الفصل السادس

بكت مع بطلتها التى تُشبهها كثيراً فى الصفات وفى الشكل أيضاً، واحبت معها من تمنته لنفسها، عاشت معها لحظات الحب والأشتياق، ذاقت من سعادتها ورفرف قلبها للقُبلة الأولى بين البطلة وبطلها، خجلت وضحكت وتملكت الغيرة منها من بعض فتيات نسجتهن هى فى خيالها لتزيد من واقعية روايتها وتزيد عُقدتها التى سرعان ماتنفك وتنكشف الامور للابطال.

وتنتهى أخيراً بزواج البطلة من حبيبها بعدما ذاقت معها جميع مراحل الحب بدءاً من النظرة الأولى إلى الإعجاب ثم الحب واللوعة والاشتياق حتى انتهت بليلة الزفاف حيثُ اصبحت مِلك يمين حبيبها.


بعد أقل من ساعة زفرت "شمس" بحرارة وهى تُنهي آخر كلمات مشهد النهاية والابتسامة تملأ وجهها كأنها هى من تتزوج وتعيش أجمل لحظاتها مع زوجها.

اغلقت ملف الوورد واحتضنت هاتفها بطريقة حالمة وهى تُفكر لما لا تقوم بنشر قصتها تلك على المواقع الالكترونيه ليعيش القُراء تلك الحالة من السعادة التى تعيشها،
لكن ماذا لو لم يُثير اعجابهم أسلوبها خاص وأنها لازالت فى البداية وطريقة سردها ضعيفة .. أو هذا ماتظنه.

هل تعرض روايتها على صديقتها أولاً؟ لكنها بالتاكيد ستُجاملها حتى لو أن ماكتبته مجرد هُراء.

فجأة  لمعت الفكرة فى ذهنها، لم لا تُرسلها إلى "مراد"؟ وهو بالتأكيد لا يعرفها فلن يُجاملها، بل سوف يساعدها فى معرفة مواطن الضعف والقوة فى روايتها ويُوضح لها أخطائها،
لكن هو بالتأكيد غير متفرغ لقراءة روايتها، فلتحاول الإرسال له وإن تجاهلها فلا ضير من ذلك وستعتبر تلك علامة لعدم نشرها.

...

فى إحدى المطاعم الراقية الموجودة أعلى إحدى الفنادق المُطلة على النيل والتى يغلُب عليها الألوان الهادئة والاضاءة الخافتة، جلس"مراد" فى إحدى الأركان المُطلة على المنظر الساحر للنيل ليلاً ونسمات الهواء الباردة تُداعب وجهه، يتناول عشاؤه أو بالاصح وجبة غذاؤه التى لا يتناولها قبل التاسعة مساءاً.

اليوم يُكافىء نفسه على النجاح الساحق لروايته والتى ابلغه مدير أعماله منذ قليل أن نسختها الأولى قد نفذت مع بداية اليوم الثانى للمعرض.

ارتشف رشفته الأولى من كأس المياه الموضوع امامه قبل أن يبدأ تناول عشاؤه وهو يستمع إلى ألحان موزارت الكلاسيكية التى تملأ المكان.

اقتطع بسكين طعامه قطعة من صدور الفراخ الموضوعه امامه والمُغطاه بالصوص الفرنسي الخاص بها والمُعَد له خصيصاً من الشيف الفرنسى للفندق.

اقتضم قضمته الأولى بتلذذ شديد وهو يُحرك يديه التى تحمل السكين الخاص بطعامه تلقائياً مع موسيقى موزارت وكأنه مايسترو يعرض فنه على قطعه الدجاج تلك الماثله امامه قبل أن تدخل جوفه.

اخيراً وبعد أقل من نصف الساعة بقليل أنهى "مراد" طعامه باستمتاع شديد، وأشار إلى النادل لاحضار قهوته.

بعد عدة دقائق وعقب تأمله لهدوء النيل فى ظلام الليل المرصع بالنجمات المتلألأه من فوقه ..أمسك هاتفه يُطالع رسائل الإعجاب بكتاباته أثناء تناول قهوته.

قرأها جميعاً ولم يُجب عليها، فهناك من يُديرون صفحاته ومن مهامهم الرد على تلك النوعيه من الرسائل،
لفت نظره رسالة من فتاه تُدعى شمس تطلب رأية فى روايتها الأولى ومُرفق بالرسالة ملف وورد.

قام بتحميله وهو يتصفح الصفحة الشخصية لتلك الفتاة، لاتوجد أي صور لها لكن اسمها يُشعره أنها تلك الفتاة من المعرض،
أرسل لها رقمه الشخصي وطلب منها التواصل معه شخصياً.

بعد عده دقائق ارتفع رنين هاتفه برقم غريب  أجاب بجديه:

_مرحباً"مراد"... من يتحدث؟

اتاه صوتها رقيقاً مُرتعشاً وهى تقول:

_حضرتك قد بعثت رقمك منذ قليل، أنا التي بعثت لك الرواية منذ قليل.

قال"مراد" برسميه:

_أستاذة "شمس" اليس كذلك؟

قالت"شمس" في خفوت:

_نعم أنا.

