الفصل السابع

بعد مرور عدة أيام...

جلست فتاة مُحجبة فى العقد الثالث من عمرها فى إحدى النوادي الرياضية فى الحيز البعيد عن حمام السباحة حيث الهدوء والابتعاد عن صيحات الكبار قبل الأطفال.

وضعت نظارة شمس سوداء تُخفى بريق عينيها ولهفتها مُرتدية ملابس مُبهجة تزيدها رونقاً فوق جمالها الهادىء.

لم تُفارق الابتسامة وجهها مُنذ أن حادثها ومدح فى كتاباتها، وطلب مقابلتها لتوضيح بعد الأخطاء وإحداث بعض التعديلات فوافقت على الفور دون تفكير، شعرت بالحماس يملأها مُنذ أن حادثها إلى وقتها الراهن، فهاهى الآن تجلس فى انتظاره وتفكر فى ردة فعله إذا رآها، هل سيتذكر أنها فتاة المعرض أم أنه لن.

لكن لحظة.. لماذا لم يطلب مقابلتها فى المكتب الخاص به؟ بالتأكيد هو لديه مكتب أو مكان للعمل.. بل لماذا أهتم بها لدرجة مقابلتها؟؟

بالطبع ليس بسبب روايتها مهما كانت درجة رُقيها.

لماذا لم اُفكر فى ذلك من قبل؟ هل اعجابى به لهذه الدرجة جعلنى اتغاضى عن التفكير؟؟
تمتمت "شمس" بتلك الكلمات بداخلها قبل أن تستطرد..

لكن لما الشك؟ فها نحن فى مكان عام ويُحيط بنا الكثير من البشر، ماذا سيحدث إذا ماقابلته!

تجولت بعينيها حولها بأستمتاع بعد أن أخذت شهيقاً طويلاً ملأت به صدرها ثم زفرته ببطء ليخرج معه ذلك التوتر الذى يُسيطر عليها.

حدثت نفسها أنه لا يوجد الكثير من المناضد المشغولة، بالطبع فمعظمهم ملتفون حول حمام السباحة للاستمتاع بالمياه والاستحمام أن امكن.

لكن فى إحدى الأركان القريبة منها، لفت نظرها شاب وفتاة على إحدى الطاولات هُناك، يبدو على الفتاة الملل والاشمئزاز فهى لاتنظر إلى المُرافق لها رغم عدم انقطاع حديثه ونظرة إليها بإهتمام.

تملمت "شمس" فى مقعدها وهى تُتمتم:

_ما هذه الضحكة المستفزة التي تضحكها أنها تذكرني بضحكت زوجي السابق،لها حق في أن لا تنظر له وأن لا تطيقه،ماذا سوف يكون يقول لها.

ظلت "شمس" تنظر إليهم باهتمام شديد حتى وجدت عقلها يسترجع رغماً عنها تلك الذكريات المؤلمة أثناء فترة خطبتها من ذلك الغليظ.

كانت تجلس فى المقعد المُقابل له بعدما وافق على مضض بتناولهما الغذاء فى إحدى الأماكن المفتوحة عندما اخبرته بأنها هى من ستقوم بدفع ثمن الغذاء.

هى بالفعل تذكر ذلك اليوم بكل تفاصيله، حتى ماكان يرتديه ذلك الماجد.

جلس أمامها نفس جلسة ذلك الشاب بضحكتة المستفزة تلك وهو يرتدى قميصه الرمادى المعتاد، بينما هى كانت تنظر إلى الجوار محاولة الاستمتاع بأى شيء من حولها غير وجوده أمامها.

ما أن جلس حتى طلب النادل لاختيار ما سوف يأكله.. لم تختر هى شيء سوى كوب من العصير أما هو فقد اختار ما لذ وطاب من مأكولات ومشروبات وأيضاً تحليه مابعد وجبه الغذاء.

نظر إليها "ماجد" باستغراب مُتسائلاً:

_لما لم تطلبي شيء حتى تآكلي.

"شمس" باقتضاب:

_ليس لي شهية.

"ماجد" بضحكته الصفراء:

_لن تقولي لي أن كل شخص سوف يحاسب لنفسه،لقد قولتي أنك أنتِ التي سوف تدفعي.

"شمس" بازدراء:

_ لا اطمن أنا التي سوف تحاسب.

فرك "ماجد" كفيه بحماس قائلاً:

_كا يمكن أن ناكل في منزلكم بدل من هذه التكلفة،كان من الممكن أن تضعي المال في منزلنا.

حاولت "شمس" السيطرة على اعصابها قائلة:

_أعتذر والدتي كانت تشعر بتعب اليوم ولم تصنع طعام.

"ماجد" ببرود:

_حقاً،الف سلامة عليها....حسناً سوف أسال في المرة القادمة قبل أن إتي هل عملتوا طعام أم لا.

شعرت "شمس" برغبة فى التقيؤ فاجابته دون أن تنظر إليه:

_ هل أنت تأتي  من أكل الطعام فقط؟

احس "ماجد" اخيراً بثقل ظله فأجاب بجدية وتلك الابتسامة لم تغادر وجهه:

_لا يا "شمس" بطبع أنا كنت آتي حتى اتحدث معك، لاني اشتقت لك.

وضعت "شمس" حقيبتها أعلى بطنها تحتضنها بإحدى يديها علها تُوقف ذلك الإحساس المُسيطر عليها بالتقيؤ قائله:

_خير.

حاول "ماجد" إمساك يدها التى على الطاولة لكنها سحبتها بسرعة فزادت ضحكته استفزازا وهو يقول:

_أنتِ تعلمي أن عليّ الكثير في تجهيز الشقة سوف أجلب الاجهزة و غرفة النوم، وهذا غير الفرح.

"شمس" بعصبيه:

_وماذا بها،أنا أيضاً لدي أشياء كثيرة حتى أجلبها مثل أدوات غرفة الطهي وباقي الغرف،هذا غير الستائر ومفروشات الأرض؛ثم أن نحن قد فعلنا الخطوبة...فماذا به.

"ماجد" مُحاولاً تملقها:

_بطبع يا حبيبتي،أنا ﭢثق في ذوقك وتركت أن تجلبي جميع هذه الأشياء،والمصاريف واضحة.


"شمس" مقاطعه:

_ الله اكبر.. ماذا تريد أنت؟ تحدث في الموضوع مباشراً.

"ماجد":

_يا"شمس"يا حبيبتي أنتِ لديك والدك ووالدتك والاثنين يعملون وأنتِ أبنتهم الوحيدة انما أنا والدتي زوجت اشقائي الرجال وما زال الفتيات ولا يساعدني أحد على العكس أنا الذي اساعد في جهازهم.

"شمس" بتأفف:

_وماذا بعد؟لأن لن يساعدك أحد لم أطلب شبكة ولا فستان خطوبة و لم أطلب أن اذهب إلى مكان حتى تضع لي مستحضرات تجميل وكل هذا فعلته من معي،والشقة الخاصة بك وفقت عليها رغم أنهافي منزل عائلة.


ماجد بنظره ذات معنى وهو يتأمل جسدها التى حاولت اخفاؤه بحقيبتها:

_لا تقلقي أنتِ سوف تشعري بدهشة بالأشياء التي سوف اجلبها، أنها  اساسكل شيء أم ماذا يا حبيبتي؟

"شمس" بخفوت:

_ حبك برص ياشيخ

"ماجد" مُكملاً رغم سماعه لما قالته:

_ما هذا هو يا حبيبتي الذي معي.. أنا لو كنت استطيع لجلبت لك نجمة من السماء، وأنتِ لا تريدي أن تساعديني بشيء.

فشلت "شمس" فى السيطرة على اعصابها بعد تلك الكلمات فقالت بصوت عالى نسبياً:

_ كل الذي فعلته ولن اساعدك؟لا أطلب منك هدايا ولا تخرجني،حتى حين تأتي لا تجلب معك أي شيء مظهري أصبح سيء امام والدتي و والدي، اشعر أنك سوف تطلب مني القبض الخاص بي.

"ماجد":

_أنا كنت أريد التحدث معك في هذا الموضوع.

" شمس" راغبة فى لكمه بأنفه:

_تتحدث في ماذا؟ تريد أن اعطيك القبض الخاص بي؟

"ماجد" ولازالت الضحكة السمجه تُزين وجهه:

_ هههه لا ياحُبى... أنا فقط  كنت اريد بعض المال داين إلى أول الشهر..... امزح... فقط امزح.

تراجع عن كلماته عندما لاحظ تحول لون وجهها ولكنها كبحت جماحها وزفرت بضيق فى وجهه متسائله:

_"ماجد"ماذا تريد تحدث مباشر.

"ماجد" بنبرة خاضعه:

_بصراحه مصاريف الفرح كثيرة عليّ.

اتسعت عينى "شمس" بصدمة قائلة:

_ أنت لا تريد أن تعملى زفاف؟أنا قد أخترت لك أقل سعر قاعة،ماذا تريد أكثر من ذلك؟


"ماجد" مُدافعاً:

_ لا ياحبيبتى.. بطبع يحق لك أن تصنعي زفاف، ولكن أنتِ تعلمي أن الموضوع كبير للغاية عليّ.

"شمس" راغبة فى إنهاء الحديث:

_حسناً سوف ادفع أنا إلى الفستان ومصففة الشعر.

"ماجد" بتلقائيه:

_وماذا عن القاعة؟

كورت "شمس" قبضتها قبل أن تسأله راغبه فى لكمه إذا أجاب على سؤالها بالايجاب قائله:

_ماذا بها هل تحب أن ادفع النصف؟
"ماجد" مُسرعاً:

_لا الثلث والثلثين.

"شمس" بعدم تصديق:

_أنا لا اصدق.. بعد الذي أجلبه وافعله وتريد من أيضاً أن أدفع ثلث القاعة؟

"ماجد" مُوضحاً وهو لازال يبتسم بسماجه:

_ لا الثلثين ياحبيبتى، وأنا سوف أدفع الثلث.

ضربت "شمس" الطاولة بقبضتها قبل أن تهُب واقفه وهى تقول:

_ لا ده أنت قد  جننت.. دى كانت خطوبة سيئة،  أنا يجب أن ادعس على ذاتي لانني وفقت عليك.

ارتدت حقييتها وتركته مُغادره بينما هو انكمشت ابتسامته وهو يرى النادل يتقدم بما طلبه من مأكولات ليصيح هو مُنادياً عليها:

_يا حبيبتي يا حبيبتي،آتي بمال الغداء لقد كنت أنتِ التي عازمتي.

...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي