الفصل الثاني اللقاء الأول
كان عاصم يسير وهو يتأمل المرسم الخاص بمنير، يراه يرسم اسم حور بشتى الطرق، لا يعلم كيف كان مغرم بتلك الفتاة إلى هذا الحد ولم يخبره! لطالما كان يقول له كل شيء يحدث، أما الآن هو لا يعرف أي شيء مما حدث معه وصدم بقتله بتلك الطريقة البشعة:
-لا أعرف ما الذي حدث لك يا منير، لا أعلم كيف تورطت في شيء كهذا حتى!
وجد المذكرات الخاصة به وشعر بالأمل يغزو قلبه، لعله يجد شيء يجعله يصل إلى القاتل، فتحها وهو يعتذر من منير سرًا، بدأ في القراءة وقد اقتربا حاجبيه بألم وتأثر شديد:
-لقد قابلت اليوم فتاة مميزة للغاية، لا أعلم ما الذي حدث لقد شعرت أنها بحاجة شديدة لي، شعرت بنفسي انجذب لها بشدة، عينيها بحر يجعلني على وشك فقدان أنفاسي، بريئة للحد الذي يجعلك تبيع عمرك بأكمله من أجلها.
أخذ عاصم نفس عميق وهو يحاول أن يسيطر على نفسه ويتابع القراءة:
-لطالما كنت شغوف بالخروج والمجيء وبالتحدث مع الكثير من الفتيات، لكنها غير كل شخص عرفته، هي التي تأثرني بطريقة غريبة لم أعتاد عليها من قبل.
قام عاصم بقلب المزيد من الصفحات وكأنه يريد ان يبحث عن شيء بعينه ومن ثم تابع القراءة:
-اسمها حور هو يليق بها كثيرًا، المرء يستعد أن يضحي بعمره بالكامل من اجل أن يلمس وجنتها الوردية، على كل حال قد انقلب الحال، هذا الرجل الذي لم يكن يهتم سوى بالمساء الآن اصبحت هي كل إهتمامه في هذه الحياة.
-لقد كانت ترفض وبشدة التحدث مع والدتي لا أعلم لماذا، دائمًا يشعر قلبي أنها لا تحبني مثلما أحبها أنني، لكنني كالعادة أكذب نفسي، حتى لو لم تكن تحبني فأنا مستعد لفعل أي شيء من أجلها، مستعد أن أضحي بعمري في سبيل ليلة وحيدة أجلس بها معها.
عقد عاصم حاجبيه وهو لا يصدق ما كتبه ابن خالته، لم يعتاد عليه هكذا، لم يعتاد أن يتعلق بأحد بهذا الحد! أخذ نفس عميق وهو يقرأ:
-تحدثت مع أمي وسوف أخبرها أن تأتي لتقابلها، كنت أتمنى أن ارسمها لكنني لم استطيع لقد وعدتني أن لا افعل حتى يكون خاتم الخطبة بيدها وتكون الصورة الأولى معًا، أريد أن أخبرها وأخبر الجميع أنني أحبها كثيرًا، أنا حقًا أحبكي يا حور.
أغلق عاصم الدفتر ولم يستفاد شيء سوى أنه علم بعشق ابن خالته الشديد، لم يحدث هذا من قبل، منير لم يتعلق في حياته بأحد بتلك الطريقة، مؤكدًا سوف تأتي لتتحدث إلى والدته، على الأقل سوف تسأل عليه ووقتها يمكنه أن يتحدث معها لعلها تعرف أي شيء عن سبب قتله.
خرج عاصم من المرسم وعلى وجهه يعلو الضيق الشديد، حاول أن ينظم أنفاسه وهو لا يعلم ما الذي يجب أن يقوله في هذا الوضع، تساقطت دموعه بألم شديد، تلقى في هذا الوقت أتصال من والدته، لم يجيب وقام بوضع الهاتف في جيبه.
سار إلى سيارته وصعد بها، قرر أنه سوف يعود إلى منزله ليرتاح ومن ثم يعيد التفكير في هذا الأمر، لم تتوقف والدته عن الأتصال حتى اجابها وهو يحاول أن يتماسك ويبقى هذا القوي دائمًا، تحدثت والدته من بين بكائها:
-أين انت يا عاصم؟ تعالى إلى المستشفى في القرية، خالتك فقدت وعيها وتم نقلها هناك، أنا أشعر بالخوف الشديد وأختك في المنزل بمفردها.
قاد عاصم السيارة بسرعة وهو يتمنى أن يكون كل شيء على مايرام، فكر أن يأتي بأخته حتى لا تظل بمفردها وهي تخاف من خيالها ومن ثم يذهب إلى المستشفى.
في نفس الوقت كانت غرام تشعر بألم معدتها يزداد دون هوادة، تألمت وقد تحول الألم إلى صراخ شديد، وقفت بصعوبة وهي لا تجد من يسعفها، لم تتخيل أن يحدث لها شيء كهذا الآن، امسكت بهاتفها ولم تجد أمامها حل سوى الأتصال بجلال لعله ينقذها:
-جلال أرجوك ساعدني، أنا أتألم كثيرًا، لا أستطيع التنفس، لا يوجد لديّ غيرك يا جلال أتوسل إليك أنا أفقد حياتي الآن.
وقف جلال مبتعدًا عن سريره في غرفة نومه:
-اخبريني أين انتِ يا غرام؟ ما الذي حدث لكِ لقد كنتِ بخير.
استسلمت في النهاية وهي تعلم أنها بمفردها ولا تستطيع أن تفعل شيء، في النهاية لا يوجد لديها غيره:
-سوف أرسل لك الموقع، أتصل بالإسعاف على الفور.
أومأ جلال لها وهو يستعد لإرتداء ملابسه، شعر بالقلق عليها وهو للمرة الأولى يراها تتألم بتلك الطريقة، فكر أن حالتها تلك سوف تساعده في التقرب من عاصم دون الحاجة لتمثيلها، ابتسم قبل ان يتدارك نفسه وهو يحرك رأسه نافيًا:
-لا يمكنني أن أفكر بتلك الطريقة الآن، هي مريضة ولا يمكنني أن أفكر في العمل الآن.
-----
وصل عاصم إلى المستشفى، كان يسير وبجواره عنبر أخته، تحدثت ومازالت دموعها تتساقط:
-أنا أشعر بالخوف يا عاصم، صدقني أشعر بالخوف الشديد، لا أعلم ما الذي يجب عليّ فعله، قلبي يؤلمني كثيرًا جدًا.
أمسك عاصم بيدها وهو يحرك رأسه بنفي:
-لا يوجد داعي للخوف يا حبيبتي، فالتدعي له بالرحمة.
اجابته عنبر وهي تنظر له، لا تعلم إن كان من الجيد أن تخبره بهذا الحديث في هذا الوقت أم لا، لكنها قررت التحدث:
-أنا لست حزينة على منير أبدًا يا عاصم، هو لم يكن جيد، على العكس كان يضايقني كثيرًا، لم يكن يحترم أحد وأنا لم أشعر بالحزن لموته إنما أنا أشعر بالخوف عليك.
نظر لها عاصم بتعجب شديد، لا يفعل ما الذي تريد أن تقوله، شعر بالكثير من التشتت:
-كيف كان يضايقكي يا عنبر وما الذي يشعركي بالخوف عليّ؟!
تساقطت دموعها وهي تمسك بيده:
-قالت أمي انك هدفهم القادم، اخبرت أمي ابي أنها تكاد أن تموت خوفًا وأنت القادم.
لاحظ عاصم أنها تجاهلت سؤاله عن مضايقتها، حرك رأسه نافيًا وهو يعتدل ليقف أمامها مباشرة:
-اخبريني يا عنبر ما الذي حدث حتى يكون قلبكِ قاسي هكذا؟ ما الذي تعرفيه عن منير يا ترى لا أعرفه أنا؟!
نظرت عنبر له، شعرت بلسانهل يتجمد، لم تقوى على التحدث، هربت من عينيه وهي لا تعلم ما الذي كان يجب ان تقوله، هل كان عليها أن تخبره أن منير سبق وتعرض لها في غيابهم، كان يستغل كل وقت تكون به بمفردها ويأتي لها.
لاحظ عاصم شرودها وقد زاد ضيقه، يراها مترددة كمن تشعر بالخوف وهو لا يعلم ما الذي جعلها تتحول فجأة هكذا، أتى ليتحدث فيجد جلال يقترب ومعه فتاة تستند عليه، تعجب من هذا، لطالما كان جلال رجل خبيث لا يرتاح له أحد في قريتهم.
نظرت عنبر حيث ينظر أخيها بتعجب، اقترب جلال وهو يتحدث بانفعال واضح:
-عاصم أنت هنا! إذا سمحت ساعدني لنقلها إلى أحد الغرف والطبيبة سوف تأتي لرؤيتها.
كانت دموع غرام تتساقط من الألم، نظرت إلى عاصم لتلتقي أعينهم في نظرة طويلة، تحدث جلال من جديد:
-غرام تكون ابنة صديق لي وقت توفى وهي الآن ليس لها أحد غيري، لقد غفلت سامحني يا عاصم، لم يكن هناك الوقت لأتي إلى منزل والدك وأقدم التعازي، كما ترى غرام في حالة صعبة.
كان عقل غرام مشغول وهي ترى جلال قد غفل ليخبر عاصم باسمها الحقيقي، وضعها جلال على سرير في أحد الغرف واقتربت الطبيبة لفحصها، طلبت من جلال أن ينتظر بالخارج وما إن خرج لم يجد عاصم، كان يشعر بالحيرة وهو يتساءل ما الذي يفعله في هذا الوقت هنا!
سألت الطبيبة غرام:
-هل تعانين من مرض ما؟
حركت غرام رأسها بنفي وقد بدأ ألمها في الهدوء كما اعتادت في بعض الأوقات:
-لم أكن اعاني من أي مرض، لكنني كل فترة أعاني من ألم معدتي و..
ابتلعت ما بحلقها وتابعت حديثها:
-والآن لم أكن اقوى على أخذ أنفاسي، لم أشعر بنفسي سوى وأنا أصرخ من الألم.
اومات لها الطبيبة وهي تتفهم حالتها:
-هل تعرضتي لضغط نفسي؟ هل تعانين من نوبة خوف أو شيء من هذا القبيل؟
اومأت لها غرام لتخبرها الطبيبة وهي تكتب لها على بعض الأدوية قد تساعدها على التحسن:
-تعانين من الم القولون العصبي، سوف تتعرضين لحالات متشابهة كلما شعرتي بالخوف أو القلق، يجب عليكِ أن تكون قوية أكثر من الآن، سوف يكون كل شيء على مايرام وقتها، هذه الأدوية يجب ان تستمري في أخذها حتى تأتين لي الأسبوع القادم.
اومأت لها غرام ومن ثم خرجت الطبيبة، دلف جلال إليها على الفور، تعلم انها لن تتخلص منه، ابتسم وهو يقترب ليجلس بجوارها:
-لقد تحسن وجهكِ، جعلتيني أشعر بالخوف عليكِ، ظننت أنكِ تفارقين الحياة الآن.
حاولت غرام أن لا تنفعل وتكون أهدء، تجاهلت حديثه وتجاهلت حالتها:
-كيف تخبر عاصم بأن اسمي هو غرام؟ هل نسيت يا جلال أم فقدت عقلك.
صفع جلال جبينه وقد أدرك ما قام به، أخذ نفس عميق وهو يشعر بالضيق والغضب الشديد من نفسه:
-لا أعلم كيف ذهب شيء كهذا عن خاطري، لقد كنت أفكر بكِ فقط وهذا هو السبب في جعلي أنسى هذا الأمر، اعذريني يا غرام.
ابعدت وجهها عنه بعدم إهتمام، حاولت ان تنظم أنفاسها، اقترب جلال ليمسك بيدها:
-المهم أن تكوني على مايرام يا غرام، سوف أتحدث مع الطبيبة وأخبرها أننا سوف نخرج، يمكنكي أن تأتي إلى منزلي وكل شيء سوف يكون جاهز للعناية بكِ.
حركت غرام رأسها بنفي وقد اتخذت قرارها:
-لن أذهب معك يا جلال، أنت تعرف هذا جيدًا صحيح؟
ضحك جلال ساخرًا وهو يحرك رأسه نافيًا:
-لا أعرف شيء، الشيء الوحيد الذي أعرفه أنكِ كنتِ تموتي واستنجدتي بي، هل ستعودي إلى تلك الشقة القبيحة من جديد لتجلسي بها؟
حركت غرام رأسها بنفي وهي تعقد يديها أمام صدرها لتقوم باصرار:
-أنت سوف تتصرف لكي أدخل إلى فيلا عاصم السيوفي هنا، لا أجد فرصة أفضل من هذه.
لا يعلم هل تفكر بجدية في العمل أم تتهرب منه من جديد كما اعتاد عليها، لاحظ نظراتها له ليسألها بحيرة شديدة:
-ما الذي تفكري به يا غرام؟ اخبريني ما الذي يدور بعقلكِ هذا؟
ابتسمت غرام أبتسامة لم تصل لعينيها وهي تخبره بهدوء شديد:
-كل خير يا جلال، أنا سوف أبدأ في العمل وأنا متعبة لأنسى وينساني الألم، لا تضمن لو تأخرنا قليلًا ربما سيحدث شيء ولن نقول بهذه العملية الآن.
أخذ جلال نفس عميق وهو يومأ لها بعد ان فكر للحظات:
-سوف تذهبين إلى ڤيلا عاصم السيوفي اليوم وهذا وعد مني يا جميلتي.
-لا أعرف ما الذي حدث لك يا منير، لا أعلم كيف تورطت في شيء كهذا حتى!
وجد المذكرات الخاصة به وشعر بالأمل يغزو قلبه، لعله يجد شيء يجعله يصل إلى القاتل، فتحها وهو يعتذر من منير سرًا، بدأ في القراءة وقد اقتربا حاجبيه بألم وتأثر شديد:
-لقد قابلت اليوم فتاة مميزة للغاية، لا أعلم ما الذي حدث لقد شعرت أنها بحاجة شديدة لي، شعرت بنفسي انجذب لها بشدة، عينيها بحر يجعلني على وشك فقدان أنفاسي، بريئة للحد الذي يجعلك تبيع عمرك بأكمله من أجلها.
أخذ عاصم نفس عميق وهو يحاول أن يسيطر على نفسه ويتابع القراءة:
-لطالما كنت شغوف بالخروج والمجيء وبالتحدث مع الكثير من الفتيات، لكنها غير كل شخص عرفته، هي التي تأثرني بطريقة غريبة لم أعتاد عليها من قبل.
قام عاصم بقلب المزيد من الصفحات وكأنه يريد ان يبحث عن شيء بعينه ومن ثم تابع القراءة:
-اسمها حور هو يليق بها كثيرًا، المرء يستعد أن يضحي بعمره بالكامل من اجل أن يلمس وجنتها الوردية، على كل حال قد انقلب الحال، هذا الرجل الذي لم يكن يهتم سوى بالمساء الآن اصبحت هي كل إهتمامه في هذه الحياة.
-لقد كانت ترفض وبشدة التحدث مع والدتي لا أعلم لماذا، دائمًا يشعر قلبي أنها لا تحبني مثلما أحبها أنني، لكنني كالعادة أكذب نفسي، حتى لو لم تكن تحبني فأنا مستعد لفعل أي شيء من أجلها، مستعد أن أضحي بعمري في سبيل ليلة وحيدة أجلس بها معها.
عقد عاصم حاجبيه وهو لا يصدق ما كتبه ابن خالته، لم يعتاد عليه هكذا، لم يعتاد أن يتعلق بأحد بهذا الحد! أخذ نفس عميق وهو يقرأ:
-تحدثت مع أمي وسوف أخبرها أن تأتي لتقابلها، كنت أتمنى أن ارسمها لكنني لم استطيع لقد وعدتني أن لا افعل حتى يكون خاتم الخطبة بيدها وتكون الصورة الأولى معًا، أريد أن أخبرها وأخبر الجميع أنني أحبها كثيرًا، أنا حقًا أحبكي يا حور.
أغلق عاصم الدفتر ولم يستفاد شيء سوى أنه علم بعشق ابن خالته الشديد، لم يحدث هذا من قبل، منير لم يتعلق في حياته بأحد بتلك الطريقة، مؤكدًا سوف تأتي لتتحدث إلى والدته، على الأقل سوف تسأل عليه ووقتها يمكنه أن يتحدث معها لعلها تعرف أي شيء عن سبب قتله.
خرج عاصم من المرسم وعلى وجهه يعلو الضيق الشديد، حاول أن ينظم أنفاسه وهو لا يعلم ما الذي يجب أن يقوله في هذا الوضع، تساقطت دموعه بألم شديد، تلقى في هذا الوقت أتصال من والدته، لم يجيب وقام بوضع الهاتف في جيبه.
سار إلى سيارته وصعد بها، قرر أنه سوف يعود إلى منزله ليرتاح ومن ثم يعيد التفكير في هذا الأمر، لم تتوقف والدته عن الأتصال حتى اجابها وهو يحاول أن يتماسك ويبقى هذا القوي دائمًا، تحدثت والدته من بين بكائها:
-أين انت يا عاصم؟ تعالى إلى المستشفى في القرية، خالتك فقدت وعيها وتم نقلها هناك، أنا أشعر بالخوف الشديد وأختك في المنزل بمفردها.
قاد عاصم السيارة بسرعة وهو يتمنى أن يكون كل شيء على مايرام، فكر أن يأتي بأخته حتى لا تظل بمفردها وهي تخاف من خيالها ومن ثم يذهب إلى المستشفى.
في نفس الوقت كانت غرام تشعر بألم معدتها يزداد دون هوادة، تألمت وقد تحول الألم إلى صراخ شديد، وقفت بصعوبة وهي لا تجد من يسعفها، لم تتخيل أن يحدث لها شيء كهذا الآن، امسكت بهاتفها ولم تجد أمامها حل سوى الأتصال بجلال لعله ينقذها:
-جلال أرجوك ساعدني، أنا أتألم كثيرًا، لا أستطيع التنفس، لا يوجد لديّ غيرك يا جلال أتوسل إليك أنا أفقد حياتي الآن.
وقف جلال مبتعدًا عن سريره في غرفة نومه:
-اخبريني أين انتِ يا غرام؟ ما الذي حدث لكِ لقد كنتِ بخير.
استسلمت في النهاية وهي تعلم أنها بمفردها ولا تستطيع أن تفعل شيء، في النهاية لا يوجد لديها غيره:
-سوف أرسل لك الموقع، أتصل بالإسعاف على الفور.
أومأ جلال لها وهو يستعد لإرتداء ملابسه، شعر بالقلق عليها وهو للمرة الأولى يراها تتألم بتلك الطريقة، فكر أن حالتها تلك سوف تساعده في التقرب من عاصم دون الحاجة لتمثيلها، ابتسم قبل ان يتدارك نفسه وهو يحرك رأسه نافيًا:
-لا يمكنني أن أفكر بتلك الطريقة الآن، هي مريضة ولا يمكنني أن أفكر في العمل الآن.
-----
وصل عاصم إلى المستشفى، كان يسير وبجواره عنبر أخته، تحدثت ومازالت دموعها تتساقط:
-أنا أشعر بالخوف يا عاصم، صدقني أشعر بالخوف الشديد، لا أعلم ما الذي يجب عليّ فعله، قلبي يؤلمني كثيرًا جدًا.
أمسك عاصم بيدها وهو يحرك رأسه بنفي:
-لا يوجد داعي للخوف يا حبيبتي، فالتدعي له بالرحمة.
اجابته عنبر وهي تنظر له، لا تعلم إن كان من الجيد أن تخبره بهذا الحديث في هذا الوقت أم لا، لكنها قررت التحدث:
-أنا لست حزينة على منير أبدًا يا عاصم، هو لم يكن جيد، على العكس كان يضايقني كثيرًا، لم يكن يحترم أحد وأنا لم أشعر بالحزن لموته إنما أنا أشعر بالخوف عليك.
نظر لها عاصم بتعجب شديد، لا يفعل ما الذي تريد أن تقوله، شعر بالكثير من التشتت:
-كيف كان يضايقكي يا عنبر وما الذي يشعركي بالخوف عليّ؟!
تساقطت دموعها وهي تمسك بيده:
-قالت أمي انك هدفهم القادم، اخبرت أمي ابي أنها تكاد أن تموت خوفًا وأنت القادم.
لاحظ عاصم أنها تجاهلت سؤاله عن مضايقتها، حرك رأسه نافيًا وهو يعتدل ليقف أمامها مباشرة:
-اخبريني يا عنبر ما الذي حدث حتى يكون قلبكِ قاسي هكذا؟ ما الذي تعرفيه عن منير يا ترى لا أعرفه أنا؟!
نظرت عنبر له، شعرت بلسانهل يتجمد، لم تقوى على التحدث، هربت من عينيه وهي لا تعلم ما الذي كان يجب ان تقوله، هل كان عليها أن تخبره أن منير سبق وتعرض لها في غيابهم، كان يستغل كل وقت تكون به بمفردها ويأتي لها.
لاحظ عاصم شرودها وقد زاد ضيقه، يراها مترددة كمن تشعر بالخوف وهو لا يعلم ما الذي جعلها تتحول فجأة هكذا، أتى ليتحدث فيجد جلال يقترب ومعه فتاة تستند عليه، تعجب من هذا، لطالما كان جلال رجل خبيث لا يرتاح له أحد في قريتهم.
نظرت عنبر حيث ينظر أخيها بتعجب، اقترب جلال وهو يتحدث بانفعال واضح:
-عاصم أنت هنا! إذا سمحت ساعدني لنقلها إلى أحد الغرف والطبيبة سوف تأتي لرؤيتها.
كانت دموع غرام تتساقط من الألم، نظرت إلى عاصم لتلتقي أعينهم في نظرة طويلة، تحدث جلال من جديد:
-غرام تكون ابنة صديق لي وقت توفى وهي الآن ليس لها أحد غيري، لقد غفلت سامحني يا عاصم، لم يكن هناك الوقت لأتي إلى منزل والدك وأقدم التعازي، كما ترى غرام في حالة صعبة.
كان عقل غرام مشغول وهي ترى جلال قد غفل ليخبر عاصم باسمها الحقيقي، وضعها جلال على سرير في أحد الغرف واقتربت الطبيبة لفحصها، طلبت من جلال أن ينتظر بالخارج وما إن خرج لم يجد عاصم، كان يشعر بالحيرة وهو يتساءل ما الذي يفعله في هذا الوقت هنا!
سألت الطبيبة غرام:
-هل تعانين من مرض ما؟
حركت غرام رأسها بنفي وقد بدأ ألمها في الهدوء كما اعتادت في بعض الأوقات:
-لم أكن اعاني من أي مرض، لكنني كل فترة أعاني من ألم معدتي و..
ابتلعت ما بحلقها وتابعت حديثها:
-والآن لم أكن اقوى على أخذ أنفاسي، لم أشعر بنفسي سوى وأنا أصرخ من الألم.
اومات لها الطبيبة وهي تتفهم حالتها:
-هل تعرضتي لضغط نفسي؟ هل تعانين من نوبة خوف أو شيء من هذا القبيل؟
اومأت لها غرام لتخبرها الطبيبة وهي تكتب لها على بعض الأدوية قد تساعدها على التحسن:
-تعانين من الم القولون العصبي، سوف تتعرضين لحالات متشابهة كلما شعرتي بالخوف أو القلق، يجب عليكِ أن تكون قوية أكثر من الآن، سوف يكون كل شيء على مايرام وقتها، هذه الأدوية يجب ان تستمري في أخذها حتى تأتين لي الأسبوع القادم.
اومأت لها غرام ومن ثم خرجت الطبيبة، دلف جلال إليها على الفور، تعلم انها لن تتخلص منه، ابتسم وهو يقترب ليجلس بجوارها:
-لقد تحسن وجهكِ، جعلتيني أشعر بالخوف عليكِ، ظننت أنكِ تفارقين الحياة الآن.
حاولت غرام أن لا تنفعل وتكون أهدء، تجاهلت حديثه وتجاهلت حالتها:
-كيف تخبر عاصم بأن اسمي هو غرام؟ هل نسيت يا جلال أم فقدت عقلك.
صفع جلال جبينه وقد أدرك ما قام به، أخذ نفس عميق وهو يشعر بالضيق والغضب الشديد من نفسه:
-لا أعلم كيف ذهب شيء كهذا عن خاطري، لقد كنت أفكر بكِ فقط وهذا هو السبب في جعلي أنسى هذا الأمر، اعذريني يا غرام.
ابعدت وجهها عنه بعدم إهتمام، حاولت ان تنظم أنفاسها، اقترب جلال ليمسك بيدها:
-المهم أن تكوني على مايرام يا غرام، سوف أتحدث مع الطبيبة وأخبرها أننا سوف نخرج، يمكنكي أن تأتي إلى منزلي وكل شيء سوف يكون جاهز للعناية بكِ.
حركت غرام رأسها بنفي وقد اتخذت قرارها:
-لن أذهب معك يا جلال، أنت تعرف هذا جيدًا صحيح؟
ضحك جلال ساخرًا وهو يحرك رأسه نافيًا:
-لا أعرف شيء، الشيء الوحيد الذي أعرفه أنكِ كنتِ تموتي واستنجدتي بي، هل ستعودي إلى تلك الشقة القبيحة من جديد لتجلسي بها؟
حركت غرام رأسها بنفي وهي تعقد يديها أمام صدرها لتقوم باصرار:
-أنت سوف تتصرف لكي أدخل إلى فيلا عاصم السيوفي هنا، لا أجد فرصة أفضل من هذه.
لا يعلم هل تفكر بجدية في العمل أم تتهرب منه من جديد كما اعتاد عليها، لاحظ نظراتها له ليسألها بحيرة شديدة:
-ما الذي تفكري به يا غرام؟ اخبريني ما الذي يدور بعقلكِ هذا؟
ابتسمت غرام أبتسامة لم تصل لعينيها وهي تخبره بهدوء شديد:
-كل خير يا جلال، أنا سوف أبدأ في العمل وأنا متعبة لأنسى وينساني الألم، لا تضمن لو تأخرنا قليلًا ربما سيحدث شيء ولن نقول بهذه العملية الآن.
أخذ جلال نفس عميق وهو يومأ لها بعد ان فكر للحظات:
-سوف تذهبين إلى ڤيلا عاصم السيوفي اليوم وهذا وعد مني يا جميلتي.