١
بقسم الشرطة..
تحدث أحد افراد الشرط إلى المحقق «ماكس»:
-سيدي، لقد احضرت لك كل المعلومات الخاصة عن السيد «مارتن».
طالعه المحقق «ماكس» بعيناه الخضرواتان، رافع حاجبيه المأخوذ لونهما من لون البُن كحال خصلاته، تبسم في امتنان لبأخذ منه الملف:
-جيد اشكرك «سام».
تبسم «سام» شاكر ليذهب من مكتبه، طالع المحقق «ماكس» الملف امامه، بداء قرأته في تمعن، حتى قاطع اجوائه صوت طرقات فوق باب المكتب.
تحدث ويبدو عليه التركيذ بالأوراق امامه، رفع وجهه ناظر لها حين لم يرى رد من المتقدم.
رفع حاجبيه متحدث في سخرية:
-لماذا تقفين هكذا؟! فالتلقي السلام حتى!
ابعدت نظراتها عنه في غضب يظهر بتعاملها، تقدمت لتجلس امامه في هدوء غير معتاد، وهذا ماجعل القلق يتسلل إلى قلبه:
-ماذا بكِ؟!
طالعته «سيلينا» والغضب مازال يحتل معالم وجهها، تحدثت بلهجة هادئة، وكأنها هدوء مايسبق العاصفة:
-لماذا لم تجيبني حين اتصلت بك؟
عقد «ماكس» حاجبيه في عجبة:
-لم اتلقى اتصال منكِ «سيلينا»!
رفعت حاجبيها ساخرة من حديثه:
-حقًا؟! إذن فالتريني هاتفك الأن.
أغمض «ماكس» عيناه، يحاول الهدوء، فماتتفوه به لا يناسب مكان تواجدهم:
-«سيلينا» قلت لم أرى أي من اتصالاتك، ولا داعي للشجار هنا ايضًا، حين انتهي من العلم سائحادثكِ.
ازدادت سخرية «سيلينا» صاحبة الخصلات الذهبية والعينان الذان يشبهان عينا اميرات ديزني في وسعهم:
-تطردني من مكتبك إذن!
نهضت أخذة حقيبتها لتتحدث في غضب يتملكها، ودموع اجتاحت عيناها اسفل افئفاته ونهوضه هو الأخر:
-لا داعي للتحدث «ماكس» لا الأن ولا لاحقًا، في كلا الأحوال سأتزوج جئ لأنهي علاقتنا المزيفة تلك بالأساس.
قامت بنزع دبلتها ليقف امامها ممسك بيدها مانعها من ترد الذبلة:
-«سيلينا» بحقك ماذا تفعلي! أقسم لكِ بأنني لم الاحظ اتصالكِ، لما كل هذا؟! إن اردتي تفقد هاتفي خذي هاهو الهاتف.
امسكه من فوق مكتبه ليمده لها حين قام بفتح قفله:
-خذي، فالتشاهدي إذا كان هناك اتصال لم اجيب عليه.
طالعته «سيلينا» بزعل واضح:
-إن لم يصلك اتصالي حتى، لماذا لم تحدثني ليلة أمس؟
تحدث «ماكس» نافي:
-بلى لقد حدثتك!
اجابته «سيلينا» في تعجرف:
-تقصد في الصباح الباكر اليس كذلك؟ وهل تسمى تلك مكالمة؟!
اجابها «ماكس» موضح:
-لأنني لم اتفرغ من ليلة أمس «سيلينا»، لم أذهب للبيت حتى؛ تعلمين أنني لم أنم منذ ليلة أمس سوى ساعتان قضيتهم فوق مقعدي هنا؟
طالعته «سيلينا» وقد هدئت ملامح غضبها، فهي تعلم أنه لديه الكثير من الأمال تلك الفترة، ولكن اشتياقها له يجعلها تحزن لأسباب كتلك.
تكملت وهي تحاول اظهار حزنها الطفيف الأن:
-حسنًا لا بأس بهذا، ولكن ماذا ستفعل بشأن الشاب الذي تقدم لخطبتي؟!
عقد «ماكس» حاجبيه سائل:
-من هذا الذي تقدم لخطبتك؟!
اجابته في حزن:
-شاب لا أعلم من هو، ووالداي يوافقان عليه لأنه قد جهز كل شيء.
طالعها بقلق تملك قلبه لحديثها، سائل مترقب في قلق:
-وأنتي؟ تريدينه؟
تنهدت «سيلينا» في ضيق من سؤاله مجيبة وقد انفعلت لسؤاله:
-أريد ماذا؟! بحقك «ماكس» إن اردته هل كنت سائتي لك؟!
تبسم «ماكس» مطمئن، فاعتقده بأنها تلغه هذا لتتهرب منه كان شيطان ليس أكثر:
-حسنًا، طالما أنكِ تحبيني هكذا، ومازلتي تتمسكِ بي كحالي، سأنهي هذا الأمر أنا، وسائلتي لخطبتكِ غدًا.
تبسمت «سيلينا» بسعادة لا توصف:
-حقًا؟ هل أنت جاد؟
تبسم «ماكس» واضع يده فوق وجنتيها وقد تملكت نظراته حدقتاها النيليتان:
-وهل لي غيرك لأخسره؟
تبسمت وسعادتها تزين كل أنش بوجهها، اقترب في بطئ، يرغب بتذوق ثمارها.
قاطع لحظاتهم العاشقة وكم المشاعر الذي يتدفق بكل منهما، فتح باب المكتب بعد طرقات لم تدوم ثانية يعقبها دخول صاحب البنية العريضة والخصلات الفحمية المموجة منسدلة فوق وجنتيه، رفع حاجبيه بمجرد ابتعادهم فجأة عن بعصهم البعض.
طالعهم وبدا على نظراته الضيق.
تحدثت «سيلينا» متنحنحة في حرج:
-مرحبًا «أدم» كيف حالك؟
رفع «أدم» حاجبيه في بردو:
-بخير، كيف احوالك أنتي «سيلينا»، اراكِ في أفضل الأحوال.
ابعدت «سيلينا» نظراتها عنه في حرج، واضعة خصلاتها المتمردة خلف أذنها:
-اا، أنا سأذهب «ماكس»، لا تنسى محادثتي ليلًا حتى لا أقلق عليك.
حرك «ماكس» رأسه مجيب:
-وداعًا عزيزتي.
خرجت من المكتب تتنفس الصعداء لحرجها من قدوم «أدم»، ورؤيتهم بهذا القرب.
طالع «أدم» صديقه «ماكس» في ضيق مقترب للجلوس:
-ألم اخبرك أن تقف عن احضارها إلى هنا أيها العاشق؟
تحدث «ماكس» مقترب من مقعده الفارغ:
-لم احضرها هي من أتت، كما أنها لا تأتي كل يوم.
طالعه «أدم» بحدقتاه الرصاصيتان متحدث:
-وما رأيته منذ قليل؟ إن لم تكن صديقي لقمت بحبسك الأن.
ضحك «ماكس» لحديثه مجيب في مزاح:
-بحقك ماذا فعلت أنا؟! حسنًا فالتنسى الأمر.
نظر «أدم» لهذا الملف منتبه لصورة «مارتن» ليتحدث ممسك به:
-هل جمعت معلومات حوله؟ ماذا اوجدت شيء؟
رفع «ماكس» اكتافه بقلة حيلة:
-مازلت أبحث، لم أكمل قرأته بعد.
طالعه «أدم» ليتحدث مقترح:
-ماذا إن ارسلت أحد من غير المعروفين لسهرة غدًا؛ حتى يضبط لك الأجواء هناك، من الممكن أن يحادثه بشيء كثفقاته.
طالعه «ماكس» شارد بما قال:
-فكرة جيدة، ولكن هل تعتقد بأن الأمر سينجح؟
حرك أدم رأيه يطمئنه وهو يهم بالوقوف:
-لما لا؟ سأضبط لك موعد مع أحد كبار الشركات لنعطيه مبلغ من المال ليأتي ضمين لمن سيذهب هناك إن شك به وأراد أن يستقبله بشركته، فهمت؟
تبسم «ماكس» ليتحدث في مزاح:
-تبًا لعقلك اللعين هذا، كيف تفكر بتلك الأشياء بحقك؟
تبسم «أدم» ليتحدث مازح:
-فالتدهن عقلك بالزيت؛ لعله يعيد العمل فقط.
ضحك «ماكس» مازح:
-اتقبلها منك يا صاح.
خرج «أدم» من مكتبه ذاهب في اتجاه مكتبه نهاية الممر، قابل «ليلى» وهذا مادفعه للتوقف حين تحدثت مقتربة منه ببسمة تزين ثغرها:
-سعيدة برؤيتك مجددًا.
تبسم «أدم» ممتن ليتحدث في شكر:
-شكرًا للطفكِ.
اكملت «ليلى» بذات بسمتها اللطيفة والرقيقة:
-لقد نقلت إلى هنا، اعتقد أننا سنعمل معًا بعض الوقت، بل سنصبح اصدقاء كذلك، أم أنك تعترض لهذا؟
اجاب «أدم» ويده تتوسط جيبه:
-لنكن لما لا.
تبسمت «ليلى» صاحبة البشرة الحليبية، والخصلات الصفراء، والعينان الخضرواتان، فقد كانت فاتنة الجمال بحق، قد كانت تكالعه تارة وتبعد نظراتها عنه تارة؛ فخجلها من استمرار النظر إلى تلك الوسامة الفائقة تفيق اعجابها به.
انتبهوا لمن تقدمت للوقوف معهم حتى تتحدث متبسمة:
-علمت الأن لماذا اضاء القسم بأكمله، فكيف لا يضيء وقد أتت الشمس بأكملها الينا.
التفتت «ليلى» لتنظر لها متبسمة في رقة بطبعها، اقتربت تحتضنها بإشتياق:
-سعيدة لرؤيتكِ بيومي الأول هنا.
تبسمت «اميليا» مجيبة في مزاح:
-ستعملي رفقة خبرة هنا، عشرون سنة مرت وأنا مازلت الأولى، فالتحذري من التعامل معي إذن.
ضحكت «ليلى» برقة تتخطف القلوب:
-هذا مؤكد.
تحدث «أدم» منسحب:
-إذن لأذهب أنا.
طالعته «ليلى» وكأنها لا تريد ذهابه، ارادت الحديث حول مقابلتهم خارج العمل، ولكنها خجلت أن تقترح هي الأمر.
تحدثت «اميليا» متبسمة:
-وداعًا أيها العظيم، لاتعلمين ولكن من يقف امامكِ هذا لا يغلبه شيء.
زينت البسمة ثغر «ليلى» من جديد، ليتحدث ناظر لها ببسمة جانبية ومزاح:
-سأسقط من أعلى القسم الأن، فاليكون الله بعون سيد «ديفيد».
ضحكت «اميليا» من حديثه:
-وماذا به «ديفيد»؟! لعلمك أنا ملاك البيت.
ضحك «أدم» وسط ذهابه:
-صحيح صحيح، نعلم جميعنا، أين أنت «تشارلي» فالترى من يتحدث.
ضحكت «ليلى» لما فعل «أدم» من ذهابه وسط كلماته المضحكة.
طالعتها «اميليا» متبسمة:
-ارأيتي هذا الطويل، يفرق بيني وبينه سنوات عدة، اقتربت على التقاعد وهو مازال حديثًا، ولكنه أصبح محترف في وقت قصير.
تبسمت «ليلى» وكأنها تستمع بصدر متسع عن هذا الحديث حول الشخص المقرب لقلبها.
بمكان أخر..
بشركة «مارتن».
طرقت أحد الموظفين بالشركة باب مكتبه ليتحدث مجيب:
-فالتدخل.
قامت بالدخول بمكتبه لتطالعه برسمية:
-سيد «مارتن»، هناك أنسة تدعى «فيكتوريا» تريد مقابلتك.
طالعها «مارتن» سائل:
-من تكون؟
رفعت الموظفة اكتافها جاهلة لسؤاله:
-لا أدري سيدي، تقول أنها مفاجئة.
طالعها «مارتن» وقد تملكته العجبة ليتحدث مجيب:
-حسنًا فالتدعيها تدخل.
حركت الموظفة رأسها خارجة من المكتب، لم تمر سوى بضع ثوانٍ أشعل «مارتن» بها سجارته، طالعها فور دخولها بدهشة تملكت نظراته؛ فجمالها وجمال جسدها المنحوت قبله بهذا البنطال الأسود الممسك بجسدها، والسترة البيضاء القصيرة، نظارتها التي تزيد من كبريائها، تحجب رؤية عدستاها الخضرواتان، فلون عيناها الحقيقية بنيتان والذان يميل لونهما للعسلي حين يتعرضان لأشعة الشمس.
خضلاتها الطويلة المنسدلة عبر خصرها المنحوت تزيدها جازبية، فحقًا قد رأه المفاجئة بذاتها!
اقتربت لتبعد نظراتها معلنة عن رموش عيناها الطويلة، ازداد بياض وجهها نصاعة، مدت يدها له ببسمة تحدب عيناها بجازبية، تحدثت بنبرة هادئة مصطنعة:
-مرحبًا سيد «مارتن».
تبسم «مارتن» ليصافحها بل ظل متمسك بيدها:
-مرحبًا «فيكتوريا».
ازدادت بسمة «فيكتوريا» جانبًا، طالعت يدها لتتحدث مازحة، فهي تعلم مايدور بعقله بحق:
-تلك يد «ففيكتوريا كذلك.
ضحك «مارتن» لحديثها، جلس تارك يدها لتجلس هي الأخرى:
-من تكوني؟
طالعته «فيكتوريا» ببيمة هادئة:
-من سينقذ شركتك من هلاكها.
رفع «مارتن» حاجبيه في ترقب وحماس لسماع القادم:
-أمم، وكيف هذا؟
تحدثت «فيكتوريا» موضحة:
-معي معلموت تدور حول حياة رجال اعمال كبيرة أخرى، ستهمهم مؤكد، كما أنهم سيدفعون الكثير ليحصلوا عليها، كان بإمكاني استغلال الأمر، ولكن لم يصدقني أحد، فأنت مصدر موثوق به، وإن أحب أحد فضح أمرههم سيكونوا رجال اعمال مثلهم، فهمتني؟
طالعها «مارتن» وقد علم ماتفكربه، اجابها سائل في غموض:
-معلومات مثل ماذا؟
ضحكت «فيكتوريا» غامزة له:
-مثلي هكذا.
تبسم صاحب الجسد الرياضي، والعينان الزرقواتان، الشعر الأبيض الكثيف، تعلن كل بسمة عن غمازتاه الساحقتان:
-تبدو كذلك بالفعل، اخبريني إذن مامصلحتكِ من هذا؟
رفعت اصبعيها لتقوم بحركة المال متحدثة:
-المال عزيزي «مارتن»، أعشق المال.
رفع «مارتن» حاجبيه في دهشة وإعجاب من صراحتها ووضوحها:
_تبدين متصارحة مع نفسكِ «فيكتوريا» يعجبني هذا.
تبسمت «فيكتوريا» في غموض:
-إذن؟ هل نقول تمت الثفقة؟
طالعها «مارتن» وهو يتنفس بضع انفاس من سجارته بهدوء، وكأنه يفكر هل هذا جيد له؟ وهل تتصرف بصدق؟
تحدث محذر لها:
-سننهي الثفقة إن وجدت الأمر لا يستدعي المال الذي سأنفقه.
رفعت «فيكتوريا» اكتافها ببسمة غامضة:
-أو استبدالها بشيء أخر، شيء جميل مثلًا.
ارتسمت بسمة خافتة فوق ثغره ليتحدث في غموض:
-لا، هذا مال أخر.
ضحكت «فيكتوريا» ناهضة:
-إذن وداعًا أنا، سنتحدث غدًا.
تحدث «مارتن» متذكر:
-هناك سهرة غدًا بفلتي، ادعوكِ للمجيء وعقب انتهائها سنتحدث بماتريدي.
طالعته «فيكتوريا» لتتحدث معيدة ارتداء نظراتها:
-مؤكد سأتي، وداعًا.
ذهبت من المكتب، ظل يطالعها حتى ذهابها عن انظاره.
تبسم في هدوء وغموض، فهو سحب تلك النوعية المشارسة من النساء، بل الفتيات كذلك.
بمنزل تشارلي..
تحدث «ديفيد» والبسمة تتوسط ثغره:
-لم نسهر مثل تلك السهرة منذ وقت طويل.
تبسم «تشارلي» وهو يحتسي القهوة بيده:
-معك حق، اشتقت لسهرتنا تلك.
تبسمت «اميليا» لتتحدث ناظرة إلى «ديفيد» في غموض:
-إن كنا انجبنا لما كنا سهرناها مجددًا.
ضحك «تشارلي» متحدث:
-يبدو أن هناك شجار سيقوم الأن، احدهم لا يريد أن يحمل مسئولية «ديفيد»
تحدث «ديفيد» ساخر:
-لا لقد حملتها وانتهى، محظوظ لأنك لم تتزوج، أبكِ ليلًا طوال اليوم حتى أخلد للنوم.
طالعته «أميليا» وقد استشاطت غضبًا، ضربت كتفه في تعجرف لما قال اسفل ضحكاته هو و«تشارلي»:
-تبكِ هاا.
امسك «ديفيد» بيدها ليتحدث ضاحكًا:
-أمزح فقط بحقك أمزح.
ضحك «تشارلي» لطفولتهم:
-تبدون كالصبيان بحث.
بقسم الشرطة..
تحدث «ماكس» إلى «أدم» وقد غلبه النعاس:
-سأذهب للمنزل أنا، أشعر أنني سأنم مئة عام.
ارتسمت بسمة هادئة فوق قفنا «أدم» متحدث:
-نوع هنيء، أراك غدًا.
ذهب «ماكس» فور انتهاء حديثهم.
نظر امامه ويبدو أنه لا يريد الخير لما يداهم عقله، فجأة انقطع ضوء القسم بأكمله!
تحدث أحد افراد الشرط إلى المحقق «ماكس»:
-سيدي، لقد احضرت لك كل المعلومات الخاصة عن السيد «مارتن».
طالعه المحقق «ماكس» بعيناه الخضرواتان، رافع حاجبيه المأخوذ لونهما من لون البُن كحال خصلاته، تبسم في امتنان لبأخذ منه الملف:
-جيد اشكرك «سام».
تبسم «سام» شاكر ليذهب من مكتبه، طالع المحقق «ماكس» الملف امامه، بداء قرأته في تمعن، حتى قاطع اجوائه صوت طرقات فوق باب المكتب.
تحدث ويبدو عليه التركيذ بالأوراق امامه، رفع وجهه ناظر لها حين لم يرى رد من المتقدم.
رفع حاجبيه متحدث في سخرية:
-لماذا تقفين هكذا؟! فالتلقي السلام حتى!
ابعدت نظراتها عنه في غضب يظهر بتعاملها، تقدمت لتجلس امامه في هدوء غير معتاد، وهذا ماجعل القلق يتسلل إلى قلبه:
-ماذا بكِ؟!
طالعته «سيلينا» والغضب مازال يحتل معالم وجهها، تحدثت بلهجة هادئة، وكأنها هدوء مايسبق العاصفة:
-لماذا لم تجيبني حين اتصلت بك؟
عقد «ماكس» حاجبيه في عجبة:
-لم اتلقى اتصال منكِ «سيلينا»!
رفعت حاجبيها ساخرة من حديثه:
-حقًا؟! إذن فالتريني هاتفك الأن.
أغمض «ماكس» عيناه، يحاول الهدوء، فماتتفوه به لا يناسب مكان تواجدهم:
-«سيلينا» قلت لم أرى أي من اتصالاتك، ولا داعي للشجار هنا ايضًا، حين انتهي من العلم سائحادثكِ.
ازدادت سخرية «سيلينا» صاحبة الخصلات الذهبية والعينان الذان يشبهان عينا اميرات ديزني في وسعهم:
-تطردني من مكتبك إذن!
نهضت أخذة حقيبتها لتتحدث في غضب يتملكها، ودموع اجتاحت عيناها اسفل افئفاته ونهوضه هو الأخر:
-لا داعي للتحدث «ماكس» لا الأن ولا لاحقًا، في كلا الأحوال سأتزوج جئ لأنهي علاقتنا المزيفة تلك بالأساس.
قامت بنزع دبلتها ليقف امامها ممسك بيدها مانعها من ترد الذبلة:
-«سيلينا» بحقك ماذا تفعلي! أقسم لكِ بأنني لم الاحظ اتصالكِ، لما كل هذا؟! إن اردتي تفقد هاتفي خذي هاهو الهاتف.
امسكه من فوق مكتبه ليمده لها حين قام بفتح قفله:
-خذي، فالتشاهدي إذا كان هناك اتصال لم اجيب عليه.
طالعته «سيلينا» بزعل واضح:
-إن لم يصلك اتصالي حتى، لماذا لم تحدثني ليلة أمس؟
تحدث «ماكس» نافي:
-بلى لقد حدثتك!
اجابته «سيلينا» في تعجرف:
-تقصد في الصباح الباكر اليس كذلك؟ وهل تسمى تلك مكالمة؟!
اجابها «ماكس» موضح:
-لأنني لم اتفرغ من ليلة أمس «سيلينا»، لم أذهب للبيت حتى؛ تعلمين أنني لم أنم منذ ليلة أمس سوى ساعتان قضيتهم فوق مقعدي هنا؟
طالعته «سيلينا» وقد هدئت ملامح غضبها، فهي تعلم أنه لديه الكثير من الأمال تلك الفترة، ولكن اشتياقها له يجعلها تحزن لأسباب كتلك.
تكملت وهي تحاول اظهار حزنها الطفيف الأن:
-حسنًا لا بأس بهذا، ولكن ماذا ستفعل بشأن الشاب الذي تقدم لخطبتي؟!
عقد «ماكس» حاجبيه سائل:
-من هذا الذي تقدم لخطبتك؟!
اجابته في حزن:
-شاب لا أعلم من هو، ووالداي يوافقان عليه لأنه قد جهز كل شيء.
طالعها بقلق تملك قلبه لحديثها، سائل مترقب في قلق:
-وأنتي؟ تريدينه؟
تنهدت «سيلينا» في ضيق من سؤاله مجيبة وقد انفعلت لسؤاله:
-أريد ماذا؟! بحقك «ماكس» إن اردته هل كنت سائتي لك؟!
تبسم «ماكس» مطمئن، فاعتقده بأنها تلغه هذا لتتهرب منه كان شيطان ليس أكثر:
-حسنًا، طالما أنكِ تحبيني هكذا، ومازلتي تتمسكِ بي كحالي، سأنهي هذا الأمر أنا، وسائلتي لخطبتكِ غدًا.
تبسمت «سيلينا» بسعادة لا توصف:
-حقًا؟ هل أنت جاد؟
تبسم «ماكس» واضع يده فوق وجنتيها وقد تملكت نظراته حدقتاها النيليتان:
-وهل لي غيرك لأخسره؟
تبسمت وسعادتها تزين كل أنش بوجهها، اقترب في بطئ، يرغب بتذوق ثمارها.
قاطع لحظاتهم العاشقة وكم المشاعر الذي يتدفق بكل منهما، فتح باب المكتب بعد طرقات لم تدوم ثانية يعقبها دخول صاحب البنية العريضة والخصلات الفحمية المموجة منسدلة فوق وجنتيه، رفع حاجبيه بمجرد ابتعادهم فجأة عن بعصهم البعض.
طالعهم وبدا على نظراته الضيق.
تحدثت «سيلينا» متنحنحة في حرج:
-مرحبًا «أدم» كيف حالك؟
رفع «أدم» حاجبيه في بردو:
-بخير، كيف احوالك أنتي «سيلينا»، اراكِ في أفضل الأحوال.
ابعدت «سيلينا» نظراتها عنه في حرج، واضعة خصلاتها المتمردة خلف أذنها:
-اا، أنا سأذهب «ماكس»، لا تنسى محادثتي ليلًا حتى لا أقلق عليك.
حرك «ماكس» رأسه مجيب:
-وداعًا عزيزتي.
خرجت من المكتب تتنفس الصعداء لحرجها من قدوم «أدم»، ورؤيتهم بهذا القرب.
طالع «أدم» صديقه «ماكس» في ضيق مقترب للجلوس:
-ألم اخبرك أن تقف عن احضارها إلى هنا أيها العاشق؟
تحدث «ماكس» مقترب من مقعده الفارغ:
-لم احضرها هي من أتت، كما أنها لا تأتي كل يوم.
طالعه «أدم» بحدقتاه الرصاصيتان متحدث:
-وما رأيته منذ قليل؟ إن لم تكن صديقي لقمت بحبسك الأن.
ضحك «ماكس» لحديثه مجيب في مزاح:
-بحقك ماذا فعلت أنا؟! حسنًا فالتنسى الأمر.
نظر «أدم» لهذا الملف منتبه لصورة «مارتن» ليتحدث ممسك به:
-هل جمعت معلومات حوله؟ ماذا اوجدت شيء؟
رفع «ماكس» اكتافه بقلة حيلة:
-مازلت أبحث، لم أكمل قرأته بعد.
طالعه «أدم» ليتحدث مقترح:
-ماذا إن ارسلت أحد من غير المعروفين لسهرة غدًا؛ حتى يضبط لك الأجواء هناك، من الممكن أن يحادثه بشيء كثفقاته.
طالعه «ماكس» شارد بما قال:
-فكرة جيدة، ولكن هل تعتقد بأن الأمر سينجح؟
حرك أدم رأيه يطمئنه وهو يهم بالوقوف:
-لما لا؟ سأضبط لك موعد مع أحد كبار الشركات لنعطيه مبلغ من المال ليأتي ضمين لمن سيذهب هناك إن شك به وأراد أن يستقبله بشركته، فهمت؟
تبسم «ماكس» ليتحدث في مزاح:
-تبًا لعقلك اللعين هذا، كيف تفكر بتلك الأشياء بحقك؟
تبسم «أدم» ليتحدث مازح:
-فالتدهن عقلك بالزيت؛ لعله يعيد العمل فقط.
ضحك «ماكس» مازح:
-اتقبلها منك يا صاح.
خرج «أدم» من مكتبه ذاهب في اتجاه مكتبه نهاية الممر، قابل «ليلى» وهذا مادفعه للتوقف حين تحدثت مقتربة منه ببسمة تزين ثغرها:
-سعيدة برؤيتك مجددًا.
تبسم «أدم» ممتن ليتحدث في شكر:
-شكرًا للطفكِ.
اكملت «ليلى» بذات بسمتها اللطيفة والرقيقة:
-لقد نقلت إلى هنا، اعتقد أننا سنعمل معًا بعض الوقت، بل سنصبح اصدقاء كذلك، أم أنك تعترض لهذا؟
اجاب «أدم» ويده تتوسط جيبه:
-لنكن لما لا.
تبسمت «ليلى» صاحبة البشرة الحليبية، والخصلات الصفراء، والعينان الخضرواتان، فقد كانت فاتنة الجمال بحق، قد كانت تكالعه تارة وتبعد نظراتها عنه تارة؛ فخجلها من استمرار النظر إلى تلك الوسامة الفائقة تفيق اعجابها به.
انتبهوا لمن تقدمت للوقوف معهم حتى تتحدث متبسمة:
-علمت الأن لماذا اضاء القسم بأكمله، فكيف لا يضيء وقد أتت الشمس بأكملها الينا.
التفتت «ليلى» لتنظر لها متبسمة في رقة بطبعها، اقتربت تحتضنها بإشتياق:
-سعيدة لرؤيتكِ بيومي الأول هنا.
تبسمت «اميليا» مجيبة في مزاح:
-ستعملي رفقة خبرة هنا، عشرون سنة مرت وأنا مازلت الأولى، فالتحذري من التعامل معي إذن.
ضحكت «ليلى» برقة تتخطف القلوب:
-هذا مؤكد.
تحدث «أدم» منسحب:
-إذن لأذهب أنا.
طالعته «ليلى» وكأنها لا تريد ذهابه، ارادت الحديث حول مقابلتهم خارج العمل، ولكنها خجلت أن تقترح هي الأمر.
تحدثت «اميليا» متبسمة:
-وداعًا أيها العظيم، لاتعلمين ولكن من يقف امامكِ هذا لا يغلبه شيء.
زينت البسمة ثغر «ليلى» من جديد، ليتحدث ناظر لها ببسمة جانبية ومزاح:
-سأسقط من أعلى القسم الأن، فاليكون الله بعون سيد «ديفيد».
ضحكت «اميليا» من حديثه:
-وماذا به «ديفيد»؟! لعلمك أنا ملاك البيت.
ضحك «أدم» وسط ذهابه:
-صحيح صحيح، نعلم جميعنا، أين أنت «تشارلي» فالترى من يتحدث.
ضحكت «ليلى» لما فعل «أدم» من ذهابه وسط كلماته المضحكة.
طالعتها «اميليا» متبسمة:
-ارأيتي هذا الطويل، يفرق بيني وبينه سنوات عدة، اقتربت على التقاعد وهو مازال حديثًا، ولكنه أصبح محترف في وقت قصير.
تبسمت «ليلى» وكأنها تستمع بصدر متسع عن هذا الحديث حول الشخص المقرب لقلبها.
بمكان أخر..
بشركة «مارتن».
طرقت أحد الموظفين بالشركة باب مكتبه ليتحدث مجيب:
-فالتدخل.
قامت بالدخول بمكتبه لتطالعه برسمية:
-سيد «مارتن»، هناك أنسة تدعى «فيكتوريا» تريد مقابلتك.
طالعها «مارتن» سائل:
-من تكون؟
رفعت الموظفة اكتافها جاهلة لسؤاله:
-لا أدري سيدي، تقول أنها مفاجئة.
طالعها «مارتن» وقد تملكته العجبة ليتحدث مجيب:
-حسنًا فالتدعيها تدخل.
حركت الموظفة رأسها خارجة من المكتب، لم تمر سوى بضع ثوانٍ أشعل «مارتن» بها سجارته، طالعها فور دخولها بدهشة تملكت نظراته؛ فجمالها وجمال جسدها المنحوت قبله بهذا البنطال الأسود الممسك بجسدها، والسترة البيضاء القصيرة، نظارتها التي تزيد من كبريائها، تحجب رؤية عدستاها الخضرواتان، فلون عيناها الحقيقية بنيتان والذان يميل لونهما للعسلي حين يتعرضان لأشعة الشمس.
خضلاتها الطويلة المنسدلة عبر خصرها المنحوت تزيدها جازبية، فحقًا قد رأه المفاجئة بذاتها!
اقتربت لتبعد نظراتها معلنة عن رموش عيناها الطويلة، ازداد بياض وجهها نصاعة، مدت يدها له ببسمة تحدب عيناها بجازبية، تحدثت بنبرة هادئة مصطنعة:
-مرحبًا سيد «مارتن».
تبسم «مارتن» ليصافحها بل ظل متمسك بيدها:
-مرحبًا «فيكتوريا».
ازدادت بسمة «فيكتوريا» جانبًا، طالعت يدها لتتحدث مازحة، فهي تعلم مايدور بعقله بحق:
-تلك يد «ففيكتوريا كذلك.
ضحك «مارتن» لحديثها، جلس تارك يدها لتجلس هي الأخرى:
-من تكوني؟
طالعته «فيكتوريا» ببيمة هادئة:
-من سينقذ شركتك من هلاكها.
رفع «مارتن» حاجبيه في ترقب وحماس لسماع القادم:
-أمم، وكيف هذا؟
تحدثت «فيكتوريا» موضحة:
-معي معلموت تدور حول حياة رجال اعمال كبيرة أخرى، ستهمهم مؤكد، كما أنهم سيدفعون الكثير ليحصلوا عليها، كان بإمكاني استغلال الأمر، ولكن لم يصدقني أحد، فأنت مصدر موثوق به، وإن أحب أحد فضح أمرههم سيكونوا رجال اعمال مثلهم، فهمتني؟
طالعها «مارتن» وقد علم ماتفكربه، اجابها سائل في غموض:
-معلومات مثل ماذا؟
ضحكت «فيكتوريا» غامزة له:
-مثلي هكذا.
تبسم صاحب الجسد الرياضي، والعينان الزرقواتان، الشعر الأبيض الكثيف، تعلن كل بسمة عن غمازتاه الساحقتان:
-تبدو كذلك بالفعل، اخبريني إذن مامصلحتكِ من هذا؟
رفعت اصبعيها لتقوم بحركة المال متحدثة:
-المال عزيزي «مارتن»، أعشق المال.
رفع «مارتن» حاجبيه في دهشة وإعجاب من صراحتها ووضوحها:
_تبدين متصارحة مع نفسكِ «فيكتوريا» يعجبني هذا.
تبسمت «فيكتوريا» في غموض:
-إذن؟ هل نقول تمت الثفقة؟
طالعها «مارتن» وهو يتنفس بضع انفاس من سجارته بهدوء، وكأنه يفكر هل هذا جيد له؟ وهل تتصرف بصدق؟
تحدث محذر لها:
-سننهي الثفقة إن وجدت الأمر لا يستدعي المال الذي سأنفقه.
رفعت «فيكتوريا» اكتافها ببسمة غامضة:
-أو استبدالها بشيء أخر، شيء جميل مثلًا.
ارتسمت بسمة خافتة فوق ثغره ليتحدث في غموض:
-لا، هذا مال أخر.
ضحكت «فيكتوريا» ناهضة:
-إذن وداعًا أنا، سنتحدث غدًا.
تحدث «مارتن» متذكر:
-هناك سهرة غدًا بفلتي، ادعوكِ للمجيء وعقب انتهائها سنتحدث بماتريدي.
طالعته «فيكتوريا» لتتحدث معيدة ارتداء نظراتها:
-مؤكد سأتي، وداعًا.
ذهبت من المكتب، ظل يطالعها حتى ذهابها عن انظاره.
تبسم في هدوء وغموض، فهو سحب تلك النوعية المشارسة من النساء، بل الفتيات كذلك.
بمنزل تشارلي..
تحدث «ديفيد» والبسمة تتوسط ثغره:
-لم نسهر مثل تلك السهرة منذ وقت طويل.
تبسم «تشارلي» وهو يحتسي القهوة بيده:
-معك حق، اشتقت لسهرتنا تلك.
تبسمت «اميليا» لتتحدث ناظرة إلى «ديفيد» في غموض:
-إن كنا انجبنا لما كنا سهرناها مجددًا.
ضحك «تشارلي» متحدث:
-يبدو أن هناك شجار سيقوم الأن، احدهم لا يريد أن يحمل مسئولية «ديفيد»
تحدث «ديفيد» ساخر:
-لا لقد حملتها وانتهى، محظوظ لأنك لم تتزوج، أبكِ ليلًا طوال اليوم حتى أخلد للنوم.
طالعته «أميليا» وقد استشاطت غضبًا، ضربت كتفه في تعجرف لما قال اسفل ضحكاته هو و«تشارلي»:
-تبكِ هاا.
امسك «ديفيد» بيدها ليتحدث ضاحكًا:
-أمزح فقط بحقك أمزح.
ضحك «تشارلي» لطفولتهم:
-تبدون كالصبيان بحث.
بقسم الشرطة..
تحدث «ماكس» إلى «أدم» وقد غلبه النعاس:
-سأذهب للمنزل أنا، أشعر أنني سأنم مئة عام.
ارتسمت بسمة هادئة فوق قفنا «أدم» متحدث:
-نوع هنيء، أراك غدًا.
ذهب «ماكس» فور انتهاء حديثهم.
نظر امامه ويبدو أنه لا يريد الخير لما يداهم عقله، فجأة انقطع ضوء القسم بأكمله!