الفصل الخامس القصاص

استطاع أحد الرجال المصابين التسلل زحفًا حتى وصل إلى سلاحه الناري، أمسك به وقام بإطلاق النار على سليم الذي كان في طريقه لمغادرة المكان فأصابه بطلق ناري، سقط سليم على إثره أرضًا.

أسرع رعد بإطلاق النار على ذلك الرجل فأرده قتيلًا.

حمل الرجال سليم وغادروا المكان قبل وصول الشرطة.

وما إن وصلت الشرطة إلى المكان حتى فوجيء قائد الشرطة بالجميع مصابين وعندما قام بالتحقيق فلم يستطيع الوصول للفاعل فالجميع قد أجمعوا أن الرجال الذين قاموا باطلاق النار عليهم كانوا مقنعين بقناع الثعلب.

تم نقل جميع المصابين للمشفى والتحفظ عليهم لحين تقديمهم للمحاكمة بتهمة الإتجار في مواد ممنوعة.

وصل رعد إلى منزله، نظر إلى رجاله وطلب منهم حمل سليم وإدخاله إلى داخل المنزل.

نظر رعد إلى حسان أحد رجاله وحدثه قائلًا:
—حسان،  أسرع وقم بإحضار الموقد؛ لا بد أن نقوم بإخراج الرصاصة وكي الجرح، لقد فقد سليم كمية كبيرة من الدماء، ولا داعي لأن يفقد المزيد.

أسرع  حسان وأحضر الموقد، أمسك رعد بسكين ووضعها فوق الموقد وبعدها قام بكي الحرج.

وما إن قام رعد بكي جرح سليم حتى صرخ سليم عاليًا من شدة الألم، ثم فقد وعيه على الفور.

نجح رعد في إخراج الرصاصة التي استقرت داخل كتف سليم من الخلف، قام بتطهير الجرح وضمده.

وفي صباح اليوم التالي.

استيقظ سليم فوجد رعد وقد قضى طوال الليل بجواره ينتظر اللحظة التي يستعيد فيها سليم وعيه.

نظر سليم إلى رعد وقال:
—رعد، أين أنا وما الذي حدث؟ آخر شيء أتذكره هو سماعي لصوت إطلاق نار أعقبه ألم شديد في كتفي.

علق رعد وقال:
—لم أستطيع أن أذهب بك إلى منزلك لم تكن العمة سميرة لتحتمل رؤيتك بهذا المنظر؛ لذلك قررت أن أحضرك إلى وهنا، وأتعامل مع جرحك دون أن يعلم أحد بذلك.

ابتسم سليم وعلق قائلًا:
—رعد، أقدر لك ما فعلته من أجلي، ولكن ما أثلج فؤادي هو إنني ثأرت لدماء أخي.

ابتسم رعد وعلق قائلًا:
—سيدي، حمدًا لله على سلامتك، والبقاء لله في الكبير بدر.

ابتسم سليم وقال:
—قم بنصب الصوان لنأخذ العزاء في فقيدنا الغالي.

ابتسم رعد وقال:
—سيدي، ما رأيك أن ننتظر بعض الوقت؛ حتى تتعافى وحتى لا نثير شكوك المقدم عبدالرحمن فوده.

وقف سليم وطلب من رعد مساعدته في ارتداء ملابسه وعلق قائلًا:
—رعد، لا بد أن يعرف الجميع أن سليم اقتص لأخيه بدر، أما عن الشرطة فلا يوجد أي دليل يتم إدانتنا به، بل على العكس تمامًا لقد قدمنا للشرطة خدمة كبيرة بإلقاء القبض على أخطر تجار للسلاح والمخدرات في الوجه القبلي.

نظر رعد إلى سليم وأعجب باصراره وذكاءه الحاد في التعامل مع الموقف، علت الابتسامة وجهه وعلق قائلًا:
—حسنًا، ليكن ما تريد إنني  معك ولكن علينا بتكتم أمر أصابتك بطلق ناري وألا نخبر أحد ذلك.

ابتسم سليم وعلق قائلًا:
—علي بالعودة إلى المنزل قبل أن ينتبه أحد لغيابي، أما أنت فتولى أمر الإعداد لعزاء يليق بعائلة نصار الجوهري.

غادر سليم منزل رعد واستقل سيارته التي قام بقيادتها رعد قاصدًا منزل نصار الجوهري.

دلف سليم إلى داخل منزله واتجه إلى غرفته، ولكن كان هناك من يتطلع لرؤيته.

نظرت روح إلى سليم وتعجبت عندما رأت رعد هو من يقود سيارة سليم.

دلف سليم إلى غرفته شعر ببعض الدوار فافترش فراشه، بدأ جبينه في التعرق وارتفعت حرارته، في ذلك الوقت كانت فرحة تتحدث مع عمتها وتقول:
—عمتي، منذ ليلة أمس لم ٱرى أخي، هل رأيتيه؟!

ربتت العمة سميرة على كتف فرحة وقالت:
—لقد أخبرتني الخادمة نرجس أنه دلف إلى المنزل منذ قليل، سوف أذهب إليه لأعرف ما الذي جعله يقضي طوال الليل بالخارج؟!

جاءت الخادمة نرجس وقالت:
—سيدتي، يتم اقامة صوان عزاء كبير بالخارج.

تعجبت العمة سميرة وقالت:
—ترى من الذي توفى؟! فرحة هيا بنا لنعرف لمن هذا العزاء الذي بالخارج؟

خرجت العمة سميرة إلى خارج المنزل تسأل عن صاحب ذلك الصوان، فرأت رعد يقوم بالإشراف على إعداد الصوان الخاص بالعزاء، فحدثته قائلة:
—رعد لمن هذا الصوان الكبير؟!

نظر رعد إلى العمة سميرة وحدثها قائلًا:
—سيدتي، البقاء لله.

شعرت العمة سميرة بالقلق وعلقت قائلة:
—رعد، أخبرني لمن هذا الصوان فلم يعد القلب يحتمل فراق المزيد من الأحباب.

ابتسم رعد وتحدث بصوتٍ عالٍ:
—سيدتي، هذا الصوان الخاص بسيدي بدر رحمة الله عليه.

علت الابتسامة وجه العمة سميرة ونظرت إلى فرحة وقالت:
—فرحة،  هل سمعتِ ما قاله رعد؟!

نظرت فرحة إلى رعد وقالت:
—أخي رعد، هل حدث؟

ابتسم رعد وأومأ برأسه ثم قال:
—أجل سيدتي لقد  اقتص أخيكي سليم لمقتل سيدي بدر.

وما إن سمعت فرحة ذلك حتى قامت بمعانقة العمة سميرة وقالت:
—أين أخي؟ لا بد أن أذهب وأطمئن عليه.

أسرعت فرحة إلى غرفة أخيها وقد امتلأ قلبها بالسعادة؛ لأن سليم قد اقتص لمقتل أخيه.

دلفت فرحة إلى داخل غرفة سليم، نظرت إليه ودنت منه فرأته نائمًا، قامت بوضع قبلة حانية على جبينه فشعرت أن حرارته مرتفعة، وضعت يدها تتحسس حرارته فوجدتها مرتفعة للغاية.

نظرت إلى العمة سميرة وقالت:
—عمتي، أخي حرارته مرتفعة للغاية.

أسرعت العمة سميرة إلى رعد وقد بدى عليها القلق وحدثته:
—رعد استدعي الطبيب على الفور؛ سليم حرارته مرتفعة.

عرف رعد أن السبب في ارتفاع درجة حرارة سليم هي تلك الإصابة التي لحقت به فقال:
—سيدتي، لا تقلقي سوف أقوم بإحضار الدواء اللازم له.

تعجبت العمة سميرة وقالت:
—رعد ماذا بك؟! اخبرك أن سليم مريض وحرارته مرتفعة وأنت تقول أنك ستحضر له الدواء، ليس لدي علم بأنك صرت طبيبًا؟!

ابتسم رعد وهمس إليها قائلًا:
—سيدتي، لا يمكنني إحضار الطبيب لسيدي سليم فهو، مصاب بطرق ناري ولا أريد أن يصل الأمر للشرطة، رجاءًا لا تخبري أحدًا بذلك.

وما إن سمعت العمة سميرة ذلك حتى وضعت يدها على قلبها من الخوف على سليم وعلقت قائلة:
—رعد، هل سنقف مكتوفي الأيدي نشاهده وهو يموت دون أن نحضر له الطبيب؟!

ربت رعد على يد العمة سميرة وعلق قائلًا:
—سيدتي، لا داعي للقلق إرتفاع الحرارة في مثل هذه الأمور أمرًا طبيعيًا، سوف أحضر له جميع الأدوية اللازمة.

نظرت العمة سميرة إلى رعد وكاد قلبها أن يتوقف من الخوف على سليم وقالت:
-—بني،  أسرع وقم بعمل ما يلزم حتى يتعافي ابن أخي بشكل سريع، سليم ليس ابن أخي فقط، هو ابني أنا أيضًا ولا أريد أن افقده.

غادر رعد وبعد قليل عاد ومعه الأدوية، أسرع بإعطاء سليم بعض الحقن ولم يمر وقت طويل حتى انخفضت حرارته واستعاد سليم وعيه.

نظرت العمة سميرة إلى سليم وقالت:
—بني، حمدًا لله لى سلامتك، لقد أرحت أخيك في قبره ورفعت رأس عائلة الجوهري عاليًا.

ابتسم سليم وحاول النهوض من فراشه، فأسرعت فرحة تجاهه وحدثته قائلة:
—أخي، استرح ولا تتحرك؛ فعليك بالراحة التامة حتى تستعيد عافيتك.

ابتسم سليم وعلق قائلًا:
—فرحة، اليوم سوف تأتي الوفود لتقديم واجب العزاء لنا، لا بد أن أتواجد بالخارج، أما أنتم فاستعدوا للقادمين لأداء واجب العزاء.

ساعدت فرحة اخيها في ارتداء العباءة الخاصة بأخيه بدر، وبعد أن أنهى سليم ارتدائها، وقفت فرحة أمامه وقامت بمعانقته برفق وقالت:
—أخي، احبك كثيرًا.

ابتسم سليم وعلق قائلًا:
—لا بل أنا الذي يحبك كثيرًا أيتها القطة الشقية.

خرج سليم إلى خارج المنزل ووقف يستقبل المعزين الذين وفدوا لتقديم واجب العزاء.

جلست روح في غرفتها وحيدة لا يجالسها سوى ذكرياتها الجميلة مع سليم، تارة تستشعر بأنه ربما يعود إليها سليم مرة أخرى، وتارة أخرى تشعر بخيبة أمل في أن يعود إليها.

أثناء العزاء فوجيء الجميع بقدوم المقدم عبد الرحمن فوده، وقف أمام سليم وحدثه قائلًا:
—البقاء لله وحده، ولكن لدي سؤالًا أود أن تجيبني عليه.

نظر سليم إلى المقدم عبد الرحمن فودة وعلق قائلًا:
—سيدي، تستطيع أن تسأل ما تشاء سوف أجيبك قدر المستطاع.

تحدث المقدم عبد الرحمن فودة إلى سليم وقال:
—توفى أخوك بدر منذ ما يقرب الأربعون يومًا، هل يمكنني أن أعرف السبب وراء اقامتك لهذا العزاء الآن؟!

وبثقة بالغة تحدث سليم وقال:
—سيدي، من العادات المتعارف عليها في عائلتنا أن القتيل لا يتم أخذ العزاء فيه إلا بعد مرور أربعون يومًا، لا أعلم الهدف من ذلك ولكنها عادات وتقاليد يتبعها الجميع.

ابتسم المقدم عبد الرحمن فودة وقال:
—هذه وجهة نظر، لقد اعتقدت إنك لن تتقبل العزاء في أخيك حتى تقتص من الجاني.

علق سليم وقال:
—سيدي، لو كنت أعرف قاتل أخي ما تردت في تسليمه للشرطة.

غادر المقدم عبد الرحمن فودة العزاء وبعد مغادرته دنا رعد من سليم وعلق قائلًا:
—سيدي، هل أخطأنا بإقامة العزاء في هذا التوقيت؟

ابتسم سليم وعلق قائلًا:
—رعد، لا تقلق فما كان أن يصمت لو كان بحوزته دليل ضدي.

انتهى العزاء وبدأ التعب يعاود سليم مرة أخرى، دلف إلى غرفته وبدأت حرارته في الإرتفاع.

شعرت روح بشوقٍ جارف إلى سليم، بعد تردد قررت الذهاب إليه والتحدث معه.

ذهبت روح إلى غرفته وقامت بطرق باب الغرفة، ولكن لا احد يستجيب، قامت بفتح باب الغرفة وتسللت إلى داخل الغرفة.

شعرت روح بالمفاجأة عندما رأت سليم بالداخل وقد ساءت حالته وارتفعت حرارته، أسرعت إليه وقامت بضمه إلى صدرها وهي تقول:
—سليم، ما الذي حدث لك؟

نظر إليها سليم ودون أن يدري تحدث وقال:
—روح، لقد اشتقت اليكِ يا حبيبتي.

ابتسمت روح ولم تسعها السعادة وعلقت قائلة:
—وأنا أيضًا اشتقت إليك كثيرًا يا حبيب قلبي، فداك روحي وقلبي.

شعرت روح بأقدام تقترب من غرفة سليم، فأسرعت بالإختباء.

دلفت فرحة إلى غرفة أخيها، طرقت باب الغرفة وعندما لم تستمع لصوت أخيها قررت الدلوف إلى داخل الغرفة.

دلفت فرحة إلى غرفة أخيها وفوجئت بحرارته المرتفعة، في ذلك الوقت استطاعت روح التسلل والخروج من الغرفة دون أن تشعر بها فرحة.

أمسكت فرحة بيد أخيها فحدثها قائلًا:
—روح، لماذا تزوجتي بأخي على الرغم من الحب الشديد الذي بيننا.

وضعت فرحة يدها على فمها وقالت:
—أخي وروح كيف حدث ذلك؟!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي