الفصل السابع

كن مستعدًا لتلقي الصدمات فالحياة مفاجأت قد تأتيك من البعيد وقد تأتي من أقرب الناس إليك،فصدمة تليها صدمـــــــة حينما يلف حديثك الصمت ولن تستطيع التعايش معه ولآ تصل معه لصبراً والخطـــيء يتجول بكل حرية ولا تستطيع أن تحرك ساكناً لتصير به مبصراً وتتشكل بالاحتدامات لتكون تمثال بشكل صامت شكلته معالم القهر.

لتبتسم مها لفرد الأمن باحترام وتقدير لمجهودة الضخم عرفانا لما فعلة ما تلك الصغيره لتقول لها:
-اشكرك للغاية علي مساعدتك للطفلة الصغيرة في ان ترشدها لمنزل امينة الحزبي، لاتعلم كم هذا يشعرني بالفخر والسعادة.

ليتغير ملامح وجة فرد الأمن للتسأول وهو يقول لمها بدهشة:
-لا اعلم عن ماذا تتحدثين يا استاذة؟ فانا لم اري اي اطفال او لم يحدث ان ارشدت اي شخص لعنوان استاذة امينة.

لتظهر ملامح الدهشة علي مها وهي تتراجع للخلف قليلا حتي اصطدمت بالحائط، ليركض فرد الامن بتوتر وقلق وهو يقول بتسأول:
-هل انتي بخير ياسيدتي..؟!
،هل اصابك مكروه..؟!

ليركض فرد الأمن لغرفتة يجلب كوب مياة ليمد يدية الي مها من اجل ان يزيل توترها لتلتقطة منة مها وترتشفة مرة واحدة وتنهض بدون اي مقدمات ومازالت ملامح وجهها تتسم بالذهول والصدمة لتتمتم بكلمات غير مفهومة ابدا الا من كلمة (شكرا.. شكرا)

لتستقل مها سيارتها وتغلق باب سيارتها خلفها لتستند برأسها علي محرك السيارة لتنهار بالبكاء الشديد وهي يدور في عقلها الاف والاف من الأفكار حول عودة صديقتها مره اخري لمرضها النفسي وليس فقط عودتها بل حالتها تدهورت وبشدة.

فاصبحت حالتها لا تقتصر فقط علي رؤيتها لوالدتها بل اصبحت تري اشخاص اخرين منهم تلك الطفلة الصغيرة التي تتدعي رؤيتها ، لتظن مها ان أمينة اصبحت تبني لنفسها عالم افتراضي غير واقعي تماما لتعالج من خلاله ازماتها ومشاكلها .

لترفع مها عيونها الغارقة بالدموع حزنا علي صديقتها الوحيدهطة للسماء وهي تتوسل الي الله وتطلب منة المساعدة وتقول:
-ساعدني يا الله ،هب لي القوه والحكمة الكافية لانقاذها .

في منظمة لرعايه الطفل التي تعمل بها أمينه

تحركت امينة بهمة ونشاط بين ارجاء المنظمة لفحص احوال الموظفين ومراقبتهم في اتمامهم للعمل حتي يصبح علي اكمل ما يكون.

لتقترب وفاء وهي موظفة تعمل في المنظمة بدور احدي الامهات الحاضنة للاطفال كام بديله لهم لتري احتياجاتهم ومتطلباتهم لتقترب من امينة بابتسامة مشرقة وهى تقول:
-صباح الخير يا استاذة امينة، اني محملة برجاء مهم من صديق مهم جدا لكي يدعي ادم.
يطلب منك زيارته في اقرب وقت فقد شعر بالاشتياق لكي.

لتبتسم أمينة بفرحة كبيرة و تلتقط يد وفاء بحب وشكر وعرفان بالجميل لجهودها الضخمه مع كافه الاطفال وبالاخص ادم ،فان كانت أمينة سبب خروجة من هذا السجن الابدي الذي كان مقدر له والذي كان يدعي والدتة وزوجها .

كانت وفاء اكبر داعم ليصبح طفل طبيعي من جديد لتراعي طلباتة ونفسيتة واهتمامة،لتقول أمينة بفرحة:
-لا اعلم كيف أتوجة لكي بالشكر والتقدير لمجودك لما فعلتية مع ادم ، فأنتي اصبحتي من جديد خير الام له.
واطلب منك بوجه خاص ان احتاج ادم اي احتياجات اضافية عن ما توفرة المنظمة له ، ارجوكي لا ترددي من طلبها مني بدون اي خجل وفي اسرع وقت .

لتهز وفاء رأسها باحترام وتقدير لاخلاق أمينة الجيدة لتتجة أمينة باتجاة غرفة ادم لتراه بعد طلبة لرؤيتها لتدق الباب وتدخل بطريقة مشاغبة، ليركض الطفل الصغير ادم لاحضانها بفرحة كبيرة وحب.

لتستمع امينة بأحضان ادم وحنان تلك الكفوف الصغيره التي لديها قدرة سحرية علي علاج كل الازمات النفسية، لتنظر له أمينة وتقول بحب:
-لقد اشتقت لك للغاية ايها الشاب الوسيم، ولقد ابلغتني والدتك بطلبك لرؤيتي علي الفور لينهار قلبي وتركت كل ما لدي من اعمال لاراك فوراً.
كيف حالك..؟!

ليبتسم ادم بعد ان اختفت جروح وكدمات وجهة تماما وقد استعاد عافيتة وأصبح صحتة في أحسن حال واسترد جسده قوامه الطبيعي ليقول لها بخجل:
-انا بخير ،لكن والدي قد زارني مرات عديدة منذ ان اتيت الي هنا ليخبرني برغبتة في ان أزورة في قبرة،
هل لكي ان تنفذي طلبي ورجائي منك بالسماح لي بالذهاب الي بورسعيد لزيارة والدي..؟!
هل يمكن ان تأتي معي..؟!

ليتغير ملامح أمينة لثواني وها هي ثاني مرة في نفس اليوم تطرح امام أمينة فكرة الذهاب الي بورسعيد ، فاول مره كان اقتراح الدكتور الخاص بحاله والدها لزيارة والدها المريض لتتحسن حالتة وثاني مرة اقتراح ادم لزيارة والده المتوفي لشده اشتياقة له.

لتعود أمينة الي رشدها علي صوت ادم وهو يحركها ويهزها من ذراعها بعد ان راها شردت في أفكارها ليقول لها بخجل:
-ارجوكي ساعديني يا صديقتي، فانا اشتقت لوالدي كثيرا.

يالله علي تلك الكلمات البسيطة التي تخرج من فم طفل صغير لا يتجاوز العاشةه من عمرة ، كم ساهم بسهوله في تحريك قلب صلد جف من قسوة الحياة وما اصابه في السابق.

لتشرد أمينة أمامة كيف له ان يحافظ علي سوية قلبة وعقلة بعد كل ما اصابة من قسوة ومعاملة جافة من والدتة وزوج والدتة.

كيف يستمر قلبة الصغير في بث الحب والاشتياق لكل ما حولة من جديد كأن لم يصيبه مكروهة قط ،كيف توصل بسهولة ومن جديد الي ما هي طمحت أمينة له سنوات طويلة الي ان تصل لة وهو الشعور بالحب والعطاء من جديد.

ان يصبح لقلبها القدرة علي الغفران ومسامحة والدها علي ما اصابها هي والدتها في الماضي بعد ان طلب منها مرات عديده علي مر سنوات طويلة الغفران وان يتوصلا الي حل مناسب للتقرب لبعضهما من جديد.

فامينة ووالدها في أمس الحاجة لبعضهما البعض لم تفهم امينة طلبه جيدا لكن هي الان في تلك اللحظات متفهمة جيدا وتدرك الي ما يمر به والدها من سكرات الموت في لحظات عديدة من يومة .

فهو يواجة بمفردة وحش مفترس فتاك خفي وهو سرطان الدم يقتات علي صحة من يستوطن جسدة يهاجمة بصمت وشراسة ليصبح اسير في سجنة المجهول، حتي يقرر الله مصيرة المحتوم ان كان بالاستسلام للموت او ان يعطية الله فرصة ثانية في التعافي والشفاء.

فامينة منذ صغرها وهي تؤمن كثيرا بالصدف وكيف يدبرها الله ليرشدنا الي حل سليم ومناسب في ازمات تدور في عقولنا وقلوبنا نحتاج الي اجابات سليمة لها.

لتنظر أمينة الي ادم وهي تقول له بيقين كبير وامل قد استمدتة من قلبة الكبير الذي لا يتناسب ابدا مع صغر سنة لتجاوبة:
-سنذهب سويا وسأصاحبك يا صغيري في زيارتك لوالدك ، واطلب منك ان تصاحبني في زياره مريض.


لتظهر ملامح السعادة والسرور على وجة ادم ويركض باتجاة والدتة وفاء ليبلغها بفرحتة وسعادته لتلبية امينه لرغبتة بالذهاب إلى بورسعيد، وقفت امينة تراقب ادم بفرحة كبيرة وسرور وهو يخبر وفاء كم سيعني له الذهاب الي بورسعيد.

وهو لا يعلم ابدا أن الذهاب الي بورسعيد بالنسبا لشخص بالغ كامينة كابوس مميت يراودها في اكثر احلامها ضراوة ، لتلتفت امينة لتري مها تقترب من مكتبها بهدوء وسكينة علي غير عادة مها فهي بطبيعتها مرحة وودودة مع الجميع تحب ان تضيف جو من السعادة و المرح علي جميع من حولها في العمل فهي تمقت بشدة التوتر و الحزن والارتباك وهي علي ملامح وجهها الحزن والبكاء الشديد ليتأزم نفسية امينة خوفا ورعب علي صديقتها الوحيدة وتركض لها لتري ما أصابها.

