الفصل16

للساهرين بعد منتصف الليل: معلش بس على مااخلصت كتابة
كانت تجلس تضم ركبتيها إلي صدرها، تلتمع عينيها بالدموع، تنظر للفراغ، لا تعي ما يحدث، تريد الهروب من هذه الحياة، كرهت حياتها، كانت تظن أن الثياب الباهظة الثمن هي من تعطي السعادة، لكنها أدركت جيدا أن كثرة المال، ومثرة المجوهرات لا تجلب السعادة إطلاقا، تذكرت كيف كانت هذه الفتاة البسيطة التي كانت دوما تنتقضها، كيف كانت سعادتها الحقيقية بوجودها لجوار أخيها، وهدية بسيطة كتلك سبب في سعادة نقية، كانت تراقبهم حتى ترى ما الذي يوجد بحياة هذه الفتاة يجعلها مميزة هكذا، هفي لديها المال وليست سعيدة; والأخرى ليس لديها المال ولكنها سعيدة، هي لديها أصدقائها، تحدثهم وتخرج معهم، ويقضون معا أوقاتهم; أما هي ليس لديها أحد سوى رفيقة واحدة، ولم تتعرف عليها سوى من مدة قريبة، ما ذا يوجد لديها مميز عنها حتى يحبها الجميع، حتى من أحبته لم يبادلها هذا يوما، بل كانت له تسلية فقط، لتنهار من البكاء على حالها..... مرت دقائق قليلة لتدخل عليها والدتها وتراها على حالتها تلك..... اقتربت منها وحالة من التعجب ظاهرة عليها.... اقتربت منها في محاولة يائسة للتقرب منها.....
اقتربت منها ببطء وهي تضع يدها على كتفها : مالك يا جنى ! بتعيطي بالشكل ده ليه!
ترفع رأسها بعيون حمراء من شدة البكاء، جنى : ماما، أنا ...
لكنها تصمت عندما تجدها بكامل ثيابها....وزينتها، تستعد للخروج.....
هو انتي خارجة يا ماما، حتى النهاردة خارجة وسايباني
تتحدث بنزق... فقد سأمت تغير ابنتها في هذه الفترة.... وأصبحت كالأطفال...
شمس : يوووه يا جنى في ايه انتي بقيتي مستفزة، انت عارفة إن دي حياتي من زمان، ايه اللي جرالك كل شوية تفضلي تعيطي زي الأطفال، ايه اللي حصل لك
تنظر لها بدموع قد تزايدت من شدة الصدمة.... للحظة تمنت أن تصبح مكان رؤى ...
جنى : بقيت زي الأطفال، ده رأيك يا ماما
تتحدث بملل... شمس : جني في ايه، بقلك قومي البسي وتعالي معايا، الحفلة النهاردة عند والد نادر، واهو بالمرة تتقابلوا وتقعدوا مع بعض شوية، بدل النكد اللي انتي عاملاه ده
هل هي أم أم ماذا...توسعت عينيها من شدة هول الصدمة.... هل هكذا تحتويها والدتها...
جنى : في ايه! في اني عاوزة أمي عاوزة اللي يضمني ويطبطب عليا، عاوزة أمي اترمي في حضنها وتنصحني، عاوزاها تبني وتخاف عليا، عاوزة أمي تضمني لما تلاقيني حزينة وببكي، مش تقولي بقيتي زي الأطفال، ايه يعني عندي 19 سنة كدة كبرت ومبقتش محتاجة أمي، لأ يا ماما أنا لسة صغيرة وطفلة، ومحتاجة لك جنبي، محتاجة تنصحيني وتفهميني، وتدليني على الطريق الصح، محتاجة اسمع منك ازاي اتصرف لما اتعرض لموقف في حياتي، في كليتي، محتاجة احكي لك عن اللي مضايقني، لكن لا حضرتك مش فاضية ليا
تجيب بسأم ... شمس: جنى حبيبتي أنا خارجة ومش فاضية أوك، لما ارجع هسمع كل اللي انتي عاوزة تقوليه
تضحك ضحكة مليئة بالسخرية.... ضحكة غلفها الوجع، والألم الشديد... فكيف تطلب الرعاية من والدة فقدت معنى الرعاية.... ألم يفتك بقلبها ولم تستطيع التحمل....
جنى : لما ترجعي! لا اتفضلي حضرتك اخرجي، واسهري، براحتك متشغليش بالك بيا، أصل انا طفلة
لتتركها وتتجه للفراش ممثلة النوم.... لتغادر هي بعدها ولم تبالي بحال هذه الصغيرة التي هي أمس الحاجة لرعاية والدتها...لتظل تبكي ولم تدري أن النوم رأف بحالها
" شمس: والدة جنى.. تبلغ من العمر 45 عاما.. توفي زوجها منذ ما يقارب الثلاث سنوات.. لاتهتم سوى بجمالها.. وأناقتها.. وحفلاتها.. ابنتها هي آخر اهتماماتها"

(من قال أن الخطأ دائما خطأ الصغار... أحيانا كثيرة يكون خطأ الكبار أشد خطرا من الصغار... وفي النهاية ما يكون سوى تباعا لأخطاء وخطى ظننا يوما أنها صحيحة.... نحن من بأيدينا صلاح أطفالنا وطلاحهم... والهداية من عند الله جل وعلى ولكننا أسبابه... وأطفالنا أمانة...راعوا أمانتكم)

✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️

انتهي يوم يحمل أحداثا منها الجيد ومنها السيء... وهاقد أتى يوم يحمل في طياته الكثير والكثير من الأحداث منها ما سيغير حياة الجميع...ومنها ما سيقلب حياة الجميع رأسا على عقب....
كانت تتحرك سريعا حتى تتمكن من إنجاز مهامها المنزلية... حتى تتمكن من الذهاب لرفيقتها...كانت تشعر بسعادة عارمة تتملكها.... كما وكانت تسير لتكريم ما... ظلت ترسم ألاف السيناريوهات للقاء والدي رفيقتها...كيف سيستقبلونها... لم تخبت بسمتها إطلاقا... كالصغير بانتظار صباح يوم العيد ليرتدي الثياب الجديدة... انتهت من كافة أعمالها ... واستعدت للمغادرة بعد ما تأكدت من وضع الهدية الخاصة برفيقتها...
كانت تسير تجاه أخيها... فكان قد انتهى من تناول طعام الإفطار... وأعدت له صغيرته كوب من الشاي..
رؤى : يلا عشان توصلني يا أبيه أنا جاهزة، وبعدين عشان مش عاوزة اتأخر
كان ينظر لها نظرة تعجب يملأها القلق... فهذه المرة الأولى التي يرى فيها صغيرته بمثل هذه السعادة .. منذ زمن كبير...كان بداخله قلقاً من القادم ... لا يدري لماذا...
محمد : يا سلام مستعجلة اوي حضرتك يا ست رؤى، ومش عاوزة تتأخري على صاحبتك، وبعدين خدي هنا يا قردة، ايه سر السعادة دي! لا والضحكة من الودن دي للودن دي! مش عارف ليه قلقان منك انتي وعيون القطط الثانية
على ما يبدوا أنها قد تصيدت فرصة للعب مع أخيها... لتنظر له بابتسامة خبيثة اكتسبتها مؤخرا...
رؤى : ليه بس يا أبيه والله دي هنا عسوله، وبعدين هو حضرتك ليه مركز على عيون القطط
لا يدري ما أصابه... فهو يبدوا كمن ضبط بالجرم المشهود...
محمد : مش مركز ولا حاجة، بس انتي اللي كل شوية تقولي ام عيون ملونة، وبعدين يلا غيري السيرة، ويلا عشان يدوب الحق اوصلك وارجع
لا يدري كيف نجى من هذا الموقف... لم تصدق حديثه مطلقا... ولكن ما أنقذه هو رنين جرس الباب... لتتساءل باستغراب
رؤى : مين جاي لنا دلوقتي يا أبيه! هو حضرتك مستني حد!
يجيبها سريعا ..محمد : لأ مش مستني حد، عموما هروح اشوف مين
يتركها ويتحرك تجاه باب المنزل... يجد صديقه " شريف" هو الطارق... يتعجب من قدومه في الصباح الباكر... ليبادر بسؤاله
محمد: شريف ! في حاجة ولا إيه!
ينظر له بابتسامة صغيرة... شريف : يعني يا صاحبي، كنت عاوزك في حاجة مهمة، وقلت الحقك قبل ما تمشي
محمد : وقد ازداد تعجبا من الأمر... فأي حديث هذا .. حاجة ايه !
شريف : ممكن بس ادخل الأول ولا نتكلم على السلم
يتدارك الإحراج قائلا وهو يتنحى عن الباب فاسحا له المجال ...
محمد : لا طبعا اتفضل ادخل
لحظة تمنى أن يقف به الزمن عندها... رؤية محياها الجميل ... كانت كافية له ليتشجع فيما قد أتى إليه
كانوا قد جلسوا على إحدى الأرائك ... لتتعجب من مجيء أخو خطيبة أخيها السابقة في مثل هذا الوقت.. خشيت كثيرا أن يعود أخيها لهذه الفتاة مرة أخرى ....صدمة احتلتها وتمنت عدم حدوث هذا الأمر... لم تكن تكرهها لكنها كانت تشعر أنها هي من تكرهها....تفق من أفكارها على صوت أخيها يخبرها بإعداد واجب الضيافة...لكنه يرفض بتهذيب ..
شريف :مفيش داعي انا لسة شارب، انا عاوزك بس في كلمتين وهمشي على طول
محمد : لا طبعا براحتك يا شريف
هنا تخدثت سريعا تريد الانتهاء ختى لا تتيح الفرصة لهم للرجوع
رؤى : يا أبيه كدة هنتأخر و...
تقطع حديثها بنظرة من أخيها.... وتغادر للداخل
محمد : معلش يا شريف هي بس مستعجلة عاوزة تروح عيد ميلاد واخدة صاخبتها ومش عاوزة تتأخر
يتحدث بعد ما تفهم الأمر... شريف : لا ولا يهمك متقلقش انا هقول اللي عندي وامشي على طول
محمد : اتفضل
يتنهد تنهيدة قبل أن يبدأ بالحديث: بص يا محمد أنا من غير لف ودوران جاي اكلمك في موضوع جميلة، وكمان في موضوع رؤى
صدمة تعجب تشكلت على ملامحه تداركها سريعا .. محمد : شريف اخنا اتكلمنا في الموضوعين دول قبل كدة ونهيناهم ليه جاي تفتح الملام فيهم تاني
شريف : بص أنا عارف الملام ده بس جميلة لسة عندها أمل ترجع لها تاني، وهي عندها استعداد تستناك، أما موضوع رؤى انا بجدد طلبي فيه، ومن قبل ما تتكلم انا هستنها للآخر بس كلمها واعرف رأيها، وأيا كان رأيها فأنا هرضى بيه
يتنهد ببكء محاولا تهدئة نفسه قبيل الرد... محمد : بص يا شريف انت صاحبي وانا مش عاوز اخسرك، موضوعي مع جميلة منتهي، لكن بالنسبة للرؤى أنا هسألها واللي فيه الخير يقدمه ربنا
انتهي الحديث الدائر بينهم... ليغادر بعد ما يقارب النصف ساعة... وبعدها يغادرون المنزل متجهين للقاء طال انتظاره
✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️

كانت تجلس على الأرضية الصلبة...مكبلة اليدين، والقدمين، ... تنظر بخوف شديد للرحال ضخام الجثة الملتفون حولها... خوف اعتمل قلبها مما هو آت ... فهي لا زالت لا تعلم ماذا يريدون منها... كانت تجلس بوكرها الجحيمي... منتظرة أخبار فعلتها الشنيعة ... بخق فتاة لم تتعرض لها بسوء... سعادتها تزايدت عندما علمت بما حدث... وهؤلاء المحرمون نفذوا ما طلبته منهم... لكن فرحتها لم تتدم .. وتحولت لقلق... عندما علمت بأن الشرطة قد تمكنت من الإمساك بكل من عاونها... لتختبأ في جحرها كالأفعى... تخشى الظهور ... ولمنها الآن قد تم الإمساك بها ... وهاهي مرمية على الأرض الصلبة... كالبلية الخارقة
صدمة جعلت عينيها تتسع على مصرعيها ... عندما وجدته يدخل بهيبته تلك .. بجواره صديقيه ولم تنسي صديقه الضابط... وهنا علمت أنها هالكة لا محالة
تقدم منها بهدوء مريب... جعلها تنكمش كالفأر المذعور...تمنت الهرب في هذه اللحظة...
جلس أمامها بهدوء ما قبل العاصفة... بعد ما حلب له أحد الرحال كرسيا خشبيا... ثوان معدودة ومانت تصرخ ألما عندما أزاح أحدهم عنها الشريط اللاصق...
ليتخدث ساخرا ..أحمد : أهلا مدام نيهال، منورة المكان، يا رب تكون الضيافة عجبتك
لم يسعفها لسانها بالحديث... ليكمل حديثه : تفتكري انا ممكن اعمل ايه في واحدة زبالة تتفق مع شوية حسالة عشان يدخلوا بيتي، ويحاولوا يموتوا مراتي، لا والبحاحة انهم يحاولوا يجهضوها عشان متقدرش تخلف تاني، تأذي أجنة في بطن أمهم لسة حتى مشفوش الدنيا عشان وسختها، تفتكري يا مدام يتعمل فيها ايه
يترك كرسيه متحركا حولها كالأسد الذي ينتظر الفريسة...
- تفتكري عقاب واخدة زبالة تحاول تقتل الأم اللي بتربي لها بنتها اللي هي حتى متعرفهاش، لا وحاولت تخطفها، وكمان حاولت تقتلها كذا مرة، وهي بطيبتها تتنازل عشان خاطر بنت الزبالة اللي عاوزة تموتها
- دي يتعمل فيها إيييييه ردي
تحاول الحديث .. نيهال : أنا انا معملت تش حاجة، مفيش عندك دليل يثبت اللي انت بتقوله
أحمد : بعد ما وصلت لقمة غضبه... دليل صح!
ليناري بصوت عال جعل المكان يتصدع... مرواااان دخل للمدام الدليل عشان انا مش هسامح، لو نجلاء طيبة وبتسامح فأنا لأ مش بسامح في حقها، ولا هسامح أي كلب مس شعرة منها
تنظر بصدمة تجاه المدخل تجد " حودة " زراعها الأيمن، والمجرمتان اللتان نفذا الجريمة... لتبتلع ريقها بخوف شديد ... تمنت الموت وقتها
✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️
انتهي الفصل أرائكم وتوقعاتكم، ونكمل الفصل الجاي
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي