطها، هي فعلت كل شيء بمهارة، كل شيء لديها خطة تجاهه، أخيرًا مر الوقت وأتى يوم عقد قيرانهم، كانت غرام تفكر في جلال، تعلم جيدًا أنه لو علم بما يحدث لن يمر هذا اليوم وسوف يقلب كل شيء رأس على عقب.
استفاقت على يد توضع على كتفها لتنظر له بشراسة لم تدركها لتسيطر عليها:
-ما الذي تريده؟
عقد عاصم حاجبيه بتعجب واقترب ليجلس بجوارها على السرير:
-انتهيتِ من تبديل ثيابكِ، قالت عنبر أنكِ جاهزة لماذا لم تهبطي؟!
نظرت له وهي تحاول أن تسيطر على نفسها، ابتلعت ما بحلقها وهي تومأ:
-حسنًا يا عاصم يمكننا أن نهبط.
كادت أن تسير ليمسك بيدها:
-اخبريني بماذا تفكرين؟ لماذا مزاجكِ معكر بتلك الطريقة؟
حركت رأسها بنفي وهي تنظر له:
-لا شيء يا عاصم، فقط كنت أشعر بالتشتت، لا يوحد شيء.
تحدث عاصم وهو يقترب منها ويحرك رأسه بنفي:
-لا يمكنكي أن تغصبي نفسكِ على أي شيء يا حبيبتي، إن كنتِ لا تريدين هذا الزواج لا يوجد شيء سوف يغصبكي عليه صدقيني، يمكنكي أن ترفضي وسوف أستجيب لكِ.
نظرت غرام له وقد رأت الصدق بعينيه، ابتسمت ببعض القلق وهي تحرك رأسها بنفي:
-لكنني أريد هذا الزواج يا عاصم، أنت شخص مثالي ولا يمكنني أن أجد شخص مثلك.
ابتسم عاصم وقرب يدها منن ليقبل باطن كفها لكنها سحبت يدها بعنف تعجبت له، شعرت بالكثير من الضيق بالأخص عندما لاحظت هذا على وجهه، تسارعت أنفاسها وهي لا تعلم ما الذي يحدث، هي ليست كذلك، لم تكن يومًا تخشى أن يمسك أحدهم بيدها!
أوشك عاصم على الحديث وهي تعلم جيدًا ما الذي سوف يقوله، سارعت هي بالتحدث:
-لم يتم عقد قيراننا بعد وأنا لا أرتاح لشيء كهذا يا عاصم، سامحني لكن هذا..
قاطعها عاصم وهو يومأ لها، اخبرها بهدوء:
-لا بأس يا غرام أنا أتفهمكي، معكِ حق في هذا أيضًا، أنا ليس من حقي لمسكِ بأي طريقة.
ابتسمت غرام وهي تومأ له وتريد أن تغادر غرفتها بأسرع وقت:
-هذا الأمر جيد ومريح للغاية، دعنا نهبط حتى لا يقلقوا بشأننا.
هبطت معه وعقلها مشغول بما تشعر به، لماذا تنفر منه بتلك الطريقة الغريبة، لم تعتاد على هذا حتى مع جلال فما الذي يحدث لها الآن؟!
اجتمعوا وبدأ الشيخ في عقد قيرانهم، وافقت غرام ولا تعلم ما الذي يحدث لها، شعرت بأنها تفقد الشعور بالوقت بالأخص عندما اعلنهم زوجين، بدأت التهاني من حولهم، نظرت غرام لهم بأعين تائهة.
ابتسم عاصم واقترب ليقف أمامها هامسًا:
-أنا أشعر بالراحة يا غرام، لا يمكنني أن أصدق لو اخبرني أحد بأنني سوف أتزوج بتلك الطريقة.
نظرت له وهي لا تعلم بماذا تجيبه، هي لم تتوقع هذا أبدًا، وقفت ولم تتحدث بكلمة، اسرعت بالتوجه للحديقه، انتبه لها الجميع وابتسم عاصم باصطناع:
-نحن بحاجة إلى التحدث إذا سمحت يا أبي.
ابتسم له ناصر وهو يومأ:
-بالطبع يا عاصم لقد اصبحت زوجتك الآن.
تحدثت خالته بضيق شديد:
-أنا لا أرتاح لتلك الفتاة ولا أشعر بالراحة أبدًا.
اجابتها والدة عاصم وهي تتحدث بثقة:
-هذه الفتاة هي من أختيار عاصم وأنا أثق به يا أختي، هو شخص عاقل ولا يمكنه أن يجعل مشاعره فقط تقوده.
اقترب عاصم من غرام وهو يسألها بقلق:
-ما الأمر؟ لماذا تبدين حزينة ولماذا خرجتي من المنزل بتلك الطريقة؟
كانت تشعر أنها على وشك الاختناق لو لم تسرع وتغادر، نظرت له ومازال الضيق ينتابها:
-ما الأمر يا عاصم؟ أنا أشعر بالتشتت وأظن أن هءا الأمر طبيعي، أعني أنه من حقي أن أخذ بعض الراحة، لا أجد أي مشكلة في هذا!
أومأ لها وهو يضع الكثير من الأعذار لها:
-لا يوجد داعي لتقومي بضغط نفسكِ بتلك الطريقة يا غرام، أنا لست شخص سيء، تزوجنا لأنني أرغب في مساعدتكِ وليس من أجل شيء آخر.
نظرت له غرام وهي تومأ له:
-لقد فهمت هذا الشيء يا عاصم، لكن دون إرادة مني أنا أتوتر، أشعر بالكثير من التوتر صدقني، الأمر ليس سهل أبدًا.
ابتسم عاصم لها بحنان وهو يمسك بيدها:
-أنا أتفهمكي جيدًا يا حبيبتي، لا يوجد داعي لهذا أبدًا، لن أغصبكي على أي شيء، أنتِ حرة في كل شيء تفعليه يا غرام.
كانت تنظر له وككل مرة رأت الصدق داخل عينيه، ابتسمت وهي تومأ له وقد اصابها الخجل:
-أنا أسفة لأنني أوتر لك الأمور ولكن هذا دون إرادة مني، لقد شعرت أنني أريد الركض والهرب من هنا.
ابتسم عاصم بحنان وقرب يده من وجنتها ليتذكر قلقها، لم يأخذ الكثير من الوقت ليبعدها وهو يبتسم:
-تذكرت أنكِ لا تحبين هذا الفعل، لهذا لن يتكرر أبدًا.
ابتسمت غرام وهي تراه يبتسم، كانت تشعر بالتشتت لكنها حسمت أمرها في النهاية وقد اتخذت قرارها.
-أقدم لك يا عاصم هذا جاسر هو قريب والدتي من بعيد لكننا كنّا نلتقي في بعض الأوقات قبل أن ألجأ إلى جلال.
ابتسم جاسر وهو يعلم ما تخطط له هذه الماكرة، يذكر كيف تحدثت معه وطلبت أن يبقى هذا سرًا بينهم بعيدًا عن جلال، تشاركه في شيء يخصها للمرة الأولى وهذا جعله يدرك أهمية الأمر.
كانت ملامح مراد جامدة وهو ينظر إلى جاسر، اقترب بإبتسامة مصطنعة:
-مرحبًا بك في منزلنا، غرام تعالي معي أريد أن أخذ رأيكِ بشيء.
تعلم غرام أنه لا يفكر الآن بل يشعر بالضيق من جلوسها هنا بتلك الطريقة مع جاسر، اقتربت وابتعد هو عن موضع جلوس جاسر:
-اخبريني يا غرام ما الذي يحدث هنا؟ لم أريد التحدث أمامه ولم أريد الغضب كذلك.
عقدت حاجبيها وهي تدعي عدم الفهم:
-اخبرني يا عاصم ما الذي يحدث لك؟ أنا أجلس معه في الحديقة وأظن أن هذا الأمر عادي؟
انفعل عاصم وهو يحرك رأسه بنفي:
-هو لا يقرب لكِ، يمكنه الزواج منكِ؛ لهذا لا يمكنكي الجلوس معه بتلك الطريقة وحدكم.
نظرت غرام له وهي تحرك رأسها باستنكار مصطنع:
-ماذا بك يا مراد؟ أنت كنز تجلس مع شمس وكذلك عنبر تجلس مع شهاب لماذا حلال ومحرم عليّ، أنا لا أفعل شيء خاطئ يا مراد وأنت لا تثق بي
أتت لتبتعد وهي تعلم أن ما تريده سوف تحصل عليه، بالفعل قام عاصم بسحبها والتحدث بضيق:
-غرام هذا ليس صحيح، حتى لو كان الجميع يفعله، لم أكن منتبه وأنتِ لفتي إنتباهي هذا كافي لأن أخذ الحذر.
منعت غرام إبتسامتها وهي تتحدث ببراءة مصطنعة:
-حسنًا با عاصم، لا تشعر بالضيق وأنا سوف أفعل مثلك، لن أجلس مع شخص غريب بمفردي، تعالى لتجلس معنا هيا.
ابتسم عاصم من سماعها له، ظن أنه المنتصر، لكن في الحقيقة هو جزء من لعبتها، استطاعت أن تجعله يفعل ما يريد بكامل رضاه، كان هذا الأمر يشعرها بالنصر والسعادة.
جلسوا معًا وهي كانت تنظر إلى جاسر وكأنها تحذره بين الحين والآخر، بدى عليه القلق ولكنها تدارك نفسه وهو يقول:
-لم أتخيل ان تتزوج غرام بهذه السرعة، لطالما كانت ترفض هذه الفكرة، بعد وفاة أمي لم توافق لتبقى معي بل اسرعت بجمع ما يخصها واختفت تمامًا، كنّا نتحدث لكنها لم تخبرني عن مكان إقامتها، لم أجد سبب لفعلتها تلك.
رفع عاصم أحد حاجبيه وهو يرمقه بتهكم:
-ماذا كنت تريدها أن تفعل؟ هل تريدها أن تعطيك نسخة من مفتاح شقتها لتأتي كيفما تشاء؟
ابتلع جاسر ما بحلقه وهو بدى عليه الضيق من طريقة عاصم وهذا الموقف الذي وُضع به بسببها هي وحدها:
-لم أكن أقصد هذا، أنا أعني أنها ابتعدت عني.
ابتسم عاصم له باصطناع ومن ثم نظر إلى غرام ليتحدث بهدوء:
-غرام تجيد التصرف جيدًا، هي أكثر فتاة عاقلة وتستطيع أن تحدد الخطأ من الصواب.
بادلته غرام الإبتسامة وهي تلاحظ أنه لا يرتاح إلى جاسر، بينما جاسر لا يعرف ماذا يفعل وهذا يجعلها على وشك أن تقتله دون مبالغة.
اقتربت عنبر في هذا الوقت وهي تبتسم:
-متى أتيت يا عاصم؟ سأل أبي عنك عندما عاد من الخارج وقولت له أنك لم تعود بعد، الطعام جاهز والجميع حول المائدة، هيا فالتأتوا أنتو أيضًا.
ابتسم لها جاسر وهو يومأ، لاحظت غرام نظراته لتضيق عينيها بتوعد له، لاحظ نظرات غرام فاختفت إبتسامته وهو يحمحم:
-لقد كنت جائع حقًا، هيا دعونا نتناول الطعام.
سبقهم جميعًا لينظر عاصم إلى غرام وهو يشعر بالكثير من الضيق، كأنه يقول لقد كنتِ سبب في جلب عديم الأخلاق إلى هنا، لم تعطيه الفرصة وسبقته تقول بحزن مصطنع:
-أسفة يا عاصم، أنا لم أكن أعلم أن طباعه تغيرت إلى هذا الحد، كنت أظن أن..
قطعت حديثها وهي تنظر إلى الأسفل، نظر عاصم تجاه الباب ووجد عنبر قد دلفت هي الأخرى، قام برفع وجه غرام لتواجه نظراته وهو يحرك رأسه بنفي:
-لا يوجد داعي لتوبخي نفسكِ يا غرام، أنا لم أقول شيء، هو من أقاربكِ وإن كان وجوده لا بد منه لا يوجد لدي مانع لكن لا تتعاملي معه بشكل زائد، هذا الأمر ضروري بالنسبة لي ويزعجني كثيرًا.
ابتسمت غرام وهي تومأ له وقد لمعت عينيها وهي تنظر تجاه عينيه:
-لا يمكنني أن أفعل شيء يضايقك يا عاصم، سوف يكون كل شيء على مايرام مادمت تخاف على شعوري.
عقد حاجبيه وهو يتأمل عينيها، اقتربت من وجهه وهي تهمس له:
-تخاف على شعوري أليس كذلك يا عاصم؟
وضع يده على وجنتها وهو يبتسم ويومأ لها:
-بالطبع يا غرام، أنا لم أتعمد أن أفعل شيء يضايقكي، لن أفعل شيء يقلل من شأنكِ.
ابتسمت له بطريقة مماثلة وهي تبتعد عن يده:
-وأنا أيضًا كذلك.
يعلم كل العلم أنها تتهرب منه، هي بارعة في هذا، لكنه يشعر بالتعجب ما الذي يخيفها كلما لمس وجنتها؟ تركته ودلفت هي للداخل بينما هو حاول أن يتجاهل الأمر لحين زواجهم وسوف يخبرها أن عليها أن تطمئن، فقط تطمئن.
جلسوا حول مائدة الطعام، كانت نظرات عاصم موجهة تجاه غرام، تعمدت هي أن تتجاهله تمامًا ولا تعطيه أي إنتباه، تأفف عاصم وهو لا يعلم ما الذي تريده، تارة يشعر أنها تنجذب له وتارة أخرى يشعر أنه لا شيء بالنسبة بها.
لم يكن عاصم يعرف أن كل هذا من تخطيطها، هي فعلت كل شيء بمهارة، كل شيء لديها خطة تجاهه، أخيرًا مر الوقت وأتى يوم عقد قيرانهم، كانت غرام تفكر في جلال، تعلم جيدًا أنه لو علم بما يحدث لن يمر هذا اليوم وسوف يقلب كل شيء رأس على عقب.
استفاقت على يد توضع على كتفها لتنظر له بشراسة لم تدركها لتسيطر عليها:
-ما الذي تريده؟
عقد عاصم حاجبيه بتعجب واقترب ليجلس بجوارها على السرير:
-انتهيتِ من تبديل ثيابكِ، قالت عنبر أنكِ جاهزة لماذا لم تهبطي؟!
نظرت له وهي تحاول أن تسيطر على نفسها، ابتلعت ما بحلقها وهي تومأ:
-حسنًا يا عاصم يمكننا أن نهبط.
كادت أن تسير ليمسك بيدها:
-اخبريني بماذا تفكرين؟ لماذا مزاجكِ معكر بتلك الطريقة؟
حركت رأسها بنفي وهي تنظر له:
-لا شيء يا عاصم، فقط كنت أشعر بالتشتت، لا يوحد شيء.
تحدث عاصم وهو يقترب منها ويحرك رأسه بنفي:
-لا يمكنكي أن تغصبي نفسكِ على أي شيء يا حبيبتي، إن كنتِ لا تريدين هذا الزواج لا يوجد شيء سوف يغصبكي عليه صدقيني، يمكنكي أن ترفضي وسوف أستجيب لكِ.
نظرت غرام له وقد رأت الصدق بعينيه، ابتسمت ببعض القلق وهي تحرك رأسها بنفي:
-لكنني أريد هذا الزواج يا عاصم، أنت شخص مثالي ولا يمكنني أن أجد شخص مثلك.
ابتسم عاصم وقرب يدها منن ليقبل باطن كفها لكنها سحبت يدها بعنف تعجبت له، شعرت بالكثير من الضيق بالأخص عندما لاحظت هذا على وجهه، تسارعت أنفاسها وهي لا تعلم ما الذي يحدث، هي ليست كذلك، لم تكن يومًا تخشى أن يمسك أحدهم بيدها!
أوشك عاصم على الحديث وهي تعلم جيدًا ما الذي سوف يقوله، سارعت هي بالتحدث:
-لم يتم عقد قيراننا بعد وأنا لا أرتاح لشيء كهذا يا عاصم، سامحني لكن هذا..
قاطعها عاصم وهو يومأ لها، اخبرها بهدوء:
-لا بأس يا غرام أنا أتفهمكي، معكِ حق في هذا أيضًا، أنا ليس من حقي لمسكِ بأي طريقة.
ابتسمت غرام وهي تومأ له وتريد أن تغادر غرفتها بأسرع وقت:
-هذا الأمر جيد ومريح للغاية، دعنا نهبط حتى لا يقلقوا بشأننا.
هبطت معه وعقلها مشغول بما تشعر به، لماذا تنفر منه بتلك الطريقة الغريبة، لم تعتاد على هذا حتى مع جلال فما الذي يحدث لها الآن؟!
اجتمعوا وبدأ الشيخ في عقد قيرانهم، وافقت غرام ولا تعلم ما الذي يحدث لها، شعرت بأنها تفقد الشعور بالوقت بالأخص عندما اعلنهم زوجين، بدأت التهاني من حولهم، نظرت غرام لهم بأعين تائهة.
ابتسم عاصم واقترب ليقف أمامها هامسًا:
-أنا أشعر بالراحة يا غرام، لا يمكنني أن أصدق لو اخبرني أحد بأنني سوف أتزوج بتلك الطريقة.
نظرت له وهي لا تعلم بماذا تجيبه، هي لم تتوقع هذا أبدًا، وقفت ولم تتحدث بكلمة، اسرعت بالتوجه للحديقه، انتبه لها الجميع وابتسم عاصم باصطناع:
-نحن بحاجة إلى التحدث إذا سمحت يا أبي.
ابتسم له ناصر وهو يومأ:
-بالطبع يا عاصم لقد اصبحت زوجتك الآن.
تحدثت خالته بضيق شديد:
-أنا لا أرتاح لتلك الفتاة ولا أشعر بالراحة أبدًا.
اجابتها والدة عاصم وهي تتحدث بثقة:
-هذه الفتاة هي من أختيار عاصم وأنا أثق به يا أختي، هو شخص عاقل ولا يمكنه أن يجعل مشاعره فقط تقوده.
اقترب عاصم من غرام وهو يسألها بقلق:
-ما الأمر؟ لماذا تبدين حزينة ولماذا خرجتي من المنزل بتلك الطريقة؟
كانت تشعر أنها على وشك الاختناق لو لم تسرع وتغادر، نظرت له ومازال الضيق ينتابها:
-ما الأمر يا عاصم؟ أنا أشعر بالتشتت وأظن أن هءا الأمر طبيعي، أعني أنه من حقي أن أخذ بعض الراحة، لا أجد أي مشكلة في هذا!
أومأ لها وهو يضع الكثير من الأعذار لها:
-لا يوجد داعي لتقومي بضغط نفسكِ بتلك الطريقة يا غرام، أنا لست شخص سيء، تزوجنا لأنني أرغب في مساعدتكِ وليس من أجل شيء آخر.
نظرت له غرام وهي تومأ له:
-لقد فهمت هذا الشيء يا عاصم، لكن دون إرادة مني أنا أتوتر، أشعر بالكثير من التوتر صدقني، الأمر ليس سهل أبدًا.
ابتسم عاصم لها بحنان وهو يمسك بيدها:
-أنا أتفهمكي جيدًا يا حبيبتي، لا يوجد داعي لهذا أبدًا، لن أغصبكي على أي شيء، أنتِ حرة في كل شيء تفعليه يا غرام.
كانت تنظر له وككل مرة رأت الصدق داخل عينيه، ابتسمت وهي تومأ له وقد اصابها الخجل:
-أنا أسفة لأنني أوتر لك الأمور ولكن هذا دون إرادة مني، لقد شعرت أنني أريد الركض والهرب من هنا.
ابتسم عاصم بحنان وقرب يده من وجنتها ليتذكر قلقها، لم يأخذ الكثير من الوقت ليبعدها وهو يبتسم:
-تذكرت أنكِ لا تحبين هذا الفعل، لهذا لن يتكرر أبدًا.
ابتسمت غرام وهي تراه يبتسم، كانت تشعر بالتشتت لكنها حسمت أمرها في النهاية وقد اتخذت قرارها.