قال"مراد":

_ نعم اهلاً بيكى، أنا قد حفظت الملف الذي  بعثتيه،وسوف اطلع عليه هل يمكنك أن تقولي لي محتوى الرواية أو الملخص؟

قالت"شمس"في حماس:

_ أنا اولاً مُعجبة جداً بروايات حضرتك، واتابعها منذ زنن اتاثر بها كثيراً،هذه أول رواية قد كتبتها،الرواية بها جزء خيال علمي وجزء غموض وجعلتها في إطار من الرومانسية،لا أريد أن اوضح الرواية أكثر من ذالك؛لكني كنت أريد أن انشرها على المواقع الاكترونية،واحببت أن أعلم رأي حضرتك في البداية، وإن كان لديك وقت تقراها حتى أن احتاجت أي تعديل أفعل  ذلك.

قال"مراد" بتفهم:

_طبعاً بتأكيد، عموماً انا سوف أراها  فى اقرب فرصة،وسوف  وابلغك إن كان هناك أي  تعديلات.

قالت"شمس":

_ شكراً جداً لحضرتك لا أعلم ما الذي اقوله إليك شكراً جزيلاً.

أغلق "مراد" هاتفهه وبداخله هاتف قوى بأنها هى تلك الفتاة التى يبحث عنها، لكن صبراً جميلاً فليُطالع روايتها أولاً ثم يطلب مُقابلتها بحجة مناقشة الأخطاء.

قاطع تفكيره صوت انثوى يصدر من خلفه قائلاً:

_ الكاتب "مراد"اليس كذلك؟

تطلع إلى الوراء بابتسامة مُنمقة وهو لازال جالساً واضعاً ساق فوق الأخرى ليقول في غرور:

_نعم أنه أنا.

اصطدمت عيناه بوجه مُثير وأعين واسعه تظللها رموش كثيفه وشفاه مكتنزه مصبوغه باللون الوردى تُزين وجه منحوت بدقه متناهيه بأدوات المكياج باهظه الثمن .. يُحيطه شعر يبدو انه مستعار باللون الاحمر الكستنائى.

تأملها من اعلاها إلى أسفل قدميها بردائها المحبوك والذى يُظهر معظم مفاتنها،
لاحظت هى تفحصه لها فاقتربت منه تجلس بجواره دون أن يأذن لها قائله برقه مصطنعه وهى تمُد ذراعها بأكملة إليه:

_" لينا الوهدانى".

التقط يدها برسمية شديدة قائلاً:

_أهلاً يافندم.

اصابها الاحراج من صدوده لها بعكس
ماتوقعت فوضعت ساقاً فوق الأخرى قائلة:

_ماذا الم تستمع إلى هذا الإسم من قبل؟

قال"مراد"دون اهتمام:

_لما هل من المفترض أن استمع إليه.

قالت"لينا":

_أنا شريكة الفندق هذا، أو بمعنى أدق أبنة  أهم شريك فى الفندق.

"مراد" ببرود وهو يتأمل جسدها بينما تطفو ابتسامة ساخرة على وجهه:

_تشرفنا ياآنسه .. أم مدام ..

تفاجىء باقترابها منه قائله بصوت اشبه للهمس:

_تستطيع أن تقول لي "لينا" فقط.

تجاهلها مُطالعاً ساعته باهتمام قبل أن يُجيبها برسمية:

_حسناً يااا.."لينا" أنا تشرفت جداً بمعرفتك وكان نفسى أجلس معاك أكثر ولكن للاسف ليس لدي وقت للتعارف... يجب أن أذهب.

تغاضت عن حده كلماته ووضعت يدها أعلى كفيه قائله:

_أنتظر فقط، أنا قد استمعت أنك تكتب روايات.

رفع حاجبيه وهو يُمدد شفتيه إلى الامام قائلاً بسخرية:

_سمعتى،حسناً ما المطلوب.

"لينا" بغرور:

_أريدك أن تكتب لي فيلم.

ارتفعت ضحكته الساخرة قبل أن يقف بهدوء فى مكانه وهو يُشير إلى النادل بيديه للقدوم مُوجهاً كلماته إليها:

_أكتب لك فيلم، وأنتِ سوف تنتجي أم تمثلي.

"لينا" بضحكه رنانة:

_الاثنين.

أخرج "مراد" من محفظته عدة ورقات من فئة المئتين مُوجهاً كلماته إليها:

_هل تستطيعي التمثيل؟

"لينا" غامزه بإحدى عينيها:

_سوف اتعلم.

وضع "مراد" النقود على طاولتة قائلاً بجدية قبل مغادرته:

_حسناً حين تتعلمي آتي لي حتى أكتب لكِ فيلم،أو أجعلي اباكي يشتري لك قصة تليق بك ومثليها،أنتِ لستِ بحاجه لي.

فاجأها ردة فعله وانسحابه من امامها بهذا الشكل وهى التى لم يُرفض لها من قبل أي طلب مهما عظم أمره.. لأول مرة يخيب سحرها ويفشل جمالها فى تأديه مهمته.

رمقته بنظرة نارية أثناء مغادرتة وهى تُتمتم أثناء اشعالها لسيجارتها:

_حسناً وغلاة والدك لديك سوف أمثل،وأنت سوف تكتب لي الفيلم أيضاً بالحسناء أو بالعنف.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي