الفصل،السادس،عشر
لقد علمت كيف ترهقه و إكتشفت نقطة ضعفه.. وهو من عاش عمره كله لم يجد أي أحد له نقطة ضعف.. مر إسبوع و هي لا تعطيه أي فرصة لرؤيتها..
و عندما صعد لشقتها رفضت الخروج لرؤيته.. و أكدت له رمزية أنها تغلق عليها غرفتها بالساعات و ترسم بشرود.. فتلك الحالة لم تصيبها منذ وفاة والدتها...
يعلم أنها تنتظر إعترافه بحبها و لكن أشياء كثيرة تمنعه من ان يعترف.. إعتبارات أكثر تقيده و تكبله ربما مع الوقت ستعرفها و لكن حينها هل ستفهمه...
لم يعد يملك أى صبر أو قوة.. فصعد لشقتها و طرق الباب بقوة.. ركضت رمزية وفتحت الباب بقلق و ما أن رآته حتي قالت بلوم:
_ هذا أنت يا غنام.. كدت تكسر الباب من طرقاتك القوية تلك.
إندفع إلي الداخل و سألها بصرامة:
_ هل راما ترتدى شيئاً محترماً ام ملابس نوم.
حركت كتفيها بعدم فهم و قالت:
_ ترتدى ملابسها العادية و لكن ما سبب سؤالك؟!
اكمل إندفاعه ناحية غرفتها و فتح الباب دون إستأذان فوجدها جالسة أمام لوحتها و تطالعه بدهشة.. لم يعتذر و لكنه سار ناحيتها...
فشهقت راما بداخلها و هي تتابع قدومه ناحيتها بملامح غاضبة و هيأة شرسة و فجأة إنحني بجزعه حتي بطنها و حملها على كتفه..
كانت ترى كل شئ حولها بالمقلوب و هي تصرخ به بقوة:
_ إتركني أيها الهمجي الغوغائي.. انا لا أريد الذهاب معك.
ضم ساقيها أمام صدره كي يكبل حركتها و هو يقول بسخرية:
_ نعم أعلم أنكِ لا تريدين الذهاب معي.. لذلك أنا اخطفك.
كانت رمزية تتابع ما يحدث بصدمة و هي تضع كفيها على فمها متسعة العينين.. تطلع بها غنام و قال بنبرة آمرة:
_ ناوليني مفاتيح السيارة يا رمزية اسرعي.
صاحت بها راما قائلة بتحذير قوى:
_ إياكِ ان تعطيه شيئاً يا رمزية أنا أحذرك .
غمز غنام لرمزية بعينه.. فأومأت برأسها وناولته مفتاح سيارة راما تحت أنظارها المتعجبة و هي تحاول التملص من ذراعيه القويتين.. ولكن دون فائدة..
توجه ناحية باب الشقة و فتحه مسرعا و خرج و هي تسبه بغضب هادر...
إستقل المصعد و هو يقول لها ببرود:
_ سأقص لكِ لسانك هذا و أرميه امامكِ لكلاب الطرق تأكله على قلة حيائك يا راما.
كانت تكيل له الضربات في ساقه من الخلف و تقول بحدة:
_ أنزلني أنا لا أريد الذهاب معك انا أكرهك.
فتح باب المصعد و خرج و سار بها حتي سيارتها ضغط جهاز التحكم عن بعد و فتح بابها و ألاقاها بإهمال للداخل و لف حولها حزام الآمان.. و اغلق الباب..
لف حول السيارة و فتح الباب خلف المقود و هي تحاول فك حزام آمانها لتهرب منه..
لكنه أدار السيارة مسرعاً.. لفت بجسدها ناحيته و قد تناثرت شعراتها الصفراء حول وجهها بعشوائية و أخذت تضربه بكل قوتها...
كان يقهقه و هو يستقبل ضرباتها بثبات.. فإن كانت تلك قوتها فهي بالنسبة له ولقوته لمسات فراشات...
ما ان تعبت و أصابها الإجهاد حتي جلست تلتقط انفاسها بلهاث و هي لا تطالعه فقط تطالع الطريق بعبوس..
ساد الصمت لدقائق حتي قطعه غنام قائلا بهدوء:
_ راما.. أنا متأسف على طريقتي و لكنني لم أجد سبيل آخر لرؤيتك.
طالعته شرزاً و هي تهدر بعصبية قائلة من بين أسنانها:
_ و أنا لا رغبة لي لرؤيتك يا غنام.
طالعها بقوة متعمقاً بعينيها و قال بثقة:
_ انتِ تكذبين.
إبتلعت ريقها بتوتر و عادت لمطالعة الطريق بصمت.. ما ان وصلا لمكانهما المعتاد بقناة السويس.. حتي صف السيارة و خرج منها و سار حتي وقف على شرفة باب راما و سألها بمداعبة:
_ الن تخرجي.. أريد التحدث إليكِ قليلاً.
لم تطالعه و قالت ببرود:
_ أعطني المفاتيح أريد أن أعود.
فتح الباب و سحبها من ذراعها أنزلها بالقوة و صفع الباب ورائها و هو يقول بتذمر:
_ من الواضح أن الأدب لا يصلح معكِ.. سأعود لهمجيتي كي تطيعني فأنا لا امتلك صبراً لدلال الفتيات هذا.
تركته و سارت قليلاً حتي جلست فوق صخرة واضعة قبضتيها تحت وجنتيها بعبوس..
جلس امامها على الأرض و هو يقذف الحصي على سفح الماء.. ثم إلتفت إليها و قال بجدية:
_ هل تكرهينني حقاً كما قلتِ.
سحبت راما نفساً طويلاً و حبست به كلمات صادقة لا تريد منها الخروج فهو لا يستحقها.. قبض على ذقنها ولف وجهها ناحيته و هو يتعمق بعينيها و قال:
_ لماذا إمتنعتي عن رؤيتي الفترة السابقة.. هل آذيتُكِ بشئ دون أن أدرى.
كانت تطالع عينيه بشوق مرهق و آثر لمسته على وجهها زادتها دفئاً و حياة.. كم تتمني أن تضع رأسها على كتفه و تبكي في صمت حبه الملعون...
ابعدت يده عن وجهها و عادت لمطالعة البحر و هي تقول بهدوء:
_ لا أنت لم تفعل شئ.. فقط أشتاق لوالدى و أرغب بالعودة إليه.. لقد طال سجني هنا.
فسألها وهو يعود لقذف الحصي ململماً آثار جرحه من كلماتها:
_ وهل قصرتُ معكِ بشئ.. تعلمين أنكِ هنا لان والدكِ كما قلتِ يخشي عليك من شئ ما قد يصيبك و أنا بعدما صرنا مقربين حاولت جاهداً تسلية وقتك و تفرغت بأوقات كثيرة لكِ.
اجابته ببرود قاتل لم يرها تتحدث به من قبل قائلة:
_ انا لم أُجبرُك على فعل شئ فلا تحملني جمائل.
توقف عن قذف الحصي و إبتلع ريقه يجلي به حلقه الذى جف و قال بنبرة قاطعة:
_ راما ماذا بكِ تحديداً و ما سبب تغيرك عليّ؟!
كانت لا تطالعه كي لا تخبره عيناها بأنها تحتاجه كحبيب وليس صديق.. تريد أن تسمع منه كلمة واحدة كفيلة بمنحها الحياة التي كانت ومازالت محرومة منها..
صمتها جعله يقول بتوتر:
_ اعلم أن سبب تغيرك هو إصرارى على كوننا أصدقاء.
طالعته بدهشة بينما اردف هو قائلا بألم:
_ ربما.. يكنُ كلاً منا مشاعر أخرى غير الصداقة لبعضنا البعض و لكن الواقع يجبرنا على طمسها لأننا سنتعذب كثيراً إذا خرجت للنور.
إتسعت عيني راما و سألته بتلهف:
_ ربما؟!
لم يشعر غنام بنفسه و هو يجيبها مسرعاً دون تعقل أو تريث منه:
_ لا ليست ربما إنها أكيد و لكن إنظرى لنفسك و إنظرى لي فأنا حتي و لو كنت طبيباً أو مهندساً أو حتي ضابط شرطة.. هل تعتقدى أن والدك رجل الأعمال الشهير سيزوجك لرجل مثلي بحالته المادية تلك؟!
جثت علي ركبتيها بجواره و تعلقت بذراعه و هي تقول بصدمة:
_ ماذا تقول يا غنام؟! أنا منذ البداية و أنا اعرف أنك تعمل كما تسمي نفسك سايس للسيارات و مع ذلك آمنتك على نفسي.. آمنتك على أسرار مرضي.. آمنتك على قلبي يا غنام.
تطلع داخل عيونها بقوة و هي تتابع قائلة:
_ هل تعتقد أنني أخشي و لو لثانية على مستقبلنا معاً.. حتي و لو رفض والدى سأواجهه و سأتزوجك و لن احتاج لقرشاً واحد من أموال أبي سأرسم و أبيع لوحاتي و أساعدك.. سأعيش معك بشقة صغيرة و لو كانت غرفة واحدة.. سأفعل أى شئ كي أضع رأسى ليلاً على صدرك و أغفو بسلام.
تعمقت نظراتهم فلامست راما ذقنه الغير مهندمة و قالت بإبتسامة والهة:
_ غنام... انا أحب..... .
وضع أنامله فوق شفتيها و قال مسرعاً:
_ لا تتعجلي في قول أى شئ.. إنتظرى حتي عودتك لوالدك و أنا سآتي لخطبتك و حينها إن وافقتِ بي سأقولها أنا أولاً.
أومأت برأسها بتفهم.. بينما سحب هو أنامله الذي حسدها على تلك اللمسة و هو يبتسم إليها بحب...
هذا ما أرادته و حصلت عليه و لكن ما إستوقفها بحديثه أنه قال إن وافقت عليه.. ما السبب الذى سيدفعها حينها لعدم الموافقة عليه.. ربما حياته التي يخفيها عنها بها سر قوى ينتظرها........
كانت شاردة تفكر بعمق.. حتي أنها لم تشعر بحرارة الكوب التي تحتضنه كفيها بتملك.. طالعتها آية بقلق و إرتشفت القليل من مشروب الشوكولاتة خاصتها و سألتها بفضول:
_ سارة هل ستعطين لهذا العريس فرصة لمقابلتك أم سترفضيه لأنك ترفضين فكرة زواج الصالونات تلك؟!
عادت سارة من شرودها و وضعت الكوب من يدها بعدما لفحتها حرارته و قالت بتوتر :
_ لا أعرف.. و لكنني كنت أرغب بعيش قصة حب قبل الإرتباط كحالكِ أنتِ و مروان.
أجابتها آية مسرعة :
_ ربما ستحبيه أكثر مما لو كنتما على علاقة قبل الإرتباط.. ألم تنتبهي لحديث بابا رؤوف عن إحتمالية عشقه لكِ.. لو كان كذلك فمن المؤكد ستبادليه عشقه.
إبتسمت سارة على برائتها و قالت برقة:
_ أتمني من الله أن يكون كلامكِ صحيح.. فقط إدعي لي يا حبيبتي.
قبلتها آية بوجنتها و ضمتها إليها قائلة بفرحة:
_ أنا أدعوا لكِ دائماً كما أدعوا لمروان و لنفسي.. ألستِ أنتِ نصفي الثاني.
فى المساء جلست آية و مروان هو على الدرج... وهى داخل شقتها كالعادة... وأخذهم الحديث و المزاح و النقاش وهو يتعرف على آية جديدة غير طفلته الصغيرة... وكلما تعرف عليها أكثر عشقها أكثر .
صارت ثقتها به كبيرة فهو يقضى أغلب وقته بجوارها ، ظلت تنظرله و تتابع حديثه الجاد و المازح.. وهى تدعو الله ألا تمر بما مرت به أمها أن يخونها زوجها ويتزوج عليها .. ويموت حبها وتموت بعده .
لاحظ مروان شرودها المفاجئ فقال بتعجب :
_هيييي.. أين ذهبتِ بتفكيرك حبيبتي؟!
نظرت له بحب وقالت بإبتسامة مشرقة :
_ لا افكر بشئ سواك يا مروان فكل أمورى انت محورها و تدور حولك.
إبتسم إبتسامة جانبية ساحرة بعدما غذت غروره بكلماتها الناعمة مثلها..
فوقف وإقترب منها فوقفت هى الأخرى... جثا على ركبته أمامها وأخرج علبة قطيفة حمراء ونظر لها بحب وقال :
_ أنا إكتشفت أني أعشقكِ فوق العشق عشقين و أتمني أن أكمل حياتي بجوارك و معكِ حتى و لو هنا عالدرج.
فضحكت وإمتلأت عيونها بالدموع فأكمل حديثه وقال بعشق يقطر من عينيه :
_ هل تقبلين الزواج مني يا أجمل شئ وهبني الله إياه.
ظلت تنظر له بصدمة حتى تساقطت عبراتها وقالت بسعادة :
_ اكيد.. أوافق أكيد.
وقف وإقترب منها وإجتذب يدها وقبلها وألبسها الخاتم ونظر لها مطولا بحب.. بادلته نظراته و هي تتلمس خاتمها بأناملها بحرص..
فاقترب منها أكثر ومسح دموعها وإحتضنها ، وقفت مكانها مذهولة مما فعل لم تبادله حضنه ولكنه إكتفى بهذا القدر .
إبتعد عنها وإبتسم لها وقال بحنو :
_ تصبحين على كل خير يا حبيبتي.
تركها وصعد ظلت واقفة مكانها مصدومة مما حدث معها وضعت يدها على قلبها وتنفست بصعوبة محاولة تهدئة نفسها ... ثم قالت بضيق :
_ لماذا ضمني إليه؟! و لماذا لم أقاومه؟!
رفعت عيناها للاعلي و قالت بندم:
_ أستغفرك ربي و أتوب إليك.. إعفوا عني يا الله انا لن افعلها أو أسمح له بفعلها مجدداً.
و عندما صعد لشقتها رفضت الخروج لرؤيته.. و أكدت له رمزية أنها تغلق عليها غرفتها بالساعات و ترسم بشرود.. فتلك الحالة لم تصيبها منذ وفاة والدتها...
يعلم أنها تنتظر إعترافه بحبها و لكن أشياء كثيرة تمنعه من ان يعترف.. إعتبارات أكثر تقيده و تكبله ربما مع الوقت ستعرفها و لكن حينها هل ستفهمه...
لم يعد يملك أى صبر أو قوة.. فصعد لشقتها و طرق الباب بقوة.. ركضت رمزية وفتحت الباب بقلق و ما أن رآته حتي قالت بلوم:
_ هذا أنت يا غنام.. كدت تكسر الباب من طرقاتك القوية تلك.
إندفع إلي الداخل و سألها بصرامة:
_ هل راما ترتدى شيئاً محترماً ام ملابس نوم.
حركت كتفيها بعدم فهم و قالت:
_ ترتدى ملابسها العادية و لكن ما سبب سؤالك؟!
اكمل إندفاعه ناحية غرفتها و فتح الباب دون إستأذان فوجدها جالسة أمام لوحتها و تطالعه بدهشة.. لم يعتذر و لكنه سار ناحيتها...
فشهقت راما بداخلها و هي تتابع قدومه ناحيتها بملامح غاضبة و هيأة شرسة و فجأة إنحني بجزعه حتي بطنها و حملها على كتفه..
كانت ترى كل شئ حولها بالمقلوب و هي تصرخ به بقوة:
_ إتركني أيها الهمجي الغوغائي.. انا لا أريد الذهاب معك.
ضم ساقيها أمام صدره كي يكبل حركتها و هو يقول بسخرية:
_ نعم أعلم أنكِ لا تريدين الذهاب معي.. لذلك أنا اخطفك.
كانت رمزية تتابع ما يحدث بصدمة و هي تضع كفيها على فمها متسعة العينين.. تطلع بها غنام و قال بنبرة آمرة:
_ ناوليني مفاتيح السيارة يا رمزية اسرعي.
صاحت بها راما قائلة بتحذير قوى:
_ إياكِ ان تعطيه شيئاً يا رمزية أنا أحذرك .
غمز غنام لرمزية بعينه.. فأومأت برأسها وناولته مفتاح سيارة راما تحت أنظارها المتعجبة و هي تحاول التملص من ذراعيه القويتين.. ولكن دون فائدة..
توجه ناحية باب الشقة و فتحه مسرعا و خرج و هي تسبه بغضب هادر...
إستقل المصعد و هو يقول لها ببرود:
_ سأقص لكِ لسانك هذا و أرميه امامكِ لكلاب الطرق تأكله على قلة حيائك يا راما.
كانت تكيل له الضربات في ساقه من الخلف و تقول بحدة:
_ أنزلني أنا لا أريد الذهاب معك انا أكرهك.
فتح باب المصعد و خرج و سار بها حتي سيارتها ضغط جهاز التحكم عن بعد و فتح بابها و ألاقاها بإهمال للداخل و لف حولها حزام الآمان.. و اغلق الباب..
لف حول السيارة و فتح الباب خلف المقود و هي تحاول فك حزام آمانها لتهرب منه..
لكنه أدار السيارة مسرعاً.. لفت بجسدها ناحيته و قد تناثرت شعراتها الصفراء حول وجهها بعشوائية و أخذت تضربه بكل قوتها...
كان يقهقه و هو يستقبل ضرباتها بثبات.. فإن كانت تلك قوتها فهي بالنسبة له ولقوته لمسات فراشات...
ما ان تعبت و أصابها الإجهاد حتي جلست تلتقط انفاسها بلهاث و هي لا تطالعه فقط تطالع الطريق بعبوس..
ساد الصمت لدقائق حتي قطعه غنام قائلا بهدوء:
_ راما.. أنا متأسف على طريقتي و لكنني لم أجد سبيل آخر لرؤيتك.
طالعته شرزاً و هي تهدر بعصبية قائلة من بين أسنانها:
_ و أنا لا رغبة لي لرؤيتك يا غنام.
طالعها بقوة متعمقاً بعينيها و قال بثقة:
_ انتِ تكذبين.
إبتلعت ريقها بتوتر و عادت لمطالعة الطريق بصمت.. ما ان وصلا لمكانهما المعتاد بقناة السويس.. حتي صف السيارة و خرج منها و سار حتي وقف على شرفة باب راما و سألها بمداعبة:
_ الن تخرجي.. أريد التحدث إليكِ قليلاً.
لم تطالعه و قالت ببرود:
_ أعطني المفاتيح أريد أن أعود.
فتح الباب و سحبها من ذراعها أنزلها بالقوة و صفع الباب ورائها و هو يقول بتذمر:
_ من الواضح أن الأدب لا يصلح معكِ.. سأعود لهمجيتي كي تطيعني فأنا لا امتلك صبراً لدلال الفتيات هذا.
تركته و سارت قليلاً حتي جلست فوق صخرة واضعة قبضتيها تحت وجنتيها بعبوس..
جلس امامها على الأرض و هو يقذف الحصي على سفح الماء.. ثم إلتفت إليها و قال بجدية:
_ هل تكرهينني حقاً كما قلتِ.
سحبت راما نفساً طويلاً و حبست به كلمات صادقة لا تريد منها الخروج فهو لا يستحقها.. قبض على ذقنها ولف وجهها ناحيته و هو يتعمق بعينيها و قال:
_ لماذا إمتنعتي عن رؤيتي الفترة السابقة.. هل آذيتُكِ بشئ دون أن أدرى.
كانت تطالع عينيه بشوق مرهق و آثر لمسته على وجهها زادتها دفئاً و حياة.. كم تتمني أن تضع رأسها على كتفه و تبكي في صمت حبه الملعون...
ابعدت يده عن وجهها و عادت لمطالعة البحر و هي تقول بهدوء:
_ لا أنت لم تفعل شئ.. فقط أشتاق لوالدى و أرغب بالعودة إليه.. لقد طال سجني هنا.
فسألها وهو يعود لقذف الحصي ململماً آثار جرحه من كلماتها:
_ وهل قصرتُ معكِ بشئ.. تعلمين أنكِ هنا لان والدكِ كما قلتِ يخشي عليك من شئ ما قد يصيبك و أنا بعدما صرنا مقربين حاولت جاهداً تسلية وقتك و تفرغت بأوقات كثيرة لكِ.
اجابته ببرود قاتل لم يرها تتحدث به من قبل قائلة:
_ انا لم أُجبرُك على فعل شئ فلا تحملني جمائل.
توقف عن قذف الحصي و إبتلع ريقه يجلي به حلقه الذى جف و قال بنبرة قاطعة:
_ راما ماذا بكِ تحديداً و ما سبب تغيرك عليّ؟!
كانت لا تطالعه كي لا تخبره عيناها بأنها تحتاجه كحبيب وليس صديق.. تريد أن تسمع منه كلمة واحدة كفيلة بمنحها الحياة التي كانت ومازالت محرومة منها..
صمتها جعله يقول بتوتر:
_ اعلم أن سبب تغيرك هو إصرارى على كوننا أصدقاء.
طالعته بدهشة بينما اردف هو قائلا بألم:
_ ربما.. يكنُ كلاً منا مشاعر أخرى غير الصداقة لبعضنا البعض و لكن الواقع يجبرنا على طمسها لأننا سنتعذب كثيراً إذا خرجت للنور.
إتسعت عيني راما و سألته بتلهف:
_ ربما؟!
لم يشعر غنام بنفسه و هو يجيبها مسرعاً دون تعقل أو تريث منه:
_ لا ليست ربما إنها أكيد و لكن إنظرى لنفسك و إنظرى لي فأنا حتي و لو كنت طبيباً أو مهندساً أو حتي ضابط شرطة.. هل تعتقدى أن والدك رجل الأعمال الشهير سيزوجك لرجل مثلي بحالته المادية تلك؟!
جثت علي ركبتيها بجواره و تعلقت بذراعه و هي تقول بصدمة:
_ ماذا تقول يا غنام؟! أنا منذ البداية و أنا اعرف أنك تعمل كما تسمي نفسك سايس للسيارات و مع ذلك آمنتك على نفسي.. آمنتك على أسرار مرضي.. آمنتك على قلبي يا غنام.
تطلع داخل عيونها بقوة و هي تتابع قائلة:
_ هل تعتقد أنني أخشي و لو لثانية على مستقبلنا معاً.. حتي و لو رفض والدى سأواجهه و سأتزوجك و لن احتاج لقرشاً واحد من أموال أبي سأرسم و أبيع لوحاتي و أساعدك.. سأعيش معك بشقة صغيرة و لو كانت غرفة واحدة.. سأفعل أى شئ كي أضع رأسى ليلاً على صدرك و أغفو بسلام.
تعمقت نظراتهم فلامست راما ذقنه الغير مهندمة و قالت بإبتسامة والهة:
_ غنام... انا أحب..... .
وضع أنامله فوق شفتيها و قال مسرعاً:
_ لا تتعجلي في قول أى شئ.. إنتظرى حتي عودتك لوالدك و أنا سآتي لخطبتك و حينها إن وافقتِ بي سأقولها أنا أولاً.
أومأت برأسها بتفهم.. بينما سحب هو أنامله الذي حسدها على تلك اللمسة و هو يبتسم إليها بحب...
هذا ما أرادته و حصلت عليه و لكن ما إستوقفها بحديثه أنه قال إن وافقت عليه.. ما السبب الذى سيدفعها حينها لعدم الموافقة عليه.. ربما حياته التي يخفيها عنها بها سر قوى ينتظرها........
كانت شاردة تفكر بعمق.. حتي أنها لم تشعر بحرارة الكوب التي تحتضنه كفيها بتملك.. طالعتها آية بقلق و إرتشفت القليل من مشروب الشوكولاتة خاصتها و سألتها بفضول:
_ سارة هل ستعطين لهذا العريس فرصة لمقابلتك أم سترفضيه لأنك ترفضين فكرة زواج الصالونات تلك؟!
عادت سارة من شرودها و وضعت الكوب من يدها بعدما لفحتها حرارته و قالت بتوتر :
_ لا أعرف.. و لكنني كنت أرغب بعيش قصة حب قبل الإرتباط كحالكِ أنتِ و مروان.
أجابتها آية مسرعة :
_ ربما ستحبيه أكثر مما لو كنتما على علاقة قبل الإرتباط.. ألم تنتبهي لحديث بابا رؤوف عن إحتمالية عشقه لكِ.. لو كان كذلك فمن المؤكد ستبادليه عشقه.
إبتسمت سارة على برائتها و قالت برقة:
_ أتمني من الله أن يكون كلامكِ صحيح.. فقط إدعي لي يا حبيبتي.
قبلتها آية بوجنتها و ضمتها إليها قائلة بفرحة:
_ أنا أدعوا لكِ دائماً كما أدعوا لمروان و لنفسي.. ألستِ أنتِ نصفي الثاني.
فى المساء جلست آية و مروان هو على الدرج... وهى داخل شقتها كالعادة... وأخذهم الحديث و المزاح و النقاش وهو يتعرف على آية جديدة غير طفلته الصغيرة... وكلما تعرف عليها أكثر عشقها أكثر .
صارت ثقتها به كبيرة فهو يقضى أغلب وقته بجوارها ، ظلت تنظرله و تتابع حديثه الجاد و المازح.. وهى تدعو الله ألا تمر بما مرت به أمها أن يخونها زوجها ويتزوج عليها .. ويموت حبها وتموت بعده .
لاحظ مروان شرودها المفاجئ فقال بتعجب :
_هيييي.. أين ذهبتِ بتفكيرك حبيبتي؟!
نظرت له بحب وقالت بإبتسامة مشرقة :
_ لا افكر بشئ سواك يا مروان فكل أمورى انت محورها و تدور حولك.
إبتسم إبتسامة جانبية ساحرة بعدما غذت غروره بكلماتها الناعمة مثلها..
فوقف وإقترب منها فوقفت هى الأخرى... جثا على ركبته أمامها وأخرج علبة قطيفة حمراء ونظر لها بحب وقال :
_ أنا إكتشفت أني أعشقكِ فوق العشق عشقين و أتمني أن أكمل حياتي بجوارك و معكِ حتى و لو هنا عالدرج.
فضحكت وإمتلأت عيونها بالدموع فأكمل حديثه وقال بعشق يقطر من عينيه :
_ هل تقبلين الزواج مني يا أجمل شئ وهبني الله إياه.
ظلت تنظر له بصدمة حتى تساقطت عبراتها وقالت بسعادة :
_ اكيد.. أوافق أكيد.
وقف وإقترب منها وإجتذب يدها وقبلها وألبسها الخاتم ونظر لها مطولا بحب.. بادلته نظراته و هي تتلمس خاتمها بأناملها بحرص..
فاقترب منها أكثر ومسح دموعها وإحتضنها ، وقفت مكانها مذهولة مما فعل لم تبادله حضنه ولكنه إكتفى بهذا القدر .
إبتعد عنها وإبتسم لها وقال بحنو :
_ تصبحين على كل خير يا حبيبتي.
تركها وصعد ظلت واقفة مكانها مصدومة مما حدث معها وضعت يدها على قلبها وتنفست بصعوبة محاولة تهدئة نفسها ... ثم قالت بضيق :
_ لماذا ضمني إليه؟! و لماذا لم أقاومه؟!
رفعت عيناها للاعلي و قالت بندم:
_ أستغفرك ربي و أتوب إليك.. إعفوا عني يا الله انا لن افعلها أو أسمح له بفعلها مجدداً.