لترسم مها ابتسامة ضعيفة علي وجهها فور رؤيتها لامينة لتقترب امينة منها بخوف شديد وتوتر وهي تنظر في عيونها جيداً لعلها تجد اجابة لسبب حزنها ، لتجد مها تتفادي النظر لها.

لتجلس مها علي مكتبها تنظر بين اوراق العمل لعلها تنجح في ان تخفي حزنها علي صديقتها لتجلس امينة علي الكرسي المقابل لها وتقول لها بتسأول:
-انها المرة الأولى التي تحاولي ان تتفادي فيها ان اري حزنك ،الي هذة الدرجة تعاني من ازمه كبيره يصعب على تفهمها او حلها ككل مرة.

لترفع مها عيونها لامينة وهي تصرخ وتلهث بصعوبة لطلب المساعدة بان تصرخ لها وتبلغها انها تحزن وتموت حزنا علي ما علمته بشأن تلك الفتاه الصغيره التي تري امينه انها فرصة ذهبيه سنحت لها للعيش بهدوء من جديد ، اتبلغها بما تعلم من اخبار ستزيد من سوء حاله أمينه توكد لها انها فعلا لا تتوهم بأنها تصاب بهلاوس سمعيه وبصريه.

اتحاول ان تخبرها ان لا وجود للفتاة انها وهم اختلقته امينة من تفكيرها في محاولة منها لان تطمح في مستقبل افضل لها، كيف لمها ان تحطم امال امينه بقسوة شديدة ،لتقرر ان تصمت و تختار الصمت كحل مثالي حتي تري دكتور نفسي تثق به جيدا تخبرة حالة امينة لعله يري علاج مناسب لحالتها قبل ان يتطور الأمر الي أقدامها علي الانتحار.

لتحاول مها ان تتدارك الموقف بصعوبة وتقول لها بكذب علي صديقتها:
-خلاف بسيط بيني وبين زوجي ،لاتقلقي .

لتبتسم امينة من جديد وهي تنظر لمها لتبلغها بما قررتة من قرار تعلم جيدا انه سيدخل السعادة و السرور علي قلب مها الحزين وهو ذهابها الي بورسعيد لتري والدها بعد ان حاولت مها الكثير والكثير من المرات.

فمها تري بصيص امل في تقرب امينه من والدها لتتحسن حالتها النفسيه كثيرا بعد ان يقرر قلبها وان يحاول ان يسامح من جديد ، خاصه بعد ان رأت مها في احدي المرات التي تواجدت بها في منزل امينه مذكره ورقيه كانت امينه قد ذكرت بها أنها لاتزال بداخل قلبها تعتبر والدها فارس احلامها وقبطان سفينتها الورديه الا انها لا تقدر علي ان مسامحته بعد كل ما فعله بها.


لتقول امينة بحماس شديد لمها:
-ساذهب الي بورسعيد مع ادم وساعطي قلبي فرصة جديدة لزياره والدي بناء علي رغبه الدكتور الخاص بحالته،واتأمل ان اشعر بالقليل من الراحه بعد زيارته.

لتتنفس امينه بقوه شديدة وهي تخرج جميع التوتر و القلق من قلبها للخارج وهي تكشف عن مكنونات صدرها لصديقتها الوحيده وهي تخبرها وتقول لها :
-فانا يامها بعد ان امضيت سنوات عديدة امقته وارغب ان اذهب الي ابعد الاماكن عن والدي بسبب رغبتي في عدم رؤيته من جديد، لمجرد ان تحدث الدكتور امامي عن تدهور حالته الصحيه شعرت بعدم الراحة داخل قلبي.


لتبتسم مها بشدة وتظهر دموع الفرحة في عيونها لتمد يديها تلتقط يد أمينة بين يديها وهي تخبرها كم هي فخورة بقرارها وتري ان ما ستفعلة هو القرار الصائب تماما.

في صباح يوم جديد مشرق يلمس باشراقة شمس يوم جديد علي اهداب أمينه الحزبي التي تغفي بعمق.

ليرتفع صوت نغمات انذار المنبة التي يريد ان يخبر بها امينه ان الساعه اصبحت الان السابعه ،وقد حان الوقت للتوجة الي بورسعيد كما وعدت ادم ليلة امس.

رفرفت امينة بعيونها بكسل لتمتد اناملها علي المنبة لتغلقه، لتنهض من علي سريرها لتذهب الي المرحاض ليصل الي مسامعها صوت نغمات اغنية طفولتها المفضلة وهي تصدر من الراديو.

لتتوقف امينة وتلتفت بعيونها بدهشة الي الراديو فهو لم يعمل من فترة طويلة فمنذ فترة طويلة وهي تعتبره خرده لم يطاوعها قلبها الي التخلي عنة لانها كانت في طفولتها ترقص على انغامة وبالاخص تلك الاغنية، لتقترب امينة منة في محاولة منها لاستيعاب ما يحدث حولها من احداث غريبه.

لتستمع صوت ضحكات مرحه تصدر من خلفها وهي تقول لها بهدوء:
-لقد اخفتك !!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي