الفصل الخامس

تصبح الحياة ذات معنى حينما نجد شيئًا نكافح من أجله ونسعى بشغف للوصول إليه،فالحياة لا تعدل، فقط تتعوّد عليها. إذا نظرت للحياة بروح مبتسمة حتمًا ستجدها مثيرة للاهتمام.


رفعت أمينة عيونها للأريكة لتتسع عيونها بصدمة كبيرة لتصاب بالذهول ويسقط الهاتف من يد أمينة في الأرض وهي تنظر لتلك الضيفة التي دخلت منزلها بدون إنذار.

لتقابلها ضيفة امينة بابتسامة هادئة جدا وهي تشاهد تعابير وجة امينة باستمتاع شديد،
فوالدتها تلك المرة كانت ملامحها مختلفة تماما عن كل مرة
لتقول لامينة بهدوء مميت كفحيح الأفاعي:
مبارك عليكي كابوس جديد اقتحم احلامك بدون اي مقدمات، طفلة صغيرة تذكرك بالماضي ومعاناتة،
لكن تذكري يا عزيزتي فالحقيقة من الممكن ان تتحول لكذبة كبيرة والعكس صحيح،
فليس كل مولود جديد يأتي بالخير لعائلتة.

جلست امينة علي الكرسي المقابل لوالدتها وهي تحاول ان تنظم انفاسها بهدوء لتمر نوبة الهلاوس البصرية بسلام، لتمد انأملها للقلادة التي تتدلي من عنقها فهي منقذتها الوحيده التي تجعلها تتدارك سريعا ان ما تراة ما هوة الا لحظات حرجه ستمر من المؤكد عليها.

فامينة تلمس قلادة والدتها في تلك اللحظات الصعبه لتذكر نفسها دائما ان تلك القلادة اخر ما تبقي من والدتها لها، لتبتسم والدة امينة بجبروت وهي تنظر لها ولرد فعل امينة وهي تلمس القلادة لتقول لها بثقة كبيرة:
القادم لن يفيدة ابدا تلك القلادة، فسعيك للانتقام قد بدأ.

لينفجر مصباح الاباجورة المتواجدة بجانب الاريكة لتصرخ امينة بخوف شديد وتوتر لتغمض عيونها كطفلة صغيرة وتضع يديها علي أذنها في إنتظار ما هو اسوأ وهي تردد كلمات غير مفهومة ابدا كأن عقلها ولسانها قد فقد قدرته علي التحدث كالبالغين.

ليرتفع صوت هاتف امينة الملقي علي الارض لتنتفض أمينة بخوف شديد وتوتر وتنظر حولها لتجد كل شئ طبيعي جدا ،حتي مصباح الاباجورة المتواجد بجانب الاريكة كما هو في السابق لم يصاب بأي سوء.

لتلتقط امينة الهاتف وترد بتردد شديد ليصل لمسامعها صوت مها وهي تحاول الاطمئنان عليها بعد ان انهت مكالمتها معها بشكل مفاجئ، ليظهر دموع متحجره في عيون امينة وهي تحاول التماسك والتنفس بعمق لتخفف حده التوتر والقلق لتجاوب بضعف:
انا بخير يامها لا تقلقي.

لتغلق الهاتف وتركض باتجاة المرحاض لتضع رأسها تحت الماء البارد في محاولة منها لتعود لرشدها من جديد، في محاوله ادراك منها ان حالتها النفسيه تتدهور تماما ولم تستطيع احتواء قلقها وتوترها ابدا.

ليخرج من امينة شهقات قوية بالدموع والانهيار و هي تنهار في الارض وتصرخ بقوة في طلب المساعدة التي تخجل دائما ان تتحدث بها وتطلبها من اقرب الاشخاص لها،لتتلقي العلاج المناسب لحالتها علي يد مختص نفسي.

نهضت أمينة من علي الأرض ونظرت لمرأة المرحاض لتنظر لعيونها المنتفخة من اثر البكاء الشديد ، لتمرر يديها علي عيونها وتجاهد لإظهار ابتسامة كبيرة للغاية كعادة أمينة وهي تجاهد لان تحاول كل لحظه انهيار شديد للحظات قوة و لا مبالاة شديدة وكأنها لم تمر باي سوء او صعب .

لتخرج أمينة من المرحاض لغرفه تبديل ملابسها وتمرر يديها علي ارقي ملابسها وترتدي اجمل ما لديها ليبرز جمالها وشبابها وتضع عطرها الفواح الانثوي وتخرج لتتجهة للنادي لتحضر المسابقة الرياضية الخاصة بابن مها.

في مكان اخر بالتحديد في بورسعيد الحبيبة

في المشفي التي يتواجد بها والد أمينة
جلس والد أمينة وهو يستمع لتفسير الدكتور المعالج وهو يبرر بجمل غير مفهومة ابدا عن ما توصل اليه الأطباء بخصوص حالة والد امينه بعد تلقية لعلاج مختلف كان يظن جميع الدكاترة انه سيبلي بلاء حسن لكن الوضع مختلف تماما مع مرض مفترس جدا كمرض والد امينة ليتطور حالة والد أمينه لتصبح حالتة حالة ميئوس منها تماما.

ليقاطع والد امينة حديث الدكتور وهو ينظر له بتفهم و ابتسامة هادئه جدا لما يشعر به بحديث خفي خلف توترة المبالغ فية وتلعثمة عدة مرات وهو يتحدث معة ليقول:
هل من الصعب عليك ان تخبرني بان العلاج لم يبلي النتائج التي انتظرتها؟!
سأوفر عليك الشرح والاحراج انا اعلم اني لن اشفي ابدا من هذا المرض اللعين،واني سأتلقي يومأ ما الموت بصدر رحب وصدقني يابني لن اكون حزين ابدا وقتها.

لينظر الدكتور باحرأج شديد وحزن في الارض وهو يري فشل اخر محاولاتة في انقاذ مريضة بعد تبنية لحالتة و تحمسة لاكتشاف طرق علاج جديدة لينقذ والد امينة فهو يعلم انه يصارع مرض مفترس جدا يجعل المريض يتألم بشدة ويعاني للغاية.

فمرض والد امينة هو سرطان الدم وهو اشرس انواع السرطان وأكثرها خطوره وفتكا فقد مر عليه الكثير والكثير من المرضي باختلاف اعراض المرض لديهم وطريقه اكتشافهم لهذا المرض الا ان الجميع يتشابهوا في آلامهم.

الا ان الوضع مختلف تماما لدي والد أمينة فهو المريض الوحيد الذي شاهدة الدكتور لا يظهر آلامة أبدا او يقبل بأي مسكنات لتخفف آلامه واوجاعة كأنة يتلذذ بالشعور بالألم لسبب ما.

ليرفع الدكتور عيونة بتسأول لوالد أمينة وهو يقول بارتباك:
يراودني سؤال مهم جدا بالنسبه لي،
لماذا اشعر دائما بانك تتلذذ بشعورك بالألم ولا تريد ابدا الشفاء أو ان تصبح بصحه جيده؟

ليبتسم والد امينة ابتسامة كبيرة لها صدي صوت ضخم تكاد تصل إلى مسامع كل من في المشفي كأنه تلقي للتو اسعد اخباره في هذا الصباح ليجاوبه والد امينة وهو يقول برضا تام لقدرة:
لاني لم اكن يوماً ذلك الرجل الصالح أو الذي حرص على حياة من حولة ، ليتواجد حولي الان من يحرص علي حياتي فانا لا استحق تلك المعاملة الحسنة ابدا يا بني.

لتظهر ملامح الاندهاش علي ملامح الدكتور ليقول لوالد أمينة بتحدي كبير:
اعذرني ان اخبرتك اني لم اصدق اي حرف من حديثك، و اشعر ان للحديث بقيه تخفية بداخلك ولا تريد البوح بة ابدا فمن المؤكد ان لديك هدف ترغب في تحقيقة والوصول له.

لينهض والد امينة من علي الكرسي وهو يقول بندم كبير يظهر من خلالة آلامه الحقيقة التي تتفوق علي الم مرضة اللعين بمراحل:
ابنتي الوحيده هي اخر ما ارغب ان تقع عيوني عليه قبل موتي لاطلب منها الغفران والسماح، لاستمع من جديد لكلمه والدي بعدها لن ارغب في اي شئ في تلك الدنيا سوي ان اتوفي بسعادتي البالغة خلالها .

ليخرج والد امينة من غرفة الدكتور تحت نظرات الدكتور ، ليتلقط بعدها الدكتور الهاتف وهو يتحدث مع موظفة الاستقبال في المشفي و يطلب ملف والد امينة ، ففضولة شديد للغايه فهو لم يتقبل ابدا الخسارة ابدا ولن يقبل ابدا الهزيمة .

ليبتسم الدكتور للغاية وهو يمرر يدية علي اسم أمينة الحزبي فهو يعلم جيداً ما سيفعله في الأيام المقبلة،وهو يدعو الله ما بين انفاسة بنجاح خطتة.


في النادي الاجتماعي
دلفت امينة بين الحضور كعادتها تعشق لفت الانظار في اوقاتها العصيبة بالنسبة لها، لتذكر نفسها دائما انها لا زالت قوية و لا تقهر .

لتجلس امينة بجانب مها لمشاهدة ابن مها وهو يلعب كرة القدم مع فريقة و متميز بينهم للغاية ، لتلتفت مها لامينة و تصدر صافرة اعجاب بأناقة أمينة لتقول بسعادة بالغة:
لا لا عقلي لا يتقبل او يستوعب ابدا فمن المؤكد ان اليوم هو يوم حظي ،امينة الحزبي قد حضرت اخيرا مناسبة خاصه لي ولابني في مكان مزدحم.

لتكمل مها حديثها وهي تلتقط يد امينة بين يديها و تقول باحترام بالغ:
وهناك المزيد والاهم امينة الحزبي اخيرا بمزاج جيد.

لتلكمها امينة في يديها فهي تعلم جيدا عادات و طباع مها المختلفة تماما عن طباع امينة فمها تعشق السخرية و الضحك وتلتفت أمينة بعيونها الي ابن مها لتشاهد بصمت شديد وهي تحاول ان تخفي كذبها و عدم ارتيحها ابدا فهي تمر باسوء حالاتها اليوم.

لكن من المستحيلات بالنسبة لشخصية أمينة الحزبي ان تظهر ما بداخلها من مشاكل نفسية او احزان، لتنتهي المباراة ويركض سيف ابن مها علي أمينة بسعادة بالغة وفرحة ليبلغها ما قام به من انجازات مع فريقة لكره القدم، وهو يمرر امام عيونها ميداليتة التي فاز بها هوة و باقي الفريق.

وكعادة امينة الحزبي شخصية تعشق الاطفال و تنسجم كليا معهم برغم الصعاب التي مرت بها في الماضي لم ينمي بداخلها اي ضغينة الي اي طفل بل بالعكس، نمي داخل قلبها حب كبير لكل الاطفال تتمني لهم دائما حياة سعيدة ليتذكروا طفولتهم فيما بعد بذكريات سعيدة للغاية .


لتنظر مها لانسجام امينة مع طفلها الصغير وتبتسم وهي تدعي الله بداخلها ان يجعل لامينة نصيب سعيد في ان تكون ام صالحة وزوجة سعيدة، ارتفع صوت ذكوري من خلف مها وهو ينادي باسم ابنها.

التفت مها لتري صديق زوجها وابنتة يقتربان ليحييان مها وسيف نهضت مها من علي مقعدها وابتسمت وهي تري صديق زوجها المقرب وابنته الوحيده ،لتقترب مها وهي تعرف صديق زوجها بامينة.

ليتجمع الجميع علي طاولة الطعام في مطعم النادي لتناول الغداء في النادي بناء علي رغبة الاطفال، لم تخلي الجلسة من استفسارات عديدة من صديق زوج مها عن امينة وعن حياتها وتطلعاتها للمستقبل .

لتقابل أمينة إستفسارات صديق زوج مها بجمود تام وصمت شديد فهي لم تحاول ان ترفع عيونها من طعامها لتجيب عن استفسارتة.

انتهت امينة من تناول طعامها لترفع عيونها للجميع و تبتسم بهدوء وتستأذن بالرحيل بحجة انها مرهقة وتريد الراحه في المنزل، ركضت مها خلف امينة تمنعها من الرحيل بشكل مفاجئ.

لتنفعل امينة عليها وهي تنهرها عن فعلتها السخيفة من وجهة نظرها لتقول أمينة لمها بحدة وغضب شديد:
لن اقبل هذا التصرف مرة اخري يا مها فانا لست طفلة صغيرة لتفرضي علي مثل هذا الوضع المهين فانا لست سلعه تجارية تباع وتشتري حتي اقبل بمثل هذة المعاملة.

لتمد مها يديها لذراع امينة لتمنعها من الرحيل وتتحدث مها بوضوح وصراحة بالغة وهي تقول:
نعم لن اكذب!!!
انا من دبرت هذه المقابلة لكن لم تكن من فراغ يا امينة ،فصديق زوجي هوة شخص محترم جدا ومسئول بالإضافة إلى انة قد شاهدك عده مرات في مناسبات عديدة خاصة بنا ،وقد صارح زوجي بأعجابه بكي و انا لم اتردد لحظة لاحاول ان اهدم معتقداتك الخاطئه بشأن الزواج والانجاب.


لتنظر امينة لمها بتخبط شديد وتسقط دمعة متحجرة من عيونها قد اعلنت عصيانها عن سيطرة أمينة وقوتها المزيفة لتنهار امينة وهي تقول بحزن شديد:
انا اضعف بكثير من ان اخفي لهفتي لان اصبح ام وزوجة، لان اكون لنفسي عائلة صغيرة اعوض بها ليالي الوحدة الكثيرة التي امضتها بمفردي، لكن يا مها انا لست بخير،
انا لست بخير ابدا فقد عادت لي الهلاوس البصريه بشراسة اكبر ،
ارجوكي ساعديني يا مها لا تتركيني لا تصدقي حديثي الواهي بشأن قوتي المزيفة او اني بخير .

لتنهار مها حزنا علي صديقتها الوحيدة وتلتقطها بين احضانها وهي تردد بهستريا حادة:
لن أتركك ابدا يا عزيزتي ، فانتي وسيف اغلي ما املك في الحياة ،سنذهب سويا لمختص لتلقي العلاج المناسب حتي تصبحي بخير و اسعي ان اراكي اسعد زوجه وام.

لتستأذن مها مع امينة لتصطحبها الي منزل امينة و تطمئن علي وصولها الي منزلها بسلامه و خير علي وعد ان غدا ستذهب كلا من أمينة ومها لدكتورة نفسية صديقة لمها ستستمع كل ما تمر به أمينة في هدوء و امان.


وصلت أمينة الي منزلها لتقترب من الباب لتشرع في الدخول لتجد من ينتظرها في الظلام بجانب منزلها في صمت وعيونة ترتعش من الخوف والذعر فيبدو انه قد انتظر أمينه وقت طويل ،
لتتسع عيون أمينة من الصدمة وهي تقول بلهفة كبيرة وابتسامه ضخمه تعتلي وجهها:
حمدا لله كثيرا اني رأيتك من جديد فقد كان بالي منشغل بالتفكير بكي من فتره كبيرة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي