فصل2

مرحبا

'إحذر فخلف كل كذبة حقيقة مألمة'


اصبحت الأشياء  التي تحدث لي اكثر من غريبة، و كأن هناك عامل ما.
للأن لم اتحدث بل كتمت الامر بين نفسي، فقط صراع داخلي،
أفكار مزدحم داخل عقلي، و أسئلة كثيرة.

بعد حادثة الغابة تلك
أيقنت ان هناك شئ ما، شئ لا أحد يريد أن يخبرني به، أو بالأحرى يُجاهدون لإخفاءه. هذا ما كان على ملامح مارينا.

أصرت مارِينا تلك اللحظة على مرافقتي،
ترددت في الاول و لم اشئ ذلك صراحةً، لان الأحداث المتتالية التي حدثت جعلتني أرتعب بل أرتكبت و توتري كان ملحوظ جدًا، لا أعرف كيف أصف هذا الشعور الذي تملكني الان. رغم الفضول الا أنني ارتعبت.

قدومها على غفلة هكذا، و الأحداث المرعبة التي جرت لي أدركت وقتها أنني خائفة نوعا ما فهذا شئ غريب.

كانت تمشي بجانبي، و الصمت كان سيد المكان، ببطئ يُسمع فقط صوت خطواتنا.

"إذاً أنتِ تسكنين هنا"
توقفنا أمام منزلي لتصرح بعدها مارينا مباشرةً بعد صمت دام دقائق طويلة، و كأن صوتها يتخلله نبرة التسائل و التأكد.
أومئت لها بدون لفظ اي كلمة.
لتردف مجدداً
"عحباً، إنه كالصدف، فأنا أقطن بعد منزلين من منزلكي"
إبتسمت لي في أخر كلامها، انها حماسية.

لم أعرف ما أجيبها فأومئت لها فقط لتأييد على كلماتها و دعوتها لداخل لحسن اللباقة و نوع من الاحترام.
هي ليست بلهاء فتوترِ لاحظته حتماً، و أعلم انها كانت لطف الجو.
رفضت الامر مجيبتاً "مرة أخرى ايلا"

ذهبت
و انا دخلت البيت و تنفست الصعداء حينها، أترتحت قليلاً.

الحمد لله انها فهمت الامر و لم تدخل، لأنها كانت ستجعل الامر اكثر سوءاً مما هو عليه الآن.

تقدمت للمنزل اكثر و كان فارغاً 

ناديت على امي مرتين.
و انا ادخل إلى الصالة
يبدو أن أمي لم تأتي بعد
هذا ما أتى في فكري
ما هذا اليوم الغريب.

صعدت الى غرفتي فورًا بعدما أغلقت الباب بإحكام
المنزل هادئ، و الشارع أيضا،
المدينة كلها يتخللها الهدوء اربع ايام و انا هنا، لا يوجد صخب بالكاد أرى جيراننا.

الشمس بدأت بالغروب، و دلالة ذلك أشعتها البرتقالية و الحمراء  في السماء، بطريقة دافئة احببتها،

إرتميت على السرير بعد تنهيدة طويلة، اليوم كان طويل كنت بين افكاري، أُراجع أحداث هذه المدينة،
ليقاطعني صوت رنين هاتفي، دلالة على شخص ما ارسل رسالة
إنها أمي طبعاً فمن غيرها
لأخرجه من جيب معطفي
لم اغير ملابسي حتى
"عزيزتي سأتأخر اليوم قليلاً هناك طعام داخل الثلاجة سخنيه فقط و نامي باكراً"
قرأت رسالتها بصوت مسموع
تنهدت للمرة الميئة لهذا اليوم
اول مرة أمي ستتأخر عن المنزل.

أريد البكاء حقا غصة مزعجة لين حلقي، فهذا القلق أزعجني حد اللعنة
أتتني فورًا لقطات التي كنت بها أمام الغابة
ما رأيته و كيف و صلت مارينا إليّ و كلماتها قبلها
جعلتني ارتعب بل مازلت مرتعبة
خاصةً تصريحها عندما كنا في المدرسة
"رائحتكِ بشرية"
كلمتين فقط
كلمتين قلبت كل شئ داخلي.
لفظها لهذه الكلمتين كافي بجعلي بهذا الشكل.
أعني كيف لأحد أن يقول انت بشرية، ماذا المفروض سأكون غير ذلك.
في الاول إستغربت لكن نبرتها و تعبير وجهها أقلقني و أكد شئ واحد داخل عقلي هذه المدينة قد لا تحتوي على البشر فقط،
أعلم ان الفكرة مجنونة و لا تصدق لكن ليس هناك استنتاج اخر، فبكلماتها تلك هذا ما سيكون.
حتى نبرتها كانت غريبة،
"ماذا سأكون لو لم أكن بشرية"
اعدت هذه الكلمات بصوت شبه عالي،
كل شئ خيالي و لا يُصدق.

هناك شئ ما في هذه المدينة أنا متأكدة،
فلحظة تفوهها بكلماتها جعلتني أدرك الكثير و أ أكد ان لهذه المدينة شئ خفي. يعلمه سكانه.  و لا يريدون اي احد معرفته على الاقل
رغم ذلك ادعيت الغباء و سألت عن مقصدها
لكن لم تجب بل إدعت أنه فقط كلام فارغ يعد ارتباكها كأنها فعلت شئ خاطئ.
و الان عقلي بدأ يحلل بل حلل أثناء الحصص و قبلها

الفضول بدأ بتملكِ و هذا سيئ
كإنسانة تبحث وراء كل شئ
فأنا إذْ أردت معرفة شئ فسأسعى إليه و أعرف كل شئ عاجلاً ام أجلاً.
فطيرة لدي، و فضول قاتل.

لم اكل لم أستطع فقط غيرت ملابسي
و نمت على السرير و كل تفكيري مشغول حول ما يوجد داخل الغابة
و أيضا شئ يجذبني لها
ماهو ذلك الشئ الذي لاحظته أنذاك، فقد كان سريع و اسود، قد اقول أنني كنت اتخيل،
يا إلاهي سأفقد عقلي بتفكيري هذا.
اخدني النوم إلى عالم أخر عالم الاحلام، لم أشعر أنني غفيت الا حيث
استيقضت في منتصف الليل و سمعت دخول أمي إلى المنزل،
لكن قبله أيقضني صوت عواء الذئاب ربما يوجد ذئاب في الغابة حتما، إقشعر بدني لحظتها و بالكاد عدت للنوم بصعوبة، غرفة امي بجانبي سمعتها تدخل إلى غرفتها فورا.

حل الصباح بشكل سريع أردت إكمال اليوم في السرير.
لكن المنبه لم يتوقف، لأنهض

نهضت و بعد تحضير نفسي

نزلت الى المطبخ و كانت أمي تعد شئ ما
"صباح الخير"
نطقت بها فورا دخولي للمطبخ
لتلتفت لي بإبتسامتها المشعة
يبدو أنها مستمتعة و سعيدة بقضاء الوقت هنا
عكسي تماما.
لكن سعيدة من أجلها على الاقل أحدنا سعيد
"صباح الخير صغيرتي تفضلي"
أعطتني طبق من الاكل المكون من بيض مسلوق و حضروات مسلوقة و معها كأس عصير
إنها من عادات أمي
' في الصباح كلي كل ماهو صحي '
و مقولتها المشهورة
شكرتها بالمقابل لتجلس مقابلةً لي
لاتكلم بعد تردد واضح
لا اريد التدخل في حياتها،
لكن يجب ان اعرف
"أتيت متأخرة ليلة أمس"
سألتها
و تعمدت أن ألقي نبرتي و كأنني لا أعرف ذلك و ان اتأكد فقط، ليس بسؤال صريح
أعلم أنه ليس من شأني لكن الحذر واجب
"نعم، بعض الأعمال، توجب عليا عملها قبل المغادرة"
تعمل أمي في قسم تحرير للجرائد، فقد وجدت عمل فورَ بحثها له، محظوظة أليس كذلك؟
"عمل كثير من اليوم الثاني؟"
سألتها و أنا مستغربة
لتجيب بهدوء
"نعم، فلا يجب التسهيل في شئ تعلمين التحرير يتطلب الوقت و الدقة، و ايضا العمل الجيد يلزمه الوقت و الجد"
صمت لم أجيبها
فهي على حق
"تبدين متعبة"
صرحت مرة أخرى معلقة على ملامح وجهي،
أعلم أبدو كمن لم تحظى بوقت راحة
"لم انم البارحة لم اعتد على المكان بعد"
كذبت لأنني و ببساطة انهكني التفكير حول كل شئ و انا على الحافة.
أكلنا بصمت، لا تأخدونا بنظرة سيئة عادةً نتحدث حول اي شئ، لكن اليوم لا، فقط الصمت، كل واحدة بين افكارها، امي كانت كذلك.

حين اكملنا
أخبرتني أنني يجب علي الذهاب وحدي للمدرسة معللةً انها ستتأخر.
فلم أرفض ذلك او اعترض حتى لأنني و ببساطة اردت فعلاً بعض الوقت لنفسي، طريق المدرسة كافٍ لي.
حملت أمي حقيبتها و غادرت هي الاول سريعاً
بعدما ودعتني.

نظرت للوقت، ساعة واحدة و ستبدأ المدرسة
لدي الوقت، لذا حملت حقيبتي بدوري  و لبست حذائي إستعدداً لتوجه للمدرسة، فأنا أحب أن أتي باكراً
مشيت لعدة دقائق بعد خروجي من المنزل
أوقفني صوت مارينا و هي تلقي التحية
"مرحبا إيلاَ"
يبدوا ان لخططي مجرى اخر
لم أرتعب او أقلق هذه المرة كسابقتها
لأن و ببساطة هناك شئ ما بداخلي يُخبرني أن مارينا هي الشخص الاول الذي سيوصلني الى كل إجابات لأسئلتي
و هي ستكون مفتاح كل شئ
تقبلت فكرة ان هناك شئ غريب، تبا لفضولي.

مشينا معاً، أخذين طريق المدرسة، كان الصمت سيد المكان
فلم اشئ ان اتكلم كثيرا.
دخلنا طريق الغابة
و طوال الطريق أردت سؤالها عن الشئ الذي بداخلي
فقد أتتني رغبة جامحة في سؤالها و لعب دور الغبية
و ها أنا كذلك،
لا أعلم لما و لكن ببساطة اريد معرفة الكثير.
نظفت حلقي قبل طرحي للسؤال
دلالة على أنني سأتكلم
"إذاً مارينا هل أنتي من هذه المدينة أعني أصولك من هنا"
لمحت طيف إبتسامة مرسومة على ثغرها
و كأنها فخورة بذلك
لتجيب
"نعم أعتقد ذلك"
كانت نبرتها مترددة نوعاً ما عكس ابتسامتها  و ملامحها.
لاحظت ذلك فورا
لكن كلمتها الأخيرة بعد نعم، و كأنها متشككة أو ترسل لي خيط الشك بواسطته و أن كلامها جزئه صحيح و الجزء الاخر لا
كانت إجابتها غامضة
قهقهت على نفسي مردفةً في باطن عقلي "بل هي الغامضة لا إجابتها"
لأطرح سؤال أخر الذي غير ملامح وجهها كليا
"حسنا إذًا أعتبريه سؤال فضولي فقط أعلم أنكِ لاحظتِ شئ ما في هذه الغابة"
و أشرت بإصبعي على الغابة
أكدت لها ذلك بكلماتي
وجهت نظرتها إلى اصبعي تتأمل المكان لثواني و بعدها وجهت نظرها إلي

 لتردف لولا الاصرار في نبرتي لكانت تجاهلت سؤالي
لكن إجابتها ب"لا ليس بها شئ" لم تقنعني
فنبرتها كانت هادئة ايضا، و غير مبالية، عكسي التي كانت بين كلماتي نبرة الفضول.
لأرد عليها
"كيف هذا، أنا هنا منذ أيام معدودة فقط و لاحظت ذلك و بينما أنتي هنا العمر كله تقريباً و لم تلاحظي شئ هناك شئ ما غريب"
نبرة صوتي كانت عالية نوعا ما و متهورة و ساخرة في أن واحد
اريد إجابة محددة.
لا ألغاز، بدأ صبري ينفذ، طفح الكيل.
إستدارت لي بعدما سبقتني ورسمت تلك الابتسامة المعتادة على ثغرها لتردف

"ليس هناك شئ ايلا يبدو أن مخيلتكِ بدأت تنتج سيناريوهات فقط، هيا لنسرع قليلا سنتأخر"

   تجاهلت كلام ببعض الكلمات 

 و جملتها الأخيرة قالتها بعد سكوت دام ثواني معدودة فقط 

لا أدري، قد يمكن أن تكون مخيلتي نظراً لأنني لم أتقبل هذه المدينة من الاول 
 لكن،  لم أقتنع بحجة المخيلة فقط  اعني هذا حجتها

 هناك عجلة ناقصة لتبين الصورة و تبرهن كل شئ هذا واضح
فقد ما لاحظته حول هذه المدينة لا أحد صدقا لا أحد يستطيع أن يكذب ذلك

حديثها و نبرت صوتها تدل على التردد أو خائفة من معرفتي شئ ما
هذا واضح كوضوح الشمس،
انا ادقق في أدق التفاصيل و أتأمل كثيرا لذا لن يستطيع اي احد ان يقول لي هذا خيال فقط 

لكن رغم كل شئ هذا يظل إعتقاد فقط و قد أكون فقط احلل اشياء ليس لها اي شئ
هذا ما أقنعت به نفسي بينما أسير معها للمدرسة رغم انني لم اقنتع فعلا لكن مجرد كلمات 

الاختلاط المشاعري و الافكار الذي انا فيهما جعلني اكذب و اصدق نفسي في ان واحد 
حسناً يبدو أنني سأستعين بنفسي فقط لرسم ما تخبأه هذه المدينة
انا أصر على ان هناك شئ ما.

طوال حصص الأولى و انا أقنع نفسي أن أبقى جانباً
لكن جزء مني لا يتقبل الفكرة.

لاحظت أيضا بعض الطلاب و تصرفاتهم الغريبة لم تطفئ نار فضولي بل زاده اكثركيف ينظرون ليس كلهم لكن بعضهم تصرفاتهم  جدا، و تردد مارينا زاد الطين بلى فقد كانت تتجنب الحديث معي، فحسمت أمري أن أبدأ سلسلة كشف السر ما وراء الغابة و المدينة كلها.

 كالعادة و أثناء الإستراحة بقيت وحدي، مارينا لم تأتي إلي، إستغربت حقاً فهي تتحدث معي كل فصحة تصرف يدل على التجنب،
بينما كنت انا اجلس وحدي هكذا قررت الذهاب و إكتشاف المدرسة فالبارحة إكتشفت جزء منها فقط،
كجزء من اضاعة الوقت لا إلا.
وضعت السماعات و خرجت من الصالة التي كنت فيها   بدأت  التجول في رواق المؤدي للدرج، نزلت الدرج بهدوء لم أعرف وجهتي فقط امشي
حتى وصلت الى الطابق الأرضي كان هناك مخرج واحد للساحة لكن ما لاحظته أن هناك باب في جانب المقابل للدرج
شديدة انتباه إليس كذلك؟
هذا الجانب السئ مني، محبة الاكتشاف و شديدة الملاحظة.
كان الباب مغلق، مزخرف بطريقة اكثر و غير من زخرفة المدرسة، ذات لون ابيض و بني و بيه أيضا اشكال،

تأملته لفترة، اكتشفت ان له أشكال غريبة، اظافة إلى رسومات أعتقد للحيوانات استطعت ان اعرف اثنتين ثعبان و خفافيش صغيرة كانت تتوسط هذه الرسومات أشكال دائرية و خارجها زخرفات متعددة.

مددت يدي

و لوهلة كنت سأفتحه و أرى ما فيه لأروي كأس فضولي فقط، لكن صوت أوقفني
كان خلف ظهري

"مذا تفعلين؟"
نبرة السؤال و ارتفاع صوته في كلامه أربكتني كأنني إرتكبت جريمة الان
التففت لأرى شخص واقف أمامي شاحب البشرة، ذو شعر اسود قاتم
كان يبدو طالب نظراً لأنه يلبس نفس اللباس المشترك
تلعثمت حين تحدثت و لعنت نفسي أنذاك كوني أبدو أنني فعلت شئ ما
و انا الملمة
"ل.. لم أكن أفعل شئ"
نبرة صوتي كانت متلعثمة و الخوف واضح بين كلماتي
بادلني النظر، لكن خاصته كانت تفحصاً و حذر مقارنة بنظرتي التي كانت عبارة عن إرتباك فقط
عفوا لم افعل اي شئ
لما كل هذا الحذر و الارتباك
"أردت فقط معرفة ما خلف الباب"
تحدثت مرة أخرى
"من الأفضل ان تبتعدي عن ما لا يعنيك"
تحدث مرة أخرى و بنفس النبرة الحادة.

أكد من شكوكي هذا الفتى أن هناك شيئاً ما خلف هذا الباب، ماذا سيكون يا ترى
فضولي هذا سيرسلني للجحيم اعلم، اصراري هذا يؤذيني.
اشعر بوجود هالة غريبة شئ غريب.
أنا متيقنة ان هناك شئ ما، لكن ليس بيدي حيلة الا و البحث أعلم أن هذا خطر
فكل شئ يسير نحوي لأكتشفه و ما عليّ إلاّ التلبية
كل شئ يسير بإتجاهي، الأشياء الغريبة هذه لم تحدث عبثا. و خاصة انا شديدة الانتباه و الملاحظة.
لن أضع كل هذا و ادعي المبالاة و عدم الإدراك.
لن استطيع،
لذا سأكتشف كل شئ،
هذا الفتى الذي أمامي لم يذهب، ستكون أحد أوراقي اذاً.
لأكون حذرة فقط.

انتهى
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي